الأيازيجيس (مفردها أيازيكس) كانوا قبيلة قديمة من سارماتيون والذين قاموا بالسفر غربا من وسط آسيا نحو سهوب ما هي الآن أوكرانيا في حدود العام 200 قبل الميلاد.[1][2][3] لاحقا في حدود العام 44 قبل الميلاد، سافروا مجددا داخل المجر وصربيا ليستقروا قرب داقية، في السهوب بين نهري الدانوب وتيسا. بالرغم من أن أصولهم مهاجرين، إلا أنهم أصبحوا شبه محليين بعد استقرارهم في السهوب بين نهري الدانوب وتيسا.[4]

تمثال رجل من السارماتيون (الأيازيجيس كانوا يشبهون هذا)

في علاقة الأيازيجيس المبكرة مع روما، كانوا يعتبرون دولة عازلة لكونهم بين الدولة الرومانية والدولة الداسانية. لاحقا ستتطور هذه العلاقة لتصبح علاقة سيادة عليا وعلاقة عميل بدولة حيث أن الأيازيجيس سيصبحون اسميا تابعين سياديين لروما. أثناء هذه العلاقة، سيستمر الأيازيجيس في الغارات في الأراضي الرومانية مما سيسبب ببعثات عقابية من روما ضدهم.[5]

الثقافة

عدل

على الرغم من كونهم بدويين، إلا أنه بعد هجرة الأيازيجيس إلى نهر تيسا أصبحوا شبه مستقرين، وعاشوا في مدن. كما أنهم قاموا بالهجرة بين المدن من أجل إطعام الماشية. عاصمتهم كانت في مدينة بارتيسكم والتي توجد بالقرب من مدينة كيكيمت الحالية في المجر. لغتهم كانت لهجة من الإيرانية القديمة إلا انها كانت مختلفة تماما عن اللهجات الأخرى المنحدرة من الإيرانية القديمة في سارماتيون. عندما يصبح الرجل من الأيازيجيس عجوزا وأكبر من أن يقاتل، كان يتم قتله بواسطة أبناؤه. الأيازيجيس استخدموا ذيول الخيل في صلواتهم الدينية.[6]

 
الإمبراطورية الرومانية تحت حكم هادريان وتظهر موقع الأيازيجيس

الدفن

عدل

كانت قبور الأيازيجيس مسطحة، كما كانت مرتبة في مجموعات مثل القبور الحديثة.[7] في الوقت الذي هاجر فيه الأيازيجيس إلى سهوب نهر تيسا كانوا في حالة فقر شديد.[8] هذا ينعكس على تجهيزات مواقع الدفن، والمملوءة غالبا بممرات طينية وخرز وأحيانا دبابيس.كما أنه من النادر جدا وجود مجارف حديدية في مواقع الدفن، ومن النادر جدا أيضا وجود سيوف حديدية.[7]

الغذاء

عدل

استخدم الأيازيجيس أوعية للطبخ على شكل برميل والتي كانت غير متناظرة وقابلة للتعليق، كما كان وزنها غير موزع بالتساوي. الحبل الذي كان يُستخدم لتعليق الوعاء كان يُوضع دائريا على أطراف الوعاء. كما يُعتقد أن هذا الحبل يتم ربطه بالوعاء دائريا مما يسمح للوعاء بالدوران، هذا أدى إلى نظريات كثيرة عن استخدامات أخرى لهذه الأوعية. حيث يعتقد البعض أن بعضا من هذه الأوعية ذات الحجم الصغير كانت تستخدم لتخمر المشروبات الكحولية. الأيازيجيس كانوا يربون الماشية كما استخدموا الملح لحفظ اللحم الخاص بهم إلا أنهم لم يمتلكوا أي منجم ملح في أراضيهم.[9]

الجيش

عدل

كان الأيازيجيس يلبسون الدروع الثقيلة كالخوذات الثقيلة والدروع الكاملة المصنوعة من الحديد والبرونز والقرون والحوافر. الجيش كان مكون فقط من الفرسان.[10]

التاريخ

عدل

في القرن الثالث قبل الميلاد عاش الأيازيجيس على شاطئ بحر آزوف والذي عرفه اليونانيون القدماء والرومان باسم بحر ماوتس والموجود في جنوب شرق أوكرانيا. من هناك قام الأيازيجيس -أو على الأقل جزء منهم- بالتنقل غربا على امتداد شاطئ البحر الأسود إلى مولدوفا الحديثة وجنوب غرب أوكرانيا.[11][12]

من المحتمل ان الأيازيجيس لم ينتقلوا غربا بكاملهم وأن بعضا منهم بقوا على شاطئ بحر آزوف، إلا أن الأيازيجيس الذين بقوا على شاطئ بحر آزوف لم يتم ذكرهم تاريخيا ثانية أبدا.

التاريخ المبكر

عدل
 
الأيازيجيس في القرن الأول الميلادي

في القرن الثاني قبل الميلاد، بدأ الأيازيجيس الهجرة غربا نحو السهوب قرب دنيستر. تفسير محتمل لهذه الهجرة هم الروكسولاني وهم الجيران الشرقيين للأيازيجيس والذين هاجروا غربا أيضا بسبب الضغط من الأورسي. مما سبب الضغط على الأيازيجيس وأجبرهم على الهجرة غربا أيضا.[13][14]

من 78 إلى 76 قبل الميلاد، قاد الرومان العديد من البعثات إلى المنطقة شمال نهر الدانوب والتي كانت أرض الأيازيجيس وقتها حيث أن الأيازيجيس كانوا حلفاء وقتها مع ميثراداتس السادس والذي كانت روما في حرب معه.[15][16] في عام 44 قبل الميلاد مات الملك بوريبيستا ملك داقية وبدأت مملكته في الانهيار. بعد ذلك بدأ الأيازيجيس السيطرة على حوض بانونيا، وهي المنطقة بين نهري الدانوب وتيسا (جنوب وسط المجر حاليا).[13]

الحروب الداقية

عدل

الحلف بين الأيازيجيس والداقيين جعل روما تصب تركيزها أكثر على نهر الدانوب أكثر من نهر الراين. هذا ينعكس على وضع الفيالق الرومانية أثناء حكم أوغسطس، حيث كان هناك ثمانية فيالق حول نهر الراين وأربعة في الماينز وأربعة أخرى في كولون. إلا أنه في حوالي مائة عام من حكم أوغسطس، كانت المصادر العسكرية الرومانية متركزة على طول نهر الدانوب بدلا من نهر الراين، بوجود تسعة فيالق على طول نهر الدانوب وواحد فقط على الراين.[17] إلا أنه بحلول فترة حكم ماركوس أوريليوس، كان هناك اثنا عشر فيلقا حول نهر الدانوب.[18]

الحرب الداقية الأولى

عدل

قاد تراجان -وبمساعدة الأيازيجيس- فيالقه داخل داقية ضد الملك ديسيبالوس في العام 101.[19][20] من أجل عبور نهر الدانوب بمثل هذه الجيش الضخم، قام أبولودوروس الدمشقي -المهندس المعماري الرئيسي للرومان- بعمل جسر خلال البوابات الحديدية باستخدام الكابول. بذلك استطاع بناء جسر عظيم مع ستين رصيفا والذين عبروا نهر الدانوب. استطاع تراجان الضرب عميقا داخل داقية مجبرا الملك ديسيبالوس على الاستسلام ليصبح تابعا لتراجان.[21]

الحرب الداقية الثانية

عدل
 
جندي روماني على اليسار يقاتل جندي من الأيازيجيس على اليمين

ولكن بمجرد عودة تراجان إلى روما، بدأ ديسيبالوس شن الغارات على الأراضي الرومانية كما هاجم الأيازيجيس الذي كانوا قبائل عميلة لروما. أدرك تراجان أنه كان مخطئ بترك ديسيبالوس بمثل هذه القوة. لذا في عام 106 ميلاديا، غزا تراجان داقية من جديد بأحد عشر فيلقا وثانية بمساعدة الأيازيجيس، الذين كانوا القبيلة البربرية الوحيدة التي ساعدت روما في هذه الحرب.[22][23] ديسيبالوس اختار أن ينتحر بدلا من أن يتم القبض عليه، لأنه عرف أنه إذا تم القبض عليه فسوف يُزف في احتفالية انتصار قبل أن يتم شنقه. في عام 113 ميلاديا، استولى تراجان على داقية لتصبح إقليما تابعا للإمبراطورية الرومانية كأول إقليم يتبع الإمبراطورية الرومانية شرق نهر الدانوب. إلا أن تراجان لم يضم الأراضي بين نهر تيسا وجبال ترانسيلفانيا ضمن إقليم داقية بل تركها للأيازيجيس.[24]

ما بعد الحروب الداقية

عدل

منطقة أولتينيا أصبحت تحت نزاع بين الأيازيجيس والإمبراطورية الرومانية. الأيازيجيس امتلكوا المنطقة قبل أن يستولي عليها الداقيون، ثم استولى عليها تراجان، الذي كان مصرا على جعل داقية إقليما. [19] النزاع تم حله بمعاهدة سلام بعد غزو هادريان للأيازيجيس. نص معاهدة السلام غير معروف، إلا ان يُعتقد أن الإمبراطورية الرومانية تركت أولتينيا للأيازيجيس مقابل بعض الامتيازات. الأيازيجيس أخذوا أيضا بانات خلال هذه الفترة مما يقترح وجود هذا ضمن المعاهدة.[25]

الأيازيجيس والريكسولاني هاجموا بانونيا وميسا على التوالي في عام 117. الحرب حدثت بسبب المصاعب التي واجههوها في الزيارة والتبادل التجاري بينهما لوجود داقية بينهما. حاكم إقليم داقية جايوس جوليوس باسوس تم قتله أثناء الغزو. الريكسولاني استسلموا أولا، لذلك فقد استولى عليهم الرومان واستبدلوا الملك بملك خاص بالإمبراطورية. الأيازيجيس بعد ذلك توصلوا إلى السلام مع روما.[26] في حدود عام 123، قام الأيازيجيس وآخرون من سارماتيون بمهاجمة الإقليم الروماني داقية غالبا لنفس سبب الحرب السابقة لعدم مقدرتهم على زيارة بعضهم والتبادل التجاري معا لوجود داقية بينهما. ماركوس توربو استطاع هزيمة الأيازيجيس غير أن نص المعاهدة التالية للهزيمة غير معروف. [27]

في شتاء عام 173، قاد الأيازيجيس غارة على طول نهر الدانوب المتجمد، لكن الرومان كانوا جاهزين. الأيازيجيس قاموا بتجهيز فخ حيث خططوا لمهاجمة وتفريق الرومان عند محاولتهم عبور نهر الدانوب المتجمد، لمعرفتهم أن الجنود الرومان والفيالق الرومانية غير مدربين على القتال في الجليد وأن أحصنة الأيازيجيس مدربة على القتال على الجليد بدون أن تنزلق. على الرغم من ذلك فقد شكل الرومان مربعا قويا وحفروا في الجليد بواسطة أدرعتهم حتى لا ينزلقوا. عندما فشل الأيازيجيس في كسر تحصينات الرومان، بدأ الرومان في الهجوم المضاد. بعد قليل أصبحت الحرب في فوضى عارمة مع انزلاق الجنود من كلا الجيشين لتصبح الحرب بعد قليل حرب أظافر وأسنان والتي انتصر فيها الجيش الروماني. بعد هذه الحرب تم إعلان الأيازيجيس -وسارماتيون عموما- أعداء لروما.[28]

الجغرافيا

عدل

منطقة السهوب بين نهري الدانوب وتيسا والتي نحكم فيها الأيازيجيس كانت مماثلة لحجم إيطاليا، وحوالي 1000 ميل في طولها (1600 كم). الأرض انتشرت فيها المستنقعات بشكل كبيرة كما انتشر فيها التلال والتي لم يكن فيها أيا من المعادن التي يمكن استخراجها. انعدام المصادر هذا -على رأس المشاكل التي واجهها الرومان في محاولتهم هزيمتهم- ربما يفسر لماذا لم يستولي الرومان عليها بكاملها وضمها للإمبراطورية الرومانية بل تركوها كعميل للمملكة.[29][30]

الديانة

عدل

واحدة من مدن الأيازيجيس وهي مدينة بورماندون كان بها العديد من عيون الماء الساخنة، لأن المدن والقرى التي بدأ اسمها بالمقطع (بورم) كانت من ضمن المدن الأوروبية التي احتوت على عيون ماء ساخنة. هذه العيون كان لها أهمية دينية للعديد من القبائل الكلتية. إلا أنه لا يوجد دليل ما إذا كانت هذه الأهمية الدينية قد انتقلت إلى الأيازيجيس مع المفهوم نفسه. [31]

المصادر

عدل
  1. ^ "معلومات عن الأيازيجيس على موقع pleiades.stoa.org". pleiades.stoa.org. مؤرشف من الأصل في 2020-07-23.
  2. ^ "معلومات عن الأيازيجيس على موقع bigenc.ru". bigenc.ru. مؤرشف من الأصل في 2020-03-12.
  3. ^ "معلومات عن الأيازيجيس على موقع ark.frantiq.fr". ark.frantiq.fr. مؤرشف من الأصل في 2020-04-27.
  4. ^ Smith 1873، صفحة 7.
  5. ^ Cook & Adcock 1965، صفحة 93.
  6. ^ Preble 1980، صفحة 69.
  7. ^ ا ب Bacon & Lhote 1963، صفحة 293.
  8. ^ Harmatta 1970، صفحات 43–45.
  9. ^ Vagalinski 2007، صفحة 177.
  10. ^ Ridgeway 2015، صفحة 116.
  11. ^ McLynn 2010، صفحة 313.
  12. ^ Grumeza 2009، صفحة 40.
  13. ^ ا ب Cunliffe 2015، صفحة 284.
  14. ^ Bunson 1995، صفحة 367.
  15. ^ Hildinger 2001، صفحة 50.
  16. ^ Hinds 2009، صفحة 71.
  17. ^ McLynn 2010، صفحة 314.
  18. ^ McLynn 2010، صفحة 315.
  19. ^ ا ب Mócsy 2014، صفحة 94.
  20. ^ Leslie 1999، صفحة 168.
  21. ^ McLynn 2010، صفحة 319.
  22. ^ Bunson 2002، صفحة 170.
  23. ^ Hoyos 2013، صفحة 255.
  24. ^ McLynn 2010، صفحة 320.
  25. ^ Mócsy 2014، صفحة 101.
  26. ^ Mócsy 2014، صفحة 100.
  27. ^ Grumeza 2009، صفحة 200.
  28. ^ McLaughlin 2016، صفحة 164.
  29. ^ McLynn 2010، صفحة 366.
  30. ^ Sedgwick 1921، صفحة 171.
  31. ^ Dowden 2013، صفحة 45.

المراجع

عدل

كتب

عدل

مواقع إلكترونية

عدل

للمزيد من القراءة

عدل
  • Bennett, Julian. (1997). Trajan: Optimus Princeps, Indianapolis University Press, Bloomington. ISBN 978-0-415-24150-2
  • Birley, Anthony. (1987). Marcus Aurelius: A Biography, Yale University Press, New Haven. ISBN 978-0-415-17125-0
  • Chisholm, Hugh, ed. (1911). "Iazyges" . Encyclopædia Britannica (بالإنجليزية) (11th ed.). Cambridge University Press. 954463552
  • Christian, David. (1999). A History of Russia, Mongolia and Central Asia, Vol. 1. Blackwell. ISBN 978-0-631-20814-3
  • Kerr, William George. (1995). A Chronological Study of the Marcomannic Wars of Marcus Aurelius, Princeton, NJ: Princeton University Press. 32861447
  • Kristó, Gyula. (1998). Magyarország története – 895–1301 (The History of Hungary – From 895 to 1301), Budapest: Osiris. ISBN 963-379-442-0.
  • Macartney, C.A. (1962). Hungary: A Short History, Edinburgh University Press, Edinburgh. ISBN 978-0-00-612410-8
  • Peck, Harry Thurston. (1898). Harpers Dictionary of Classical Antiquities, New York. Harper and Brothers. ISBN 978-1-163-24933-8
  • Strayer, Joseph R., editor in chief. (1987). A Dictionary of the Middle Ages, Charles Scribner's Sons, NY. ISBN 978-0-684-80642-6