مستخدم:ن.عامری/أبعاد وجود الإنسان

ابعاد وجود الانسان في الاسلام

إنّ الإنسان موجود متعدّد الأبعاد، ذو فطرة إلهيّة مودَعة، وذو كرامة وجودية، وهو موجود مختار يمكنه أن يحقّق كرامته من خلال كونه مختاراً. وفي الحقيقة أنّ الإنسان من وجهة نظر الإسلام مخلوق ذو نزعات ورغبات وجوانب معنويّة تفتقر إليها الموجودات الأخرى، فهو قادر على مقاومة رغباته الباطنية وإهمال تلك الرغبات والنزعات، كما أنّه قادر على الاستجابة لبعض تلك النوازع وتحجيم بعضها الآخر والسيطرة عليها وتوجيهها في اتّجاه معيّن. وهذه القابليّة التي يختصّ بها الإنسان بحكم إرادته الخاضعة لعقله، هي التي تجعل الإنسان موجوداً حرّاً مُختاراً.[1]

أبعاد الوجودية في القرآن

عدل
  • حسب المفاهيم القرآنيّة فإنّ الإنسان موجود ذو أبعاد مادية ومعنوية. فكلّ المخلوقات ما عدا الإنسان، لهم بعد واحد و هو البعد المادي , إلا أنّ خلقة الإنسان تتمتّع ببعدين. قال تعالى في كتابه الكريم:
«  الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ   ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ   ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ    »

وقال سبحانه في آيةٍ أُخرى:

«  وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ   فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ    »

و ایضاً:

«  إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ   فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ    »
  • و یقسّم القرآن ميول البشر وتوجّهاتهم إلى قسمين:
«  وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا   فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا    »

إنّ البُعدين الوجوديّين للإنسان والمنهجين المختلفين اللذين يسلكهما في الحقيقة، ناشئان من أصل خلقته. فميول البشر وتوجّهاتهم تنقسم إلى قسمين: أوّلاً: الميول الماديّة التي هي من سنخ الطين والحمَأ المسنون، حيث تسوق الإنسان نحو العالم الحيواني السفليّ. ثانياً: الميول الروحانيّة التي تسوق الإنسان نحو الهدى وعالم الملكوت العلويّ.

  • الإنسان هو الموجود الوحيد الذي يختار طريقه بنفسه ويملك حرية الاختيار، وبتعبير أدقّ، على الإنسان أن يختار ذاته بذاته.والإنسان له مطلق الاختيار في أن يتّخذ أحد هذين المنهجين مسلكاً له وأن يسخّره في خدمته, فبنفسه يعيّن مسار حياته. والحقيقة أنّ اختياره يعدّ من مقتضيات هذين البعدين الوجوديّين.
«  إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا    [2]»

فالإنسان حرٌّ ومختار و لکن إنّ هذه الحرية بذاتها ليست كمال البشرية، إنها وسيلة لكمال البشرية، بمعنى أن الإنسان إذا لم يكن حراً لا يستطيع أن يحصل على الكمالات البشرية.[3] [4]

البعدين الأساسيين

عدل

إنّ الإنسان موجود متعدّد الأبعاد وأنّ الإسلام الذي يتعهد تربية الإنسان وتزكيته، يحيط بوجود الإنسان ويعي أبعاده كافة، و يعترف بجميع أبعاد وجوده وجميع رغباته، کما نری هذه الخصيصة في نهج الأنبياء الإلهيين ، فالأنبياء ينشدون تربية إنسان بإساليب الذي لا یختلف خلوته عن علانيته.[5] [6]

أن الإنسان موجود ذو بعدین: المادية و المعنوية و لهُ نشأتانِ وعالمانِ، نشأةٌ ظاهريّةٌ ملكيّةٌ دنيويّة هي بدنُه، ونشأة باطنيّة غيبيّة ملكوتيّة تكون من عالمٍ آخر. إنَّ لروحِ الإنسانِ التي هي مِن عالمِ الغيبِ والملكوتِ مقاماتٍ ودرجاتٍ . ولكلٍّ مِن المقاماتِ والدرجاتِ جنودٌ رحمانيّةٌ وعقلانيّةٌ تجذب النفسَ نحو الملكوت الأعلى وتدعوها إلى السعادةِ، وجنود شيطانيّة وجهلانيّة تجذب النفسَ نحو الملكوتِ السُّفليِّ وتدعوها للشقاءِ. وهناك دائماً جدالٌ ونزاعٌ بين هذين المعسكرين، والإنسان هو ساحة حربهما, فإذا تغلّبت جنود الرحمنِ كان الإنسان من أهل السعادة وأمّا إذا تغلّب جندُ الشيطانِ ومعسكرُ الجهلِ، كان الإنسانُ من أهل الشقاء والغضب. [7]

و یقسّم البعض یعد المعنوي إلی بعدین اساسین : العقل و الروح الإنسان بالذات ذو ثلاثة أبعاد :الجسم و العقل و الروح.[8]

إذن، حسب الرؤية الدينيّة وطبق أُسس علم الوجود الإنساني الإسلاميّ، فإنّ العبد سيبلغ أرقى درجات السموّ والكمال في عالم الملكوت وينال فضل بارئه، عندما ينتصر في نفسه الجانب المعنويّ الروحانيّ على الجانب المادّي الحيوانيّ في حياته الدّنيا. وبالطبع فإنّ نتيجة الصراع الباطنيّ - الجهاد الأكبر - الذي ينتاب النفس الإنسانيّة، هي إمّا أن تصبح مطمئنّةً ويكون صاحبها أشرف المخلوقات وغاية ما في الكون كافّةً وخليفة الله في الأرض، أو أن تصبح أمّارةً بالسوء ويكون صاحبها أرذل المخلوقات وأسفل السافلين. لذا، ليس هناك أيّة ازدواجيّةٍ في كتاب الله تعالى, إذ إنّ الآيات التي وصفت الإنسان بالضعيف والجاهل والعجول وأضلّ سبيلاً من الأنعام، هي في الواقع ناظرةٌ إلى الجانب الشيطانيّ لنفس كلّ مَن كان عبداً للمادّة والغرائز الحيوانيّة وبعيداً عن المعنويّات، فالابتعاد عن المعنويّات وإهمال الجانب الرّوحي يجعل الإنسان عاجزاً عن إدراك الحقائق ويحوّله إلى حيوان لا يفقه من الحياة سوى الأكل والشهوة، بل يحوّله إلى جماد لا شعور له. وأمّا الآيات التي وصفت الإنسان بأنّه أشرف المخلوقات وخليفة الله في الأرض وغاية الخلقة، فهي ناظرةٌ إلى الجانب الملكوتيّ لنفس كلّ مَن كان عبداً لله تعالى ورجّح دينَه على ملذّاته وشهواته، فانتصر عقله على هواه في جهاده الأكبر.

فالصراع الباطنيّ بين النفس الروحانيّة ذات الميول الربّانيّة والنفس الماديّة ذات النـزعات الشيطانيّة، هو الذي وصفه رسول الله (ص) بـ«الجهاد الأكبر»، ویقول : أفْضَلُ الجِهادِ أنْ تُجاهِدَ نَفْسَكَ و هوَاكَ في ذاتِ اللّه ِ تعالى .[9] [10]

انظر ایضاً

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ من صفحة http://www.imamreza.net/arb/imamreza.php?print=297
  2. ^ سورة السجدة،آية:7،8،9 ؛سورة الحجر،آية:28،29 ؛ سورة ص ،آية:71،72 ؛ سورة الشمس ،آية:7،8؛
  3. ^ من موقع Hawzah.net (فارسي)
  4. ^ من موقع maaref.porsemani (فارسي)
  5. ^ صحيفة الإمام الخميني ، ج 8 ، ص 416 ، من صفحةدار الولاية و الثقافة
  6. ^ الروحية في الإسلام وقوتها أو ضعفها ، السيد موسى الصدر ،من صفحة Islamology
  7. ^ من کتاب الأربعون حديثاً ، للسيد الخميني ،ص 29 ،من موقع المعارف ؛
  8. ^ من کتاب الرؤيا بين الحقيقة والوهم، محمّد صادق محمّد الكرباسي ، سهام علي عساف ، ص 126 ؛
  9. ^ من موقع مرکز الفتوی ، Islamweb.net؛
  10. ^ من موقع مکتبة أحاديث الشيعة.

[[تصنيف:إسلام]] [[تصنيف:أركان الإسلام]]