مستخدم:عائشة الطويل/ملعب

عقلية المحتل ( الدعاية الصهيونية ومراحل الاستعمار)، تعرّف الدعاية الصهيونية بشكل عامّ على أنها أفكار وأيدولوجيات تتمحور حول فكرة معينة، يتم تجميعها لبثها في عقول أكبر كمّ من الناس، لتشكيل أفكارهم بناءً عليها وفق أهداف ومصالح الجهة الناشرة للدعاية، وبالعادة يتم إطلاق مصطلح الدعاية (بروباغندا) على الأمور المغلوطة وغير الصحيحة[1]، وهذا ما عمدت إليه الدعاية الصهيونية لترويج أفكارها على جهتين من الناس، لكي تضمن الجهة المستعمِرة تبعية أكبر عدد من الناس لها، وتشكيل أفكارهم على أهواءها.[2]

الاستعمار في الأرض "المرحلة الأولى"

عدل

تصبّ فكرتي "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" و "أرض الميعاد" في نفس البوتقة والنتيجة الواحدة، تأتي الفكرة تحت مبدأ أن الأرض المستعمَرة (فلسطين) خالية من أي شعب أو بشر بداخلها، لذلك تكون الأولويّة فيها لشعب لا يملك موطنًا، لعمل موطن من هذه الأرض وبالتالي العمل على ازدهارها وفقًا لدعايتهم، وفي نفس الوقت تم إشاعة بان هذه الأرض الخالية من البشر فيها من الموارد والثروات ما يؤهلها لجعلها موطنًا وأرضًا صالحةً للعيش، وينبع ذلك من 3 دوافع: بشري "خلوها من البشر وأولوية عيش من لا ارض له فيها، والدافع الثاني ديني (قدسي) "أي أنها أرض الميعاد حسب دعايتهم، أما الدافع الثالث فهو طبيعي "أي غناها بالثروات والموارد الطبيعية"، فهذه الدوافع كانت كافية لهم لنشر دعاية أحقيتهم فيها.[3]

تحريف الأسماء "المرحلة الثانية"

عدل

المرحلة الثانية، كانت ما بعد إشاعة الدعاية الصهيونية وبناء المستعمرات، والتصحيح هنا المستعمرات لا المستوطنات، فالمستوطنة في معناها ترمز إلى الاستقرار الطبيعي، أما الاستعمار فيرمز إلى تغيير في ملامح وديموغرافية المنطقة[4]، وهو ما هدف إليه الاحتلال الصهيوني، لذلك في هذه المرحلة وبعد إشاعة دعايتهم وبسط استعمارهم في المنطقة الفلسطينية هدفوا إلى محو وتزوير التاريخ الفلسطيني عن طريق تغيير أسماء المناطق والقرى أو تحريفها، لإضفاء الصبغة "الإسرائيلية العبرية" عليها، وهو ما تهدف إليه حاليًا عن طريق "أسرلة" فلسطيني الداخل المحتل والقدس، بإعطاء الصبغة الإسرائيلية على السكان والمنطقة بجعلهم على سبيل المثال "مواطنين إسرائيليين"، وكذلك أيضًا "تل أبيب" التي أقيمت بالأساس على أراضي قرية مؤنس الفلسطينية، فعمدت إلى تدمير القرية ومحوها لإقامة مدينة أخرى عليها ألا وهي "تل أبيب"، ووضع بصمتها لعمل نوع من الاستقرار في الأرض بينهم وأمام العالم، وهلم جرا.[5]

ضرب الاقتصاد "المرحلة الثالثة"

عدل

في الجهة الثانية بعد شعورهم وتأكدهم نوعًا ما بأنهم أحلّوا الصبغة الاستعمارية على السكّان والأماكن، عمدوا إلى ضرب أضعف وأهمّ نقطة لدينا ألا وهي الاقتصاد، وذلك بجعله تابعًا وراضخًا لاقتصادهم الصهيوني، وبث فكرة مفادها بأننا لا نستطيع العيش دون اقتصادهم أو منتجاتهم، وفي حال قررنا مجرد التفكير في مقاطعتها ستتلاشى الفكرة تلقائيًا دون تنفيذها لمعرفتنا في العقل الباطن أننا نحن المتضررون لا هم، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي التي تشكّل مصدر رزق للكثير من الشعب، وفي أغلب الأحيان تكون المصدر الوحيد، وكذلك الاستيلاء على مصادر المياه المختلفة لتحويلها إليهم وبالتالي تجفيفها وشحّها، فبهذه الوسائل ستتحدد قدرة الفلسطينيين في الاعتماد على ذاتهم لعدم توفر مصادر الاقتصاد لديهم، فيصبحوا تلقائيًّا تابعين للاقتصاد الصهيوني مترابطين فيه.[6]

التجارب السابقة

عدل

تأتي هذه المحاولات بعد التجربتين التاريخيتين للاستعمار الإنجليزي في الهند، والفرنسي في الجزائر، فتمهيدًا لعملية الاستعمار، تم إشاعة فكرة بأن هذا الاستعمار ليس استعمارًا، فأشاعت فرنسا بأنها سترتقي من حال الناس واقتصادهم وستلغي الجهل وتبثّ المعرفة، لكن الحقيقة كانت نهب  ثرواتهم وفرنسة الشعوب واللغة، بالضبط كما عملت إسرائيل على أسرلة الشعب في فلسطين، فبث الثقافة الفرنسية والإنجليزية كانت أولوية عندهم لمحو الثقافة العربية وربطها بثقافة المستعمر وتدمير الاقتصاد لإتباعه باقتصاد المستعمر، إلا أن الشعب الجزائري أدرك لاحقًا عقلية المستعمِر ودرسها جيدًا، وعرف مغزاه وهدفه من كل هذا، فتصدى له بطرق مختلفة ونضالية لينالوا بعد 132 عامًا استقلالهم، وكذلك الهند عن بريطانيا.[7]

الاستنتاج

عدل

سنخرج هنا باستنتاج مفاده أنّ الرأسمالية والاستعمار بينهما علاقة مباشرة، فالمستعمر هدفه الأساسي رأسمالي بحت، يُخضع الشعوب ويستفيد من طاقاتهم وإمكانياتهم للنهوض بنفسه وصنع دولة خاصّة به، للتطوير منها على أنقاض وإمكانيات الدولة المستعمَرة وشعوبها، فلا يبقى خيار أمام الشعب الأصلي إلّا الرضوخ له، ويبقى خائفًا من الثورة أو التمرد، لأنّ في عقله فكرة معينة بأن هذه الثورة لن تفيده بشيء وهذا ما طرحه المفكر لوي ألتوسير على شكل سؤال يقول فيه "لماذا الطبقة العاملة لا تثور على الرأسمالية؟"، واستنتج ألتوسير سبب عدم تمرد الطبقة العاملة ورضوخها بما سمّاه "Interpolation"، أي قناعتهم بانّ الثورة لن تغيّر شيئًا، وأن حياتهم هكذا طبيعية ومستقرّة.[8]

المراجع

عدل
  1. ^ د.محمد أبو الرب. مدخل إلى علم الاتصال.
  2. ^ ربيع حامد عبدالله. الدعاية الصهيونية: حول تأصيل نظرية التعامل النفسي في التقاليد الساسية اليهودية.
  3. ^ البرت حوراني. الفكر العربي في عصر النهضة.
  4. ^ "عربي بوست". 19 يوليو 2021. اطلع عليه بتاريخ 2023-03-19.
  5. ^ "الميادين". 22 أبريل 2021. اطلع عليه بتاريخ 2023-03-19.
  6. ^ كمال الدين عيد (2007). الثقافة الرهان الحضاري (ط. الأولى). دار الوفاء.
  7. ^ روزا لوكسمبورغ. الثورة والحزب وأفول الرأسمالية.
  8. ^ لويس ألتوسير. الأيدولوجيا وأجهزة الدولة الايدولوجية.