خان: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
قالب دمج تاريخ
قالب دمج
سطر 1:
{{وضح|3=خان (توضيح)}}
{{مصدريتيمة|تاريخ=مارس 20162017}}
{{دمج من|كاروانسراي}}
{{ميز|خان (لقب)}}
[[ملف:Khan AsAsaa'add Pacha Al-'AzemBasha.jpg|تصغير|[[خان أسعد باشا]] في [[دمشق|بدمشق القديمة]].]]
[[ملف:A Khan in Damascus. (1907) - TIMEA.jpg|تصغير|خان دمشقية سنة 1907م]]
[[ملف:Caravanserai Kurtkulağı - Kurtkulağı Kervansarayı.jpg|تصغير|خان قرب [[جيحان]] ([[أضنة (محافظة)|أضنة]] - [[الأناضول]])]]
'''الخان''' هي كلمة أعجمية تدل على [[الفندق]] في عصرنا الحديث، وهي موضع راحة المسافرين، ومن الخانات المشهورة [[خان مرجان]] قرب [[جامع مرجان]] في [[بغداد]]، ويعتبر من أقدم [[خانات بغداد]] الباقية لحد الآن.
 
الخان هي لفظةٌ فارسيّة الأصل، أُطلِقت على مكان مبيت المُسافرين.
{{دمج تاريخ|خان (مبنى)}}
{{دمج إلى|خان (مبنى)}}
{{مصدر|تاريخ=مارس 2016}}
[[ملف:Carvansara_plan.png|تصغير|[[خطة]] لمثال كاروانسراي [[صفوي]]]]
 
== الأنواع ==
'''الكاروانِسرايُ''' (فارسية ترجمتها ''[[سراي]]ُ ال[[قافلة|كاروان]]''ِ) بيت للمسافرين والقوافل على الطرقات البعيدة، مبني بالحصى والجص و[[صاروج|الصاروج]]، سقفه محدب، وله باب واحد مع [[كو]]ى في جوانبها.
والخانات نوعان: الأوّل أقيم على طُرُق السّفر خارج المُدن المتباعدة، والثاني داخل المدن والتّجمعات السكنية.
 
كان النّوع الأوّل يُبنى في بادئ الأمر على منابع المياه ومجاري الأنهار؛ ويبتعد الواحد من الآخر مسيرة نهارٍ، أيّ ما يقارب الثلاثين كيلومترًا. وكان الخان يقدّم الخدمات للتّجار والرّحالة والمُسافرين كافةً، ويوفّر لهم الراحة ويجنّبهم مشقّة ومخاطر السّفر ليلاً.
<center>
<gallery>
ملف:Sadolsaltaneh_caravanserai.jpg|جو كاروانسرا سعد السلطنة [[قزوين|بقزوين]].
ملف:Hotel Shah Abbas Sahn.jpg|كاروانسرا شاه عباس، [[أصفهان|بأصفهان]]، منظور من [[صحن (ساحة)|الصحن]].
ملف:Caravansarai Karaj.jpg|كاروانسرا صفوي ب[[كرج (إيران)]]
ملف:Caravanserai-Sheki.jpg|كاروانسرا ب[[مدينة شكي]]
ملف:Neyestanak_Caravanserai_Inner_Courtyard_2007-01-01.jpg|كاروانسرا مهجور [[نيستانك|بنيستانك]]
ملف:Akko-13-The Khan al-Umdan.jpg|[[خان العمدان]] [[عكا|بعكا]]
ملف:Khan As'ad Pacha Al-'Azem.jpg|[[خان أسعد باشا]] [[دمشق|بدمشق]]
ملف: |باب كاروانسرا [[أق سراي]]
</gallery>
</center>
 
يضمّ الخان مستودعات لحفظ البضائع وإسطبلاتٍ مختلفةً لإيواء العربات وأنواع الحيوانات التي لا تتجانس في الزّرائب. فالخيول تأنف من روائح الإبل. والبغال لا تسكن مع الحمير. وكانت الإسطبلات مجهّزة بلوازم إصلاح المركبات ومعدات للعناية بالدّواب ورعايتها. وإلى جانب تلك المرافق والخدمات، هناك الحوض في وسط الصّحن ومشرب البهائم، الفرن والمُصلى، وكذلك الحمّام.
== تأثيل ==
قد ي[[همز]] آخر الكلمة كما ي[[ي]]يا كذلك، فهي كلمة [[لسان عثماني|تركية-عثمانية]] [[فارسية]] الأصل، [[كلمة مركبة|مركبة]] من "كاروان" ''[[قافلة]]'' و"[[سراي]]". الكلمة العربية (والعبرية) المقابلة هي [[خان|الخان]] (חאן) أو الرباط (''ج'' ربط).
{{تصنيف كومنز}}
{{ضبط استنادي}}
{{شريط بوابات|إيران|عمارة|الإسلام|التجارة|الوطن العربي|الشرق الأوسط}}
 
استُعمِلَت في بناء الخانات مواد تغيّرت مع الموقع. فقد تكون من طينٍ أو من قرميدٍ مشويّ أو نيء، في العراق وإيران ومصر، أو من حجارةٍ كلسيةٍ أو بازلتيّة في الشّام وتركيا. أمّا من حيث التّصميم، فكان الخان مربع المسقط، إجمالا وغالبًا بطبقتين اثنتين، تحتلّ أركانه أبراج للمراقبة والدّفاع. وقد يحيط به سور خارجي مدعّم وبوابة مصفّحة ضخمة محكمة الإغلاق ليلاً، وكأنّه حصن صغير. وكانت غرف المسافرين موزّعة بين الطّبقتين أو في العليا فقط. وفي بعض الخانات المتواضعة، كانت قاعة النّوم مشتركةً يرقدُ فيها المسافرون، على منصّاتٍ مرتفعةٍ عن الأرض. وكانوا يجلسون عليها نهارًا.
[[تصنيف:طريق الحرير]]
 
[[تصنيف:أنماط فندقية]]
ومن الملاحظ أنّ خانات السّهول كانت أوسع من خانات الجبال. كما كانت خانات البلاد الباردة تخلو من الصّحن المكشوف. ولقد أخذت الخانات إجمالا، بعد انتشار الإسلام، تصميمين رئيسين: الأوّل إيراني بِقَاعاتٍ متطاولةٍ موازية للصحن المركزي. ولكنّ هذا التّصميم ما لبث أن أخذ شكل الأواوين. وقد احتلت البوابة في عمارته مركزًا على جانبٍ كبيرٍ من الأهمّية. أمّا التّصميم الثاني فهو بأربعة أضلاعٍ وصحنٍ مركزيٍّ تحيط به الأروقة، قديم العهد، يعُرَف بالطّراز البحر الأوسطي.
[[تصنيف:كلمات وجمل فارسية]]
 
[[تصنيف:عمارة إسلامية]]
أمّا النّوع الثاني فكان خانات المُدن التي كانت تشترك مع خانات الطّرق في ما تقدّم من خدماتٍ؛ وتضمّ مرافق، وتختلف عنها في أخرى، إضافةً إلى ما كان يمكن أن تقدّمه المدينة بشكلٍ أفضل لزوّارها، كالحمام والمسجد والمطعم وشغل البيطار وغير ذلك من الضّروريات والكماليات. وكما كانت خانات الطّرق تمثّل المحطّات الحسّاسة على مفارق الطّرق ومجاري المياه ومراكز الحدود، لذلك احتلّت خانات المُدُن مداخل المدن، خارج السّور أو داخله أيام السّلم وفي قلب الأسواق وجوار الحمام والمسجد.
[[تصنيف:عمارة إيرانية]]
 
== الوظيفة ==
كانت وظيفة الخان في المدينة استقبال التجار بشكلٍ عامٍ، من باعة الجُملة ومُروّجي البضائع ومراسلي المستوردين والوسطاء. وفي هذا المكان كان يتمّ البيع والشّراء، وكأنّ المكان لم يعد لإيواء المُسافرين بل استقبالهم ريثما يتمّون تجارتهم. وكما كان لكلّ بضاعةٍ دار، صار لها خان يرتبط اسمه بها، إن لم يرتبط بإسم مؤسّسه أو مالكه؛ فهنالك خان الحرير وخان الحبالين في دمشق، وخان الجوخ في استنبول، وخان الخيّاطين والصّابون في طرابلس، وخان الزّيت وخان الحرير في حلب. وكان بعضها عظيم الإتّساع كخان الجُمرك في حلب الذي يعود تاريخه إلى عام 1574م. فقد ضمّ اثنين وخمسين مخزنًا، وسبعًا وسبعين غرفة وسوقين مبنيين بالحجر المُهندَم، يصل إليهما الضّوء من قببٍ عشر تعلوها. وكان مجموع دكاكينه ثلاثمائة وأربعة وأربعين، وإلى جانبها سبيلان ومسجد.
 
== التصميم ==
تصميم خان المدينة، بشكلٍ عامٍ، لم يتغّر على مرّ العصور. فأخذ تخطيط صحنٍ مركزيٍ مكشوفٍ يتوسّطه حوض. وتحيط بالصّحن بوائك أُقيمت الدكاكين تحتها، لتبقى أبوابها محميّةً من الحرّ صيفًا ومن المطر شتاءً. ومن النّاحية الإدارية، قد يكون الخان مؤسّسةً دينيّةً مرتبطةً بوقفٍ يُحوّل ربعه لصيانة مدرسةٍ أو مسجدٍ أو إطعام مسكينٍ أو فقيرٍ.
 
لم يبق من كلّ تلك الخانات إلاّ عدد قليل؛ واقتصرت خدماته على استعمال مستودعاته ودكاكينه من قبل مستأجرين، لا تجمعهم إلاّ نادرًا تجارةٌ مشتركةٌ أو مِهَنٌ واحدةٌ، وربّما سكنت غرفةً عائلاتٌ فقيرةٌ.
 
فالخانات إذًا هي الأبنية المخصّصة لإقامة المسافرين وقوافل التّجار، وهي لها أهمّيتها الخاصة في العمارة الإسلامية، حيث عُرِفَت منذ العصور الإسلاميّة الأولى. ولعلّ أقدم خانٍ أُنشئ في العهد الإسلامي هو الخان الذي بناه هشام بن عبد الملك عام 748م، على مقربةٍ من قصر الحير الغربي في البادية السّورية.
 
اشتهرت الخانات بواجهاتها المُزيّنة بزخارف جميلةٍ ومداخلها القوسيّة الضّخمة التي كانت تُغلَق بواسطة مصرعيّ بابٍ خشبيٍّ مصفّح بالحديد والنّحاس. وأصبحت أكثر باحاتها مسقوفة بالقباب والعقود.
 
== الوصف المعماري ==
لقد ترك لنا زوار مدن [[شرق|الشرق]] وصفا عاما للفنادق، حيث كانت ذات تصميم معماري واحد تقريبا على مر العصور وكان الفندق مبنى [[مماليك|مملوكي]] خالص ويخضع للسلطات المحلية وليس ملكا [[جالية|للجالية]] المقيمة فيه بل هو هبه من الدولة للأجانب، والفندق عبارة عن مبنى مربع الشكل، كبير الحجم يشبه [[بحصن|الحصن]] أو الصرح ويتكون من عدة طوابق فالطابق الأول الأرضي به [[حانوت|حوانيت]] و[[المخزن (المغرب)|مخازن]] لحفظ البضائع والسلع وتتم فيه عملية البيع والشراء، وخصص لكل تاجر مخزن يضع فيه بضاعته ويغلق عليها وفيه أيضا تعقد [[صفقة|الصفقات التجارية]]، أما الطوابق العلوية فهي مخصصة لمبيت الأجانب وبها غرف للنوم معدة لراحة النزلاء. وتطل الغرف على [[فناء (تصوف)|فناء]] داخلي واسع قد خصص لتفريخ البضائع والسلع وتصنيفها والاستعداد لعملية في المخازن.، وفي الجزء الآخر من الفناء توجد [[حديقة]] زرعت بها [[شجرة|أشجار]] غريبة مجلوبة من جهات عديدة وبها أنواع متنوعة من [[نبات|النباتات والزهور]] التي توجد في أوطان هؤلاء الأجانب لتذكرهم ببلادهم وتعطي الإحساس بالراحة كما تربى فيه بعض [[حيوان مستأنس|الحيوانات المستأنسة]]. ولما كانت تلك الفنادق قد أقيمت خصيصا لراحة النزلاء والغرباء الأجانب فلا يشعرون بالضيق أو الغربة حين الإقامة بها، لذا أقيمت في كل فندق [[حمام (توضيح)|حمام]] و[[فرن]] لصنع [[خبز|الخبز]] وبها [[كنيسة]] صغيرة لأداء [[الطقوس الدينية]] فضلا عن السماح لهم بوجود [[نبيذ|النبيذ]] مما يسمح لهم العيش بحرية تامة داخل الفندق.
 
== التاريخ ==
 
هناك دوافع عديدة ومتنوعة جذبت الأجانب للقدوم إلى [[سوريا]] و[[مصر]] و[[شام (توضيح)|الشام]] والتواجد بدولة [[مماليك|المماليك]]، ولذلك زاد عدد الرحالة والوافدين إلى البلاد المصرية والشامية، فأصبح بها جاليات أجنبية كبيرة العدد ومتعددة [[جنسية|الجنسيات]]، حيث أوردت كتب الرحالة الأجانب معلومات تفيد بوجود عدد كبير من الأجانب في المدن الرئيسية في مصر والشام مثل [[الإسكندرية]]، [[حلب]]، [[دمياط]]، [[دمشق]]، [[القاهرة]] ,[[بيروت]]، [[حمص]] [[القدس|بيت المقدس]] من [[أرمن|الأرمن]] والأحباش واللاتينيين و[[اليونان|اليونانيين]] مسيحيين ويهود.
 
وقد اهتمت السلطات قي العهد الممولوكي بإقامة هؤلاء الأجانب، وذلك ببناء [[فندق]]الفنادق والخانات ليقيموا فيها فترة تواجدهم في الديار المملوكية، لكن لم تسمح لهم السلطات أبدا بالتواجد الدائم في [[القاهرة]]، ولم يكن لهم فندق أو [[كنيسة]]لاتينية حتى أن البيازنة حينما حاولوا الحصول على تصريح من السلطان الأيوبي [[صلاح الدين الأيوبي]] ببناء فندق لهم في القاهرة لم يجب عليهم بالقبول أو بالرفض. وذلك الوضع استمر في العصر المملوكي، حيث كان [[سلطان|السلاطين المماليك]] يحرمون على الأجانب شراء السلع الشرقية القادمة من [[الهند]] من الاسواق ولذلك لم يكن هناك سبباً لتواجدهم في القاهرة لفترة طويلة تستدعي بناء فندق يقيمون فيه، وبالتالي لم تكن القاهرة مدينة جذب بالنسبة [[أوروبا|للأوربيين]] بالإضافة إلى التعليمات التي فرضها السلطات المملوكية عليهم ومنعتهم من التجول داخل البلاد والمدن بحرية فاقتصرت إقامتهم في [[ثغر|الثغور]] و[[ميناء|الموانئ]]، وإذا انتقلوا إلى القاهرة فلم يكن ذلك إلا للضرورة القصوى، كعرض شكوى أمام السلطان أو تقديم التماس لطلب العدالة وحل بعض المشكلات القائمة بين الأجانب و[[مصر|المصريين]]، لذا لم يوجد في القاهرة سوى عدد محدود من الأوربيين، ولم يكن هناك داعياً لبناء فندق لهم ولكنهم أقاموا في أماكن للضيافة، سواء كانوا تجاراً أو [[حجاج]] أو [[قنصل روماني|قناصل]] لأن إقامتهم كانت مؤقتة.
 
ودليلنا على ذلك أنه في عام 747 هـ/ 1346 م زار الراهب '''نيكولو بيجيبونسي''' القاهرة، ولم يجد مكاناً يقيم فيه أثناء زيارته [[كنيسة|للكنائس]] والأماكن المقدسة في [[مصر]] سوى منزل أحد المسيحيين اليونانيين قرب حي النصارى. وعندما قدم الرحالة فريسكو بالدي وأصدقائه سيجولي وجيوشي عام 785 هـ/ 1384 م أقام الجميع في منزل معد للحجاج مقابل أجر معين ولكنه ليس فندقاً للأجانب. وكذلك السفير الفلورنسي ''' فيلبيس برانكاشي ''' الذي زار مصر عام 826 هـ /1422 م أقام في منزل أحد الأقباط من [[كريت|جزيرة كريت]] وكان يدعى غزالة مقابل مبلغ من [[مال|المال]].، أما الرحالة بيرو طافور الذي كان سفيراً لملك قبرص إلى السلطان المملوكي عام 839 هـ/ 1435 م قابل كبير مترجمي السلطان في القاهرة وسمح له بالإقامة في منزله لمدة يومين لحين مقابلة السلطان، وبعد ذلك أمر السلطان [[ترجمة|المترجم]] أن يوفر للضيف مسكن مريح له ويقدم له ما يحتاجه. أما الرحالة اليهودي''' ميشولم بن مناحم ''' فأقام عند الناجيد (رئيس اليهود) في القاهرة في منزله عدة أيام، ثم جهز له وكيل الناجيد منزل مجهز بكل شيء ليقيم فيه وكان ذلك عام 1481 م.، كما أقام الرحالة الألماني''' فون هارف ''' والذي زار القاهرة عام 902 هـ/ 1496 م أقام في منزل كبير التراجمة في ذلك الوقت نظراً لعدم وجود فندق للأجانب بها وأقام رفاقه معه كل أثنين في غرفة، ووصف تلك الغرف في المسكن بأنها حجرات ضيقة وليس بها شيء سوى أرض عادية فأضطر للنوم على الأرض. أما الرحالة''' جان تينو ''' عام 918 هـ / 1512 م أقام في مبنى أو خان قرب أحد [[بمسجد|المساجد]]، حيث لم يجد مكان للضيافة في القاهرة سوى ذلك الخان الذي استخدم لأي غريب عن البلاد، وذلك الخان مكان مرتب ومنظم وفيه ينزل الغرباء إلى داخل المدينة لشراء لوازمهم واحتياجاتهم، وكان [[أقباط|الأقباط]] اللاتين يقيمون عند الترجمان ويدفعون له أربعة دوكات في الشهر مقابل الإقامة.، في حين يذكر الرحالة''' فون برندباخ''' أنه عندما كان في القاهرة عام 888 هـ / 1483 م قابل قنصل البنادقة في المدينة ويبدوا أنه اعتقد أن القنصل يقيم فيها بصفة دائمة وأن التجار يقيمون معه. ولكن ذلك الرأي غير صحيح فقد جاء ذلك [[قنصل روماني|القنصل]] والتجار إلى القاهرة ليقدموا شكواهم إلى السلطان فقط وليس لديهم مكان ثابت يقيمون فيه، وذلك مؤكد لدى الرحالة''' فيلكس فابري ''' إذا كلفت [[معاهدة دولية|المعاهدات الدولة الأجنبية]] الحق للجوء إلى [[سلطان|السلطان]] مباشرة للتظلم ودفع الشكاوى من الموظفين، أو من حكم أصدرته السلطات المحلية في قضية ما، وكان قنصل الإسكندرية في القاهرة يعرض شكاوى مواطنيه على السلطان لحلها أو يقدم مطالب حكومته وفي ذلك الوقت كان القنصل بالقاهرة ليشتكي للسلطان سوء معاملة التجار في [[الإسكندرية وإجبارهم على شراء [[توابل|التوابل]] وما فيها من [[شوائب]] دون غربلة كما هو متفق عليه في المعاهدات التجارية.
 
على أية حال فقد أقام الأوربيون في مباني خاصة حتى يتسنى لهم إتمام أعمالهم على أكمل وجه في [[ثغر|الثغور]] و[[بميناء|الموانئ]] وقد سمي ذلك المبني باسم الفندق ويرجع ذلك النوع من المباني إلى بداية [[عصور وسطى|العصور الوسطى]]، حيث انتشرت في [[منطقة البحر المتوسط]]، وذلك تسهيلا للتجار الوافدين والعمل على راحتهم أثناء تواجدهم في الدولة وذلك يعني أن الفندق في بدايته كان مخصصا للتجار فقط، ثم أقام فيه جميع المسافرين فيما بعد فكان مقراً لإقامة الأجانب الغرباء عن الدولة من جميع الجنسيات والطوائف المختلفة ومسكناً مريحا لهم تتوفر فيه الخدمات اللازمة للمسافرين.، وكان أول فندق أنشئ في [[الإمبراطورية البيزنطية]] وأطلق عليه Byzantime mita ولم يكن مسموحاً للتجار الأجانب أن يقضوا فيه أكثر من ثلاثة شهور وهي المدة التي حددتها الإمبراطورية البيزنطية لإنهاء الأعمال التجارية. ويجدر بنا الإشارة إلى أن مصطلح الفندق أو Fundaco قد شاع استخدامه في القرن الرابع عشر الميلادي وهو لفظ مشتق من الكلمة اليونانية Pandokeion أو اللاتينية Xenodochim ومعناها المسكن أو المأوى الذي يقيم فيه الغرباء ويقابلها في الإيطالية Fondaco.
 
وقد كثر عدد الفنادق في [[مماليك|دولة المماليك]] وخاصة في المدن الساحلية في [[شام (توضيح)|الشام]] ومدن [[سوريا]] الهامة وخاصة [[حلب]] وفي [[مصر]]. وحمل كل فندق اسم [[جالية|الجالية]] التي تقيم فيه ولا تزاحمها جالية أخرى فقد وجد في الإسكندرية فندقان [[البندقية|للبنادقة]].، كما خصص فندق [[جنوة|للجنوية]] وفندقاً لأهالي [[نابولي]] وفندقاً لأهالي [[كريت]] وفندقاً لأهالي [[برشلونة]] وآخر لأراجون و[[قطالونيا]] وفندق آخر للبيازنة وغيرهم من الجنسيات الأخرى.، وهناك فندقا آخر لأهالي [[مارسليا]] والذي أقام فيه الرحالة''' فريسكو بالدي '''وزملاؤه ،حيث استأجروا أربعة غرف فوق الساحة.
 
في [[دمشق]] كان يوجد أول خان أو فندق للمسافرين الوافدين ينعمون فيه بالراحة والآمان ولهم الحق في حفظ وتخزين البضائع والسلع وكان يسمى خان Berkot '''خان بركوت (خان برقوق)'''، وذكر ''' لابروكيير ''' أن الفندق قد بناه شخصاً فرنسيا وذلك بسبب وجود شعار (رنك) زهرة [[زنبق|الزنبق]] منقوشاً على أحد جدران الخان الأثري، ويبدو أنه كان رجلا شهماً وشجاعاً وذو سمعة طيبة بين سكان الشام ويتميز بالقوة العسكرية والحربية، ولذلك لم تستطيع جيوش [[تيمورلنك]] أن تدخل [[دمشق]] في عهده ويقرر [[أهل الشام]] أنه لو مد في عمره لما تمكن تيمورلنك من دخول بلادهم. وذلك الكلام يوضح لنا أن الخان كان يسمى خان برقوق نسبة إلى [[الظاهر سيف الدين برقوق|الظاهر برقوق]]، وما ذكره عن قوته وشجاعته وتصديه لتيمورلنك ينطبق تماما على السلطان المملوكي الظاهر برقوق أما شعار [[الزهرة]] فرغم أنه استعمل في الملكية الفرنسية فهو قبل كل شيء كان أحد رنوك أمراء المسلمين في العصور الوسطى.
 
كانت هناك الكثير من الخانات على طرق السفر قديمآ في [[سوريا]] وكانت تتوفر بجانب بعض الخانات أماكن التبضع والتسوق الضرورية وأماكن [[غذاء|للطعام]] ويقع بالقرب بعض الخانات في [[دمشق]] و[[حلب]] [[حمام (توضيح)|حمامات عامة]] لم يقتصر الأمر على ذلك فحسب بل حرصت السلطات المملوكية على توفير عنصر الأمان والراحة للمسافرين والتجار والرحالة وكان في مدن دمشق و[[حمص]] و[[حماة]] و[[بصرى]] و[[حلب]] و[[معرة النعمان]] و[[تدمر]] خانات توفر الراحة والمستلزمات للتجار والعابرين والمسافرين وأماكن [[حصان|للخيول]] والعربات وغيرها، فأنشئت الخانات المتعددة بطول البلاد وعرضها ومما ساعد على كثرة الخانات هو موقع [[سورية]] وتقاطع طرق السفر والتجارة في البلاد السورية، وكانت مجهزة بالمؤن والشراب وغرف النوم للراحة وتلك الخانات تشبه محطات الترانزيت لراحة المسافرين والحصول على الأمان والتموين لاستكمال الرحلة.
 
في [[حلب|مدينة حلب]] كانت الخانات مجهزة بشكل جيد حيث كانت حلب من أكثر مدن الشرق جذبآ للاجانب فكان يفد إليها اعدادآ كبيرة نسبيآ من الزوار والمسافرين والرحالة الاوربيين بالتحديد العابرين من أوروبا إلى وسط [[سوريا]] والى الشرق عمومآ، وفي [[بلبيس]] استطاع الرحالة '''ميشولم '''أن يقيم في خان به غرفة مجهزة وبها منضدة وكرسي وشموع بالقرب من [[معبد|المعبد]] وكان يملكه أحد [[يهود|اليهود]] الأغنياء الشرفاء، وفي أريحا وجد خان لسكن الأجانب فيه حدائق [[بلح|البلح]] و[[تفاح|التفاح]] ويستطيع المسافر هناك شراء ما يلزمه من الطعام. وفي [[الأردن]] كانت توجد دار للضيافة أعدها السلطان خصيصاً للرحالة قرب الجبل الذي كان يطلق عليه البرج الأحمر وكان بداخل الخان [[كنيسة]] صغيرة جميلة يقيم فيها [[قساوسة]] يونانيون وعلى بعد ميلين آخرين توجد دار ضيافة أخرى ينزل فيها الرحالة والمارة حيث يضعون أمتعتهم ودوابهم.، وفي [[يافا]] أيضا وجد [[خان]] للحجاج قد أقامه الدوق جود فري دي بلدوين عندما استولي على القبر المقدس وهو مجهز أحسن تجهيز وبه عدد كبير من الغرف بعضها مخصص للرجال والبعض الآخر مخصص للنساء.
 
كان يوجد في [[الخليل|مدينة الخليل]] خان متسع وبه حظيرة واسعة [[حيوان|للحيوانات]] وغرف للنوم والراحة في الأعلى وفي الأسفل ساحة واسعة مغلقة ببوابة عظيمة، وتلك البناية كانت تشبه الدير الحصين ولا يعيش فيها إلا الغرباء فقط. وفي مدينة [[القدس|بيت المقدس]] قد أنشأ [[الظاهر بيبرس]] عام 661 هـ / 1263 م خان خارج بوابة المدينة سمي باسمه وفوض أمر بناءه للأمير جمال الدين محمد بن بهادر ولما أتم الخان أوقف عليه خراج أرض مجاورة له وبنى له طاحوناً وفرناً وجعله لخدمة المسافرين والمشاة.، وكان هناك أيضا [[مستشفى]] فرسان [[القديس يوحنا]] بجوار كنيسة [[الضريح المقدس]]، والذي كان مستشفى لعلاج المرضى وبعد أن تركه [[الفرسان (مسلسل)|الفرسان]] وطردوا من بلاد الشام، أصبح مأوى للحجاج والمسافرين الأجانب والفقراء أيضا وذلك المستشفى كان يعيش فيه أكثر من ألف شخص ويحصل على مبلغ صغير من المال يدفعه المسافرون للقيم على [[صهيون|جبل صهيون]].، وذلك المستشفى كان لسكنى الحجاج والمسافرين الرجال، أما النساء فكن يقمن في منزل صغير قرب دير جبل صهيون.، ويبدو أن رجال الدين [[طليان|الإيطاليين]] كانوا أكثر حرية في الإقامة في [[القدس|بيت المقدس]] حيث سمح لرجال الدين بالإقامة في مستشفى القديس يوحنا، أما العلمانيين كانوا يقيمون في منزل في منتصف الطريق بين الضريح المقدس وجبل صهيون، أما [[قبطان (توضيح)|قبطان]] [[سفينة|السفينة]] كان يقيم في دير [[صهيون|جبل صهيون]] ومعه أثنان من الحجاج ويتمتع فيه بالراحة والخدمة الجيدة من قبل الأخوة [[الرهبان]]، وكان المكان قديما يسع ألف حاج، لكن جزء كبير منه محطم والجزء الباقي يسع فقط لأربعمائة حاج فقط. وفي بيت المقدس أيضا يوجد خان آخر بجوار القبر المقدس يديره الرهبان اليونانيون ويقيمون فيه بطهي شتى أنواع الطعام بطرق عديدة ويبيعونه للنصارى.
 
وجد في رامه خان لإقامة المسافرين، حيث دخل الحجاج الأوربيون [[منزل]] له باب قصير وضيق وقام الموظفون على الباب بإحصاء الداخل والخارج، وفيه وجد فناء واسع جميل به غرف متسعة ونبع [[ماء]] نقي، وذلك النزل قد اشتراه الدوق '''فيليب دق برجنديا''' لسكني الحجاج وجعل الأخوة الرهبان في دير [[صهيون|جبل صهيون]] مسئولون عنه لذلك فهو يسمى نزل الحجاج، ويحصل المنزل على أموال من خلال ما يدفعه [[حاج|الحجاج]] مقابل الإقامة به رغم عدم وجود فراش ولا [[كرسي|كراسي]] في الغرف فيضطر المسافر إلى شراء فراش للنوم عليه.، ولكن كان هناك بعض الخانات الأكثر سوء وقذارة وتشبه [[كهف|الكهوف]] في [[جبل|الجبال]] كما وجدت في [[يافا]] و[[نابلس]] حيث يذكر الرحالة '''الراهب فيلكس فابري '''وغيره أنه عندما نزل الحجاج ميناء يافا أقاموا في خانات تشبه الكهوف أو القبر وكانت مليئة بالقاذورات والأوساخ ولم يكن هناك مكان آخر يقضون فيه الليل ولذلك أضطر هو وزملاءه إلى تنظيف المكان ليناموا فيه فهو خان صغير وحقير وقذر ولا يصلح للضيافة والسكن مما جعل الحجاج يشعرون بالضيق والاشمئزاز.
 
 
 
== الإدارة ==
أتبعت السلطات المملوكية نظاما خاصا بإدارة تلك الفنادق عامة، فهي التي تملكها وحدها ولا سلطان لأي جالية عليها وتلك الأنظمة التي وضعتها السلطات المحلية كانت إجراءات أمنية لحماية الأجانب والحفاظ على أرواحهم وأموالهم، حيث تحكمت السلطات المحلية في إغلاق الفندق ليلا من الخارج من غروب [[شمس|الشمس]] حتى [[صباح (توضيح)|صباح]] اليوم الثاني، ويقوم بذلك العمل [[حارس]] مملوكي تعينه [[السلطات المحلية]]، وذلك خوفاً من عمليات السطو على الفندق وحماية النزلاء ليلا.، كما كانت تغلق أبواب الفنادق [[وقت صلاة]] الجمعة ولمدة ساعتين أو أكثر إلى حين الانتهاء من [[صلاة|الصلاة]]، كما منعت النزلاء من [[شرب الخمر]] خارج الفندق منعاً [[تصادم|للتصادم]] مع المسلمين وعدم إيذاء مشاعرهم الدينية. وقد شهد كل من رأى تلك الفنادق بالروعة والجمال، وأنها أجمل مبان شيدت في ذلك العصر.، ونتيجة لعناية الدولة بإنشاء تلك الفنادق أن تمتعت بعضها بشهرة فائقة.
 
==المصادر==
{{مراجع}}
{{شريط بوابات|إسلام|مطاعم|عمارة}}
 
[[تصنيف:عمارةمعالم إسلامية]]
[[تصنيف:مطاعم]]
[[تصنيف:آثار إسلامية]]
[[تصنيف:طريقمبان الحريرأثرية]]