مستخدم:Rana AL-Owini/ملعب

عمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني (47 ق هـ أو 45 ق هـ / 575م أو 577م - 43 هـ / 664م)، صحابي وقائد عسكري مسلم، وأحد القادة الأربعة في الفتح الإسلامي للشام، وقائد الفتح الإسلامي لمصر، وأول والٍ مسلم على مصر بعد فتحها.

كان عمرو من سادة قريش في الجاهلية، فأبوه هو العاص بن وائل السهمي، وكان يحترف التجارة، فقد كان يسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة. كما كان من فرسان قريش. أرسلته قريش إلى أصحمة النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده. حضر عمرو بن العاص غزوة بدر مع قريش ضد المسلمين، ثم حضر غزوة أحد، ثم غزوة الخندق. ولمّا عادت قريش إلى مكة بعد صلح الحديبية ذهب إلى الحبشة عند أصحمة النجاشي، فوجده اعتنق الإسلام، فاعتنق الإسلام هناك على يد النجاشي في السنة الثامنة للهجرة، ثم أخذ سفينة متجهًا إلى المدينة المنورة، فالتقى في الطريق بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، فدخل ثلاثتهم المدينة المنورة في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم. وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".

بعد إسلامه أرسله النبي في سرية إلى ذات السلاسل في جمادي الآخرة سنة 8 هـ، ثم في سرية أخرى لهدم صنم سواع في رمضان سنة 8 هـ، بعد فتح مكة. وفي شهر ذي الحجة سنة 8 هـ، بعثه النبي إلى ملكي عمان جيفر وعباد ابني الجلندي بكتاب يدعوهما إلى الإسلام، وبعد إسلامهم عيَّنه النبي واليًا على الزكاة والصدقات بها، وظل هناك سنتين تقريبًا حتى وفاة النبي.

استعمله أبو بكر قائدًا عسكريًا في حروب الردة، ثم وجَّهه لفتح فلسطين على رأس ستة أو سبعة آلاف مقاتل. فبدأ المناوشات في فلسطين، والتقى تحت قيادة خالد بن الوليد في معركة أجنادين، وشارك في معركة فحل وحصار دمشق، وكان على رأس الميمنة في معركة اليرموك. ثم فتح سبسطية ونابلس، واللد ونواحيها ويبنى وعمواس وبيت جبرين، ثم هبط جنوبًا ففتح رفح، وعسقلان، وكان قد فتح غزة في عهد أبي بكر، وحاصر قيسارية، وبدأ حصار بيت المقدس ثم انضم إليه أبو عبيدة بن الجراح، فأصبح تحت قيادة أبي عبيدة. ولما أُصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلفه على الشام.

عرض عمرو على الخليفة عمر بن الخطاب فتح مصر وطلب السماح له بالمسير إليها، فسار إليها ففتح العريش، حتى وصل إلى الفرما، ثم سار إلى بلبيس، وفتح خلال سيره سنهور وتنيس. وطلب من عُمر المدد فأرسل له فرقة بقيادة الزبير بن العوام، ثم سيطروا على إقليم الفيوم. وعسكر في عين شمس، جرت معركة عين شمس، وحاصر حصن بابليون حتى سقط في أيديهم في 21 ربيع الآخر 20 هـ، وأعطى أهل مصر الأمان. ثم ذهب لفتح الإسكندرية، وحاصرها وانتهى باتفاق صلح، وخرج منها البيزنطيون في 1 محرم 21 هـ، وأعطى أهلها الأمان. وأصبح عمرو أوّل والٍ مسلم على مصر، وأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى فيها أول جامعٍ في مصر عُرف باسمه لاحقًا.

عزله الخليفة عثمان بن عفان عن ولايةِ مصر سنة 24 هـ، وبعد مقتل عثمان طالب بالثأر لدمه، وكان في صف معاوية بن أبي سفيان، وأحد قادة قواته في وقعة صفين، وممثل طرف معاوية في التحكيم بعد المعركة. وتولى ولاية مصر مرة أخرى في عهد معاوية. توفي ليلة عيد الفطر سنة 43 هـ في مصر وله من العمر ثمانية وثمانون عاماً، ودفن قرب المقطم. عُرف عمرو بالدهاء والذكاء والفطنة قبل الإسلام وبعده، حتى وُصف بأدهى العرب أو "داهية العرب". كما اشتهر عمرو ببلاغته وفصاحته، ورصانة شعره، وله من الخطب الكثير. وروى عدداً قليلاً من الأحاديث النبوية تبلغ حوالي أربعين حديثًا.


نسبه[عدل]

عدل

مولده ونشأته[عدل]

عدل

منظر كاشف لمكة من على متن جبل النور.

يختلف المؤرخون في زمن مولد عمرو بن العاص، وهو راجع إلى الاختلاف في سنة وفاته وعمره حين توفى، فذكر ابن حجر العسقلاني أنه كان عمره ليلة وُلد عمر بن الخطاب سبع سنين، ومات بعد عُمر بعشرين سنة، ويُروى عنه أنه قال: «إني لأذكر الليلة التي ولد فيها عُمر». وحسب هذه الرواية يكون ميلاد عمرو بن العاص سنة 47 ق هـ / 575م. بينما ذكر شمس الدين الذهبي أنه أسنّ من عُمر بخمس سنين، فيقول: «كان أكبر من عُمر بن الخطاب بنحو خمس سنين، وكان يقول أذكر الليلة التي ولد فيها عُمر وقد عاش بعد عُمر عشرين عاما فينتج هذا أن مجموع عمره بضع وثمانون سنة ما بلغ التسعين رضي الله عنه». وحسب قول الذهبي يكون ميلاد عمرو بن العاص سنة 45 ق هـ / 577م، أي بعد عام الفيل بثمان سنين. بينما القول بأن ابنه عبد الله كان أصغر منه باثنتي عشرة سنة فقط فلا يستقيم، حيث أن عبد الله وُلد حوالي سنة 7 ق هـ، فيكون مولد عمرو حوالي سنة 19 ق هـ / 603م.

ولد عمرو في مكة، ونشأ في بيت أبيه العاص بن وائل من بني سهم إحدى بطون قريش، كان كبير بني سهم وزعيمهم يوم الفجار الثاني، ومن أشراف قريش في الجاهلية. وكان أشراف قريش يهتمون بتعليم أبنائهم البلاغة والفصاحة، وتنشئتهم نشأة غليظة، يذكر البعض أنه تعلم القراءة والكتابة في صغره، وكان يُجيد الشعر، وقد رُوى عنه شعر جيّد.واشتهر عمرو بالفصاحة والإبانة في القول؛ حتى أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه قال: سبحان الله خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.

عائلته[عدل]

عدل

زوجاته[عدل]

عدل

شجرة عائلة عمرو بن العاص (زوجاته وبنيه). تزوج عمرو ثلاث مرات أو أربع، وزوجاته هن:

أبناؤه[عدل]

عدل

أنجب عمرو بن العاص ولدين فقط، هما:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمله بالتجارة[عدل]

عدل

كان عمرو بن العاص يعمل بالتجارة مثل والده وأغلب سادة قريش، ويتاجر ببضاعة اليمن والحبشة مثل الجلود ويبيعها بالشام، ويتاجر ببضاعة الشام مثل الطيب والزبيب والتين وغيره ويبيعها باليمن، وذكر أبو عمرو الكندي أن عمرو كان يذهب للتجارة في مصر ويبتاع العطور والأدم. واكتسب عمرو خلال رحلاته التجارية العلاقات مع أهل هذه البلاد، وتوطدت علاقته مع ملوك الحبشة وغيرها، وقد ذكر السيوطي أن عمرًا سافر إلى مصر في الجاهلية، ودخل الإسكندرية، فرأى عمارتها وآثارها، وأعجبه ذلك، وعرف مداخل مصر ومخارجها.

إسلامه[عدل]

عدل

لمّا عادت قريش إلى مكة بعد صلح الحديبية قرر الذهاب إلى الحبشة عند أصحمة النجاشي، فوجده اعتنق الإسلام، فاعتنق الإسلام هنالك على يد النجاشي في السنة الثامنة للهجرة الموافق 629م، ثم أخذ سفينة متجهًا إلى المدينة المنورة، فالتقى في الطريق بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وهما يتجهان إلى المدينة ليدخلا في الإسلام، فدخل ثلاثتهم المدينة المنورة في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم. وحينها قال الرسول: «إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها». ويروى عمرو قصة إسلامه فيقول:

    كنت للإسلام مُجَانِبًا مُعَانِدًا، حضرتُ بدرًا مع المشركين فنجوتُ، ثم حضرت أُحُدًا فنجوتُ، ثم حضرت الخندقَ فنجوت فقلتُ في نفسي: كم أوضِع؟ والله ليظْهَرَنّ محمدٌ على قريش، فلحقت بمالي بالوَهْطِ، وأَقْلَلْتُ من الناسِ، فلم أحضر الحُدَيْبِيَةَ وَلاَ صُلْحَهَا، وانصرف رسول الله، صََّلى الله عليه وسلم، بالصلح وَرَجَعَتْ قريشٌ إلى مكة، فجعلت أقول: يدخل محمدٌ قابلًا مكةَ بأصحابه، ما مكة لنا بمنزل ولا الطائف، وما شيء خيرٌ من الخروج، وأنا بعدُ نَاتٍ عن الإسلام، أرى لو أسلمتْ قريش كلّها لم أسلم فَقَدِمتُ مكةَ فجمعتُ رجالًا من قومي كانوا يرون رأيي ويسمعون مني ويقدِّمونني فيما نابهم، فقلت لهم: كيف أنا فيكم؟ قالوا: ذُو رأينا وَمِدْرَهُنا مع يُمن نَقِيبة وبركةِ أمرٍ قلتُ: تعلَّموا والله أَني لأرى أمر محمد أَمْرًا يعلو الأمورَ عُلوًّا مُنْكَرًا، وإني قد رأيت رأيًا. قالوا: ما هو؟ قلت: نَلْحَق بالنَّجَاشِيّ فنكون عنده، فإن يَظْهَرْ محمدٌ كنا عند النجاشي، فنكون تحت يده أحب إلينا من أن نكون تحت يَدَي محمدٍ، وإن تَظْهَر قريش فنحن مَنْ قد عَرفوا. قالوا: هذا الرأيّ! ... ثم خرجنا فقدمنا على النَّجاشي، فوالله إِنَّا لعنده إِذْ جاء عَمْرو بن أُمَيَّة الضَّمْرِيّ، وكان رسول الله  بعثهُ إليه بكتابٍ كتب إليه يُزَوِّجه أُمَّ حَبِيبَة بنتَ أبي سُفْيان، فدخل عليه ثم خرج من عنده... فدخلتُ على النجاشي فسجدتُ له كما كنت أصنع، فقال: مرحبًا بصديقي! أَهْدَيْتَ إِلَيَّ من بلادك شيئًا؟ فقلت: نعم أيها الملك، أَهْدَيْتُ إليك أَدَمًا كثيرًا. ثم قَرَّبْتُهُ إليهُ فَأَعْجَبَهُ... قلت: أَيُّها الملك، إني قد رأيت رجلًا خرج من عندك وهو رسولُ رجلٍ عَدُوٍّ لنا، قد وَتَرَنا وقَتَل أَشْرَافَنَا وخِيَارَنَا فأَعْطِنيه فأقتُلهُ! فَغَضِبَ فرفع يَدَه فضرب بها أَنْفِي ضَرْبَةً ظننتُ أنه كسرَهُ، وابتدر مَنْخِرايَ، فجعلت أَتَلَقَّى الدَّمَ بثيابي، وأصابني من الذُّلِّ ما لو انْشَقَّت لي الأرضُ دخلتُ فيها فَرَقًا منه فقلت له: أيها الملك، لو ظننتُ أنك تكره ما قلتُ ما سألتكه، قال: فاستحيا وقال: يا عَمرو، تسألني أَن أُعطيك رَسولَ رسولِ الله  مَن يأتيه الناموسُ الأكبر الذي كان يأتي موسى، والذي كان يأتي عيسى بن مريم ــ لِتَقْتُلَه؟! قال عمرو، وغَيَّر الله قلبي عَمّا كنت عليه، وقلتُ في نفسي: عَرَفَ هذا الحقَّ العَربُ والعجمُ وتُخالفُ أَنت؟! قلت: وتشهد أيها الملك بهذا؟ قال: نعم. أشهد به عند الله يا عمرو، فأَطِعني وَاتَّبِعْه، والله إنه لَعَلَى الحَقّ وليظهرنَّ على كل من خَالَفَه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده. قلت: أفتبايعني له على الإسلام؟ قال: نعم. قال: نعم: فبسط يده فبايعتُه على الإسلام، ودعا لي بطَسْتٍ فغسل عَنِّي الدمَ وكساني ثيابًّا، وكانت ثيابي قد امتلأت من الدم فأَلقيتُها، ثم خرجت إلى أصحابي ... وفارقتُهم وكأنّي أَعْمِدُ لحاجة فعمِدتُ إلى موضع السُّفُن فوجدت سفينة قد شُحِنَتْ تَدْفَع، فركبتُ معهم ودفعوها من ساعتهم حتى انتهوا إلى الشُّعَيْبَةِ فخرجت بها ومعي نفقةٌ. فابتعتُ بعيرًا وخرجتُ أريدُ المدينة حتى إذا أتيت على مَرِّ الظَّهْران. ثم مضيتُ حتى إذا كنت بالهَدَّة، إذا رجلان قد سبقاني بغير كبير يُريدان منزلًا، وأحدهما داخلٌ في خيمةٍ، والآخر قائمٌ يُمسكُ الراحلتين، فنظرت فإذا هو خالد بن الوليد. فقلت: أبا سليمان؟! قال: نعم. قلت: أين تريد؟ قال: محمدًا، دَخَلَ الناسُ في الإسلام فلم يبق أحدٌ به طُعمٌ والله لو أَقَمنا لأَخذ بِرِقَابِنا كما يُؤْخَذُ بِرَقَبة الضَّبُع في مَغَارتها. قلت: وأنا واللهِ قد أردتُ محمدًا وأَردت الإسلام، وخرج عُثمان بن طَلْحة فرحَّب بي فنزلنا جميعًا في المنزل. ثم ترافقنا حتى قدمنا المدينة، فما أنسى قول رجلٍ لقينا بِبِئْر أَبِي عِنَبَةَ يصيح: يا رَباح! يا رَباح! فتفاءَلنا بقوله وسُرِرْنا. ثم نظر إلينا فأَسمعه يقول: قد أعطت مكَّةُ المقادةَ بعد هذين! فظننت أنه يعنيني ويعني خالد ابن الوليد، ثم وَلَّى مُدْبرًا إلى المسجد سريعًا، فظننت أنه يُبَشّر رسولَ الله  بقدومنا، فكان كما ظننتُ. وأَنَخنا بالحَرَّة فلبسنا من صالح ثيابنا، ونُودِي بالعصر فانطلقنا جميعًا حتى طلعنا عليه ، وإِنَّ لوجهه تهلُّلًا، والمسلمون حوله قد سُرُّوا بإسلامنا. فتقدم خالد بن الوليد فبايع، ثم تقدّم عُثمان بن طَلحة فبايع، رسول الله  فوالله ما هو إِلاّ أَن جلستُ بين يديه فما استطعت أن أرفع طرْفي إليه حياءً منه، فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولم يحضرني ما تأَخَّر. فقال: "إن الإسلامَ يَحُتُّ ما كان قبله، والهجرة تَحُتُّ ما كان قبلها". فوالله ما عَدَل بي رسول الله  وبخالد بن الوليد أَحَدًا من أصحابه في أمرٍ حَزَبهُ منذ أَسلمنا، ولقد كنَّا عند أبي بكر بتلك المنزِلة، ولقد كنت عند عمر بتلك الحال.    

ولمَّا أسلم عمرو بن العاص كان النبي يُقرِّبه ويُدنيه منه، وقد بعث إليه يوماً وقال له: "خُذْ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتِني، قال: فأتيته وهو يتوضأ فصعَّدَ فيَّ النَّظَرِ ثم طَأطأَهُ فقال: إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلِّمُكَ اللَّهُ ويغنِّمُكَ، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: يا رسول الله، ما أسلمتُ من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: يا عمرو، نِعمَ المال الصالح للمرء الصالح". وكان عمر بن الخطاب يتعجب من عدم إسلام عمرو مُبكرًا، فقال له: "لقد عجبت لك في ذهنك وعقلك كيف لم تكن من المهاجرين الأولين"، فقال له عمرو: "وما أعجبك يا عمر من رجل قلبه بيد غيره لا يستفز التخلص منه إلا إذا أراد الله الذي هو بيده!" فقال عمر: "صدقت".