نضوب الأوزون والتغير المناخي

نضوب الأوزون والتغير المناخي، أو ثقب الأوزون والاحتباس الحراري كمصطلحات أكثر تداولًا، هما تحديان بيئيان دُرست وقورنت وتبينت الصلات بينهما من حيث التنظيم العالمي مثالًا في مختلف الدراسات والكتب.

هناك اهتمام علمي واسع النطاق بتحسين لوائح ضبط التغير المناخي، ونضوب الأوزون وتلوث الهواء، إذ إن علاقة البشر مع المحيط الحيوي بوجه عام تعتبر ذات أهمية تاريخية وسياسية.[1] حتى عام 1994، كانت المناقشات القانونية بشأن اللوائح التنظيمية المتعلقة بتغير المناخ ونضوب الأوزون وتلوث الهواء توصف على أنها «ضخمة» وتم تقديم ملخص مشترك.[2]

هناك بعض أوجه التشابه بين كيمياء الغلاف الجوي والانبعاثات بشرية المنشأ في المناقشات التي جرت والمحاولات التنظيمية التي وُضعت. أكثر ما يثير الأهمية هو أن الغازات المسببة لهاتين المشكلتين لها أعمار طويلة بعد انبعاثها في الغلاف الجوي، مما يتسبب بمشاكل يصعب عكسها. حصدت اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال الذين عدّل عليها نجاحًا، في حين أن بروتوكول كيوتو بشأن تغير المناخ البشري قد فشل إلى حد كبير. تُبذل حاليًا جهودٌ لتقييم الأسباب وتضافر الجهود، فيما يتعلق مثلًا بتقديم تقارير البيانات ورسم السياسات ومواصلة تبادل المعلومات.[3] في حين يميل عامة الناس للنظر إلى الاحتباس الحراري العالمي على أنه وجهٌ من أوجه نضوب الأوزون،  فإن الأوزون والمواد الكيميائية مثل الكلوروفلوروكربونات وغيرها من أنواع الهالوكربون، التي تعتبر مسؤولة عن نضوب الأوزون، تشكل غازات الاحتباس الحراري الرئيسية علاوة على ذلك، فإن المستويات الطبيعية لطبقة الأوزون في كل من طبقة الستراتوسفير وطبقة التروبوسفير لها تأثير احتراري.

النهج السياسي عدل

هناك روابط وفوارق رئيسية بين نضوب الأوزون والاحترار العالمي والطريقة التي يعالج بها التحديان. في حالة نضوب الأوزون في الغلاف الجوي، وفي حالة من عدم اليقين الشديد والمقاومة الشديدة، فشلت محاولات وضع لوائح تنظيمية تخص تغير المناخ على الصعيد الدولي مثل بروتوكول كيوتو في خفض الانبعاثات العالمية.[4][5] كانت اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال قد وقعتا في الأصل من قبل بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (43 دولة في حالة بروتوكول مونتريال في عام 1986)، في حين حاولت كيوتو خلق اتفاقية عالمية من الصفر. تم التوصل إلى اتفاق بين الخبراء بشأن مركبات الكلوروفلوروكربون على شكل «التقييم العلمي لنضوب الأوزون» بعد فترة طويلة من اتخاذ الخطوات التنظيمية الأولى، وفي 29 ديسمبر عام 2012، صادقت جميع بلدان الأمم المتحدة بالإضافة إلى جزر كوك، والكرسي البابوي، ونييوي، والاتحاد الأوروبي فوق الوطني على بروتوكول مونتريال الأصلي.[6] صادقت تلك البلدان أيضًا على تعديلات البروتوكول في لندن وكوبنهاغن ومونتريال. حتى 15 نيسان من العام 2014، لم تصادق اثنتان من الدول الأطراف على تعديلات بكين.[7]

بعد اتفاقية فيينا، حولت الصناعات الهالوكربونية موقفها وبدأت في دعم بروتوكول للحد من إنتاج مركبات الكلوروفلوروكربون. تصرفت شركة دوبونت المصنعة الأمريكية بسرعة أكبر من نظيراتها الأوروبية.[8] حول الاتحاد الأوروبي موقفه بعد أن تخلت ألمانيا التي تمتلك صناعة كيماوية كبيرة عن دفاعها عن صناعة مركبات الكلوروفلوروكربون وبدأت في دعم المزيد من اللوائح التنظيمية. حاولت الحكومة والصناعة في فرنسا والمملكة المتحدة الدفاع عن صناعاتها المنتجة لمركبات الكلوروفلوروكربون حتى بعد توقيع بروتوكول مونتريال.[9]

كانت اتفاقية فيينا قد وٌضعت قبل التوصل إلى توافق آراء علمي بشأن ثقب الأوزون. بل على العكس من ذلك، حتى الثمانينات، كان الاتحاد الأوروبي، وناسا، وشركة ناس، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، والحكومة البريطانية قد أصدروا تقارير علمية تحمل استنتاجات متشعبة. كان للسير روبرت (بوب) واتسون، مدير شعبة العلوم في ناسا، دور حاسم في عملية التوصل إلى تقييم موحد.[4]

السياسات وتوافق الآراء عدل

نجح بوب واتسون في توحيد مجتمع العلوم الدولي في عام 1985 للتعامل مع مشكلة ثقب الأوزون قبل التوصل إلى توافق في الآراء.[4]

كتب آنت إلزينغا في عام 1996 عن توافق الآراء، بأن الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ حاول في تقريريه السابقين اتباع نهج عالمي في توافق الآراء إزاء العمل المناخي.[10] في عام 1997، أشار ستيفن شنايدر وبول إنز. إدواردز إلى أنه بعد تقديم تقرير التقييم الثاني للجنة الأمم المتحدة المختصة بدراسة تغير المناخ، حاولت مجموعة الضغط المتمثلة في التحالف العالمي للمناخ وعدد قليل من العلماء «المنكرين للتغير المناخي» التشكيك في نتائج التقرير. وأشاروا إلى أن الهدف من الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ هو تمثيل المجموعة الكاملة من الرأي العلمي الموثوق به، وإن أمكن، التوصل إلى توافق في الآراء.[11]

في عام 2007، قارن راينر غروندمان بين الإجراءات المناخية المتبعة في أوروبا والولايات المتحدة، وفسر هذا التقاعس إلى جانب الإجماع القائم، وأشار إلى الأجندة السياسية التي قادت الولايات المتحدة نحو سياسات تغير المناخ. إن الوضوح الكبير للعلماء المتشككين في وسائل الإعلام يتجاوب مع تلك الفكرة؛ كتب راينر أيضًا أن ألمانيا وضعت أهدافًا طموحة، وقللت من انبعاثاتها، لأن «التقارير المتوازنة» أدت إلى تحيز في التغطية المتعلقة بتغير المناخ لصالح الحجج المتشككة ضمن الولايات المتحدة، ولكن ليس كثيرًا في ألمانيا. إضافة إلى ذلك، أشار غروندمان إلى أنه بعد تحذيرات من علماء في عام 1986، كلف البرلمان الألماني جماعة «التحوط لحماية الغلاف الجوي للأرض»، بتقييم الوضع، وتتألف هذه الجماعة من علماء وسياسيين وممثلين عن مجموعات المصالح. بعد ثلاث سنوات، أحدث التقرير أثرًا في تقييم الوضع الفني في مجال أبحاث المناخ، وتقييمًا للتهديد المتمثل في التغير المناخي، فضلًا عن اقتراحات لتحقيق أهداف واضحة للحد من الانبعاثات، إلا أنه يقول إنه لم يكن هناك توافق في الآراء، وعزا نجاح التقرير إلى اتخاذ إجراءات وقائية قوية، وأنه لم يشارك فيها أيّ من الجهات العلمية الخارجية أو منكري التغير المناخي.[12][13]

لم يتم تطبيق نموذج خطي لصنع القرار السياسي يستند إلى موقف مفاده أنه «كلما زادت معرفتنا، كلما كانت الاستجابة السياسية أفضل»، في حالة الأوزون.[14] ركزت عملية تنظيم مركبات الكلوروفلوروكربون أكثر على إدارة الجهل والشكوك كأساس لاتخاذ القرارات السياسية، حيث تم أخذ العلاقات بين العلم، و(قلة) الفهم العام والسياسات العامة بعين الاعتبار على نحو أفضل.[15] في الوقت نفسه، أقرر لاعب ذو دور في عملية الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، مايكل أوبنهايمر، ببعض أوجه القصور في نهج توافق آراء الفريق الحكومي، وطالب بإجراء تقييمات أصغر ومتوافقة لمشاكل خاصة بدلًا من تكرار النهج الواسع النطاق كل ست سنوات. أصبح من المهم أكثر توفير نطاق استكشاف أوسع للشكوك.[16] يرى آخرون أيضًا فوائد مختلطة (إيجابيات وسلبيات) في السعي للتوصل إلى توافق في الآراء في إطار عملية الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، وطالبوا بإدراج مواقف معارضة أو أقلية،[17] أو بتحسين البيانات المتعلقة بالحالات المشكوك بها.[18][19]

الرأي العام عدل

حققت مشكلتان في الغلاف الجوي مستويات فهم مختلفة بين الرأي العام، بما في ذلك المسائل الأساسية المتعلقة بالعلم والسياسات.[15] إن الناس لديهم معرفة علمية محدودة بشأن الاحترار العالمي ويميلون إلى خلطه[20] أو النظر إليه كأحد أوجه ثقب الأوزون.[21] ليس فقط على الصعيد السياسي، بل حققت اللوائح التنظيمية بخصوص الأوزون نجاحًا أفضل كثيرًا من أداء تغير المناخ بين الرأي العام. ابتعد الأمريكيون طواعية عن استخدام بخاخات الهواء المضغوط قبل فرض اللوائح التنظيمية، في حين فشل تغير المناخ في تحقيق فهم علمي أوسع نطاقًا أو في إثارة مخاوف مماثلة.[15]

انظر أيضًا عدل

مراجع عدل

  1. ^ 2010, Review of Joachim Radkau, Nature and Power: A Global History of the Environment, (ردمك 978-0521616737), by ديفيد كريستيان, 2010 نسخة محفوظة 24 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ Alexander Gillespie. Climate Change, Ozone Depletion And Air Pollution: Legal Commentaries Within The Context Of Science And Policy 1994 نسخة محفوظة 5 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ Sebastian Oberthür, International Environmental Agreements July 2001, Volume 1, Issue 3, pp 357-377, Linkages between the Montreal and Kyoto Protocols – Enhancing Synergies between Protecting the Ozone Layer and the Global Climate
  4. ^ أ ب ت Reiner Grundmann "Technische Problemlösung, Verhandeln und umfassende Problemlösung", (Technical trouble shooting, negotiating and generic problem solving capability) in Gesellschaftliche Komplexität und kollektive Handlungsfähigkeit (Complexity of society and collective ability to act), ed. Schimank, U. (2000). Frankfurt/Main: Campus, pp. 154–82 book summary نسخة محفوظة 2014-10-12 على موقع واي باك مشين. at the جمعية ماكس بلانك
  5. ^ Of Montreal and Kyoto: A Tale of Two Protocols by Cass R. Sunstein 38 ELR 10566 8/2008 نسخة محفوظة 27 سبتمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  6. ^ "EUROPA – PRESS RELEASES – Press Release – Environment: European Union hails universal ratification of the Montreal Protocol on protecting the ozone layer". Europa.eu. 16 سبتمبر 2009. مؤرشف من الأصل في 2012-04-12.
  7. ^ "Status of Ratification – The Ozone Secretariat". Ozone.unep.org. 15 أبريل 2014. مؤرشف من الأصل في 2014-10-08. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-25.
  8. ^ Shabecoff, Philip (5 نوفمبر 1986). "U.S. Report Predicts Rise in Skin Cancer with Loss of Ozone". The New York Times. ص. A1. مؤرشف من الأصل في 2020-09-20. اطلع عليه بتاريخ 2013-01-10.
  9. ^ Reiner Grundmann, Transnational Environmental Policy, London: Routledge, (ردمك 0-415-22423-3)
  10. ^ Aant Elzinga, "Shaping Worldwide Consensus: the Orchestration of Global Change", in Elzinga & Landström eds. (1996) Internationalism and Science: 223-255. (ردمك 0-947568-67-0).
  11. ^ Paul N. Edwards؛ Stephen H. Schneider (1997). "The 1995 IPCC Report: Broad Consensus or "Scientific Cleansing"?1" (PDF). Ecofable/Ecoscience. Harvard University: 3–9. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-03-04.
  12. ^ Reiner Grundmann (2007). "Environmental Politics Climate Change and Knowledge Politics" (PDF). Environmental Politics. ج. 16 ع. 3: 414–432. DOI:10.1080/09644010701251656. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2014-08-26.
  13. ^ Bundestag.de (1990). "Dritter Bericht der ENQUETE-KOMMISSION Vorsorge zum Schutz der Erdatmosphäre" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-10-26.
  14. ^ Grundmann، R. (2010). "Climate Change: What Role for Sociology?: A Response to Constance Lever-Tracy". Current Sociology. ج. 58: 897–910. DOI:10.1177/0011392110376031. Current Sociology November 2010 vol. 58 no. 6 897-910, see Lever Tracy's paper in the same journal نسخة محفوظة 2015-04-29 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ أ ب ت Ungar، Sheldon (2000). Public Understanding of Science. ج. 9: 297–312. DOI:10.1088/0963-6625/9/3/306. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط |title= غير موجود أو فارغ (مساعدة)
  16. ^ Michael Oppenheimer et al., "The limits of consensus", in Science Magazine's State of the Planet 2008-2009: with a Special Section on Energy and Sustainability, Donald Kennedy, Island Press, 01.12.2008, separate as Oppenheimer، M. (2007). "The Limits of Consensus". Science. ج. 317: 1505–1506. DOI:10.1126/science.1144831. PMID:17872430.
  17. ^ Mike Hulme, "Lessons from the IPCC: do scientific assessments need to be consensual to be authoritative?" in (eds.) Doubleday, R. and Willesden, J. March 2013, page 142 ff نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Do scientific assessments need to be consensual to be authoritative? Curry, JA and PJ Webster, 2012: "Climate change: no consensus on consensus". CAB Reviews, in press, 2012 نسخة محفوظة 12 نوفمبر 2020 على موقع واي باك مشين.
  19. ^ "Climate heretic: Judith Curry turns on her colleagues". NatureNews. 1 نوفمبر 2010. مؤرشف من الأصل في 2020-11-11. اطلع عليه بتاريخ 2010-12-22.
  20. ^ Boyesa، Edward؛ Stanisstreeta، Martin (1992). "Students' perceptions of global warming". International Journal of Environmental Studies. ج. 42 ع. 4: 287–300. DOI:10.1080/00207239208710804.
  21. ^ Compare Sheldon Ungar, 2000 and various web sites such as غافين شميت  [لغات أخرى]‏ realclimate complaint in depletion and global warming 2005 or the UCS FAQ on the topic نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2020 على موقع واي باك مشين.