هو ثابت بن كعب، ويكنى أبا العلاء، من بني اسد بن الحارث بن العتيك من قبيلة الأزد، وقيل: هو مولى لهم، كان شاعراً مجيداً من شعراء خراسان في العصر الأموي، وفارس من فرسان العرب المعدودين في خراسان، أبلى بلاءً حميداً في قتال الترك والسند في خراسان وبلاد ما وراء النهر. والراجح أن ثابت قطنة كان أزدياً صميماً، لُقب بقطنة لأن سهماً أصابه في إحدى عينيه في بعض المعارك مع الترك فذهب بها، فكان يضع عليها قطنة. وكان ثابت من أصحاب يزيد بن المهلب، وكان يوليه أعمالاً من أعمال الثغور، فيحمد فيها مكانه لكفايته وشجاعته.[1][2]

ثابت قطنة
معلومات شخصية
اسم الولادة ثابت بن كعب بن جابر العتكيّ الأزدي
تاريخ الوفاة سنة 729   تعديل قيمة خاصية (P570) في ويكي بيانات
مواطنة  الدولة الأموية
العرق عرب
الحياة العملية
الفترة العصر الأموي
المهنة شاعر
اللغات اللغة العربية
بوابة الأدب

أخبار ثابت قطنة

عدل
أيزيد كن في الحرب إذ هيّجتها
كأبيك لا رَعشاً ولا رعديداً

ووقف إلى جانب يزيد بن المهلب في ثورته عام 101هـ وقاتل معه جيوش بني أمية، وكان معه في معركة العقر عام 102هـ وهو اليوم الذي قُتل فيه يزيد بن المهلب وقال ثابت أبياتاً يرثيه بها.[2]

  • في زمن ولاية عمر بن هبيرة على العراق عُزل سعيد بن عبد العزيز بن الحارث عن ولاية خراسان وولى مكانه سعيد بن عمرو الحرشي عام 103هـ، فاتصل به ثابت وقاتل معه قوم الصَّغد وقال شعراً في وصف وقائعه ثم كان ثابت مع أسد بن عبد الله القسري حين ولي خراسان وقاتل معه الترك، وجعله خليفته حين خرج لقتال الترك، فأراد أن يخطب في الناس، لكنه حصر وأُرتج عليه فقال: «سيجعل الله بعد عُسرٍ يُسراً، وبعد عِيٍّ بياناً، وأنتم إلى أمير فعّال أحوج منكم إلى أمير قوّال». وأنشد:
وإلا أكن فيكم خطيباً فإننـي
بسيفي إذا جد الوغى لخطيب

فبلغت كلماته خالد بن صفوان، الخطيب المشهور، فقال معلقاً: «والله ما علا ذلك المنبر أخطب منه في كلماته هذه، ولو أن كلاماً استخفني فأخرجني من بلادي إلى قائله استحساناً له لأخرجتني هذه الكلمات إلى قائلها». وظل ثابت يجاهد الترك والصّغد إلى أن قُتل في إحدى المعارك مع الترك. وكان ثابت ذا ولاء لقبيلته، فقد استنصر قومه الأزد في إحدى الوقائع مع الترك فلم ينصروه، فلم يهجوهم.[1][2]

إليك امتطيت العيس تسـعـين لـيلة
أرجي ندى كفيك يابن المـهـلـب
وأنت امرؤ جادت سـمـاء يمـينـه
على كل حي بين شرق ومـغـرب
فجد لي بطرف أعوجي مـشـهـر
سليم الشظا عبل القوائم سـلـهـب

فأمر له يزيد بدرع وسيف ورمح وفرس، وقال له: قد عرفت ما شرطت لنا على نفسك؟ فقال: اصلح الله الأمير، حجتي بينة، وهي قول الله عز وجل: "والشعراء يتبعهم الغاوون. ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون". فقال له ثابت قطنة: ما أعجب ما وفدت به من بلدك في تسعين ليلة! مدحت الأمير ببيتين، وسألته حوائجك في عشرة أبيات، وختمت شعرك ببيت تفخر عليه فيه، حتى إذا أعطاك ما أردت حدت عما شرطت له على نفسك فأكذبتها كأنك كنت تخدعه، فقال له يزيد: مه يا ثابت، فإنا لا نخدع، ولكنا نتخادع، وسوغه ما أعطاه، وأمر له بألفي درهم.[1] ولج حاجب يهجو ثابتاً فقال فيه:

لا يعرف الناس منه غير قطنته
وما سواها من الأنساب مجهول
  • دخل حاجب الفيل يوماً على يزيد بن المهلب، وعنده ثابت قطنة وكعب الأشقري وكانا لا يفارقان مجلسه فوقف بين يديه فقال له: تكلم يا حاجب، فقال: يأذن لي الأمير أن أنشده أبياتاً، قال: لا حتى تبدأ فتسأل حاجتك، قال: أيها الأمير، إنه ليس أحد ولو أطنب في وصفك موفيك حقك، ولكن المجتهد محسن، فلا تهجني بمعنى الإنشاد، وتأذن لي فيه، فإذا سمعت فجودك أوسع من مسألتي . فقال له يزيد: هات، فما زلت مجيداً محسناً مجملاً. فأنشده:
كم من كمي في الهياج تركتـه
يهوي لفيه مجدلاً مـقـتـولاً
جللت مفرق رأسـه ذا رونـق
عضب المهزة صارماً مصقولا
قدت الجياد وأنـت غـر يافـع
حتى التهلت ولم نزل مأمـولا
كم قد حربت وقد جبرت معاشر
وكم امتننت وكم شفيت غلـيلا

فقال له يزيد: سل حاجتك، فقال: ما على الأمير بها خفاء، فقال: قل، قال: إذاً لا أقصر ولا أستعظم عظيماً أسأله الأمير أعزه الله مع عظم قدره، قال: أجل، فقل يفعل، فلست بما تصير إليه أغبط منا، قال: تحملني وتخدمني وتجزل جائزتي، فأمر له بخمسة تخوت ثياب وغلامين وجاريتين وفرس وبغل وبرذون وخمسة آلاف درهم.

فحسده ثابت قطنة وقال: والله لو على قدر شعرك أعطاك لما خرجت بملء كفك نوى، ولكنك أعطاك على قدره، وقام مغضبا، وقال حاجب إنما فعل الأمير هذا ليضع منا بإجزاله العطية لمثل هذا، وإلا فلو أنا اجتهدنا في مديحه ما زادنا على هذا، وقال ثابت قطنة يهجو حاجباً حينئذ:

أحاجـب لـولا أن أصـلـك زيف
وأنك مطبوع على اللؤم والكـفـر
وأني لو أكثرت فـيك مـقـصـر
رميتك رمـياً لا يبـيد يد الـدهـر
فقل لي ولا تكذب فـإنـي عـالـم
بمثلك هل في مازن لك من ظهر؟
فإنك منهم غـير شـك ولـم يكـن
أبوك من الغر الجحا جحة الزهـر
أبـوك ديافـي وأمــك حـــرة
ولكنها لا شك وافـية الـبـظـر
فلست بهـاج ابـن ذبـيان إنـنـي
سأكرم نفسي عن سباب ذوي الهجر
  • كان ثابت قطنة قد جالس قوماً من الشراة والمرجئة وكانوا يجتمعون فيتجادلون بخراسان، فمال إلى قول المرجئة وأحبه.[1] فلما اجتمعوا بعد ذلك أنشدهم قصيدة قالها في الإرجاء:
يا هند إني أظن العيش قـد نـفـذا
ولا أرى المر إلا مدبـرا نـكـدا
إني رهينة يوم لسـت سـابـقـه
إلا يكن يومنا هـذا فـقـد أفـدا
بايعت ربي بـيعـاً إن وفـيت بـه
جاورت قتلى كراماً جاوروا أحـدا
يا هند فاستمعي لي إن سـيرتـنـا
أن نعبد الله لم نشـرك بـه أحـدا
نرجي الأمور إذا كانت مشـبـهة
ونصدق القول فيمن جار أو عنـدا
المسلمون على الإسـلام كـلـهـم
والمشركون أشتوا دينـهـم قـددا
ولا أرى أن ذنـبـاً بـالـغ أحـداً
م الناس شركا إذا ما وحدوا الصمدا
لانسـفـك الـدم إلا أن يراد بـنـا
سفك الدماء طريقاً واحـداً جـددا
من يتق الله في الـدنـيا فـإن لـه
أجر التقي إذا وفى الحساب غـدا
وما قضى الله من أمر فلـيس لـه
رد، وما يقض من شيء يكن رشدا
كل الخوارج مخط في مقـالـتـه
ولو تعبد فيما قـال واجـتـهـدا
وأما علي وعثمـان فـإنـهـمـا
عبدان لم يشركا بالله مـذ عـبـدا
وكان بينهما شغـب وقـد شـهـدا
شق العصا، وبعين الله ما شـهـدا
يجزي علي وعثمان بسعـيهـمـا
ولـسـت أدري بـحـق أية وردا
الله يعلـم مـاذا يحـضـران بـه
وكل عبد سيلقى تـااه مـنـفـردا
  • لما تولي سعيد بن عبد العزيز بن الحارث على ولاية خراسان بعد عزل عبد الرحمن بن نعيم، جلس يعرض الناس وعنده حميد الرؤاسي وعبادة المحاربي، فلما دعي بثابت قطنة تقدم، وكان تام السلاح، جواد الفرس، فارساً من الفرسان، فسأله عنه، فقيل: هذا ثابت قطنة، وهو أحد فرسان الثغور، فأمضاه وأجاز على اسمه، فلما انصرف قال له حميد وعبادة: هذا أصلحك الله الذي يقول:
إنا لضرابون في حمس الوغى
رأس المتوج إن إراد صدودا

فقال سعيد: علي به، فردوه وهو يريد قتله، فلما أتاه قال له: أنت القائل: إنا لضرابون في حمس الوغى قال: نعم، أنا القائل:

إنا لضرابون في حمس الوغى
رأس المتوج إن إراد صدودا
عن طاعة الرحمن أو خلفائه
إن رام إفسادا وكر عـنـودا

فقال له سعيد: أولى لك، لولا أنك خرجت منها لضربت عنقك، ثم بلغ ثابت ما قاله حميد وعبادة، فأتاه عبادة معتذراً، فقال له: قد قبلت عذرك، ولم يأته حميد.

يا هند كيف بنصب بات يبـكـينـي
وعائر في سـواد الـلـيل يؤذينـي
كأن لـيلـي والأصـداء هـاجـدة
ليل السلـيم، وأعـيا مـن يداوينـي
لما حنى الدهر من قوسي وعذرنـي
شيبي وقاسيت أمر الغلظ والـلـين
إذا ذكرت أبـا غـسـان أرقـنـي
هم إذا عرس السارون يشجـينـي
كان المفضل عزا فـي ذوي يمـن
وعصمة وثمالا لـلـمـسـاكـين
ما زلت بعدك في هم تـجـيش بـه
نفسي وفي نصب قد كاد يبلـينـي

فقالت له هند:اجلس يا ثابت، فقد قضيت الحق، وما من المرثية بدٌّ،وكم من ميتة ميتٍ أشرف من حياة حيّ، وليست المصيبة في قتل ممن استشهد ذابّا عن دينه، مطيعاً لربه، وإنما المصيبة فيمن قلت بصيرته، وخمل ذكره بعد موته، وأرجو ألا يكون المفضل عند الله خاملاً.[1]

المراجع

عدل
  1. ^ ا ب ج د ه "أخبار ثابت قطنة". مؤرشف من الأصل في 2023-05-29.
  2. ^ ا ب ج د "ثابت قُطنة". مؤرشف من الأصل في 2023-05-29.
  3. ^ "ثابت قطْنَة - الجمهرة". مؤرشف من الأصل في 2023-05-29.