تلوث الهواء في تركيا

يعد تلوث الهواء في تركيا من أشد المشكلات البيئية فتكًا في البلاد، إذ يتعرض الجميع في أنحاء البلاد لأكثر مما تضمنته أدلّة منظمة الصحة العالمية. يموت أكثر من 30000 شخص كل عام بسبب الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء، أي أكثر من 8% من وفيات البلاد. يقدر الباحثون أن الحد من تلوث الهواء إلى حدود منظمة الصحة العالمية من شأنه أن ينقذ سبعة أضعاف عدد الأرواح التي فقدت في حوادث المرور في عام 2017.[1]

الضباب الدخاني فوق إسطنبول أوائل القرن الحالي.

يشكل النقل البري في المدن التركية والفحم في تركيا عاملان رئيسيان من عوامل التلوث، ولكن ما يؤثر بشكل رئيسي على مستويات تلوث الهواء هو كثافة المركبات. ارتفع عدد المركبات التي تعبر طرق تركيا من 4 ملايين في عام 1990 إلى 25 مليونًا في عام 2020.[2] كما أن جودة الهواء المحيط وسقوف الانبعاثات الوطنية لا تتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي، وعلى عكس الدول الأوروبية الأخرى، فإن العديد من مؤشرات تلوث الهواء في تركيا غير متاحة. لا يوجد حد للجسيمات الهوائية الصغيرة جدًا (بّي إم 2.5/الجسيمات المعلقة 2.5)، والتي تسبب أمراض الرئة، إذ لم تعد تُقاس كليًا منذ عام 2021، ولم يُبلغ عنها رسميًا.[3]

تنبعث من السيارات والشاحنات عوادم الديزل والجسيمات المعلقة وأكاسيد النيتروجين والأبخرة الأخرى في المدن، ولكن من المقرر أن يبدأ إنتاج أولى السيارات الكهربائية الوطنية التركية في عام 2022. يُستخدم الفحم البني منخفض الجودة، ويحترق في المدن وأقدم محطات الطاقة العاملة بالفحم في البلاد، وشكل جزءًا كبيرًا من المشكلة.[4]

انخفض تلوث الهواء في المدن الكبرى بشكل كبير في أوائل عام 2020 بسبب قيود جائحة كوفيد-19، لكنه عاد للارتفاع مرة أخرى بحلول منتصف العام. تعدّ منصة الحق في هواء نظيف في تركيا، وغرفة المهندسين البيئيين من بين المنظمات التي تنظم الحملات الهادفة لهواء أنظف.

مصادر تلوث الهواء عدل

الازدحام عدل

أُزيل الضباب الدخاني من مدينة إسطنبول بحلول أوائل عام 2020، إلا أن تلوث الهواء عاد ليشهد ازديادًا بمجرد تخفيف قيود كوفيد-19.[5] يُتوقع أن تؤدي زيادة نسبة السيارات الكهربائية المستخدمة في تركيا إلى 10% بحلول عام 2030، إلى تقليل انبعاثات غازات الدفيئة من تركيا. فُرضت ضرائب شراء عالية على السيارات الجديدة، وقد كان حوالي 45% من السيارات في عام 2019 أقدم من 10 سنوات وكانت غير كفؤة في استخدام الطاقة.[6] تشمل بعض الإجراءات المتخذة حيال ذلك استمرار كهربة شبكة السكك الحديدية وإنشاء المزيد من السكك فائقة السرعة.[7] اقترحت جامعة سابانجي في عام 2020 إنفاذًا صارمًا لانبعاثات شاحنات الديزل كوسيلة لإقصاء المركبات القديمة والملوثة، وقد مُنحت الجرارات في نفس العام إعفاءً قانونيًا لحرق 1000 جزء في المليون من ديزل الكبريت.[8]

التدفئة والطهي عدل

ما زال استخدام الفحم التركي للتدفئة المنزلية في الأحياء ذات الدخل المنخفض مستمرًا في أنقرة وبعض المدن الأخرى منذ عام 2018، وهو أمر سيئ لأن الفحم التركي منخفض الجودة.[9]

محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم عدل

تتسبب الانبعاثات الصادرة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم في آثار خطيرة على الصحة العامة. يقدر تقرير صادر عن تحالف الصحة والبيئة (هيل) بلوغ ما يقرب من 5000 حالة وفاة مبكرة ناجمة عن التلوث الذي تتسبب به محطات الطاقة العاملة بالفحم في تركيا في عام 2019، وأكثر من 1.4 مليون يوم عمل ضائع بسبب المرض. قال مدير الاستراتيجيات والحملات:[10]

«يعرض التلوث الناتج عن محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم الجميع لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية ومرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة والتهابات الجهاز التنفسي الحادة. لكنه يؤثر بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا، كالحوامل والأطفال وكبار السن، وأولئك الذين هم مرضى أو فقراء أساسًا».

يقدر تقرير تحالف الصحة والبيئة أن التكاليف الصحية للأمراض الناجمة عن محطات الطاقة العاملة بالفحم تشكل حوالي 13-27% من إجمالي الإنفاق الصحي السنوي لتركيا (بما في ذلك القطاعين العام والخاص).

تقول منظمة السلام الأخضر المتوسطي إن محطات الطاقة العاملة بالفحم في أفشين-إلبستان هي أكثر المحطات خطورة من الناحية الصحية من بين الدول الأوروبية، وتليها محطة سوما للطاقة.[11][12]

حدود انبعاث غازات المداخن عدل

كانت حدود انبعاثات غازات المداخن بالملليغرام/متر مكعب (ملليغرام لكل متر مكعب) منذ يناير 2020 كما يلي:

القدرة المركبة لمحطة توليد الطاقة الجسيمات ثاني أكسيد الكبريت ثاني أكسيد النيتروجين أول أكسيد الكربون
0.5 ميغاواط ≤ القدرة <5 ميغاواط 200 نظام إزالة الكبريت غير مطلوب إذا كانت انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت وثالث أكسيد الكبريت أقل من 2000 مجم/متر مكعب. إذا تجاوز حد 2000 مجم/متر مكعب، فيجب تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت إلى 10%. يجب تقليل انبعاثات أكاسيد النيتروجين من خلال التدابير التقنية مثل تقليل درجة حرارة اللهب عن طريق إعادة تدوير غاز المداخن. 200
5  ميغاواط قدرة <50 ميغاواط 150 200
50  ≤ ميغاواط قدرة <100 ميغاواط 50 850 400 150
قدرة ≥ 100 ميغاواط 30 200 200 200

تسمح هذه الحدود بالتسبب بتلوث أكثر مما تسمح به توجيهات الانبعاثات الصناعية الصادرة عن الاتحاد الأوروبي. تبلغ حدود الجسيمات المعلقة وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في الصين (التي لديها دخل مماثل لكل شخص)، 10و 35 و50 مجم/متر مكعب على التوالي.[13][14]

التدخين السلبي عدل

إن أكثر من ربع البالغين في تركيا مدخنون، ويشكل التدخين السلبي خطرًا في حد ذاته، ويزيد من خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي.[15]

الصناعة والبناء عدل

يعد تلوث الهواء الناجم عن إنتاج الإسمنت أحد الآثار البيئية للخرسانة. وعلى الرغم من حظر الأسبست تمامًا في عام 2010،[16] إلا أنه ما يزال يمثل خطرًا عند هدم المباني القديمة، وفي المكبات، وفي المباني في بعض المناطق الريفية حيث يحدث ذلك بشكل طبيعي.[17]

الأخطار الطبية عدل

قُدر أن حوالي 8% من جميع الوفيات كانت بسبب تلوث الهواء. تتراوح تقديرات الزيادة في الوفيات السنوية بين 37000 و60.000. يعد تلوث الهواء خطرًا صحيًا ناجم عن حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والديزل. يقدر الباحثون أن تقليل تلوث الهواء إلى حدود منظمة الصحة العالمية من شأنه أن ينقذ سبعة أضعاف عدد الأرواح التي فقدت في حوادث المرور في عام 2017.[18]

لا يمكن تقدير الآثار الصحية لتلوث الهواء في العديد من الأماكن، نظرًا لانعدام المراقبة الكافية لجسيمات بّي إم 2.5 وبّي إم 10، لكن متوسط الخسائر في الأرواح (مقارنة بعدد الخسائر التي ستفقد إذا اتُّبعت إرشادات تلوث الهواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية) قد قُدر بحوالي 0.4 سنويًا لكل شخص، إلا أنه سيختلف تبعًا للموقع، باعتبار أن تلوث الهواء أصبح شديدًا في بعض المدن منذ عام 2019.[19]

يرفع تلوث الهواء من خطر الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي عمومًا، مثل كوفيد-19 وخاصة في المدن شديدة التلوث مثل زونغولداق. ويختلفون حول ذلك في بعض الأماكن، إذ أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.

المراجع عدل

  1. ^ "Regional Outlook 2021" (PDF). منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2021-10-27. اطلع عليه بتاريخ 2021-10-28.
  2. ^ Birpınar, Mehmet Emin (27 Oct 2020). "New green space trend in city centers: Vertical gardens". Daily Sabah (بالإنجليزية). Archived from the original on 2020-11-09. Retrieved 2020-11-09.
  3. ^ Turkey's Informative Inventory Report (IIR) 2021 (PDF). Çevre Yönetimi Genel Müdürlüğü (Report). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2022-07-08.
  4. ^ TMMOB (2020).
  5. ^ "Air pollution returns in Turkey's 'new normal'". دايلي صباح. 7 يوليو 2020. مؤرشف من الأصل في 2020-09-03. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-17.
  6. ^ "Transport sector transformation: Integrating electric vehicles into Turkey's distribution grids" (PDF). ص. 9. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2020-08-01. اطلع عليه بتاريخ 2019-12-26.
  7. ^ "Turkey Energy Outlook" (PDF). Sabancı University Istanbul International Center for Energy and Climate. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2023-06-01.[وصلة مكسورة]
  8. ^ "Halkalı Kapıkule High Speed Train Project will Reduce Accidents and Air Pollution". مؤرشف من الأصل في 2020-09-19. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-22.
  9. ^ "Turkey". Euracoal. 16 فبراير 2020. مؤرشف من الأصل في 2018-10-27. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-23.
  10. ^ Gacal، Funda؛ Stauffer، Anne (4 فبراير 2021). "Pollution from coal power costs Turkey as much as 27% of its total health expenditure – new report Turkey". Health and Environment Alliance. مؤرشف من الأصل في 2021-05-09.
  11. ^ Üzüm، İpek (28 مايو 2014). "Greenpeace warns about threat of Turkey's coal-fired power plants". Today's Zaman. Istanbul: Feza Publications. مؤرشف من الأصل في 2015-12-26. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-25.
  12. ^ Tuna، Banu (11 سبتمبر 2014). "Greenpeace activists detained in Turkey for protesting thermal power plant". صحيفة حريت. Doğan Media Group. مؤرشف من الأصل في 2015-12-26. اطلع عليه بتاريخ 2015-12-25.
  13. ^ Tang، Ling؛ Qu، Jiabao (2019). "Substantial emission reductions from Chinese power plants after the introduction of ultra-low emissions standards". ResearchGate. مؤرشف من الأصل في 2021-10-29. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-22.
  14. ^ "Level of ambition with respect to SO2, Dust and NOx emission levels in the LCPD, the IPPCD and the IED — European Environment Agency". www.eea.europa.eu. مؤرشف من الأصل في 2020-08-04. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-23.
  15. ^ Sonmez, Ozlem; Taşdemir, Zeynep Atam; Kara, H. Volkan; Akçay, Sule (1 Aug 2020). "Tobacco and COVID-19". Eurasian Journal of Pulmonology (بالإنجليزية). 22 (4): 12. DOI:10.4103/ejop.ejop_52_20. ISSN:2148-5402. S2CID:221462954. Archived from the original on 2021-01-16. Retrieved 2020-09-23.
  16. ^ Metintas، Selma؛ Ak، Guntulu؛ Metintas، Muzaffer (16 نوفمبر 2020). "Potential years of life and productivity loss due to malignant mesothelioma in Turkey". Archives of Environmental & Occupational Health. ج. 75 ع. 8: 464–470. DOI:10.1080/19338244.2020.1747380. ISSN:1933-8244. PMID:32282287. S2CID:215758099.
  17. ^ Bildirici, Melike E. (1 Jan 2020). "The relationship between cement production, mortality rate, air quality, and economic growth for China, India, Brazil, Turkey, and the USA: MScBVAR and MScBGC analysis". Environmental Science and Pollution Research (بالإنجليزية). 27 (2): 2248–2263. DOI:10.1007/s11356-019-06586-w. ISSN:1614-7499. PMID:31776902. S2CID:208329667.
  18. ^ Tezel-Oguz، Melike Nese؛ Sari، Deniz؛ Ozkurt، Nesimi؛ Keskin، S. Sinan (22 يونيو 2020). "Application of reduction scenarios on traffic-related NOx emissions in Trabzon, Turkey". Atmospheric Pollution Research. ج. 11 ع. 12: 2379–2389. DOI:10.1016/j.apr.2020.06.014. ISSN:1309-1042. S2CID:225739363. مؤرشف من الأصل في 2021-10-29. اطلع عليه بتاريخ 2020-09-13.
  19. ^ "Turkey Starts New Journey in Automotive Industry" (PDF). Investment Office. فبراير 2020. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2021-01-12. اطلع عليه بتاريخ 2020-08-21.