ذكـرى مـؤلـمـه مـن احـداث 14_مـايـو 2008 (1-2) :

في شهر مايو من كل عام مازلت اتذكر تلك الآلام التي مررنا بها في منطقه أبيي، وتلك الأحداث ( أحداث 14_مـايـو 2008) التي غيرت سير مجريات القضيه الي يومنا هذا، والذي جعل انسان منطقة ابيي غير مستقر، وفي حال رعب مستمره..حينها كنت أبلغ من العمر الحاديه عشره عاماً،، ولم يخطر في بالي يوماً ما بان تستمر تلك الأحداث الي يومنا هذا.. (1) في صباح يوم الأربعاء الموافق 14/ أيار/2008م ، كنت مستلقياً على سريري في منزلنا الكائن بحي (روم اجاك دينق كوي) حينها كنت أعاني من مرض (شحاذ العين او الجليجل) او "وجع العيون".. وكانت اختي التي تكبرني سناً قد ذهبت إلى المدرسة، اما أنا فلم اذهب الى المدرسه بسبب مرض شحاذ العين.. (2) وعندما دقت الساعه الحاديه عشره منتصف النهار، سمعنا اصوات الهاونات تنطلق من داخل ابيي المدينة، فشعرت بتحركات غريبه نوعاً ما؛ من قبل القوات المشتركة، والتي يفصلنا بيننا وبينهم الطريق المؤدي الي قرى (ناناي.. قونق قرنق.. نونق) ،، وتعد هذه المره الأولى التي اسمع صوت المدافع الثقيلة.. تساءلت عن ذلك الصدى التي هزت إرجاء المنطقة باكملها، فقال لي جدي بصوت هٓالكِ "انه بداية الحرب من جديد". (3) فعندما سمعت والدتي بصوت تلك المدافع، جاءت تركض نحوي بسرعه وهي تقول "انهض.. انهض.." يجب علينا ان نذهب لكي نعبر الضفه الأخرى من النهر (نهر نيامورا).. فبدات اتساءل ماذا سيحل بجدتي وجدي اللذان اصبحا عجوزين وليس بمقدورهما السير مسافات اكثر من عشرات الكيلو مترات؟ حينها اتى عمي وشقيقتي التي تكبرني سناً.. فقال عمي لوالدتي "يجب عليكِِ ان تأخذي الأبناء وتعبري الضفه الأخرى من النهر".. ويجب عليكم بأن تسيروا نحو القرى الاكثر امان جنوب غرب ابيي، وفي تلك القرى يتواجد فيها الغالبية العظمى من السكان الذين نزحوا من المناطق المجاوره لنا. (4) وعند وصولنا الي قريه (اريـق) قابلنا الكثير من اقربائنا، وبعض الاهالي من أبيي؛ وبدأت الجموع يتساءلون هل سنعود الي ديارنا في صباح الغد ام لا؟ فالبعض منهم يقول سنعود والبعض يقول يجب علينا ان نكمل في السير الي قريه (مدينق اشواينق).. ففي العهود السابقة كان الاهالي ينزحون الي مناطق ليس بالبعيد، ويعودون الي ديارهم في اليوم التالي.. لكن الواقع مختلف تماماً عن العهود السابقة، حينها أدركت واقع الامر عندما قال لي جدي "انه بدايه الحرب من جديد على منطقة ابيي".. (5) بينما كنا نسير في الطريق نحو (مدينق اشواينق) وسط الغابات الكثيفة، حيث كانت الشمس في طريقه إلى الغروب، فمعظمنا لا نملك المصابيح اليدوية..لكي نتجنب الزواحف وبعض الحشرات؛ فمن سوء حظي تعرضت للدغة ثعبان على قدمي مما جعلني اصرخ بشد، فحملني أحد الشبان على اكتافه حتى وصولنا الي (مدينق اشواينق)..

نـواصـل..