إن أفضل أنواع الخبز ، و أكثرها صلاحية للأكل ، و التغذية ، و أنفعها للصحة هو الخبز الأسمر المصنوع من محتويات الحبوب دون فصل النخالة عنها ، - و النخالة هي قشور القمح - و ذلك لأن الجانب الأكبر من الأملاح المعدنية إنما يوجد في قشور القمح الغنية بالفيتامينات.

و لكن أكثر الناس يقبلون على تناول الخبز الأبيض المصنوع من القمح الذي نزعت نخالته كلها ، و ذلك لأنهم يجهلون حقيقة المنافع الصحية الكامنة في الخبز الأسمر ،و لو أدركوا هذه الحقيقة لغيروا عادتهم ، و لفضلوا تناول الخبز الذي يحتفظ بعناصره الغذائية كاملةً .

و هناك نوع آخر من الخبز هو وسط بين النوعين السابقين ، و هو الخبز الذي صنع من دقيق لا يحتوي إلا على نصف نخالته ، و هو أفضل من الخبز الأبيض ، و لكنه أقل قيمة غذائية من الخبز الأسمر .

إن الخبز الأبيض - و إن كان غنيا بالمواد النشوية - لا يستوفي شروط التغذيه الصحية ؛ فهو خال من الألياف ( السليلوزية ) ، و هذه الألياف لها وظيفة خاصة في الأمعاء ، لأنها تنبه حركتها الهضمية ، و تمنع حدوث الإمساك .

كما أن الحبوب ، عند تجريدها من النخالة تفقد جزءا كبيرا من أملاح الكالسيوم ، و الحديد ، و الفسفور ، و هذه الأملاح لازمة لبناء العظام ، و تقوية الدم ، و لأداء بعض العمليات الحيوية في الجسم . فضلا عن فقدانها كمية لا يستهان بها من المادة البروتينية التي تحتوي عليها ، و هذا الجزء له قيمة غذائية خاصة .

أضف إلى ذلك أن النخالة غنية بفيتامين (أ) اللازم للصحة ، و النمو ، و فيتامين (ب) الذي يقوي الأعصاب و يقي الجسم من بعض الأمراض .

و لقد كانت حبوب القمح تطحن بطواحين من حجر ، و كان الدقيق المحضر بهذه الطريقة يحتفظ بكمية حسنة مما في حبوب القمح من القشور ، أما في العصر الحاضر -عصر التقدم الآلي- فقد أصبح الدقيق يصفى بمناخل دقيقة جدا ، و تجرى عليه عمليات متعددة من التقنية ، و التكرير ، و التبييض ؛ حتى لا يبقى من وزنه أكثر من ( 70% ) من وزن الحبوب . و هكذا يعزل من الدقيق خير ما فيه من المواد النافعة ، و لا يستبقى منه إلا المادة النشوية ، التي تكاد تخلو من جميع المركبات الثمينة التي يحويها القمح في حالته الطبيعية .

فلا عجب أن ينتشر بين الناس الإمساك ، و تكثر فيهم المتاعب الصحية ، و الأمراض الجسمية ، التي زادت إصابة الأفراد بها ، إثر التقدم الصناعي و الآلي في عمليات طحن القمح ، و تحضير الدقيق ، و قد يكون الرغيف الأبيض أجمل مظهرا ، لكنه أقل نفعا .

و قد جاء في كتاب " علم التغذية " للدكتور ( ألفرد مكان ) بشأن نخالة القمح ما يأتي :

" لو وضعنا جميع الأدوية ، و العقاقير التي يتعاطاها العالم المتدمن في كفة ميزان ، و نخالة القمح في كفة أخرى لتعادلتا ، و من الخطأ الفادح أن ينبذ الإنسان النخالة و ما تحتوي عليه من السليلوز ، و الفيتامينات و الأملاح المعدنية الثمينة ، و يقبل على تناول الأدوية ، و لو أبقى على تناول النخالة عند صنع الخبز ، لما احتاج إلى تعاطي الأدوية الكثيرة " .