قانون الولايات المتحدة

يتألف قانون الولايات المتحدة من عدة مستويات[1] من أشكال القانون المقننة وغير المقننة، وأهمها دستور البلاد، الذي ينص على أساس الحكومة الفيدرالية للولايات المتحدة، فضلاً عن الحريات المدنية المختلفة. يحدد الدستور حدود القانون الفيدرالي، والذي يتكون من قوانين الكونغرس،[2] والمعاهدات التي صدق عليها مجلس الشيوخ،[3] واللوائح الصادرة عن السلطة التنفيذية،[4] والسوابق القضائية الناشئة عن القضاء الفيدرالي.[5] قانون الولايات المتحدة هو التجميع والتدوين الرسمي للقانون التشريعي الفيدرالي العام والدائم.

قانون في الولايات المتحدة
معلومات عامة
صنف فرعي من
البلد
الموضوع الرئيس
له جزء أو أجزاء

القانون الفيدرالي والمعاهدات، طالما توافقا مع الدستور، يستبقان قوانين ولايات وأقاليم مضادة في الولايات الأميركية الخمسين والأقاليم التابعة للولايات المتحدة.[6] ولكن مدى الاستباق محدود لأنه غير شمولي. في النظام ثنائي السيادة[7] للفيدرالية الأميركية (الذي هو في الحقيقة ثلاثي السيادة[8] بسبب وجود محميات السكان الأصليين في الولايات الأمريكية المتحدة)، فالولايات كل منها تعتبر سلطة مطلقة السيادة و لديها دستورها الخاص، بينما السلطة الفيدرالية ليس لديها إلا السيادة العليا المحددة الموصُوفة في الدستور الأمريكي.[9] إذًا، أغلبية القانون الأميركي (خصيصا القانون الحي، حيث العقد والضرر المدني والمُلكية والجنائية والأسرة، الذي يعيشه معظم المواطنين يومياً) يتكون في الأغلب من قانون الولاية الذي يمكن أن يختلف من ولاية إلى أخرى ويختلف بالفعل.[10][11]

على المستويين الفيدرالي والولاياتي، باستثناء ولاية لويزيانا، أغلبية القانون في الولايات المتحدة مستمد من نظام القانون العام من القانون الإنجليزي، الذي كان ينطبق في المستعمرات الثلاث عشرة زمن حرب الاستقلال الأمريكية.[12] إلا أن القانون الأميركي إنحرف عن سلفه الإنجليزي على مستوى المحتوى والتنفيذ،[13] ويدرج عدداً من الابتكارات من مجال القانون المدني.

نظرة عامة

عدل

مصادر القانون

عدل

في الولايات المتحدة، يُشتق القانون من خمسة مصادر: القانون الدستوري والقانون التشريعي والمعاهدات واللوائح الإدارية والقانون العام (الذي يتضمن السوابق القضائية).

الدستورية

عدل

حين يسن الكونغرس قانونًا يتعارض مع الدستور، يجوز لمحاكم الولاية أو المحاكم الفيدرالية أن تحكم بأن هذا القانون غير دستوري وأن تعلن بطلانه.

الجدير بالذكر أن القانون لا يختفي بصورة تلقائية بمجرد أن يتبين أنه غير دستوري، ومع ذلك، يمكن حذفه بموجب قانون لاحق. بقيت العديد من القوانين الفيدرالية وقوانين الولايات جزءًا من النظام القانوني لعقود بعد أن حكم أنها غير دستورية. وبالرغم من ذلك، ووفقًا لمبدأ السابقة القضائية، لن تقوم أي محكمة عقلانية أدنى بفرض قانون غير دستوري، وأي محكمة تفعل ذلك ستُنقض من قبل المحكمة العليا. وعلى العكس من ذلك، أي محكمة ترفض تطبيق قانون دستوري (حيث أُقرت هذه الدستورية صراحة في قضايا سابقة) ستواجه خطر إبطالها من قبل المحكمة العليا.

القانون العام الأمريكي

عدل

الولايات المتحدة ومعظم دول الكومنولث هم ورثة التقاليد القانونية للقانون العام للقانون الإنجليزي. حُظرت بعض الممارسات التي يُسمح بها تقليديًا بموجب القانون العام الإنجليزي صراحة بموجب الدستور، كقانون المحصل ومذكرات التفتيش العامة.

بصفتها محاكم للقانون العام، ورثت المحاكم الأمريكية مبدأ السوابق القضائية. لا يطبق القضاة الأمريكيون، شأنهم شأن القضاة القانونيين في بلدان أخرى، القانون فحسب، بل أيضًا يسنون القوانين، إلى الحد الذي تصبح فيه قراراتهم في القضايا المعروضة عليهم سابقة للقرارات في قضايا مستقبلية.

«استُقبل» الجوهر الفعلي للقانون الإنجليزي بشكل رسمي في الولايات المتحدة بعدة أشكال. أولًا، سنّت جميع الولايات الأمريكية باستثناء ولاية لويزيانا «قوانين استقبال» نصت إجمالًا على أن القانون العام الإنجليزي (وبشكل خاص القوانين التي من وضع القضاة) هو قانون الولايات إلى الحد الذي لا يتعارض مع القانون المحلي أو مع ظروف السكان الأصليين. تفرض بعض قوانين الاستقبال موعدًا نهائيًا للاستقبال، كتاريخ تأسيس المستعمرة، في حين بقيت قوانين أخرى متسمة بالغموض عن عمد. وهكذا، غالبًا ما تستشهد المحاكم الأمريكية المعاصرة بقضايا ما قبل الثورة عند مناقشة تطور مبدأ القانون العام الذي وُضع من قبل القضاة إلى صيغته الحديثة، مثل واجب الرعاية المتصاعد المفروض تقليديًا على الناقلات العامة.

ثانيًا، أعادت الولايات الأمريكية سن عدد صغير من القوانين البريطانية الهامة التي كانت سارية وقت الثورة. والمثالان عن ذلك هما قانون الاحتيال (ما يزال معروفًا على نطاق واسع في الولايات المتحدة بهذا الاسم) وقانون إليزابيث 13 (سلف قانون النقل الاحتيالي الموحد). ويستشهد حتى اليوم بمثل هذه القوانين الإنجليزية بشكل منتظم في القضايا الأمريكية المعاصرة في تفسير النسخ الأمريكية المعاصرة من هذه القوانين.

على الرغم من وجود قوانين الاستقبال، اختلف جزء كبير من القانون الأمريكي العام المعاصر إلى درجة كبيرة عن القانون الإنجليزي العام. وعلى الرغم من أن محاكم دول الكومنولث المختلفة غالبًا ما تتأثر بأحكام بعضها بعضًا، نادرًا ما تتبع المحاكم الأمريكية سوابق ما بعد الثورة من إنجلترا أو من الكومنولث البريطاني.

في وقت مبكر، غالبًا ما استشهدت المحاكم الأمريكية، حتى بعد الثورة، بالقضايا الإنجليزية المعاصرة، إذ لم يُبلغ عن قرارات الاستئناف الصادرة عن العديد من المحاكم الأمريكية بشكل منتظم حتى منتصف القرن التاسع عشر. استخدم المحامون والقضاة المواد القانونية الإنجليزية لسد الفجوة. اختفت الاقتباسات عن القرارات الإنجليزية بصورة تدريجية خلال القرن التاسع عشر مع تطوير المحاكم الأمريكية لمبادئها الخاصة لحل المشكلات القانونية للشعب الأمريكي. وارتفع عدد المجلدات المنشورة من التقارير الأمريكية من 18 مجلدًا في عام 1810 إلى أكثر من 8000 مجلد بحلول عام 1910. وبحلول عام 1879 كان أحد المندوبين للمؤتمر الدستوري لولاية كاليفورنيا يشتكي مسبقًا: «الآن، حين نطلب منهم ذكر أسباب القرار، فإننا لا نعني أنهم سيكتبون 100 صفحة مليئة بالتفاصيل. وإننا [لا] نعني أنهم سيشملون القضايا الصغرى وسيفرضون على البلاد كل تلك الأدبيات الرائعة، فالرب يعلم أنه لدينا ما يكفي منها».

اليوم، على حد تعبير أستاذ القانون في جامعة ستانفورد لورنس إم. فريدمان: «نادرًا ما تستشهد القضايا الأمريكية بمواد أجنبية. تستشهد المحاكم من حين إلى آخر بقضية كلاسيكية بريطانية أو قضيتين أو بقضية قديمة شهيرة أو بإشارة إلى بلاكستون، إلا أن القانون البريطاني الحالي لا يُذكر مطلقًا». ولم يستشهد مطلقًا بالقانون الأجنبي كسابقة ملزمة، ولكن كانعكاس للقيم المشتركة للحضارة الأنغلو أمريكية أو حتى للحضارة الغربية بشكل عام.

درجات القانون

عدل

القانون الفيدرالي

عدل
 
القانون يؤثر على كل ناحية من الحياة الأميركية، بما في ذلك موقف سيارات. تذكر العلامة نصوصا قانونية.

تشكل القانون الفيدرالي مع الدستور، الذي يمنح الكونغرس سلطة سن قوانين لأغراض معينة محددة مثل تنظيم التجارة بين الولايات. تمنح العديد من القوانين هيئات الأفرع التنفيذية سلطة وضع التشريعات المنشورة في السجل الفيدرالي الأمريكي والتي قوننت في قانون اللوائح الفيدرالية. تحمل اللوائح بشكل عام قوة القانون بموجب مذهب شيفرون. تدور العديد من الدعاوى القضائية حول معنى قانون أو لائحة اتحادية، والتفسيرات القضائية لهذا المعنى لها قوة قانونية بموجب مبدأ السابقة القضائية.[14]

خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ركز القانون الفيدرالي بشكل تقليدي على المجالات التي يوجد فيها منح صريح للسلطة للحكومة الفيدرالية في الدستور الفيدرالي، مثل الجيش والمال والعلاقات الخارجية (وبشكل خاص المعاهدات الدولية) والرسوم الجمركية والملكية الفكرية (وبشكل خاص حقوق التأليف والنشر وبراءات الاختراع) والخدمة البريدية. منذ بداية القرن العشرين، مكنت التفسيرات الواسعة لبنود التجارة والإنفاق في الدستور القانون الفيدرالي من التوسع في مجالات مثل الطيران والاتصال عن بعد والنقل بالسكك الحديدية والدواء ومكافحة الشركات الاحتكارية الكبرى والعلامات التجارية. في بعض المجالات، كالطيران والنقل بالسكك الحديدية، طورت الحكومة الفيدرالية مخططًا شاملًا يستبق فعليًا جميع قوانين الولاية، في حين أن عددًا صغيرًا نسبيًا من القوانين الفيدرالية (تغطي عمومًا الأوضاع بين الدول والأوضاع الدولية) يتفاعل في مجالات أخرى، كقانون العائلة، مع مجموعة أكبر بكثير من قوانين الولاية. وفي مجالات مثل قانون مكافحة الشركات الاحتكارية الكبرى والعلامات التجارية وقانون العمل، هناك قوانين قوية على المستويين الفيدرالي ومستوى الولاية تتفاعل مع بعضها بعضًا. وفي عدد قليل من المجالات، كالتأمين، سن الكونغرس قوانين ترفض صراحة تنظيمها ما دام لدى الولايات قوانين تنظمها (انظر، مثلًا، قانون مكارين فيرغسون).[15][16]

القوانين

عدل

بعد توقيع الرئيس على مشروع قانون ليصبح قانونًا (أو سن الكونغرس للقانون بسبب فيتو الرئيس)، يسلّم إلى مكتب السجل الفيدرالي التابع لإدارة الأرشيف والوثائق الوطنية حيث يخصص له رقم قانون ويحضّر للنشر كقانون هفوات. تُمنح القوانين العامة أيضًا، ولكن ليس القوانين الخاصة، استشهادًا قانونيًا شرعيًا من قبل مكتب السجل الفيدرالي. وفي نهاية كل جلسة من جلسات الكونغرس، تجمّع قوانين الهفوات ضمن مجلدات ملزمة تسمى قوانين الولايات المتحدة العامة، وتُعرف باسم قوانين الجلسة. يقدم النظام الأساسي بوجه عام ترتيبًا زمنيًا للقوانين بالترتيب الدقيق الذي سُنت فيه.[17]

القوانين العامة مدموجة في قانون الولايات المتحدة، الذي هو تقنين لجميع القوانين العامة والدائمة للولايات المتحدة. تُنشر الطبعة الرئيسية كل ست سنوات من قبل مكتب مستشار مراجعة القانون التابع لمجلس النواب الأمريكي، وتنشر المكملات التراكمية بشكل سنوي. يُرتب قانون الولايات المتحدة حسب الموضوع، ويظهر الوضع الحالي للقوانين (مع إدراج للتعديلات في النص بشكل مسبق) التي عُدلت لمرة واحدة أو أكثر.[18]

اللوائح

عدل

غالبًا ما يسن الكونغرس قوانين تمنح سلطات واسعة لوضع قوانين للهيئات الفيدرالية. وفي كثير من الأحيان، يكون الكونغرس في طريق مسدود للغاية إلى درجة يتعذر عليه صياغة قوانين مفصلة تشرح كيف ينبغي للهيئة أن تتفاعل مع كل موقف ممكن، أو يعتقد الكونغرس أن المتخصصين الفنيين في الهيئة هم الأفضل تجهيزًا للتعامل مع مواقف وحقائق معينة عند ظهورها. وبناء على ذلك يحق للهيئات الفيدرالية إصدار اللوائح. بموجب مبدأ احترام مذهب شيفرون، تحمل اللوائح عادة قوة القانون ما دامت تستند إلى تفسير معقول للقوانين ذات الصلة.[19]

تُعتمد اللوائح وفقًا لقانون الإجراءات الإدارية. وتُقترح أولًا وتنشر في السجل الفيدرالي وتخضع لفترة من التعليق العام. وفي النهاية، بعد فترة للتعليق العام والمراجعات بناءًا على التعليقات المستلمة، تُنشر نسخة نهائية في السجل الفيدرالي. وتقونن اللوائح وتُدمج في قانون اللوائح الفيدرالية الذي ينشر مرة كل سنة وفقًا لجدول زمني متجدد.[20]

إلى جانب اللوائح الصادرة رسميًا بموجب قانون الإجراءات الإدارية، تصدر الهيئات الفيدرالية أيضًا في أحيان كثيرة قدرًا هائلًا من النماذج والكتيبات وبيانات السياسة والخطابات والأحكام. يمكن اعتبار هذه الوثائق من قبل المحكمة كسلطة مقنعة في ما يتعلق بكيفية تفسير قانون أو لائحة معينة (يُعرف ذلك باحترام سكيدمور)، لكنها لا تخضع لاحترام شيفرون.

مراجع

عدل
  1. ^ See Stephen Elias and Susan Levinkind, Legal Research: How to Find & Understand The Law, 14th ed. (Berkeley: Nolo, 2005), 22.
  2. ^ Ex parte Virginia, 100 U.S. [الإنجليزية]339 (1880).
  3. ^ Head Money Cases, 112 U.S. [الإنجليزية]580 (1884).
  4. ^ Skidmore v. Swift & Co., 323 U.S. [الإنجليزية]134 (1944).
  5. ^ Cooper v. Aaron, 358 U.S. [الإنجليزية]1 (1958).
  6. ^ William Burnham, Introduction to the Law and Legal System of the United States, 4th ed. (St. Paul, MN: Thomson West, 2006), 41.
  7. ^ Gregory v. Ashcroft, 501 U.S. [الإنجليزية]452 (1991).
  8. ^ Kowalski، Tonya (2009). "The Forgotten Sovereigns". Fla. St. U. L. Rev.  [لغات أخرى]. ج. 36 ع. 4: 765–826. مؤرشف من الأصل في 2019-10-28.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: علامات ترقيم زائدة (link)
  9. ^ California v. Ramos, 463 U.S. [الإنجليزية]992 (1983).
  10. ^ Lawrence M. Friedman, A History of American Law, 3rd ed. (New York: Touchstone, 2005), 307 and 504-505.
  11. ^ Graham Hughes, "Common Law Systems," in Fundamentals of American Law, ed. Alan B. Morisson, 9-26 (New York: Oxford University Press, 1996), 33. نسخة محفوظة 11 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ Hughes, 12.
  13. ^ G. Edward White, Law in American History, Volume 1: From the Colonial Years Through the Civil War (Oxford: Oxford University Press, 2012), 48-51.
  14. ^ Paul Bergman and Sara J. Berman-Barrett, Represent Yourself in Court: How to Prepare & Try a Winning Case, 6th ed. (Berkeley: Nolo, 2008), 481.
  15. ^ See Casarotto v. Lombardi, 886 P.2d 931, 940 (Mont. 1994) (Trieweiler, J., specially concurring), vacated and remanded by 515 U.S. 1129 (1995), reaff'd and reinstated by 901 P.2d 596 (Mont. 1995), rev'd sub nom. Doctor's Assocs., Inc. v. Casarotto, 517 U.S. [الإنجليزية]681 (1996).
  16. ^ Cavazos v. Smith, 565 U.S. [الإنجليزية]1 (2011) (per curiam).
  17. ^ See, e.g., Gomez v. Superior Court, 35 Cal. 4th 1125, 29 Cal. Rptr. 3d 352, 113 P.3d 41 (2005) (citing Lovett v. Hobbs, 89 Eng. Rep. 836 (1680)). The Gomez court relied on a line of cases originating with Lovett in order to hold that ديزني لاند was a common carrier. نسخة محفوظة 2021-08-17 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Miles O. Price & Harry Bitner, Effective Legal Research: A Practical Manual of Law Books and Their Use, 3rd ed. (Buffalo: William Hein & Co., 1969), 272.
  19. ^ People v. Kelly, 40 Cal.4th 106, 51 Cal. Rptr. 3d 98, 146 P.3d 547 (2006). نسخة محفوظة 2021-08-16 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ Elizabeth Gaspar Brown, "Frontier Justice: Wayne County 1796–1836," in Essays in Nineteenth-Century American Legal History, ed. Wythe Holt, 676–703 (Westport, CT: Greenwood Press, 1976): 686. Between 1808 and 1828, the briefs filed in court cases in the إقليم ميشيغان  [لغات أخرى]‏ changed from a complete reliance on English sources of law to an increasing reliance on citations to American sources.