جلال الدين أكبر: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط بوت:إضافة وصلة أرشيفية.
سطر 177:
 
كان أكبر قد أمر بِإنشاء «[[عبادت خانه|دارة العبادة]]» أو الـ«[[عبادت خانه]]» سنة [[983هـ]] المُوافقة لِسنة [[1575]]م، وهي مُنتدى لِلمُناقشات والمُجادلات الدينيَّة طويلة النفس، ودعا الفُقهاء والعُلماء، من أهل السُنَّة والشيعة، لِلحُضُور إلى هذه الدارة مساء كُلَّ خميس ومُناقشة المذاهب الإسلاميَّة المُختلفة في حضرته، بِهدف التقريب بينها واستنباط مذهبٍ واحد، ولكنَّ هذه المُناقشات لم تُؤدِّ إلى النتيجة المرجُوَّة، بل على العكس، وسَّعت الشقَّة بين المذهبين السُنِّي والشيعي حتَّى أخذ العُلماء والفقهاء يصمون بعضهم البعض بِالكُفر كما أُسلف. عند ذلك سأل أكبر الحاضرين عن من يكون صاحب الحق في إصدار الفتاوى والأوامر الدينيَّة الواجب اتباعها إذا اشتدَّ الخلاف بين الفُقهاء، فتقدَّم الشيخ مُبارك بن خضر الناكوري وقال أنَّ السُلطان يكون صاحب هذا الحق. وتنفيذًا لِهذا الاقتراح كُتب محضرٌ تضمَّن إعلان أكبر «إمامًا عادلًا»، ووقَّعهُ العُلماء والفُقهاء في شهر رجب سنة [[987هـ]] المُوافق فيه شهر أيلول (سپتمبر) [[1579]]م، وقد وضعت هذه الوثيقة السُلطة الدينيَّة كُلُّها في يد أكبر، فأضحى بِذلك السُلطان الروحي على رعاياه إلى جانب سُلطاته الزمنيَّة، وبِالتالي فإنَّهُ سلب العُلماء هذا الحق، ولم يعد لهم أن يتدخَّلُوا في شُؤون الحُكم.<ref name="الدين الإلهي" /> وخطا أكبر خُطوةً أُخرى في سبيل توحيد الأديان، فدعا الهندوس والنصارى والبوذيين والبراهمة والجاينيين والمجوس إلى الاشتراك في المُناقشات الدينيَّة، لكنَّ جهوده كُلِّها ذهبت أدراج الريح، وتقاذف الزُعماء الروحيُّون المُختلفون المُجتمعون في دارة العبادة بِأبشع التُهم والشتائم، وعلى الرُغم من سُخريته من هؤلاء جميعًا، فقد راح أصحاب كُل دينٍ يدعيه بِدوره لِنفسه في غير تورُّع ولا استحياء.<ref>{{مرجع كتاب|مؤلف1= [[عبد القادر البدايوني|بدوانى، عبد القادر بن ملوک شاه]]|عنوان= مُنتخب التواريخ|المجلد=الجُزء الثاني|طبعة= الأولى|صفحة= 299|مكان= [[أصفهان|اصفهان]] - [[إيران|ايران]]|ناشر= مركز تحقيقات رايانۀاى قائميه اصفهان|لغة= الفارسيَّة}}</ref> وأخيرًا هدت أكبر قريحته، بِمُعاونة وزيره أبي الفضل وأخيه أبي الفيض، إلى ابتكار دينٍ جديدٍ يتألَّف من كُلِّ ما هو حسن في سائر الأديان والمذاهب، على وجهٍ يقضي فيما ظنَّهُ لِلوُصُول إلى السَّلام والأمن، وشدَّد في اعتقاده هذا ما شاع في الهند مع نهاية [[القرن العاشر الهجري]] من أنَّ [[البعثة النبوية|البعثة النبويَّة المُحمَّديَّة]] كانت خاصَّة الألفيَّة الأولى، ممَّا يلزم قيام دينٍ جديدٍ مع بداية الألفيَّة الثانية. وفي شهر جُمادى الأولى [[987هـ]] المُوافق فيه شهر حُزيران (يونيو) [[1579]]م ترأَّس أكبر الصلاة محل الإمام في [[المسجد الجامع فاتحبور سيكري|المسجد الجامع بِفاتح پور]]، وبعد أن فرغ من [[الصلاة في الإسلام|الصلاة]] قال: «الله أكبر» مُعلنًا بِذلك أنَّهُ مُشارك لِلطبيعة الإلٰهيَّة، ثُمَّ أعلن عصمته أمام الناس وطلب من جميع العُلماء والأُمَّة جمعاء أن يأتمُّوا بِهديه ورأيه، ومن لم يمتثل خسر أمواله ومُقتنياته، واستوجب الهلاك الأبدي، فالسُلطان هو نائب الله على الأرض ويُنبُوع النِّعم. سمَّى أكبر هذا الدين الجديد «الدين الإلٰهي» ([[اللغة الفارسية|بِالفارسيَّة]]: {{خط عربي دولي|دین الهی}}؛ و[[لغة أردية|بِالأرديَّة]]: {{نستعليق|دین الٰہی}})، ودمج فيه بعض المبادئ الإسلاميَّة بِمُعتقداتٍ هندوسيَّة و[[براهمة|براهميَّة]] ومسيحيَّة ومجوسيَّة وجاينيَّة، فأعلن أنَّ [[التوحيد في الإسلام|الله واحدٌ أحد]]، وأوصى بِتقديس [[الشمس]] والنار كما الهندوس والمجوس، وأنكر [[وحي|الوحي]] و[[جن|الجن]] و[[الملائكة في الإسلام|الملائكة]] و[[يوم القيامة في الإسلام|الحشر والنشر]] وسائر المُغيَّبات، كما أنكر [[معجزة (دين)|المُعجزات]]، وجوَّز [[تناسخ الأرواح|التناسُخ]] وحرَّم [[بقرة مقدسة|ذبح البقر]]، وحلَّل أكل لحم الخنزير، وحرَّم عادة [[ستي|السُتي]] أي حرق الأرملة نفسها مع جُثَّة زوجها، وبدَّل شهادة «[[الشهادتان|لا إله إلَّا الله مُحمَّد رسول الله]]» بِشهادة «لا إله إلَّا الله أكبر خليفة الله». وفي سنة [[1582]]م فرض أكبر هذا الدين على الناس، فمنع رفع الآذان والصلاة في المساجد، وحثَّ أتباعه على هجر التقليد، ويعني به الإسلام، وأمر بِأن لا يُقرأ من العُلُوم [[اللغة العربية|بِالعربيَّة]] سوى [[علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية|الفلك]] و[[الرياضيات في عصر الحضارة الإسلامية|الرياضيَّات]] و[[الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية|الطب]] و[[فلسفة إسلامية|الفلسفة]]، ومنع الناس من إطلاق بعض الأسماء الإسلاميَّة على أولادهم مثل أحمد ومُحمَّد.<ref name="الدين الإلهي" /><ref>{{مرجع كتاب|مؤلف1= ملكاوي، فتحي حسن|مؤلف2= عُكاشة، رائد جميل|مؤلف3= أبو غزالة، ماجد فوزي|عنوان= التحولات الفكريَّة في العالم الإسلامي: أعلام، وكُتُب، وحركات، وأفكار من القرن العاشر إلى الثاني عشر الهجري|طبعة= الأولى|صفحة= 135|سنة= [[1435هـ]] - [[2014]]م|ناشر= المعهد العالمي لِلفكر الإسلامي|الرقم المعياري= 9781565646216|تاريخ الوصول= [[27 يونيو|27 حُزيران (يونيو)]] [[2019]]م|مكان= [[عمان (مدينة)|عمَّان]] - [[الأردن|الأُردُن]]|مسار= https://books.google.com.lb/books?id=o80oDQAAQBAJ&pg=PT135&lpg=PT135&dq=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86+%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A+%D9%81%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF&source=bl&ots=bOmq0z97F7&sig=ACfU3U0WIMaEyybsIB52dR4NYOQHiAs5Wg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiI6rf8gYjjAhUR7eAKHc0pCWg4ChDoATAFegQICBAB#v=onepage&q=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%20%D9%81%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%86%D8%AF&f=false| مسار أرشيف = https://web.archive.org/web/20191217010159/https://books.google.com.lb/books?id=o80oDQAAQBAJ&pg=PT135&lpg=PT135&dq=الدين+الالهي+في+الهند&source=bl&ots=bOmq0z97F7&sig=ACfU3U0WIMaEyybsIB52dR4NYOQHiAs5Wg&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiI6rf8gYjjAhUR7eAKHc0pCWg4ChDoATAFegQICBAB | تاريخ أرشيف = 17 ديسمبر 2019 }}</ref>
 
'''يقول [[عبد الحليم محمود]] : الأمبراطور جلال الدين محمد أكبر ، يحرص على مبدأ أنه (لا اختلاف بيننا بسبب العقيدة )، ويقول بأنه مسلم حنفي يحترم كل الأديان ،فاستهجن المتشددين والمتزمتين ما قاله ، وجعلوه ناقص دين ، وألبسوه لباس الردة ، وقالوا بأنه السبب في تنفذ الأنجليز في الهند ،و هو وراء انتشار المسيحية بها ، بالرغم من أنه حارب الأنجليز ، وبسط نفوذه كسلطان مسلم لأول مرة على كامل شبه جزيرة الدكن، قد تكون له عيوب وأخطاء ، إلا أنه من الوجهة السياسية لا يختلف عن باقي سلاطين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، ولكن تاريخه تعرض لعملية تزييف ممنهج من قبل مبغضيه وأذيالهم من المستشرقين وجاراهم في ذلك بعض المعاصرين بدون تحقيق ، والقصد منه ، تشويه سيرة هذا السلطان المسلم وتصويره بالمارق عن الدين ، ويجب أرجاع الأعتبار لهذا البطل المسلم المفترى عليه'''.<ref>عبد الحليم محمود (دكتور)، جلال الدين أكبر : المفترى عليه ، مجلة الدراسات الاسلامية ، القاهرة، 1966. ص 106</ref> .
 
'''يقول [[عبد الرحمن بدوي]] : الواضح أن "أعمال" جلال الدين أكبر لا تتنافى مع الاسلام في شيء، وقصارى أمرها أنها أمور تنظيمية فرعية لا تمسّ حقيقة الإسلام في شيء، ولا يمكن أبدًا أن يؤاخذ عليها مسلمٌ حتى في ذلك العهد، فضلاً عن أن يُكفّر بها! وإنما تدلّ على أن أفق أكبر الديني كان واسعًا يتجاوز الحدود الضيقة التي يتوهّم بعض المتزمتين ضرورة وضعها للإسلام.'''<ref name="مولد تلقائيا1" /><ref>خالد محمد عبده ـ ديانة جلال الدين أكبر ، مجلة ذوات ، 10 يونيو 2016</ref>.
 
=== ضم كشمير ===