السوسيولوجية القروية عند بداية السوسيولوجية القروية شهدت نوع من الوفرة في البحوث و الدراسات، ومع تشعب هذا التخصص و تفرعه، فإن البحوث السوسيولوجية القروية بدأت في تراجع، وأصبحنا أمام تراجع في البحث السوسيولوجي المهتم بالقرية عالميا، و الأمر قد يكون واضح عند الحديث عن البحوث والدراسات في أوروبا بتراجع النمط القروي و تشابه أنماط السكان و العيش، ولكن في ظل مجتمع مغاير لم يشهد السوسيولوجية إلا تحت الحماية الفرنسية و الإسبانية، فالنمط القروي ما يزال قائم وسيستمر لقرون، وعندما نتفحص الدراسات الموجودة حول هذا المجتمع نجدها في تراجع، وهذا يجعلنا أمام تساءل: لماذا تراجع إهتمام السوسيولوجية بالبحث القروي؟؟.

يتحدث البعض عن موت القروي، فهل من الممكن أن يكون هذا حقا ما يجعل من البحث السوسيولوجي يتراجع في الاهتمام بالقرية؟، أم أن الاهتمام بالبرديغمات والاتجاهات الفرعية و القضايا التي تتسم بنوع من الترويج هو ما أدى إلى هذا التراجع؟

إنه من الصعب حقا أن نحدد الفترة الزمنية التي سنعمل على دراستها، هل من 1920 إلى اليوم أو من تاريخ لاحق، أي بعد ستينيات القرن الماضي؛ وعموما ستتضح لنا الرؤية للإشتغال بعد تقديم البداية الأولى للسوسيولوجية القروية و موضوعها بل أيضا المناهج المستعملة حينها بعد التأسيس الفعلي لعلم الاجتماع العام.

سنة 2006 – 2007 عقدت ندوة بباريس حول موضوع: « Retour sur la sociologie rurale» في المركز الدولي للدراسة الزراعية المتقدمة في البحر الأبيض المتوسط، وهذا يبين أن هناك رجوع إلى السوسيولوجية القروية رغم النقاش السائد حول نهاية القرية والاهتمام السوسيولوجي بالقرية.

ينطلق الباحثان Pierre Alphandéry et Jean Paul Billaud من الإرث السوسيولوجي فور التأسيس الفعلي للسوسيولوجية والاهتمام بالمجال القروي أو العالم القروي، و يتمثل بروز هذا العلم في الانتقال من مجتمع زراعي إلى مجتمع حضري وصناعي.

إن التحولات العميقة التي شهدها العالم القروي وبداية تلاشي المزارع في ظل تغييرات كثيرة وقعت على "الأشياء" دفعت بالسوسيولوجية القروية إلى ارتداء ملابس جديدة كما يقول Pierre Alphandéry et Jean Paul Billaud، ففكرة التقدم وأزمة التحديث ستعترض البحوث الموجهة نحو المجتمع القروي في إطار الاهتمام بقضايا جديدة و انعدام النهج الآحادي.

من بين النقاط المهمة التي أوردها لنا الباحثان أن المراجع النظرية في حالة اختفاء إضافة إلى صعوبة تفسيرتها مثل – الماركسية و البنيوية – وتتحدد هذه الصعوبات في تراجع الاهتمام بالفلاح نحو الاهتمام بالأسرة في علاقتها بصناعة الأغذية الزراعية، وهذا يعني أن هناك تحول في البحوث التي تهم المجال القروي الفرنسي خصوصا والعالمي عوما في ظل التغييرات التكنولوجية و التقنية.

هل الدراسات الريفية في أزمة "Les études rurales sont-elles en crise?" سؤال طرح في النشرة الإخبارية بجمعية الرعاة الفرنسيين (l’Association des ruralistes français)، حيث قام "برنارد كايسر " بتشخيص الوضع الأكاديمي، ولاحظ تدهور في المجال القروي déclin du ruralisme مرتبط ب "فقدان الهوية في المناطق القروية" Une perte d’identité de la ruralité.

قد يكون هذا الأمر في المجتمع الفرنسي صحيح إلى حد ما، لأن التحولات السريعة أدت إلى مفارقة تتجلى في ميل سكان المدينة إلى الاستقرار في المناطق القروية، فالمجتمع الفلاحي اختفى حتى وإن ظل الفلاح مرجعاً. يرى الباحثان Pierre Alphandéry et Jean Paul Billaud أن العديد من الدراسات الاستقصائية أظهرت بأن التغيير الاجتماعي قد أحدث تنوعاً كبيراً في التكوينات المحلية، ولكن هذا دفع بالعديد من الباحثين إلى القول بعدم تغيير النظرة السابقة للمجتمع القروي رغم كل التحولات والتراكم في هذا العمل – التكوينات المحلية -.

نتساءل كما يتساءل الكاتبان، هل من الممكن أن يكون المجال القروي سائر نحو التقليد أم الحداثة؟ الاستمرارية أم التغيير؟ للتغلب على هذا الازدواجية الذي يكتسب تاريخ العلوم الإنسانية ويشده، لا ينبغي لنا أن نعتمد من وجهة نظر أن هذين البعدين يعملان في إعادة الهيكلة الاجتماعية لمجتمعات ما بعد الفلاحين، بما أن مقال بيير ألفانديري ويانيك سينسيبي يفتح هذه المسألة، فقد أخذ علم الاجتماع الريفي هذه النظرة المزدوجة من خلال الجمع بين التحليل من حيث التغيير (التحديث) والتحليل من حيث الخصوصية (المجتمعات الريفية).

يتطلب هذا الموقف من الباحث أن يهتم بكل من القريب والبعيد والمحلي والعالمي. يذكرنا مارسيل جولييف، في مساهمته، أن التغيير المحلي كان ينظر إليه على أنه "تعديل متبادل" على جميع المستويات وليس كسببية هبوطية. لذلك، فإن أي عمل حالي على المجتمعات الريفية يتطلب دراسة تنوع التنقل في العمل. إن تفرد الممارسات وفقًا لما إذا كان يتم تثبيت السكان في مكان ما، أو مستخدمي النقل العابر أو متعدد المواقع يعدل بشكل كبير التكوينات المحلية، مما يفتح مجموعة واسعة من المواقف. [Reuter de la sociologie rurale, 2009].

2. بعض الكتابات السوسيولوجية حول المجال القروي

في سياق أزمة عالم ما بعد الحرب تمت دعوة علماء الاجتماع للاشتغال على القرية أملا في تطوير قدرات التغيير في المجتمع القروي، و قد ترجم هذا الاشتغال عبر مسارين أساسيين تمثلا في السوسيولوجيا الأمريكية التي سارت في الاتجاه الأمبريقي و السوسيولوجيا الفرنسية التي اختارت درب المونوغرافيات، و هذان الاتجاهان هما اللذان حسما لحظة التأسيس العلمي للسوسيولوجيا القروية، هذا مع التأكيد على أن كلا الاتجاهين لم ينقطعا عن استثمار خلاصات علوم أخرى كالجغرافيا و الأنثروبولوجيا بدرجة أولى.

يسمح علم الاجتماع القروي بقراءة تاريخية للتحولات الحالية في الفضاء إذ ترتبط لعبة الجهات الفاعلة والسياسات العامة بالتكوينات المؤسساتية والتمثيلات الاجتماعية المعقدة، وتكشف الموضوعات التي عمل عليها علم الاجتماع القروي بمرونة في المفاهيم يفسرها البعض على أنها راجعة إلى عدم التخلي عن التخصصات الأخرى، من الجغرافيا إلى الإتنولوجيا والأنتربولوجيا، وهذا ينعكس على المساهمات المقدمة من طرف هذا العلم.

تدين السوسيولوجيا القروية، بالنظر إلى نشأتها، بالكثير إلى السوسيولوجيا الفرنسية و الأنثروبولوجيا الأمريكية، و هو ما يجعل البعض يؤكد بأن السوسيولوجيا القروية ما هي إلا نتيجة منطقية لزواج كاثوليكي بينهما معا.

1) السوسيولوجية الفرنسية.

في بداية 1960 منحت لهنري ميندراس قيمة مالية لإنشاء برنامج رئيسي وكانت تلك فرصة لإنشاء مجموعة علم الاجتماع القروي Groupe de Sociologie Rurale (GSR) بجامعة نانتر Nanterre سنة 1968، هذه المجموعة السوسيولوجية ستعمل على سلسلة من المنشورات المحددة سلفا.

كان البرنامج تحت عنوان "جرد وتصنيف المجتمعات القروية الفرنسية « Inventaire et typologie des sociétés rurales françaises » واستمر البحث الميداني خمس سنوات من 1962 إلى 1967، تألف من عدة عمليات على نطاق واسع:

ثمان دراسات Huit Monographies ، "قاموس السوسيولوجية القروية"، أطلس لفرنسا القروية un atlas de la France rurale.

أما البعض الآخر كان دو طابع قطاعي بشكل أكبر:

- تصنيف منحنيات السكان بالكانتونات « typologie des courbes cantonales de population »

- الفلاحة السوسيو اقتصادية « socioéconomie de l’agriculture »

- بحث حول اتجاهات الفلاحين صوب مجموع الائتمان une recherche sur les attitudes des agriculteurs face au crédit

نجد أعمال "هنري ميندراس" (Henri Mendras 1927 - 2003)، صاحب كتاب "نهاية الفلاحين" La Fin Des Paysans و التأثير الذي مرسه عليه روبرت ريدفيلد (Robert Redfield 1897 - 1958)، وهما من بين الباحثين المهمين في السوسيولوجية القروية الفرنسية و الأنتربولوجية الأمريكية، إضافة إلى جولييف (Marcel Jollivet) الذي أدت أعمله دورًا هاما في علم الاجتماع القروي خصوصا Sociétés Rurales et Classes Sociales 1972. كما أصدر في هذا الحقل عددا من الدراسات القيمة التي ساهمت في تأجيج النقاش حول أسئلة العالم القروي، من بينها:

Vers un Rural Postindustriel نحو قرية شبه صناعية،

Du rural à l'environnement من القرى إلى البيئة،

Pour une agriculture diversifié نحو زراعة متنوعة.

وقد عرف مارسيل جوليفي كثيرا بمفهوم التداخل التخصصي l'interdisciplinarité الذي كان يستعيض عنه أحيانا بالتعدد التخصص «multidisciplinarité » ou « pluridisciplinarité »، فقد كان يلح دوما على أن السوسيولوجيا القروية لم تكن قبلا تخصصا خالصا، بل هي فرع من فروع علم الاجتماع، يتميز بكونه أبعد ما يكون معزولا تماما، فالسوسيولوجي القروي يفرض عليه من حين لآخر أن يكون مؤرخا و جغرافيا واقتصاديا و ديموغرافيا و إثنوغرافيا و عالم نفس أيضا، إذ عليه أن يختبر مناهج كل هذه التخصصات لكي يتمكن من دراسة ظواهره.

و لقد راهن "هنري ميندراس" (Henri Mendras 1927 - 2003) في انشغاله بالمسألة القروية على الاعتماد على التاريخ و الاقتصاد و السياسة و باقي العلوم الأخرى التي تسعفه في اختراق تفاصيل المشهد القروي، و لهذا فقد كان ينجز أبحاثه في الغالب بتعاون تام مع اقتصاديين و مؤرخين.

في الكتاب الشهير" نهاية الفلاحين" (1967) يجسد هنري ميندراس نهاية مجتمع الفلاحين، وبالتالي الأعيان كالفلاحين، وكان هنري مندراس مدركًا تمامًا أنه يصف في نظريته عن مجتمع الفلاحين مجتمعًا تاريخيًا قديمًا.

إن دمج المزارعين في المجتمع الحديث أمر اقتصادي في المقام الأول، مع سياسات التحديث الزراعي (خطة مارشال ، وسياسة الأراضي، والمكننة، والتسميد ...) و انطلاق التخطيط لأصغر المزارعين والفلاحين. أولئك الذين يظلون أكثر أهمية ويشكلون روابط لسلسلة إنتاج يتم تسويقها بالكامل، من الموردين إلى المعالجات (صناعة الأغذية الزراعية في تركيز كامل) إلى التجزئة، مع البنك، ولا سيما مع الائتمان الفلاحي، كوسيلة للتمويل، أو التعاونية كهيكل مجتمعي حديث.

لكن تحول الفلاحين أمر اجتماعي أيضًا، حيث تم تجديد الإسكان وفقًا للمعايير الحضرية، وتضخم المدارس وتطوير أوقات الفراغ. في هذا المنظور، فازت المدينة رمزياً بجميع المساحات، على عكس تحليلات المؤسسين، لم يعد هناك أي خصوصية ريفية كبرى، فقد تم تحويل المجتمعات الريفية "إلى بيئة معيشية بسيطة ليس لها أي اختلاف آخر، مقارنةً بمنطقة حضرية، عن خصائصها المورفولوجية." (ميندراس 1974). وقد اكتسبت هذه الفكرة إجماعًا سريعًا في سبعينيات القرن العشرين.

و وفقا لهذا التصور فقد اعتبر جوليفي غير ما مرة أن السوسيولوجيا القروية الفرنسية هي معرفة متعددة الاختصاصات بشكل أساسي، و هذا ما يميزها عن السوسيولوجيا القروية الأمريكية. و بخصوص العالم الجديد فيعتبر ليبرتي هايد بيلي liberty hade bailey) (1858-1954 المؤسس الفعلي للسوسيولوجيا القروية و الصحافة القروية أيضا بالولايات المتحدة الأمريكية، فبالرغم من تخصصه البيولوجي و النباتي تحديدا فقد ساهم ليبرتي منذ العشرينيات من القرن الماضي في تأسيس سوسيولوجيا قروية أمريكية، و ذلك منذ التحاقه بمدرسة الفلاحة بميشغان.

وبعد هذه المساهمة التي نجدها لذا كل ميندراس و جوليفي نجد مساهمات عديدة أخرى يقترح علينا كل من Pierre Alphandéry et Jean Paul Billaud بعض منها وجدت في إطار السوسيولوجية القروية نذكر ما يلي:

جاك ريمي (Jacques Rémy 1944 - ): باحث سوسيولوجي في المعهد الوطني للبحث الزراعي INRA، فاهتم بدراسة العلاقة بين المزارعين و الآخرين حول الفضاء وشرعية المعرفة بعد الاعتماد على السوق والخصائص الثقافية لفترة طويلة.

مستشار الزراعة Conseiller en agriculture

جون - بول بولود (Jean-Paul Billaud 1950 - ): أثار مسألة علاقة علم الاجتماع القروي بالأرض – الإقليم – (Territoire)، وهذا المفهوم رئيسي في فهم القضايا البيئية الحالية و الذي كان مهمش من قبل نظرا لعلاقاته مع شخصية المجتمع.

Sociologie rurale et environnement: renouveau ou dépassement? 2012.

مارك مورمون (Marc Mormont 1951 ): يضع السؤال في عملية أكثر عمومية لتخضير المجال القروي écologistion يفسر ذلك حركة انعكاسية تصاحب العولمة.

« Remarques sur le village comme cadre de recherches anthropologiques », Bulletin de psychologie 8.

برتراند هيرفيو و فرانسوا بورسيجل: يهتمان بأثر العولمة على العوالم الزراعية التي لا يزال يتعين بناؤها، وقد انطلاقا من حدود نظرية هنري ميندراس.

إلى جانب باحثين آخرين ساهموا في الإرث السوسيولوجي القروي نذكر منهم:

ليبرتي هايد بيلي، ويليام إيزاك توماس، فلوريان زنانيك، جان ستوتزل، رانبود، لازاريف ...

وفي قراءات أخرى نجد أن هناك العديد من الباحثين الذين ساهموا في إغناء هذا التخصص بالدراسات نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

Placide Rambaud (1922 – 1990) il a un livre: Société rurale et urbanisation, paris, ed, du seuil 1969. المجتمع القروي و التحضر

Marianne Boudewee – lefebvre, La Mutation de la compagne Française, Paris ed ophrys 1969. تغيير القرية الفرنسية (ظفرة)

2) السوسيولوجية الأمريكية القروية

إن السوسيولوجيا القروية الأمريكية خرجت من رحم مدرسة شيكاغو، فمع اشتغال ويليام إيزاك توماس (William Isaac thomas) و فلوريان زنانيك ( Florian znanieck ) على الفلاح البولوني في كل من أوروبا و أمريكا ما بين 1918 و 1920 ، بدأت تتشكل الملامح الكبرى للسوسيولوجيا القروية بالعالم الجديد، و يعد هذا الكتاب الصادر في خمسة أجزاء من الكتب المؤسسة للسوسيولوجيا الأمريكية عموما، وليس فقط للسوسيولوجيا القروية أو لمدرسة شيكاغو، و في هذا الكتاب سيبلور الباحثان مفهوم الاختلال الاجتماعي(désorganisation sociale) الذي سيظل مهيمنا على النقاش السوسيولوجي للمدرسة خلال فترتها الذهبية ما بين 1915 و 1935.

لقد صارت السوسيولوجيا القروية الأمريكية آنا تعرف نموا مطردا على مستوى إنتاج و تداول النظريات و المفاهيم، بل إن التراكمات المهمة التي عرفها هذا العلم في السنوات الأخيرة ما هي إلا نتاج خالص قادم من العالم الجديد، من الولايات المتحدة الأمريكية و كندا و باقي دول أمريكا اللاتينية، فهذه الدول تشهد اليوم وفرة على مستوى العلوم الإنسانية، بل إنها استلمت مشعل هذه العلوم في شقها الأمبريقي منذ زمن غير يسير.

من بين المساهمات المهمة في بداية التأسيس السوسيولوجي للسوسيولوجية القروية نجد:

ليبرتي هايد بيليliberty hade bailey) (1858-1954) ) المؤسس الفعلي للسوسيولوجيا القروية و الصحافة القروية أيضا بالولايات المتحدة الأمريكية، فبالرغم من تخصصه البيولوجي و النباتي تحديدا فقد ساهم ليبرتي منذ العشرينيات من القرن الماضي في تأسيس سوسيولوجيا قروية أمريكية، و ذلك منذ التحاقه بمدرسة الفلاحة بميشغان.

من بين أعماله نجد ما يلي:

The State and the Farmer (1908)

The Country Life Movement (1911)

يجب أن نشير إلى مساهمة غنية لكل من روبرت ردفيلد (Robert redfield) (1897-1958) و هو من اشهر علماء الانثروبولوجيا الامريكيين ، درس في جامعة شيكاغو وعين بروفسورا للأنثروبولوجيا فيها وكان تفكره واسعا وعميقا اذا حاول الجمع بين علم الاجتماع وعلم الانثروبولوجي الاجتماعي نظرا لوجود العلاقة المتينة بينهما حسب اعتقاده كتب عدة ابحاث أنثروبولوجيا واجتماعية حول المجتمعين المكسيكي والكوتيمالي من اشهر مؤلفاته كتاب (حضارة البكتان) 1941 الذي تجسدت فيه نظريته عن التغير الاجتماعي وكتاب (المجتمع الصغير) 1955 واخيرا كتاب (المجتمع الفلاحي والحضارة) الذي نشر عام 1956.

فريدريك هوارد بتيل (1948 - 2005)، كان أستاذًا في علم الاجتماع الريفي في جامعة ويسكنوسين ماديسون، وهو باحث بارز في علم اجتماع الزراعة، وكان بتيل معروفًا أيضًا بمساهماته في علم الاجتماع البيئي. نشط كرئيس للجنة الأبحاث 24 ، "البيئة والمجتمع" ، التابعة للجمعية الدولية لعلم الاجتماع. تتناول منشوراته الأولى التحديث التدريجي للزراعة الأمريكية في بعض الأحيان. إنه يدرس القوى الدافعة وراء هذا التحديث: المواد الخام الجديدة، واستهلاك الطاقة آخر والتقنيات الجديدة. في رأيه، فإن هذه القوى نفسها هي التي تشكل أساس الممارسات الزراعية الناشئة. أسس لعلم الاجتماع البيئي ويرى بأن السوسيولوجية القروية هي المنطلق نحو السوسيولوجية البيئية.

من بين مؤلفاته نجد:

• Rural Sociology of the Advanced Societies (1980)

• New Directions in the Sociology of Global Development, Volume 11 (2005)

1) السوسيولوجية القروية المغربية

في مغرب ما بعد الاستقلال ستصبح الميزانية العمومية قادرة على مراجعة الأنشطة العلمية في فترة الحماية، فخلال الستين سنة الماضية نجد ثلاث أعمال أو أربعة هي المشهورة في الاهتمام السوسيولوجي بالمجال القروي رغم المرجعية والغاية العملية التي وجدت من أجلها والمتجلية في تسهيل السيطرة الفرنسية على المغرب، وهي كتابات كل من: Michaux-Bellaire، Robert Montagne، Jacques Berque، Edmond Doutté. ذكر هذه الأعمال لم يأتي سوى نتيجة لكونها البداية الفعلية للإهتمام السوسيولوجي و الأنتروبولوجي بالمغرب؛ وسيتم تجاوز هذا الإرث في ما بعد مع السوسيولوجيين المغاربة.

و من الممكن الانطلاق من مشروع بول باسكون (Paul Pascon 1932 - 1985)، باعتباره من بين المهتمين بدراسة المجال والمجتمع القروي ليس خدمة للفرنسيين وإنما لغاية علمية تتجلى في فهم الشؤون القروية، فهو يرى أن علم الاجتماع القروي "يهدف إلى معرفة المجتمع القروي. وهو ليس من عمل القرويين أنفسهم، على الأقل في اللحظة الراهنة، وربما لفترة طويلة أخرى فيما يبدو. أكيد أن هناك، كما سيكون هناك في المستقبل، علماء اجتماع مغاربة ذوي أصل قروي يدرسون، (وسيدرسون) المجتمع القروي، إلا أن مسألة أصلهم ليست امتحانا لانتمائهم إلى المجتمع القروي. ذلك أن وضعيتهم الحاضرة، وتجذرهم الحالي، وآفاقهم الشخصية، هي التي تحدّد اندماجهم في المجتمع خير تحديد.

إن علماء الاجتماع القروي هم اليوم كلهم من الحضريين، أو ممن صاروا حضريين. وهذا لا يقيِّد حقوقهم في شيء، كما لا يقلِّص مواهبهم، في دراسة المجتمع القروي. وإنما هم يملكون فحسب، وبفعل ذلك، وجهة نظر خصوصية جديرة بموقعهم النوعي. ومن الجدير بنا أن نحلِّل هذا الموقع ونأخذه بعين الاعتبار." [بول باسكون: ما الغاية من علم الاجتماع القروي وما المقصود منه؟، أنوال بريس]

نقتبس هذا الكلام من بول باسكون لغاية واحدة وهي أن المجال القروي كان اهتمام العديد من الباحثين من الوسط الحضري والقروي، و إبراز الاهتمام بمجموعة من الخصائص المميزة لهذا المجتمع من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. كما نجد أيضا محمد جسوس الذي اهتم بالمجال القروي في النقاشات التي ينخرط فيها، فهو يعتبر هذا المجال حقل حيوي يترجم ويكشف مجموع التفاعلات في النسق المغربي.

يقول عبد الرحيم العطري: السوسيولوجيا القروية وفقا لتطورها التاريخي لن تكون غير سوسيولوجيا مسكونة بأسئلة المجتمع القروي في جميع حركاته و سكناته ، تفاعلاته و تحولاته ، اتساقه و اختلاله ، لن تكون أيضا غير معرفة متعددة المداخل و المشارب ، تؤمن بالتخصص العلمي لكنها تجد نفسها في كل حين مدعوة لاستثمار خلاصات و مناهج كثير من العلوم الشقيقة و الصديقة ، و مع ذلك كله فإن سبر أغوار هذه السوسيولوجيا لا يكون ممكنا إلا بالنزول إلى الميدان ، لأنها معرفة ميدانية بامتياز . [ العطري، مقدمة في علم الاجتماع القروي، مؤمنون بلا حدود، 2006].

      المراجع: 

Georges Nicolas « La sociologie rurale au Maroc pendant les cinquante dernières années évolution des thèmes de recherche ».

Pierre Alphandéry et Jean Paul Billaud «Retour de la sociologie Rurale » 2009. journals openedition : https://journals.openedition.org/etudesrurales/8895

Des études rurales à l'analyse des espaces sociaux localisés Gilles Laferté Dans Sociologie 2014/4 (Vol. 5).

Un temps fort de la sociologie rurale française A high point in French rural sociology Marcel Jollivet p. 67-82.

Pieter Leroy « De la sociologie rurale à la sociologie de l'environnement : Fred Buttel, un trajet exemplaire » Natures Sciences