حروب الردة: الفرق بين النسختين

[مراجعة غير مفحوصة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسوم: تعديلات المحتوى المختار لفظ تباهي تحرير مرئي
الرجوع عن تعديل معلق واحد من 198.36.39.183 إلى نسخة 32636050 من باسم.
سطر 49:
{{أيضا|عام الوفود{{!}}عامُ الوُفود}}
[[ملف:Muhammad Bahrain letter facsimile.png|تصغير|يمين|رسالة الرسول مُحمَّد إلى [[المنذر بن ساوى|المُنذر بن ساوى التميمي]] أميرُ [[البحرين الكبرى|البحرين]] وأحد أقوى شُيوخ القبائل في شرق شبه الجزيرة العربيَّة يدعوه فيها وقومه لاعتناق الإسلام.]]
كانت سياسة الرسول مُحمَّد صلى الله عليه وسلم تتجه نحو توحيد العرب تحت راية الدين الإسلامي في مؤسسةٍ تتخطّى النظام القبلي، واستطاع أن يؤسس جماعةً دينيَّةً سياسيَّةً جسَّدت كيان دولة. فدخل العرب عامَّتهم في هذا الدين، وانضووا تحت لِواء النبيّ، ودانوا له بالزعامتين الدينيَّة والسياسيَّة، بفعل أنَّه يُصدرُ أحكامه عن [[وحي|وحي الله وأمره]]، بالإضافة إلى أنَّهُ كان مثاليًّا في سُلوكه. إذ سوّى في المُعاملة بين القبائل المُختلفة، ولم يميل إلى إيثار الأهل والعشيرة. وهكذا تمَّ توحيد القبائل في شبه الجزيرة العربيَّة في دولةٍ واحدةٍ يرأسها النبيّ ومركزها المدينة المُنوَّرة. لكنَّ هذه الوحدة كانت مُفككة. فالاضطراب الذي لازم مواقف القبائل العربيَّة، التي لم يترسَّخ الإسلام في قُلوبها نظرًا لِحداثته؛ وحَّد التيَّارات المُختلفة في المدينة المُنوَّرة، فالتفَّ الجميعُ حول الخليفة.<ref name="طقّوش2">{{مرجع كتاب|المؤلف1= طقّوش، مُحمَّد سُهيل|العنوان= تاريخ الخُلفاء الرَّاشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|الإصدار= الأولى|الصفحة= 31|السنة= [[1424هـ]]ـ - [[2002]]م|الناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9953181012|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> أمَّا خارج نطاق المدينة، وفي أرجاءٍ واسعةٍ من شبه الجزيرة العربيَّة، فلم يكن يوجد سوى أشكالٍ من التحالف السياسي مع المدينة، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الدُخول في الإسلام كان قرارًا سياسيًّا استهدفت به زعامات القبائل المُحافظة على كيانها، وتحاشي خطر المُسلمين عليها.<ref name="طقّوش2"/> لكن هذه الزَّعامات، ربطت بين شخص النبيّ وبين ما حقَّقهُ للعرب بعامَّةً من مكاسب دينيَّة واجتماعيَّة وسياسيَّة غيَّرت تمامًا حياة العربيّ والنظام القبليّ الاجتماعيّ. فقد استبدل الإسلام، مُنذُ بداياته، [[قرابة أسرية|رابطة الدم]] بِرابطة الدين والعقيدة، والغزو والحرب وفق الأعراف السائدة بما تنصُّ عليه [[شريعة إسلامية|الشريعة]]، والتمزُّق القبليّ بِوحدة الأُمَّة،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[عبد العزيز الدوري|الدُوري، عبدُ العزيز]]|العنوان= مُقدِّمة في تاريخ صدر الإسلام |الإصدار= الثالثة|الصفحة= 37|السنة= [[1984]]م|الناشر= [[دار المشرق]]|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> وحدَّ من النِزاعات القبليَّة التقليديَّة من خِلال رفع مبدأ الثأر بِشكله القبليّ، ونقل مسؤوليَّة ذلك إلى الجماعة الإسلاميَّة، وشرَّع الجهاد في سبيل الله بدلًا من القِتال من أجل الثأر أو التسابق على الماء والكلأ، وأطاح بِفرديَّة القبيلة لِقاء فكرة الجماعيَّة التي تستند عليها الأُمَّة، وأرسى قواعد الدولة الإسلاميَّة، وساوى بين المُسلمين دون النظر إلى أُصولهم وألوانهم وأعراقهم، ودعا إلى التكافل والتضامن، ونظَّم المُجتمع العربيّ على نحوٍ يتناسب وطِباع العرب،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[السيد عبد العزيز سالم|سالم، السيِّد عبدُ العزيز]]|العنوان= تاريخ الدولة العربيَّة|الإصدار= الأولى|الصفحة= 434 - 435|السنة= [[1970]]م|الناشر= [[دار النهضة العربية (بيروت)|دار النهضة العربيَّة]]|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref> ومع ذلك لم يتمكّن من الإنجاز التام والنهائي لِمدِّ نُفوذ الدَّولةِ الإسلاميَّة الناشئة على سائر أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة، فبقيت العادات والتقاليد القبليَّة القديمة مُتجذِّرة في نُفوس القبائل المُقيمة على أطراف شبه الجزيرة، وكانت أقوى من رابطة الدين.
[[ملف:Sura9.pdf|تصغير|يمين|بضع آياتٍ من سورة التوبة نزلت بحقِّ الأعراب تصفهم بالمُنافقين.]]
والحقيقة أنَّ سياسة التوحيد لم تكن قد استُكملت، ولم يتجذَّر الإسلام إلَّا بين سُكَّان المدينة المُنوَّرة ومكَّة والطائف، وبعض القبائل القاطنة بجوارهم. أمَّا سُكَّانُ المناطق الأُخرى في شبه الجزيرة، ولا سيَّما [[اليمن]] و[[سلطنة عمان|عُمان]] و[[حضرموت]] في الجنوب، فلم يكن الدين قد تجذَّر في نُفوس سُكَّانها، ولقد كان إسلامهم سطحيًّا ومرحليًّا، واستسلامًا للأمر الواقع خشية القتل والسبي، وليس اقتناعًا بالإسلام كعقيدة ونظام ومنهج حياة،<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= [[سعيد عبد الفتاح عاشور|عاشور، سعيد عبدُ الفتَّاح]]|العنوان= بُحوث في تاريخ الإسلام وحضارته|الإصدار= الأولى|الصفحة= 56|السنة= [[1978]]م|الناشر= [[عالم الكتب|عالم الكُتب]]|المكان= [[القاهرة]] - [[مصر]]}}</ref> كما كان وليد ظُروفٍ سياسيَّة خاصَّة أحدثها دُخولُ قُريش في الإسلام، ولم يؤدِّ إلى خلق ترابط ووِثاقٍ اجتماعيٍّ ماديٍّ فيما بينهم. وقد أسلم أهالي هذه المناطق مُقتدين برؤسائهم الذين تقبَّلوا سُلطة الحُكومة الإسلاميَّة في المدينة المُنوَّرة، وأطاعوا الرسول مُحمَّد، بعد أن حقَّق انتصاراتٍ كُبرى على القِوى المُعادية له ولِدعوة الإسلام، للمُحافظة على كيانهم وإبعاد خطر المُسلمين عنهم. ولا يدُلُّ [[عام الوفود|إرسال الوُفود القبليَّة إلى المدينة]] لتُعلن إسلامها على أنَّ القبائل فهمت واستوعبت الإسلام وآمنت بتعاليمه وحرصت على الدُخول فيه، وبِخاصَّةً أنَّ المُدَّة الزمنيَّة بين دُخول هذه القبائل في الإسلام ووفاة النبيّ كانت قصيرة لا تتجاوز ثلاث سنوات، بالمُقارنة مع المُدَّة التي استغرقها استقرارُ الدّين الإسلامي في مكَّة والمدينة، البالغة عشرين سنة. كما أنَّ هذه القبائل الضَّاربة على الأطراف كانت تمُرُّ بمرحلة تحوُّلٍ سياسيٍّ لتتخلَّص من الضغط [[ساسانيون|الفارسيّ الساسانيّ]] الواقع عليها، بالإضافة إلى الصراعات الداخليَّة بينها على النُفوذ.<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1= طقّوش، مُحمَّد سُهيل|العنوان= تاريخ الخُلفاء الرَّاشدين: الفُتوحات والإنجازات السياسيَّة|الإصدار= الأولى|الصفحة= 33|السنة= [[1424هـ]]ـ - [[2002]]م|الناشر= دار النفائس|الرقم المعياري= 9953181012|المكان= [[بيروت]] - [[لبنان|لُبنان]]}}</ref>