حرب الوهابية هي حرب دارت في عام 1790 واستمرت حتى عام 1818 ، بين الدولة السعودية الأولى، وولاة العراق التابعين للدولة العثمانية والموالين لها مثل إمارة المنتفق والقبائل القاطنة في مناطقهم، وكانت دوافع الدولة السعودية الأولى نشر المذهب السلفي خارج شبه جزيرة العرب، بالإضافة إلى زيادة رقعة الدولة السعودية بالتوسع خارج شبه جزيرة العرب، وضم الأراضي الواقعة غرب نهر الفرات من عانة إلى البصرة للأراضي السعودية.[3] ولم يستطع ولاة العراق القضاء على الدولة السعودية الأولى، أو الانتصار عليها في هذه الحرب مما دفع بالدولة العثمانية إلى الطلب من والي الشام العثمانية الهجوم على الدولة السعودية الأولى والقضاء عليها إلا أن واليها رفض الطلب خوفاً من قتالها وضم الشام إلى الدولة السعودية، مما دفع بالدولة العثمانية إلى توجيه الأوامر بالهجوم على الدولة السعودية الأولى والقضاء عليها إلى محمد علي باشا والي إيالة مصر الذي قبل الأوامر واندلعت على أثرها الحرب السعودية العثمانية أو كما تعرف بحملات محمد علي على الجزيرة العربية (الحرب السعودية المصرية) وذلك عام 1811.

حرب الوهابية
جزء من التوسع السعودي خارج شبة الجزيرة العربية
معلومات عامة
التاريخ 1790 إلى 1818
الموقع شبه الجزيرة العربية، العراق العثمانية، إمارة المنتفق، الزبارة، البحرين، الأحساء، الشارقة، مسقط، الحجاز، كربلاء، الدرعية
النتيجة أبرز نتائج الحرب:
المتحاربون
 الدولة السعودية الأولى  الإمبراطورية البريطانية
مماليك العراق
إمارة المنتفق
 الدولة العثمانية
الكويت الكويت
الإمارة الخالدية الأولى بنو خالد
البحرين
عمان
قطر
إمارة الشارقة القواسم
أشراف مكة
الشيعة في العراق
القادة
عبد العزيز  أعدم
سعود الكبير
إبراهيم بن عفيصان
عثمان المضايفي
مطلق بن محمد المطيري
عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود أعدم
فيصل بن سعود الكبير آل سعود 
عثمان بن عبد الرحمن العدواني أعدم
طامي بن شعيب المتحمي أعدم
بخروش بن علاس أعدم
محمد بن دهمان الشهري أعدم
مسعود بن مضيان الظاهري أعدم
الشريف جابر بن جبارة الحسني 
هادي بن قرملة القحطاني 
غصاب بن شرعان العتيبي 
الشريف حمود أبو مسمار الخيراتي
حجيلان بن حمد التميمي
محمد بن عبد المحسن آل علي أعدم
سليمان باشا الكبير
علي باشا الكيخيا
ثويني السعدون 
الشيخ دهلة الفرج المنصراوي 
مطلق الجربا 
الكويت عبد الله الصباح
الإمارة الخالدية الأولى براك بن عبد المحسن السرداح
سلمان بن أحمد آل خليفة
إمارة الشارقة سلطان بن صقر القاسمي
غالب بن مساعد
الدولة العثمانية سليم الثالث
محمد علي باشا
طوسون باشا
إبراهيم باشا
أحمد بونابرت
مصطفى بك
عابدين بك
محو بك
حسين بك
حسن باشا
المسيو فاسيير
إبراهيم آغا 
أحمد آغا أبو شنب 
سليم آغا الخازندار 
رشوان آغا
آبوش آغا
القوة
16,000 - 27,000 مقاتل[1] آلاف من الفرسان الأكراد والعرب
آلاف من المقاتلين من القبائل المتحالفة ضد السعودية
الخسائر
غير معروف غير معروف
ملاحظات
تقدر إجمالي عدد الخسائر العراقية في الحرب إلى أكثر من 6,000 أغلبهم مواطنين، 5,000 منهم قتلوا في معركة كربلاء.[2]
الخسائر السعودية خفيفة جدا.

حملات إمارة المنتفق على القصيم والإحساء

عدل

بدأت تتجمع عوامل التصادم بين مماليك العراق، والدولة السعودية الأولى، عندما أصبح العراق العثماني وبخاصة جنوبه مركزاً لتجمع القوى المعارضة للدولة السعودية الأولى ودعوتها الإصلاحية. وبرزت عوامل الاحتكاك بين الطرفَين، بعد حملة قام بها ثويني بن عبد الله السعدون، رئيس إمارة المنتفق، على القصيم، عام 1201 هـ الموافق 1786، ومعه حشود كبيرة من قبائل المنتفق وأهل المجرة والزبير وبوادي شمّر وغالب وطيء. وشن هجوماً على بلدة التنومة، واستولى عليها عنوة، وقتل الكثير من أهلها بمذبحة تسمى مجزرة التنومة. ثم حاصر بريدة، ولكنه اضطر إلى رفع الحصار عنها، حينما سمع بوقوع الاضطرابات في بلاده، فعاد إلى وطنه. وقد صعّدت هذه الحملة من حدّة الموقف، وصارت سبباً قوياً من أسباب الاصطدام المباشر، بين الدولة السعودية الأولى وإمارة المنتفق ومماليك العراق، في جنوبي العراق. وأرسل الإمام عبدالعزيز بن محمد رسالة، إلى سليمان باشا الكبير، والي بغداد، مصحوبة بنسخة من كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، «التوحيد الذي هو حق الله على العبيد»، وطلب منه أن يجمع علماء بغداد، للنظر في الكتاب، والإيمان بما جاء فيه. إلا أن الوالي، استخف بهذه الدعوة، وكان رده سلبياً، مقللاً من شأن الدعوة الإصلاحية. وبذلك، عدّت أرض العراق دار حرب، في نظر أتباع الدولة السعودية الأولى.[4]

وقامت إمارة المنتفق والقبائل الشيعية، في العراق بدور فاعل في مساندة بني خالد والخارجين على النفوذ السعودي من المدن النجدية، ولهذا رأى الإمام عبدالعزيز بن محمد، أن يقوم بأعمال تأديبية ضد هذه العشائر في جنوبي العراق؛ فقاد ابنه سعود بن عبدالعزيز في عام 1203 هـ الموافق 1788، جيشاً فاجأ إمارة المنتفق، في الموضع المعروف بالروضتين بين المطلاع وسفوان. فكانت هذه الحملة الاستطلاعية هي أول حملة سعودية تدخل حدود العراق، وظلت إمارة المنتفق تؤوي الهاربين من الدولة السعودية الأولى فلجأ إليها عبد المحسن بن سرداح وأتباعه من بنو خالد عام 1204هـ الموافق 1789. وبعده لجأ ابنه براك بن عبد المحسن عام 1207هـ الموافق 1792.

وفي عمل عسكري فعال قاد الإمام سعود بن عبدالعزيز عام 1209 هـ الموافق 1794، الغزو ضد قبائل الظفير في مقاطعة الحجرة، على الحدود العراقية، وتمكنت الدولة السعودية الأولى من نقل ميدان الهجوم إلى الأراضي العراقية الجنوبية، وأصبحت في مركز قوة تستطيع منه تحدي مماليك العراق، وبخاصة بعد أن تمكنت من تثبيت حكمها في الأحساء، وكانت فرصة سانحة للدولة الدولة السعودية الأولى، حتى تؤدب إمارة المنتفق، وقبيلة الظفير، والقوى المعارضة، التي هربت إلى هذه المنطقة.

وبعد هذا الغزو المتلاحق لجنوبي العراق، دارت مكاتبات بين السلطان العثماني سليم الثالث ووالي بغداد، سليمان باشا الكبير، من أجل تسيير حملات عثمانية قوية ضد الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى. إلا أن سليمان باشا الكبير، كان يقدر صعوبة قيام جيشه المنظم بحروب في الصحراء، لم يَعْتَدْ عليها، وليس لديه الخبرة الكافية بطبيعتها. كما خشى أن تقوم القبائل الساكنة في جنوب البصرة، بإنتفاضات وقلاقل ضد الدولة؛ فرأى والي بغداد، سليمان باشا الكبير، أن يعمل على ضرب السعوديين بعرب العراق؛ فأفرج عن ثويني بن عبد الله السعدون، أمير إمارة المنتفق السابق، المعتقل، وأعاد إليه إمارة المنتفق، بدلاً من حمود بن ثامر، وعقد له لواء حرب الدولة السعودية الأولى. وجدّ ثويني بن عبد الله السعدون في جمع جيش كبير، يتكون من إمارة المنتفق، والزبير، والبصرة، والعناصر الساخطة من بنو خالد.

انطلق ثويني بن عبد الله السعدون بحملته نحو الأحساء. ولم يتوجه نحو الدرعية مباشرة؛ لأن حملته، أولاً، كانت تضم زعيمَين من بني خالد، هما براك بن عبد المحسن، ومحمد بن عريعر ولهما أتباع في الأحساء، مما يسهل غزو الأحساء. ثانياً، لأن الطريق إلى الإحساء أكثر سهولة، خاصة أنه يستطيع استعمال المراكب والسفن في نقل الجنود، ولا سيما الترك منهم، والمؤن والعتاد. وثالثاً، لأن ثويني بن عبد الله السعدون أدرك أهمية الأحساء كمركز تموين سهل للقوات. ومع هذا، فإن حملة ثويني بن عبد الله السعدون، لم يقدر لها أن تحقق هدفها، لأنها كانت، في الواقع، تحوي عناصر متباينة، خاصة من رؤساء بني خالد، ولأن ثويني بن عبد الله السعدون، قائد الحملة، كان قد لقي مصرعه، على يد أحد عبيد بني خالد، قبل أن يقوم بأي عمل ناجح، ضد القوات السعودية، التي سيرتها الدرعية صوب الأحساء. فاضطربت صفوف الحملة العراقية، واضطرت إلى التراجع. فتعقبتها القوات السعودية، وأخذت تطارد فلولها حتى حدود الكويت. واستولت على الكثير من معداتها ومدافعها وعتادها، وغنمت الكثير من الغنائم. وانضم براك بن عبد المحسن إلى القوات السعودية.[5]

وقام الإمام سعود بن عبد العزيز بهجوم على جنوبي العراق، رداً على حملة ثويني بن عبد الله السعدون. وغزا سوق الشيوخ والسماوة. ووصل قرية أم العباس. وشن أثناء غارته، هجوماً على قبائل شمر، والظفير، وغيرهما من العرب، وقتل مطلق الجربا أحد شيوخ قبيلة شمر. وجاءت أوامر مشددة من الباب العالي، إلى سليمان باشا الكبير، بأن يعد حملة قوية من الجنود النظاميين، ضد خطر الدولة السعودية الأولى.

حملة علي باشا على الإحساء

عدل

في 22 ربيع الآخر 1213هـ/2 أكتوبر 1798م[6] قام سليمان باشا بإعداد حملة كبيرة ثالثة، وسلم قيادتها إلى نائبه علي باشا. وتألفت الحملة من أربعة آلاف إلى خمسة آلاف إنكشاري يدعمهم طابور من المدفعية لم يكن على درجة من الكفاءة، ثم أضيفت إليها قوة أجيرة غير نظامية تعادل ضعف النظامية من قبائل عقيل والعبيد ومن قبيلة شمر بقيادة فارس الجربا،[7] والمنتفق يقيادة حمود بن ثامر السعدون وانضم إليهم من قبائل آل بعيج والزقاريط وآل قشعم وأهل الزبير وجماعات من الظفير.[8] ورافق الكهية محمد بك الشاوي زعيم قبيلة العبيد مستشارًا في شؤون البادية، فوصلت تلك الجيوش إلى البصرة في 2 يناير 1799م،[9][10] ثم الزبير فالروضتين فالجهرة، واستأجرت الحملة من شيخ الكويت عبد الله الصباح مراكب لنقل المعدات الثقيلة إلى العقير.[11] وحملت عشرة آلاف بعير روايا الماء مع سائر الحاجات، إلا أن عددها كان يتناقص بسرعة. وكانت مشقات السير تتطلب وقفات كثيرة مدة أيام عديدة.[9] ونظرًا لجهل علي باشا بالشؤون العسكرية ومعاملته السيئة لزعماء القبائل الذين كان عليه أن يعتمد عليهم، فقد تنبأ الكثيرون بفشل الحملة وانهيارها حتى قبل أن تتحرك.[12]

وصلت الحملة إلى المبرز والهفوف، وحاصرت الحصنَين السعوديَّين فيهما. وكان على رأس حامية حصن المبرز سليمان بن محمد بن ماجد. وكان على رأس حامية حصن الهفوف إبراهيم بن سليمان بن عفيصان. وقد صمد الموجودون في الحصنين أمام هذا الحصار، مما ترك أثراً سيئاً في الجنود المهاجمين. وبدأ تناقص قوات الحملة ونفق كثير من دواب النقل لديهم، ونقصت المؤن الغذائية. فطالب جنود علي باشا الذين أصابهم اليأس بالرجوع. فاضطر أخيراإلى العودة إلى بغداد من دون أن يحقق نصراً. وأثناء عودته كانت قوات آل سعود القادمة من الدرعية، قد وصلت إلى الأحساء يقودها الأمير سعود بن عبد العزيز الذي ما أن علم بانسحاب قوات علي باشا حتى قرر أن يتعقبها؛ فسبقها ونزل بقواته على ماء «ثاج». وكان علي باشا قد عسكر في مكان يدعى «الشباك» بالقرب من ثاج. وحدثت مناوشات بين الطرفَين، كانت دون جدوى ولم يكتب النصر لأي من الفريقَين.[3]

اضطر علي باشا إلى مفاوضة الأمير سعود بن عبد العزيز بعد أن فشل في تحقيق انتصار على السعوديين. وقد اشترط على سعود عدة شروط لتوقيع صلح بينهما، منها: أن يخرج السعوديون من الأحساء ويرحلوا عنها، وأن يدفع السعوديون نفقات حملتهم، وأن يعيد السعوديون كل ما غنموه من قوات مماليك العراق وإمارة المنتفق أثناء حملة ثويني السعدون، أن لا يتعرض السعوديون لقوافل الحجاج الذين يأتون من العراق ويمرون بالأراضي التابعة لهم. ويتعهد السعوديون بالمحافظة على الأمن وسلامة الطرق في أراضيهم. وكانت شروط الصلح التي طلبها علي باشا من السعوديين شروطاً غير واقعية، خاصة أنها جاءت في ظرف فشل الحملة وتراجعها. وأراد علي باشا الذي طالب بهذه الشروط أن يبرر بها عدة أمور، منها:

أن يقلل من حدّة الصدمة العثمانية الناتجة عن ضعف الموقف العسكري للحملة، ومدى الصعوبات التي اعترضتها حتى اضطرتها إلى الانسحاب من الأحساء والعودة إلى العراق من دون أن تحقق هدفها، وأن يبين للمسؤولين العثمانيين، أن عودته إلى العراق كانت بعد أن اشترط على السعوديين عدة شروط، كانت تصب في صالح العثمانيين. والشروط التي طلبها تمثل الشروط التي تمليها السلطة المتنفذة على السلطة التابعة، أن يقنع قواته بأنه لم يهزم على الرغم من تناقضات الموقف وصعوباته.[3]

ومع أن السعوديين كانوا في وضع عسكري أفضل من وضع حملة علي كيخيا إلا أن الأمير سعود ردّ على رسالة علي باشا التي تحمل شروط الصلح برسالة لا يستشف منها قبول الشروط؛ وإنما أرجأ ذلك لما يراه والده الإمام عبد العزيز. وهو يعلم تماماً بأن والده لن يوافق على شرط واحد من هذه الشروط؛ وإنما هي فرصة لكسب الوقت من جهة، ولضمان انسحاب قوات مماليك العراق من الأحساء من جهة أخرى. وهذا في حد ذاته مكسب كبير للسعوديين، لأنه يخفف عنهم أعباء العمليات العسكرية وضغطها. وقد ردّ الأمير سعود على شروط علي باشا برسالة جاء فيها:

«جـاءنا كتابكم، وفهمنا معناه. فأما الحسا فهي قرية خارجة عـن حكـم الـروم (أي الترك) ولا تساوي التعب. وما في شيء يوجب الشقاق. وأما الأطواب (الأسلاب) فهي عند والدي في الدرعية إذا صدرتُ إليه أعرض الحال بين يديه. والوزير سليمان باشا الكبير أيضاً يكتب له. فإن صحت المصالحة وارتفع الشقاق من الطرفَين فهي لكم وأنا الكفيل بها حتى أوصلها إلى البصرة. وأما مصاريفكم فإني لا أملك من الأمر شيئاً والشورى في يد والدي. وأما الأمنية (الأمن) فهي التي لا زلنا نقاتل الناس عليها، حتى جعلنا الأرض كلها وجميع المسلمين مشتركين فيها. وصار الذئب لا يقدر يضر الشاة في أحكامنا.»[3]

فشل الحملة

عدل

وتتضح أسباب فشل حملة علي باشا الكيخيا، من خلال ما تحويه من عناصر عسكرية متباينة، والتنافس الذي دب في صفوف شيوخ العشائر البدوية، التي شاركت في الحملة المذكورة، هذا إلى جانب استبسال الحاميتَين السعوديتَين، في الهفوف، والمبرز، ضد قوات الحملة، إضافة إلى هذا كله خبرة القوات السعودية بحروب الصحراء، وتحمّلها ما ينتج عن هذه الحروب، من صعوبات. وفي الجانب الآخر، فإن قوات علي باشا الكيخيا، لم تكن لديها الخبرة الكافية بحروب الصحراء، ولم يكن لديها الاستعداد لتحمّل متاعب هذه الحروب، أضف إلى هذا قلة خبرة علي باشا الكيخيا نفسه بمثل هذه الحروب، وسوء إدارته في معاملة قواته خاصة قوات العشائر التي تؤدي دوراً كبيراً في مثل هذه الحروب.

أثبت فشل حملة علي باشا الكيخيا على الأحساء أنه ليس في مقدور ولاة العراق عمل أي شيء يمكن به القضاء على الدولة السعودية الأولى، أو على الأقل إضعافها بشكل لا تقوى معه على الامتداد خارج نجد. وقد أدى هذا الأمر إلى اقتناع الدولة العثمانية في الآستانة بأن والي العراق العثماني لا يصلح بحال من الأحوال أن يقود الحركة الهجومية العثمانية ضد السعوديين. وهذا بدوره أدى إلى استعانة السلطات العثمانية بالولايات العثمانية الأخرى غير العراق، وإسناد مهمة القضاء على الدولة السعودية الأولى إليها.[3]

معركة كربلاء

عدل

ولم يدم الصلح، الذي جرى بين الإمام سعود الكبير وعلي باشا، طويلاً. فقد تصدت قبيلة الخزاعل، الشيعة، لبعض أتباع الدولة السعودية الأولى، وقتلت حوالي 300 رجل منهم، عام 1214 هـ الموافق 1799، قرب النجف. وقد احتج السعوديون، لدى والي بغداد، وطالبوا بدفع دية المقتولين. فكلف الوالي عبد العزيز بن عبد الله الشاوي، بالمرور على الدرعية، في أثناء عودته من الحج، والتباحث مع الإمام عبد العزيز، لتسوية الأمر، غير أن هذا المبعوث لم ينجح، وأخبر والي بغداد عن نية الدرعية، أن يكون لها بلاد غرب الفرات، من عانة إلى البصرة. ولم يكن من السهل على الإمام عبدالعزيز، نسيان قتلاهم. فهاجمت القوات السعودية، بقيادة الإمام سعود الكبير، في عام 1216 هـ الموافق 1801، جنوبي العراق، وهدمت القباب والأضرحة والمزارات الشيعية، وهدمت قبة قبر الحسين، في كربلاء، انتقاماً من الشيعة. وعادت القوات السعودية، بسرعة، إلى الدرعية، ولم تلحق بها قوات علي باشا.

هذا ما جعل الدولة العثمانية، ترسل أوامرها المشددة، إلى والي بغداد، ليعمل على إيقاف الحملات السعودية . كما أن الشاه الفارسي، الذي استاء مما حدث في الأماكن المقدسة عند الشيعة، أخذ يضغط على والي بغداد، ويطلب منه أن يسمح لقواته بعبور العراق، لمحاربة السعوديين. واستمرت الحملات السعودية على مناطق جنوبي العراق. وقد وصلت، مرة ثانية، في عام 1223 هـ الموافق 1808، إلى كربلاء، ولم تتمكن من دخولها. وتوقفت حملات الدولة السعودية على جنوبي العراق، لانشغالها بالإعداد لمواجهة خطر الزحف العسكري، القادم من مصر، من طريق واليها، محمد علي باشا، الذي نفذ أوامر السلطان، فأعد الحملات ضد الدرعية.

وعلى الرغم من أن التحركات السعودية ضد العراق، استمرت فترة طويلة، استغرقت حوالي ربع قرن من 1202 هـ ـ 1226 هـ الموافق 1788 ـ 1811، فإن النفوذ السعودي، لم يستطع أن يوطد قدمه في أي جزء من الأراضي العراقية، ولم تستطع الدرعية أن تعين لها عمالاً، في أي بلدة عراقية.

اغتيال الإمام عبد العزيز

عدل

في يوم الجمعة من أواخر عام 1803 قُتلَ الإمام عبد العزيز من قبل شخص أفغاني الأصل كان يُقيم في بغداد أسمه ملا عثمان قيل: إنه نذر نفسهُ للدفاع عن الإسلام وعزم أن يقتل إمام الوهابيين، وقيل في رواية أخرى إنه من أهل كربلاء وأنه كان فيها أثناء غزو الوهابيين لها وشهدَ كيف ذبحوا زوجتهُ وأطفاله فأقسم َ على الانتقام، فقد ذهبَ ملا عثمان إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى وهو بزي درويش فأختلط بهم حتى اطمأنوا إليه ووثقوا بهِ فكان يُصلي في الصف الثالث في صلاة الجماعة وراء الإمام عبد العزيز مباشرة وفي يوم الجمعة انتهز الفرصة أثناء الركوع فألقى بنفسهِ على الأمير وطعنهُ بسكين اخترقت بطنهُ من الخلف، ولم يكتف بذلك بل طعنَّ عبد الله شقيق الإمام وكان يصلي بجانب شقيقه فجرحهُ جرحاً بليغاً ولكن هذا أسرع رغم إصابته وهوى على القاتل بسيفهِ فقتلهُ.[13]

وتولى إمارة الدولة السعودية الأولى بعد الإمام عبد العزيز ابنه سعود الكبير، وقد عزم على الانتقام لأنه ظنَّ أن القتل جرى بتحريض من والي بغداد، فأغار على قبيلة الظفير وكانت منتشرة في البادية بموسم الربيع ونهبها نهبا، ثم توجه نحو البصرة فهدم الجانب الجنوبي وقتل الكثيرين، ثم أغار على جماعة من إمارة المنتفق كانوا قرب البصرة وقتل منهم وأسر رئيسهم منصور بن ثامر السعدون وحاصر بعد ذلك الزبير لمدة اثني عشر يوما وقتلوا أعداداً من سكانها وحصد السعوديين المحاصيل الزراعية وكانت قد نضجت، ثم هدموا جميع القبور والمشاهد الموجودة خارج السور كمشهد طلحة بن الزبير والحسن البصري ثم عادوا إلى الدرعية.[13]

 
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالعُيَيْنة وتوفي بالدرعية (1703م-1791م)، وله أربعة أبناء معقبين.

ظهرت الدعوة السلفية في القرن الثامن عشر الميلادي على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي. ولد محمد بن عبد الوهاب سنة 1115هـ/1703م في العُيَيْنة من بلاد اليمامة، ونشأ وقرأ القرآن الكريم وحفظه بها، وتلقى العلم عن أبيه الذي كان قاضياً فيها، وحج إلى بيت الله الحرام وهو بعد في سن الشباب، ثم قصد المدينة المنورة وأقام بها نحو شهرين، ثم رجع إلى بلده واشتغل بدراسة الفقه على مذهب شيخ الإسلام أحمد بن حنبل، وكان حاد الفهم، شديد الذكاء، سريع الإدراك والحفظ، قوي الرغبة في العلم، رحل في طلب العلم فقصد البصرة والحجاز مراراً، ثم أقام بالأحساء؛ إذ كانت آهلة برجال العلم والعلماء، وطالت إقامته يتلقى فيها العلم ويقرأ كثيرا من كتب الحديث والفقه واللغة، فاتسع في كل ذلك، ثم رجع إلى أرضه وموطنه.[14]

كان محمد بن عبد الوهاب حنبلي المذهب، وقد استنكر كثيراً من البدع الفاشية بين المسلمين ورأى فيها شركا بالله، وسعى لتنقية عقيدة المسلمين والتخلص من العادات والممارسات التعبدية التي انتشرت في شبه الجزيرة العربية وخارجها وتراها السلفية مخالفة لجوهر الإسلام التوحيدي، مثل: سؤال الأموات والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم، واللجوء إليهم، وبناء المساجد والأضرحة على قبورهم، والتبرك بترابهم؛ أو سؤال الجمادات من الشَّجَرِ والحَجَرْ؛ أو سؤال الغائبين من الملائكة والجن، وغير ذلك. فدعا إلى التوحيد وصنف فيه كتاباً، وكرس نفسه لتنقية الدين وتخليصه مما دخله من البدع، فدعا قومه إلى نبذها وطرح كل ما لم يرد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من التعبدات الشركية، والرجوع بالدين إلى فطرته وبساطته الأولى على ما كان عليه سلف الأمة. وقد وقف معه فئة قليلة وتعرض للأذى أول أمره؛ إذ تنقل بين بلدات اليمامة حتى استقر به المقام بالدرعية. وكان ذلك بعد أن طرده أخيراً أمير العُيَيْنة، عثمان بن حمد بن معمر؛ خوفاً من حاكم الأحساء الذي توعد بقطع التجارة مع العُيَيْنة إن لم يخرج محمد بن عبد الوهاب منها.[14]

مناصرة محمد بن سعود لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

عدل
 
رسمة تعود لبداية القرن العشرين توثق أتفاق الدرعية.

محمد بن سعود، هو مؤسس الدولة السعودية الأولى أو أمير الدرعية السادس عشر، تولى الإمارة خلفاً لابن عمه زيد، وقد تزامنت ولايته مع ظهور أمر الدعوة السلفية؛ وقد وصل الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية، وأخذ يدعو أهلها لنبذ كل ما أدخل على دين الله مما ليس فيه، ومنادياً إلى إخلاص العبادة لله وحده، فناصره أهلها، وتوافد عليه طلاب العلم ومنهم: ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود، إخوة أمير الدرعية، محمد بن سعود. لم يكن الأمير محمد مهتماً في البداية إلا بعد أن تأثرت زوجته موضي بنت أبي وطبان بالدعوة السلفية؛ إذ ألحت على زوجها بمناصرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذهاب إليه ومعاونته، والنظر في دعوته، فالتقى الأمير محمد بن سعود بالشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسكن الأخير، وتأثر بدعوته، وتعاهدا على نشر الدعوة، وقد تمخض عن ذلك ميثاق الدرعية (ميثاق الدرعية) إيذاناً بقيام الدولة السعودية وإمامتها؛ إذ استبدل لقب الأمير بالإمام سنة 1157هـ الموافق لسنة 1744م.[14][15] أراد أمير الدرعية، محمد بن سعود، أن يكون بينه وبين الشيخ محمد بن عبد الوهاب عهداً وميثاقاً، فقال له: «يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد، ولكن أريد أن أشرط عليك شرطين اثنين. الأول: نحن إذا قمنا بنصرتك والجهاد في سبيل الله وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا. الثاني: إن لي على الدرعية قانونا -أي ما يدفعه الضعيف إلى القوي ليحميه ويدافع عنه في سفره وترحاله- آخذه منهم في وقت الثمار، وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا»، أجاب الشيخ: «أيها الأمير أما الأول فأبسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثاني فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات، فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها». ثم بسط محمد بن سعود يده، وبايع محمد بن عبد الوهاب على نصرة دين الله ورسوله والجهاد في سبيل الله وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[14]

روى عثمان بن بشر المؤرخ النجدي المعاصر لتلك الحقبة عن استعصام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالدرعية، ونصرة أميرها له، ما نصه: «أبشر ببلادٍ خير من بلادك، وبالعز والمنعة. فقال له الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين، وهذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم، فمن تمسك بها، وعمل بها، ونصرها، ملك بها البلاد والعباد».[16] كما أرخ عن مظاهر الشرك التي عَمَّت قَبْل نصرة أمير الدرعية لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ما نصه: «وكان الشرك إذ ذاك قد فشى.. وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور والبناء عليها والتبرك بها والنذر لها، والاستعاذة بالجن والنذر لهم، ووضع الطعام وجعله لهم في زوايا البيوت لشفاء مرضاهم ونفعهم، والحلف بغير الله وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر.. وليس للناس من ينهاهم عن ذلك -بزواجر القرآن وقوة السلطان-، فيصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. فلما تحقق الشيخ.. معرفة التوحيد، ومعرفة نواقضه، وما وقع فيه كثير من الناس من هذه البدع المضلة، صار ينكر هذه الأشياء.. لكن لم ينهوا عما فعل الجاهلون -أمراء البلدات-، ولم يزيلوا ما أحدث المبتدعون».[17]

روى حسين بن أبي بكر بن غنام التميمي الأحسائي أحد مؤرخي الدولة السعودية الأولى والمعاصر لها في وصف مكانة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالدرعية، ما نصه: «وقد بقي الشيخ بيده الحلّ والعقد، والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي من محمد بن سعود ولا من ابنه عبد العزيز، إلا عن قوله ورأيه. فلما فتح الله الرياض، وأمنت السبل، وانقاد كل صعب من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز بن محمد بن سعود، وفوض أمور المسلمين وبيت المال إليه». أصبحت الدرعية مركزاً لنشر دعوة محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية، وتقاطر إليها طلاب العلم الذين صاروا فيما بعد أنصاراً للدعوة وللدولة، وبدأ الشيخ يبعث برسائله إلى أمراء البلاد المجاورة وزعماء القبائل، يبلغهم ما يدعو إليه من إحياء للدين.[14]

لاحقاً، ومع توسع الدولة السعودية، ألغي نظام الإخاوة أو القانون الذي كان يدفعه الضعيف في السفر، وحل محله الزكاة. وكذلك لم تعد القوة هي الحكم في الخلافات بين الناس، فقد أقيم قضاة لفصل الخصومات ونشطت الحركة العلمية نشاطاً عظيماً.[18][19]

منع أتباع الدرعية من دخول مكة المكرمة

عدل

بعد أن ظهر أمر الدعوة السلفية في نجد اليمامة، وما قام به أتباعها من هدم لأضرحة الأولياء والصالحين المقامة ناحيتهم، قام قائم مكة ووالي الحجاز العثماني، الشريف مسعود بن سعيد، بمنع أتباع الدرعية من الحج، وحبس حاجهم، وشنع في دعوتهم، وبث أتباعه لتنفير الناس منهم، واتهمهم بالجهل، وكفرهم؛ إذ منعهم من دخول مكة من عامهم ذاك سنة 1162هـ الموافق لسنة 1748م.[20] كما كفر الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأمر أتباعه بكتابة الكتب ضده وتشويه دعوته.[21] روى ابن بِشر المؤرخ النجدي المعاصر لتلك الحقبة عن منعهم من دخول مكة، ما نصه: «وفيها حبس مسعود بن سعيد شريف مكة حاج نجد، ومات منهم في الحبس عدة، وقيل أول القحط في إحدى وستين».[22]

سار خلف قائم مكة، الشريف مساعد بن سعيد، على نهج أخيه الشريف مسعود بن سعيد، على أنه في آخر عهده سمح لأتباع الدرعية بالحج؛ إذ حدث في سنة 1183هـ الموافق لسنة 1769م أن قبضت جماعة من أتباع الدرعية على جماعة من أتباع الشريف مساعد بن سعيد وعليهم الشريف منصور، وعندما أحضروا إلى الدرعية، أكرمهم إمام الدرعية، عبد العزيز بن محمد، وأطلق سراحهم دون مقابل، فكافأهم شريف مكة بأن سمح لهم بالحج في تلك السنة.[23]

 
أصبح لأتباع الدرعية الحرية في زيارة مكة المكرمة منذ سنة 1798م.

توفي الشريف مساعد بن سعيد سنة 1184هـ الموافق لسنة 1770م، وخلفه الشريف أحمد بن سعيد الكاره للدولة العثمانية، فالتقى بأتباع الدرعية على كراهية من العثمانيين، وراسل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأكرم الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين الذي وفد إليه لمناقشة كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كتاب التوحيد، كما سمح لأتباع الدرعية بالحج حتى تم عزله؛ إذ عين مكانه الشريف سرور بن مساعد المعادي للدرعية سنة 1186هـ الموافق لسنة 1772م.[24][25]

قام الشريف سرور بن مساعد، الذي خلف الشريف أحمد بن سعيد، بمنع أتباع الدرعية من الحج حتى قَدَّم له إمام الدرعية، عبد العزيز بن محمد، هدايا ثمينة، وتودد له، فسمح لأتباع الدرعية بالحج سنة 1197هـ الموافق لسنة 1782م، ولسنة واحدة. روى ابن غنام الأحسائي المعاصر لتلك الحقبة ما قُدِم لشريف مكة في قوله: «وفيها أهدى عبد العزيز، حرسه الله تعالى، إلى سرور والي مكة المشرفة خيلا وركابا، وكرمه بذلك وشرفه، وقصده بذلك التشريف والإكرام، وإهدائه ذلك النفيس الذي هو أجل الحطام، الرخصة لأهل الدين والإسلام، في أداء واجب الافتراض والالتزام، خامس أركان هذا الدين، على التحقيق والجزم واليقين، الذي مُنِعُوه من سنين، وكانوا على قضائه متوجدين، فجاء الأمر منه في ذلك بالرخصة، فشمر المسلمين وانتهزوا الفرصة».[26]

توفي الشريف سرور بن مساعد سنة 1202هـ الموافق لسنة 1787م، وخلفه أخوه الشريف غالب بن مساعد، والذي واصل سياسة سلفه، بل وقام بتجريد حملات كبيرة قاصداً إنهاء نفوذ الدرعية عسكريا بإيعاز من الدولة العثمانية؛ إذ كان ذلك بعد أن توسعت وامتد نفوذها لجبل شمر والأحساء المحاذيتين لمناطق نفوذ الدولة العثمانية.[27] لاحقاً، سمح الشريف غالب بن مساعد بعد هزيمة وقعت عليه من أتباع الدرعية بالحج ودون انقطاع.[28]

دخول الحجاز في طاعة إمام الدرعية

عدل
 
الرحالة الاسباني دومينغو فرانثيسكو باديا الذي شهد تسليم مكة بفتح أبوابها لإمام الدرعية سعود الكبير بن عبد العزيز في حج سنة 1221هـ.

في سنة 1217هـ الموافق لسنة 1802م، قدم على الدرعية صهر الشريف غالب بن مساعد، عثمان بن عبد الرحمن العدواني، وكان مبعوثاً من قِبَل الشريف غالب في مكة للتفاوض بعد أن لاقت الدعوة السلفية استحسان بعض قبائل الحجاز التابعة للشريف، وظهر جلياً خوفه من أن تنقلب عليه. تأثر عثمان العدواني أثناء إقامته بالدرعية بما يدعو إليه علماؤها؛ إذ انضم إليهم، وخلع ما كان عليه الشريف غالب والعثمانيين، وسار من نفس العام لضم الحجاز، ونشر الدعوة السلفية فيه. كان يرافقه سعود الكبير ابن الإمام عبد العزيز بن محمد مع عدد كبير من قوات الدرعية، وكان ذلك قبيل اغتيال إمام الدرعية عبد العزيز بن محمد.[27]

هُزِم عسكر الشريف غالب بن مساعد من نفس العام في معركة العبيلاء، ثم اجتمع لدى عثمان العدواني من أهل البادية والحاضرة في نجد والحجاز الكثير، فتوجه بهم إلى الطائف وفيها الشريف غالب بن مساعد وقد تحصن واستعد لمنازلتهم، فحاصرها، فما كان من الشريف إلا أن ترك الطائف متوجهاً إلى مكة، فدخلها عثمان وأتباعه، وخضعت له جميع قراها وبواديها، فجمع الأخماس وبعثها إلى الدرعية؛ وعلى إثر ذلك تم تعينه أميراً على الحجاز تقديراً لصنيعه.[27]

وفي سنة 1218هـ الموافق لسنة 1803م، خضعت أرياف الحجاز الجنوبية، ومن ثم حاصر عثمان العدواني عامل الدولة السعودية على الحجاز مع أتباعه مكة، ودخلها من دون قتال بعد خروج الشريف غالب بن مساعد إلى جدة، في حين هاجم سعود الكبير بن عبد العزيز جدة، فامتنعت عن السقوط، فانسحب لمناعة أسوارها على أن يعيد الكرة لاحقا. استغل الشريف غالب بن مساعد عودة سعود الكبير (بُوْيع إماماً إثر حادثة اغتيال أبيه من نفس السنة)، واستولى على مكة، في حين توجه عثمان العدواني إلى جدة وحاصرها دون طائل. دخل معظم أهل الحجاز في طاعة عثمان العدواني بعد أن تأثروا بالدعوة السلفية، وقد أقام عثمان حصناً منيعاً في المدرة، وجعل عليه أحد المخلصين له ليكون كتثبيت لسيطرته.[29] استمر عثمان العدواني بمضايقة عسكر الشريف غالب بن مساعد ودارت بينهم وقائع كثيرة، تلاها صلح بين الدرعية والشريف غالب بن مساعد بعد أن ضيق علماء مكة على الشريف، فخضع الشريف غالب للدرعية، وعُيِن قائماً على مكة، فامتد نفوذ الدولة السعودية لمكة المكرمة وكان ذلك بعد أن بايع أهل المدينة المنورة إمام الدرعية وهدموا قباب القبور ناحيتهم سنة 1220هـ الموافق لسنة 1805م. وفي صفر من نفس السنة 1220هـ الموافق لسنة 1805م، هجمت قوات الدرعية على العساكر العثمانية في أكبر معسكراتهم بالحجاز، وهزمتهم، فدان الحجاز كاملاً للدولة السعودية، وبايعت بقية القبائل إمام الدرعية على السمع والطاعة وانتظم الأمر لسعود الكبير بن عبد العزيز.[27][30]

أَرَّخْ الرحالة دومينغو فرانثيسكو باديا الإسباني أو علي بيك العباسي الذي كان قد قصد مكة قادماً من القاهرة في صورة حاج للاستقصاء بعد أن تناهت الأنباء عن خضوع الشريف غالب للدرعية سنة 1220هـ الموافق لسنة 1805م، والذي شهد تسليم مكة بفتح أبوابها لإمام الدرعية سعود الكبير بن عبد العزيز في حج سنة 1221هـ، ما نصه: «شاهدت رتلاً عسكرياً، يشكل طابوراً مكوناً من خمسة أو ستة آلاف شخص. كما بدى لي. متكدسين في طول السكة وعرضها، مما يستحيل معه الحركة، يتقدم القافلة اثنان من الفرسان المسلحين برماح طولها مترين، وتنتهي هذه القافلة بخمسة عشر أو عشرين ممتطين الخيول والجمال، يحملون الرماح بأيديهم كرفقائهم السابقين، ويلحظ أنهم لا يحملون أعلاماً ولا أبواقاً.. كان بعضهم خلال هذه المسيرة يرفعون أصواتهم بهذه المناسبة المقدسة، بينما آخرون يتلون الأدعية في صوت مرتفع ومبهم كل على طريقته؛ وفي هذا الوضع المشار إليه، صعدوا بانتظام إلى أعلى المدينة، وهناك تفرقوا على شكل فصائل.. وبعد مدة محدودة، رأيت جيشاً مؤلفاً من خمسة وأربعين ألفاً من الوهابيين، أكثرهم كانوا راكبين على الجمال، وفي معيتهم آلاف من الجمال الأخرى التي تحمل الماء والخيام والخشب للوقود والأعشاب الجافة لجمال القادة، ومجموعة تقدر بمئتين من الخيول التي تحمل الأعلام.. مرفوعة على الرماح، وقد قيل لي أن هؤلاء الخيالة ينتمون إلى القائد الثاني أبي نقطة؛ وقد لحظت سبعة أو ثمانية أعلام من راكبي الجمال بدون طبول ولا أبواق ولا أية أداة عسكرية أخرى، وبما أن هؤلاء الرجال جميعاً كانوا في ثياب الإحرام وكذلك قادتهم، تعذر عليّ تبين سعود.. إلا أن شيخاً جليلاً ذا لحية بيضاء طويلة يتقدمه العلم الملكي بدا لي أنه السلطان -الإمام-، وكان هذا العلم الملكي أخضر.. منقوش عليه بأحرف بيضاء ضخمة. ولم يلبث الجبل حتى اكتسى وما حوله من الأرض بجموع الوهابيين، وكان مشهدهم يملأ النفس ذعراً.. يطيعون زعماءهم طاعة عمياء، ويتحملون صامتين كل أنواع المشاق».[31]

وَقعْ سقوط الدرعية

عدل
 
عباس ميرزا، ولي عهد القاجار لبلاد فارس.

روى عبد الرحمن الجبرتي المؤرخ المصري المعاصر لتلك الحقبة رد فعل محمد علي باشا عن نبأ سقوط الدرعية في تاريخه، ما نصه: وردت بشائر من شرق الحجاز بمراسلة من عثمان آغا الورداني أمير الينبع بأن إبراهيم باشا استولى على الدرعية والوهابية، فانسر الباشا لهذا الخبر سرورا عظيما، وانجلى عنه الضجر والقلق وأنعم على المبشر، وعند ذلك ضربوا مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وبولاق والأزبكية، وانتشر المبشرون على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش.[32]

وقال أيضا: واستهلت سنة أربعة وثلاثين ومائتين وألف.. ووردت الأخبار من شرق الحجاز والبشائر، بنصرة حضرة إبراهيم باشا على الوهابية قبل استهلال السنة بأربعة أيام، فعند ذلك نودي بزينة المدينة سبعة أيام.. ونصبت الصواوين خارج باب النصر عند الهمايل، وكذلك صيوان الباشا، وباقي الأمراء والأعيان خرجوا بأسرهم لعمل الشنك والحرائق، وأخرجوا من المدافع مائة مدفع وعشرة، وتماثيل وقلاعا، وسواقي وسواريخ، وصورا من بارود بدأوا في عمل الشنك من يوم الأربعاء، فيضربون بالمدافع مع رماحة الخيالة من أول النهار مقدار ساعة زمانية وربع قريبا من عشرين درجة، ضربا متتابعا لا يتخلله سكون على طريقة الإفرنج في الحروب، بحيث أنهم يضربون المدفع الواحد اثني عشرة مرة، وقيل أربع عشرة مرة في دقيقة واحدة، فعلى هذا الحساب يزيد ضرب المدافع في تلك المدة على ثمانين ألف مدفع، بحيث يتخيل الإنسان أصواتها.. رعودا هائلة، ورتبوا المدافع أربع صفوف، ورسم الباشا أن الخيالة ينقسمون كذلك طوابير، ويكمنون في الأعالي، ثم ينزلون مترامحين.. ويهجمون على المدافع في حال اندفاعها بالرمي، فمن خطف شيئا من أدوات الطبجية الرماة يأتي به إلى الباشا، ويعطيه البقشيش والإنعام، فمات بسبب ذلك أشخاص وسواس}}.[33]

وقال أيضا في وصف الحفلات: «وحول محل الحراقة حلقة دائرة متسعة حولها ألوف من المشاعل الموقدة، وطلبوا لعمل أكياس بارود المدافع مائتي ألف ذراع من القماش البز»، إلى أن قال: «وبعد انقضاء السبعة أيام المذكورة، حصل السكون».[33]

يقول عباس ميرزا ولي عهد القاجار[34] في مجمل رسالته لمحمد علي باشا:
  أنه قد بلغ إلينا، مجاري أمرك، ومعالي قدرك، وأنباء ظفرك، ونصرك ما ينشد أبهج عنه، ويبشر المبهج به، وتحار العقول لديه، وتطير القلوب إليه، فاطلعنا على ما صنعت في قتال العرب، وصبرت في احتمال التعب، واجتهدت في تجهيز الكتائب وتشميد الغواضب، حتى وطئت أرجاء التهامة، بأقدام الشهامة، وخلصت أرض النجد بالعز والمجد، فتحت باب الأمنية، بفتح الدرعية، وبالغت في دفع البدع، ونفي الدين المخترع، وقطع دابر المفسدين.  

الاحتفالات بعاشوراء وبوصول إمام الدولة السعودية أسيراً إلى القاهرة

عدل

قال عبدالرحمن الجبرتي عن دخول عاشوراء، ما نصه: «وكان الباشا قد أمر بإنشاء قصر لخصوص جلوسه بالجزيرة على تجاه بولاق، قبلي قصر ابنه إسماعيل، وتمموا بياضه ونظامه في هذه المدة القليلة، فلما كان ليلة الإثنين، وهو يوم عاشوراء خرج الباشا في ليلته وعدى إلى القصر المذكور، وخرج أهل الدائرة والأعيان إلى الأماكن التي استأجروها -حول نهر النيل-، وكذلك العامة أفواجا، وأصبح يوم الإثنين المذكور، فضربت المدافع الكثيرة التي صففوها بالبرين، وزين أهالي بولاق أسواقهم وحوانيتهم، وأبواب دورهم ودقت الطبول المزامير والنقرزانات في السفائن وغيرها، وطبلخانة الباشا تضرب في كل وقت، والمدافع الكثيرة في ضحوة كل يوم وعصره وبعد العشاء كذلك، وتوقد المشاعل، وتعمل أصناف الحراقات والسواريخ والنفوط والشعل، وتتقابل القلاع المصنوعة على وجه الماء، ويرمون منها المدافع على هيئة المتحاربين، وفيها فوانيس وقناديل، وهيئة باب مالطة بوابة مجسمة مقوصرة لها بدنات، ويرى بداخلها سرج وشعل، ويخرج منها حراقات وسواريخ، وغالب هذه الأعمال من صناعة الإفرنج، وأحضروا سفائن رومية صغيرة، تسمى الشلبنات يرمى منها مدافع وشنابر وشيطيات، وغلايين مما يسير في البحر المالح، وفي جميعها وقدات وسرج وقناديل، وكلها مزينة بالبيارق الحرير والأشكال المختلفة الألوان، ودبوس أوغلي ببولاق التكرور وعنده أيضاً الحراقات الكثيرة والشعل والمدافع والسواريخ، وبالجيزة عباس بيك ابن طوسون باشا، والنصارى الأرمن بمصر القديمة وبولاق، والإفرنج، وأبرز الجميع زينتهم وتماثيلهم وحرائقهم، وعند الأعيان حتى المشايخ في القنج والسفائن المعدة للسروح والتفرج والنزاهة، والخروج عن الأوضاع الشرعية والأدبية، واستمروا على ما ذكر إلى يوم الإثنين سابع عشره».[35]

روى عبدالرحمن الجبرتي أن آخر أيام الاحتفالات كانت عند وصول إمام الدولة السعودية عبدالله بن سعود الكبير في يوم الإثنين السابع عشر من شهر المحرم، قال:[36] وفي ذلك اليوم وصل عبد الله بن سعود الوهابي، ودخل من باب النصر، وصحبه عبد الله بكتاش قبطان السويس، وهو راكب على هجين، وبجانبه المذكور، وأمامه طائفة من الدلاة، فضربوا عند دخوله مدافع كثيرة من القلعة وبولاق وخلافهما، وانقضى أمر الشنك وخلافه من ساحل النيل وبولاق، ورفعوا الزينة وركب الباشا إلى قصر شبرا في تلك السفينة، وانفض الجمع وذهبوا إلى دورهم، وكان ذلك من أغرب الأعمال التي لم يقع نظيرها بأرض مصر.. فذهبوا به إلى بيت إسماعيل باشا ابن الباشا، فأقام يومه، وذهبوا به في صبحها عند الباشا بشبرا، فلما دخل عليه قام له وقابله بالبشاشة وأجلسه بجانبه وحادثه، وقال له: ما هذه المطاولة؟ فقال: الحرب سجال، قال: وكيف رأيت إبراهيم باشا؟ قال: ما قصر وبذل همته، ونحن كذلك حتى كان ما كان قدره المولى، فقال: أنا إن شاء الله تعالى أترجى فيك عند مولانا السلطان، فقال: المقدر يكون، ثم ألبسه خلعة، وانصرف عنه إلى بيت إسماعيل باشا ببولاق.. وفي يوم الأربعاء تاسع عشره، سافر عبد الله بن سعود إلى جهة الإسكندرية وصحبته جماعة من الططر إلى دار السلطنة ومعه خدم لزومه.

مراجع

عدل
  1. ^ دوكرانسي، لويس. الوهابيون ؛ تاريخ ما أهمله التاريخ. رياض الريس للكتب والنشر. ISBN:9953211353. مؤرشف من الأصل في 2020-01-28. اطلع عليه بتاريخ 2017-12-24.
  2. ^ Khatab، Sayed. Understanding Islamic Fundamentalism: The Theological and Ideological Basis of al-Qa'ida's Political Tactics. Oxford University Press. ISBN:9789774164996. مؤرشف من الأصل في 2020-01-28. اطلع عليه بتاريخ 2017-12-24.
  3. ^ ا ب ج د ه الدولة السعودية الأولى (1744 ـ 1818م) العلاقات بالقوى الإقليمية والأجنبية نسخة محفوظة 03 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ الوردي، علي. لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث. دار الوراق للنشر. مؤرشف من الأصل في 2017-07-11. اطلع عليه بتاريخ 2017-12-24.
  5. ^ الفاخر، محمد. الأخبار النجدية. جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. مؤرشف من الأصل في 2020-01-28. اطلع عليه بتاريخ 2017-12-24.
  6. ^ الكركوكلي، صفحة 205.
  7. ^ ج ج لوريمر 1977، صفحة 1581.
  8. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، ابن بِشر. ط:1982م. ج:1، ص:219
  9. ^ ا ب لونكريك 2004، صفحة 258.
  10. ^ التطورات السياسية الداخلية في نجد. د.كريم طلال الركابي. ص:54-55
  11. ^ الكركوكلي، صفحة 206.
  12. ^ ج ج لوريمر 1977، صفحة 1582.
  13. ^ ا ب اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع النور
  14. ^ ا ب ج د ه روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام، ابن غنام/عصر محمد علي، الرافعي
  15. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء1-الجزء2، ابن بشر/الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز، ص10، الزركلي
  16. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص42، ابن بشر
  17. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص33-ص34، ابن بشر
  18. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، باب مناقب الإمام عبدالعزيز بن محمد، ابن بشر
  19. ^ تاريخ البلاد العربية السعودية (الدولة السعودية الأولى)، المجلد 2، ص8-ص9، أ.د. منير العجلاني عضو المجمع العلمي العربي بدمشق أستاذ تاريخ الحقوق في الجامعة السورية
  20. ^ الحج بين الدولة العثمانية و الدولة السعودية الأولى، ص16-ص17، صالح السعدون نسخة محفوظة 29 يناير 2020 على موقع واي باك مشين./البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، الجزء الثاني، ص7، الشوكاني
  21. ^ الحج بين الدولة العثمانية و الدولة السعودية الأولى، صالح السعدون نسخة محفوظة 29 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ عنوان المجد في تاريخ نجد، الجزء الأول، ص59-ص60، ابن بشر
  23. ^ الغزوات البيانية والفتوحات الربانية، ص788، ابن غنام نسخة محفوظة 19 سبتمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ "البيانية والفتوحات الربانية، ص789-ص791، ابن غنام". مؤرشف من الأصل في 2020-01-29. اطلع عليه بتاريخ 2020-05-11.
  25. ^ مواطن الشعوب الإسلامية في آسيا - ج 14: شبه جزيرة العرب - 1 - عسير، ص146، محمود بن شاكر شاكر الحرستاني
  26. ^ "البيانية والفتوحات الربانية، ص849، ابن غنام". مؤرشف من الأصل في 2020-01-29. اطلع عليه بتاريخ 2020-05-11.
  27. ^ ا ب ج د اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا10
  28. ^ نفس المصدر، الجزء الأول، ص255، ابن بشر
  29. ^ نفس المصدر، أحداث سنة 1218هـ، ابن بشر
  30. ^ تاريخ ابن غنام، ابن غنام
  31. ^ رحالة إسباني في الجزيرة العربية (رحلات في جزيرة العرب وسوريا وتركيا 1806م-1807م، دومينغو فرانثيسكو باديا)، ص152-ص168، ترجمة: صالح بن محمد السنيدي
  32. ^ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص451، عبد الرحمن الجبرتي
  33. ^ ا ب عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص460، عبد الرحمن الجبرتي
  34. ^ كتاب (من وثائق شبه الجزيرة العربية في العصر الحديث)، ترجمة وثائق عثمانية، الجزء الثاني، ص395، عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم
  35. ^ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، المجلد الرابع، ص462، عبد الرحمن الجبرتي
  36. ^ اكتب عنوان المرجع بين علامتي الفتح <ref> والإغلاق </ref> للمرجع مولد تلقائيا8