جعفر المتوكل على الله

عاشر خلفاء الدولة العباسية

أميرُ المُؤمِنين وخَليفَةُ المُسْلِمين ومُحيي السُنَّة أبُو اَلفَضْل جَعْفَر المُتَوَكِّل على الله بن مُحَمَّد المُعْتَصِم بن هارون الرَّشيد بن مُحَمَّد المَهديّ بن عَبدُ الله اَلمَنْصُور العبَّاسيّ الهاشميّ القُرشيّ (شَوَّال 206 - 4 شَوَّال 247 هـ[2] / مارس 822 - 11 ديِسَمْبَر 861 م)، المَعرُوف اختصارًا المُتَوكِّل أو المُتَوكِّل عَلى الله، هو عاشِر خُلُفاء بَني العَبَّاس، حكم دَوْلة الخِلافة العَبَّاسيَّة مِن 232 هـ / 847 م حتى وفاتُه عام 247 هـ / 861 م، خلفاً لأخيه الواثِق بالله.[3][4]

أميرُ المُؤمِنين
جَعْفَر المُتَوكِّل عَلى الله
جَعْفَر بن مُحَمَّد بن هاروُن بن مُحَمَّد بن عبدِ الله بن مُحَمَّد بن عليّ بن عبدُ الله بن العبَّاس بن عبد المُطَّلِب الهاِشمي القُرشيّ العَدنانيّ
تَخطيط لإسم الخَليفَة جَعْفَر المُتَوكِّل على الله

معلومات شخصية
الميلاد شوَّال 206 هـ
(مارس 822 م)
فمّ الصَّلح، واسط، الخِلافَة العبَّاسيَّة
الوفاة 4 شوَّال 247 هـ
(11 ديسمبر 861 م) (40 سنة)
سامَرَّاء، الخِلافَة العبَّاسيَّة
سبب الوفاة اغتيال
مواطنة الدولة العباسية  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات
الكنية أبُو الفَضْل
اللقب المُتَوكِّل على الله
الديانة مسلم سُنّي
الزوجة
  • قبيحة
  • فريدة
  • محبوبة
  • إسحاق الأندلسية
  • نسيب المتوكلية
الأولاد
الأب مُحَمَّد المُعْتَصِم بِالله
الأم شُجاع الخوارزميَّة
إخوة وأخوات
عائلة بنو العباس  تعديل قيمة خاصية (P53) في ويكي بيانات
منصب
الخَليفةُ العَبَّاسيُّ العاشِر
الحياة العملية
معلومات عامة
الفترة 24 ذو الحجة 232 - 4 شوال 247 هـ

(10 ديسمبر 847 - 11 ديسمبر 861 م)

(أربعةَ عشر عاماً، وعشرةِ أشهُر، وثلاثَةِ أيَّام)
هاروُن الواثِق بِالله
مُحَمَّد المُنْتَصِر بِالله
السلالة العباسيون
المهنة خليفة المسلمين  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات

وُلد المُتوكِّل بن مُحَمَّد المُعْتَصِم في فمّ الصّلح، في عهد خِلافَة عَمّه المأموُن، أُمَّهُ أم ولد خَوارِزميَّة اسمها شجاع، وقد تولَّى الخِلافة بعد أخيه هاروُن الواثِق بِالله ولم يكُن قد عَهَد بوِلاية العَهْد لأحد مِن بَعْدِه، وذلك بعد أن بايعهُ الجنرالات الأتراك، حيث كانوا من المُتنفذين في الدَّولة بعد أن جَلَبهُم أبيه، شَهَد عَهد المُتَوكِّل العديد من الاضطِّرابات وبعض الإصلاحات، كما يُمثل تاريخ مَقْتَلِه أُفول نَجْم الخِلافة العبَّاسيَّة وبداية سيطرة الأتراك على الحُكْم.[5]

يُعتبر المُتَوكِّل هو خليفة المسلمين التاسع والعشرون، أو الثامن والعشرون وفق من يرى أحقية عبد الله بن الزبير على معاوية بن يزيد ومروان بن الحكم في الخلافة.[6]

نشأته عدل

نسبه عدل

هو جَعْفَر المُتَوكِّل على الله بن مُحَمَّد المُعْتَصِم بن هارُون الرَّشيد بن مُحَمَّد المِهديّ بن أبي جَعْفَر اَلمَنْصُور بن مُحَمَّد بن عليّ بن عَبدِ الله بن اَلعبَّاس بن عبد المُطلب بن هاشِم بن عبد مناف بن قُصي بن كِلاب بن مُرة بن كَعب بن لُؤي بن غالِب بن فَهر بن مالك بن النَّضر بن كِنانة بن خُزَيمة بن مُدرِكة بن إلياس بن مَضَر بن نِزار بن مُعد بن عدنان.

أما والدتُه فهي أم ولد مِن خَوارِزم تُدعى شجاع، وكانت إمرأة حازِمة وسخيَّة العطاء.[7]

ولادته عدل

وُلِد جَعْفَر في شَهر شوَّال عام 206 هـ / مارس 822 م، في مَوقِع يدعى فمّ الصُّلح على نَهْر الصَّلح الذي يصبُ في دَجْلة.[2][8]

خلافته عدل

 
دينار الخليفة المتوكل على الله

هو الخليفة العباسي العاشر. بنى مدينة المتوكلية، وبنى وطور مدينة الدور، وشيد المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة الملوية في سامراء، وجدد مقياس النيل. بويع له لست بقين من ذي الحجة سنة 232 هـ، وازداد نفوذ الأتراك في عهده.

بويع له بعد الواثق، وقد أمر بإظهار السنة، والقضاء على مظاهر الفتنة التي نشأت عن القول بخلق القرآن. وكتب إلى كل أقاليم الدولة بهذا المعنى. كما استقدم المحدِّثين والعلماء إلى مدينة سامراء وطلب منهم أن يحدثوا بحديث أهل السنة لمحو كل أثر للقول بخَلْق القرآن. وقد مدحه البحتري لما أظهر السنة، فقال:[9]

أمير المؤمنين لقد شكرناإلى آبائك الغر الحسان
رددت الدين فذا بعد أن قد أراه فرقتين تخاصمان
قصمت الظالمين بكل أرض فأضحى الظلم مجهول المكان
وفي سنة رمت متجبريهم على قدر بداهية عيان

قيل أنه قتل العديد من أعلام المسلمين ليبقي على حكمه، كما اشتهر المتوكل في بعض المصادر بمجالسه التي كثر فيها المنكر من الأغاني، وكان لاهثًا وراء إشباع شهواته ومدمنًا للخمر وكان له أربعة آلاف سرية ووطئ الجميع.[10][11]

أظهر المتوكل إكرام الإمام أحمد بن حنبل الذي ضرب وأوذى وسجن خلال فتنة خلق القرآن. استدعاه المتوكل من بغداد إلى سامراء وأمر له بجائزة سَنية، لكنه اعتذر عن قبولها، فخلع عليه خِلْعَةً عظيمة من ملابسه، فاستحيا الإمام أحمد فلبسها إرضاء له، ثم نزعها بعد ذلك. ويذكر للمتوكل تعيينه ليحيى بن أكثم لمنصب قاضى القضاة. هذا ولم يَخْلُ عهده من فتن وثورات قضى عليها.

في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله أمر بهدم جميع الكنائس في العراق ومناطق أخرى وكذلك الكنس اليهودية مع وضع شارات معينة على لباس المسيحيين واليهود ومنعهم من ركوب الخيل،[12] وفي عام 244ه أمر بقتل العالم الأديب ابن السكيت[13][14] (مؤلف كتاب إصلاح المنطق بالإضافة لعدة كتب أخرى) الذي اشتهر بتشيُّعه؛ حيث يُروى أن المتوكل ألزم ابن السكيت تعليم ابنيه المعتز والمؤيد، فسأله (أي المتوكل) ذات يوم: أيّهما أحبّ إليك ابناي هذان: المعتز والمؤيّد، أو الحسن والحسين؟ فقال ابن السكيت: والله إن قنبرًا خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك، فقال المتوكل للأتراك: سلو لسانه من قفاه، ففعلوا، فمات.[15] وقتل غيره الكثير من الشيعة. كما كلف بعض مسالحه في الطريق إلى الروضة الحسينية، فما أن وجدوا زائرًا أخذوه إلى الخليفة فيقتله أو ينهكه بالعقاب. كما قام بإيذاء والتضييق على الإمام علي بن محمد الهادي في أكثر من محفل، وفيه ألقى الإمام قصيدة «باتوا على قلل الجبال». قال الذهبي:[16][17] «وكان معروفًا بالنّصب، فتألّم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتْمَه على الحيطان والمساجد، وهجاهُ الشعراء». وقال ابن الأثير في تاريخه:[18] وكان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب ولأهل بيته؛ وكان يقصد من يبلغه أنه يتولى علياً وأهله بأخذ المال والدم.قال الخطيب البغدادي في  تاريخ بغداد:[19] لما حدث (نصر بن علي) بهذا الحديث، أمر المتوكل بضربه ألف سوط، فكلمه جعفر بن عبد الواحد؛ وجعل يقول له؛ هذا الرجل من أهل السنة، ولم يزل به حتى تركه، قلت: إنما أمر المتوكل بضربه لأنه ظنه رافضيا، فلما علم أنه من أهل السنة.[20] يقول أبو الفرج الأصفهاني: «إنّ المتوكّل كان شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظنّ والتهمة لهم، واتفق له أنّ عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره يسئ الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرب قبر الحسين وعفى أثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة.».[13]

مع الإمام علي بن محمد الهادي عدل

ذكرت كتب التاريخ والحديث العديد من الأحداث التي تدل على عداوة المتوكل للإمام علي الهادي ومحاولته الإقلال من قدره ومنزلته أمام الناس، إحدى هذه المحاولات، كما يذكر المسعودي في كتابه مروج الذهب أنه نمي إلى المتوكل بعلي بن محمد أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قم، وأنّه عازم على الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الأتراك، فهاجموا داره ليلاً، فلم يجدوا فيها شيئاً، ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوّجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن. وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي، فردّ الإمام: «والله ما خامر لحمي ولا دمي قط فأعفني»، فأعفاه. فقال له: «أنشدني شعراً»، فقال الإمام: «أنا قليل الرواية للشعر». فقال: «لا بد». فأنشده:

[21]
باتوا على قُلَلِ الأجبال تحرسهمغُلْبُ الرجال فما أغنتهمُ القُلل
واستنزلوا بعد عزّ عن معاقلهمفأودعوا حُفَراً، يا بئس ما نزلوا
ناداهُم صارخ من بعد ما قبرواأين الأسرة والتيجان والحلل؟
أين الوجوه التي كانت منعمةمن دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساء لهمتلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوافأصبحوا بعد طول الأكل قد أُكلوا
وطالما عمروا دوراً لتحصنهمففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا
وطالما كنزوا الأموال وادخروافخلفوها علي الأعداء وارتحلوا
أضحت مَنازِلُهم قفْراً مُعَطلةوساكنوها إلي الأجداث قد رحلوا


قال الراوي: «والله لقد بكى المتوكل بكاءً طويلاً حتى بلّت دموعه لحيته!. وبكى من حضره، ثم أمر أن يرفع الشراب، وأمر بإرجاع الإمام إلى داره مكرماً».[22]

أهم الأحداث في عهده عدل

مواجهته مع الروم عدل

وفي سنة 238 هـ قام الروم بغزو بحري مفاجيء من جهة دمياط، وهم الذين هزمهم المعتصم في واقعة عمورية، لكنهم بعثوا بثلاثمائة مركب وخمسة آلاف جندي إلى دمياط، وقتلوا من أهلها خلقًا كثيرًا، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر، وأسروا نحو ستمائة امرأة مسلمة، وأخذوا كثيرًا من المال والسلاح والعتاد، وفر الناس أمامهم، وتمكن الجنود الرومان من العودة إلى بلادهم منتصرين.

ولم تمضِ ثلاث سنوات على هذا الغزو حتى عاود الروم عدوانهم على البلاد؛ فأغاروا على ثغر من الثغور يسمى «عين زربة» (بلد بالثغور قرب المصيصة بتركيا حصَّنها الرشيد)، وأسروا بعض النساء والأطفال، واستولوا على بعض المتاع. استمرت المناوشات ومعارك الحدود بين الروم والمسلمين منذ سنة 853م (238هـ) وحتى سنة 860م (246هـ) بقيادة على بن يحيى الأرمني.

كان الروم قد أجهزوا على كثير من أسرى المسلمين الذين رفضوا التحول إلى النصرانية؛ لأن أم ملك الروم كانت تعرض النصرانية على الأسارى فإن رفضوا تقتلهم، وتم تبادل الأسرى بمن بقى حيّا من المسلمين في السنتين الأخيرتين.

غارات الأحباش عدل

على حدود مصر وبالقرب من بلاد النوبة، كان المصريون يعكفون على استخراج الذهب والجواهر الكريمة، وإذا بطائفة من الأحباش على مقربة من «عيذاب» على البحر الأحمر يعرفون باسم «البجة» يهجمون على تلك المناجم، ويقتلون عددًا كبيرًا من عمالها المسلمين، ويأسرون بعض نسائهم وأطفالهم مما جعل العمل في هذه المناجم يتوقف أمام هذه الهجمات.

يحاط المتوكل علمًا بما حدث، ولكن معاونيه أخبروه بما يعترض إرسال الجيش من عقبات تتمثل في أن أهل «البجة» يسكنون الصحاري، ومن الصعب وصول جيش المتوكل إليهم، فلم يرسل إليهم في بادئ الأمر، وتمادى البجة في عدوانهم وتجرئوا، فأخذوا يُغيرون على أطراف الصعيد، حتى خاف أهله على أنفسهم وذرياتهم، واستغاث أهل الصعيد بالمتوكل، فجهز جيشًا بقيادة محمد بن عبد الله القمي من عشرين ألف رجل، على أن يعينه القائمون بالأمر في مصر بما يحتاج إليه الجيش من طعام وشراب ومؤن. التقى الجيش مع البجة وقضى على جموعهم سنة 856م (241هـ).

إصلاح الداخل عدل

حاول المتوكل إصلاح ما فسد، فراح يعزل الكثير من عمال الولايات، ويصادر أملاكهم بعد أن عَمَّت الشكوى، وعزل يحيى بن أكثم عن القضاء، وولى جعفر بن عبد الواحد مكانه، وكذلك عزل عامله على المعونة أبا المغيث الرافعي وعين مكانه محمد بن عبدويه. ولكنه لم يكد يُحكم سيطرته على العمال والولاة حتى هبت ريح سَمُوم، أكلت الأخضر واليابس، وأهلكت الزرع والضرع في الكوفة والبصرة وبغداد، واستمرت خمسين يومًا أوقفت فيها حركة الحياة، وقتلت خلقًا كثيرًا.

زلزال مدمر عدل

يشاء الله أن يأتي زلزال فيؤدي إلى قتل عدد كبير من الناس، لقد بدأت الزلازل في السنة التي تولى فيها المتوكل حيث تعرضت دمشق لزلزلة هائلة تهدمت بسببها الدور والمنازل، وهلك تحتها خلق كثير. وامتدت الزلزلة إلى أنطاكية فهدمتها، وإلى الجزيرة العراقية فقضت عليها، وإلى الموصل فأدت إلى وفاة خمسين ألفًا. وفي سنة 857م (242 هـ)، زُلْزِلَت الأرض زَلْزلَةً عظيمة «بتونس» وضواحيها، و«الرَّي» و«خراسان»، و«نيسابور»، و«طبرستان»، و«أصبهان»، وتقطعت الجبال، وتشققت الأرض، ومات من الناس خلق كثيرون. أما في سنة 245 هـ، فقد كثرت الزلازل، وشملت أماكن عديدة حتى قيل: إنها عمت الدنيا. وكان لابد أن تصاب الحياة بالشلل، ويعم الخراب والدمار والبؤس.

مقتله عدل

أما عن مقتله فلقد وقع المتوكل في نفس غلطة جده الرشيد عندما عقد الولاية لثلاثة من أبناءه الأمين فالمأمون فالمؤتمن وأدى ذلك لاقتتال شديد راح ضحيته الكثير في مقدمتهم الأمين نفسه، قام المتوكل بعقد الولاية لثلاثة من أبناءه المنتصر ثم المعتز ثم المؤيد، ولم تكن قلوب الأتراك مطمئنة إلى المتوكل فعملوا على استغلال كره المنتصر لأبيه المتوكل بسبب تفضيل المتوكل لولده المعتز على المنتصر ثم وقعت حادثة أشعلت نار الحقد في قلب المنتصر ضد أبيه عندما مرض المتوكل يوماً فأمر المعتز أن يخطب الجمعة مكانه فأجاد فيها وعظم في أعين الناس فخاف المنتصر فوات الخلافة منه لأخيه فتآمر مع بعض قادة الأتراك على قتل أبيه المتوكل وبالفعل في ليلة الأربعاء 4 شوال سنة 247 هـ دخلوا على المتوكل فقتلوه بسيوفهم وقتلوا معه صديقه الفتح بن خاقان وأشاعوا أن الفتح هو الذي قتله وأنهم قتلوه لفعلته وولوا المنتصر مكانه وكانت هذه الحادثة إيذاناً ببدء سلسلة طويلة من قتل وعزل الخلفاء بعد أن ضاعت كرامتهم على يد الأتراك يوم أن استقدمهم المعتصم ليدخلوا بلاد المسلمين .

رثاه يزيد بن محمد المهلبي بقوله:

لا وجْد إلا أراه دون ما أجدُولا كمن فقدتْ عيناي مُفتقد
إنا فقدناك حتى لا اصطبار لناومات قبلك أقوام فما فُقِدوا
قد كنتُ أسرف في مالي فتُخلفهفعلّمتْني الليالي كيف أقتصد


حياته الشخصية عدل

صفته عدل

كان المتوكل مربوعاً أسمر خفيف شعر العارضين. كان متمذهباً بمذهب الشافعي وهو أول من تمذهب له من الخلفاء. يعتبره عدد من العلماء محيي السنة ومميت البدعة أمثال الذهبي وخليفة بن خياط لإنهائه فتنة خلق القرآن، فقال خليفة بن خياط: «استخلف المتوكل، فأظهر السنة، وتكلم بها في مجلسه، وكتب إلى الآفاق برفع المحنة، وبسط السنة، ونصر أهلها.»، [23] وقال فيه إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة: «الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق قاتلَ أهل الردة حتى استجابوا له، وعمر بن عبد العزيز ردَّ مظالم بني أمية، والمتوكل محا البدع وأظهر السنة»، [24] وقال ابن الجوزي: «أطفأ المتوكل نيران البدعة، وأوقد مصابيح السنة».[25] ويرى أخرون أنه كان ناصبيًا لهدمه قبر الحسين، مثل السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء، [2] وقال صلاح الدين الصفدي: «وكان معروفًا بالنصب فتألم المسلمون لذلك، وكتب أهل بغداد شتمه على الحيطان.»، وقيل: «لم يصح عنه النصب».[23][24]

من أخباره عدل

روى الطبري في تاريخه:[26] قال (محمد بن عبد الملك وزير الواثق): أتاني جعفر بن المعتصم (هو المتوكل) يسألني أن أسال امير المؤمنين الرضا عنه في زي المخنثين له شعر قفا، فكتب إليه الواثق: ابعث إليه فأحضره، ومر من يجز شعر قفاه، ثم مر من يأخذ من شعره ويضرب به وجهه، واصرفه إلى منزله؛ فذكر عن المتوكل أنه قال: لما أتاني رسوله، لبست سوادا لي جديدا، وأتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عنى.فقال: يا غلام، ادع لي حجاما، فدعي به، فقال: خذ شعره واجمعه، فأخذه على السواد الجديد ولم يأته بمنديل، فأخذ شعره وشعر قفاه وضرب به وجهه.قال المتوكل: فما دخلني من الجزع على شيء مثل ما دخلني حين أخذني على السواد الجديد، وقد جئته فيه طامعا في الرضا، فاخذ شعرى عليه اه

وُصف للمتوكل عائشة بنت عمر بن فرج الرخجي، فوجه إليه في جوف الليل أن احمل إلي عائشة، فسأله أن يصفح عنها، فإنها القيمة بأمره، فأبى ثم حملها بالليل، فوطئها، ثم ردها إلى منزل أبيها (المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118[27]).

في سنة 238ه، ظفر المتوكل بإسحاق ابن إسماعيل؛ مولى بنى أميّة بتفليس. فلمّا قصدها أمر النفاطين فضربوها بالنار. واحترق في المدينة نحو خمسين ألف إنسان. صاحب تجارب الأمم وتعاقب الهمم (4/ 300).[28]

مصادر عدل

  • تاريخ الخلفاء للسيوطي
  • مغنية، محمد الجواد، الشيعة والحاكمون، الناشر: دار ومكتبة الهلال، بيروت لبنان، الطبعة الأخيرة 1421ه 2000 م.
  • أبو الفرج الأصبهاني، علي بن موسى بن جعفر بن محمد، مقاتل الطالبيين، تحقيق: السيد أحمد صقر، الناشر: دار المعرفة بيروت.
  • تاريخ الطبري.

مراجع عدل

  1. ^ مختصر التاريخ من اول الزمان إلى منتهى دولة بني العباس، تأليف: ابن الكازروني (ت. 697 هـ)، تحقيق: د. مصطفى جواد، ص147-148، المؤسسة العامة للصحافة والطباعة مطبعة الحكومة-بغداد، 1970.
  2. ^ أ ب ت الكامل في التاريخ، ابن الأثير، سنة سبع وأربعين ومائتين
  3. ^ The Samarra Archaeological Survey نسخة محفوظة 21 يناير 2013 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ "Decree of Caliph al-Mutawakkil". مؤرشف من الأصل في 2012-01-14. اطلع عليه بتاريخ 2012-05-15.نسخة محفوظة 03 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ الدولة العباسية، محمد الخضري بك، المتوكل
  6. ^ الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر ج3 ص910 نسخة محفوظة 09 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ البداية والنهاية، ابن كثير، سنة سبع وأربعين ومائتين
  8. ^ "ص190 - كتاب تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير - فم الصلح - المكتبة الشاملة". shamela.ws. مؤرشف من الأصل في 2023-10-28. اطلع عليه بتاريخ 2023-10-28.
  9. ^ تاريخ الخلفاء وهدية العلماء، الإمام السيوطي، طبع مجتبائي بدلهي 1346، صفحة 235
  10. ^ مروج الذهب للمسعودي
  11. ^ تاريخ الخلفاء للسيوطي - صفحة: 543
  12. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.158. يمكن أخذ فكرة عن الاضطهاد الذي وقع خلال خلافته على أقباط مصر على الاضطهاد الديني وتمييز الأقباط من خلال الزي الإسلامي، تاريخ الأقباط، 25 شباط 2011. نسخة محفوظة 10 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  13. ^ أ ب الأصبهاني، ص 395
  14. ^ وفيات الأعيان لابن خلكان - صفحة/مجلد: 3/365
  15. ^ معنية، ص 170-171
  16. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا2
  17. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا3
  18. ^ الكامل في التاريخ: (6/ 130)
  19. ^ تاريخ بغداد: (15/ 389)
  20. ^ تاريخ بغداد (15/ 389)
  21. ^ المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج4، ص11.
  22. ^ ابن الجوزي، تذكرة الخواص، ج2 ص497.
  23. ^ أ ب سير أعلام النبلاء، الطبقة الثالثة عشر، المتوكل على الله، جـ 12، صـ 31: 41 نسخة محفوظة 30 مارس 2019 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ أ ب صلاح الدين الصفدي. الوافي بالوفيات جـ 9. دار الكتب العلمية. ص. 78، 79. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08.
  25. ^ ابن الجوزي. مناقب أحمد بن حنبل. دار ابن خلدون. ص. 313. مؤرشف من الأصل في 2019-12-08.
  26. ^ تاريخ الطبري (9/ 157)
  27. ^ المحاسن والأضداد للجاحظ ص 118
  28. ^ صاحب تجارب الأمم وتعاقب الهمم (4/ 300)


قبلــه:
هارون الواثق بالله
الخلافة العباسية
847 – 861
بعــده:
محمد المنتصر بالله