النظرة المسيحية للفقر والغنى
هناك مجموعة متنوعة من وجهات النظر المسيحية حول الفقر والغنى. وفقا لإحدى وجهات النظر، تعتبر الثروة والمادية شرًا يجب تجنبه وحتى مكافحته. على الجانب الآخر، هناك وجهة نظر تعتبر الرخاء والرفاهية على أنها نعمة من الله.[1]
كثيرون ممن يطرحون وجهة النظر الأولى يتعاملون مع الموضوع من ناحية علاقته بالرأسمالية النيوليبرالية التي تشكل العالم الغربي. وجادل اللاهوتي الأمريكي جون بي كوب بأن «الاقتصاد الذي يحكم الغرب و-من خلاله- الكثير من الشرق» يتعارض بشكل مباشر مع العقيدة المسيحية التقليدية. يستشهد كوب بتعليم يسوع «لا تقدرون أن تخدموا الله والمال». ويؤكد أنه من الواضح أن «المجتمع الغربي منظم في خدمة الثروة» وبالتالي انتصرت الثروة على الله في الغرب.[2] يقول اللاهوتي الاسكتلندي جاك ماهوني أن أقوال يسوع في Mark 10:23–27 «طبعت نفسها بعمق على المجتمع المسيحي على مر القرون حتى أن أولئك الأثرياء، أو حتى المرتاحين ماديا، غالباً ما يشعرون بعدم الارتياح وتأنيب الضمير».[3] بالمقابل بحسب الباحث رودني ستارك فإن العقلانية المسيحية هي المحرك الأساسي وراء نجاح الرأسمالية وصعود الغرب.[4] كما وقدم عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر أطروحة مفادها أن البروتستانتية وأخلاقياتها هي التي ولدت القيم التي كانت أحد أسباب نشأة الرأسمالية الحديثة،[5] ويجادل عدد من المؤرخين أنه كان للبروتستانتية دوراً بارزاً في صعود الطبقة المتوسطة والبرجوازية.[6][7][8]
على الجانب الآخر يجادل بعض المسيحيين بأن الفهم الصحيح للتعاليم المسيحية حول الثروة والفقر يحتاج إلى إلقاء نظرة أوسع بحيث أن تراكم الثروة ليس هو المحور الرئيسي لحياة الفرد بل هو مورد لتعزيز «الحياة الجيدة».[9] قام ديفيد و. ميلر ببناء نموذج مكون من ثلاثة أجزاء يقدم ثلاثة مواقف سائدة بين البروتستانت تجاه الثروة. وفقًا لهذا النموذج، نظر البروتستانت إلى الثروة على أنها إما: (1) جريمة في حق الإيمان المسيحي أو (2) عقبة أمام الإيمان أو (3) نتيجة للإيمان.[10]
تاريخ
عدلالعصور الوسطى
عدليُشير مفهوم التمويل المسيحي إلى الأنشطة المصرفية والمالية التي ظهرت منذ عدة قرون. تٌحظر عدد الكنائس المسيحية، مثل الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الإصلاحية، تقليديًا الربا باعتباره خطيئة ضد الوصية الثامنة المذكورة في الوصايا العشر.[11][12] وقد تكون أنشطة فرسان الهيكل (القرن الثاني عشر)، أو جبل التقوى (ظهرت عام 1462) أو الغرفة الرسولية المرتبطة مباشرة بالفاتيكان، قد أدت إلى عمليات ذات طبيعة مصرفية أو ذات طبيعة مالية (مثل إصدار الأوراق المالية والاستثمارات).[13] وتشمل العائلات المصرفية الكاثوليكية كل من آل ميديشي،[14] وفلسر، وفوغر،[15] وبيروتسي وعائلة باردي.
في بداية القرون الوسطى، كانت أخلاقيات الأبوية المسيحية، راسخة تمامًا في ثقافة أوروبا الغربية. وقد أدانت الكنيسة الربا والمادية مثل الجشع والطمع، والخداع واعتبرتها أعمال غير مسيحية.[16] اعتبر الراهب والمفكر الكاثوليكي فرانثيسكو دي فيتوريا تلميذ مدرسة توما الأكويني والذي درس قضية تتعلق بحقوق الإنسان للمواطنين إبّان الاستعمار، من قبل الأمم المتحدة بمثابة الأب للقانون الدولي، وأيضًا يعتبر من قبل مؤرخي الاقتصاد والديمقراطية بالقائد والمحارب من أجل الديمقراطية والتنمية الاقتصادية في الغرب.[17] كتب جوزيف شومبيتر وهو خبير اقتصادي، في إشارة إلى السكولائية «كونهم المؤسسين الحقيقيين للإقتصاد العلمي».[18] وكان أيضًا قد أدلى عدد من المؤرخين الاقتصاديين مثل ريموند دي روفر، مارجوري جريس - هتشينسون، واليخاندرو شوفين تصريحات مماثلة. وكتب بول لوتوكو مؤرخ من جامعة ستانفورد أن الكنيسة الكاثوليكية كانت «مركز لتنمية القيم والأفكار والعلوم والقوانين والمؤسسات، أي التي تشكل ما نسميه الحضارة الغربية».[19]
كما وقد شجعت الكنيسة الكاثوليكية على التبرع ومساعدة من هم بحاجة. وكان آباء الكنيسة قد أشادوا في أعمال الصدقة والخير.[20] ويرى المؤرخ الآن كوهين في أن تعاليم يسوع في رفع قيمة الفقراء كانت ثورة في عالم الفقر والثروة إذ كانت فكرة الإحسان واحترام الفقراء غائبة في الفكر الروماني واليوناني.[21] وما تزال عقلية التبرع ومساعدة الغير راسخة في الفكر الغربي.[22]
جبل التقوى (بالإيطالية: monte di pietà؛ بالإسبانية: monte de piedad؛ بالفرنسية: mont de piété) هي منظمة غير ربحية تعمل كمرتهن مؤسسي وكجمعية خيرية في أوروبا؛ ظهرت في العصور الوسطى وما تزال تعمل حتى اليوم. أنشئت مؤسسات مماثلة في المستعمرات التابعة إلى الدول الكاثوليكية. ونشأت هذه المؤسسة في إيطاليا في القرن الخامس عشر في المدن من خلال حركة إصلاح ضد إقراض المال،[23] وكانت واحدة من أبرز الأشكال المبكرة للأعمال الخيرية المنظمة. وتم تنظيم الوظائف وإدراتها من خلال الكنائس الكاثوليكية حيث تم تقديم القروض المالية في فائدة معتدلة إلى المحتاجين.[24] انتشرت هذه المنظمات في أوروبا الغربية خلال العصور الوسطى،[25] ويعود الفضل في انتشارها إلى الوعظ من قبل الفرنسيسكان وإدانتهم إلى الربا،[26] مع دعم لاحق من قبل كل من الدعاة الدومينيكان والمثقفين الإنسانيين في القرن الخامس عشر.[27]
الإصلاح البروتستانتي
عدلعقب الإصلاح البروتستانتي غيّرت البروتستانتية في العقلية والفكر الغربي، فبينما كانت الكاثوليكية لا تحبذ تراكم الثروات،[28] شجعت البروتستانتية تراكم الثروات واعتبرتها نعمة من عند الله متأثرة في ذلك في العهد القديم.[29] ساهم صعود البروتستانتية في القرن السادس عشر في تطوير الأعمال المصرفية في أوروبا الشمالية. في أواخر القرن الثامن عشر، بدأت العائلات التجارية البروتستانتية في الانتقال إلى الأعمال المصرفية بدرجة متزايدة، خاصةً في البلدان التجارية مثل المملكة المتحدة (آل بارينجز)، وألمانيا (عائلة شرودرز وعائلة بيرنبرغ)،[30] وهولندا (هوب وشركاه، وجولشر ومولدر) في الوقت نفسه، وسعت أنواع جديدة من الأنشطة المالية نطاق الخدمات المصرفية إلى ما هو أبعد من أصولها. تنسب إحدى المدارس الفكرية الكالفينية إلى أنها مهدت الطريق للتطور اللاحق للرأسمالية في شمال أوروبا. عائلة مورجان هي عائلة أسقفيَّة أمريكية وسلالة مصرفية، والتي أصبحت بارزة في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين في عالم الصيرفة.[31] واستنادًا إلى ماكس فيبر فأخلاق العمل البروتستانتية، خاصة المذهب الكالفيني، من انضباط وعمل شاق وإخلاص، كانت وراء ظهور العقلية الرأسمالية في أوروبا،[32]: وذلك لقولها بأن النجاح على الصعيد المادي هو دلالة على نعمة إلهية واختيار مسبق للخلاص.[8]
وبعض الباحثين يربطون أيضًا دور التطهريين وهم من الكالفينين في الاقتصاد والرأسمالية في الولايات المتحدة. فقد حثت تعاليمهم بان يكونوا منتجين بدلاً من مستهلكين ويستثمروا أرباحهم لخلق المزيد من فرص العمل لمن يحتاج وبذلك تمكنهم في المساهمة في بناء مجتمع منتج وحيوي.[33] ومن الآثار المهمة للحركة التطهرية، بسبب تأكيدها حرية الفرد، ظهور برجوازية جديدة، فالحرية الفردية وما رافقها من نجاح في مجال الصناعة، جعل أتباع البيوريتانية يهتمون بالثروة والمتعة وحب التملك بدلاً من البحث عن خيرات الأرض بالسعي والجد.[1] ويعتبر اليوم أحفاد التطهريين أو ما يعرفون بالواسب الطبقة الثرية والمتعلمة في الولايات المتحدة،[34] وهم بمثابة النخبة الاجتماعية التي تتحكم في الاقتصاد والسياسة والمجتمع الأمريكي.[35]
كذلك كانت أخلاق العمل البروتستانتية كقيم الموثوقية، والادخار، والتواضع، والصدق، والمثابرة والتسامح، أحد أسباب نشأة الثورة الصناعية.[36] وقد تم فحص العلاقة المفترضة بين البروتستانتية والتعليم والنجاح الاقتصادي بشكل صريح من قبل بيكر ووسمان في عام 2009، وتفيد دراستهم أنَّ البروتستانتية، من خلال زيادة في الرأس المال، كان له تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي في القرن التاسع عشر في بروسيا. في المقابل، فإن كانتوني في عام 2009 نظرت عبر 272 مدينة داخل ألمانيا من عام 1300 إلى عام 1900، ووجدت أنه لا تشكل أي آثار للبروتستانتية على نمو سكان المدينة.[37]
أدى صعود البروتستانتية إلى تحرير أوروبا المسيحية إلى ازدياد نظرة روما ضد الربا. في أواخر القرن 18، بدأت العائلات التجارية البروتستانتية للانتقال إلى العمل المصرفي بدرجة متزايدة، ولا سيّما في البلدان التجارية مثل المملكة المتحدة (آل بارينجز)، وألمانيا (أسرة شرودرز وبرينبرغ) وهولندا. كما ولعبت النخب البروتستانتية الغنيّة دور كبير اقتصادي مثالًا على ذلك عندما تحولت جنيف إلى البروتستانتية في 1536 وذلك بعد وصول جون كالفين إلى هناك. بحيث ظهر التأثير البروتستانتي في سويسرا وعلى المجتمع السويسري خاصًة في المجال العلمي والاقتصادي إذ تشكل البروتستانت من المتعلمين والحرفيين والبرجوازيين، وعمل البروتستانت خاصًة الهوغونوتيون في إنشاء البنوك وعملوا في الذهب والتجارة.[38] كما لعبت العائلات الغنية العريقة البروتستانتية دور اقتصادي هام، كعائلة بيكتات، التي مَـنحت إسمها لمصرف بيكتات الخاص.[39]
كان رحيل الهوغونوت إنجلترا وجمهورية هولندا وأمريكا وسويسرا وجنوب أفريقيا كارثة لمملكة فرنسا، حيث كلفها الكثير من نفوذها الاقتصادي. ففي بعض المدن الفرنسية كانت الهجرة الجماعية تعني خسارة نصف السكان العاملين. أعتبرت هجرة الهوغونوتيين هجرة الأدمغة،[40] إذ كان عدد كبير منهم من المتعلمين والحرفيين والبرجوازيين، في المهجر عمل الهوغونوتيين في إنشاء البنوك وعملوا في الذهب والتجارة.[38] كان الهوغونوت غزيروا الإنتاج، بشكل خاص في صناعة النسيج،[41] وكانت مدن أوروبية كثيرة حريصة على جذب الهوغونوت وتنافس على إغرائهم، إذ إنّ تدفق العمال المهرة والمتعلمين يمكن أن يساعد في إنعاش اقتصاداتهم، وهو ما حدث بالفعل في مدن مثل برلين الألمانية وأمستردام الهولندية وجنيف السويسرية.[41]
ظهر أيضًا التأثير الكالفيني في هولندا وعلى المجتمع والاقتصاد الهولندي، يعزو الاقتصاديان رونالد فيندلي وكيفن أورورك أنَّ جزءاً من صعود هولندا إلى أخلاقيات العمل البروتستانتية القائمة على الكالفينية، والتي عززت التوفير والتعليم. وقد ساهم ذلك وفقاً لهم في «أدنى أسعار الفائدة وأعلى معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة في أوروبا. ومكنت فرة رأس المال من الاحتفاظ بمخزون ثروة مثير للإعجاب، ليس فقط في الأسطول الكبير ولكن في المخزونات الوفيرة من مجموعة من السلع التي كانت تستخدم لتحقيق الاستقرار في الأسعار والاستفادة من فرص الربح».[42] وكان لهجرة الهوغونوتيون الذين قدموا من فرنسا، والبروتستانت الذين قدموا من جنوب هولندا إلى مدينة أمستردام دوراً في تطوير الاقتصاد. وأدت هذه الهجرات إلى إنشاء العديد من الأعمال المصرفيّة والصناعيّة الكبرى.[43] يظهر قول يعكس الوضع آنذاك في القرن السادس عشر:
الكاثوليك لديهم الكنائس، واللوثريين لديهم السلطة، والكالفينيين يملكون المال.[44] |
العصر الحديث
عدلوفقًا للمؤرخ وعالم الأنساب إريك بونجنر، فإنه «بُنيت أسطورة المجتمع البروتستانتي الراقي حول رؤساء بنك فرنسا في ظل الإمبراطورية الفرنسية الأولى، والمؤلفة من عدد صغير جدًا من الأسر، الغنية جدًا، والتي تزاوجت من بعضها البعض».[45][46] وظهر مصطلح المجتمع البروتستانتي الراقي في القرن التاسع عشر، ويشير المصطلح إلى مجموعة من العائلات الثرية البروتستانتية، والتي كانت على استعداد للتضامن المتبادل والسلطة الغامضة جزئياً داخل «النخبة (والمجتمع) الفرنسي ذات الأغلبية الكاثوليكية». وبالتالي ينطبق هذا المصطلح أساساً على الأفراد والأسرة البرجوازية البروتستانتية الكبيرة والتي كانت تتألف من كبار الصناعيين والمصرفيين والتجار والحرفيين،[47] والتي تعود ثرواتها وشبكات نفوذها إلى القرن التاسع عشر.[45]
في العصر الحديث، دعت الكنيسة الكاثوليكية من خلال الرسائل البابوية إلى اعتماد الأخلاق المسيحية من قيم مساعدة الآخر والنزاهة في العمل، في الاقتصاد.[48] التوزيعية هي نظرية اقتصادية تؤكد أن الأصول المنتجة في العالم يجب أن تُملَك بدلًا عن التركيز عليها. نشأت في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وارتكزت على مبادئ التعاليم الاجتماعية الكاثوليكية وخصوصًا تعاليم البابا ليو الثالث عشر في منشوره البابوي ريروم نوفاروم 1891 والبابا بيوس الحادي عشر في كوادراغيسيمو آنو 1931. ترى التوزيعية أن كلًا من الرأسمالية والاشتراكية معاب ومستغِل وتفضل الآليات الاقتصادية كالتعاونات الصغيرة والأعمال العائلية وأنظمة مكافحة الاحتكار الكبيرة. دعت بعض الأحزاب السياسية الديمقراطية المسيحية إلى التوزيعية في سياساتها الاقتصادية.[49][50][51][52]
تعتبر العديد من المجتمعات المسيحية واحدة من من أكثر المجتمعات تقدمًا، فمثلًا في الهند يعتبر المسيحيين أكثر المجتعات الدينية تقدمًا.[53] وتأثير المسيحيين من سكان المناطق الحضرية يظهر جليًا في الاقتصاد فالقيم المسيحية المتأثرة من التقاليد الأوروربية تعتبر ميزة ايجابية في بيئة الأعمال والتجارة في الهند الحضرية؛ يعطى هذا كتفسير للعدد الكبير من المهنيين المسيحيين في قطاع الشركات في الهند،[54] أما في كوريا الجنوبية فمعظم الشركات الكبرى بالبلاد يديرها مسيحيون وعلى الرغم من أن المسيحيين ليسوا الغالبية في كوريا الجنوبية.[55][56] بالمقابل فإن هذه الدراسة أنتقدت من قبل بعض الباحثين مثل دولراف وتان.[57] كذلك يظهر تأثير المسيحيين الاقتصادي في عدد من دول العالم الإسلامي.[58]
وفي دراسة معروفة قام بها عدد من الباحثين في مطلع الألفية ويمكن اختصار اسمها كالتالى: (CMRP) وجد عدد من الباحثين أن المجتمعات التي تسيطر عليها الثقافة البروتستانتية (تشمل الولايات المتحدة، الدول الإسكندنافية، ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، سويسرا، كندا، أستراليا ونيوزيلندا وهي دول أعطتها البروتستانتية شكلها الحضاري والثقافي) تميل إلى العمل والاجتهاد والإنجاز والابتكار أكثر من المجتمعات التي تسيطر عليها ثقافات دينية أخرى مثل الإسلام والبوذية والهندوسية.[59] ووفقًا للدراسة فالدول ذات الثقافة والأغلبية البروتستانتية لديها مؤشر التنمية البشرية والناتج المحلي مرتفع، كما وتتربع العديد من الدول البروتستانتية قائمة أغنى دول العالم،[60] والدول الأقل فساداً في العالم.[61] يُذكر أن 6 دول مسيحيّة من أصل 10 تتربع قائمة أكثر دول العالم تطورًّا في مجال التكنولوجيا والتقنية العالية.[62]
خلصت دراسة أجرتها مجلة فورتشن أنّ واحد من كل خمسة أكبر الشركات في الولايات المتحدة تُدار من قبل الأسقفيين.[31] واحدة من ثلاثة أكبر وأقوى البنوك في البلاد، يرأسُه أسقفيين.[31] تاريخيًا إنتمت العديد من العائلات الأمريكية الثرية والغنية الشهيرة مثل عائلة روكفلر، ومورجان، وفورد، وروزفلت، وفاندربيلت، وكارنيغي، ودو بونت، وآستور، وفوربس، وعائلة بوش إلى الكنيسة الأسقفية الأمريكية.[31] كما وجدت دراسة أجرتها مجلة فورتشن عام 1976 حول أهم 500 رؤساء تنفيذيين لأهم الشركات والمؤسسات التجاريّة في الولايات المتحدة حضور طاغ للبروتستانت من الكنيسة الأسقفية الأمريكية والكنيسة المشيخية في أمريكا والأبرشانيّة.[63]
الوضع الراهن
عدلكشف تقرير نشرته مؤسسة «نيو ورلد ويلث» سنة 2015 المتخصصة في أبحاث الثروة العالمية عن سيطرة المسيحيين على السواد الأعظم من الثروات العالمية، يليهم المسلمون والهندوس واليهود. وأوضح التقرير أن إجمالي الثروات التي يمتلكها المسيحيون تصل إلى 107.280 مليار دولار، ما يمثل أكثر من 55% من الثروات العالمية، يليهم المسلمون في المرتبة الثانية بإجمالي ثروة تُقدر بـ 11.335 مليار دولار (5.8%) ثم الهندوس بإجمالي ثروة تبلغ قيمتها 6.505 مليار دولار، بما يعادل نسبته 3.3%. وأشار التقرير إلى أن اليهود يمتلكون إجمالي ثروة تقدر بـ 2.079 مليار دولار (1.1%). وحوالي (67.832 مليار دولار، ما يعادل 34.8%) تقع في أيدي أفراد لا ينتمون لأي دين أو حتى في أيدي أشخاص يؤمنون بديانات أخرى.[64] وعلاوة على ذلك، خلص التقرير إلى أن سبعة من بين أكثر عشرة دول ثراء في العالم (على أساس تصنيف عدد الأفراد الذين لديهم صافي أصول عالية) هي دول يبرز فيها الدين المسيحي كديانة أولى وتضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وسويسرا وكندا وفرنسا وأستراليا، مستثنيًا منها كلا من الصين واليابان والهند.[65]
وجدت دراسة تعود ليناير 2015 من قِبل شركة أبحاث الثروة الغير حزبية نيو وورلد ويلث أن ثُلثي 13.1 مليون مليونير في العالم يعتنقون ديانة معينة عند سؤالهم عن دينهم. وبحسب الدراسة حوالي 56.2% من مجمل المليونيرات في العالم مسيحيون (أي 7.1 مليون مليونير)، يليهم 31.7% لادينيين وأتباع ديانات أخرى، و6.5% مسلمون، و3.9% هندوس و1.7% يهود.[66]
في العصر الحديث يستمر التمويل الإكليرسي الكاثوليكي من خلال بنك الفاتيكان (IOR)، أو من خلال التمويل الكاثوليكي العلماني الموجود أيضًا في كل من ألمانيا (مثل باكس بنك[67][68] وبنك ليغا) أو الولايات المتحدة الأمريكية (على سبيل المثال الاتحاد الائتماني الفيدرالي للعائلة الكاثوليكية[69] واتحاد الائتمان هولي روزاري[70]). العديد من الفعاليات المسيحية البروتستانتية الأخرى موجودة (على سبيل المثال اتحاد الائتمان الجماعة المسيحية،[71] وبنك كينغدوم).[72]
مراجع
عدل- ^ ا ب Sheldon Wolin, Tocqueville Between Two Worlds (2001), p. 234.
- ^ Cobb, Jr.، John B. "Eastern View of Economics". مؤرشف من الأصل في 2015-09-06. اطلع عليه بتاريخ 2011-04-10.
- ^ Mahoney، Jack (1995). Companion encyclopedia of theology. Taylor & Francis. ص. 759.
- ^ Stark، Rodney (2005). The Victory of Reason: How Christianity Led to Freedom, Capitalism, and Western Success. New York: Random House. ISBN:1-4000-6228-4. مؤرشف من الأصل في 2020-03-09.
- ^ Engerman، Stanley L. (29 فبراير 2000). "The Protestant Ethic and the Spirit of Capitalism". مؤرشف من الأصل في 2011-03-07. اطلع عليه بتاريخ 2011-04-10.
- ^ Herrick، Cheesman Abiah (1917). History of commerce and industry. Macmillan Co.
- ^ Kiely, Ray (Nov 2011). "Industrialization and Development: A Comparative Analysis". UGL Press Limited:
- ^ ا ب Calvin's position is expressed in a letter to a friend quoted in Le Van Baumer، Franklin, editor (1978). Main Currents of Western Thought: Readings in Western Europe Intellectual History from the Middle Ages to the Present. New Haven: Yale University Press.
{{استشهاد بكتاب}}
:|الأول=
باسم عام (مساعدة)صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link) - ^ Liacopulos، George P. (2007). Church and Society: Orthodox Christian Perspectives, Past Experiences, and Modern Challenges. Somerset Hall Press. ص. 88. ISBN:9780977461059. مؤرشف من الأصل في 2020-03-09.
- ^ Miller, David W. "Wealth Creation as Integrated with Faith: A Protestant Reflection" Muslim, Christian, and Jewish Views on the Creation of Wealth April 23–24, 2007
- ^ Cox, Robert (1853). Sabbath Laws and Sabbath Duties: Considered in Relation to Their Natural and Scriptural Grounds, and to the Principles of Religious Liberty (بالإنجليزية). Maclachlan and Stewart. p. 180.
- ^ Considine, Kevin P. (2016). "Is it sinful to charge interest on a loan?" (بالإنجليزية). تجمع المبشرين لقلب مريم الطاهرة . Archived from the original on 2020-07-29. Retrieved 2020-06-04.
{{استشهاد ويب}}
: صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link) - ^ J. Le Goff, Marchands et banquiers au Moyen Âge, Puf Quadrige, 2011, p. 75
- ^ Crum, Roger J. Severing the Neck of Pride: Donatello's "Judith and Holofernes" and the Recollection of Albizzi Shame in Medicean Florence . Artibus et Historiae, Volume 22, Edit 44, 2001. pp. 23–29.
- ^ Negotiating the French Pox in Early Modern Germany by Claudia Stein
- ^ Hunt، E. K. (2002). Property and Prophets: The Evolution of Economic Institutions and Ideologies. M.E. Sharpe. ص. 10. مؤرشف من الأصل في 2015-04-23.
- ^ de Torre، Fr. Joseph M. (1997). "A Philosophical and Historical Analysis of Modern Democracy, Equality, and Freedom Under the Influence of Christianity". Catholic Education Resource Center. مؤرشف من الأصل في 2017-04-20.
- ^ Schumpeter، Joseph (1954). History of Economic Analysis. London: Allen & Unwin.
- ^ "Review of How the Catholic Church Built Western Civilization by Thomas Woods, Jr". National Review Book Service. مؤرشف من الأصل في 2014-11-07. اطلع عليه بتاريخ 2006-09-16.
- ^ Kahan، Alan S. (2009). Mind vs. money: the war between intellectuals and capitalism. Transaction Publishers. ص. 44. مؤرشف من الأصل في 2014-07-06.
- ^ Kahan، Alan S. (2009). Mind vs. money: the war between intellectuals and capitalism. Transaction Publishers. ص. 42. مؤرشف من الأصل في 2014-07-06.
- ^ Gray، Madeleine (2003). The Protestant Reformation: belief, practice, and tradition. Sussex Academic Press. ص. 119. مؤرشف من الأصل في 2014-07-07.
- ^ George 351.
- ^ Pullan 446.
- ^ George 351
- ^ Toaff xii.
- ^ Menning, The Monte’s ‘Monte’: The Early Supporters of Florence’s Monte di Pieta 662.
- ^ Kahan، Alan S. (2009). Mind vs. money: the war between intellectuals and capitalism. Transaction Publishers. ص. 46. مؤرشف من الأصل في 2014-07-06.
- ^ Herrick، Cheesman Abiah (1917). History of commerce and industry. Macmillan Co. ص. 95. مؤرشف من الأصل في 2014-07-07.
- ^ Percy Ernst Schramm, Neun Generationen: Dreihundert Jahre deutscher "Kulturgeschichte" im Lichte der Schicksale einer Hamburger Bürgerfamilie (1648–1948). Vol. I and II, Göttingen 1963/64.
- ^ ا ب ج د B.DRUMMOND AYRES Jr. (19 ديسمبر 2011). "THE EPISCOPALIANS: AN AMERICAN ELITE WITH ROOTS GOING BACK TO JAMESTOWN". New York Times. مؤرشف من الأصل في 2019-04-27. اطلع عليه بتاريخ 2012-08-17.
- ^ Weber, Max "The Protestant Ethic and The Spirit of Capitalism" (Penguin Books, 2002) translated by Peter Baehr and Gordon C. Wells
- ^ Wilmore، Gayraud S. (1989). African American religious studies: an interdisciplinary anthology. Duke University Press. ص. 12. مؤرشف من الأصل في 2014-06-08.
- ^ من هم الواسب وموقعهم في المجتمع الأمريكي (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 25 يناير 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ الواسب الطبقة اللامعة في المجتمع الأمريكي (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 20 مايو 2010 على موقع واي باك مشين.
- ^ Kiely, Ray (Nov 2011). "Industrialization and Development: A Comparative Analysis". UGL Press Limited: 25-26.
- ^ [1] نسخة محفوظة 28 مارس 2018 على موقع واي باك مشين.
- ^ ا ب Steinhauer, Harry. Twelve German Novellas, p. 315. University of California Press, 1977. ISBN 0-520-03002-8
- ^ جنيف: تراثها بروتستانتي، لكن حاضرها شيئ آخر - SWI swissinfo.ch نسخة محفوظة 3 أكتوبر 2020 على موقع واي باك مشين.
- ^ "Cooperative religion in Quebec. | Journal of Ecumenical Studies (March, 2004)". Goliath.ecnext.com. 22 مارس 2004. مؤرشف من الأصل في 2019-12-15. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-02.
- ^ ا ب Lachenicht, Susanne. "Huguenot Immigrants and the Formation of National Identities, 1548–1787", Historical Journal 2007 50(2): 309–331
- ^ "Commodity Market Integration, 1500–2000" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-10-04.
- ^ Marnef, G. "The towns and the revolt". In: Darby, G. (ed), The Origins and Development of the Dutch Revolt (Londen/New York 2001) 84–106; 85 and 103.
- ^ Körner, p. XIII. Later, the هوغونوتيون refugees flocking to Frankfurt following the مرسوم فونتينبلو by French king لويس الرابع عشر ملك فرنسا in 1685 proved similarly valuable additions to the city's economy, but they too found membership in the Patrizier societies elusive.
- ^ ا ب Joséphine Bataille, Y a-t-il encore un pouvoir huguenot ?, site lavie.fr, 22/10/2009. نسخة محفوظة 12 أغسطس 2018 على موقع واي باك مشين.
- ^ En effet, explique Éric Bungener dans l'article cité de La Croix, en 1800, les Mallet participent à la création de la Banque de France, puis de la Société générale et du Crédit foncier. Les Delessert rejoignent l’aventure de la Banque de France et participent à celle de la Caisse d’épargne. Les Schlumberger, qui sont déjà de grands industriels, inventent dès 1920 les prémices des Sicav. Éric Bungener est l'auteur de Filiations protestantes, éditeur : Familiales, 1997, (ردمك 978-2951049611).
- ^ Pourquoi les protestants ne protestent plus - Marianne نسخة محفوظة 3 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ الكنيسة والحياة الاقتصادية نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
- ^ Zwick, Mark and Louise (2004). The Catholic Worker Movement: Intellectual and Spiritual Origins . Paulist Press. p. 156. (ردمك 978-0-8091-4315-3)
- ^ Coulter, Michael (2007). Encyclopedia of Catholic Social Thought, Social Science and Social Policy. Scarecrow Press. p. 85. (ردمك 978-0-8108-5906-7)
- ^ McConkey, Dale; Lawler, Peter (2003). Faith, Morality, and Civil Society. Lexington Books. p. 50. (ردمك 978-0-7391-0483-5)
- ^ Allitt, Patrick (2000). Catholic Converts: British and American Intellectuals Turn to Rome. دار نشر جامعة كورنيل . p. 206. (ردمك 978-0-8014-8663-0)
- ^ Indian Christians Treat Their Women Better, Sex Ratio Highest نسخة محفوظة 03 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Global Perspective: India's Christian identity نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ "Religion linked to economic growth". Taipei Times. 4 فبراير 2012. مؤرشف من الأصل في 2018-10-02. اطلع عليه بتاريخ 2012-02-10.
- ^ Lee، Felicia R. (31 يناير 2004). "Faith Can Enrich More Than the Soul". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 2007-05-14.
- ^ https://web.archive.org/web/20160304054653/http://www.ssc.wisc.edu/econ/archive/wp2006-09.pdf. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-03-04.
{{استشهاد ويب}}
: الوسيط|title=
غير موجود أو فارغ (مساعدة) - ^ Arab Christian-Muslim Differentials نسخة محفوظة 14 ديسمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- ^ The Central Liberal Truth نسخة محفوظة 01 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- ^ The World's Richest Countries نسخة محفوظة 31 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- ^ Corruption Perceptions Index 2012. Full table and rankings. Transparency International. Retrieved: 4 February 2013. نسخة محفوظة 24 يوليو 2013 على موقع واي باك مشين.
- ^ The World’s Leading Nations for Innovation and Technology نسخة محفوظة 09 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ One Nation Under God: Religion in Contemporary American Society نسخة محفوظة 25 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
- ^ تقرير عالمي: المسيحيون يسيطرون على أكثر من 55% من ثروات العالم نسخة محفوظة 28 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Christians hold largest percentage of global wealth: Report نسخة محفوظة 04 ديسمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
- ^ The religion of millionaires نسخة محفوظة 31 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Pax-Bank: Pax-Bank - Bank of Church and Caritas نسخة محفوظة 02 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
- ^ Privatkunden - LIGA Bank eG نسخة محفوظة 05 أغسطس 2013 على موقع واي باك مشين.
- ^ Catholic Family Federal Credit Union - Home نسخة محفوظة 23 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- ^ Holy Rosary Credit Union نسخة محفوظة 05 أكتوبر 2000 على موقع واي باك مشين.
- ^ "Christian Community Credit Union - Your Money Building God's Kingdom" (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2019-08-30. Retrieved 2021-05-12.
- ^ Kingdom Bank نسخة محفوظة 06 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.