الدروع البشرية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

يعد الاتهام باستخدام الدروع البشرية موضوعًا شائعًا في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقد استخدم كل من الجيش الإسرائيلي (IDF)،[1] والجماعات المسلحة الفلسطينية[2] (بما في ذلك حماس[3]) المدنيين كدروع بشرية؛ لثني الجانب الآخر عن الهجوم. كثيرًا ما استخدم العديد من النشطاء أنفسهم طوعًا كدروع بشرية؛ لوقف العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: ومن بينهم حركة التضامن العالمية،[4] واليساريين الإسرائيليين.[5]

اُتهمت إسرائيل باستخدام دروع بشرية بإجبار المدنيين الفلسطينيين على تعريض أنفسهم للأذى من خلال المشي عبر المباني المشتبه في أنها مفخخة. كما أنها استخدمت في السابق إجراء "الجار"؛ الذي كان يُجبر بموجبه المدنيون الفلسطينيون على محاولة إقناع الأفراد المطلوبين بتسليم أنفسهم للجيش الإسرائيلي.[6] وقد دافعت وزارة الدفاع الإسرائيلية عن هذه الممارسة الأخيرة، ولكن حظرتها المحكمة العليا الإسرائيلية في عام 2005،[7] رغم وجود اتهامات باستخدامها حتى بعد صدور الحكم.[8][9]

تم اتهام حماس باستخدام الدروع البشرية بشكل استراتيجي من قبل حلف شمال الأطلسي،[10][11] والأمم المتحدة،[12] والاتحاد الأوروبي،[13] والولايات المتحدة،[14][15] وإسرائيل، والعديد من الدول الأوروبية.[16] وتضمنت هذه الاستراتيجية إطلاق الصواريخ ووضع البنية التحتية العسكرية في المناطق المدنية، وتهدف إلى استغلال جهود إسرائيل؛ لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين والرأي العام الغربي، لوحظ ذلك في صراعات مختلفة، بما في ذلك الحرب على غزة 2008 والحرب على غزة 2014 والحرب الفلسطينية الإسرائية2023. تم الاستشهاد بتكتيك الدروع البشرية هذا كشكل من أشكال "الحرب القانونية" من قبل الناتو، وذلك باستخدام المنصات القانونية والعامة لتحدي الخصوم،[10] وتم تقديمه كتفسير لهجمات إسرائيل على البنية التحتية المدنية.[17] لكن منظمات حقوق الإنسان وجدت أن الاتهامات الموجهة ضد حماس في الصراعات السابقة لا أساس لها من الصحة.

قالت منظمة العفو الدولية إنها لم تجد أي دليل على استخدام حماس للدروع البشرية في حرب 2008-2009 وحرب 2014.[18]

تعريف

عدل

يتطلب القانون الدولي الإنساني: تمييز الأطراف المتحاربة إلى مُحاربِين وغير مُحاربِين– فالأولون يجوز قتلهم بطريقة مشروعة، أما الآخرون فيتمتعون بالحماية.[19] يُشير الدرع البشري إلى وضع شخص غير مقاتل في خط النار، وبالتالي منع استهداف الهدف العسكري المشروع دون الإضرار بشخص غير مقاتل.[19]

استخدامه من قبل القوات الإسرائيلية

عدل

بحسب بتسيلم، استخدم الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين بشكل متكرر كدروع بشرية. أصبحت هذه الممارسة سياسة عسكرية خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ولم يتم التخلي عنها إلا عندما اعترضت عدالة - المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل- على هذه الممارسة أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية في 2002. ومع ذلك، استمر الجيش الإسرائيلي في استخدام الفلسطينيين في "إجراء الجار"، حيث يتم إجبار الأشخاص؛ الذين يتم اختيارهم بشكل عشوائي على الاقتراب من منازل المُشتبه بهم وإقناعهم بالاستسلام.[20]

وقد قضت المحكمة في أكتوبر/تشرين الأول 2005 "بأن أي استخدام للمدنيين الفلسطينيين أثناء العمليات العسكرية محظور، بما في ذلك 'إجراءات الإنذار المسبق'". وفقًا لبتسيلم، تشير التقارير إلى أن هذه الممارسة استمرت رغم ذلك، في العمليات العسكرية مثل عملية الرصاص المصبوب، وعملية الجرف الصامد، و"لم يتم التحقيق في الغالبية العظمى من هذه التقارير مطلقًا، وتلك التي لم تُسفر عن اتخاذ أي إجراء آخر".[20]

يشير نيفي جوردون ونيكولا بيروجيني، في دراستهما لهذه الظاهرة، إلى أن المواطنين الإسرائيليين في المناطق المكتظة بالسكان مثل تل أبيب؛ لا يتم التحدث عنهم أبدًا كدروع بشرية؛ عندما تُطلق حماس الصواريخ باتجاه قيادة الدفاع الإسرائيلية الواقعة في وسط تلك المدينة، في حين يتم تصوير الفلسطينيين في غزة كدروع بشرية؛ عندما تُطلق إسرائيل الصواريخ أو القنابل على مدن ذات كثافة سكانية متساوية مثل غزة.[21]

1948-1967

عدل

خلال احتلال إسرائيل لقطاع غزة في الفترة 1956-1957 (كجزء من العدوان الثلاثي)، قامت القوات الإسرائيلية بتفتيش منازل الفدائيين الفلسطينيين المُشتبه بهم بحثًا عن أسلحة أو مخابئ أو مقاتلين مختبئين. لأن هذه المنازل يمكن أن تحتوي على أفخاخ مفخخة أو قناصة؛ ينتظرون الجنود الإسرائيليين، ومن ثم سيقومون باستخدام الأطفال الفلسطينيين كدروع بشرية.[22]

الانتفاضة الثانية

عدل

أفاد مسؤولون إسرائيليون أن الجيش الإسرائيلي استخدم إجراء "الدرع البشري" في 1200 حادثة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005)، وفي حادثة واحدة فقط أصيب مدني فلسطيني بأذى.[23] ومن الأمثلة على ذلك: تقييد صبي فلسطيني يبلغ من العمر 12 عاما بمركبة مدرعة إسرائيلية.[23] ذكر المسؤولون الإسرائيليون أن هذا الإجراء أدى إلى مقتل درع بشري فلسطيني واحد "فقط".[24]

انظر أيضًا

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ Schmitt 2008، صفحات 35-37.
  2. ^ Gordon & Perugini 2020، صفحة 170.
  3. ^ Gordon & Perugini 2020، صفحات 156-157, 165-166, 170-171, 174-176, 216.
  4. ^ Gordon & Perugini 2020، صفحات 114-116.
  5. ^ Locating Urban Conflicts: Ethnicity, Nationalism and the Everyday. Palgrave Macmillan. 2013. ISBN:9781137316882. مؤرشف من الأصل في 2024-01-26.
  6. ^ Otto 2004، صفحة 778.
  7. ^ Schmitt 2008، صفحات 35-36.
  8. ^ Gordon 2008، صفحة 207, "Soldiers have ordered Palestinians to enter buildings to check if they are booby-trapped. They have instructed residents to remove suspicious objects from roads used by the military. They have made civilians stand inside houses where soldiers have set up military positions, so that Palestinians will not fire at the soldiers. And they have forced Palestinians to walk in front of soldiers to shield them from gunfire, while the soldiers hold guns behind their backs and sometimes fire over their shoulders. Although this practice was outlawed by the High Court of Justice in 2005, there have been documented incidents in which soldiers have continued using Palestinians as human shields."
  9. ^ Pfeffer، Anshel (11 مارس 2010). "Two IDF Soldiers Charged With Using 9-year-old 'Human Shield' in Gaza War". هاآرتس. مؤرشف من الأصل في 2023-11-22.
  10. ^ ا ب "Hamas' use of human shields in Gaza" (PDF). NATO Strategic Communications Centre of Excellence. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-10-24.
  11. ^ James Pamment, Vladimir Sazonov, Francesca Granelli, Sean Aday, Māris Andžāns, Una Bērziņa-Čerenkova, John-Paul Gravelines, Mils Hills, Irene Martinez-Sanchez, Mariita Mattiisen, Holger Molder, Yeganeh Morakabati, Aurel Sari, Gregory Simons, Jonathan Terra, Hybrid Threats: Hamas' use of human shields in Gaza Nato Strategic Communications Centre of Excellence, 5 June 2019 pp.147–169, 152 نسخة محفوظة 2024-01-08 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ "Secretary-General's press conference on the Middle East | United Nations Secretary-General". www.un.org. مؤرشف من الأصل في 2024-01-22. اطلع عليه بتاريخ 2023-11-14.
  13. ^ "EU nations condemn Hamas for what they describe as use of hospitals, civilians as 'human shields'". AP News (بالإنجليزية). 13 Nov 2023. Archived from the original on 2024-01-23. Retrieved 2023-11-14.
  14. ^ Wintour, Patrick (13 Oct 2023). "Blinken urges Israel to avoid civilian deaths and wants safe zones in Gaza". The Guardian (بالإنجليزية البريطانية). ISSN:0261-3077. Archived from the original on 2023-11-01. Retrieved 2023-11-14.
  15. ^ "Biden says Hamas using innocent Gazans as human shields; phones Netanyahu, PA's Abbas". Times of Israel. 15 أكتوبر 2023. مؤرشف من الأصل في 2023-10-30.
  16. ^ "Amid Increasingly Dire Humanitarian Situation in Gaza, Secretary-General Tells Security Council Hamas Attacks Cannot Justify Collective Punishment of Palestinian People – Press Release". 9451ST MEETING (AM & PM) SC/15462 24 October 2023 نسخة محفوظة 2023-10-31 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ Gordon & Perugini 2020، صفحة 170-178.
  18. ^ "Israel/Gaza: Operation "Cast Lead": 22 days of death and destruction - Amnesty International". web.archive.org. 5 يونيو 2023. مؤرشف من الأصل في 2023-06-05. اطلع عليه بتاريخ 2024-01-25.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  19. ^ ا ب Gordon & Perugini 2020، صفحة 7.
  20. ^ ا ب "Human Shields". بتسيلم, 11 November 2017. نسخة محفوظة 2023-10-24 على موقع واي باك مشين.
  21. ^ Gordon, Perugini 2020 p.165.
  22. ^ Jean-Pierre Filiu. Gaza: A History. ص. 98.
  23. ^ ا ب "Israel-Gaza: IDF used Palestinians as human shields 1,200 occasions in last five years, say Israeli defence officials". Belfast Telegraph, 12 October 2005. نسخة محفوظة 2023-10-05 على موقع واي باك مشين.
  24. ^ "Mofaz: IDF to appeal 'human shield' ruling". Yediot Aharonot. 11 أكتوبر 2005. مؤرشف من الأصل في 2014-07-27. اطلع عليه بتاريخ 2014-07-23.