مستخدم:قدساوي/اغتيال مبارك الصباح لمحمد وجراح الصباح
حادثة اغتيال مبارك الصباح لأخويه محمد وجراح الصباح.
الأخوان الثلاثة في عهد أخيهم عبد الله
عدلكان الأخوة الأربعة عبد الله ومبارك ومحمد وجراح يتعاونون في فترة حكم الشيخ عبد الله بن صباح الصباح، فقد كانت المهام موزعة فيما بينهم، وقد كان محمد الصباح يباشر أحكام الحضر، ومبارك الصباح يحكم بين البدو، وجراح كان مهتم بمالية الإمارة ومباشرة للأحكام قليلة [1] وفي عام 1871 عندما احتل سعود بن فيصل بن تركي آل سعود القطيف والإحساء من أخيه عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود، مما استدعى عبد الله آل سعود إلى أن يقوم بطلب المساعدة من الدولة العثمانية ومال سعود بن فيصل بن تركي آل سعود إلى بريطانيا، فقامت الدولة العثمانية بتقديم طلب إلى الشيخ عبد الله بن صباح الصباح لمساعدتهم فلبى طلبهم وسير أسطولا بحريا بقيادته وجيش بري كان تحت قيادة الشيخ مبارك الصباح، أما الجيش العثماني فسار برئاسة الفريق نافذ باشا في مركبين حربيين حتى رسى في رأس تنورة، حيث إلتقى بالأسطول الكويتي ثم نزل الفريقان في الخنيزية في وساروا إلى القطيف فلم يجدوا أمامهم عقبات تصدهم، واستسلمت القطيف لهم ودخلوها بدون حرب، ولم يبق فيها إلى القلعة التي تحصن فيها عامل سعود بن فيصل بن تركي آل سعود، ولم تمض مدة وجيزة حتى رفع راية التسليم وطلب الأمان على نفسه ورجاله وما في القلعة من سلاح، فأعطاه عبد الله بن صباح الصباح الأمان فدخل القلعة وليس بيده سوى مسبحته [2]، وقد تم فتح عدد من القرى مثل الدمام ودارين وتاروت، ولم يشهد مبارك الصباح أي معركة لأنه كان لم يصل بعد إلى القطيف، وبعدها سار الجيش المكون من نافذ باشا وعبد الله الصباح ومبارك الصباح والجيش البري الكويتي إلى الإحساء لكي يقوم بفتحها، وكان فيها عامل سعود آل سعود الذي طلب من الجيش بأن يتم تسليم المدينة من دون حرب فتم تسليم المدينة من دون حرب [3].
وفي سنة 1280 هـ دب الخلاف بين الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين والشيخ علي بن خليفة آل خليفة، مما أدى إلى إخراج علي آل خليفة للشيخ محمد آل خليفة وحل محله في الحكم، ونزل محمد آل خليفة ضيفا على الشيخ عبد الله بن صباح الصباح الذي ساءه ما جرى بين الأخوين ورأى بأنه من الواجب عنده بأن يصلح بين الأخوين، وقام بإنتداب أخيه محمد بن صباح الصباح لتلك المهمة وأرسل معه كتاب إلى الشيخ علي آل خليفة يلومه فيه ويبين له سوء عاقبة ما فعل وطلب منه بإلحاح أن يتنازل لأخيه بالحكم، وذهب محمد الصباح إلى البحرين، وأظهر الشيخ علي آل خليفة الإقتناع وقبل التوسط [4]، وقام بعدها الشيخ عبد الله بن صباح الصباح بإصطحاب أخيه محمد الصباح ومحمد آل خليفة إلى البحرين ولكنهم عندما وصلوا البحرين تبين لهم أن علي آل خليفة قد غير من رأيه، وهنا شكرهم محمد آل خليفة على مجيئهم ومحاولتهم الصلح، وطلب منهم الرجوع إلى الكويت [5].
تولي محمد الصباح الحكم
عدلبعد وفاة الشيخ عبد الله بن صباح الصباح في عام 1892 تولى محمد بن صباح الصباح الحكم، وقد شاركه الشيخ جراح بن صباح الصباح في الحكم مشاركة غير رسمية [6].
أسباب الخلاف بينهم
عدلكان الإخوان الثلاثة يختلفون في طريقة عيشهم وطريقة إقبالهم على الحياة، حيث كان مبارك الصباح ذا نفس عالية طموحة ميالا للحروب، ويقوم بصرف ما بحوزته من أموال في سبيل الحروب والغزوات، وكان أخواه محمد وجراح على عكس هذا الإتجاه وكانا يقفان ضد مسعاه، وقد حاولا التضييق عليه ماليا حتى يتوقف عن الحروب والغزوات التي يشنها، ففي حادثة حدثت قبل واقعة الإغتيال، حيث اشترى مبارك الصباح جمالا في سوق الكويت بقيمة 500 ريال قبل خروجه لغزو بني هاجر، وقد حول البائع على أخيه محمد لكي يعطيه الأموال، ولكن محمد الصباح رفض تسديد الأموال، وكان هذا بعد مغادرة مبارك للكويت، فقام التاجر باللحاق به في ملح وأخبره بحقيقة الأمر والجيش سائر، فغضب مبارك واضطر إلى النزول في ملح، فقام بإرسال التاجر إلى التاجر الكويتي ناصر البدر وذلك بسبب الصحبة بينهما، فعندما علم ناصر البدر بهذا الأمر، ولرغبته في رأب الشقاق بين الإخوان، فقد قام بالتسديد، ولكن قبل أن يقوم بالتسديد ذهب إلى الشيخ محمد الصباح وطلب منه أن يكون التسديد على يده، فغضب محمد الصباح من هذا الأمر، فرد عليه ناصر البدر وقال: إني سأسدد الحوالة مهما كانت ولكنني جئت إليك وطلبت أن يكون تسديدها بإسمك أمام الناس لكي لا يكثر القيل والقال فيك وفي أخيك. فإقتنع محمد الصباح بهذا الكلام وقام بتسديد الحوالة [7].
ولما اشتد الخلاف بين الأخوة الثلاثة حول المال في 1310 هـ جاء سالم البدر من البصرة إلى الكويت للمصالحة بين الأخوة، وجعل لمبارك الصباح راتبا سنويا بلغ عشرة آلاف روبية، وبعد وفاة سالم البدر في 1312 هـ عاد الخلاف بين الأخوة من جديد [8].
وكان الحصار المالي على مبارك الصباح الذي فرضه الشيخ محمد الصباح وجراح الصباح هو السبب الرئيسي في الخلاف بينهم [9].
حادثة الاغتيال
عدلوفي ليلة الخامس والعشرون من ذي القعدة 1313 هـ نهض مبارك الصباح مسرعا لقتل محمد وجراح بمساندة من ولديه جابر وسالم وعدد من الفدواية، وقد توجه إلى منزل محمد بن صباح الصباح بعد أن علم بأن صباح بن محمد الصباح قد خرج لأداء صلاة الفجر، وتقدم مبارك الصباح إلى الأمام وقسم الذين معه إلى ثلاثة أقسام، فذهب هو لأخيه محمد، وأرسل ابنه جابر وعدد من الفداوية إلى أخيه جراح، وظل ابنه سالم وبقية الفداوية لحراس صحن الدار [10] [11]، وقد صعب مبارك الصباح لأخيه محمد وأيقظه من النوم، فلما انتبه له محمد أطلق مبارك عليه الرصاص ولكن الطلقة لم تقتله، فإستغاث محمد الصباح بأخيه مبارك وذكره بما للأخوة من الحق والحرمة، ولكن مبارك لم يتأثر، فقام بتصويب البندقية مرة أخرى إليه وأجهز عليه، وذهب جابر المبارك الصباح إلى عمه جراح الصباح، فوجده مستيقظ وزوجته بجانبه، فقام بتسديد البندقية إليه ولكنها لم تنطلق، فقام جراح الصباح بمهاجمته وكانت زوجته تساعده وكادا أن يتغلبا عليه، ولكن أحد الفداوية قام بتصويب البندقية على جراح الصباح واستغاث جراح الصباح بابن أخيه جابر المبارك الصباح وقال له: اتق الله في عمك، ولكنه قتله، ووقعت عليه زوجته تندبه وتبكي وتنوح [12] [13].
توابع الحادثة
عدلوفي صبيحة يوم الحادثة، وبعد أن قام بدفن أخويه، دعا مبارك الصباح وجهاء البلد وقال لهم: قضي الأمر وما قضي لأمره فماذا ترون وعلى ماذا أنتم عازمون؟ فقاموا بمبايعته حاكما للكويت، وقد عاهدهم على إقامة العدل والسعي في الإصلاح وأن لا يقطع أمرا دونهم وأن يستشيرهم في شؤونه كلكها [14]، وكان الفاصل الزمني بيت تولى مبارك الصباح الإمارة وحادثة الإغتيال ساعات قليلة بين فجر ذلك اليوم وحلول الصباح [15].
وبعد إتمام عملية الاغتيال، تمكن سعود بن محمد الصباح من الهرب إلى الصبية لإخبار يوسف الإبراهيم بالحادثة [16]، وبادر الشيخ مبارك الصباح بطمأنة يوسف الإبراهيم ورد عليه يوسف الإبراهيم بأنه غير مهتم وأنه سيعود إلى مدينة الكويت في القريب العاجل، وقد حاول الشيخ مبارك الصباح كسب ثقة أبناء القتيلين وإظهار عطفه ومودته لهم لإزالة آثار الغضب ومسح موجة الحزن من على صدورهم لضمان عدم مطالبتهم بالثأر، وقد حاول الشيخ مبارك بأن يحصل منهم على توكيل لإدارة أملاكهم ولكنهم رفضوا ذلك [17]، وقد حاول مبارك الصباح بإبقاء أبناء أخويه تحت سيطرته في مدينة الكويت وأراد أن لا يخرجوا من مدينة الكويت ولكنهم نجحوا في تنفيذ خطة الهرب بمساعدة حمد بن عبد المحسن الغرير أحد كتاب الشيخين محمد وجراح ووصلوا إلى الصبية في مكان إقامة يوسف الإبراهيم، وقد وصل صباح وخالد وعذبي وأخاهم غير الشقيق علي برفقة ابن عمهم حمود بن جراح الصباح، وقد غادروا بعد ذلك من الصبية إلى البصرة وثم إلى الزبير [18] [19]، وقبل مغادرة أبناء القتيلين وبعد وقوع الحادثة بأسبوعين قرر قسم من عائلة الإبراهيم ترك الكويت وخرجوا من بيوتهم في الكويت وذهبوا عن طريق البحر إلى الدورة، ومعهم عائلتا الشيخ محمد وجراح الصباح اللتان كانتا موجودتان في منزل أمهم شيخة بنت علي الإبراهيم [20].
وقد وقف مبارك بن عذبي الصباح ضد الشيخ مبارك الصباح بعد أن علم في حادثة الإغتيال وهو في بادية الكويت، وقد غادر الكويت عدد من الرجال الذين لم تعجبهم طريقة الشيخ مبارك الصباح في الإستيلاء على الحكم، وكان محمد بن صباح الصباح قد استدعاه قبل حادثة الإغتيال، ولما علم مبارك الصباح بذلك سارع بتنفيذ عملية الإغتيال [21]، وكان في تلك الفترة يوسف الإبراهيم فسارع مبارك الصباح بتنفيذ العملية قبل وصول رجال يوسف الإبراهيم ورجال مبارك بن عذبي الصباح، وقد غادر الكويت بعد حادثة الإغتيال عدد من أبناء الكويت وهم حمد بن عبد المحسن الغرير وعبد الوهاب الطبطبائي ومحمد بن رابح وماجد بن سلطان بن فهد وإلتحق بهم عدد من أبناء العوائل الكويتية ممن تربطهم علاقة ومصالح بعد فترة [22].
وكان مبارك الصباح يريد مباغتة يوسف الإبراهيم في الصبية، ولما علم يوسف الإبراهيم بذلك قرر المغادرة ومن معه إلى الدورة [23].
وقد أصبحت الكويت في تلك الفترة مكانا للتنافس بين القوى الأوروبية وأبرزها بريطانيا والدولة العثمانية [24]، وكانت دول مثل ألمانيا تبحث عن أماكن لتستعمرها بعد توحيدها في عام 1870، وكان الخليج العربي ضمن أولوياتها [25]، وحتى روسيا كانت ضمن الدول المنافسة على الحصول على نفوذ في منطقة الخليج العربي والمياه الدافئة، وكانت لديها خطة لبناء خط سكة حديد من القوقاز إلى البحر الأبيض المتوسط مارا بالكويت [26]، وقد كانت ردود فعل هذه الدول على حادثة الإغتيال هي الحياد من قبل الدولة العثمانية وألمانيا وروسيا وترقب من قبل بريطانيا، أما عن ردود الفعل الإقليمية، فقد قام الشيخ محمد بن عبد الله الرشيد حاكم إمارة نجد بالإستنكار والإحتجاج في خطاب شديد اللهجة إلى مبارك الصباح، وقام شيخ قطر الشيخ جاسم آل ثاني بإستنكار عملية الإغتيال والإستيلاء على السلطة، وقامت إمارة المحمرة بإستنكار حادثة الإغتيال من قبل أميرها مزعل بن مرداو [27].
صفحات مرتبطة
عدلمراجع
عدل- ^ صفحات من تاريخ الكويت، يوسف بن عيسى القناعي، الطبعة الخامسة، صفحة 23
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 133
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 134
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 135
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 136
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 137
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 139
- ^ صفحات من تاريخ الكويت، يوسف بن عيسى القناعي، الطبعة الخامسة، صفحة 26
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 104
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 144
- ^ صفحات من تاريخ الكويت، يوسف بن عيسى القناعي، الطبعة الخامسة، صفحة 26
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 145
- ^ صفحات من تاريخ الكويت، يوسف بن عيسى القناعي، الطبعة الخامسة، صفحة 27
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 148
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 108
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 109
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 111
- ^ تاريخ الكويت، عبد العزيز الرشيد، الطبعة الثانية، صفحة 146
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 112
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 112-113
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 114
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 115
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 116
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 119
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 120
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 121
- ^ المستودع والمستحضر في أسباب النزاع بين مبارك الصباح ويوسف الإبراهيم، خلف بن صغير الشمري، الطبعة الأولى، صفحة 124