خط ديورند (بالبشتوية: د ډیورنډ کرښه)‏ هو خط حدودي يبلغ طوله2,200-كيلومتر (1,400 ميل)، يمتد بين أفغانستان وباكستان. وُضع سنة 1893 باتفاقية وُقعت بين حكومة الهند البريطانية والأمير الأفغاني عبد الرحمن خان. كان يرأس الوفد البريطاني السير هنري مارتيمور ديورند سكرتير الشؤون الخارجية في حكومة الهند البريطانية، لذلك سُمي الخط الذي رُسم لتحديد مناطق النفوذ السياسي بـ«خط ديورند».[1] كان البريطانيون يعتبرون أفغانستان دولة مستقلة، مع أنهم سيطروا على شؤونها الخارجية والعلاقات الدبلوماسية.

خط ديورند
الخصائص
الأقطار
الطول
2٬670 كيلومتر عدل القيمة على Wikidata
خط ديورند (باللون الأحمر)، شكّل الحدود الفاصلة بين أفغانستان وباكستان إلى اليوم.

وتألفت الاتفاقية المؤرخة يوم 12 نوفمبر 1893 من صفحة واحدة واحتوت سبع فقرات قصيرة، ومنها الالتزام بعدم ممارسة أي تدخل خارج خط دوراند.[2] تم أجرت لجنة بريطانية أفغانية مشترك بترسيم الحدود بدءًا من 1894، وغطت حوالي 800 ميل (1,300 كـم) من الحدود.[3][4] أنشئ هذا الخط أواخر فترة اللعبة الكبرى البريطانية-الروسية، مما أدى إلى تأسيس أفغانستان لتكون منطقة عازلة بين المصالح البريطانية والروسية في المنطقة.[5] هذا الخط بصيغته المعدلة قليلاً بموجب معاهدة أنجلو-أفغان سنة 1919 ورثته باكستان بعد استقلالها سنة 1947.

يسير خط ديورند جنوبا مخترقا منطقة بشتونستان القبلية ثم منطقة بلوشستان، مما أدى إلى التقسيم السياسي لقبائل البشتون والبلوش وجماعات عرقية أخرى تعيش على جانبي الحدود. ورسم هذا الخط حدود خيبر بختونخوا وبلوشستان وغلغت-بلتستان في شمال وغرب باكستان وهي ولايات أفغانستان الشمالية الشرقية والجنوبية. يوصف هذا الخط من المنظور الجيوسياسي والجيوستراتيجي بأنه أحد أخطر الحدود في العالم.[6][7][8][9]

على الرغم من أن خط ديورند معترف به دوليًا باعتباره الحدود الغربية لباكستان، إلا أن أفغانستان -نوعا ما- لا تعترف به.[10][11][12][13][14] إلا أنها أنكرت ذلك على لسان سردار محمد داود خان (رئيس الوزراء السابق ورئيس أفغانستان لاحقًا) خلال زيارته باكستان في أغسطس 1976 بأنه حدود دولية بين باكستان وأفغانستان.[15][16][17][18][19] ولكن في سنة 2017 عندما اندلعت التوترات الحدودية قال الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي:إن أفغانستان لن تعترف أبدًا بخط ديورند بأنه حدود دولية بين البلدين.[20]

خلفية تاريخية

عدل
 
أراخوسيا والباكتيان في الألفية الأولى ق.م

سكن البشتون الأصليون المنطقة التي يمر عبرها خط ديورند منذ العصور القديمة[21]، أي منذ 500 ق.م على الأقل. وقد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت شعبًا يسمى باكتيان يعيشون في أراخوسيا وحولها منذ الألف الأول قبل الميلاد.[22] أما قبائل البلوش فقد سكنت الطرف الجنوبي من الخط الذي يمر عبر منطقة بلوشستان ويفصل الشعب البلوش.

أما المسلمون العرب فقد أتوا المنطقة مع بداية فتوحات المنطقة في القرن السابع ودخل البشتون الإسلام. ويعتقد أن بعض العرب الأوائل استقروا أيضًا في جبال سليمان داخل بشتونستان.[23] من المهم أن نلاحظ أن هؤلاء البشتون كانوا معروفين تاريخياً باسم «الأفغان» وقد ذكرتهم السجلات العربية منذ القرن العاشر بهذا الاسم.[24] وسقطت منطقة البشتون (المعروفة اليوم باسم منطقة بشتونستان) بيد الدولة الغزنوية في القرن العاشر تلاها الغوريون والتيموريون فمغول الهند ثم الهوتاكيون درانيون، ثم غزتها بوحشية الإمبراطورية السيخية.[25]

 
السير هنري مورتيمر ديورند الدبلوماسي البريطاني والموظف المدني في الهند البريطانية الاستعمارية. وبه سمي خط ديورند بإسمه.

غزت القوات الهندية بقيادة بريطانيا أفغانستان سنة 1839. ولكنها منيت بهزيمة سنة 1842. ثم غزتها بريطانيا مرة أخرى سنة 1878، إلا أنهم انسحبوا بعدها بعامين بعد تحقيق بعض الأهداف الجيوسياسية، حيث وقعوا على معاهدة جاندماك مع الأفغان، فأضافوا عدة مناطق حدودية للإمبراطورية البريطانية.

وفي سنة 1893 أرسلت حكومة الهند البريطانية السير مورتيمر ديورند إلى كابول للتوقيع على معاهدة مع أمير عبد الرحمن خان لتحديد مناطق نفوذ كل منهما وكذلك لتحسين العلاقات الدبلوماسية والتجارية. فتم التوصل إلى اتفاق خط ديورند يوم 12 نوفمبر 1893.[2] وأقام الطرفان معسكرات لترسيم الحدود في باراتشينار بالقرب من خوست في أفغانستان، وهي الآن جزء من المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية (FATA) في باكستان. تمت كتابة اتفاقية ديورند 1893 الأصلية باللغة الإنجليزية، مع نسخة مترجمة إلى اللغة الدرية. أدت الاتفاقية الناتجة إلى إنشاء مقاطعة جديدة سميت في ذلك الوقت الحدود الشمالية الغربية المعروفة الآن باسم خيبر بختونخوا وهي مقاطعة باكستانية تضم المناطق القبلية والمناطق الحدودية.

كما تضمنت مناطق ملتان وميانوالي وباهاوالبور وديرا غازي خان. كانت هذه المناطق جزءًا من الدولة الدرانية من 1709 حتى 1820 عندما استولت عليها إمبراطورية السيخ ومن بعدها الراج البريطاني.[26]

كان الغرض الأساسي من إصرار بريطانيا على الاتفاقية هو إيجاد خط دفاعي أمام روسيا التي كانت أفغانستان تمثل منطقة عازلة بينها وبين الراج البريطاني.[27] كما كانت ظروف الأمير عبد الرحمن خان سيئة للغاية في تلك الفترة، حيث كان يواجه تمزق أفغانستان إلى دويلات إن لم يقبل بالاتفاقية المذكورة، كما هددت بريطانيا بتسيير قوة عسكرية قوامها عشرة آلاف شخص للهجوم على جلال آباد إنْ لم يرسل الأمير عبد الرحمن خان وفدا للمحادثات.

في يوم 12 نوفمبر 1893، وقّع الأمير عبد الرحمن الاتفاقية مع حكومة الهند البريطانية لتحديد مناطق النفوذ السياسي لبريطانيا، وكانت مدة الاتفاقية مائة سنة، ومن ثم لم تعترف بها الحكومات الأفغانية المتعاقبة.[1]

فحص ترسيم حدود خط ديورند

عدل
 
أفغانستان قبل اتفاقية خط ديورند 1893.

مراجع

عدل
  1. ^ ا ب الاشتباكات الحدودية بين القوات الأفغانية والباكستانية | الجزيرة نت نسخة محفوظة 28 يونيو 2017 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ ا ب Smith، Cynthia (أغسطس 2004). "A Selection of Historical Maps of Afghanistan – The Durand Line". United States: مكتبة الكونغرس. مؤرشف من الأصل في 2019-01-09. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  3. ^ "بلغ الطول الكلي للحدود التي تم تحديدها وترسيمها بين مارس 1894 ومايو 1896 حوالي 800 ميل". تم إعلان الحدود الطويلة من نهر كابول إلى الصين بما فيها ممر واخان، وترسيمها بحكم خطها المستمر والمتميز لسلسلة التجمعات المائية، ولم يتبق سوى الجزء القريب من ممر خيبر، الذي انتهى ترسيمه سنة 1921: Brig.-Gen. Sir بيرسي سايكس, K.C.I.E., C.B., C.M.G., Gold Medalist of the Royal Geographical Society (1940). "A History of Afghanistan Vol. II". London: MacMillan & Co. ص. 182–188, 200–208. مؤرشف من الأصل في 2016-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2009-12-05.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  4. ^ An adjustment to the demarcation was made at Arundu in the early 1930s: Hay، Maj. W. R. (أكتوبر 1933). "Demarcation of the Indo-Afghan Boundary in the Vicinity of Arandu". Geographical Journal. ج. LXXXII ع. 4.
  5. ^ Uradnik، Kathleen (2011). Battleground: Government and Politics, Volume 1. ABC-CLIO. ص. 18. ISBN:9780313343131. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
  6. ^ "No Man's Land". نيوزويك. United States. 1 فبراير 2004. مؤرشف من الأصل في 2008-04-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11. Where the imperialists' Great Game once unfolded, tribal allegiances have made for a "soft border" between Afghanistan and Pakistan—and a safe haven for smugglers, militants and terrorists
  7. ^ Bajoria، Jayshree (مارس 20, 2009). "The Troubled Afghan-Pakistani Border". مجلس العلاقات الخارجية. مؤرشف من الأصل في مايو 25, 2010. اطلع عليه بتاريخ فبراير 11, 2011.
  8. ^ "Japanese nationals not killed in Pakistan: FO". Dawn News. Pakistan. 7 سبتمبر 2005. مؤرشف من الأصل في 2013-10-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  9. ^ Walker، Philip (24 يونيو 2011). "The World's Most Dangerous Borders: Afghanistan and Pakistan". فورين بوليسي. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 2011. اطلع عليه بتاريخ 12 سبتمبر 2012.
  10. ^ "No change in stance on Durand Line: Faizi". وكالة بجواك للأخبار. 24 أكتوبر 2012. مؤرشف من الأصل في 2013-05-10. اطلع عليه بتاريخ 2013-04-11. But Afghanistan has never accepted the legitimacy of this border, arguing that it was intended to demarcate spheres of influence rather than international frontiers.
  11. ^ Grare، Frédéric (أكتوبر 2006). "Carnegie Papers – Pakistan-Afghanistan Relations in the Post-9/11 Era" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2017-08-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  12. ^ Rahi, Arwin. "Why the Durand Line Matters". The Diplomat (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2019-07-29. Retrieved 2017-09-09.
  13. ^ Micallef, Joseph V. (21 Nov 2015). "Afghanistan and Pakistan: The Poisoned Legacy of the Durand Line". Huffington Post (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2017-10-24. Retrieved 2017-09-09.
  14. ^ Rubin, Barnett R. (15 Mar 2013). Afghanistan from the Cold War through the War on Terror (بالإنجليزية). Oxford University Press. ISBN:9780199970414. Archived from the original on 2020-04-22.
  15. ^ Rasanayagam، Angelo (2005). Afghanistan: A Modern History. I.B. Tauris. ص. 64. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
  16. ^ Dorronsoro، Gilles (2005). Revolution Unending: Afghanistan, 1979 to present. Hurst & Co. Publisher. ص. 84. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
  17. ^ Nunan، Timothy (2016). Humanitarian Invasion: Global Development in Cold War Afghanistan. Cambridge University Press. ص. 125. مؤرشف من الأصل في 2020-04-22.
  18. ^ ur Rahman، Hanif (ديسمبر 2012). "Pak-Afghan relations during Z.A. Bhutto Era: The dynamics of Cold War" (PDF). Pakistan Journal of history and culture. ج. XXXIII: 34–35. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2020-01-10.
  19. ^ Durani، Mohib ullah؛ Khan، Ashraf (2009). "Pakistan-Afghanistan relation: Historic Mirror" (PDF). The Dialogue. ج. 4 ع. 1: 38. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-08-26.
  20. ^ Siddiqui، Naveed (5 مارس 2017). "Afghanistan will never recognise the Durand Line: Hamid Karzai". Dawn. مؤرشف من الأصل في 2019-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2017-09-09.
  21. ^ "Country Profile: Afghanistan" (PDF). Library of Congress Country Studies. أغسطس 2008. مؤرشف من الأصل في 2015-07-14. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  22. ^ "The History of Herodotus, Chapter 7". ترجمة: George Rawlinson. piney.com. مؤرشف من الأصل في 2019-01-15. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  23. ^ فريشته (Firishta). "History of the Mohamedan Power in India". Persian Literature in Translation. مؤسسة باكارد للعلوم الإنسانية. مؤرشف من الأصل في 2009-02-11. اطلع عليه بتاريخ 2007-01-10.
  24. ^ "Baloch". موسوعة بريتانيكا Online Version. مؤرشف من الأصل في 2008-01-08. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.
  25. ^ "Kingdoms of South Asia – Afghanistan (Southern Khorasan / Arachosia)". The History Files. مؤرشف من الأصل في 2019-03-27. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-16.
  26. ^ "Multan city History". مؤرشف من الأصل في 24 March 2010. اطلع عليه بتاريخ أغسطس 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  27. ^ Hasan، Khalid (1 فبراير 2004). "'Durand Line Treaty has not lapsed'". Pakistan: ديلي تايمز. مؤرشف من الأصل في 2015-01-20. اطلع عليه بتاريخ 2011-02-11.