ويكيبيديا:مقالة الصفحة الرئيسية المختارة/60

مُنمنمة لأورنكزيب
مُنمنمة لأورنكزيب

السُّلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم شَاهِنشَاهِ السَّلْطَنَةِ الْهِنْدِيَّةِ والمَغُولِيَّةِ أَبُو الْمُظَفَّر مُحيِي الدِّين مُحَمَّد أَوْرَنِكْزِيب بَهَادُر عَالَمكِير پَادِشَاه غَازِي بن مُحمَّد شَاهجِهَان بن مُحمَّد جِهَانكِير الگوركاني (ق. 1027هـ - 28 ذي القعدة 1118هـ المُوافق فيه 1618م - 3 آذار (مارس) 1707م) المعروف اختصارًا بِـ«أورنكزيب عالمكير» أو «أورنكزيب الأوَّل» أو «عالمكير أعظم»، هو سادس سلاطين مغول الهند، وقد حكم بلاد آبائه من سنة 1068هـ المُوافقة لِسنة 1658م إلى سنة 1119هـ المُوافقة لِسنة 1707م. لُقِّب بـ«أورنكزيب» وهي كلمة فارسيَّة منحوتة من «اَوْرَنْگ‌» ومعناها «عرش»، و«زیب» ومعناها «زينة»، فيكون معنى اللقب «زينة العرش»، وقيل «زينة المُلك». أمَّا «عالمكير» فمعناه: آخذ العالم وسيِّده، وقيل «جامع زمام الدُنيا». بلغت سلطنة المغول في الهند أقصى اتساعها في عهد هذا السُلطان، ووصلت أعلى درجات الكمال والقُوَّة والإزدهار، فامتدَّت من كابُل وكشمير شمالًا إلى أطراف شبه القارَّة الهنديَّة جنوبًا، ومن السند غربًا إلى البنغال شرقًا. تولَّى أورنكزيب أعمالًا عسكريَّة وإداريَّة عديدة خلال سلطنة أبيه شاهجهان، واشتُهر بُحسن قيادته الجُيُوش، فناب عن أبيه في حُكم الدكن ثُمَّ في الگُجرات، ثُمَّ تولَّى المُلتان والسند، وحمل على الصفويين في إيران. تربَّع أورنكزيب على عرش سلطنة المغول بعد صراعٍ اشتعل بينه وبين إخوته في أواخر عهد شاهجهان، فانتصر عليهم وحجر على والده المريض في قلعة أغرة وأحاطه بِمظاهر التكريم إلى أن أدركه الموت، ثُمَّ انصرف لوأد الفتن الداخليَّة وضمّ ما كان خارجًا عن حُدُود الدولة المغوليَّة من بلادٍ هنديَّة، فأصاب نجاحًا كبيرًا، وصارت دولته إحدى أكبر الدُول في التاريخ الهندي، مُتفوِّقةً على دولة جد أبيه السُلطان جلال الدين أكبر. رعى أورنكزيب العُلُوم والفُنُون، وسعى إلى إحقاق العدل بين رعيَّته، وطالت أيَّامه، فحكم تسعة وأربعين سنة، ليُصبح أطول سلاطين مغول الهند حُكمًا. وصفه المُؤرِّخ مُحمَّد خليل المُرادي قائلًا: «... وَأَرَادَ الله بِأهلِ الهِندِ خَيرًا فَإنَّهُ رَفَعَ المَظَالِم وَالمُكُوس وَطَلَعَ مِنَ الأُفُق الهِندِي فَجره وَظَهَر مِنَ البُرجِ التّيمُورِيّ بَدرُه وفُلك مَجدُه دَائِر وَنَجم سَعده سَائِر...». يُجمع المُؤرِّخون أنَّ أورنكزيب كان أكثر سلاطين مغول الهند تديُّنًا وتمسُّكًا بالإسلام وعقيدة أهل السُنَّة والجماعة، قال عنه الأديب نجيب العقيقي: «وَكَانَ أَوْرَنِجزِيب مًسلِمَا وَرِعَا يَحفَظُ القُرآن ويُقيمُ الصَّلَاة ويَصُوم رَمَضَان ويُجاهد الوَثَنِيين»، فسعى إلى صبغ دولته بالصبغة الإسلاميَّة وتطبيق الحُدُود الشرعيَّة، لاغيًّا جميع المُمارسات التي تتعارض مع الإسلام والتي كانت قد تسرَّبت إلى البلاط المغولي مُنذُ عُهُود أجداده، وسعى إلى تمكين المُسلمين وإحياء حميتهم، ممَّا أثار الهندوس ودفع الكثير منهم ومن المُؤرِّخين الغربيين لاحقًا إلى توجيه أسهم النقد اللاذع إلى هذا السُلطان، واعتبار ميراثه مُعقدًا في أفضل الأحوال. اشتُهر أورنكزيب بتُقاه وورعه وحُسن عشرته، ومن مآثره أنَّهُ نسخ القُرآن مرَّتين خلال حياته، وموَّل تأليف كتابٍ كبيرٍ في الفقه الحنفي أعدَّه كبار عُلماء الديار الهنديَّة، هو «الفتاوى الهنديَّة» المُسمَّاة أيضًا «الْفَتَاوَى الْعَالَمْكِيرِيَّةِ».

تابع القراءة