الدَّوْلَةُ الصَّفْويَّةُ أو الإِمْبِراطوريَّةُ الصَّفْويَّةُ (بالفارسية: ایران صفوی) هِيَ دَوْلَةٌ شيعيَّةٌ على المذْهبِ الِاثْنَيِّ عُشْري تأَسّست فِي إيران وانطلقت منها لِلتّوسُّع في الشَّرق والغرب باتجاه خراسان وأفغانستان وأذربيجان والعراق وديار بكر وبلاد الكرج فِي الشَّمال.[1] إن  ظروف ظهور هذه الدولة نشأ نتيجة تَفَتُّت الإِمْبِراطوريَّةُ التَّيْموريَّةُ حيث كانت إيران تعاني فوضى الِانقِسامِ بين مُلوكِ ضِعافٍ، وقد اتفق اعتلاء السلالة الصفوية العرش في إيران مع بداية القرن السّادسُ عشر المِيلادِيِّ.


كانت السلالة الصفوية من أعظم الإمبراطوريات التي تولت الحكم في إيران منذ عام 1501م وحتى عام 1763م وذلك عقب الفَتْحُ الإسْلَامِيُّ لِفَارِسَ الذي استمر لمدة سبع قرون.[2][3][4][5] وهي في الغالب تعتبر بداية التاريخ الإيراني الحديث،[6] فضلاً عن كونها واحدة من إمبراطوريات البارود.[7] أسس الشياه الصفويون (جمع كلمة شاه بمعنى ملك) المدرسة الإثني عشرية الشيعية باعتبارها الديانة الرسمية للإمبراطورية مما يجعلها من أهم نقاط التحول في التاريخ الإسلامي. يرجع أصل السلالة الصفوية إلى أمر الناس بالتصوّف، والتي بدأت من مدينة أردبيل في منطقة أذربيجان. فقد كانت سلالة إيرانية من أصل كردي ولكن أثناء فترة الحكم تزاوج العديد منهم من التركمان وجورجيا والشركس واليونان.[8] بدأ الصفويون انطلاقًا من قاعدتهم في أدربيل، فرض سيطرتهم على أجزاء من إيران الكبرى وأكدوا مجددًا على الهوية الإيرانية للمنطقة، ومن هذا المنطلق أصبحوا أول سلالة نقية حاكمة منذ عهد الإمبراطورية الساسانية مما ترتب عليه إنشاء دولة قومية تعرف باسم إيران. تولى الصفويون الحكم منذ عام 1501م وحتى عام 1722م (شهدت إصلاحًا سريعًا منذ 1729م عام وحتى 1736م)، وعندما بلغت أوج ازدهارها تولت حكم كل ما يعرف الآن باسم إيران وأذربيجان والبحرين وأرمينيا وشرق جورجيا وأجزاء من المناطق الشمالية من القوقاز والعراق والكويت وأفغانستان فضلاً عن تركيا وسوريا وباكستان وتركمانستان وأوزبكستان. بالرغم من زوال المملكة عام 1736م، فقد كان الميراث الذي خلفوه وراءهم بمثابة نهضة لإيران كمعقل اقتصادي بين الشرق والغرب، واعتمدت إقامة دولة فاعلة وبيروقراطية على «الضوابط والموازين»، وابتكاراتهم المعمارية واهتماماتهم بالفنون الجميلة. ولقد ترك الصفويون أثرهم أيضًا حتى عصرنا الحالي، وذلك من خلال فرض المذهب الإثني عشري في إيران لأغراض سياسية كما هو الحال في معظم مناطق القوقاز والأناضول وما بين النهرين.

أسَّس الشيخ صفي الدين الأردبيلي (1252-1334م) طريقته الصوفية في أردبيل (أذربيجان) سنة 1300م. حيث أصبحت أردبيل عاصمة دينية ثم سياسية لأتباعه (مع تحولها إلى حركة سياسية). نجح الصفويون في الوصول إلى الحكم (على بعض المناطق) أثناء زعامة الشيخ جنيد (1447-1450م) ثم حيدر (1460-1488م)، والذين استطاعا إنشاء تنظيم سياسي وعسكري وتكوين وحدات خاصة من الجيش، أو القزلباش (القزل باش أو الرؤوس الحمراء نسبة إلى التاج أو العمامة الحمراء التي يرتديها أتباع الطريقة الصفوية، وتربط العمامة بإثني عشرة لفة تلميحا للأئمة الإثنى عشر).

تولى إسماعيل الصفوي (1487-1524 م) منذ سنة 1494 م زعامة التنظيم. استولى على مناطق غيلان (گيلان)، واصل سنوات 1499-1501 في توسعه حتى شمل كامل بلاد فارس (إيران)، قام بطرد القراقويونلو سنة 1507م واستولى العراق. أقر المذهب الشيعي الإثني عشري مذهبا رسميا للدولة، حاول أن يسوي بين الفئات التركمانية في الجيش (القزلباش) والفئات من أصول فارسية (الإدارة)، انهزم أمام العثمانيين في موقعة جالديران سنة 1514 م. توالت الحروب بينهم وبين العثمانيين على الحدود الغربية من البلاد من جهة، وبين الأوزبك (الشيبانيون في بخارى) على الحدود الشرقية من جهة أخرى، استطاع طهماسب (1524-1576 م) أن يحيد أعدائه عن طريق سياسته المتوازنة وتسويته للمشاكل الدينية، كما بدأ في عهده تشجيع حركتي الآداب والفنون. بعد مرحلة اضطرابات عديدة استقر حال الدولة أثناء عهد عباس الأول (1587-1629 م)، استولى على أذربيجان سنة 1603 م، ثم شيراز، أرمينية وأجزاء من أفغانستان سنة 1608 م. سنة 23/1624 م قام بضم العراق مرة أخرى، داخليا قام بإصلاحات شاملة في الجيش واستعان ببعض من العبيد المسيحيين لقيادة هذا الجيش، عَمَّر مدينة أصفهان وجعل منها أهم مدن العالم في تلك الفترة، استطاع أن ينظم التجارة فانتعش اقتصاد البلاد، بعد موته خلفه على العرش حكام كانوا في الأغلب ضعيفي الشخصية، تم في الفترة إقرار العديد من المراسيم الخاصة بالقصور والتي تتعرض لواجبات الحاشية تجاه الشاه.

اسم الدولة عدل

نبذة -النظام الصّوفي الصَّفويِّ- عدل

يبدأ تاريخ السلاله الصفوية بتأسيس الطريقة الصوفية الصفوية على يد مؤسسها صفي الدين الأردبيلي (1252-1334).[9] في 700/1301، كُلف صفي الدين قيادة الزهدية، وهي طريقة صوفية منتشرة في جيلان، من قِبَل سيده الروحي وأبو زوجته زاهد الجيلاني. وبسبب ما يملكه صفي الدين من كريزما روحية عظيمة سميت طريقته الصوفية بالطريقة الصفوية، وسرعان ما انتشرت هذه الطريقة بشكل هائل في مدينة أردبيل.

الشعر الديني من صفي الدين، كٌتِبَ باللغة الأزارية القديمة - وهي لغة إيرانية شمالية غربية منقرضة الآن- ورافقها إعادة صياغة في اللغة الفارسية تساعد على فهمها، وما زالت حتى يومنا هذا ولها أهمية لغوية.

بعد قيادة صفي الدين، انتقلت قيادة السلالة الصفوية إلى صدر الدين موسى (794 / 1391–92). وفي هذا الوقت تحولت الطريقة الصوفية إلى حركة دينية وقامت بدعاية دينية في بلاد فارس وسوريا وآسيا الصغرى، وحافظت على أصولها السنية الشافعية في ذلك الوقت. ومن ثم انتقلت قيادة هذه الطريقة الصفوية من صدر الدين موسى إلى ابنه الخواجه علي (1429م) ومن ثم انتقلت إلى ابنه إبراهيم (1429-1447).


عندما تولى الشيخ جنيد، ابن إبراهيم، قيادة السلالة الصفوية في عام 1447، تم تغيير تاريخ الحركة الصفوية بشكل جذري. حيث أشار المؤرخ روجر ميرفن سافوري أنه «لم يكن الشيخ جنيد راضًا عن السلطة الروحية وسعى إلى الحصول على القوة الماديه.» في ذلك الوقت، كانت السلالة الأقوى في بلاد فارس هي سلالة قراقويونلو (الخراف السوداء) التي أمر حاكمها شاه جهان بأمر من جنيد بمغادرة أردبيل وإلا فقد يجلب الدمار والخراب على المدينة.

سعى جنيد للحصول على ملجأ من منافس قراقويونلو جهان شاه (أوزون حسن خان) قائد آق قويونلو (الخراف البيضاء) وعزز علاقته معه بالزواج من أخت أوزون حسن (خديجة بيغوم) وحين قُتل الشيخ جنيد أثناء توغل في مناطق شيرفانشا ولى ابنه (حيدر الصفوي) على القياده وتزوج من ابنة أوزون حسن (مرطه العمشه بيغوم) التي انجبت إسماعيل الصفوي الأول (مؤسس السلالة الصفوية).[10] حيث أن والدة مرطه ثيودورا -أميره يونانيه تدعى (دسبينا خاتون)- وهي ابنة جراند كومنينوس جون الرابع من تريبزوند التي تزوجها أوزون حسن مقابل حماية جراند كومنينوس بلادها من هجمات العثمانيين.[11] بعد وفاة أوزون حسن، شعر ابنه يعقوب بالتهديد بسبب النفوذ الديني الصفوي المتزايد فتحالف يعقوب مع شيرفانشا وقتل حيدر في عام 1488م. وبحلول هذا الوقت، كانت الغالبية العظمى من الصفويين عشائر من أتراك الأوغوز من آسيا الصغرى وأذربيجان تطلق عليهم تسمية قزلباش (الرؤوس الحمراء) (بالتركية:Kızılbaş)؛ بسبب القبعات الحمراء التي كانوا يرتدونها. وكانوا مقاتلين أشداء يتبعون حيدر على أنهم الجيش الصفوي باحثين عن القوة السياسيه. بعد مقتل حيدر إلتفوا حول ابنه (علي ميرزا الصفوي) ولكن يعقوب تمكن من استدراجه وقتله كما قتل والده، حين كان علي ميرزا يحتضر أوصى بقيادة الحركه إلى أخيه إسماعيل كزعيم روحي للصفوية.

التاريخ عدل

 

بعد انهيار الإِمْبِراطوريَّةُ التَّيْموريَّةُ (1370-1506) وكانت فارس منقسمة سياسيًا، مما أدى إلى ظهور عدد من الحركات الدينية. وقد خلق زوال السلطة السياسية لتيمورلنك جوًا ساعد الحركات الدينيه على النشاط وخاصة الشيعية منها لتكتسب مقامًا مهمًا، ومن بينها الجمعيات الصوفية، كالحروفية ونقطاويش، وقد اتصف الصوفيون بالمرونة السياسية أي كانوا أكثر تكيفًا مع المتغيرات السياسية، وبفضل نجاحهم حصل الشاه إسماعيل الأول على مكانة سياسية مهمة عام 1501م.[12] كان هناك العديد من الولايات المحلية في بلاد فارس قبل الدولة الصفوية التي أسسها إسماعيل، ومن أهم القادة المحليين الذين حكموا منطقة بلاد فارس قبل إسماعيل الصفوي هم:[13]

  • حسين بايقرا الحاكم التيموري لهراة.
  • الواند ميرزا حاكم من آق قويونلو حكم تبريز.
  • مراد بغ حاكم من آق قويونلو حكم عراق العجم.
  • فاروق ياسر شاه شروانشاه.
  • بديع الزمان ميرزا الحاكم المحلي لبلخ.
  • حسين كيا كلافي الحاكم المحلي لسمنان.
  • مراد بغ بندر الحاكم المحلي ليزد.
  • سلطان محمد بن نازم الدين يحيى حاكم سيستان.
  • العديد من الحكام المحليين لمازندران وغيلان مثل: بيسوتون الثاني، أشرف بن تاج الدولة، ميرزا علي، وكيا حسين الثاني.

تمكن إسماعيل من توحيد كل هذه الولايات في ظل الإمبراطورية الفارسية التي أنشأها.

صعود الشاه إِسماعيل الصَّفويِّ عدل

 
الشاه إِسماعيل الصَّفويِّ الأَوّل.

تأسَّست الدولة الصفوية في عام 1501م على يد الشاه إِسماعيل الصَّفويِّ الأَوّل.[14] ويوجد خلاف حول نشأته حيث أن اللغة التي استخدمها ليست مُتطابِقة مع لغة العرق فقد تحدث بلغتين منذ ولادته. وكان الشاه إسماعيل من أصول تركمانية وكردية وبونسية يونانية وجورجية، فهو أحد أحفاد الصوفي الكردي الشيخ صفي الدين، كما كان هو الأخير في سلسلة الأسياد الموروثين من السلاسة الصفوية، قبل صعوده إلى سلالة حاكمة.[15] وقد عُرف بأنه شابًا شجاعًا وجذابًا غيورًا فيما يتعلق بإيمانه الشيعي، فقد اعتقد نفسه أنه من أصل إلهي -يعبده عمليًا أتباعه في قزلباش-.[16]

في عام 1500م قام الشاه إسماعيل بغزو شيروان للانتقام من وفاة والده الشيخ حيدر، الذي قُتل في عام 1488م على يد الحاكم شاه شيروان فرخ يسار. بعد ذلك، قام إسماعيل بحملة غزو، حيث استولى على تبريز في يوليو 1501م منصبًا نفسه شاه أذربيجان، كما أعلن نفسه شاهنشاه إيران (ملك الملوك)، معلنًا التشيع دين رسمي للدولة مما ادى إلى إعلان عدد من الأوامر الصوفية لحث الناس على التشيع، ومن ناحية اخرى حث الكثير من الفرق الدينيه الأعلان عن نفسها وتبيان مواقفها من التشيع من بين هؤلاء مؤسس شاه نعمة الله والي -توفي عام 1430- الذي ينحدر أصله من إسماعيل الإمام محمد بن إسماعيل كما ورد في قصيدته وبعض مؤلفاته الأدبية. وعلى الرغم من كون فرقته فرقة سنيه، إلا أنه قرر أن يتشيع بعد صعود الصفويين إلى الحكم.

بداية الصِدامات مع العثمانيين عدل

الشاه طهماسب (حكم من 1524 إلى 1576) عدل

الحرب الأهلية في عهد طهماسب المبكر عدل

الثقافة والمظاهر الحضاريَّة عدل

مراجع عدل

  1. ^ د. محمد سهيل طقوش (2009). تاريخ الدولة الصفوية (في إيران) (ط. الأولى). دار النفائس. ص. 7.
  2. ^ Helen Chapin Metz. Iran, a Country study. 1989. University of Michigan, p. 313.
  3. ^ Emory C. Bogle. Islam: Origin and Belief. University of Texas Press. 1989, p. 145.
  4. ^ Stanford Jay Shaw. History of the Ottoman Empire. Cambridge University Press. 1977, p. 77.
  5. ^ Andrew J. Newman, Safavid Iran: Rebirth of a Persian Empire, IB Tauris (March 30, 2006).
  6. ^ "SAFAVID DYNASTY". Encyclopædia Iranica.
  7. ^ Streusand, Douglas E., Islamic Gunpowder Empires: Ottomans, Safavids, and Mughals (Boulder, Col : Westview Press, 2011) ("Streusand"), p. 135.
  8. ^ Alireza Shapur Shahbazi (2005), "The History of the Idea of Iran", in Vesta Curtis ed., Birth of the Persian Empire, IB Tauris, London, p. 108: "Similarly the collapse of Sassanian Eranshahr in AD 650 did not end Iranians' national idea. The name "Iran" disappeared from official records of the Saffarids, Samanids, Buyids, Saljuqs and their successor. But one unofficially used the name Iran, Eranshahr, and similar national designations, particularly Mamalek-e Iran or "Iranian lands", which exactly translated the old Avestan term Ariyanam Daihunam. On the other hand, when the Safavids (not Reza Shah, as is popularly assumed) revived a national state officially known as Iran, bureaucratic usage in the Ottoman empire and even Iran itself could still refer to it by other descriptive and traditional appellations".
  9. ^ Ajwaan/ملعب2 على الموسوعة الإيرانية
  10. ^ Peter Charanis. "Review of Emile Janssens' Trébizonde en Colchide", Speculum, Vol. 45, No. 3 (July 1970), p. 476.
  11. ^ Anthony Bryer, open citation, p. 136.
  12. ^ Virani, Shafique N. The Ismailis in the Middle Ages: A History of Survival, A Search for Salvation (New York: Oxford University Press), 2007, p.113.
  13. ^ The writer Ṛūmlu documented the most important of them in his history.
  14. ^ "Ismail Safavi" Encyclopædia Iranica
  15. ^ V. Minorsky, "The Poetry of Shāh Ismā‘īl I", Bulletin of the School of Oriental and African Studies, University of London 10/4 (1942): 1006–53.
  16. ^
    • Roemer, H.R. (1986). "The Safavid Period" in Jackson, Peter; Lockhart, Laurence. The Cambridge History of Iran, Vol. 6: The Timurid and Safavid Periods. Cambridge University Press. pp. 214, 229
    • Blow, David (2009). Shah Abbas: The Ruthless King Who Became an Iranian Legend. I.B.Tauris. p. 3
    • Savory, Roger M.; Karamustafa, Ahmet T. (1998) ESMĀʿĪL I ṢAFAWĪ. Encyclopaedia Iranica Vol. VIII, Fasc. 6, pp. 628-636
    • Ghereghlou, Kioumars (2016). ḤAYDAR ṢAFAVI. Encyclopaedia Iranica