هجرة الروس بعد الغزو الروسي لأوكرانيا

ازداد عدد المهاجرين الروس بعد غزو أوكرانيا في عام 2022. بلغ عدد المهاجرين من روسيا في منتصف شهر مارس عام 2022 حوالي 300 ألف شخص، ثم ارتفع ليصل إلى 500 ألف بحلول نهاية أغسطس 2022، وأكثر من 800 ألف بحلول سبتمبر 2022.[1] هاجر معظمهم كلاجئين سياسيين ومهاجرين اقتصاديين، هربًا من الملاحقة الجنائية. لم يكن الخوف من التجنيد السبب الوحيد للهجرة، إذ عبر المهاجرون عن أسباب مختلفة مثل معارضتهم العملية العسكرية، ورفض وحشية الحرب وعدم اقتناعهم بجدواها، والتعاطف مع أوكرانيا، ومعارضة الأسباب السياسية للحرب مع أوكرانيا، ورفض القتل، وعدم ملائمة روسيا للعيش مع عائلاتهم.[2][3][4][5][6]

أسباب النزوح

عدل

الموجة الأولى

عدل

يمكن تمييز ثلاث موجات للنزوح الروسي. كانت الموجة الأولى فور غزو بوتين لأوكرانيا، هرب فيها الصحفيون والسياسيون والعاملون في مجال التكنولوجيا. تشمل أسباب الموجة الأولى للهجرة من روسيا، التهرب من الملاحقة الجنائية، والتمتع بحرية التعبير فيما يتعلق بالغزو. فرض بوتين أحكامًا بالسجن لمدة 15 عامًا في مارس2022، وأصدر اتهامات بنشر أخبار كاذبة حول العمليات العسكرية الروسية. اتُهم أكثر من 2000 شخص بحلول مايو2022، كانت الاتهامات بموجب القوانين التي تحظر تداول المعلومات المزيفة عن الجيش.[7] صرحت نينا بيلييفا، نائبة الحزب الشيوعي في الجمعية التشريعية لأوبلاست في فورونيج، بأنها هربت من روسيا بعد تلقيها العديد من التهديدات بالملاحقة الجنائية والسجن. بقيت الممثلة الروسية شولبان خاماتوفا في المنفى في لاتفيا بعد أن وقعت على عريضة ضد الحرب في أوكرانيا. غادرت راقصة الباليه أولغا سميرنوفا روسيا وتابعت مسيرتها المهنية في هولندا احتجاجًا على الحرب. توجب على معظم العاملين في مجال التكنولوجيا مغادرة روسيا كشرط للتوظيف.[8] هرب ما يقرب من 50 ألف إلى 70 ألف عامل في مجال تكنولوجيا المعلومات في الشهر الأول من الغزو. وصلت موجة الهجرة هذه إلى مشاهير الإنترنت، كان من بينهم أسطورة البوب آلا بوجاتشيفا، والممثل الكوميدي مكسيم جالكين، والصحفي التلفزيوني ألكسندر نيفزوروف، والدبلوماسي بوريس بونداريف، والسياسي والاقتصادي أناتولي تشوبايس، ورجل الأعمال أوليغ تينكوف ومغني الراب اوكسي ميرون.[9]

الموجة الثانية

عدل

اتضحت معالم الموجة الثانية بحلول يوليو 2022، وتألفت بشكل عام من أفراد الطبقة المتوسطة والعليا الذين احتاجوا وقتًا أطول للاستعداد للهجرة، مثل رجال الأعمال والأهالي الذين اضطروا إلى انتظار نهاية العام الدراسي لأبنائهم.[9]

من المتوقع أن يغادر روسيا حوالي 15 ألف مليونير في عام 2022.[10]

الموجة الثالثة

عدل

بدأت موجة ثالثة من الهجرة الروسية عقب إعلان الرئيس بوتين عن التعبئة الجزئية في 21 سبتمبر، قدر عدد المهاجرين الذكور بمئات الآلاف. هرب 98000 روسي إلى كازاخستان خلال الأسبوع الأول بعد الإعلان. دخل أكثر من 8500 روسي فنلندا عبر الحدود البرية في 24 سبتمبر، بزيادة 62٪ عن اليوم السابق، بينما غادر ما يقرب من 4200 روسي فنلندا إلى روسيا في نفس اليوم. امتدت طوابير السيارات الروسية لأكثر من 30 كيلومترًا على الحدود مع جورجيا في 25 سبتمبر. اكتظت نقاط التفتيش على الحدود مع منطقتي كوستناي وكازاخستان الغربية، وأظهرت التسجيلات طوابير السيارات التي تمتد على مد البصر في الانتظار لمغادرة روسيا.[11]

غادر الأراضي الروسية ما يقارب 300 ألف مواطن روسي قبل 27 سبتمبر، وارتفع هذا العدد إلى 370 ألفًا بحلول 4 أكتوبر. قصد الكثيرون منهم كازاخستان، وصربيا، وتركيا، والإمارات، وجورجيا، وفنلندا.[12]

وقع بوتين مرسومًا ينص على أحكام بالسجن تصل إلى 15 عامًا لأعمال الحرب، بما في ذلك الاستسلام الطوعي والهجرة أثناء التعبئة أو الحرب.[13]

الوجهات

عدل

كانت تركيا أحد أكثر الوجهات التي اختارها المواطنين الروس، وسعى أكثر من 100 ألف روسي للحصول على الإقامة، استخدم معظمهم الخطوط الجوية التركية إلى أنطاليا. استقبلت جورجيا وأرمينيا أعدادًا كبيرة. هرب ما يقدر بنحو 100 ألف روسي إلى جورجيا، و5000 إلى أرمينيا بحلول أوائل أبريل.[14][15]

تشمل الوجهات الرئيسية الأخرى أذربيجان، والإمارات العربية المتحدة، واليونان، وبلغاريا وصربيا، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وطاجيكستان، ومنغوليا، وقبرص، ودول أمريكا اللاتينية، ودول البلطيق، والولايات المتحدة. انتقل ما يقدر بـ 30 ألف إلى 50 ألف روسي إلى صربيا في عام 2022.[16]

أغلقت معظم الدول الأوروبية مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، اضطر الروس إلى الالتفاف عبر جبال القوقاز أو البحث عن طرق برية لمغادرة البلاد. علقت شركة السكك الحديدية الفنلندية خط السكة الحديدية عالي السرعة بين سانت بطرسبرغ وهلسنكي في 25 مارس، ما أدى إلى إغلاق آخر طريق مباشر للقطارات بين روسيا والاتحاد الأوروبي. كان الطريق سابقًا ممرًا مهمًا للخروج من روسيا بالنسبة للمواطنين الروس وخاصةً لأصحاب الأعمال والإقامات في فنلندا، طالبت الحكومة الروسية من العابرين الحصول على تأشيرة صالحة وشهادة لقاح كوفيد-19 المعترف بها من الاتحاد الأوروبي.[17][18]

علقت عدة دول في الاتحاد الأوروبي، مثل لاتفيا وجمهورية التشيك، منح التأشيرات للمواطنين الروس، وازدادت صعوبة الخروج من روسيا. منحت بعض الدول الإقامة المؤقتة بدون التأشيرة؛ سمحت تركيا للمواطنين الروس الذين ليس لديهم تأشيرات بالبقاء لمدة تصل إلى شهرين. أعلنت فنلندا وبولندا ودول البلطيق في لاتفيا وليتوانيا وإستونيا أنها لن تستقبل الروس الهاربين من التعبئة. قدمت ألمانيا اللجوء للمعارضين والمجندين الروس الذين لم يرغبوا في خوض الحرب مع أوكرانيا.[19]

الصعوبات التي واجهها المهاجرون

عدل

دخل العديد من المهاجرين السياسيين الاتحاد الأوروبي بتأشيرات شنغن، وتحول معظمهم إلى مهاجرين غير شرعيين بعد 90 يومًا من هجرتهم، ولم يقدموا طلبات لجوء لأنها تحد من ممارسة نشاطهم السياسي كصحفيين وناشطين في مجال حقوق الإنسان. واجه العديد من المعارضين الروس وممثلي المجتمع المدني صعوبات في الحصول على تأشيرات شنغن سواء أثناء تواجدهم في روسيا أو بعد هجرتهم إلى دول أخرى غير آمنة (مثل بلدان رابطة الدول المستقلة). تحركت منظمة العفو الدولية في هذا الصدد في 25 مايو 2022، وشجعت مجلس الوزراء الألماني على توسيع برنامج القبول الإنساني للروس المضطهدين من قبل نظام بوتين. يشمل هذا البرنامج إصدار التأشيرات الإنسانية ومنح الإقامة المؤقتة وتصاريح العمل.[20]

التأثير

عدل

كان معظم المهاجرين الروس من فئة الشباب والمهنيين والمتعلمين، حذر خبراء الاقتصاد من ازدياد هجرة الأدمغة الروسية. غادر روسيا أكثر من 50 ألف متخصص روسي في مجال تكنولوجيا المعلومات.[21]

ردود الفعل

عدل

إسرائيل

عدل

توقعت إسرائيل وفود معظم اللاجئين اليهود من أوكرانيا، لكنها شهدت وصول الكثير من اللاجئين من روسيا. خففت إسرائيل من تطبيق قانون العودة على المهاجرين الأوكرانيين، إلا أنها لم تعتمد هذا الإجراء مع المهاجرين الروس، الذين حصلوا على تأشيرات سياحية أثناء إجراءات طلب الجنسية.[22]

روسيا

عدل

وجه الرئيس فلاديمير بوتين تحذيرًا إلى الخائنين الروس في 16 مارس، مدعيًا أن الغرب يسعى إلى استخدامهم كطابور خامس، وأن الروس قادرون دائمًا على تمييز الوطنيين الحقيقيين عن الحثالة والخونة.[23]

كازاخستان

عدل

صرح الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف عن رغبة كازاخستان بمساعدة الروس الهاربين الذين أجبروا على المغادرة بسبب صعوبة الوضع الحالي في روسيا.[24]

الولايات المتحدة

عدل

تلقت الولايات المتحدة طلبات لجوء روسية منذ بداية الغزو، وحذرت من تزايد حالات الدخول غير الشرعي للدخول.

صرحت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير في 27 سبتمبر2022، وشجعت الرجال الروس على الفرار من روسيا وتقديمهم طلب لجوء في الولايات المتحدة.[25]

أوكرانيا

عدل

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الروس إلى الهجرة من روسيا، لكي لا تساهم ضرائبهم بتمويل الحرب في أوكرانيا.[26]

المراجع

عدل
  1. ^ van Brugen, Isabel (4 Oct 2022). "Putin's Mobilization Backfires as 370,000 Flee Russia in Two Weeks". نيوزويك (بالإنجليزية الأمريكية). Archived from the original on 2023-04-26. Retrieved 2022-10-04.
  2. ^ Kantchev، Georgi؛ Gershkovich، Evan؛ Chernova، Yuliya (10 أبريل 2022). "Fleeing Putin, Thousands of Educated Russians Are Moving Abroad". وول ستريت جورنال. مؤرشف من الأصل في 2022-04-12. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-12.
  3. ^ Demytrie، Rayhan (13 مارس 2022). "Russia faces brain drain as thousands flee abroad". BBC News. Tbilisi, Georgia. مؤرشف من الأصل في 2022-03-14. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-06.
  4. ^ Bershidsky، Leonid (15 مارس 2022). "Russia's Brain Drain Becomes a Stampede for the Exits". Bloomberg. مؤرشف من الأصل في 2022-03-16. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-04.
  5. ^ "Russia's war migrants find mixed reception in Georgia". Japan Times. 4 أبريل 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-04-10. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-10.
  6. ^ "Who are the Russians leaving their country?". Deutsche Welle. 5 أبريل 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-04-07. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-10.
  7. ^ Belyayeva، Nina (8 أبريل 2022). "'If I Didn't Speak Out, I Wouldn't Be a True Christian'". The Moscow Times. مؤرشف من الأصل في 2022-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-09.
  8. ^ "'We are refugees': Russians flee rising authoritarianism". قناة الجزيرة. 8 مارس 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-03-09. اطلع عليه بتاريخ 2022-03-08.
  9. ^ ا ب Gilchrist, Karen. "A second wave of Russians is fleeing Putin's regime". CNBC (بالإنجليزية). Archived from the original on 2022-09-23. Retrieved 2022-09-24.
  10. ^ "Russia is 'hemorrhaging' millionaires". 14 يونيو 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-06-15. اطلع عليه بتاريخ 2022-06-15.
  11. ^ Reuters (6 Oct 2022). "Factbox: Where have Russians been fleeing to since mobilisation began?". Reuters (بالإنجليزية). Archived from the original on 2023-05-05. Retrieved 2022-10-17. {{استشهاد بخبر}}: |الأخير= باسم عام (help)
  12. ^ "Russia stiffens penalty for desertion; replaces top general". Al Jazeera. 24 سبتمبر 2022. مؤرشف من الأصل في 2023-04-16.
  13. ^ "Russian Lawmakers Approve Long Jail Terms for Military Surrender, Refusal to Serve". The Moscow Times. 20 سبتمبر 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-12-28.
  14. ^ Vukadinović, Dejana (9 Nov 2022). "Novi đaci iz Rusije i Ukrajine u srpskim školama: Privremeni dom za jedne, novi život za druge". BBC News (بSerbian (Latin script)). Archived from the original on 2023-01-16. Retrieved 2022-11-28.
  15. ^ "Is Putin's war spreading?". The Spectator. 25 مارس 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-03-29. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-10.
  16. ^ "'We had no choice': over 8,000 Russians seek US refuge in six-month period". الغارديان. أسوشيتد برس. مؤرشف من الأصل في 2022-04-12. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-12.
  17. ^ MacDougall، David (28 مارس 2022). "End of the line in Finland for last direct EU-Russia train link Access to the comments". Euronews. مؤرشف من الأصل في 2022-04-07. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-09.
  18. ^ "Russians take trains to Finland, one of few remaining escape routes". Yle. 4 مارس 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-04-09. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-09.
  19. ^ "Russians pack trains into Finland as sanctions bite". France24. 4 مارس 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-04-05. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-09.
  20. ^ "Deutschland: Russische und Belarusische Menschenrechtsverteidiger innen brauchen Schutz" (بالألمانية). منظمة العفو الدولية. 25 May 2022. Archived from the original on 2022-05-28. Retrieved 2022-05-27.
  21. ^ "170K Russian IT Specialists Could Emigrate by April – Industry". The Moscow Times. 22 مارس 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-04-12. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-10.
  22. ^ "How the war in Ukraine affects the real estate market in Georgia". JAM News. 28 نوفمبر 2022. مؤرشف من الأصل في 2023-04-08. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-22.
  23. ^ "Russians fleeing Putin's war add new strain to old tensions in nearby Georgia". يو إس إيه توداي. 22 ديسمبر 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-12-22. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-22.
  24. ^ "222,274 people came to Georgia from Russia in September". JAM News. 20 أكتوبر 2022. مؤرشف من الأصل في 2022-12-22. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-22.
  25. ^ "Ukraine War Has Caused a Huge Surge in Aliyah to Israel – from Russia". Haaretz. مؤرشف من الأصل في 2022-04-14. اطلع عليه بتاريخ 2022-04-14.
  26. ^ Lomsadze، Giorgi. "Spy's confession sheds light on Russian espionage in Georgia". Eurasianet. مؤرشف من الأصل في 2023-03-14. اطلع عليه بتاريخ 2022-12-22.