مستخدم:منصورالواقدي/مقالات

منصور الواقدي

حجم هذه الصفحة 166٬048 بايت


(قسم)

عدل

جلة

عدل

خلفية 1

عدل
مجتهد مطلق مجتهد مستقل مجتهد مطلق منتسب

خلفية2

عدل
مجتهد التخريج مجتهد الترجيح الحافظ للمذهب

خلفية 3

عدل

تجربة

عدل
مراتب المجتهد مراتب الفتوى مراتب الفقهاء ملاحظات
مثال مثال مثال مثال
مثال مثال مثال مثال
خلية 1/1
مجتهد مطلق مجتهد مستقل مجتهد مطلق منتسب
خلية 2؛ 1
خلية 3؛ 1
خلية 1؛ 2
خلية 2/2
خلية 3؛ 2
خلية 1؛ 3
الحافظ للمذهب المقلد غير المؤهل للفتوى التقليد في المذاهب
خلية 2؛ 3
خلية 3؛ 3
خلية 1؛ 4
خلية 2؛ 4
خلية 3؛ 4

القسم الأول

عدل

مراتب الفقهاء

عدل

( مجتهد مطلق) مراتب الفقهاء أو درجات الفقهاء هي درجات ومراتب علمية محددة في الفقه وأصوله، ويقصد بها ترتيب المستويات العلمية للفقهاء ودرجاتهم، والفقيه في مصطلح علم أصول الفقه لا يطلق إلا على من بلغ رتبة مجتهد، وعند غيرهم من العلماء يطلق على المحتهد وغيره. وقد ذكر علماء الشرع الإسلامي مراتب الفقهاء، وبينوا خصائص كل صنف من المجتهدين. ولتوضيح ذلك باختصار: فالمجتهد الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد إما أن يكون مستقلا أو غير مستقل، فالمستقل كالأئمة الأربعة، وغير المستقل هو المنتسب إلى مذهب من المذاهب الفقهية.[1]


توضيحات أولية

عدل

هناك مصطلحات فقهية وأوليات لمعرفة تفاصيل مراتب الفقهاء، فهذا الموضوع يتحدث عن المستويات العلمية للفقهاء المؤهلين لتولي منصبي الإفتاء والقضاء، أي: المفتي والقاضي، سواء تقلدوا ذلك أو لا، ولا يشترط فيمن يتولى القضاء والإفتاء أن يبلغ رتبة الاجتهاد، وخصوصا في العصور المتأخرة، فالمسائل والأحكام الفقهية ومعاقد الإجماع أصبحت مقررة، والفقهاء بغد الفراغ من تمهيد الأحكام مقلدون لأئمة المذاهب الفقهية.

نظرة تاريخية

عدل

بدء تاريخ الفقه وتأسيس المدارس الفقهية من خلال جهود فقهاء الصحابة ثم فقهاء التابعين، وتلخص من ذلك ظهور فقهاء المدارس الفقهية، وشهدت القرون الثلاثة من التاريخ الإسلامي وجود عدد من الفقهاء، واشتهر منهم أئمة المذاهب الفقية الذين بلغوا رتبة المجتهد المستقل، الذي هو أعلى مرتبة من مراتب الاجتهاد، وقد ذكر غير واحد من العلماء أن هذا الصنف من المجتهدين قد انتهى في القرن الرابع الهجري، وسائر الفقهاء بعد هذا التاريخ منتسبون إلى مذاهب الأئمة المتبوعين. وكانت المذاهب الأربعة هي الأشهر والأكثر انتشارا، حيث أنها حظيت بالقبول والأخذ والنقل والنقل واستمر العمل بها عبر التاريخ الإسلامي. وقد جاءت من بعد طبقة المجتهدين المستقلين طبقة ثانية، وهم الذين نقلوا هذه المذاهب وجددوا الاجتهاد فيها، وعملوا على استكمال تأسيس المذاهب وترسيخها وتعزيزها وتقويتها، وقد انتهت فترة هؤلاء المجتهدين منذ زمن، ولم يعد لهذا النوع من المجتهدين وجود في العصر الحالي. وقد جاء من بعد ذلك أصحاب الطبقات الأخرى في فترات متفاوتة، وكانت لهم مجهودات إضافية في استكمال بناء المذاهب الفقهية، وهم المنتسبون إلى مذاهب أئمتهم المقيدون بها، لكنهم يوصفون باجتهاد نسبي، وهم أصحاب الوجوه والطرق، المحصور اجتهادهم في تخريج ما لم ينص عليه إمامهم، ثم أصحاب الترجيح المحصور اجتهادهم في ترجيح الأقوال، ثم أصحاب الفتيا الحافظون للمذهب. وبهذه المجهودات المتعاقبة نضج الفقه وتكاملت أساسياته، وبعد الفراغ من تمهيد الأحكام والتنصيص عليها وعلى معاقد الإجماع، وتدوين الكتب تأتي طبقات الفقهاء المقلدين، وهي موجودة في العصور المتأخرة، حيث أصبح القاضي مثلا يقضي بما هو مقرر وراجح في المذهب المتبوع. وهذا لا يعني إغلاق باب الاجتهاد، حيث أن النصوص الشرعية تدل على بقاء الاجتهاد إلى قيام الساعة، لكن هذا الاجتهاد لا يكون فيما هو مفروغ من تمهيده والنتصيص عليه، بل يكون في ما هو جديد وفق شروط مخصوصة.

التسمية

عدل

مراتب الفقهاء أو درجات الفقهاء، سماها بعض العلماء مراتب الفقهاء، وتسمى عند البعض: مراتب المفتي، بدلا من تسميتها: مراتب الفقهاء؛ لأن الفقيه عند علماء أصول الفقه هو الذي بلغ رتبة الاجتهاد، فتسميتها مراتب المفتي أشمل وأنسب خصوصا في الأزمنة المتأخرة، حيث أن الإفتاء والقضاء صار وفق ما هو مقرر ومنصوص عليه في كتب المذهب المأخوذ به. وقد تسمى مراتب المجتهد، لكن هذه التسمية تختص بالمجتهدين فقط، فلا تشمل المفتي المقلد لمذهب إمامه في الأحكام المفروغ منها.

تقسيم أصناف الفقهاء

عدل

أصناف الفقهاء أو أصناف المفتي، وتشمل أصناف المجتهد والمقلد في الأحكام المفروغ منها. وقد قسم العلماء هذه الأصناف، فذكر ابن الصلاح وتبعه في ذلك النووي أنها خمسة أصناف، وذكر ابن الصلاح أن المفتي ينقسم إلى قسمين مستقل وغير مستقل، القسم الاول هو المفتي المستقل، أو المفتي المطلق المستقل، أو المجتهد المستقل، والقسم الثاني: المفتي الذي ليس بمستقل من الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة، وللمفتي المنتسب أحوال أربع.[2] وهذه الأحوال هي: المجتهد المطلق غير المستقل أو المنتسب إلى مذهب إمامه، ومجتهد التخريج، ومجتهد الترجيح، ثم الحافظ لمذهب إمامه المفتي به.

وهذا التقسيم هو المعول عليه عند الجمهور، وهناك بعض تفاصيل إضافية يمكن تلخيصها في أمرين الأول: ما ذكره ابن عابدين نقلا عن ابن كمال باشا وغيره من الحنفية حيث جعل طبقة مجتهد التخريج مرتبة رابعة بعد المجتهد المقيد. ولم يفرق الجمهور بين المجتهد المقيد، ومجتهد التخريج، فكلاهما في مرتبة واحدة.[3] الأمر الثاني: إضافة طبقة جديد من المقلدين الذين لا يميزون بين الغث والسمين ولا يفرقون بين القوي والضعيف وغيره من الأقوال. وهذا الصنف لم يذكره ابن الصلاح وغيره من العلماء السابقين؛ لأنهم يعدونه من صنف العوام بالنسبة للأزمنة السابقة.

وذكر ابن عابدين وغيره من متأخري الحنفية أن الفقهاء على سبع مراتب، وقد أوضحها المحقق ابن كمال باشا في بعض رسائله، وأول هذه المراتب: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة، ثم طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد، ثم طبقة المجتهدين في المسائل التي لا نص فيها عن صاحب المذهب، ثم طبقة أصحاب التخريج من المقلدين، ثم طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين ثم طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب والرواية النادرة ثم طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرقون بين الغث والسمين.[4]

تقسيم مراتب الفقهاء

عدل

قسم العلماء مراتب الفقهاء إلى قسمين أساسيين (باعتبار الاتصاف بلقب المفتي بمعناه الاصلاحي) وهما: المفتي المستقل وغير المستقل، فالمفتي المستقل هو المفتي المطلق المستقل، أو المجتهد المستقل، وهو الذي بلغ رتبة الاجتهاد في جميع أبواب الشرع وفق شروط محددة لذلك، وتعد رتبة المجتهد المستقل من أعلى مراتب الاجتهاد، والمجتهد المستقل كالأئمة الأربعة، وغير المستقل أي: المنتسب إلى مذهب إمام مجتهد.

المجتهد المستقل

عدل

المجتهد المستقل هو الذي استقل بنفسه بوضع قواعده في الاجتهاد، وصاغ لنفسه أصول منهج الاستدلال التي يبني عليها الفقه، وتعد رتبة المجتهد المستقل درجة علمية عليا هي أعلى مراتب الاجتهاد، حيث أن المجتهد المستقل هو مجتهد مطلق أي: أنه مجتهد في جميع أحكام الشرع، ويشترط أن تتوفر فيه أعلى شروط الاجتهاد، كأئمة المذاهب الأربعة. وتسمى هذه طبقة المجتهد المستقل، أو طبقة المجتهد المطلق المستقل، أو غير المنتسب، وسمى ابن عابدين هذه الطبقة: طبقة المجتهدين في الشرع. والمفتي أعم من أن يكون مجتهدا، والمفتي إما أن يكون مستقلا أو غير مستقل، فالمفتي المستقل هو الذي يستقل بإدراك الأحكام الشرعية من الأدلة الشرعية من غير تقليد ولا تقيد بمذهب أحد. وقد ذكر الإمام أبو المعالي الجويني تفصيل صفات المفتي ثم قال القول الوجيز في ذلك إن المفتي هو المتمكن من درك أحكام الوقائع على سبر من غير معاناة تعلم. حكاه ابن الصلاح وقال بأن ما قاله إمام الحرمين معتبر في المفتي ولا يصلح أن يكون حدا للمفتي.[5]

غير المستقل

عدل

غير المستقل هو الذي يكون منتسبا إلى مذهب إمام من أئمة الفقه، قال ابن الصلاح: منذ دهر طويل طوي بساط المفتي المستقل المطلق والمجتهد المستقل وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة.

المنتسب إلى المذهب

عدل

المنتسب إلى مذهب من المذاهب الفقهية، كما قسمه أبو القاسم الرافعي والنووي إلى مقلد ومجتهد في مذهب إمامه، فالمنتسب إلى المذهب الشافعي مثلا، أو المجتهد المقيد به، يكون كلا هذين الصنفين من جملة الشافعية المنتسبين إلى الإمام الشافعي، ولم يخرجوا بالاجتهاد عن الانتساب إليه، ولهذا اعتمد الشافعية على تصانيفهم وفتاويهم ونسبت إلى مذهب الشافعي، كما أنهم يولون تدريس المدارس الشافعية قديما وحديثا، بخلاف المجتهد المستقل غير المنتسب فلا ينسب للشافعية، وهكذا الحال في المنتسبين إلى المذاهب الأخرى كالحنفية والمالكية والحنابلة فاجتهادهم لا يخرجهم عن انتسابهم إلى هذه المذاهب. وذكر السيوطي في كلامه على المجتهد المستقل والمنتسب، ومن يتولى مدارس الشافعية: أن المجتهد المستقل هو الذي لا يولاها إذا كان الوقف ليس مأخذه من بيت المال؛ ولهذا امتنع السبكي من دعوى الاجتهاد المستقل مع كونه أهلا للاستقلال، واقتصر على دعوى الاجتهاد المطلق المنتسب. وقال السيوطي: ولا أعرف أحدا من أصحابنا ادعى الاجتهاد المستقل سوى ابن جرير، خاصة وأما بقية الأصحاب الذين ادعوا الاجتهاد فاقتصروا على دعوى الاجتهاد المطلق المنتسب؛ ولهذا عدوا في الأصحاب.[6] وحذف منها ابن جرير فلم يترجم فيها له فكل من ترجمه العلماء في طبقات الشافعية فمن ادعى الاجتهاد فهو مطلق منتسب، لا مستقل.

وقد قال النووي في الروضة، والرافعي في الشرح الكبير: المنتسبون إلى مذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك ثلاثة أصناف: أحدها: العوام وتقليدهم الشافعي مثلا مفرع على تقليد الميت وقد سبق. الثاني: البالغون رتبة الاجتهاد وقد ذكرنا أن المجتهد لا يقلد مجتهدا، وإنما نسب هؤلاء للشافعي لأنهم جروا على طريقته في الاجتهاد واستعمال الأدلة وترتيب بعضها على بعض، ووافق اجتهادهم اجتهاده، وإذا خالف أحيانا لم يبالوا بالمخالفة. والصنف الثالث: المتوسطون وهم الذين لا يبلغون رتبة الاجتهاد في أصل الشرع لكنهم وقفوا على أصول الإمام في الأبواب وتمكنوا من قياس ما لم يجدوه منصوصا له على ما ينص عليه،[7] هذا كلام الرافعي والنووي في الروضة.[8] [9]

قال السيوطي: فانظر كيف قسما أتباع الائمة إلى ثلاثة أصناف وجعلا من جملتهم من بلغ رتبة الاجتهاد، ولم يخرجاه ببلوغه الاجتهاد عن انتسابه إلى مذهب الشافعي وقد نص على ذلك أيضا إمام الحرمين فقال في كتابه الذي ألفه في ترجيح مذهب الشافعي[10] ما نصه: فإن قيل: فابن سريج والمزني ومن بعده كالقفال،[11] والشاسي،[12] وغير هؤلاء كان لهم منصب الاجتهاد،[13] فالجواب: إن هؤلاء كثرث تصرفاتهم في المذهب الشافعي والذب عن طريقته ونصرته وشمروا عن ساق الجد في تصويبه وتقريره وتصرفوا فيه استنباطا وتخريجا وقلت اختياراتهم الخارجة عن مذهبه وكانوا معترفين بأنهم من متبعي الشافعي ومقتفي آثاره ومقتبسي أنواره. هذا كلام إمام الحرمين.[14]

ونص على مثل ذلك أيضا ابن الصلاح قال في طبقاته:[15] في ترجمة محمد بن نصر ما نصه: ربما تذرع متذرع بكثرة اختياراته المخالفة لمذهب الشافعي إلى الإنكار على الجماعة العادين له في أصحابنا، وليس الأمر كذلك لأنه من هذا بمنزلة ابن خزيمة والمزني وأبي ثور وغيرهم، ولقد كثرت اختياراتهم المخالفة لمذهب الشافعي، ثم لم يخرجهم هذا عن أن يكونوا في قبيل أصحاب الشافعي معدودين، وبوصف الاعتزاء إليه موصوفين. هذا كلام ابن الصلاح.[16]

مراتب غير المستقل

عدل

والمنتسبون إلى المذاهب المتبوعة كما قسمهم ابن الصلاح وتبعه في ذلك النووي إلى أربعة أصناف، أولهم: المجتهد المطلق غير المستقل، والثاني: مجتهد التخريج والاستنباط وهم أصحاب الوجوه والطرق، والثالث: مجتهد الترجيح، والرابع: الحافظ للمذهب.

المجتهد المطلق المنتسب

عدل

المجتهد المطلق المنتسب أو المجتهد المطلق غير المستقل، هو الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد التي اتصف بها المجتهد المستقل، لكنه لم يبتكر لنفسه قواعد الاجتهاد، بل سلك طريق إمام من أئمة المذاهب في الاجتهاد، فهو مجتهد مطلق منتسب، لا مستقل، ووصفه بالاجتهاد المطلق باعتباره مجتهدا في جميع أحكام الشرع، واجتمعت فيه شروط المجتهد المستقل، لكنه ليس مستقلا في اجتهاده بل اجتهاده بهذه الصفة مقيد بكونه منتسبا إلى إمام من أئمة الاجتهاد المستقلين، وتعد رتبة المجتهد المطلق المنتسب (أي: غير المستقل) درجة علمية في المرتبة الثانية بعد رتبة المجتهدين المستقلين. ومعنى هذا: أن المستقلين هم أسبق من المنتسبين وأعلا رتبة منهم، حيث لا يتحقق وجود مجتهد منتسب إلا بعد وجود مجتهد مستقل أسبق منه؛ لأن كل مجتهد غير مستقل ينسب إلى مجتهد مستقل، وكمثال لتوضيح ذلك فإن المجتهد المستقل كالأئمة الأربعة مثلا: استقل كل واحد منهم بوضع قواعده ومنهجه وأصول اجتهاده في مذهبه، ثم جاء من بعدهم من اجتهد معتمدا في اجتهاده على طريقة واحد منهم كتلاميذ الأئمة مثل: أبي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني وزفر من الحنفية، وابن القاسم وأشهب وأسد بن الفرات من المالكية، والبويطي والمزني من الشافعية، وأبي بكر الأثرم، وأبي بكر المروذي من الحنابلة. وأصحاب هذه الطبقة من المجتهدين هم القادرون على استخراج الأحكام من الأدلة على مقتضى القواعد التي قررها أستاذهم في الأحكام، وإن خالفوه في بعض أحكام الفروع، لكن يقلدونه في قواعد الأصول، وسمى ابن عابدين هذه الطبقة: طبقة المجتهدين في المذهب. وقد ذكر العلماء المتأخرون: أن رتبة الاجتهاد المطلق بنوعيه (المستقل والمنتسب) قد فقدت من زمان.[17] [18] [19] [20]

المجتهد المطلق غير المستقل

عدل

الصنف الأول أن لا يكون مقلدا لإمامه لا في المذهب ولا في دليله لكونه قد جمع الأوصاف والعلوم المشترطة في المستقل وإنما ينسب إليه لكونه سلك طريقه في الاجتهاد ودعا إلى سبيله. قال ابن الصلاح وبلغنا عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني رحمه الله أنه ادعى هذه الصفة لأئمة أصحابنا فحكى عن أصحاب مالك وأحمد وداود وأكثر أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله أنهم صاروا إلى مذاهب أئمتهم تقليدا لهم،[21] ثم قال الصحيح الذي ذهب إليه المحققون ما ذهب إليه أصحابنا وهو أنهم صاروا إلى مذهب الشافعي رحمه الله لا على جهة التقليد له ولكن لما وجدوا طريقه في الاجتهاد والفتاوى أسد الطرق وأولاها ولم يكن لهم بد من الاجتهاد سلكوا طريقه في الاجتهاد وطلبوا معرفة الأحكام بالطريق الذي طلبها الشافعي به. قال ابن الصلاح: وهذا الرأي حكاه عن أصحابنا واقع على وفق ما رسمه لهم الشافعي ثم المزني في أول مختصره وفي غيره وذكر الشيخ أبو علي السنجي شبيها بذلك فقال: اتبعنا قول الشافعي دون قول غيره من الأئمة لما وجدنا قوله أصح الأقوال وأعدلها لا أنا قلدناه في قوله.[22]

شائبة التقليد
عدل

لا يوصف المجتهد المطلق بأنه مقلد لإمامه قولا واحدا، وانتسابه لمذهب إمامه لا يعني أنه مقلد له في جمبع الأقوال، ورغم ذلك فإن هذا الصنف من الاجتهاد لا يخلو من شائبة التقليد. قال ابن الصلاح: دعوى انتفاء التقليد عنهم مطلقا من كل وجه لا يستقيم إلا أن يكونوا قد أحاطوا بعلوم الاجتهاد المطلق وفازوا برتبة المجتهدين المستقلين وذلك لا يلائم المعلوم من أحوالهم أو أحوال أكثرهم. وقد ذكر بعض الأصوليين منا أنه لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل وحكى اختلافا بين أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة في أبي يوسف وأبي محمد المزني وابن سريج خاصة هل كانوا من المجتهدين المستقلين؟ أو من المجتهدين في المذاهب؟ ولا ينكر دعوى ذلك فيهم في فن من الفقه دون فن، بناء على ما قدمناه في جواز تجريد منصب المجتهد المستقل. ويبعد جريان ذلك الخلاف في حق هؤلاء المتبحرين الذين عم نظرهم الأبواب كلها فإنه لا يخفى على أحدهم إذا أكمل في باب مالا يتعلق منه بغيره من الأبواب التي لم يكمل فيها لعموم نظره وجولانه في الأبواب كلها إذا عرفت هذا ففتوى المستفتين في هذه الحالة في حكم فتوى المجتهد المستقل المطلق يعمل بها ويعتد بها في الإجماع والخلاف.[23]

المجتهد المقيد

عدل

مجتهد التخريج

عدل

المجتهد المقيد أو مجتهد التخريج، هو الذي يكون اجتهاده مقيدا بمذهب من المذاهب الفقهية، ويكون مجتهدا مقيدا في مذهب إمامه، غير أن اجتهاده لا يكون في في جميع أحكام الشرع، ولا في كل أبواب الفقه، بل يكون اجتهاده في التخريج والاستنباط فيما ليس بمنصوص عليه في مذهب إمامه، فيستقل بتقرير ذلك بالدليل، غير أنه لا يتجاوز في أدلته أصول إمامه وقواعده، ومن شأنه أن يكون عالما بالفقه خبيرا بأصول الفقه، عارفا بأدلة الأحكام تفصيلا، بصيرا بمسالك الأقيسة والمعاني تام الارتياض في التخريج والاستنباط قيما بإلحاق ما ليس بمنصوص عليه في مذهب إمامه بأصول مذهبه وقواعده. ويتخذ أصول نصوص إمامه أصولا يستنبط منها تلك الأحكام، كما يفعل المجتهد المستقل بنصوص الشارع، وربما مر به الحكم وقد ذكره إمامه بدليله فيكتفي بذلك ولا يبحث هل لذلك الدليل من معارض. وهو مع ذلك لا يخلو عن شوب من التقليد لإمامه؛ لإخلاله ببعض العلوم والأدوات المعتبرة في المجتهد المستقل، كالإخلال بعلم الحديث أو بعلم اللغة العربية. فهو لا يستوفي النظر في شروطه كما يفعله المستقل، قال ابن الصلاح: وهذه صفة أصحاب الوجوه والطرق في المذهب وعلى هذه الصفة كان أئمة أصحابنا أو أكثرهم، ومن كان هذا شأنه فالعامل بفتياه مقلد لإمامة لاله معوله على صحة إضافة ما يقوله إلى إمامه لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إلى الشارع.[24] ويؤخذ من هذا: أن استقلال المجتهد المقيد بالاجتهاد والفتوى في مسألة خاصة أو في باب خاص.

كالخصاف والطحاوي والكرخي والحلواني والسرخسي والبزدوي وقاضي خان من الحنفية،

والأبهري وابن أبي زيد القيرواني من المالكية،

وأبي إسحاق الشيرازي والمروزي وأبي نصر وابن خزيمة من الشافعية،

والقاضي أبي يعلى والقاضي أبي علي بن أبي موسى من الحنابلة.

ويسمى هؤلاء أصحاب الوجوه والطرق في المذهب وتكون هذه الأقوال منسوبة لأصحاب إمام المذهب، لا لإمام المذهب. وفي التقسيم الذي ذكره ابن عابدين يعد مجتهد التخريج في المرتبة الرابعة بعد مرتبة المجتهد في المسائل التي لا نص عليها في المذهب، ولا فرق عند الجمهور بين مجتهد التخريج وبين المجتهد في المسائل التي لا نص عليها، فكلاهما في رتبة واحدة.

التخريج

عدل

مجتهد الترجيح

عدل

مجتهد الترجيح وهو المتمكن من ترجيح قولين أو أكثر عند وجود الاختلاف، سواء كان الترجيح لأقوال إمام المذهب، أو الترجيح بين ما قاله الإمام وما قاله تلاميذه أو غيره من الأئمة، أو بين ما قاله الأصحاب، فيرجح في المسألة قولا من الأقوال المختلفة، وتفضيل بعض الروايات على بعض، بحسب ما يترجح لديه بالأدلة. ز

ذكر ابن الصلاح أن مجتهد الترجيح هو الذي لم يبلغ رتبة أئمة المذاهب أصحاب الوجوه والطرق غير أنه فقيه النفس حافظ لمذهب إمامه عارف بأدلته قائم بتقريرها وبنصرته يصور ويجرد ويمهد ويقرر ويوازن ويرجح لكنه قصر عن بلوغ درجة مجتهدوا التخريج، إما لعدم بلوغه مبلغهم في حفظ المذهب، وإما لكونه لم يرتض في التخريج والاستنباط كارتياضهم وإما لكونه غير متبحر في علم أصول الفقه على أنه لا يخلو مثله في ضمن ما يحفظ من الفقه ويعرفه من أدلته عن أطراف من قواعد أصول الفقه وإما لقصوره في غير ذلك من العلوم التي هي أدوات الاجتهاد، الحاصل لأصحاب الوجوه والطرق. وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الرابعة من الهجرة المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه وصنفوا فيه تصانيف بها معظم اشتغال الناس اليوم ولم يلحقوا بأرباب الحالة الثانية في تخريج الوجوه وتمهيد الطرق في المذهب، وأما في فتاواهم فقد كانوا يتبسطون فيها كتبسط أولئك أو قريبا منه ويقيسون غير المنقول والمسطور على المنقول والمسطور في المذهب غير مختصرين في ذلك على القياس الجلي وقياس لا فارق الذي هو نحو قياس الأمة على العبد في إعتاق الشريك وقياس المرأة على الرجل في رجوع البائع إلى غير ماله عند تعذر الثمن وفيهم من جمعت فتاواه وأفردت بالتدوين ولا يبلغ في التحاقها بالمذهب مبلغ فتاوى أصحاب الوجوه ولا يقوى كقوتها.[27] مثل القدوري والمرغيناني صاحب الهداية من الحنفية، والعلامة خليل من المالكية، والرافعي والنووي من الشافعية، والقاضي علاء الدين المرداوي منقح مذهب الحنابلة، وأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني البغدادي، المجتهد في مذهب الحنابلة. ز

طبقة الحافظ للمذهب

عدل

الحافظ للمذهب ويطلق عليه الفتيا، ذكره ابن الصلاح في الحالة الرابعة من حالات المنتسبين إلى مذهب إمام مذهب من المذاهب الفقهية المتبوعة، ويعد مقلدا لإمامه في المذهب، والحافظ للمذهب هو الذي يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها، والقدرة على التمييز بين القوي والضعيف والراجح والمرجوح، غير أن عنده ضعفا في تقرير أدلته وتحرير أقيسته، كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين، مثل صاحب الكنز، وصاحب الدر المختار، وصاحب الوقاية، وصاحب مجمع الأنهر من الحنفية، والرملي وابن حجر من الشافعية، فهذا الصنف من الفقهاء يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه مما هو مقرر في مذهبه ومما نص عليه إمامه، ومن تفريعات أصحاب إمامه المجتهدين في مذهبه، وتخريجاتهم، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه فإن وجد في المنقول ما هذا في معناه بحيث يدرك من غير فضل فكر وتأمل: أنه لا فارق بينهما كما في الأمة بالنسبة إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك جاز له إلحاقه به والفتوى به، وكذلك ما يعلم اندراجه تحت ضابط منقول ممهد في المذهب.[28]

وهذا الصنف الأخير من أصناف المفتين ذكره ابن عابدين في حاشيته نقلا عن المحقق ابن كمال باشا في الطبقة السادسة من مراتب الفقهاء وهي: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب والرواية النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين مثل صاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.[29]

التصدر للفتوى

عدل

لا يتقلد منصب الفتيا إلا من اجتمعت فيه شروط المفتي، في رتبة مجتهد مطلق وهو مجتهد مستقل أو مجتهد مطلق منتسب من بعده، وقد فقد الاجتهاد المطلق منذ زمان، وأفضى أمر الفتوى لمجتهد التخريج ثم من بعده رتبة مجتهد الترجيح، وبعد مراحل استكمال تحرير المذاهب وتنقيحها وتمهيدها وتقريرها جاءت رتبة الحافظ للمذهب في آخر مراتب الفتيا، وصار أمر الفتوى خصوصا في الأزمنة المتأخرة مقيد بالمذهب، فيفتي المفتي بما هو مقرر في مذهبه؛ لأن الاجتهاد إنما هو في الأحكام التي لم يرد في الشرع نص بخصوصه، وقد اجتهد أئمة الصحابة في الأحكام التي هي محل اجتهاد، ثم اجتهد التابعون من بعدهم، ثم أئمة المذاهب الكبرى، وكان هذا اجتهاد مطلق مستقل، وتعددت المذاهب الفقهية، غير أن كثرتها وتعددها استلزم وجود اجتهادات متعدة في حكم واحد يتجدد الاجتهاد فيه في كل زمن، حتى يكون الاجتهاد فيه تحصيل حاصل، لكن الاجتهاد لم يكن على هذا النحو، بل كان تجدد الاجتهاد يفضي إلى إجماع أو ما هو شبيه بذلك، وتلخصت مذاهب الصحابة والتابعين في المذاهب الفقهية الكبرى وعمل الناس بها وأقرها أعلام المسلمين في أحقاب من الزمن، وكان الافتاء والقضاء بما هو مقرر في هذه المذاهب، وأما اجتهاد أصحاب المذاهب فكان فيما لم يكن موجودا في المذهب، وهو حاصل في اجتهاد أصحاب الوجوه والطرق، ثم جاء من بعد ذلك أهل الترجيح بسبب تعدد الأقوال، فيرجون من الأقوال المختلفة في المسألة الواحدة قولا واحدا بحسب الدليل، وتقررت بذلك المذاهب التي عمل الناس بها على مدى قرون، ولم يبق إلا الأخذ بمذهب من هذه المذاهب، وصار أمر الفتوى للفقهاء المقلدين، قال ابن الصلاح بعد ذكر هذه الأصناف الخمسة وشروطها: «فمن انتصب في منصب الفتيا وتصدى لها وليس على صفة واحد من هذه الأصناف الخمسة فقد باء بأمر عظيم ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم. ومن أراد التصدي للفتيا ظانا كونه من أهلها فليتهم نفسه وليتق الله ربه تبارك الله وتعالى ولا يجد عن الأخذ بالوثيقة لنفسه والنظر لها، ولقد قطع الإمام أبو المعالي وغيره بأن الاصولي الماهر المتصرف في الفقه لا يحل له الفتوى بمجرد ذلك ولو وقعت له في نفسه واقعة لزمه أن يستفتي غيره فيها ويلتحق به المتصرف النظار البحاث في الفقه من أئمة الخلاف وفحول المناظرين وهذا لأنه ليس أهلا لإدراك حكم الواقعة استقلالا لمقصور آلته ولا من مذهب إمام متقدم لعدم حفظه له وعدم إطلاعه عليه على الوجه المعتبر والله أعلم».[30]

فتوى الحافظ للمذهب

عدل

فالحافظ للمذهب يؤخذ بفتواه فيما نقله مما نص عليه إمام مذهبه، وفيما نقله من تفريعات الأصحاب من مجتهدي المذهب أصحاب الوجوه والطرق وأصحاب الترجيح، فهو بذلك مقلد لمذهب إمامه يعتمد في فتواه على النقل، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه فإن وجد في المنقول ما هو في معناه فيرجع في تقرير الحكم بالمقايسة على الأشباه بالنظائر، ولم يذكر ابن الصلاح هذا الصنف ضمن مراتب المفتي، باعتبار أن المفتي في الأصل يراد به المجتهد، والحافظ للمذهب إنما يفتي بما هو مقرر في مذهبه، ولا تصدر فتواه عن اجتهاد قام به هو، وقال ابن الصلاح: «وما لم يكن كذلك فعليه الإمساك عن الفتيا منه ومثل هذا يقع نادرا في مثل الفقيه المذكور، إذا يبعد كما ذكر الإمام أبو المعالي الجويني أن يقع واقعة لم ينص على حكمها في المذهب ولا هي في معنى شيء في المنصوص عليه فيه من غير فرق ولا هي مندرجة تحت شيء من ضوابط المذهب المحررة فيه». وقال: «ثم إن هذا الفقيه لا يكون إلا فقيه النفس لأن تصوير المسائل على وجهها ثم نقل أحكامها بعد استتمام تصويرها جلياتها وخفياتها لا يقوم به إلا فقيه النفس ذو حظ من الفقه، قلت: وينبغي أن يكتفي في حفظ المذهب في هذه الحالة وفي الحالة التي قبلها بأن يكون المعظم على ذهنه لدرايته متمكنا من الوقوف على الباقي بالمطالعة أو ما يلتحق بها على القرب كما اكتفينا في أقسام الاجتهاد الثلاثة الأول بأن يكون المعظم على ذهنه ويتمكن من إدراك الباقي بالاجتهاد على القرب».[31]

إنما تعتبر فتواه إن كان لديه أهلية التمييز بين الراجح والمرجوح في مذهبه، ولا يفتي إلا بالراجح كما أن القاضي لا يحكم إلا بالراجح في مذهبه، ولا فرق بين القاضي والمفتي فكلاهما في رتبة واحدة إلا أن المفتي مخبر بالحكم، والقاضي ملزم به، والمفتي أو القاضي إما أن يكون مجتهدا فيكون صدور الحكم عنهما باجتهاد، وإما أن يكون مقلدا كما هو الحال بعد العصور المتقدمة لا سيما بعد استكمال تقرير المذاهب الفقهية وتمهيدها فيكون صدور الحكم عنهما حسب ما هو مقرر في المذهب، فلا يفتي المفتي ولا يقضي القاضي بخلاف مذهبه، قال في الدر المختار: وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه: أنه لا فرق بين المفتي والقاضي إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به، وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع،[32] وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا، وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية.[33] قلت: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالأقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها. قال في البرهان: وهذا صريح الحق الذي يعض عليه بالنواجذ، نعم أمر الأمير متى صادف فصلا مجتهدا فيه نفذ أمره، كما في سير التتارخانية وشرح السير الكبير فليحفظ.[34]

المقلد غير المؤهل للفتوى

عدل

طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على التمييز بين القوي والأقوى والضعيف ولا بين الراجح والمرجوح وظاهر المذهب والروايات النادرة ودقائق المسائل وغير ذلك من نقول المذهب، ولا يفرقون بين الغث والسمين، وهذا الصنف من المقلدين لمذهب من المذاهب الفقهية المعتبرة لا يعدون من أهل الفتيا، ومن كان حاله كذلك فعليه أن يرجع إلى من يميز بين الراجح والمرجوح ونحوه، فالزمان لا يخلو من وجود من يميز بين ما أشكل من الأمور. وقد ذكر العلماء أن آخر مرتبة للمفتي هي درجة المقلد الحافظ للمذهب الذي يميز بين نقول المذهب والترجيحات فيها، وتجتمع فيه شروط المفتي، وأما المقلد الذي لا يقدر على التمييز فعليه الرجوع إلى من يميز إذ لا يخلو الزمان ممن يميز فيما أشكل من الأمور، وعليه التوقف عن الفتيا؛ لأنه ليس أهلا للتصدر للفتوى، ولا تجتمع فيه شروط المفتي، وإن ظن نفسه كذلك، وقد ذكر ابن عابدين في حاشيته نقلا عن ابن كمال باشا قوله: «لا بد للمفتي أن يعلم حال من يفتي بقوله، ولا يكفيه معرفته باسمه ونسبه، بل لا بد من معرفته في الرواية، ودرجته في الدراية، وطبقته من طبقات الفقهاء، ليكون على بصيرة في التمييز بين القائلين المتخالفين وقدرة كافية في الترجيح بين القولين المتعارضين».

لا فرق بين المفتي والقاضي من حيث الشروط اللازم توفرها في كل منهما على حد سواء، إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به. وقد ذكر في كتاب الدر المختار: تقسيم المفتي والقاضي إلى قسمين: مجتهد ومقلد، ويؤخذ من كلامه أن الفترة التي كان فيها رجع أمر الإفتاء والقضاء إلى المقلدين للمذاهب، فيفتي المفتي ويقضي القاضي كل منهما وفق ما هو مقرر في مذهبه، وهو الحال في الأزمنة المتأخرة، وقال: «وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم». وفي كلامه: أن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع، وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا، وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية. ثم قال: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالأقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها.

وإذا اختلفت الأقوال أو نقلت بلا ترجيح، فيعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الأوفق وما ظهر عليه التعامل وما قوي وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا، وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته.[35]

يلزم فيمن يتولى الإفتاء والقضاء أن يمتلك الأهلية والكفاءة العلمية والمعرفة بالأحكام الشرعية. قال النووي: «شرط المفتي كونه مكلفا مسلما وثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظا».[36] وقال أيضا: يشترط في المفتي المنتسب إلى مذهب إمام كما سبق أن يكون فقيه النفس، حافظا مذهب إمامه، ذا خبرة بقواعده، وأساليبه ونصوصه.[37] [38]

شروط المفتي

عدل

يلزم فيمن يتولى الإفتاء والقضاء أن يمتلك الأهلية والكفاءة العلمية والمعرفة بالأحكام الشرعية، قال النووي: «شرط المفتي كونه مكلفا مسلما وثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظا».[39] وقال أيضا: يشترط في المفتي المنتسب إلى مذهب إمام كما سبق أن يكون فقيه النفس، حافظا مذهب إمامه، ذا خبرة بقواعده، وأساليبه ونصوصه.[40] [41]

شروط المفتي وصفاته

عدل

شروط المفتي وصفاته كما ذكرها ابن الصلاح هي: أن يكون مكلفا مسلما ثقة مأمونا منزها من أسباب الفسق ومسقطات المروءة؛ لأن من لم يكن كذلك فقوله غير صالح للاعتماد -وإن كان من أهل الاجتهاد- ويكون فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظا. وهذه شروط المجتهد بوجه عام، وإذا كان المجتهد في رتبة المجتهد المطلق؛ فيشترط فيه مع هذه الشروط السابقة وجود شروط إضافية أخرى منها: أن يكون قيما بمعرفة أدلة الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس وما التحق بها على التفصيل المذكور في كتب الفقه وغيرها،[42] وأن يكون عالما بما يشترط في الأدلة ووجوه دلالاتها، ويكفيه اقتباس الأحكام منها وذلك يستفاد من علم أصول الفقه وأن يكون عارفا من علم القرآن وعلم الحديث وعلم الناسخ والمنسوخ وعلمي النحو واللغة وأختلاف العلماء واتفاقهم بالقدر الذي يتمكن به من الوفاء بشروط الأدلة والاقتباس منها ذا دراية وارتياض في استعمال ذلك عالما بالفقه ضابطا لأمهات مسائله وتفاريعه المفروغ من تمهيدها.[43] فمن جمع هذه الفضائل فهو المفتي المطلق المستقل الذي يتأدى به فرض الكفاية وأن يكون مجتهدا مستقلا.[44] وكون المفتي حافظا لمسائل الفقه لم يعد من شروط المفتي في كثير من الكتب المشهورة نظرا إلى أنه ليس شرطا لمنصب الاجتهاد، وذلك إن الفقه من ثمراته فيكون متأخرا عنه وشرط الشيء لا يتأخر عنه واشترط ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني وصاحبه أبو منصور البغدادي وغيرهما، قال ابن الصلاح: واشتراط ذلك في صفة المفتي الذي يتأدى به فرض الكفاية هو الصحيح وإن لم يكن كذلك في صفة المجتهد المستقل على تجرده؛ لأن حال المفتي يقتضي اشتراط كونه على صفة يسهل عليه معها إدراك أحكام الوقائع على القرب من غير تعب كثير وهذا لا يحصل لأحد من الخلق إلا بحفظ أبواب الفقه ومسائله. ولا يشترط أن يستحضر في ذهنه جميع الأحكام، بل يكفي أن يكون حافظا لمعظمها متمكنا من إدراك الباقي على القرب.[45]

ويشترط فيه أن يعرف من الحساب ما يصحح به المسائل الحسابية الفقهية. قال ابن الصلاح: حكى أبو إسحاق وأبو منصور فيه اختلافا للأصحاب، والأصح اشتراطه لأن من المسائل الواقعة نوعا لا يعرف جوابه إلا من جمع بين الفقه والحساب.[46]

مراجع

عدل
  1. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص21 إلى ص25.
  2. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، القول في شروط المفتي وصفاته وأحكامه وآدابه ج1 ص21 إلى 29
  3. ^ الفقه الإسلامي وأدلته، وهبة الزحيلي، ج1 ص45 و46. [1]
  4. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص77 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.
  5. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص26.
  6. ^ إرشاد المهتدين للسيوطي ص15
  7. ^ السيوطي ج1 ص16
  8. ^ روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي، كتاب القضاء باب في التولية والعزل، ج11 ص101 المكتب العلمي
  9. ^ الروضة للنووي
  10. ^ مغيث الخلق
  11. ^ هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله القفال المروزي أشهر شيوخ الشافعية بخراسان له شرح فروع ابن الحداد توفي سنة 417 هـ ترجمته في طبقات السبكي (3\71) وطبقات ابن قاضي شهبة (1\124)
  12. ^ هو: أبو الحسن القاسم بن أبي بكر محمد بن علي القفال الشاشي الشافعي المتوفى في حدود سنة 400.
  13. ^ إرشاد المهتدين للسيوطي ج1 ص17
  14. ^ تعليق: النقل عن مغيث الخلق لأبي المعالي الجويني ص48.
  15. ^ انظر الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل زمان فرض، ص189
  16. ^ السيوطي ج1 ص18
  17. ^ الفقه الإسلامي وأدلته لوهبه الزحيلي ج1 ص45
  18. ^ الرد على من أخلد إلى الأرض للسيوطي، ج1 ص39 إلى 42.
  19. ^ حاشية ابن عابدين، ج1 ص71. رسم المفتي، ص11 و12.
  20. ^ [2]
  21. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص29.
  22. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص30.
  23. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص31.
  24. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص32
  25. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص33.
  26. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص34.
  27. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص35 و36.
  28. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص36
  29. ^ حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين، ج1 مقدمة الكتاب ص75 وما يليها
  30. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص37 و38
  31. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص36 و37.
  32. ^ الدر المختار علاء الدين الحصفكي ج1 ص74
  33. ^ الدر المختار للحصفكي ج1 ص75
  34. ^ الدر المختار للحصفكي ج1 ص76
  35. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص75 إلى 78 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.
  36. ^ المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي، شروط المفتي، ج1 ص74، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  37. ^ الروضة للنووي ج11 ص109
  38. ^ الروضة ج8 ص95
  39. ^ المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي، شروط المفتي، ج1 ص74، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  40. ^ الروضة للنووي ج11 ص109
  41. ^ الروضة ج8 ص95
  42. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص21.
  43. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص24 و25.
  44. ^ أدب المفتي والمستفتي للأبي عمرو ابن الصلاح، ج1 ص24 و25.
  45. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص26 و27.
  46. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص27 و28


[[تصنيف:فقه إسلامي]]

إضافي

عدل

والفقهاء على سبع مراتب، وقد أوضحها المحقق ابن كمال باشا في بعض رسائله فقال: لا بد للمفتي أن يعلم حال من يفتي بقوله، ولا يكفيه معرفته باسمه ونسبه، بل لا بد من معرفته في الرواية، ودرجته في الدراية، وطبقته من طبقات الفقهاء، ليكون على بصيرة في التمييز بين القائلين المتخالفين وقدرة كافية في الترجيح بين القولين المتعارضين.

الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة رضي الله عنهم ومن سلك مسلكهم في تأسيس قواعد الأصول، وبه يمتازون عن غيره.

الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبي حنيفة، القادرين على استخراج الأحكام من الأدلة على مقتضى القواعد التي قررها أستاذهم أبو حنيفة في الأحكام وإن خالفوه في بعض أحكام الفروع، لكن يقلدونه في قواعد الأصول. الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل التي لا نص فيها عن صاحب المذهب كالخصاف وأبي جعفر الطحاوي وأبي الحسن الكرخي وشمس الأئمة الحلواني وشمس الأئمة السرخسي وفخر الإسلام البزدوي وفخر الدين قاضي خان وأمثالهم ، فإنهم لا يقدرون على شيء من المخالفة لا في الأصول ولا في الفروع لكنهم يستنبطون الأحكام في المسائل التي لا نص فيها على حسب الأصول والقواعد.

الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كالرازي وأضرابه، فإنهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلا، لكنهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمآخذ يقدرون على تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم مبهم محتمل لأمرين، منقول عن صاحب المذهب أو أحد من أصحابه برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع، وما في الهداية من قوله كذا في تخريج الكرخي وتخريج الرازي من هذا القبيل.

الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين كأبي الحسن القدوري، وصاحب الهداية وأمثالهم، وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض، كقولهم هذا أولى، وهذا أصح رواية، وهذا أوفق للناس.

والسادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب والرواية النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين مثل صاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.

والسابعة: طبقة المقلدين الذين لا يقدرون على ما ذكر، ولا يفرقون بين الغث والسمين ا هـ بنوع اختصار.[1]

⇔ <div style="clear:وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه: أنه لا فرق بين المفتي والقاضي إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به، وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع،(ص: 75) وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا، وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية.(ص: 76)

قلت: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالأقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها.

قال في البرهان: وهذا صريح الحق الذي يعض عليه بالنواجذ، نعم أمر الأمير متى صادف فصلا مجتهدا فيه نفذ أمره، كما في سير التتارخانية وشرح السير الكبير فليحفظ.(ص: 77)

وقد ذكروا أن المجتهد المطلق قد فقد، وأما المقيد فعلى سبع مراتب مشهورة، وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم.

فإن قلت: قد يحكون أقوالا بلا ترجيح، وقد يختلفون في الصحيح، قلت: يعمل بمثل ما عملوا من اعتبار (ص78) تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الأوفق وما ظهر عليه التعامل وما قوي وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا، وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته.[2]

نسخة

  • الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة ومن سلك سبيلهم في تأسيس قواعد الأصول واستنباط أحكام الفروع من الأدلّة الأربعة: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس على حسب تلك القواعد من غير تقليد لأحد في الفروع والأصول.
  • الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله القادرين على استخراج الأحكام عن الأدلّة المذكورة على حسب القواعد الّتي قرّرها أستاذهم أبو حنيفة رحمة الله عليه وعيّنها فإنهم وإن خالفوه في بعض الأحكام

الفروع لكنهم يقلدونه في قواعد الأصول وبه يمتازون عن المعارضين في المذهب ويفارقونهم كالشافعيّ ونظائره المخالفين لأبي حنيفة رحمة الله عليه في الأحكام غير المقلّدين له في الأصول.

  • الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل لارواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف وأبي جعفر الطحاوي وأبي الحسن الكرخي وشمس الأئمّة الحلوانيّ وشمس الأئمّة السرخسي وفخر الإسلام البزدويّ وفخر الدين قاضي خان وغير فإنهم لايقدرون على المخالفة للشيخ لا في الفروع ولا في الأصول لكنّهم يستنبطون الأحكام في المسائل التي لانص فيها عنه على حسب أصول قررها ومقتضى قواعد بسطها
  • الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كالرازي وأصحابه فإنهم لايقدرون على الاجتهاد أصلا لكنهك لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمأخذ يقدرون على تفصيل مجمل ذي الوجهين وحكم مبهم محتمل الأمرين منقول عن صاحب أو عن واحد من أصحابه المجتهدين برأيهم ونظرهم في الأصول والمقاسة على أمثاله ونظائره من الفروع وماوقع في بعض المواضع من الهداية من قوله: كذا في تخريج الكرخي وتخريج الرازي من هذا القبيل
  • الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين كأبي الحسن القدوري وصاحب الهداية وأمثالهما وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض آخر بقولهم هذا أولى وهذا أصحّ درايةً وهذا أصحّ روايةً وهذا أوفق للقياس وهذا أرفق للناس
  • السادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقويّ والضعيف وظاهر المذهب وظاهر الرواية والروايات النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين كصاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع وشأنهم ألا ينقلوا في كتبهم الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.
  • السابعة: طبقة المقلدين من الذين لايقدرون على ما ذكروا ولا يفرقون بين العجاف والسمين ولا يميزون الشمال عن اليمين بل يجمعون ما يجدون وهم كحاطب الليل فالويل لهم ولمن قلّدهم كل الويل.
  1. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص77 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.
  2. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص75 إلى 78 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.
مرجع.[1];">

المفتي المقلد الحافظ للمذهب الحافظ للمذهب ويطلق عليه الفتيا، ذكره ابن الصلاح في الحالة الرابعة من حالات المنتسبين إلى مذهب إمام مذهب من المذاهب الفقهية المتبوعة، ويعد مقلدا لإمامه في المذهب، والحافظ للمذهب هو الذي يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في واضحات المسائل ومشكلاتها، والقدرة على التمييز بين القوي والضعيف والراجح والمرجوح، غير أن عنده ضعفا في تقرير أدلته وتحرير أقيسته، كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين، مثل صاحب الكنز، وصاحب الدر المختار، وصاحب الوقاية، وصاحب مجمع الأنهر من الحنفية، والرملي وابن حجر من الشافعية، فهذا الصنف من الفقهاء يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه مما هو مقرر في مذهبه ومما نص عليه إمامه، ومن تفريعات أصحاب إمامه المجتهدين في مذهبه، وتخريجاتهم، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه فإن وجد في المنقول ما هذا في معناه بحيث يدرك من غير فضل فكر وتأمل: أنه لا فارق بينهما كما في الأمة بالنسبة إلى العبد المنصوص عليه في إعتاق الشريك جاز له إلحاقه به والفتوى به، وكذلك ما يعلم اندراجه تحت ضابط منقول ممهد في المذهب.[2]

رتبة المفتي الحافظ للمذهب

عدل

تعد رتبة المفتي الحافظ للمذهب كأصحاب المتون في المرتبة الخامسة من مراتب المفتي، وهي المرتبة الأخيرة في مراتب المفتي، كما يعد في المرتبة الرابعة والأخيرة من مراتب المفتي المنتسب للمذهب، كما قسمها ابن الصلاح، وقسم مراتب المفتي إلى قسمين، فالمفتي إما مستقل أو منتسب، فالمفتي المستقل أو [[مجتهد مسقل|المجتهد المستقل هو مجتهد مطلق مستقل غير منتسب، والقسم الثاني المفتي المنتسب إلى مذهب وهو أربعة أصناف الأول: مجتهد مطلق منتسب، والثاني: مجتهد التخريج، والثالث: مجتهد الترجيح، والرابع: الحافظ للمذهب. قال ابن الصلاح: وهذه أصناف المفتين وشروطهم، وهي خمسة وما من صنف منها إلا ويشترط فيه حفظ المذهب وفقه النفس وذلك فيما عدا الصنف الأخير الذي هو أخسها بعدما يشترط في هذا القبيل.

وهذا الصنف الأخير من أصناف المفتين ذكره ابن عابدين في حاشيته نقلا عن المحقق ابن كمال باشا في الطبقة السادسة من مراتب الفقهاء وهي: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر المذهب والرواية النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين مثل صاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع، وشأنهم أن لا ينقلوا الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.[3]

التصدر للفتوى

عدل

لا يتقلد منصب الفتيا إلا من اجتمعت فيه شروط المفتي، في رتبة مجتهد مطلق وهو مجتهد مستقل أو مجتهد مطلق منتسب من بعده، وقد فقد الاجتهاد المطلق منذ زمان، وأفضى أمر الفتوى لمجتهد التخريج ثم من بعده رتبة مجتهد الترجيح، وبعد مراحل استكمال تحرير المذاهب وتنقيحها وتمهيدها وتقريرها جاءت رتبة الحافظ للمذهب في آخر مراتب الفتيا، وصار أمر الفتوى خصوصا في الأزمنة المتأخرة مقيد بالمذهب، فيفتي المفتي بما هو مقرر في مذهبه؛ لأن الاجتهاد إنما هو في الأحكام التي لم يرد في الشرع نص بخصوصه، وقد اجتهد أئمة الصحابة في الأحكام التي هي محل اجتهاد، ثم اجتهد التابعون من بعدهم، ثم أئمة المذاهب الكبرى، وكان هذا اجتهاد مطلق مستقل، وتعددت المذاهب الفقهية، غير أن كثرتها وتعددها استلزم وجود اجتهادات متعدة في حكم واحد يتجدد الاجتهاد فيه في كل زمن، حتى يكون الاجتهاد فيه تحصيل حاصل، لكن الاجتهاد لم يكن على هذا النحو، بل كان تجدد الاجتهاد يفضي إلى إجماع أو ما هو شبيه بذلك، وتلخصت مذاهب الصحابة والتابعين في المذاهب الفقهية الكبرى وعمل الناس بها وأقرها أعلام المسلمين في أحقاب من الزمن، وكان الافتاء والقضاء بما هو مقرر في هذه المذاهب، وأما اجتهاد أصحاب المذاهب فكان فيما لم يكن موجودا في المذهب، وهو حاصل في اجتهاد أصحاب الوجوه والطرق، ثم جاء من بعد ذلك أهل الترجيح بسبب تعدد الأقوال، فيرجون من الأقوال المختلفة في المسألة الواحدة قولا واحدا بحسب الدليل، وتقررت بذلك المذاهب التي عمل الناس بها على مدى قرون، ولم يبق إلا الأخذ بمذهب من هذه المذاهب، وصار أمر الفتوى للفقهاء المقلدين، قال ابن الصلاح بعد ذكر هذه الأصناف الخمسة وشروطها: «فمن انتصب في منصب الفتيا وتصدى لها وليس على صفة واحد من هذه الأصناف الخمسة فقد باء بأمر عظيم ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم. ومن أراد التصدي للفتيا ظانا كونه من أهلها فليتهم نفسه وليتق الله ربه تبارك الله وتعالى ولا يجد عن الأخذ بالوثيقة لنفسه والنظر لها، ولقد قطع الإمام أبو المعالي وغيره بأن الاصولي الماهر المتصرف في الفقه لا يحل له الفتوى بمجرد ذلك ولو وقعت له في نفسه واقعة لزمه أن يستفتي غيره فيها ويلتحق به المتصرف النظار البحاث في الفقه من أئمة الخلاف وفحول المناظرين وهذا لأنه ليس أهلا لإدراك حكم الواقعة استقلالا لمقصور آلته ولا من مذهب إمام متقدم لعدم حفظه له وعدم إطلاعه عليه على الوجه المعتبر والله أعلم».[4]

فتوى الحافظ للمذهب

عدل

فالحافظ للمذهب يؤخذ بفتواه فيما نقله مما نص عليه إمام مذهبه، وفيما نقله من تفريعات الأصحاب من مجتهدي المذهب أصحاب الوجوه والطرق وأصحاب الترجيح، فهو بذلك مقلد لمذهب إمامه يعتمد في فتواه على النقل، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه فإن وجد في المنقول ما هو في معناه فيرجع في تقرير الحكم بالمقايسة على الأشباه بالنظائر، ولم يذكر ابن الصلاح هذا الصنف ضمن مراتب المفتي، باعتبار أن المفتي في الأصل يراد به المجتهد، والحافظ للمذهب إنما يفتي بما هو مقرر في مذهبه، ولا تصدر فتواه عن اجتهاد قام به هو، وقال ابن الصلاح: «وما لم يكن كذلك فعليه الإمساك عن الفتيا منه ومثل هذا يقع نادرا في مثل الفقيه المذكور، إذا يبعد كما ذكر الإمام أبو المعالي الجويني أن يقع واقعة لم ينص على حكمها في المذهب ولا هي في معنى شيء في المنصوص عليه فيه من غير فرق ولا هي مندرجة تحت شيء من ضوابط المذهب المحررة فيه». وقال: «ثم إن هذا الفقيه لا يكون إلا فقيه النفس لأن تصوير المسائل على وجهها ثم نقل أحكامها بعد استتمام تصويرها جلياتها وخفياتها لا يقوم به إلا فقيه النفس ذو حظ من الفقه، قلت: وينبغي أن يكتفي في حفظ المذهب في هذه الحالة وفي الحالة التي قبلها بأن يكون المعظم على ذهنه لدرايته متمكنا من الوقوف على الباقي بالمطالعة أو ما يلتحق بها على القرب كما اكتفينا في أقسام الاجتهاد الثلاثة الأول بأن يكون المعظم على ذهنه ويتمكن من إدراك الباقي بالاجتهاد على القرب».[5]

إنما تعتبر فتواه إن كان لديه أهلية التمييز بين الراجح والمرجوح في مذهبه، ولا يفتي إلا بالراجح كما أن القاضي لا يحكم إلا بالراجح في مذهبه، ولا فرق بين القاضي والمفتي فكلاهما في رتبة واحدة إلا أن المفتي مخبر بالحكم، والقاضي ملزم به، والمفتي أو القاضي إما أن يكون مجتهدا فيكون صدور الحكم عنهما باجتهاد، وإما أن يكون مقلدا كما هو الحال بعد العصور المتقدمة لا سيما بعد استكمال تقرير المذاهب الفقهية وتمهيدها فيكون صدور الحكم عنهما حسب ما هو مقرر في المذهب، فلا يفتي المفتي ولا يقضي القاضي بخلاف مذهبه، قال في الدر المختار: وحاصل ما ذكره الشيخ قاسم في تصحيحه: أنه لا فرق بين المفتي والقاضي إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به، وأن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع،[6] وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا، وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية.[7] قلت: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالأقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها. قال في البرهان: وهذا صريح الحق الذي يعض عليه بالنواجذ، نعم أمر الأمير متى صادف فصلا مجتهدا فيه نفذ أمره، كما في سير التتارخانية وشرح السير الكبير فليحفظ.[8]

التقليد

عدل

الحافظ للمذهب يفتي بما هو مقرر في مذهبه مما ينقله عن إمام مذهبه وعن المجتهدين من أصحاب مذهبه، فهو من المقلدين للمذهب، وقد ذكره ابن الصلاح في المرتبة الأخيرة من مراتب المفتين، وذكره ابن عابدين نقلا عن ابن كمال باشا في المرتبة السادسة من مراتب الفقهاء وهي: طبقة المقلدين القادرين على التمييز الأقوى والقوي... ومن الملاحظ في التقسيمين أن الحافظ للمذهب مذكور عند ابن الصلاح في آخر أقسام أهل الفتوى، وعند ابن كمال باشا ضمن أصناف الفقهاء، فهو في الحالين لم يذكر ضمن أصناف المجتهدين، وأما تقرير الحكم فيما لا يجده منصوصا عليه في مذهبه فهو من باب مقايسة الأشباه على النظائر، ولا يكون استنباطا للحكم كاستنباط المجتهد.

ما لا يجده منصوصا عليه في مذهبه

عدل

يفتي الحافظ للمذهب بمذهبه مما ينقله من نصوص إمام مذهبه، ومما ينقله عن المجتهدين من أصحاب المذهب، وأما ما لا يجده منقولا في مذهبه فهو الذي يحتاج فيه بحث موسع في عموم نقول المذهب، حتى يمكن الجزم بعدم وجوده، ولا تتأتى معرفة ذلك إلا للمتصف بحفظ المذهب، وحفظ المذهب معناه الاطلاع الواسع الذي يمكن من خلاله معرفة ما إذا كان هذا موجود أو غير موجود في نقول المذهب، فمن السهل جدا القول بأنه غير موجود في نقول المذهب، لكن تحديد ذلك لا يكون إلا عن طريق الحافظ لأقوال المذهب، وعدم وجوده في نقول المذهب قليل أو نادر الوقوع، لا سيما في عصر المتأخرين، إذ أن ما من شاردة ولا واردة إلا وهي مذكورة في نقول المذهب، وإنما يقصر العلم بها بسبب عدم وجود أهلية الحفظ للمذهب وفقه النفس الذي يمكن من استخراجها بالبحث والتنقيب، واستظهارها ولو بطريق المفهوم.

وقد ذكر العلماء أن المجتهد المطلق قد فقد منذ زمان، ولم يبق إلا الاجتهاد المقيد بالمذهب، قاله في الدر المختار ثم قال: "وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم، فإن قلت: قد يحكون أقوالا بلا ترجيح، وقد يختلفون في الصحيح، قلت: يعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الأوفق وما ظهر عليه التعامل وما قوي وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا، وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته.[9] [10]

انظر أيضا

عدل

قسم

عدل

م.[نص 1]

ملاحظات

عدل
  1. ^ ا

مراجع

عدل
  1. ^ ردع الإخوان لأبي الحسنات اللكنوي الهندي دار البشائر بيروت ط3 1420 هـ/ 1999 م
  2. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص36
  3. ^ حاشية رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين، ج1 مقدمة الكتاب ص75 وما يليها
  4. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص37 و38
  5. ^ أدب المفتي والمستفتي لابن الصلاح، ج1 ص36 و37.
  6. ^ الدر المختار علاء الدين الحصفكي ج1 ص74
  7. ^ الدر المختار للحصفكي ج1 ص75
  8. ^ الدر المختار للحصفكي ج1 ص76
  9. ^ الدر المختار للحصفكي ج1 ص78
  10. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص75 إلى 78 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.


[[تصنيف:أصول الفقه]]

طبقة المقلدين غير المميزين بين النقول-

عدل

المقلد غير المؤهل للفتوى هو المقلد لمذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية المعتبرة، الذي ينقل من أقوال إمام مذهبه ومن تخريجات أصحاب المذهب وترجيحاتهم، ولكنه لا يمتلك الخبرة بقواعد المذهب وأساليبه ونصوصه، وليس لديه القدرة الكافية لفهم غوامض المسائل ودقائق مشكلاتها، وإذا كان منتسبا لمذهب فقهي فلا يعد فقيها عند علماء أصول الفقه؛ لأن الفقيه عندهم لا يطلق إلا على المجتهد، وهو ليس بمجتهد ولا من أهل الفتوى، لكن قد يطلق عليه عند غير علماء أصول الفقه أنه من الفقهاء باعتبار أن الفقيه في الاستعمال العام قد يطلق على من لديه معرفة بالفقه، وهذا النوع من المقلدين قد يكون ممن يشتغل بالفقه ولديه معرفة به، إلا معرفته هذه لا تؤهله لمنصب المفتي؛ لأنه لا تتوفر فيه شروط المفتي، ومن كان هذا حاله فلا يجوز له التصدر لمنصب المفتي وإن كان عالما بالفقه؛ لأنه وإن أمكن أن تكون فتواه بمذهبه موافقة للصواب إلا أنه لا يؤمن عليه الوقوع في نقل خلاف المقصود فيدخل ضمن من أفتى بغير علم، وعند العلماء في العصور المتقدمة يعد هذا الصنف من عوام المشتغلين بالفقه على اختلاف مستوياتهم، وقد ذكره بعض المتأخرين في آخر مراتب المنتسبين للفقه وهي رتبة المقلدين الذين لا يقدرون على التمييز بين القوي والأقوى والضعيف ولا بين الراجح والمرجوح وظاهر المذهب والروايات النادرة ودقائق المسائل وغير ذلك من نقول المذهب، ولا يفرقون بين الغث والسمين، وهذا الصنف من المقلدين لمذهب من المذاهب الفقهية المعتبرة لا يعدون من أهل الفتيا، ومن كان حاله كذلك فعليه أن يرجع إلى من يميز بين الراجح والمرجوح ونحوه، فالزمان لا يخلو من وجود من يميز بين ما أشكل من الأمور، وقد ذكر العلماء أن آخر مرتبة للمفتي هي درجة المقلد الحافظ للمذهب الذي يميز بين نقول المذهب والترجيحات فيها، وتجتمع فيه شروط المفتي، وأما المقلد الذي لا يقدر على التمييز فعليه الرجوع إلى من يميز إذ لا يخلو الزمان ممن يميز فيما أشكل من الأمور، وعليه التوقف عن الفتيا؛ لأنه ليس أهلا للتصدر للفتوى، ولا تجتمع فيه شروط المفتي، وإن ظن نفسه كذلك.

تعريف

عدل

المقلد غير المؤهل للفتوى هو: المقلد لمذهب إمام من أئمة المذاهب الفقهية المعتبرة الذي لا يقدر على التمييز بين القوي والأقوى والضعيف ولا بين الراجح والمرجوع وظاهر المذهب والروايات النادرة ودقائق المسائل الخفية وغيرها مما ينقل من نصوص إمام المذهب وتخريجات أصحاب المذهب وترجيحاتهم، ولا يميز بين الغث والسمين، لا يصح أن يتصدر لمنصب الفتوى؛ لقصور معرفته بالمذهب وعدم تبحره فيه، وعدم استيفائه شروط المفتي، فلا يعد في مراتب الفتوى، ومن كان حاله كذلك فعليه أن يرجع إلى من يميز بين الراجح والمرجوح ونحوه، فالزمان لا يخلو من وجود من يميز بين ما أشكل من الأمور. ذكر ابن عابدين في حاشيته نقلا عن ابن كمال باشا قوله: «لا بد للمفتي أن يعلم حال من يفتي بقوله، ولا يكفيه معرفته باسمه ونسبه، بل لا بد من معرفته في الرواية، ودرجته في الدراية، وطبقته من طبقات الفقهاء، ليكون على بصيرة في التمييز بين القائلين المتخالفين وقدرة كافية في الترجيح بين القولين المتعارضين».

فتوى المقلد

عدل

ذكر ابن نجيم في شرح متن الكنز عند قوله: «والمفتي ينبغي أن يكون هكذا..»،[1] أي: موثوقا به في دينه وعفافه.. إلى آخره، قال: وأن يكون مجتهدا، ونقل مضمون ما في الفتح القدير، أن المفتي كالقاضي فيما يطلب اتصافه به، وأنه لا يفتي إلا مجتهد، حيث استقر رأي علماء أصول الفقه على أن المفتي هو المجتهد، وأما غير المجتهد الذي يحفظ أقوال المجتهد فلا يعد مفتيا، وذكر في كلامه: أن فتوى الموجودين في زمانه ليس بفتوى، وإنما هو نقل كلام المفتي ليأخذ به المستفتي، ويلزمه غزو الكلام إلى المجتهد، فينسب إلى المفتي الذي حكى عنه، وطريق نقله عن المجتهد إما أن يكون عن طريق سند إلى المجتهد، أو مما تعارف عليه الناس في نقله وحكايته من النقول المشتهرة، والتصانيف المتداولة المعمول بها عند أصحاب المذهب، إذ أنه يكون بمنزلة الخبر المتواتر أو المشهور، كما أنه لا يحل له حكاية النوادر من النقول التي لم يشتهر الأخذ بها، ولو كان حافظا للمذهب ولا قدرة له على الاستنباط والترجيح اقتصر في ذلك على نسبة الفتوى إلى المجتهد.[2]

يلزم العامي تقليد مجتهد في حكم حادثة معينة ووجب عليه العمل بقوله، والغالب أن مثل هذا إلزامات منهم لكف الناس عن تتبع الرخص.[2]

منحة الخالق

قال الرملي قال في تصحيح القدوري وقال الأصوليون أجمع: لا يصح الرجوع عن التقليد بعد العمل بالاتفاق، وهو المختار في المذهب، وقال الإمام أبو الحسن الخطيب في كتاب الفتاوى والمفتي على مذهب إذا أفتى بكون الشيء كذا على مذهب إمام ليس له أن يقلد غيره ويفتي بخلافه؛ لأنه محض تشه، وقال أيضا: إنه بالتزامه مذهب إمام يكلف به ما لم يظهر له غيره، والمقلد لا يظهر له ا هـ.

فلو التزم مذهبا معينا كأبي حنيفة والشافعي فهل يلزمه الاستمرار عليه فقيل نعم، وقيل لا وقيل كمن لم يلتزم إن عمل بحكم تقليدا لا يرجع عنه وفي غيره له تقليد غيره، وهو الغالب على الظن لعدم ما يوجبه شرعا،


وإنما يمتنع الرجوع عن التقليد بعد العمل به والانتقال منه إلى قول مجتهد آخر بسبب أنه قد يؤدي إلى وقوع الخطأ، فلا يمتنع ترك تقليد مجتهد في مسألة وتقليد مجتهد آخر إذا ظهر له خلافه، والعامي لا يظهر له ذلك، ويتخرج من هذا تتبع الرخص وهو الأخذ بالأخف والأيسر من أقوال العلماء، فإن أخذه بفتوى من يعتد به إذا دعت الحاجة وكان المقصود منه رفع الحرج في الدين ودفع المشقة فيه مع الأخذ بالقول على الوجه الصحيح، أما إذا كان تتبع الرخص بخلاف ذلك فهو ممتنع؛ لأنه يكون حينئذ محض تشه، قال ابن عابدين: القول بالمنع ليس على إطلاقه؛ لأنه محمول على ما إذا بقي من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشيء مركب من مذهبين كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس والإمام مالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة كذا ذكر العلامتان ابن حجر والرملي في شرحهما على المنهاج. وذكر أقول العلماء في تفسيق متتبع الرخص، وأنه ليس على إطلاقه وقال: ثم لعله محمول على نحو ما يجتمع له من ذلك ما لم يقل بمجموعه مجتهد كما أشار إليه المصنف.[3]

المفتي المقلد

عدل

لا فرق بين المفتي والقاضي من حيث الشروط اللازم توفرها في كل منهما على حد سواء، إلا أن المفتي مخبر عن الحكم والقاضي ملزم به. وقد ذكر في كتاب الدر المختار: تقسيم المفتي والقاضي إلى قسمين: مجتهد ومقلد، ويؤخذ من كلامه أن الفترة التي كان فيها رجع أمر الإفتاء والقضاء إلى المقلدين للمذاهب، فيفتي المفتي ويقضي القاضي كل منهما وفق ما هو مقرر في مذهبه، وهو الحال في الأزمنة المتأخرة، وقال: «وأما نحن فعلينا اتباع ما رجحوه وما صححوه كما لو أفتوا في حياتهم». وفي كلامه: أن الحكم والفتيا بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع، وأن الحكم الملفق باطل بالإجماع، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا، وهو المختار في المذهب، وأن الخلاف خاص بالقاضي المجتهد، وأما المقلد فلا ينفذ قضاؤه بخلاف مذهبه أصلا كما في القنية. ثم قال: ولا سيما في زماننا، فإن السلطان ينص في منشوره على نهيه عن القضاء بالأقوال الضعيفة، فكيف بخلاف مذهبه فيكون معزولا بالنسبة لغير المعتمد من مذهبه، فلا ينفذ قضاؤه فيه وينقض كما بسط في قضاء الفتح والبحر والنهر وغيرها، وإذا اختلفت الأقوال أو نقلت بلا ترجيح، فيعمل بمثل ما عملوا من اعتبار تغير العرف وأحوال الناس، وما هو الأوفق وما ظهر عليه التعامل وما قوي وجهه، ولا يخلو الوجود عمن يميز هذا حقيقة لا ظنا، وعلى من لم يميز أن يرجع لمن يميز لبراءة ذمته.[4] [5]

شروط المفتي

عدل

يلزم فيمن يتولى الإفتاء والقضاء أن يمتلك الأهلية والكفاءة العلمية والمعرفة بالأحكام الشرعية. قال النووي: «شرط المفتي كونه مكلفا مسلما وثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظا».[6] وقال أيضا: يشترط في المفتي المنتسب إلى مذهب إمام كما سبق أن يكون فقيه النفس، حافظا مذهب إمامه، ذا خبرة بقواعده، وأساليبه ونصوصه.[7] [8]

انظر أيضا

عدل

قسم

عدل

م.[نص 1]

ملاحظات

عدل
  1. ^ ا

مراجع

عدل
  1. ^ كنز الدقائق، لأبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود حافظ الدين النسفي، المتوفى سنة 710 ه
  2. ^ ا ب البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لزين الدين ابن نجيم، كتاب القضاء، (أهل القضاء)، ج6، ص289 وما بعدها
  3. ^ حاشية منحة الخالق على كنز الدقائق لابن عابدين، ج6 كتاب القضاء، ص289 و290
  4. ^ الدر المختار لعلاء الدين الحصفكي، (مقدمة الكتاب)، ج1 ص74 وما بعدها، مرفقا بحاشية رد المحتار لابن عابدين
  5. ^ رد المحتار على الدر المختار لمحمد أمين ابن عمر المعروف بـابن عابدين، (مقدمة)، ج1 ص75 إلى 78 دار الكتب العلمية، ط: (د.ط)، سنة: 1412 هـ/1992 م.
  6. ^ المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي، شروط المفتي، ج1 ص74، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  7. ^ الروضة للنووي ج11 ص109
  8. ^ الروضة ج8 ص95


[[تصنيف:أصول الفقه]]

طبقات الفقهاء

عدل

مجتهد المسائل

المفتي المقلد الحافظ للمذهب

المقلد غير المؤهل للفتوى عوام

تقسيم 2

عدل
المجتهد في الشرع
المجتهد في المذهب
المجتهد في المسائل التي لا رواية فيها عن صاحب المذهب
أصحاب التخريج من المقلدين
أصحاب الترجيح من المقلدين

طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقويّ والضعيف وظاهر المذهب وظاهر الرواية والروايات النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين

عدل

طبقة المقلدين من الذين لايقدرون على ما ذكروا

عدل

نسخة

عدل

ذكر ابن عابدين في حاشيته نقلا عن ابن كمال باشا أن للفقهاء سبع مراتب:

  • الأولى: طبقة المجتهدين في الشرع كالأئمة الأربعة ومن سلك سبيلهم في تأسيس قواعد الأصول واستنباط أحكام الفروع من الأدلّة الأربعة: الكتاب والسنّة والإجماع والقياس على حسب تلك القواعد من غير تقليد لأحد في الفروع والأصول.
  • الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب كأبي يوسف ومحمد وسائر أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله القادرين على استخراج الأحكام عن الأدلّة المذكورة على حسب القواعد الّتي قرّرها أستاذهم أبو حنيفة رحمة الله عليه وعيّنها فإنهم وإن خالفوه في بعض الأحكام

الفروع لكنهم يقلدونه في قواعد الأصول.

وبه يمتازون عن المعارضين في المذهب ويفارقونهم كالشافعيّ ونظائره المخالفين لأبي حنيفة رحمة الله عليه في الأحكام غير المقلّدين له في الأصول.

  • الثالثة: طبقة المجتهدين في المسائل لا رواية فيها عن صاحب المذهب كالخصاف وأبي جعفر الطحاوي وأبي الحسن الكرخي وشمس الأئمّة الحلوانيّ وشمس الأئمّة السرخسي وفخر الإسلام البزدويّ وفخر الدين قاضي خان وغير فإنهم لايقدرون على المخالفة للشيخ لا في الفروع ولا في الأصول لكنّهم يستنبطون الأحكام في المسائل التي لانص فيها عنه على حسب أصول قررها ومقتضى قواعد بسطها.
  • الرابعة: طبقة أصحاب التخريج من المقلدين كالرازي وأصحابه فإنهم لايقدرون على الاجتهاد أصلا لكنهم لإحاطتهم بالأصول وضبطهم للمأخذ يقدرون على تفصيل مجمل ذي الوجهين وحكم مبهم محتمل الأمرين منقول عن صاحب أو عن واحد من أصحابه المجتهدين برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع وماوقع في بعض المواضع من الهداية من قوله: كذا في تخريج الكرخي وتخريج الرازي من هذا القبيل.
  • الخامسة: طبقة أصحاب الترجيح من المقلدين كأبي الحسن القدوري وصاحب الهداية وأمثالهما وشأنهم تفضيل بعض الروايات على بعض آخر بقولهم هذا أولى وهذا أصحّ درايةً وهذا أصحّ روايةً وهذا أوفق للقياس وهذا أرفق للناس.
  • السادسة: طبقة المقلدين القادرين على التمييز بين الأقوى والقويّ والضعيف وظاهر المذهب وظاهر الرواية والروايات النادرة كأصحاب المتون المعتبرة من المتأخرين كصاحب الكنز وصاحب المختار وصاحب الوقاية وصاحب المجمع وشأنهم ألا ينقلوا في كتبهم الأقوال المردودة والروايات الضعيفة.
  • السابعة: طبقة المقلدين من الذين لايقدرون على ما ذكروا ولا يفرقون بين العجاف والسمين ولا يميزون الشمال عن اليمين بل يجمعون ما يجدون وهم كحاطب الليل فالويل لهم ولمن قلّدهم كل الويل.

مرجع.[1]}}


تقسيم 2

عدل

تحفة

عدل


الخطاب

عدل

فصل

عدل

الدريني

عجبت لمن يقيم بأرض ذل
وأرض الله واسعة فضاها
فذاك من الرجال قليل عقل
بليد ليس يدري ما طحاها
فنفسك فز بها إن خفت ضيما
وخل الدار تنعي من بناها
فإنك واجد أرضا بأرض
ونفسك لا تجد أرضا سواها
مشيناها خطى كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها
منصورالواقدي/مقالات
معلومات شخصية


[[:تصنيف:صحابة]]

عناوين مقالات

عدل
منصورالواقدي/مقالات
معلومات شخصية
الديانة الإسلام
الحياة العملية
المهنة فقيه محدث عالم مسلم

عناوين مقالات ١

عدل
عنوان العمود عنوان العمود عنوان العمود
أبو مسعود الأنصاري عبد الله بن يزيد الخطمي عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث
ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ابن السكري منصور بن المعتمر
عبد الله بن دينار عبد الرحمن بن أبزي عبد الرحمن بن أبزي الخزاعي
سليمان بن موسى الأشدق
مكحول الهذليمكحول الشامي مكحول
أبو الأشعث الصنعاني
عنوان العمود عنوان العمود عنوان العمود
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة كثير بن فرقد المدني عطاء بن مركبوذ
أبو بصرة الغفاري سعيد بن عبد العزيز عبد الله بن أبي زكريا
يزيد بن يزيد بن جابر محمد بن الوليد بن عامر عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي
عبد الله بن مالك الجيشاني مرثد بن عبد الله اليزني عمر بن الحارث بن يعقوب
الحارث بن يزيد العكلي طبقات الفقهاء عبد الله بن شبرمة
مغيرة بن مقسم الضبي مسلم بن يسار حميد بن عبد الرحمن الحميري
عثمان البتي سوار بن عبد الله إسماعيل بن مسلم المكي
إسماعيل بن مسلم أشعث بن عبد الملك الحمراني مسلم بن يسار المصري
مسلم بن يسار البصري مسلم بن يسار سوار بن عبد الله
سوار بن عبد الله بن سوار سوار بن عبد الله بن قدامة سيار بن سلامة
عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي هاني بن كلثوم
عبد الله ابن أبي نجيح علاء الدين المرداوي عزت العناني

عناوين مقالات إضافية

عدل

المرتجز <div style="clear:الثاني: سبحة بفتح السين المهملة، وسكون الموحدة، وبالحاء. روى ابن سعد «عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: راهن رسول الله على فرس يقال له السبحة، فجاءت سابقة، فهش لذلك، وأعجبه». قال ابن بنين: هي فرس شقراء ابتاعها من أعرابي من جهينة بعشر من الإبل، وسابق عليها يوم خميس، ورد الخيل بيده، ثم خلى عنها، وسبح عليها، فأقبلت الشقراء -حتى أخذ صاحبها العلم- وهي تغبر في وجوه الخيل، فسميت سبحة. قال: غيره سبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين في الجري، وسبح الفرس جريه قال: سبحة من سبح إذا علا علوا في اتساع، ومنه سبحان الله، وسبحان الله عظمته وعلوه، لأن الناظر المفكر في سبحاته يسبح في بحر لا ساحل له. (7/396)

;">

السّكب،[2] هو أول حصان كان لرسول الله، وأغار عليه يوم أحد. أبتاعه في المدينة المدينة من رجل من بني فزاره بعشر أواق وكان أسمه عند الأعرابي: «الضرس»، وكان كميتا أغر محجلا، وفي رواية عن ابن عباس: أنه كان أدهم. قال عز الدين علي بن محمد الأثير: كان أدهم، ويؤيده ما رواه الطبراني: «عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان لرسول الله فرس أدهم يسمى السكب». قال أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي: «إذا كان الفرس خفيف الجري سريعه فهو فيض، وسكب، شبه بفيض الماء وإسكابه، وبه سمي أحد أفراس رسول الله ». روى ابن سعد «عن محمد بن يحيى بن سهل عن أبي حثمة،[3] عن أبيه قال: أول فرس ملكه رسول الله فرس ابتاعه بالمدينة من رجل من بني فزارة بعشر أواق، وكان اسمه عند الأعرابي: «الضرس»، فسماه النبي السكب، فكان أول ما غزا عليه أحدا، ليس مع المسلمين فرس غيره». وقال أيضا: وفرس لأبي بردة بن نيار يقال له: ملاوح، وروى أيضا عن يزيد بن حبيب قال: «كان لرسول الله فرس يدعى السكب». وروى أيضا عن علقمة بن أبي علقمة قال: «بلغني أن اسم فرس رسول الله : السكب، وكان أغر محجلا طلق اليمين»، قال محمد بن حبيب البغدادي في كتابه في أخبار قريش: كان السكب أغر محجلا، مطلق اليمين، وذكر هو وابن عبدوس أنه كان كميتا قال: وكان هو الذي يتمطى عليه ويركب.[4]

مراجع

عدل
  1. ^ ردع الإخوان لأبي الحسنات اللكنوي الهندي دار البشائر بيروت ط3 1420 هـ/ 1999 م
  2. ^ بفتح السين المهملة، وسكون الكاف بعدها باء موحدة
  3. ^ حثمة: بحاء مهملة، فثاء مثلثة ساكنة، فميم فتاء تأنيث.
  4. ^ سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد، المؤلف: محمد بن يوسف الصالحي الشامي، الباب الثالث في عدد خيله وفيه نوعان الأول المتفق عليه: (السكب)، ج7 ص396

[[تصنيف:محمد]]

منصورالواقدي/مقالات
معلومات شخصية

علاء الدين المرداوي (817 هـ = 885 هـ) كنيته: أبو الحسن، واسمه: علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي السعدي ثم الدمشقي الصالحي، الفقيه الحنبلي،[1] ذكره ابن العماد فقال: «علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان بن أحمد بن محمد المرداوي السعدي ثم الصالحي الحنبلي» ثم وصفه بـ«الشيخ الإمام العلامة المحقق المفنن أعجوبة الدهر شيخ المذهب وإمامه ومصححه ومنقحه بل شيخ الإسلام على الإطلاق ومحرر العلوم بالاتفاق»[2] ولد عام: 817 هـ،[3] في ببلدة مردا، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وأخذا الفقه بها عن فقيهها أحمد بن يوسف المرداوي (المتوفى: 850 هـ)، ثم انتقل إلى دمشق، فنزل في مدرسة أبي عمر، وحفظ ألفية ابن مالك، والمقنع، وقرأ على شيوخه قراءة بحث وتحقيق في الفقه وأصول الفقه والحديث وأصوله والتفسير والنحو والصرف وغيرهما من كتب اللغة، والفرائض والحساب وغيرها. وقرأ المقنع على أبي الفرج عبد الرحمن بن إبراهيم النابلسي وحفظه، ثم قرأه على التقي ابن قندس ولازمه واستفاد من علمه، ثم قرأه على شمس الدين محمد السيلي ولازمه أكثر من عشر سنين، وأخذ عنه في الفرائض والحساب. كما أخذ أبي شعر الحنبلي وابن ناصر الدين وغيرهم.

باشر نيابة الحكم، وكان حسن السيرة، تصدر للإقراء والإفتاء والتأليف، وانتهت إليه رئاسة المذهب، وانتفع الناس بمؤلفاته التي انتشرت في حياته وبعد مماته، تعزز عن مباشرة القضاء في أواخر عمره، وصار قوله حجة في المذهب، يعمل به، ويعول عليه في الفتوى والأحكام. توفي ليلة الجمعة سادس جمادى الأولى سنة 885 هـ، بمنزله في الصالحية.

مولده وتعليمه

عدل

ولد سنة سبع عشرة وثمانمائة هجرية، وخرج من بلده مردا في حال شباه، فأقام بمدينة الخليل بزاوية الشيخ عمر المجرد، وقرأ بها القرآن ثم قدم إلى دمشق ونزل بمدرسة شيخ الإسلام أبي عمر بالصالحية واشتغل بالعلم فلاحظته العناية الربانية واجتمع بالمشايخ وجد في الاشتغال وتفقه على تقي الدين بن قندس البعلي شيخ الحنابلة في وقته، فبرع وفضل في فنون من العلوم وانتهت إليه رياسة المذهب، وباشر نيابة الحكم دهرا طويلا فحسنت سيرته وعظم أمره ثم فتح عليه في التصنيف فصنف كتبا كثيرة في أنواع العلوم أعظمها الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف وكانت كتابته على الفتوى غاية وكان خطه حسن. وتنزه عن مباشرة القضاء في أواخر عمره وصار قوله حجة في المذهب يعول عليه في الفتوى والأحكام في جميع مملكة الإسلام.[2]

مؤلفاته

عدل

صنف كتبا كثيرة في أنواع العلوم أعظمها كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف وهو أربع مجلدات ضخمة، جعله على المقنع، وهو من كتب الإسلام، فإنه سلك فيه مسلكا لم يسبق إليه، بين فيه الصحيح من المذهب وأطال فيه الكلام، وذكر في كل مسألة ما نقل فيها من الكتب وكلام الأصحاب فهو دليل على تبحر مصنفه وسعة علمه وقوة فهمه وكثرة اطلاعه. ومنه التنقيح المشبع في تحريم القنع وهو مختصر الانصاف. وله التحرير في أصول الفقه، ذكر فيه المذاهب الأربعة وغيرها وشرحه. وجزء في الأدعية والأوراد سماه الحصون المعدة الواقية من كل شدة. وتصحيح كتاب الفروع لابن مفلح، وشرح الآداب وغير ذلك وانتفع الناس بمصنفاته وانتشرت في حياته وبعد وفاته.[2]

مؤلفاته

  • الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف.
  • التنقيح المشبع.
  • تصحيح الفروع.[4]
  • مختصر الفروع.
  • شرح الآداب.
  • تحرير المنقول في تهذيب علم الأصول.
  • التحبير شرح التحرير.
  • شرح قطعة من مختصر الطوفي.
  • فهرس القواعد والفوائد الأصولية.
  • الكنوز أو الحصون المعدة الواقية من كل شدة، في عمل اليوم والليلة، جمع منها فوق مائة حديث.
  • المنهل العذب الغزير في مولد الهادي البشير النذير.
  • فتاوى.

تلاميذه

عدل

ومن تلامذته قاضي القضاة بدر الدين السعدي قاضي الديار المصرية وغالب من في المملكة من الفقهاء والعلماء وقضاة الإسلام «وما صحبه أحد إلا وحصل له الخير».[2]

أقوال العلماء فيه

عدل

قال عنه ابن العماد: «وكان لا يتردد إلى أحد من أهل الدنيا ولا يتكلم فيما لا يعنيه وكان الأكابر والأعيان يقصدونه لزيارته والاستفادة منه وحج وزار بيت المقدس مرارا ومحاسنه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر».[2]

وفاته

عدل

وتوفي بصالحية دمشق يوم الجمعة سادس جمادى الأولى ودفن بسفح قاسيون قرب الروضة.[2][5]

وصلات خارجية

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ موقع المكتبة الشاملة
  2. ^ ا ب ج د ه و شذرات الذهب لابن العماد ج7 ص339 و340 و341.
  3. ^ شذرات الذهب ج7 ص339
  4. ^ تصحيح الفروع لعلاء الدين المرداوي
  5. ^ الضوء اللامع ج5 ص225، شذرات الذهب ج7 ص340 والبدر الطالع ج1 ص446 والسحب الوابلة ج2 ص739 ومختصر طبقات الحنابلة ص76 ومعجم مصنفات الحنابلة ج5 ص5 والمذهب الحنبلي ج2 ص449.

[[تصنيف:فقهاء]] [[تصنيف:حنابلة]] [[تصنيف:شيوخ الإسلام]] [[تصنيف:مواليد 817 هـ]] [[تصنيف:وفيات 885 هـ]]

تحرير 2

عدل

جدول ( 2 )

عدل
°°°

مواريث (11)

عدل

مسائل ( 2 )

عدل
المشتركة
الغراوان

الامتحان ( 3 )

عدل
  • 4 جه
  • 5 جدة
  • 7 بنت
  • 9 خب

صورة المسألة (4)

عدل

صورة مسألة الأكدرية منحصرة في أربعة من الورثة هم: زوج وأم وأخت لأبوين أو لأب وجد، يكون للزوج فرض النصف، وللأم فرض الثلث، وللأخت فرض النصف، وللجد فرض السدس. ثم تعول المسألة وتقسم سهام المسألة بعد العول على الوثة للزوج والأم فرضهما بعد العول، والباقي يقسم بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، والذي يقسم بينهما هو سدس الجد ونصف الأخت بعد عول المسألة، فيقسم إلى ثلاثة أسهم: ويكون منه للجد سهمان، وللأخت سهم واحد.

توضيح

ولا يفرض للجد مع الأخوات في غير هذه المسألة.

التسمية

الأكدرية تعرف عند العلماء بهذا الاسم، فيقال لها: "مسألة الأكدرية". وسبب التسمية يرجع إلى معنى التكدير؛ لأنها تكدر قياس قواعد المواريث. وقد ذكر الفقهاء أن سبب تسميتها بذلك: أنها كدرت أصوله في باب إرث الجد والإخوة، حيث جعلها تعول، ولا عول عنده في مسائل الجد والإخوة، إلا في هذه المسألة، كما أن قياس مسأئل باب الجد والإخوة: عدم توريث الأخت بالفرض إلا في هذه المسألة، فالتوريث فيها على خلاف التوريث في مسائل باب الجد والإخوة. وقيل: سميت بذلك؛ لأن عبد الملك ابن مروان سأل عنها رجلا اسمه: (الأكدر) فأفتى فيها على مذهب زيد وأخطأ فيها، فنسبت إليه.

الحكم

مسألة الأكدرية يحكم فيها كغيرها من مسائل المواريث، وهناك طريقة افتراضية للتعامل معها بناء على القواعد العامة للمواريث، إلا أن هذا يؤدي إلى عدم التوافق مع قواعد أخرى للمواريث، فكان العدول عن ذلك إلى طريقة أخرى لا تتنافى مع قواعد التوريث، وهي طريقة استثنائية بالنسبة للطرق المعمول بها في التوريث. وبناء على أصول التوريث العامة فإن هذه المسألة منحصر في أربعة ورثة هم: زوج وأم وجد وأخت، وأصل مسألتهم من ستة للزوج النصف وهو (ثلاثة)، وللأم الثلث وهو: (اثنان)، وللجد السدس وهو: (واحد)، وهذا يستلزم سقوط الأخت؛ لأن الثلاثة الباقين في المسألة لا يدخل عليهم الحجب على كل حال، وهذا القول مروي عن أبي بكر الصديق ومن وافقه، ولكن المسألة ما زالت تكدر أصول التوريث؛ بسبب تزاحم الورثة، وحرمان الأخت، مع أنه لا أحد في هذه المسألة يحجبها، وفرض الزوج هنا هو النصف بالإجماع، ولا ينقص عنه إلا بالعول، ولا تقاسمه الأخت في فرضه، ولا تقاسم الأم في فرضها، أما مقاسمتها للجد فممكنة، لكن لا تقاسمه الأخت في فرض السدس؛ لأنه أقل ما يحصل عليه، ولا ينقص عنه. والعمل حينئذ هو: أن يفرض للأخت النصف ويقسم المال بين الورثة، بعد العول.

  • مذهب أبي بكر الصديق ومن وافقه: عدم توريث الأخت،

فللأم الثلث، وللزوج النصف، والباقي للجد.

  • مذهب عمر ابن الخطاب وابن مسعود: للأم السدس؛ لئلا تكون أفضل من الجد، وللزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم السدس، وللجد السدس، وأصل المسألة ستة وتعول لثمانية، وتقسم عليهم السهام بعد العول من غير تعصيب.
  • مذهب علي وزيد ابن ثابت، أصحاب المذاهب الأربعة،[2] للزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، وأصل المسألة ستة، وتعول إلى تسعة، وتقسم عليهم السهام بعد العول؛ للزوج النصف، وللأم الثلث، ويقسم الباقي بين الجد والأخت، ويضم نصف الأخت، وسدس الجد معا، ويقسمان بين الجد والأخت، للجد سهمان وللأخت سهم. ولم تعط الأم السدس بل الثلث؛ لأن فرضها هنا هو الثلث؛ لعدم وجود الفرع الوارث، وعدم وجود عدد من الإخوة.

ولم تعط الأخت النصف؛ لأنها ترث مع الجد بالمقاسمة لا بالفرض. والجد ههنا لا يرث معها بحكم المعصب لها.

وسبب عول المسألة؛ لأن عدم عولها يستلزم حجب الأخت وليس في هذه المسألة من يحجبها.


وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: ما قال ذلك زيد وإنما قاس أصحابه على أصوله، ولم يبين هو شيئا.

الأخت مع الجد
استغراق الفروض

قاعدة: إذا استغرقت الفروض في مسألة ما؛ سقط العاصب إلا في مسائل منها: الأخ في مسألة المشتركة والأخت في مسألة الأكدرية.


لا تسقط الأخت في مسألة الأكدرية لأسباب منها:

  1. أنه لا يوجد في هذه الحالة سبب لحجبها.

حل المسألة ( 4 )

عدل

جدول توضيحي ( 4 )

عدل
صورة مسألة الأكدرية
صورة الأخت لأبوين صورة الأخت لأب
وارث رمز سهام عول تصحيح ملاحظة
زوج ج 3 3 9
أم م 2 2 6
جد جد ÷ ÷ 9
أخت شقيقة قه ÷ ÷ 3
مجموع = = 9 27
وارث رمز سهام عول تصحيح ملاحظة
زوج ج 3 3 9
أم م 2 2 6
جد جد ÷ ÷ 9
أخت لأب ختب ÷ ÷ 3
مجموع = = 9 27
توضيح

مراجع ( 3 )

عدل

[3]

[4] [5]

بيت المال

عدل

قال ابن الشحنة:

بيوت المال أربعة لكل مصارف بينتها العالمونا
فأولها الغنائم والكنوز

ركاز بعدها المتصدقونا

وثالثها خراج مع عشور

وجالية يليها العاملونا

ورابعها الضوائع مثل ما لا

يكون له أناس وارثونا

فمصرف الاولين أتى بنص

وثالثها حواه مقاتلونا

ورابعها فمصرفه جهات

تساوى النفع فيها المسلمونا

إرث الأب أو ميراث الأب في فقه المواريث هو ما يرثه الأب من أبنائه أو بناته. ويعد الأب من العصبات، فيرث في الأصل بالتعصيب، ما لم يوجد معه من الورثة فرع وارث ذكر، فإن وجد معه فرع وارث ذكر؛ فيرث فرض السدس، وإذا كان معه فرع وارث أنثى أي: بنت واحدة أو أكثر، أو بنت ابن واحدة أو أكثر؛ فيجمع بين الفرض والتعصيب معا، بمعنى: أنه يرث السدس فرضا، ويأخذ الباقي تعصيبا. ويختص الأب في الميراث بأنه يجمع بين الفرض والتعصيب معا، فيأخذ بالتعصيب: ما بقي بعد أصحاب الفروض، إن لم ينقص عن السدس، فإن نقص عن السدس؛ يفرض له السدس وتعول المسألة، وإن زاد الباقي عن السدس؛ أخذ السدس فرضا، وأخذ معه الباقي تعصيبا. ولا ينقص إرثه عن السدس في جميع الأحوال، ولا يسقط بأي حال من الأحوال.

أحوال إرث الأب ( 3 )

عدل
  • يرث بالتعصيب عند عدم وجود فرع وارث ذكر.
  • السدس مع الابن أو ابن الابن وإن سفل، مثاله: أن يترك المورث أبا وابنا، فللأب السدس فرضا، وللابن الباقي تعصيبا، وأصل المسألة ستة، للأب السدس وهو واحد من ستة، وللابن الباقي وهو خمسة، للتحقيق: واحد+ خمسة= ستة، ويكون للابن في هذه المسألة خمسة أسداس. وهكذا يكون للأب السدس لو كان معه من الأبناء اثنان أو أكثر، أو ابن ابن واحد أو أكثر.
  • الجمع بين الفرض والتعصيب، عند عدم وجود فرع وارث ذكر، أما لو كان معه فرع وارث أنثى، أي: إن كان معه من الورثة بنت أو بنت ابن؛ فقد يجمع بين الفرض والتعصيب، فلو مات شخص وخلف أبا وبنتا؛ فللبنت النصف فرضا، وللأب السدس فرضا، والباقي تعصيبا. وفرض البنت النصف ومخرجه اثنان، وفرض الأب السدس ومخرجه ستة، بين الاثنين والستة تداخل، فيكتفى بالستة، فيكون أصل المسألة ستة، للبنت النصف وهو ثلاثة، وللأب السدس فرضا وهو واحد من ستة، واحد+ ثلاثة، المجموع= أربعة، والباقي اثنان للأب تعصيبا، فسهام البنت ثلاثة من ستة أي: نصف الستة، وهي ثلاثة أسداس، وسهام الأب ثلاثة من ستة وهي ثلاثة أسداس: سدس فرضا، وسدسان تعصيبا.
  • يأخذ السدس كاملاً إذا لم يبق في المسألة من السهام غير السدس.
  • يفرض له السدس عند نقص السهام عن قدر السدس، بسبب تزاحم الورثة، ثم تعول المسألة.
  • يقاسم الأم في مسألتي الغراوين، ويكون له فيهما سهمان وللأم سهم.

مع الفرع الوارث الذكر ( 4 )

عدل

قاعدة إرث الأب مع الفرع الوارث الذكر أنه يرث السدس. والفرع الوارث الذكر هو: الابن أو ابن الابن -وإن سفل-.

  • مثال: أن يترك المورث أبا وابنا، فللأب السدس فرضا، وللابن الباقي تعصيبا، وأصل المسألة ستة، من مخرج السدس، للأب السدس وهو: واحد من ستة، وللابن الباقي وهو: خمسة أسداس.
  • مثال: إذا كان في مسألة التوريث أب وابنان أو أكثر؛ فللأب السدس فرضا، والباقي للابنين أو الابناء مهما كان عددهم.
  • مثال: إذا كان في المسألة أب وابن ابن -وإن سفل-؛ فللأب السدس فرضا، ولابن الابن الباقي تعصيبا. وإذا كان مع الأب اثنان أو أكثر من أبناء الابن؛ فللأب السدس، ولابني الابن أو أبناء الابن الباقي تعصيبا.
  • مثال: إذا كان في المسألة أب وابن واحد أو أكثر وبنت واحدة أو أكثر؛ فللأب السدس، والباقي يقسم بين الابن والبنت للذكر مثل حظ الأنثيين.
  • مثال: إذا كان في المسألة أب وابن ابن أو أكثر، وبنت ابن أو أكثر؛ فللأب السدس، والباقي لبني الابن للذكر مثل حظ الأنثيين.
  • أب وابن
  • أب وابنان فأكثر
  • أب وابن واحد أو أكثر، وبنت واحدة أو أكثر
  • أب وابن ابن واحد أو أكثر وإن سفل
  • أب وابن ابن أو أكثر، وبنت ابن أو أكثر

ترث الأم ثلث المال إذا لم يكن للميت فرع وارث ولا عدد من الإخوة. وترث السدس إن كان للميت فرع وارث أو عدد من الإخوة. وترث ثلث الباقي في مسألتي الغراوين. قال في نهاية المقتصد: «وأجمع العلماء على أن الأب إذا انفرد كان له جميع المال، وأنه إذا انفرد الأبوان كان للأم الثلث وللأب الباقي لقوله تعالى: ﴿وورثه أبواه فلأمه الثلث[6]

وأجمعوا على أن فرض الأبوين من ميراث ابنهما إذا كان للابن ولد أو ولد ابن السدسان، أعني أن لكل واحد منهما السدس لقوله تعالى: ﴿ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد. والجمهور على أن الولد هو الذكر دون الأنثى وخالفهم في ذلك من شذ. وأجمعوا على أن الأب لا ينقص مع ذوي الفرائض من السدس وله ما زاد.

أجمعوا من هذا الباب على أن الأم يحجبها الإخوة من الثلث إلى السدس لقوله تعالى: ﴿فإن كان له إخوة فلأمه السدس.

واختلفوا في أقل ما يحجب الأم من الثلث إلى السدس من الإخوة فذهب علي -رضي الله عنه- وابن مسعود إلى أن الإخوة الحاجبين هما اثنان فصاعدا، وبه قال مالك وذهب ابن عباس إلى أنهم ثلاثة فصاعدا، وأن الاثنين لا يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، والخلاف آيل إلى أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع.

فمن قال: أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع ثلاثة قال: الإخوة الحاجبون ثلاثة فما فوق. ومن قال: أقل ما ينطلق عليه اسم الجمع اثنان قال: الإخوة الحاجبون هما اثنان أعني في قوله تعالى: "فإن كان له إخوة"، ولا خلاف أن الذكر والأنثى يدخلان تحت اسم الإخوة في الآية وذلك عند الجمهور، وقال بعض المتأخرين لا أنقل الأم من الثلث إلى السدس بالأخوات المنفردات؛ لأنه زعم أنه ليس ينطلق عليهن اسم الإخوة إلا أن يكون معهن أخ لموضع تغليب المذكر على المؤنث، إذ اسم الإخوة هو جمع أخ، والأخ مذكر.[7]


تحرير 1+

عدل

مثال+( 3 )

عدل

شريط (2)

عدل

صندوق تنقل ( 3 )

عدل

(قوالب) (1)

عدل

قسم ( 2 )

عدل

قالب أشرطة( 3 )

عدل
عنوان خط الوسط

قسم (3)

عدل

-1- (الصوم وصلات)

عدل

عناوين

عدل

مقالات الصوم

عدل

قسم (1)

عدل

قسم (1)

عدل

«»

  1. ^ ا ب شذرات الذهب لابن العماد ج7 ص339 و340 و341.
  2. ^ المبسوط للسرخسي، كتاب الفرائض، باب فرائض الجد
  3. ^ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير لابن عرفة، باب في الفرائض
  4. ^ تحفة المحتاج شرح المنهاج لابن حجر الهيتمي
  5. ^ المغني لابن قدامة المقدسي، الجزء السادس، كتاب الفرائض، مسألة الأكدرية
  6. ^ بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد، الجزء الأول، كتاب الفرائض، ميراث الأب والأم
  7. ^ بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد، الجزء الأول، كتاب الفرائض، ميراث الأب والأم