مستخدم:باسم/ملعب 2: الفرق بين النسختين

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 177:
شكَّل انتصار السُلطان سليم في چالديران مُفاجأةً غير مُتوقَّعة لِلمماليك، ولم يستطع السُلطان الغوري وأُمراء دولته إخفاء خيبة أملهم من نتيجة تلك الواقعة الفاصلة، فلم يبتهجوا لِهذا الانتصار كما أُسلف. والحقيقة أنَّ المماليك كانوا قد بدأوا يُقابلون بِشيءٍ من الفُتُور تنامي العلاقة بينهم وبين العُثمانيين مُنذُ عهد السُلطان مُحمَّد الفاتح، بعد أن شعروا بِتعاظُم شعبيَّة العُثمانيين بين المُسلمين نتيجة [[فتح القسطنطينية|فتحهم القُسطنطينيَّة]] وانتصاراتهم الكبيرة المُتتالية على الأوروپيين، في الوقت الذي أخذت فيه معالم الشيخوخة والضعف تظهر على الدولة المملوكيَّة، فلم يطل الأمر حتَّى بدأ المماليك يتوجَّسون خيفةً من العُثمانيين، فتبدَّلت نظرتهم إليهم من مشاعر الاعتزاز إلى مشاعر الغيرة.<ref name="حرب المماليك">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ العثمانيين: من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة|إصدار= الثالثة|صفحة= 162 - 164|سنة= [[1434 هـ|1434هـ]] - [[2013]]م|ناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9789953184432||تاريخ الوصول= [[28 أبريل|28 نيسان (أبريل)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia600309.us.archive.org/19/items/ottn_hist7/ottoman.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190428194857/https://ia600309.us.archive.org/19/items/ottn_hist7/ottoman.pdf | تاريخ أرشيف = 28 أبريل 2019 }}</ref> وكان التنافس على زعامة المُسلمين قد بلغ آنذاك أشُدَّه بين القوى الإسلاميَّة الثلاث: العُثمانيين والمماليك والصفويين، ما دفع السُلطان سليم إلى الاصطدام بِالصفويين وتحجيم قُوَّتهم، ومن ثُمَّ الالتفات نحو المشرق العربي لِلاصطدام بِالمماليك. وكان السُلطان الغوري يُدرك تمامًا أنَّ المُنتصر من الجانبين سيعمل على تصفية الموقف في المشرق عبر الاصطدام بِدولته، ومن ثُمَّ كان عليه أن يتخذ موقفًا من التطوُّرات السياسيَّة والعسكريَّة إمَّا عبر الوُقُوف في صف أحد الطرفين، أو عبر التزام الحياد. ويبدو أنَّهُ رأى أنَّ انضمام المماليك إلى جانب العُثمانيين يخل بِالتوازن اختلالًا شديدًا لِصالح هؤلاء، الذين قد يُشكلون خطرًا عليهم إن هم أرادوا التوسُّع في البلاد العربيَّة، أمَّا انضمامه إلى الصفويين فكانت تعترضه عقباتٍ عدَّة، أبرزها المذهبيَّة.<ref name="حرب المماليك"/> لِهذا فضَّل الغوري الوُقُوف على الحياد، تاركًا الدولة العُثمانيَّة وحيدةً في مُواجهة الصفويين، بِدون تبصُّرٍ بِنتائج ما قد يقوم به الشاه في حال انتصاره، من أعمالٍ عُدوانيَّةٍ مُتزايدةٍ ضدَّ المماليك، لا سيَّما وأنَّ الشاه بعد خسارته ديار بكر والجزيرة الفُراتيَّة والجُزء الأكبر من كُردستان، كان يجتهد في تكوين اتحادٍ ضدَّ العُثمانيين من الدُول الأجنبيَّة المُنافسة لِلدولة العُثمانيَّة، وفي مُقدِّمتها [[الإمبراطورية البرتغالية|الإمبراطوريَّة الپُرتُغاليَّة]] التي كانت تُهدِّدُ الهيمنة الإسلاميَّة عُمومًا، والمملوكيَّة خُصوصًا، في بحر القلزم (الأحمر) و[[المحيط الهندي|المُحيط الهندي]].<ref name="حرب المماليك"/><ref>{{استشهاد بكتاب|المؤلف1= جُمعة، بديع|المؤلف2= الخولي، أحمد|العنوان= تاريخ الصفويين وحضارتهم|الصفحة= 88|سنة= [[1976]]|الناشر= دار الرائد العربي|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/details/asser_abouhelal191_yahoo/page/n85/mode/2up}}</ref> ومن جهةٍ أُخرى، أدَّت العمليَّات التوسُّعيَّة العُثمانيَّة في ديار بكر وقيليقية إلى تداخل حُدُود الدولتين، بحيثُ لم يعد العُثمانيُّون قادرون على وصل بلادهم ببعضها إلَّا بِالدوران حول النُتوء المملوكي المُتمثِّل بِأعالي الجزيرة الفُراتيَّة، والذي كان يمتد بعيدًا عن [[عينتاب]] وملطية إلى الشمال بين سيواس وأرزنجان، وقد شكَّل ذلك عقبةً استراتيجيَّةً أثارت القلق لدى السُلطان سليم من منظور شن عمليَّاتٍ أُخرى في المُستقبل على الدولة الصفويَّة.<ref>{{استشهاد بكتاب|المؤلف1= جرامون، جان لوي باكي|المؤلف2= ترجمة بشير السباعي|الفصل=أوج الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة: الأحداث (1512 - 1606)|العنوان=تاريخ الدولة العُثمانيَّة|الطبعة=الأولى|الصفحة= 213|سنة= [[1992]]|الناشر= دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]|مسار=https://archive.org/details/kaoikaprophe_20180503/page/n213/mode/2up}}</ref>
 
وتأكَّدت مخاوف السُلطان لمَّا عزم إعادة الكرَّة على الدولة الصفويَّة بُعيد انتصاره في دُنيصر، فأرسل الصدر الأعظم سنان باشا الخادم في أربعين ألف مُقاتل وأمره بأن يسير من طريق ملطية ويمكث في حُدُود ديار بكر إلى أن يصل إليه الموكب السُلطاني، علمًا بأنَّ ملطية وأعمالها كانت حينذاك تدخل ضمن نطاق الدولة المملوكيَّة. ولمَّا وصل الصدر الأعظم إلى حُدُود المدينة أرسل إلى أميرها يستأذنه في العُبُور منها إلى ديار بكر، فلم يُجبه الأمير المذكور إلى ذلك بإيعازٍ من السُلطان الغوري. وفي الحقيقة لم يكن مُحرِّك هذا الرفض سوى الشاه إسماعيل نفسه، الذي راسل الغوري والتمس منهُ أن يُصلح بينه وبين السُلطان سليم، أو يمنعه من العُبُور إلى إيران عبر الأراضي المملوكيَّة، فاستجاب لهُ الغوري وحال بين العُثمانيين والصفويين.<ref name="منجم9">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[أحمد منجم باشي|مُنجِّم باشي، أحمد بن لُطف الله السلانيكي الرُّومي المولوي الصدِّيقي]]|مؤلف2= دراسة وتحقيق: د. غسَّان بن عليّ الرمَّال|عنوان= كتاب جامع الدُول: قسم سلاطين آل عُثمان إلى سنة 1083هـ|صفحة= 663 - 669|سنة= [[1430 هـ|1430هـ]] - [[2009]]م|ناشر= دار الشفق لِلطباعة والنشر|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> ويبدو أنَّ مُراسلة الشاه لِلسُلطان الغوري لم تكن الغاية منها إقامة حلفٍ بين الدولتين، لأنَّ الشاه كان يُكِّنُّ في نفسه كراهيَّةً لِلسُلطان المملوكي لا تقل عن كراهيَّته لِلسُلطان سليم، وإنَّما غايته الفعليَّة كانت إلهاء العُثمانيين ريثما يعمل على إعادة تثبيت حُكمه في إيران. ولم يؤدِّ هذا التعاون المملوكي الصفوي إلَّا لِمزيدٍ من التردِّي في العلاقة بين العُثمانيين والمماليك، إذ عدَّ السُلطان سليم هذه المُحاولة طعنة لِلدولة العُثمانيَّة من الخلف، ومظهرًا من مظاهر العداوة السافرة، الأمر الذي لعب دورًا في تسريع الحرب بين الدولتين.<ref>{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= [[محمد سهيل طقوش|طقّوش، مُحمَّد سُهيل]]|عنوان= تاريخ العثمانيين: من قيام الدولة إلى الانقلاب على الخلافة|إصدار= الثالثة|صفحة= 165 - 166|سنة= [[1434 هـ|1434هـ]] - [[2013]]م|ناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9789953184432||تاريخ الوصول= [[28 أبريل|28 نيسان (أبريل)]] [[2019]]م|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار=https://ia600309.us.archive.org/19/items/ottn_hist7/ottoman.pdf| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20190428194857/https://ia600309.us.archive.org/19/items/ottn_hist7/ottoman.pdf | تاريخ أرشيف = 28 أبريل 2019 }}</ref> وفي ذلك يقول المُؤرِّخ شمس الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور البكري المصري: {{مض|وَكَأَنَّ السَّبَبَ فِي تَحَرُّك مَوْلَانَا السُّلْطَانِ سَلِيمْ عَلَى أَخْذِ مِصْرَ مِنْ السُّلْطَانِ الْغُورِيِّ، مُصَافَاتِهِ لِشَاهِ إِسْمَاعِيل، الَّذِي كَانَ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ، لِأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ أَعْدَاء مَوْلَانَا السُّلْطَانِ سَلِيمْ. وَحِين ذَهَب مَوْلَانَا السُّلْطَانِ سَلِيمْ لِقِتَال شَاه إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور، أَرْسَل الْغُورِيّ مَنَع الْقَوَافِل مِن حَلَب عَن عَسْكَر مَوْلَانَا السُّلْطَانِ سَلِيمْ. وَحِين بَلَغ مَوْلَانَا السُّلْطَانِ سَلِيمْ ذَلِكَ تَحَرَّك لِأَخْذ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ}}.<ref>{{استشهاد بكتاب|المؤلف1=[[ابن أبي السرور البكري|البكري المصري ،شمس الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور]]|العنوان= الكواكب السائرة في أخبار مصر والقاهرة|الصفحة= 18|سنة= [[1055هـ]]|مسار=https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/btv1b110010884/f25.item}}</ref> بناءً على هذا، شاور السُلطان سليم الوُزراء والأعيان في أمر المماليك، ومدى صحَّة تقديم قتالهم على قتال الصفويين، فسكتوا جميعهم ولم يرغب أحد بدايةً في دعم حربٍ يُريق فيها المُسلمون دماء بعضهم، ثُمَّ برز من بين الحُضُور وزيرٌ يُدعى مُحمَّد باشا بن خواجة، وكان من فُضلاء عصره، وقال أنَّ الأصوب والأهم إزالة المانع الذي يحول دون توحيد المُسلمين في دولةٍ واحدةٍ، وذلك لا يكون إلَّا بِقتال المماليك، فوافق ذلك رأي السُلطان.<ref name="منجم9"/> وسيطر على إسلامبول جوٌّ محمومٌ لِلحرب التي صوَّرها العُثمانيُّون ضدَّ المماليك كما لو أنها كانت واجبًا على كُلِّ مُسلمٍ خوضها، وتمكَّن السُلطان سليم من استصدار ثلاث فتاوى تُجيز لهُ حرب المماليك بِحُجَّة تعاونهم مع الكُفَّار.<ref name="نيقولاي">{{استشهاد بكتاب|مؤلف1= إيڤانوڤ، نيقولاي|مؤلف2= نقلهُ إلى العربيَّة: يُوسُف عطا الله|عنوان= الفتح العُثماني لِلأقطار العربيَّة 1516 - 1574|طبعة= الأولى|صفحة= 60 - 61|سنة= [[1988]]|ناشر= دار الفارابي|مكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]|مسار= https://archive.org/details/15161574/page/n59/mode/2up}}</ref>
 
===خُرُوج الحملة الهمايونيَّة إلى الشَّام===