الإمبراطورية البرتغالية

إمبراطورية عالمية عاصمتها في البرتغال

الإمبراطورية البرتغالية (بالبرتغالية: Império Português‏)، وتُعرف أيضا إمبراطورية ما وراء البحار البرتغالية (بالبرتغالية: Ultramar Português‏) أو إمبراطورية البرتغال الاستعمارية (بالبرتغالية: Império Colonial Português‏)، أطول الإمبراطوريات الأوربية الاستعمارية الحديثة عمرًا، فقد استمرت قرابة الستة قرون، بداية من احتلال سبتة سنة 1415 إلى تسليم ماكاو سنة 1999 إلى الصين. امتدت رقعة الإمبراطورية في ارجاء واسعة من العالم وهي تشكل الآن جزءا من أراضي 53 دول مستقلة. بزغت الإمبراطورية إلى الوجود في القرن الخامس عشر، ومع بداية القرن السادس عشر امتدت مستعمراتها حول العالم، شملت قواعدها أميركا الشمالية والجنوبية وإفريقيا ومناطق عدة في آسيا وأوقيانوسيا.[3]

نجمة المقالة المرشحة للاختيار
نجمة المقالة المرشحة للاختيار
هذه المقالة مرشحة حالياً لتكون مقالة مختارة، شارك في تقييمها وفق الشروط المحددة في معايير المقالة المختارة وساهم برأيك في صفحة ترشيحها.
تاريخ الترشيح 31 يناير 2024
الإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية
Império Português
1415–1999
الإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية
علم البرتغال  تعديل قيمة خاصية (P163) في ويكي بيانات
الإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية
شعار البرتغال  تعديل قيمة خاصية (P237) في ويكي بيانات
المناطق التي كانت خاضعة للإمبراطورية البرتغالية حول العالم

عاصمة لشبونة
ريو ديجانيرو
نظام الحكم
اللغة الرسمية البرتغالية  تعديل قيمة خاصية (P37) في ويكي بيانات
الديانة الرومانية الكاثوليكية[1][2]
ملوك البرتغال
جواو الأول 1415–1433 (الأول)
مانويل الثاني 1908–1910 (الأخير)
رؤساء البرتغال
مانويل دي آرياغا 1911–1915 (الأول)
خورخي سامبايو 1996–1999 (الأخير)
رؤساء وزراء البرتغال
بيدرو دي سوسا 1834–1835 (الأول)
أنطونيو غوتيريش 1995–1999 (الأخير)
التاريخ
التأسيس 1415  تعديل قيمة خاصية (P571) في ويكي بيانات
سقوط سبتة 1415
الطريق البحري إلى الهند 1498
استعمار البرازيل 1500
الاتحاد الإيبيري 1580–1640
الحرب البرتغالية الهولندية 1588–1654
حرب الاستعادة البرتغالية 1640–1668
غزو ماهرتا لباسين 1737–1739
استقلال البرازيل 1822
حرب غوا 1961
حروب البرتغال الاستعمارية 1961–1974
تسليم ماكاو 1999
المساحة
المساحة 10400000 كيلومتر مربع (1815)  تعديل قيمة خاصية (P2046) في ويكي بيانات

السابق
اللاحق
مملكة البرتغال
الشعوب الأصلية في الأمريكتين
مملكة الكونغو
مملكة موتابا
سلطنة كلوة
مملكة مرافي
كابو
تيمور ما قبل الاستعمار
سلالة مينغ الحاكمة
سلطنة الكجرات
مملكة كوتة
مملكة جفنا
سلطنة ملقا
العادل شاهية
أجزاء من ريو دي لا بلاتا
البرتغال
إمبراطورية ماراثا
البرازيل
أنغولا
موزمبيق
غينيا بيساو
الرأس الأخضر
ساو تومي وبرينسيب
تيمور الشرقية
ماكاو
دادرا الحرة
جوا ودامان وديو
سيلان الهولندية
حصن ساو جواو بابتيستا
غينيا الإسبانية

بزغت الإمبراطورية البرتغالية إلى الوجود في بداية عصر الاستكشاف، لتتمدد قوة وتأثير مملكة البرتغال حول العالم. فمع صحوة حروب الاسترداد بدأت الاستكشافات البحرية البرتغالية في ساحل إفريقيا سنة 1419، واستخدم البحارة البرتغاليون الطرق الحديثة في الملاحة والخرائط والتقنيات البحرية مثل سفن الكارافيل، وذلك من اجل استكشاف طريق بحري ليكون مصدرا لتجارة التوابل. وفي سنة 1488 عبر بارتولوميو دياز حول طريق رأس الرجاء الصالح، ثم وصل فاسكو دا غاما إلى الهند سنة 1498. وفي سنة 1500 وبطريق الصدفة المحضة تمكن بيدرو ألفاريز كابرال من الوصول ليابسة أمريكا الجنوبية ويكتشف ما ستصبح لاحقا البرازيل.

واستمر البحارة البرتغاليون على مر العقود التالية في اكتشاف السواحل والجزر في شرق آسيا، مؤسسين حصون وطرق تجارة أينما ذهبوا. ولم تمر سنة 1571، حتى كانت هناك سلسلة من المواقع الاستيطانية تصل لشبونة بناغاساكي على طول سواحل إفريقيا والشرق الأوسط والهند وآسيا. وجلبت تلك الشبكة التجارية ثروة كبيرة للبرتغال، وكان لها تأثيرًا إيجابيا على النمو الاقتصادي للبرتغال (1500-1800) إذ شكلت زهاء خُمس الدخل البرتغالي.

مع تربع فيليب الثاني ملك إسبانيا (فيليب الأول ملك البرتغال) على عرش البرتغال في 1580، بدأ اتحاد دام ستين عاما بين البرتغال وإسبانيا عرف لاحقا في التاريخ باسم الاتحاد الإيبيري، مع استمرار اختلاف إدارة كل مملكة منهما. بعد أن أصبح ملك إسبانيا هو ملك البرتغال، تعرضت المستعمرات البرتغالية لهجمات من ثلاث قوى أوروبية في عداء مع إسبانيا: الجمهورية الهولندية وإنجلترا وفرنسا، وجدت البرتغال نفسها غير قادرة على الدفاع عن محطات التجارة المتناثرة الخاصة بها لقلة عدة سكانها، فبدأت الإمبراطورية انهيارًا تدريجيًا طويلا. أصبحت البرازيل مع مرور الوقت أكثر المستعمرات قيمة في العصر الثاني للإمبراطورية (1663-1825)، ولكن مع موجة الاستقلال التي اجتاحت الأمريكتين في بداية القرن التاسع عشر، استقلت البرازيل في 1822.

تغطي المرحلة الثالثة من الإمبراطورية المرحلة الأخيرة من الاستعمار البرتغالي بعد استقلال البرازيل. أصبحت الممتلكات الاستعمارية في ذلك الوقت حصونا ومصانع على طول الساحل الأفريقي (والتي تمددت للداخل أثناء التدافع على إفريقيا في نهاية القرن التاسع عشر)، وتيمور البرتغالية، والأراضي الحبيسة في الهند (الهند البرتغالية) والصين (ماكاو البرتغالية). أدى الإنذار البريطاني في 1890 إلى تقليص طموح البرتغال في إفريقيا.

تحت حكم أنطونيو سالازار (1932-1968)، بذلت دكتاتورية إستادو نوفو محاولات غير ناجحة في التشبث بمستعمراتها الأخيرة. تحت أيديولوجية القارية المتعددة، أعاد النظام تسمية مستعمراته إلى "أقاليم أعالي البحار" مع استمرار نظام العمل القسري الذي لم يُستثنى منه سوى قلة من الطبقة العليا للشعوب الأصلية. في أغسطس 1961 استولت داهومي على حصن ساو خواو بابتيستا دي أخودا[هامش 1]، وفي ديسمبر استولت الهند على غوا ودامان وديو. استمرت حروب البرتغال الاستعمارية في إفريقيا منذ 1961 وحتى إسقاط نظام إستادو نوفو في 1974. أدت ثورة القرنفل في أبريل 1974 في لشبونة إلى إنهاء الاستعمار البرتغالي لإفريقيا وإلى احتلال إندونيسيا لتيمور الشرقية. أدى إنهاء الاستعمار إلى نزوح كل المستعمرين البرتغالين تقريبا من المستعمرات. أعادت البرتغال ماكاو إلى الصين في 1999. لم يبق من هذه المناطق تحت الحكم البرتغالي حتى اليوم سوى جزر الأزور وجزيرة ماديرا، والتي غيرت لشبونة تقسيمهما الإداري من "أقاليم أعالي البحار" إلى "مناطق حكم ذاتي". تعتبر مجموعة البلدان الناطقة بالبرتغالية هي الوريث الثقافي للإمبراطورية البرتغالية.

خلفية (1139-1415) عدل

يرجع أصل مملكة البرتغال إلى بداية سقوط الأندلس أو الاستبدال التدريجي لحكم المسلمين لشبه الجزيرة الإيبيرية.[4] ومع تأسيس البرتغال مملكةً مستقلةً في 1139، أكملت استيلاءها على الأراضي الإسلامية بغزوها لإقليم الغرب سنة 1249، ولكن استقلالها استمر مهددا من قشتالة المجاورة حتى توقيع معاهدة أيلون في 1411.[5]

مع إنتهاء التهديدات لوجودها ومع عدم انخراطها في حروب الدول الأوروبية الأخرى، انتقلت أنظار البرتغال نحو أعالي البحار ونحو أراضي المسلمين في بلاد المغرب.[6] كانت للبرتغال دوافع عدة في هجومها الأول على الدولة المرينية في المغرب الأقصى، إذ كانت فرصة لاستمرار الحملة الصليبية المسيحية ضد الإسلام، كما مثلت مجدًا في ميدان المعركة وغنائم حرب كبيرة،[7] وكذلك فرصة لتوسع التجارة البرتغالية لحل مشكلة الانهيار الاقتصادي بالبرتغال.[6]

في 1415 كان الهجوم على سبتة، وهي حصن إسلامي في المغرب على ساحل البحر المتوسط. تكلل الغزو بالنجاح ومثل أولى خطوات التوسع العسكري البرتغالي خارج شبه الجزيرة الإيبيرية،[8] ولكن اتضح أنه كان مكلفا إذ اضطرت البرتغال للدفاع عنها ضد قوات المسلمين الذين سرعان ما حاصروها. لم يتمكن البرتغاليون من استخدام سبتة لمزيد من التوسع للداخل،[9] كما أن قوافل التجارة عبر الصحراء غيرت طريقها لتجنب سبتة لاستخدام المحطات التجارية الإسلامية.[10]

الإمبراطورية البرتغالية الأولى (1415-1663) عدل

على الرغم من أن سبتة كانت خيبة أمل للبرتغاليين، إلا أنهم قرروا الحفاظ عليها مع الاستمرار في استكشاف الساحل الأفريقي الأطلسي.[10] كان الإنفانتي الدون هنري الملاح أحد داعمي هذا القرار، بعد مشاركته في احتلال سبتة وقيادته الترويج والدعم المالي لاستكشاف البرتغال للبحار حتى وفاته في 1460.[11] في ذلك الوقت لم يعرف الأوروبيون ما يقع خلف رأس بوجادور على الساحل الأفريقي. كان هنري يرغب في معرفة إلى أي مدى تمتد الأراضي الإسلامية في إفريقيا، وما إذا كان بالإمكان الوصول لآسيا عبر البحر للوصول إلى مصدر تجارة التوابل الرائجة، وربما للانضمام إلى مملكة الكاهن يوحنا التي أشيع أنها في الهند.[7] تمكنت البرتغال من اكتشاف جزيرة ماديرا (1419) وجزر الأزور (1427) بتمويل من هنري نفسه، وشرعت في إعمارها لتنتج القمح لتصديره إلى البرتغال.[12]

كانت التجارة هدف البرتغال الرئيسي وليس الاستعمار أو الغزو. ومع مرور فترة ليست طويلة أصبحت البرتغال تجلب إلى السوق الأوروبي الذهب والسكر والفلفل والقطن والعاج والعبيد. وفي خضم عملية توسيع طرق التجارة، رسم الملاحون البرتغاليون أجزاء كانت مجهولة من إفريقيا، وبدأوا في اكتشاف المحيط الهندي. في 1487 وصلت حملة قادها بييرو دا كوفيليا إلى الهند واستكشفت فرص التجارة مع العرب والهنود ووصلت في النهاية إلى إثيوبيا. كان تقرير دا كوفيليا محل اهتمام شديد في لشبونة التي سرعان ما أصبحت المركز الأهم للجغرافيا وطرق التجارة في العالم.[13]

رحلات استكشاف الساحل الأفريقي عدل

 
خريطة غرب إفريقيا للازارو لويس (1563). القلعة الكبيرة في غرب إفريقيا هي قلعة ألمينا
 
قاد هنري الملاح غزو سبتة في 1415 مطلقا بذلك الإمبراطورية البرتغالية.

انتهت المخاوف من ما يقع خلف رأس بوجادور، وما إذا كان بالإمكان العودة بعد عبوره، في 1434 عندما عبره غيل إينيس أحد قباطن الإنفانتي هنري. ومع التغلب على هذا الحاجز النفسي، أصبح من السهل استكشاف الساحل الواقع خلف رأس بوجادور.[14] في 1443 منح بطرس دوق قلمرية (شقيق هنري وحاكم المملكة في ذلك الوقت) لهنري حق الملاحة والحرب والتجارة في الأراضي جنوب رأس بوجادور. لاحقا سيدعم ذلك الحق من قبل مراسيم بابوية (1452) و(1455) بمنح البرتغال حق التجارة في الأراضي المكتشفة حديثا. سرع هذه الاكتشافات تقدم كبير باختراع الكارافيل في منتصف القرن الخامس عشر، وهي سفينة يمكن الإبحار بها عكس الرياح أكثر من أي سفينة أوروبية في ذلك الوقت.[15] باستخدام هذه التقنية البحرية الحديثة وصل الملاحون البرتغاليون جنوبا لنقاط عرض غير مسبوقة، بمعدل درجة عرض سنويا.[16] وصل البرتغاليون إلى السنغال وشبه جزيرة الرأس الأخضر في 1455.[17]

كانت جزيرة أرغين قرب ساحل موريتانيا أول مركز تجاري تؤسسه البرتغال في أعالي البحار في 1445، بهدف جذب التجار المسلمين ولاحتكار طرق التجارة إلى شمال إفريقيا. في 1446 واصل ألفارو فيرنانديز المضي قدما ليصل إلى سيراليون الحالية، وخليج غينيا في ستينات القرن الخامس عشر.[18] كانت جزر الرأس الأخضر التالية على قائمة الاكتشافات في 1456 واستُعمرت في 1462.

بدأ التوسع في قصب السكر في ماديرا في 1455 بعد استقدام مستشارين من صقلية ورؤوس أموال من جنوة لإنتاج "الملح الحلو" النادر في أوروبا. كان للتجار الجنويون والفلمنكيون حقول في الغرب، لذا فقد جذبهم قرب ماديرا للتخلص من احتكار البندقية. بدأ استخدام العبيد لتصل نسبتهم في ماديرا إلى 10% من إجمالي السكان في القرن السادس عشر.[pr 1] بحلول عام 1480 كان لأنتويرب قرابة سبعين سفينة مشتركة في تجارة السكر من ماديرا، وبحلول عام 1490 تخطت ماديرا قبرص كأكبر منتج للسكر. جذب نجاح تجار السكر مثل بارتولوميو مارتشيوني استثمارات تجار آخرين في ماديرا.[19]

بعد وفاة الأمير هنري في 1469 وكنتيجة لضئالة عوائد الاكتشافات في إفريقيا، منح أفونسو الخامس ملك البرتغال حق احتكار التجارة في خليج غينيا للتاجر فيرناو غوميز.[20] كان على غوميز اكتشاف 160 كيلومترًا من الساحل في كل سنة لمدة خمسة أعوام، وهو ما أسفر عن اكتشاف جزر خليج غينيا متضمنة ساو تومي وبرينسيب، كما اكتشف تجارة الذهب الطميي الرائجة بين السكان والتجار العرب والبربر في الميناء الذي كان يُسمى ألمينا (المنجم) فأسس مركزًا للتجارة هناك.[21] نمت التجارة بين ألمينا والبرتغال نموًا بالغا في عقد من الزمان. ففي خضم حرب الخلافة القشتالية حاول أسطول قشتالي كبير إحكام السيطرة على هذه التجارة المربحة، لكنهم مُنيوا بهزيمة فادحة في 1478 في معركة غينيا التي أكدت على سيطرة البرتغال الحصرية عليها. قرر الملك المتوج حديثا جواو الثاني في 1481 إقامة قلعة ألمينا لحماية هذه التجارة التي أصبحت احتكارًا ملكيًا. عبر بحارون بدعم من فرناو غوميز خط الاستواء في 1473، كما عبر ديوغو كاو نهر الكونغو في 1482 ليحدث أول اتصال بين البرتغاليين ومملكة الكونغو، التي سرعان ما أصبحا في انسجام.[22] استمر كاو في حملته (1485-1486) ليصل إلى كيب كروس (في ناميبيا الحالية) قرب مدار الجدي.[23]

عبر بارتولوميو دياز في 1488 رأس الرجاء الصالح في رحلته الجنوبية لإفريقيا ليدحض الرأي السائد منذ بطليموس بأن المحيط الهندي بحر حبيس. سافر بييرو دا كوفيليا في الوقت ذاته برًا ليصل إلى إثيوبيا، مؤكدًا على أن الطريق البحري للهند أصبح أمرًا وشيكا.[24]

بعدما استكشف البرتغاليون سواحل إفريقيا، تركوا خلفهم سلسلة من البادراوس[هامش 2]، وهي أحجار على شكل صليب محفور عليها شعار نبالة البرتغال تعبيرًا عن أحقيتهم فيها،[25] كما بنوا حصونا ومراكز تجارة أدرت عليهم الربح من تجارة الذهب وتجارة العبيد. احتكرت البرتغال تجارة العبيد من إفريقيا عبر البحر لأكثر من قرن، إذ صدّرت أكثر من 800 عبد سنويا، حضر أغلبهم إلى لشبونة التي سرعان ما شكل العبيد 10% من سكانها.[26]

معاهدة توردسيلاس (1494) عدل

أدى اكتشاف كريستوفر كولومبوس للعالم الجديد في 1492 لصالح إسبانيا، والذي ظن أنها آسيا، إلى نزاع بين البرتغاليين والإسبان[27] والذي انتهى بمعاهدة توردسيلاس في 1494 والتي قسمت العالم خارج أوروبا إلى نصفين في صورة احتكار ثنائي حصري بين البرتغاليين والإسبان على خط طول 370 أو 1560 كيلومترًا غرب جزر الرأس الأخضر.[28] غير أنه لم يكن بالإمكان في ذلك الوقت قياس خطوط الطول بدقة، وهو ما أدى إلى نزاعات حدودية بين الدولتين حتى 1777.[29]

يعتقد المؤرخون أن إكمال هذه المفاوضات مع إسبانيا هو أحد الأسباب التي أدت إلى تكرار البرتغال لرحلة دياز نحو رأس الرجاء الصالح، وإن كان يعتقد البعض أن الرحلات استمرت لكنها كانت سرية.[30][31] على أي حال فقد تحقق للبرتغال هدفها الأكبر بإيجاد طريق بحري لآسيا في رحلة بحرية تاريخية قادها فاسكو دا غاما.[30]

دخول البرتغاليين إلى المحيط الهندي عدل

 
ممتلكات البرتغال في شمال إفريقيا

غادر أسطول فاسكو دا غاما البرتغال في 1497 وعبر رأس الرجاء الصالح وأكمل بمحاذاة الساحل الشرقي لإفريقيا، حيث اصطحبوا دليلا محليا ليقودهم إلى المحيط الهندي ليصلوا إلى كاليكوت (عاصمة المملكة التي حكمها سامري كاليكوت). انطلقت الرحلة الثانية إلى الهند في 1500 والتي قادها بيدرو ألفاريز كابرال.[32] اتبع بيدرو نفس مسار غاما بمحاذاة الساحل الغربي لإفريقيا في المحيط الأطلسي، لكنه وصل إلى البرازيل. كان هذا على الأرجح اكتشاف بمحض الصدفة، ولكن يُقال أن البرتغاليين كانوا على علم بوجود البرازيل وأنها كانت على جانبهم في معاهدة تورسديلاس.[33] نصح كابرال ملك البرتغال باستعمار هذه الأرض فانطلقت رحلتان تاليتان في 1501 و1503. خلصت الرحلات الثلاث أن الأرض غنية بنبات باوبرازيل (خشب البرازيل) والذي اكتسبت الأرض اسمها لاحقا منه، غير أن الفشل في إيجاد الذهب أو الفضة أدى إلى تركيز البرتغاليين على الهند.[34] في 1502 وفي محاولة لتدعيم احتكار التجارة في المحيط الهندي، أسس البرتغاليون نظام تصريح كارتاز[هامش 3] بمنح السفن التجارية حماية من القراصنة والدول المعادية.[35]

استفاد البرتغاليون من العداوة بين حاكم كوتشي وسامري كاليكوت، فأحسن استقبال البرتغاليين واعتبرهم حلفاء فسمح لهم ببناء حصن إيمانويل (حصن كوتشي) وكذلك نقطة تجارية كانت أول مستقر أوروبي في الهند. أسس البرتغاليون مراكز تجارية في كل من تنغاسيري ومدينة كولام في 1502 والتي أصبحت مركز تجارة الفلفل،[وب-إنج 1] وبعد بناء المصانع في كوتشي وكانور، بنوا مصنعا كذلك في كولام في 1503. في 1505 عين مانويل الأول ملك البرتغال فرانسيسكو دي ألميدا نائب ملك البرتغال على الهند مؤسسا بذلك الحكومة البرتغالية في الشرق. غزا البرتغاليون أيضا في هذا العام كانور حيث أسسوا حصن القديس أنغيلو، ووصل لورينسو دي ألميدا إلى سيلان (سريلانكا حديثا) حيث اكتشف مصدر القرفة.[36] على الرغم من معارضة كنكيلي ملك جفنا التواصل مع البرتغاليين في بادئ الأمر، أصبحت مملكة جفنا مركز اهتمام البرتغاليين لمقاومتهم النشاطات التبشيرية ولأسباب لوجيستية كقربها من ميناء ترينكومالي.[37] أصدر إيمانويل الأول في نفس السنة الأمر لألميدا بتحصين القلعة البرتغالية في كيرالا وفي إفريقيا الشرقية، والنظر في أمر بناء قلعة في سريلانكا ومالاكا ردا على تهديدات المسلمين في هذه المنطقة ومخاطر السلطان المملوكي.[هامش 4][38]

غزا أسطول برتغالي بقيادة تريستاو دا كونيا وأفونسو دي ألبوكيرك جزيرة سقطرى عند مدخل البحر الأحمر في 1506، ومسقط في 1507، ولكن مع فشلهم في غزو مملكة هرمز، فقد اتبعوا سياسة احتكار التجارة في المحيط الهندي.[35] استكشف كونيا قليلا في مدغشقر واكتشف موريشيوس ومعه ألبوكيرك. بعد احتلال سقطرى، بدأ عمل كونيا وألبوكيرك كل على حدى.[39] فبينما سافر كونيا بين الهند والبرتغال لأمور التجارة، فقد سافر ألبوكيرك إلى الهند ليصبح الحاكم بعد انتهاء مدة الثلاث سنوات الخاصة بألميدا. رفض ألميدا تسليم السلطة وألقى القبض على ألبوكيرك وظل حاكما حتى 1509.[40]

على الرغم من أمر إيمانويل الأول استكشاف مالاكا وسريلانكا أكثر، فقد ركز ألميدا على غرب الهند بدلا منهما وخاصة سلطنة الكجرات بسبب شكه في تركز السلطة في أيدي تجار المنطقة. هجمت قوات السلطان المملوكي قانصوه الغوري مع قوات السلطان الكجراتي على القوات البرتغالية في ميناء شاول ما أدى إلى مقتل ابن ألميدا. ردا على ذلك هجمت القوات البرتغالية ودمرت الأسطول المملوكي والكجراتي في معركة ديو في 1509.[41]

مع محاولات ألميدا المبدئية، قرر مانويل الأول ومجلسه في لشبونة تقسيم السلطة في المحيط الهندي إلى ثلاث مناطق: أرسل ألبوكيرك إلى البحر الأحمر، وديوغو لوبيز دي سيكويرا إلى جنوب شرق آسيا سعيا لعقد اتفاق مع سلطان مالاكا، وخورجي دي أغويار ودوارتي دي ليموس إلى المنطقة بين رأس الرجاء الصالح وكجرات.[42] غير أن هذه المناطق كانت متركزة في يد أفونسو دي ألبوكيرك وظلت في يد من حكموا بعده.[43]

التجارة مع سواحل آسيا وإفريقيا والمحيط الهندي عدل

جوا ومالاكا وجنوب شرق آسيا عدل

 
قسمت معاهدة توردسياس في 1494 العالم طوليًا بين تاج البرتغال وتاج قشتالة.
 
فاسكو دا غاما يقابل سامري كاليكوت. لوحة لفيلوسو ساغلادو 1898

بحلول نهاية عام 1509، أصبحت ألبوكيرك نائب الملك على الهند الشرقية وعاصمته في جوا القديمة بعد أن اكتشف فاسكو دي غاما طريق رأس الرجاء الصالح.[44] على النقيض من ألميدا، اهتم ألبوكيرك بتقوية الأسطول كما كان أكثر انصياعا لمصالح المملكة.[45] كانت أولى أهدافه غزو جوا نظرًا لموقعها الاستراتيجي كحصن دفاعي بين كيرالا وكجرات وكذلك لشهرتها بتصدير الخيل العربية.[41]

غزا البرتغاليون جوا من سلطنة بيجابور في 1510 لكن السلطنة سرعان ما استردتها، ولكن بمساعدة القرصان التفويضي الهندوسي تيموجي، سقطت جوا في 25 نوفمبر من نفس العام بيد البرتغاليين.[46][47] بدأ ألبوكيرك في جوا أول دار سك عملة برتغالية في الهند في 1510،[48] كما شجع المستعمرين البرتغاليين على الزواج من النساء المحليات، وبنى كنيسة باسم القديسة كاترين (لأن المدينة سقطت في يوم عيدها) وحسّن العلاقات مع الهندوس بحماية معابدهم وتخفيض الضرائب المفروضة عليهم.[47] حافظ البرتغاليون على علاقات جيدة مع أباطرة إمبراطورية فيجاياناغارا في جنوب الهند.[49]

في 1511 أبحر ألبوكيرك إلى ملقا في ماليزيا[50] والتي كانت أكبر سوق للتوابل.[51] وعلى الرغم من سيطرة الكجراتيون على التجارة، إلا أن الأتراك والفرس والأرمن والتاميل والإثيوبيون تاجروا هناك أيضا.[51] استهدف ألبوكيرك ملقا لعرقلة تأثير المسلمين والبندقية في تجارة التوابل وزيادة تأثير لشبونة هناك.[52] بحلول يوليو 1511 استولى ألبوكيرك على ملقا وأرسل أنطونيو دي آبرو وفرانسيسكو سيراو (ومعهم فرديناند ماجلان) لاستكشاف الأرخبيل الإندونيسي.[53]

أصبحت شبه جزيرة ملقا قاعدة استراتيجية لتوسع التجارة البرتغالية مع الصين وجنوب شرق آسيا. بنى البرتغاليون بوابة ضخمة باسم آ فاموسا للدفاع عن المدينة.[54] ومع معرفة ألبوكيرك بطموح سيام في ملقا، أرسل فورًا دوراتي فيرنانديز في مهمة دبلوماسية إلى مملكة أيوثايا (تايلاند حديثا) حيث كان أول أوروبي يصل إليها، فأسس علاقات طيبة وتجارة بين المملكتين.[55][56]

استمر البرتغاليون في الإبحار جنوبا وشرعوا في استكشاف تيمور في 1512، فاكتشف خورخي دي مينيزيس غينيا الجديدة في 1526 وأسماها جزيرة بابوا.[57] في 1517 أمر جواو دي سيلفييرا أسطوله بالتوجه صوب شيتاغونغ وبحلول 1528 كان البرتغاليون قد أسسوا مستعمرة في شيتاغونغ.[58] في النهاية ركز البرتغاليون عمليتهم على طول نهر هوغلي حيث اصطدموا بالمسلمين والهندوس والبرتغاليين المارقين المعروفين باسم التشاتينز.

الصين واليابان عدل

 
يعزى إلى أفونسو دي ألبوكيرك (ثاني حكام الهند) وضع أسس الحكم البرتغالي في الهند
 
تمثيل لشبه جزيرة ماكاو من عام 1639 أثناء العصر الذهبي للاستعمار في ماكاو البرتغالية.

كان خورخي ألفاريز أول أوروبي يصل إلى الصين بحرًا، بينما كان الرومان أول من وصلوا برًا عبر آسيا الصغرى.[59] كان ألفاريز أيضا أول من يستكشف هونغ كونغ. في عام 1514 وجه أفونسو دي ألبوكيرك (حاكم الهند البرتغالية) رفائيل بريستريلو بالإبحار نحو الصين ليقود العلاقات التجارية الأوروبية مع هذه الأمة.[وب-إنج 2][وب-إنج 3]

مُني البرتغاليون بهزيمة على يد سلالة مينغ الصينية عند محاولتهم تأسيس أول نقطة تجارية بالقوة في معركة تونمن في تاماو أو توين مون. في 1521 خسر البرتغاليون سفينتين في معركة سينكووان في جزيرة لانتاو. خسر البرتغاليون كذلك سفينتين في شوانغيو في 1548 عندما ألقي القبض على العديد من البرتغاليين قرب شبه جزيرة دونغشان. أثناء هذه المعارك استولى الصينيون على أسلحة من البرتغاليين المهزومين ثم قاموا بتعديلها وإنتاجها بأعداد ضخمة في الصين مثل المسكيت الفتيلي والقربينة والتي أسموهما بندقية الطيور ومدفع المغلاق الذي أسموه المدفع الفولانجي (نسبة إلى الفرنجة) لأن الصينيين كانوا يعرفون البرتغاليين باسم الفرنجة في ذلك الوقت. عاد البرتغاليون لاحقا إلى الصين في سلام وقدموا أنفسهم على أنهم برتغاليين بدلا من فرنجة في المعاهدة الصينية البرتغالية (1554) واستأجروا ماكاو كمركز تجاري من الصين مقابل دفع مبلغ سنوي يقدر بمئات من قطع الفضة إلى سلالة مينغ الحاكمة.

على الرغم من التناغم في البداية بين الثقافتين، بدأت المشاكل في الظهور بعد ذلك بسبب سوء الفهم والتعصب وحتى الأعمال العدائية.[وب-إنج 4] أدى المستكشف البرتغالي سيماو دي أندرادي إلى علاقات سيئة مع الصين بسبب أعمال القرصنة والاستيلاء على البضائع الصينية ومهاجمة رجال الدولة الصينيين واختطاف الصينيين، إذ اتخذ من جزيرة تاماو حصنا له. ادعى الصينيون أن تاماو اختطف البنات والأطفال الصينيين لاستغلالهم جسديا وأكل لحومهم.[60] أرسل الصينيون أسطولا من المركب الشراعية والذي نجح في دفع السفن البرتغالية بعيدًا وألقوا القبض على تاماو. كنتيجة لذلك أصدر الصينيون مرسوما بمنع أي رجال من عرق قوقازي من دخول كانتون وقتلوا العديد من البرتغاليين هناك ودفعوا البرتغاليين بعيدًا في البحر.[61][62]

بعد أن قبض سلطان بنتان على عدد من البرتغاليين، أعدم الصينيون 23 برتغاليا وألقوا البقية في السجون حيث ظلوا في قذارة وأحيانا في ظروف أدت إلى الموت. شرع الصينيون بعد ذلك في قتل البرتغاليين من ساكني  المراكز التجارية نينغبو وفوجيان في 1545 و1549 بسبب غارات البرتغاليين على طول الساحل والتي أزعجت الصينيين.[61] كانت أعمال القرصنة البرتغالية تالية للقرصنة اليابانية في هذه الفترة. في 1557 سمحت السلطات الصينية للبرتغالية بالاستقرار في ماكاو والتي أصبحت مستودعا لتجارة البضائع بين الصين واليابان وجوا وأوروبا.[61][63]

جزر التوابل ومعاهدة سرقسطة عدل

 
في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ضمت الإمبراطورية البرتغالية في الشرق (الهند البرتغالية) أراضِ في كل من جنوب آسيا وشرق إفريقيا والمحيط الهادي.

لم تمر العمليات البرتغالية في آسيا دون ملاحظة، ففي 1521 وصل فرناندو ماجلان إلى المنطقة وأعلن ضم الفلبين إلى إسبانيا. في 1525 أرسلت إسبانيا بأمر من تشارلز الخامس حملة لاستعمار جزر الملوك مدعيا أنها جزء من منطقة إسبانيا في معاهدة توردسياس إذ لم يكن هناك حد ناحية الشرق. وصلت حملة غارسيا خوفري دي لوايسا إلى جزر الملوك واستقرت السفن في تيدور. ومع وجود البرتغاليين في ترناتي القريبة كان الصدام وشيكا وهو ما أدى إلى عقد من المناوشات. توصل الطرفان إلى حل في معاهدة سرقسطة في 1529 بمنح البرتغال جزر الملوك ومنح الفلبين إلى إسبانيا.[64] تاجر البرتغاليون بانتظام مع سلطنة بروناي من 1530 ووصفوا عاصمة بروناي بأنها محاطة بسور صخري.

جنوب آسيا والخليج الفارسي والبحر الأحمر عدل

 
زار البرتغاليون مدينة ناغاساكي في اليابان.
 
الحصن البرتغالي في البحرين هو أحد أكثر الحصون البرتغالية المحفوظة.

توسعت الإمبراطورية البرتغالية في الخليج الفارسي، لتدخل في منافسة على التحكم في تجارة التوابل مع سلطنة أجوران والدولة العثمانية. في 1515 غزا أفونسو دي ألبوكيرك مملكة هرمز الهولية على مدخل الخليج الفارسي لتصبح دولة تابعة. غير أن عدن قاومت حملة ألبوكيرك في نفس السنة وحملة أخرى للوبو سوارس في 1516. في 1521 استولت قوة بقيادة أنطونيو كوريا على البحرين بعد هزيمة سُلطان السلطنة الجبرية مقرن بن زامل. في سلسلة سريعة من التحالفات، هيمنت البرتغال على جنوب الخليج الفارسي للمائة عام التالية. مع وجود الطريق المعتاد من لشبونة إلى جوا منذ 1497، اكتسبت جزيرة موزمبيق أهمية استراتيجية كميناء، فبنى البرتغاليون هناك حصن ساو سيباستيو ومشفى، أما في جزر الأزور فقد قامت الأرمادا بحماية السفن في طريقها إلى لشبونة.[65]

في 1534 تعرض كجرات إلى هجوم من سلطنة مغول الهند ومن دول راجبوت في شيتوغاره وماندو. أجبر بهادور شاه سلطان الكجرات على التوقيع على معاهدة باسين مع البرتغاليين ليدخل في تحالف ليستعيد دولته في مقابل دامان وديو ومومباي وباسين. نظمت المعاهدة كذلك تجارة سفن كجرات في البحر الأحمر والمارة عبر باسين بدفع ضريبة والسماح بتجارة الخيل.[66] بعد هزيمة بهادور شاه أمام الحاكم المغولي نصير الدين همايون، وقع بهادور معاهدة أخرى مع البرتغاليين تأكيدًا للشروط وللسماح ببناء حصن في ديو.[67] بعد فترة قصيرة تركزت هجمات همايون بعيدًا، فتحالفت كجرات مع العثمانيين لاستعادة ديو وضربوا الحصار على الحصن. أدى فشل الحصارين في 1538 و1546 إلى تخلي العثمانيين عن طموحهم هناك، مؤكدين بذلك هيمنة البرتغاليين على المنطقة، وهيمنتهم على سلطنة مغول الهند.[68] غير أن العثمانيين صدوا هجمات البرتغاليين في البحر الأحمر وشبه جزيرة سيناء في 1541، وفي شمال الخليج الفارسي في 1546 و1552. في النهاية خلص كل منهما إلى احترام دائرة نفوذ الآخر وإن كان اتفاق غير رسمي.[69]

إفريقيا جنوب الصحراء عدل

 
سفينة برتغالية تنزل حمولتها في لشبونة. لوحة أصلية لتيودور دي براي في 1593 تم تلوينها لاحقا.

بعد سلسلة من الاحتكاكات المتواصلة مع إثيوبيا، تبادلت البرتغال المبعوثين مع مملكة إثيوبيا عبر رودريغو دي ليما في 1520. تزامن ذلك مع بحث البرتغاليين عن الأسقف جون الذي اعتقدوا أنه في إثيوبيا. لعب الخوف من تقدم الأتراك في الأراضي البرتغالية أو الإثيوبية دورًا في هذا التحالف. هزمت سلطنة عدل الإثيوبيين في معركة شيمبرا كور في 1529، لينتشر الإسلام أكثر في المنطقة. استجابت البرتغال بمساعدة الملك جيلاوديووس بجنود برتغاليين ومسكيت. وعلى الرغم من استجابة العثمانيين بمساعدة سلطان عدل أحمد بن إبراهيم الغازي في معركة واينا داغا في 1543، إلا أن القوات العثمانية العدلية تراجعت.[70]

تواصل البرتغاليون أيضا مع دولة ندونغو إحدى الدول التابعة لمملكة الكونغو عبر حاكمها نجولا كيليجواني في 1520 بعدما طلب مبشرين مسيحيين.[71] استنكر الملك الكونغولي أفونسو الأول ذلك، وأرسل لاحقا حملة تبشيرية إلى ندونغو بعد أن ألقت الأخيرة القبض على البعثة البرتغالية. أثرت تجارة العبيد المتزايدة بين الكونغو والبرتغاليين تأثيرًا سلبيا على العلاقات بينهما، بل إنها أدت حتى إلى دعم المبعوثين البرتغاليين في ساو تومي لندونغو ضد الكونغو. غير أنه عندما هجم جاغا على الأراضي الكونغولية في 1568، ساعدت البرتغال الكونغو في هزيمته.[72] كنتيجة لذلك، سمحت الكونغو للبرتغال باستعمار جزيرة لواندا والتي أسسها كمستعمرة باولو دياس دي نوفياس في 1576 وأصبحت سريعا ميناء لتجارة العبيد.[72] أثر تحالف دي نوفياس بعد ذلك مع ندونغو تأثيرًا سلبيا على العلاقات البرتغالية الأفريقية إذ كره البرتغاليون تأثير التاج البرتغالي.[73] في عام 1579 قام حاكم ندونغو كلوانجي كيا ندامبدي بمذبحة في حق البرتغاليين والكونغوليين في كاباسا عاصمة ندونغو بمساعدة البرتغاليين المارقين من الجيش. حارب البرتغاليون والكونغوليون ندونغو في حرب استمرت لعقود تالية.

في شرق إفريقيا، كان الحدث الرئيسي للتاج البرتغالي هو استكشاف واستعمار المناطق التي ستصبح لاحقا موزمبيق على يد برازيروس، الذين أعطاهم الملك مرسوما يسمح بالاستكشاف حول نهمر زامبيزي كمكافأة على خدماتهم. تحكم هؤلاء الرجال في جيوش كبيرة من محاربي تشيكوندا، ففرضوا الضرائب على المحليين ودافعوا عنهم وشاركوا في تجارة العاج والعبيد، وتدخلوا في سياسة مملكة موتابا إلى حد تعيين ملوك موالين لهم على عرش موتابا.[73]

 
القديس فرانسيس خافيير يطلب من جواو الثالث ملك البرتغال إرسال حملة تبشيرية لآسيا.

الحملات التبشيرية عدل

في 1542، وصلت حملة التبشير اليسوعية بقيادة فرنسيس كسفاريوس إلى جوا بأمر من جواو الثالث ملك البرتغال ليصبح مسؤولا عن السفارة البابوية. في الوقت ذاته، وصل كل من فرانسيسكو زيموتو وأنتونيو موتا وغيرهما إلى اليابان لأول مرة. طبقا لفرناو مندش بنتو الذي ادعى أنه كان في هذه الرحلة، فقد وصلوا إلى تانغاشيما، حيث انبهر السكان المحليون بالأسلحة النارية، التي بدأوا في صناعتها بأعداد ضخمة. بحلول عام 1570 اشترى البرتغاليون جزءا من ميناء ياباني حيث أسسوا جزءا صغيرا من مدينة ناغاساكي، لتصبح مركزا تجاريا رئيسيا في اليابان في التجارة الثلاثية مع الصين وأوروبا.[74]

في محاولة لحماية تجارتها من المنافسين الأوروبيين والآسيويين، فقد هيمنت البرتغال ليس فقط على التجارة بين آسيا وأوروبا، وإنما على غالب التجارة بين مناطق مختلفة من آسيا وإفريقيا مثل الهند وإندونيسيا والصين واليابان. بعد الحملات التبشيرية اليسوعية، بدأ البرتغاليون نشر المسيحية الرومانية الكاثوليكية بالعنف والإكراه في آسيا وإفريقيا بنجاحات مختلطة.[75]

الجهود الاستعمارية في الأميركتين عدل

 
رسم البرتغاليون خريطة لكندا واستعمروها مؤقتا في 1499 و1500.

كندا عدل

بناء على معاهدة توردسيلاس، فإن التاج البرتغالي -تحت حكم الملك مانويل الأول وجواو الثالث وسيبستياو- يمكنه الاستكشاف في أميركا الشمالية التي وصل إليها جون كابوت في 1497 و1498.[74] لتحقيق ذلك، فقد قام جواو فرنانديز لفرادور في 1499-1500 باستكشاف جرينلاند والساحل الشمالي الأطلسي لكندا، وهو ما يبرر ظهور "لبرادور" على الخرائط الطبوغرافية لهذه الفترة.[76]

البرازيل عدل

التسلسل الزمني للإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية الأولى
1415 هنري الملاح ينجح في غزو سبتة.
1434 غيل إينيس يعبر رأس بوغادور لأول مرة بنجاح.
1445 إنشاء أولى القواعد التجارية في جزيرة أرغين.
1446 ألفارو فرنانديز يصل إلى سيراليون الحالية.
1456 البرتغاليون يكتشفون جزر الرأس الأخضر.
1460 البرتغاليون ينجحون في استكشاف خليج غينيا.
1469 فرناو غوميز يكتشف جزر ساو تومي وبرنسيب بخليج غينيا.
1473 فرناو غوميز يعبر خط الاستواء.
1478 البرتغاليون ينتصرون على القشتاليين في معركة غينيا.
1481 جواو الثاني ملك البرتغال يوجه ببناء قلعة ألمينا.
1482 ديوغو كاو يعبر نهر الكونغو ويستكشف المناطق المتاخمة له.
1486 ديوغو كاو يعبر كيب كروس في ناميبيا الحالية ويعبر مدار الجدي.
1488 بارتولوميو دياز يعبر رأس الرجاء الصالح.
1494 توقيع معاهدة تورسدياس بين البرتغال وإسبانيا.
1497 أسطول فاسكو دا غاما يبحر من البرتغال بمحاذاة ساحل إفريقيا ويعبر رأس الرجاء الصالح ليصل إلى الهند في العام التالي.
1500 بيدرو ألفاريز كابرال يبحر من البرتغال ليصل إلى الهند في ثاني الرحلات البرتغالية من نوعها.
1501 بيدرو ألفاريز كابرال يصل إلى البرازيل.
1506 أفونسو دي ألبوكيرك يغزو سقطرى ومسقط.
1509 انتصار حاسم للأسطول البرتغالي على الأسطول المملوكي الكجراتي في معركة ديو.
1510 نجاح البرتغاليين في الاستيلاء على غوا من سلطنة بيجابور.
1511 أفونسو دي ألبوكيرك يستولي على مالاكا ويستكشف غينيا الجديدة.
1514 خورخي ألفاريز يصبح أول أوروبي يصل إلى الصين عبر البحر ويكمل حتى ناغاساكي في اليابان.
1554 توقيع المعاهدة البرتغالية الصينية التي تضمن للبرتغال حقوقا تجارية وتأجير ماكاو كمحطة تجارية.
1580 فيليب الثاني ملك إسبانيا يغزو البرتغال ويتوج ملكا كفيليب الأول ملك البرتغال فيما عُرف بالاتحاد الإيبيري.
1650 خسارة البرتغاليين لهرمز لصالح الصفويين ومسقط لصالح دولة اليعاربة.

بعد سنوات قليلة من وصول كابرال إلى البرازيل، بدأت المنافسة مع فرنسا. ففي 1503 أبلغت حملة بقيادة غونزالو كويلو عن غارات فرنسية على السواحل البرازيلية،[77] كما قام المستكشف بينو دي غونفيل بالتجارة في خشب البرازيل بعد اتصاله مع جنوب البرازيل بعد ذلك بسنة. خرقت بعثات على نفقة فرانسوا الأول ملك فرنسا على ساحل أميركا الشمالية بنود معاهدة تورديسياس. بحلول عام 1531 كان الفرنسيون قد أسسوا مركزا للتجارة في جزيرة على الساحل البرازيلي.

 
خريطة من 1574 توضح القبطانيات الخمسة عشر للبرازيل.

دفع تهريب الفرنسيين لخشب البرازيل إلى دفع جواو الثالث ملك البرتغال نحو احتلال المنطقة فعليا.[78] في 1531 انطلقت بعثة ملكية بقيادة مارتيم أفونسو دي سوسا وأخيه بيرو لوبيز لتجوب الساحل البرازيلي كله ولتطرد الفرنسيين ولتؤسس عددًا من المدن الاستعمارية الأولى، من بينها ساو فيسنتي في 1532.[79] عاد سوسا بعدها بسنة إلى لشبونة ليصبح حاكم الهند ولم يعد إلى البرازيل ثانية.[80][81] توقفت الهجماتا الفرنسية تماما بعد أن اضطر البرتغاليون إلى الدفع لهم ليتوقفوا عن مهاجمة السفن البرتغالية في الأطلسي، وإن كانت الهجمات ستظل مشكلة حتى ستينات القرن السادس عشر.[82]

بمجرد عودة دي سوسا ونجاحه، أصدر جواو الثالث في 28 سبتمبر 1532 مرسوما ملكيا بخمسة عشر تقسيما عرضيا من الساحل البرازيلي وحتى حدود توردسياس. كونت الأرض قبطانيات وراثية لأصحاب الامتياز الثريين بما يكفي لاستعمارها، كما تم بنجاح في جزر ماديرا والرأس الأخضر. كان على كل صاحب امتياز بناء المستوطنات، وتوزيع الحصص والحفاظ على العدالة، كونهم مسؤولين عن تطوير المستعمرة والصرف عليها وتوريثها لأبنائهم وإن لم يكونوا ملاكا لها، كما لم يكن بإمكانهم بيعها.[80][82] أتى اثنا عشر من الأرستقراطية البرتغالية والذين أصبحوا بارزين في إفريقيا والهند وكبار رجال القضاء مثل خواو دي باروس.[83]

ازدهرت قبطانيتان فقط من الخمس عشرة قبطانية هما بيرنامبوكو وساو فيسنتي،[84] وكلاهما كانتا مخصصتين لزراعة قصب السكر كما تمكن المستعمرون من توطيد العلاقات مع السكان الأصليين. ازدهرت صناعة السكر بسبب استيلاء التاج الملكي على أسهل مصادر الربح (خشب البرازيل والتوابل إلخ) وتركه مصادر الربح الجديدة للمستعمرين. تطلبت صناعة قصب السكر عمالة ضخمة أدت في النهاية إلى استعباد السكان الأصليين والأفارقة. مع تأكيد فشل نظام القبطانيات، قرر جواو الثالث تحويل الحكم في المستعمرات إلى حكومة مركزية بغرض مساعدة المستعمرين. أسس جواو الثالث في 1548 أول حكومة عامة بإرسال تومى دي سوسا كأول حاكم مع اختيار خليج جميع القديسين عاصمة لها مؤسسا بذلك قبطانية باهيا.[85]

 
الإمبراطورية الإسبانية البرتغالية (أو الإيبيرية) في 1598 تحت حكم فيليب الأول والثاني ملك البرتغال وإسبانيا.

بنى تومى دي سوسا مدينة سلفادور في خليج جميع القديسين كعاصمة البرازيل في 1549.[86] كان من بين رجال دي سوسا الألف في حملته جنود وعمال وستة يسوعيون يقودهم مانويل دا نوبريغا.[87] لعب اليسوعيون دورًا هاما في استعمار البرازيل وخاصة في ساو فيسنتي وساو باولو التي شارك نوبريغا في تأسيسها. اصطحب اليسوعيون معهم أمراضا انتقلت إلى السكان الأصليين كالطاعون والجدري.[88] كنتيجة لذلك، أعاد الفرنسيون استعمار الأراضي البرتغالية في خليج غوانابارا والتي ستصبح فرنسا أنتاركتيكا.[89] في حين أرسل مندوب برتغالي إلى باريس للإبلاغ عن العمل العدائي، عين جواو الثالث ميم دي سا حاكما عموميا جديدا للبرازيل الذي انطلق متجها نحوها في 1557.[89] بحلول عام 1560، انتهى سا من طرد قوات الهوغونوتيين والكالفينيين من إسكتلندا والعبيد من فرنسا أنتاركتيك، ولكنه ترك بعض الناجين بعد أن أحرق قراهم وحصونهم. سيستوطن هؤلاء الناجون في خليج غلوريا وشاطئ فلامينغو وبارابابوا بمساعدة الشعوب الأصلية من توبي.[90]

تحالف شعب توبي مع الفرنسيين منذ استعمار فرنسا أنتاركتيك، ورغم خسارة الفرنسيين في 1560، إلا أن شعب توبي ظل تهديدا قائما.[91] خطط شعب توبي لهجومين في 1561 و1564 ونجحا إلى حد كبير. بحلول هذا الوقت شارك مانويل دي نوبريغا واليسوعي جوزيه دي أنشيتا في الهجمات على شعب توبي. من 1565 وحتى 1578 تمكن ميم دي سا مع قواته من تدمير فرنسا أنتاركتيك في خليج غوانابارا.[92] أسس ميم دي سا مع ابن أخيه إستاسيو دي سا مدينة ريو دي جانيرو في 1567 بعدما أطلق ميم دي سا على المنطقة ساو سبستيان لريو دي جانيرو في 1565. بحلول عام 1575 كان شعب توبي قد دُحر تماما وانقرض في النهاية.[93]

الاتحاد الإيبيري والمنافسة البروتستانتية والركود الاستعماري (1580-1663) عدل

في 1580، غزا فيليب الثاني ملك إسبانيا البرتغال بعد أزمة الخلافة البرتغالية الناتجة عن وفاة سبستيان الأول ملك البرتغال أثناء الهجوم البرتغالي الكارثي على وادي المخازن في المغرب في 1578. في كورتيز تومار في 1581، توج ملكا كفيليب الأول ملك البرتغال، موحدًا بذلك التاجين والإمبراطوريتين ما وراء البحار تحت حكم إسبانيا هابسبورغ في اتحاد إيبيري سلالي.[94] وعد فيليب في تومار الحفاظ على الإمبراطوريتين منفصلتين قانونيا مع وجود نيابة برتغالية في لشبونة ترعى مصالحها.[95] نقل فيليب كذلك العاصمة إلى لشبونة لمدة عامين (1581-1583) لكونها المدينة الأهم في شبه الجزيرة الإيبيرية.[96] وافقت المستعمرات البرتغالية كلها على الوضع الجديد عدا الأزور التي عمدت إلى أنطونيو من كراتو ليصبح وريثا للعرش والذي حصل على دعم كاترين دي ميديشي من فرنسا في مقابل وعده بمنحها البرازيل. استولت القوات الإسبانية على الجزر في في 1583.[97]

 
استرداد فيليب الثالث ملك البرتغال لحصن سلفادور دا باهيا من الجمهورية الهولندية
 
اشتباك السفن الحربية الهولندية والإنجليزية مع السفن البرتغالية في معركة قادش 1608

بدأ البرتغاليون تدريجيا بتجاهل حدود معاهدة توردسياس بينهم وبين الإسبان فاندفعوا إلى داخل البرازيل لتمتد أراضيهم غربا.[95] انطلقت الحملات الاستكشافية التي مولتها الحكومة وكذلك المبادرات الخاصة المسماة بانديرانتس.[98] استمرت هذه المبادرات لسنوات منطلقة في أراض غير مكتشفة، في البداية للقبض على السكان الأصليين واستعبادهم، ولاحقا للبحث عن مناجم الذهب والفضة والألماس.[99]

غير أن الاتحاد عني أن إسبانيا جرت البرتغال معها في صراعاتها مع إنجلترا وفرنسا والجمهورية الهولندية، الدول التي كانت قد بدأت بتأسيس مستعمراتها الخاصة ما وراء البحار. شكل الهولنديون التهديد الأخطر إذ كانوا مشتبكين في صراع لنيل استقلالهم لسنوات فيما يعرف بحرب الثمانين عاما مع إسبانيا منذ 1568.[100] في 1581 نالت المقاطعات السبع استقلالها من حكم هابسبورغ، فمنع فيليب الثاني التجارة مع السفن الهولندية، بما في ذلك في البرازيل التي استثمر فيها الهولنديون أموالا ضخمة لإنتاج السكر.[101]

 
لوحة ليوهانس فان دويتيكم لسوق غوا في 1596 توضح الشارع الرئيسي لغوا البرتغالية في ثمانينات القرن السادس عشر.

أصبحت شبكات التجارة الإسبانية الآن مفتوحة للتجار البرتغاليين، والتي كانت مربحة لهم خاصة في تجارة العبيد إذ أصبحت متاحا لهم بيع العبيد في أمريكا الإسبانية بسعر أعلى مما اشتروهم به في البرازيل.[102] بالإضافة إلى ذلك، تمكن البرتغاليون من حل مشكلة نقص السبائك مع وصولهم إلى مناجم الفضة في بيرو والمكسيك.[103] أصبحت مانيلا أيضا جزءًا من الشبكة التجارية ماكاو-ناجاساكي، وهو ما مكن الماكاويين من أصل برتغالي من العمل كمناديب تجاريين للإسبان ومن استخدام الفضة الإسبانية من الأميركتين في التجارة مع الصين، ومن المنافسة التجارية مع شركة الهند الشرقية الهولندية.[104]

في 1592 وأثناء الحرب مع الإسبان، استولى الإنجليز على سفينة شراعية برتغالية ضخمة قرب ساحل الأزور المعروفة باسم Madre de Deus والتي كانت محملة بتسعمائة طن من السلع من الهند والصين تقدر بمليون جنيه استرليني (تقريبا نصف الاحتياطي الإنجليزي في ذلك الوقت).[105] أدى ذلك إلى عزم الإنجليز عن التوجه شرقا للاستفادة كذلك من هذه الثروات.[106] في نفس العام، أرسل التجار الهولنديون كورنيلسس دي هوتمان إلى لشبونة لجمع أكبر قدر من المعلومات عن جزر التوابل.[107]

 
أدى انتصار البرتغاليين في معركة غوارارابس الثانية إلى نهاية الوجود الهولندي في بيرنامبوكو.

أدرك الهولنديون في النهاية أهمية غوا في إضعاف الإمبراطورية البرتغالية في آسيا. بحلول عام 1583، كان هويغن فان لنشوتن قد جمع المعلومات المطلوبة لمعرفة طرق التجارة البرتغالية في آسيا، بما في ذلك الطرق إلى الهند الشرقية واليابان. نشر فان لنشوتن معلوماته والتي انتشرت في العام التالي.[108] استخدم الإنجليز والهولنديون هذه المعلومات في التوسع التجاري بما في ذلك تأسيس شركة الهند الشرقية الإنجليزية في 1600، وشركة الهند الشرقية الهولندية في 1602. أدت هذه التطورات إلى دخول الشركات المرخصة إلى الهند الشرقية.[109][110]

شرع الهولنديون في نقل الصراع عبر البحار، فهاجموا المستعمرات البرتغالية لتندلع الحرب البرتغالية الهولندية التي ستستمر لأكثر من ستين عاما (1602-1663). ساعدت دول أوروبية أخرى –مثل إنجلترا- الإمبراطورية الهولندية في الحرب. حقق الهولنديون انتصارات في آسيا وإفريقيا بمساعدة حلفائهم من الشعوب الأصلية، لينتزعوا في النهاية سيطرتهم على ملقا وسيلان وقلعة المينا. سيطر الهولنديون أيضا على تجارة السكر المربحة في شمال شرق البرازيل وكذلك لواندا، ولكن البرتغاليين استردوا هذه المناطق بعد صراع مرير.[111]

في الوقت ذاته، خسر البرتغاليون السيطرة على هرمز لصالح تحالف مشترك من الصفويين والإنجليز في 1622، وعمان لصالح أسرة آل يعرب الذين استولوا على مسقط أيضا في 1650،[112] والذين استمروا أيضا في استخدامها كقاعدة للهجمات المتكررة في المحيط الهندي مثل الاستيلاء على حصن يسوع في 1698.[113] في الثلاثينيات من القرن السابع عشر، طرد المحليون في إثيوبيا واليابان الحملات التبشيرية البرتغالية وهو ما أضعف التأثير البرتغالي في هذه المناطق.[114][115]

 
أدت الجهود الاستعمارية البرتغالية في عصر الاستكشاف إلى امتداد الإمبراطورية البرتغالية على أراضٍ في إفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية امتدت من ناغاساكي في اليابان شرقا إلى البرازيل غربًا.

الإمبراطورية البرتغالية الثانية (1663-1822) عدل

التسلسل الزمني للإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية الثانية
1640 بدء حرب الاستعادة البرتغالية ضد إسبانيا سعيا لاستقلال البرتغال عن الاتحاد الإيبيري.
1661 البرتغال تمنح إنجلترا مومباي وطنجة.
1668 إسبانيا تعترف رسميًًا بانتهاء الاتحاد الإيبيري والبرتغال تهديها سبتة.
1693 اكتشاف الذهب في ميناس جرايس في البرازيل وتدفق المهاجرين إليها.
1798 اندلاع ثورة باهيا منادية بمنع العبودية وتقليل القيود على التجارة ونجاح السلطة في قمعها.
1808 نابليون بونابرت يغزو البرتغال والملكية تنتقل إلى البرازيل مع نقل العاصمة إلى ريو دي جانيرو.
1822 بيدرو الأول يعلن استقلال البرازيل عن البرتغال.
 
علم البرتغال (1667-1706). كانت كل أعلام البرتغال شبيهة بهذا من القرن الخامس عشر وحتى القرن التاسع عشر.

كانت خسارة المستعمرات أحد أسباب إنهاء الاتحاد مع إسبانيا. صعد جواو الرابع في 1640 إلى عرش البرتغال لتبدأ حرب الاستعادة البرتغالية. أسس التاج الملكي ديوان ما وراء البحار في 1642 حتى قبل انتهاء الحرب، على نموذج ديوان الهند التي لم تدم طويلا (1604-1614) لتصبح الهيئة الحاكمة لإمبراطورية البرتغال وراء البحار باستثناء شمال إفريقيا وماديرا والأزور. اتجهت كافة المراسلات الخاصة بحيازات ما وراء البحار إلى الديوان. عندما هرب الديوان الملكي البرتغالي إلى البرازيل في 1807 بعد غزو نابليون لإيبيريا، أزيلت البرازيل من الديوان.[116] كان الديوان مختصا بالعاملين للهيئة والأمور المالية والعسكرية وكذلك الدينية لمقاطعات أعالي البحار.[117]

في 1661 عرضت البرتغال مومباي وطنجة على إنجلترا كجزء من جهاز العروس، لتصبح إنجلترا في المائة عام التالية القوة التجارية الكبرى في الهند، مع إخراج القوى الأخرى تدريجيا منها. في 1668 اعترفت إسبانيا رسميا بانتهاء الاتحاد الإيبيري وكنتيجة لذلك أهدت البرتغال سبتة إلى التاج الإسباني.[118]

بعد هزيمة البرتغاليين على يد حاكم إمبراطورية ماراثا تشمناجي آبا[119] وعلى يد شيفابا ناياكا حاكم مملكة كليدي نياكا ومع نهاية المواجهة مع الهولنديين، خسرت البرتغال كل حيازاتها ولم تتمسك سوى بغوا وعدة قواعد صغيرة في الهند، كما تمكنت من استرداد بعض الأراضي في البرازيل وإفريقيا، ولكنها خسرت للأبد وجاهتها في آسيا إذ تحولت التجارة نحو الأعداد المتزايدة من التجار الإنجليز والهولنديين والفرنسيين. لذا وخلال هذا القرن، ازدادت أهمية البرازيل للإمبراطورية إذ كانت تصدر خشب البرازيل والسكر.

 
السفينة الحربية البرتغالية رانيا دي بورتغال[هامش 6] تقدم التحية العسكرية إلى أسطول الأميرال بال في مالطا في 1798. كانت البحرية البرتغالية من أقوى البحريات في العالم في القرن الثامن عشر.

ميناس جرايس وصناعة الذهب عدل

أدى اكتشاف الذهب في ميناس جرايس في البرازيل في 1693 ولاحقا الألماس وكذلك في ماتو غروسو وغوياس إلى اندفاع الذهب بتدفق أعداد كبيرة من المهاجرين لتصبح ميناس جرايس المركز الاقتصادي الجديد للإمبراطورية، مع انتشار المستوطنات سريعا وظهور بعض الصراعات.[120] أدت دورة الذهب تلك إلى تأسيس سوق داخلي جاذبة بذلك عددا كبيرا من المهاجرين. بحلول عام 1739 وفي قمة ازدهار التعدين، بلغ عدد سكان ميناس جرايس 250000 نسمة.[121]

أدى اندفاع الذهب إلى زيادة عائد التاج البرتغالي زيادة كبيرة، فقد كان يحصل خمس الذهب الذي المُعدَّن. كانت أعمال التهريب شائعة مع مناوشات بين سكان ساو باولو والمهاجرين من البرتغال ومناطق البرازيل الأخرى، ليبدأ تسلسل كامل من التحكم البيروقراطي في 1710 في قبطانية ساو باولو وميناس غرايس. بحلول عام 1718 أصبحت ساو باولو وميناس غرايس قبطانيتين منفصلتين.[122] حظر التاج أيضا تعدين الألماس داخل مناطقه إلى الشركات الخاصة. على الرغم من دفع الذهب للتجارة العالمية، إلا أن الصناعات الزراعية أصبحت البضاعة الرائدة في التصدير من البرازيل في هذه الفترة، إذ شكل السكر 50% من كل الصادرات (والذهب 46%) في 1760.[123]

أصبح الأفارقة الجماعة البشرية الأكبر في ميناس غرايس، وتزايدت مطالب العبيد أثناء اندفاع الذهب، إذ اشتهروا بمهارتهم في استخراج الذهب في المنطقة. وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الوفيات بين العبيد أثناء عملية استخراج الذهب، بدأ مالكو العبيد السماح لهم بالحفاظ على الذهب الذي يتخطي الكمية المطلوبة، وهو ما جهل الإعتاق ممكنا. عمل العبيد المعتقون في الأعمال المدنية كالخياطة والحدادة. وعلى الرغم من أهمية الدور الذي لعبه السود والمولاتو المحررين في ميناس غرايس، إلا أن عدد المهمشين منهم كان أكبر من أي منطقة أخرى في البرازيل.[124]

شجع الذهب المكتشف في موتو غروسو وغوياس على تأمين الحدود الغربية للمقاطعة. في ثلاثينات القرن الثامن عشر حدث الاتصال مع الإسبان كثيرًا، وهدد الإسبان بإطلاق حملة عسكرية لإبعادهم. لم يحدث ذلك وبحلول الخمسينات تمكن البرتغاليون من وضع قدم سياسية في المنطقة.[125]

البرازيل في عهد بومبال عدل

 
أضعف استقلال البرازيل الإمبراطورية البرتغالية اقتصاديًا وسياسيًا لفترة طويلة.

لم تقسم البرتغال مستعمراتها في أمريكا على عكس إسبانيا، إذ عملت الرئاسات هناك تحت حكومة مركزية في سلفادور والتي كانت مسؤولة مباشرة أمام التاج الملكي في لشبونة. اتسم القرن الثامن عشر بزيادة المركزية في السلطة الملكية في جميع أنحاء الإمبراطورية البرتغالية. تعرض اليسوعيون، الذين كانوا يحمون السكان الأصليين من العبودية، للاضطهاد من ماركيز بومبال، ما أدى إلى تفكيك المنظمة في المنطقة في 1759.[126] كان بومبال يأمل في تحسين أوضاع السكان الأصليين عبر إعلانهم أحرارًا وزيادة سكان الميستيثو عبر تشجيع الزواج بينهم وبين السكان البيض.[127] بيد أن حرية السكان الأصليين نقصت في عهده ولم يستجب أحد لدعوات الزواج بينهما. انخفضت عوائد التاج الملكي من الذهب وارتفعت عوائد المصانع التجارية في عهد بومبال. وعلى الرغم من فشل بومبال في زيادة عائدات الذهب، إلا أنه نجح في تحقيق زيادة كبيرة في إنتاج القطن والأرز والكاكاو والتبغ والسكر. نتج الازدهار الاقتصادي عمومًا من عناصر وأفكار عصر التنوير في أوروبا القارية.[128] غير أن اختفاء تأثير بعض الدول كالمملكة المتحدة أدى إلى زيادة اعتماد المملكة على البرازيل.

سعت مقاطعة ميناس جرايس تحقيق الأمر ذاته في 1789م متشجعةً بأمثلة مثل الولايات المتحدة الأميركية التي استقلت عن بريطانيا، بيد أن المحاولة باءت بالفشل، وألقي القبض على قادتها، وأعدم أحد قادتها المعروف باسم تيرادينتيس. متشجعين بالثورة الفرنسية أيضا، اندلعت ثورة باهيا في 1798 منادين بمجتمع بلا عبودية وبأسعار أقل للطعام ودون قيود على التجارة. تمكنت السلطات من إخماد الثورة والقبض على قادتها ونفي بعضا منهم إلى الساحل الأفريقي.[126] اندلعت ثورات أخرى على نطاق أصغر من 1801 إلى 1816 وبدأت مخاوف في البرتغال من أن تكون البرازيل "هايتي ثانية".

استقلال البرازيل عدل

في 1808 غزا نابليون بونابرت البرتغال، فأمر جواو السادس بنقل الملكية إلى البرازيل، وفي 1815 حصلت البرازيل على لقب مملكة، لتصبح البرتغال رسميا المملكة المتحدة للبرتغال والبرازيل والغرب، وانتقلت العاصمة من لشبونة إلى ريو دي جانيرو، كالمثال الأوحد لدولة أوروبية تُحكم من أحد مستعمراتها.[129]

وعلى الرغم من عودة العائلة الملكية إلى البرتغال في 1821، أدت الحادثة إلى زيادة الرغبة في الاستقلال بين البرازيليين. في 1822 أعلن بيدرو الأول ابن جواو السادس استقلال البرازيل في 7 سبتمبر 1822، ليصبح الإمبراطور الأول لإمبراطورية البرازيل. وعلى عكس المقاطعات الإسبانية في أميركا الجنوبية، فإن استقلال البرازيل حدث دون إراقة دماء.[130]

الإمبراطورية البرتغالية الثالثة (1822-1999) عدل

 
واجهة كلية سانت بول في ماكاو في 1854
التسلسل الزمني للإمبراطورية البرتغالية
الإمبراطورية البرتغالية الثالثة
1890 بريطانيا تقدم إنذارًا للبرتغال بعدم استعمار المزيد من الأراضي في إفريقيا والبرتغال ترضخ للمطالب.
1891 اغتيال الملك كارلوس والأمير لويس فيليبي في لشبونة وسقوط الملكية في البرتغال وتحولها إلى جمهورية.
1916 ألمانيا تعلن الحرب على البرتغال لتقحمها في الحرب العالمية الأولى.
1961 الجيش الهندي يغزو غوا ودمن وديو بعد رفض أنطونيو سالازار طلبًا من الهند بتسليمها.
1974 انهيار نظام إستادو نوفو بعد هزيمة البرتغال في حروب البرتغال الاستعمارية.
1975 تيمور الشرقية تعلن استقلالها عن البرتغال.
1987 البرتغال توقع الإعلان المشترك بشأن مسألة ماكاو مع الصين
1999 انتقال السيادة على ماكاو من البرتغال إلى الصين ونهاية الإمبراطورية البرتغالية رسميًا.

فقدت البرتغال أراضيها في أميركا الجنوبية وأراضيها في آسيا ما عدا محطات تموين قليلة في ذروة الاستعمار الأوروبي في القرن التاسع عشر. في هذه المرحلة، ركزت الاستعمارية البرتغالية على توسيع أراضيها في إفريقيا للمنافسة مع الدول الأوروبية الأخرى هناك. ركزت البرتغال على أنغولا وموزمبيق فكان المستكشفون سيربا بينتو وهيرمنغيلدو كابيلو وروبيرتو إيفنز من أوائل الأوروبيين الذين عبروا إفريقيا من غربها إلى شرقها.[131]

الإنذار البريطاني ونهاية الملكية البرتغالية (1890-1910) عدل

 
أطلقت البرتغال حملات في القرن التاسع لتدعيم إفريقيا البرتغالية.

هدفت السياسة البرتغالية في ثمانينات القرن التاسع عشر إلى ربط مستعمراتها الاثنتين في ما يعرف باسم الخريطة الوردية. بيد أن الفكرة لم تكن مقبولة لدى البريطانيين الذين كانوا يأملون في مشروعهم الخاص بربط القاهرة بكيب تاون. قدمت بريطانيا إنذارها في 1890 للملك كارلوس الأول فانتهى حلم الخريطة الوردية.[132]

استغل الجمهوريون رد فعل الملك على الإنذار،[132] ما أدى إلى اغتيال الملك كارلوس والأمير لويس فيليبي في لشبونة على يد اثنين من الثوار الجمهوريين هما ألفريدو لويس دا كوستا ومانويل بويسا. جلس أخ فيليب الأمير مانويل ليصبح مانويل الثاني ملك البرتغال. بعد ذلك بسنتين، أطيح به وهرب إلى إنجلترا لتصبح البرتغال جمهورية.[133]

الحرب العالمية الأولى عدل

وضعت الإمبراطورية الألمانية خططا للاستيلاء على أنغولا من البرتغال في 1914م.[134] بدأت المناوشات بين البرتغاليين والألمان ما أدى إلى إرسال التعزيزات من البرتغال بهدف استرداد مثلث كيونغا في شمال موزمبيق الذي استولت عليه ألمانيا. في 1916 وبعد أن تحفظت البرتغال على سفن ألمانية، أعلنت ألمانيا الحرب على البرتغال، فقامت البرتغال بالمثل لتدخل البرتغال الحرب العالمية الأولى.[135] في بداية الحرب قدمت البرتغال الدعم للحلفاء في فرنسا. في 1916 لم يقع سوى هجوم واحد على الأراضي البرتغالية على ماديرا.[وب-إنج 5] في 1917 قدمت البرتغال الدعم لبريطانيا بصناعة الأخشاب اللازمة للمجهود الحربي.[وب-إنج 6]

قدمت البرتغال قوات إلى الحلفاء في فرنسا في 1917م. في منتصف العام سقطت أولى الضحايا البرتغالية في الحرب. في إفريقيا البرتغالية، حارب البرتغاليون والبريطانيون في وجه الألمان معارك عديدة في كل من موزمبيق وأنغولا. لاحقا دخلت يو بوت المياه البرتغالية مجددًا وهاجمت ماديرا لتغرق سفن برتغالية عدة. مع بداية 1918 استمرت البرتغال في القتال على جانب الحلفاء ضد ألمانيا كما شاركت في معركة ليز الشهيرة. مع دخول الخريف حققت ألمانيا نجاحات في إفريقيا البرتغالية أدت إلى غرق سفن برتغالية كثيرة. في مؤتمر باريس للسلام، استردت البرتغال كل الأراضي التي خسرتها أثناء الحرب فيما عدا كيونغا في تنزانيا الحديثة.[136]

شملت الأراضي البرتغالية في إفريقيا الرأس الأخضر وساو تومي وبرينسيب وغينيا بيساو وأنغولا وموزمبيق.[137]

إنهاء الاستعمار عدل

 
بحلول القرن العشرين، لم تعد البرتغال تطل على نفسها لقب إمبراطورية وإنما دولة عابرة القارت لها أراضٍ وراء البحار.

بدأت حركات إنهاء الاستعمار في اكتساب زخم في إمبراطوريات القوى الأوروبية مع نهاية الحرب العالمية الثانية. كذلك أدت الحرب الباردة إلى تقويض الاستقرار في أراضي البرتغال ما وراء البحار، مع سعي الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إلى توسيع دوائر التأثير الخاصة بهما. ومع منح بريطانيا الاستقلال إلى الهند في 1947، وقرار فرنسا السماح لمقاطعاتها في الهند بالانضمام للدولة الناشئة حديثًا، تزايد الضغط على البرتغال لتفعل الشيء ذاته،[138] بيد أن أنطونيو سالازار عارض ذلك بشدة بعد توليه السلطة في 1933. رفض سالازار في 1950 طلبا من رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو بإعادة الأراضي، لاعتباره أنها جزء أصيل من أراضي البرتغال.[139] في العام التالي عُدل الدستور البرتغالي لتكتسب المقاطعات لقب مقاطعات ما وراء البحار. أدت ثورة محلية في 1954 إلى الإطاحة بالسلطة البرتغالية في مقاطعة دادرا وناجار هافلي. أصبح الوجود البرتغالي في الهند غير مرحب به من كل أطياف شبه القارة الهندية ومن الاتحاد السوفيتي وحلفائه أيضًا. في 1961 وبعد اندلاع ثورة ضد البرتغاليين في أنغولا، أمر نهرو الجيش الهندي بغزو غوا ودمن وديو والتي استولى عليها سريعًا وضمها لبلاده في العام التالي. رفض سالازار الاعتراف بانتقال السيادة عليها، معتبرًا أنها أراضٍ محتلة فقط. استمر تمثيل مقاطعة غوا في البرلمان البرتغالي حتى 1974.[140]

 
سعى أنطونيو دي أوليفيرا سالازار إلى الحفاظ على البرتغال العابرة للقارات لكنه فشل في ذلك.

كان اندلاع أعمال العنف في أنغولا في 1961 بداية النهاية للوجود البرتغالي في إفريقيا. رأى الضباط البرتغاليين أنهم لن يكونوا قادرين على التعامل عسكريًا مع اندلاع حرب شوارع وبالتالي يجب بدء المفاوضات مع حركات الاستقلال، لكن سالازار أعلن على الملأ أنه ينتوي الحفاظ على الإمبراطورية قائمة، ومع نهاية العام أرسل 50000 من الجنود إلى هناك. في نهاية العام ذاته، ضمت داهومي (بنين اليوم) قلعة ساو جواو بابتيستا البرتغالية بعد أن استقلت عن فرنسا. انتقلت حالة الفوضى من أنغولا إلى غينيا التي ثارت في 1963 وموزمبيق في 1964.[100]

لم يرغب الحكام البرتغاليون في تحقيق مطالب السكان (على عكس القوى الأوروبية الأخرى) من ناحية لأنهم اعتقدوا أن البرتغال غير قادرة على تحقيق استراتيجية خروج ناجحة من مستعمراتها، ومن ناحية بسبب عدم وجود مفاوضات حرة وجادة في دولة سالازار الدكتاتورية الذي يتمسك بمستعمراته على الرغم من اتفاق مناهضة الاستعمار في الأمم المتحدة منذ بداية الستينات.[141] أدى الدعم السوفيتي المتزايد وتكلفة حروب البرتغال الاستعمارية (1961-1974) إلى انهيار نظام إستادو نوفو في 1974. سعى النظام التالي إلى التفاوض الجاد على الانسحاب من مستعمراته الأفريقية في ما يعرف بثورة القرنفل. أدت هذه الأحداث إلى نزوح المواطنين البرتغاليين من الأراضي البرتغالية في إفريقيا (معظمهم من أنغولا وموزمبيق) ما شكل أكثر من مليون لاجئ برتغالي.[وب-إنج 7] اعترف النظام البرتغالي أيضًا بغوا وبباقي الأراضي البرتغالية التي ضمتها الهند في حرب غوا. قبلت البرتغال طلب بنين لساو جواو بابتيستا في 1974.

اندلعت الحروب الأهلية سريعًا في أنغولا وموزمبيق بعد تشكيل حكومات شيوعية من الثوار السابقين وبدعم من الاتحاد السوفيتي وكوبا في مواجهة مقاتلين بدعم من دول مثل زائير وجنوب إفريقيا والولايات المتحدة. أعلنت تيمور الشرقية استقلالها أيضا في 1975 لينزح آلاف من البرتغاليين إلى البرتغال. بيد أن إندونيسيا احتلت تيمور الشرقية سريعًا وحتى 1999. أدى الاستفتاء على استقلال تيمور الشرقية إلى ميل الغالبية نحو الاستقلال وهو ما حدث في 2002.[وب-إنج 8]

وقعت البرتغال الإعلان المشترك بشأن مسألة ماكاو مع جمهورية الصين الشعبية لتوضيح الشروط لنقل السلطة على ماكاو إلى الصين في 1987م. وعلى الرغم من التشابه مع الإعلان الصيني البريطاني المشترك لنقل هونغ كونغ قبلها بسنتين، إلا أن نقل ماكاو قوبل بمعارضة أقل، إذ كانت البرتغال تعترف بماكاو كأرض صينية تحت حكم برتغالي منذ 1979.[وب-بر 1] طبقا لاتفاق النقل، ستُحكم ماكاو بسياسة بلد واحد نظامين مختلفين، إذ ستتمتع بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي وستحافظ على أسلوب الحياة الرأسمالي لخمسين سنة على الأقل. كان انتقال السيادة على ماكاو في 1999 نهاية الإمبراطورية البرتغالية رسميًا ونهاية الاستعمار في آسيا.[وب-إنج 9]

التراث عدل

 
أعضاء مجموعة البلدان المتحدثة بالبرتغالية

سبعٌ من مستعمرات البرتغال السابقة لغتها الرسمية هي البرتغالية، وهي جميعا الآن بالإضافة إلى البرتغال أعضاء في مجموعة البلدان المتحدثة بالبرتغالية، ومساحة تلك الدول مجتمعة 10,742,000 كم مربع، أو 7.2% من مساحة الأرض (148,939,063 كم2).[وب-بر 2] اعتمدت غينيا الاستوائية اللغة البرتغالية لغة رسمية ثالثة سنة 2007، وهي حاليا مراقب في مجموعة البلدان المتحدثة بالبرتغالية (CPLP) إضافة إلى موريشيوس والسنغال. وهناك اثنا عشر بلد أو منطقة قدموا طلباتهم للانضمام إلى عضوية تلك المجموعة، وتنتظر الموافقة عليها.

تُعدُّ اللغة البرتغالية في الوقت الحالي إحدى لغات العالم الرئيسة، وترتيبها السادس، ويتحدث بها قرابة 240 مليون شخص حول العالم.[وب-بر 3] وهي اللغة الثالثة الأكثر انتشارا في الأمريكتين، وخصوصا في البرازيل، على أنه يوجد هناك أيضا مجتمعات كبيرة من الناطقين بالبرتغالية في دول مثل كندا والولايات المتحدة وفنزويلا. وبالإضافة إلى ذلك هناك بعض اللغات المحلية التي تأثرت بالبرتغالية؛ مثل شعب الكريستانغ في ملقا. وتقدر اللغة البرتغالية بأنها اللغة السابعة استخداما في الفضاء الإلكتروني والإنترنت، أما في الويكيبيديا فهي الويكيبيديا التاسعة من حيث عدد المقالات المنشورة.[وب-بر 3] وتقود البرتغال والبرازيل حملة لجعل اللغة البرتغالية إحدى اللغات الرسمية المستخدمة في الأمم المتحدة.[وب-بر 4]

انظر أيضًا عدل

هوامش عدل

  1. ^ (بالبرتغالية: São João Baptista de Ajudá‏)
  2. ^ (بالبرتغالية: padrões‏)
  3. ^ (بالبرتغالية: cartaz‏)
  4. ^ السلطان قانصوه الغوري سلطان مصر
  5. ^ (بالبرتغالية: Santa Catarina do Monte Sinai‏)
  6. ^ (بالبرتغالية: Rainha de Portugal‏)

المراجع عدل

فهرس المراجع عدل

المنشورات
بالإنكليزية
  1. ^ Kristin (2018), p. 14 .
  2. ^ Russo (2000), p. 314 .
  3. ^ [a] Page-Sonnenberg (2003), p. 14 .
    [b] Brockey (2008), p. 14 .
    [c] Juang-Morrissette (2008), p. 14 .
  4. ^ Diffie-Winius (1977), p. 301 .
  5. ^ Newitt (2005), p. 301 .
  6. ^ أ ب Newitt (2005), p. 19 .
  7. ^ أ ب Boxer (1969), p. 19 .
  8. ^ Abernethy (2000), p. 4 .
  9. ^ Newitt (2005), p. 21 .
  10. ^ أ ب Diffie-Winius (1977), p. 55 .
  11. ^ Diffie-Winius (1977), p. 56 .
  12. ^ Coates (2002), p. 60 .
  13. ^ Stavrianos (1966), p. 92 .
  14. ^ Diffie-Winius (1977), p. 68 .
  15. ^ Boxer (1969), p. 301 .
  16. ^ Russell-Wood (1998), p. 9 .
  17. ^ Rodriguez (2007), p. 9 .
  18. ^ Diffie-Winius (1977), p. 469 .
  19. ^ Davis (2006), p. 84 .
  20. ^ Bethencourt-Curto (2007), p. 232 .
  21. ^ White (2005), p. 138 .
  22. ^ Gann-Duignan (1972), p. 273 .
  23. ^ Diffie-Winius (1977), p. 156 .
  24. ^ Anderson (2000), p. 59 .
  25. ^ Newitt (2005), p. 47 .
  26. ^ Anderson (2000), p. 55 .
  27. ^ McAlister (1984), p. 73 .
  28. ^ Bethencourt-Curto (2007), p. 165 .
  29. ^ Diffie-Winius (1977), p. 174 .
  30. ^ أ ب Diffie-Winius (1977), p. 176 .
  31. ^ Boxer (1969), p. 36 .
  32. ^ Scammell (1997), p. 13 .
  33. ^ McAlister (1984), p. 75 .
  34. ^ McAlister (1984), p. 76 .
  35. ^ أ ب Diffie-Winius (1977), p. 274 .
  36. ^ Bethencourt-Curto (2007), p. 207 .
  37. ^ Abeyasinghe (1986), p. 2 .
  38. ^ Disney (2009), p. 233 .
  39. ^ Macmillan (2000), p. 11 .
  40. ^ Diffie-Winius (1977), p. 237 .
  41. ^ أ ب Disney (2009), p. 128 .
  42. ^ Diffie-Winius (1977), p. 245 .
  43. ^ Subrahmanyam (2012), p. 67 .
  44. ^ Disney (2009), p. 129 .
  45. ^ Diffie-Winius (1977), p. 238 .
  46. ^ Shastry (2000), p. 34-45 .
  47. ^ أ ب Disney (2009), p. 130 .
  48. ^ Souza (1990), p. 220 .
  49. ^ Mehta (1980), p. 291 .
  50. ^ Ricklefs (1990), p. 23 .
  51. ^ أ ب Kratoska (2004), p. 98 .
  52. ^ Gipouloux (2011), p. 301-302 .
  53. ^ Newitt (2005), p. 78 .
  54. ^ Ooi (2009), p. 202 .
  55. ^ Lach (1994), p. 520-521 .
  56. ^ West (2009), p. 800 .
  57. ^ Quanchi (2005), p. xliii .
  58. ^ Harris (2015), p. 225 .
  59. ^ Ward (2008), p. 37 .
  60. ^ Jesus (1902), p. 5 .
  61. ^ أ ب ت Dodge (1976), p. 226 .
  62. ^ Whiteway (1899), p. 226 .
  63. ^ Disney (2009), p. 175 .
  64. ^ Ooi (2009), p. 1340 .
  65. ^ O'Flanagan (2008), p. 125 .
  66. ^ Pearson (1976), p. 74 .
  67. ^ Malekandathil (2010), p. 138 .
  68. ^ Mathew (1988), p. 116 .
  69. ^ Uyar (2009), p. 76 .
  70. ^ Stapleton (2013), p. 17-18 .
  71. ^ Mancall (2007), p. 207 .
  72. ^ أ ب Thornton (2000), p. 101 .
  73. ^ أ ب Heywood (2007), p. 83 .
  74. ^ أ ب Diffie-Winius (1977), p. 464 .
  75. ^ Bethencourt-Curto (2007), p. 262 .
  76. ^ Disney (2009), p. 116 .
  77. ^ Herring (1968), p. 214 .
  78. ^ Marley (2008), p. 76 .
  79. ^ Marley (2008), p. 76-78 .
  80. ^ أ ب Marques (1972), p. 254 .
  81. ^ Marley (2008), p. 78 .
  82. ^ أ ب Marley (2008), p. 694 .
  83. ^ Brakel (1998), p. 35, 38–40 .
  84. ^ Marques (1972), p. 255 .
  85. ^ Marques (1972), p. 256 .
  86. ^ Mahoney (2010), p. 246 .
  87. ^ Russell-Wood (1968), p. 47 .
  88. ^ Ladle (2000), p. 185 .
  89. ^ أ ب Marley (2008), p. 86 .
  90. ^ Marley (2008), p. 90 .
  91. ^ Treece (2000), p. 31 .
  92. ^ Marley (2008), p. 92 .
  93. ^ Treece (2000), p. 91 .
  94. ^ Kamen (1999), p. 177 .
  95. ^ أ ب Boyajian (2008), p. 11 .
  96. ^ Gallagher (1982), p. 8 .
  97. ^ Anderson (2000), p. 104 .
  98. ^ Boxer (1969), p. 386 .
  99. ^ Bethencourt-Curto (2007), p. 111 .
  100. ^ أ ب Anderson (2000), p. 105 .
  101. ^ Thomas (1997), p. 159 .
  102. ^ Lockhart (1983), p. 250 .
  103. ^ Newitt (2005), p. 163 .
  104. ^ Disney (2009), p. 186 .
  105. ^ Smith (1986), p. 25 .
  106. ^ Puga (2002), p. 9 .
  107. ^ Lach (1994), p. 250 .
  108. ^ Linschoten (1596), p. 1 .
  109. ^ Crow (1992), p. 241 .
  110. ^ Bowen (2003), p. 2 .
  111. ^ Disney (2009), p. 74-73 .
  112. ^ Disney (2009), p. 169 .
  113. ^ Disney (2009), p. 350 .
  114. ^ Shadle (1991), p. 204 .
  115. ^ Goodman (2013), p. 13 .
  116. ^ Tenenbaum (1996), vol. 4, p. 254–255 .
  117. ^ Tenenbaum (1996), vol. 5, p. 2 .
  118. ^ Cowans (2003), p. 180 .
  119. ^ Ahmed (2011), p. 330 .
  120. ^ Boxer (1969), p. 168 .
  121. ^ Disney (2009), p. 268 .
  122. ^ Disney (2009), p. 269 .
  123. ^ Disney (2009), p. 268-269 .
  124. ^ Disney (2009), p. 273 .
  125. ^ Disney (2009), p. 288 .
  126. ^ أ ب Disney (2009), p. 298 .
  127. ^ Disney (2009), p. 289 .
  128. ^ Disney (2009), p. 277-279 .
  129. ^ Bethell (1985), p. 177–178 .
  130. ^ Levine (2003), p. 59–61 .
  131. ^ Newitt (2005), p. 335 .
  132. ^ أ ب Lisboa (2008), p. 134 .
  133. ^ Wheeler (1998), p. 48-61 .
  134. ^ Vincent-Smith (1974), p. 620–629 .
  135. ^ Wheeler (1998), p. 128 .
  136. ^ Thomas (1951), p. 47–50 .
  137. ^ Koffi (2012), p. 98 .
  138. ^ Pearson (1987), p. 158 .
  139. ^ Pearson (1987), p. 160 .
  140. ^ Anderson (2000), p. 153 .
  141. ^ Oliveira (2017), p. 1 .
بالبرتغالية
  1. ^ Godinho (1965), p. 482 .
وب
بالإنكليزية
  1. ^ "Thangasseri, Kollam, Dutch Quilon, Kerala". Kerala Tourism (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-03-29. Retrieved 2023-11-14.
  2. ^ Lynn Booker. "Tne Portuguese in the Far East" (بالإنجليزية). Algarvedailynews. Archived from the original on 2013-01-30. Retrieved 2013-04-18.
  3. ^ "'Portugal's Discovery in China' on Display". China.org (بالإنجليزية). 3 Feb 2005. Archived from the original on 2022-05-15. Retrieved 2023-11-18.
  4. ^ David Zax (09-2007). "When Portugal Ruled the Seas" (بالإنجليزية). Smithsonianmag. Archived from the original on 25-12-2012. Retrieved 18-04-2013. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (help)
  5. ^ "Ships hit during WWI: Dacia". uboat.net (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-09-23. Retrieved 2024-01-22.
  6. ^ Andrew Walmsley. "Portuguese Fireplace" (بالإنجليزية). New Forest - Explorers Guide. Archived from the original on 2023-06-27. Retrieved 2024-01-21.
  7. ^ "Dismantling the Portuguese Empire". Time Inc. (بالإنجليزية). 7 Jul 1975. Archived from the original on 2009-01-13.
  8. ^ "East Timor: Birth of a nation". BBC (بالإنجليزية). 19 May 2002. Archived from the original on 2023-04-26. Retrieved 2023-11-18.
  9. ^ "Macau and the end of empire". BBC (بالإنجليزية). 18 Dec 1999. Archived from the original on 2015-10-16. Retrieved 2024-01-23.
بالبرتغالية
  1. ^ "Declaração Conjunta Do Governo Da República Portuguesa e Do Governo Da República Popular Da China Sobre a Questão De Macau" (بالبرتغالية). Governo da RAEM. 6 Jun 1988. Archived from the original on 2023-04-12. Retrieved 2024-01-20.
  2. ^ "Estados-membros". CPLP (بالبرتغالية). Archived from the original on 2015-01-04. Retrieved 2010-08-12.
  3. ^ أ ب "Somos 240 milhões de falantes". PortugalDiário (بالبرتغالية). 16 Jul 2008. Archived from the original on 2010-10-12. Retrieved 2010-08-12.
  4. ^ "ONU: Petição para tornar português língua oficial". Diario (بالبرتغالية). 17 Nov 2005. Archived from the original on 2009-01-09. Retrieved 2010-04-21.

معلومات المراجع عدل

الدوريات المُحكَّمة (مرتبة حسب تاريخ النشر)
الكتب (مرتبة حسب تاريخ النشر)

وصلات خارجية عدل