المتعبدة الإلهية لآمون أو اختصاراً المتعبدة الإلهية (بالمصرية القديمة : دوات نتر إن أمن)، كان اللقب الثاني في المرتبة بعد الزوجة الإلهية لآمون في مصر القديمة ، و قد أنشيء هذا المنصب لتكون رئيسة كاهنات الإله آمون . فخلال الألفية الأولى قبل الميلاد، عندما كانت صاحبة هذا المنصب تمارس أكبر قدر من التأثير و السلطة ، كان موقعها يؤهلها لتسهيل نقل السلطة من ملك مصري لآخر ، عندما تكون ابنة الأخير في هذا المنصب الحساس. تحكمت المتعبدة الإلهية لآمون في مهمات و واجبات المعبد المختلفة ، و سيطرت على جزء كبير من الاقتصاد المصري القديم.
المتعبدة الإلهية أمنريديس الأولى ابنة الملك كاشتا و أخت الملك بيعنخي - من مدينة هابو
زوجة آمون الإلهية ، كان لقياً مماثلاً في المنصب للكاهن الأكبر، و قد نشأ كلقب تحمله ابنة رئيس كهنة آمون في عهد حتشبسوت واستمر كمنصب هام عندما كانت عاصمة مصر ما تزال في طيبة.
وفي وقت لاحق، يمكن مشاهدة إضافة لقب المتعبدة الإلهية لآمون للقب الزوجة الإلهية لآمون الذي كان معمولا به . و قد تم احياء لقب زوجه الإله في الأسرة العشرين، عندما حملته إست (إيزيس) ابنة الملك رعمسيس السادس بالإضافة إلى مناصب إضافية للمتعبدة الإلهية.[1] و قد حكم رعمسيس السادس من 1145إلى1137 ق.م . ويبدو أنها لم تتزوج مطلقا، و أنها أول بتول في منصب المتعبدة الإلهية لآمون . و قد اشتُرط كذلك كتقليد جديد تبنيها لابنة الملك التالي على العرش في نهاية حكمه لتسهيل انتقال السلطة بين الملكين الحالي و القادم.[2] و قد تم العمل بهذا التقليد و تم تبني ابنة الملك التالي تحت لقب ابنة المتعبدة الإلهية لآمون.
بلغ المنصب الجديد أوج قوته السياسية خلال أواخر عصر الانتقال الثالث عندما تقلدت شبنؤبت الأولى، ابنة الملك أوسركون الثالث المنصب لأول مرة في طيبة ، و بدوره، عين النوبي الملك كاشتا ابنته، أمنريديس، خلفا لها. ويتضح المكانة العالية لهذا المنصب في مقبرة أمنريديس في مدينة هابو.
في نهاية الفترة الانتقالية الثالثة وبداية العصر المتأخر، خلال الأسرات الخامسة و العشرين و السادسة و العشرين ، كان المنصب في أقوى نفوذه سياسياً واقتصادياً. كما تغير دور رؤساء كهنة آمون من الأمور الروحانية إلى دور أكثر دنيوية ، و أصبحت المتعبدة الإلهية المحور الرئيسي لعبادة آمون في طيبة . و خلال عهد الأسرة السادسة والعشرين ، الملك الصاويإبسماتيك الأول وحدّ مصر بالقوة تحت حكمه في شهر مارس من العام 656 ق.م، و أرغم الزوجة الإلهية لآمون الموجودة في المنصب في ذلك الوقت، شبنؤبت الثانية ، ابنة الفرعون النوبي بعنخي على تبني ابنته خلفا لها كمختارة لهذا المنصب.
عندما بسط ملوك نباتة من كوش، الذي حكموا خلال عهد الأسرة الخامسة و العشرين ، نفوذهم على صعيد مصر، تم إقناع زوجه الإله آمون، شبنؤبت الأولى، أن تتبنى أمنريديس ، ابنة كاشتا وريثة لها. و تم اتباع هذا التقليد خلال الأسرة الخامسة و العشرين حتى وحّد أبسماتيك الأول مصر و أخرج منها الكوشيين و بدأ ما عرف لاحقاً بعصر النهضة، و الذي كان ابنته، نيتوكريس الأولى ، تم تبنيها عن طريق أمنريديس الثانية ، و لوحة تبني نيتوكريس تظهر ما كان لهذا الحدث من هيبة:[3]
«لقد أعطيت له ابنتي لتكون زوجة الإله ، و قد وهبت لها أفضل من أولئك الذين كانوا قبلها ، من المؤكد انه سيكون راضياً من عبادتها وحامياً للأرض الذي قدمتها له.»
في ذلك الوقت، كان مركز حكم الأسر الحاكمة في منطقة دلتا النيل في الوجه البحري، وكان منصب المتعبدة الإلهية وسيلة لتأمين علاقات سلمية مع منطقة طيبة حيث كان مركز عبادة آمون في الوجه القبلي. وكان لعدد من زوجات الإله الأضرحة الجنائزية التي شيدت على الضفة الغربية للنهر، ومعظمها محازية لمدينة هابو التي بناها الملك رعمسيس الثالث.
و نظراً لقوة وهيبة المنصب، استخدمت حفلات تبني المتعبدة الحالية للمتعبدة المستقبلية كوسيلة لإظها قوة و نفوذ الملك على الوجه القبلي (صعيد مصر) . و بنفس الطريقة، كان يستخدم هذا التقليد من قبل ملوك نباتة السودانيين لتسليط الضوء على قوتهم شمالا في مصر ، و كانت قوة المتعبدة الإلهية لآمون تقتصر على المنطقة المحيطة بطيبة في صعيد مصر، والتي كانت مركزا لعبادة أمون.