الطب والصيدلة في عصر الحضارة الإسلامية: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
إملاء
ط clean up باستخدام أوب
سطر 1:
[[ملف:Cheshm manuscript.jpg|تصغير|مخطوطة عن تشريح العين لحنين بن إسحق من كتابه المسائل في العين، محفوظة في المكتبة الوطنية في القاهرة، ومؤرخة منذ عام 1200م تقريبا.]]
في تاريخ الطب، يشار بمصطلح '''الطب الإسلامي''' أو '''الطب العربي''' أو '''طب العرب''' إلى الطب الذي تطور في [[العصر الذهبي للإسلام]]، وكتب [[لغة عربية|بلغة عربية]]، والتي كانت ''[[لغة تواصل مشترك|لغة التواصل المشترك]]'' في زمن الحضارة الإسلامية. نشأ الطب الإسلامي كنتيجة للتفاعل الذي حدث بين الطب التقليدي العربي والمؤثرات الخارجية.<ref name="Pormann Edinburgh"/> كانت الترجمات الأولى للنصوص الطبية، عاملاً أساسيًا في تكوّن الطب الإسلامي.<ref name="Pormann Edinburgh"/> كما كان [[الترجمات اللاتينية في القرن الثاني عشر|للترجمات اللاتينية]] للأعمال العربية أثرها البالغ في تطور الطب في نهاية [[عصور وسطى|العصور الوسطى]] وبداية [[عصر النهضة]].<ref name="Siraisi">{{مرجع كتاب|الأخير=Siraisi|الأول=Nancy G.|العنوان=Medicine and the Italian universities 1250–1600|سنةالسنة=2001|الناشر=Brill|مكانالمكان=Leiden|الرقم المعياري=90-04-11942-6|الصفحة=203|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=3c0Tn7PnVnYC&lpg=PP1&pg=PA203#v=onepage&q&f=false}}</ref>
 
وفي الوقت الذي كانت فيه الكنيسة الغربية تحرم صناعة الطب، لأن المرض عقاب من الله لا ينبغي للإنسان أن يصرفه عمن يستحقه، وهو الاعتقاد الذي ظل سائدًا في الغرب حتى القرن الثاني عشر.<ref>{{Harvard citation no brackets|العقاد|1998|p=35}}</ref> بدأ المسلمون في القرن التاسع الميلادي في تطوير نظام طبي يعتمد على التحليل العلمي.<ref name=Shanks/> ومع الوقت، بدأ الناس يقتنعون بأهمية العلوم الصحية، واجتهد الأطباء الأوائل في إيجاد سبل العلاج. أفرز الإسلام في العصور الوسطى بعض أعظم الأطباء في التاريخ، الذين طوروا المستشفيات، ومارسوا الجراحة على نطاق واسع، بل ومارس النساء الطب، حتى أنه كانت هناك طبيبتان من عائلة [[ابن زهر]] خدمتا في بلاط [[الخلافة الموحدية|الخليفة الموحدي]] [[أبو يوسف يعقوب بن يوسف المنصور|أبو يوسف يعقوب المنصور]] في القرن الثاني عشر الميلادي.<ref>{{مرجع ويب|المسار=http://www.nlm.nih.gov/exhibition/islamic_medical/islamic_13.html |العنوان=Islamic Culture and the Medical Arts: The Art as a Profession|الناشر=[[المكتبة الوطنية لعلم الطب|United States National Library of Medicinedate]]=15 April 1998}}</ref> وقد ورد ذكر الطبيبات و[[قبالة|القابلات]] والمرضعات في الكتابات الأدبية لتلك الفترة.<ref name="Shatzmiller">{{مرجع كتاب|الأخير=Shatzmiller|الأول=Mya|العنوان= Labour in the Medieval Islamic World |سنةالسنة=1994}}</ref>
 
ويعد [[الرازي]] و[[ابن سينا]] أعظم هؤلاء الأطباء، وظلت كتبهم تدرّس في المدارس الطبية الإسلامية لفترات طويلة، كما كان لهم وبالأخص ابن سينا أثرًا عظيمًا على الطب في أوروبا في العصور الوسطى. في العصور الوسطى، كان المسلمون يصنفون الطب أنه فرع من فروع الفلسفة الطبيعية، متأثرين بأفكار [[أرسطو]] و[[جالينوس]]. وقد عرفوا التخصص، فكان منهم أطباء العيون ويعرفون بالكحالين، إضافة إلى الجراحين والفصادين والحجامين وأطباء أمراض النساء.<ref name="عفيفي179"/>
 
== نشأة الطب الإسلامي ==
كان الطب في [[جاهلية|الجاهلية]] طبًا بدائيًا اقتصر على التجارب والتعاويذ المتوارثة بين الأفراد. وقد اقتصر معظمه على الكي بالنار واستئصال الأطراف الفاسدة والتداوي بالعسل ومنقوع بعض الأعشاب النباتية، واللجوء إلى بعض التعاويذ والتمائم على يد الكهان والعرافين.<ref>{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=173}}</ref> بعد الفتوحات الإسلامية في الشرق، اهتم العرب بأعمال الأطباء الإغريق والرومان القدماء أمثال [[أبقراط]] و[[جالينوس]] و[[ديسقوريدوس]]<ref name="flinders">{{مرجع ويب|المسار=http://www.es.flinders.edu.au/~mattom/science+society/lectures/lecture11.html |العنوان=Lecture 11: Science, technology and medicine in the Roman Empire.|المؤلف=Matthias Tomczak|العمل=Science, Civilization and Society (Lecture series)}}</ref> التي كان [[سريان|السريان]] قد نقلوها إلى [[لغة سريانية|لغتهم]] في [[مدرسة جنديسابور]] التي فروا إليها هربًا من اضطهاد [[إمبراطورية بيزنطية|الأباطرة البيزنطيين]] للمذهب [[نسطورية|النسطوري]] الذي اعتنقوه.<ref name="أثر العرب 268">{{Harvard citation no brackets|أثر العرب|1970|p=268}}</ref><ref>''The American Journal of Islamic Social Sciences 22:2'' Mehmet Mahfuz Söylemez, ''The Jundishapur School: Its History, Structure, and Functions'', p.3.</ref><ref>Gail Marlow Taylor, ''The Physicians of Jundishapur'', (University of California, Irvine), p.7.</ref><ref>{{Cite journal|lastالأخير=Saad|firstالأول=Bashar|coauthorsالمؤلفين المشاركين=Azaizeh, Hassan, Said, Omar|titleالعنوان=Tradition and Perspectives of Arab Herbal Medicine: A Review|journal=Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine|dateالتاريخ=1 January 2005|volume=2|issue=4|pagesالصفحات=475–479|doi=10.1093/ecam/neh133|pmid=16322804|pmc=1297506}}</ref> ومع بداية العصر العباسي، تطور الأمر بعدما بدأ العرب في نقل العلوم الطبية من مصادرها اليونانية مباشرة، بعدما عرفوا ما في الترجمات السريانية من ضعف،<ref name="أثر العرب 268"/> على أيدي بعض الأطباء الذين حذقوا اليونانية كآل بختيشوع<ref name="عفيفي176">{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=176}}</ref> و[[حنين بن إسحاق]].<ref>{{Harvard citation no brackets|أثر العرب|1970|p=274}}</ref> ومع الوقت، انتشرت ممارسة مهنة الطب حتى أنه بلغ عدد الأطباء في بغداد وحدها في زمن الخليفة العباسي [[المقتدر بالله]] أكثر من 860 طبيب،<ref name="عفيفي176"/> بل ظهرت المصنفات التي تصنف الأطباء بحسب الفترة الزمنية التي عاشوا فيها أو بحسب المناطق التي استوطنوها، ولعل أهمها كتابي "طبقات الأطباء والحكماء" [[ابن جلجل|لابن جلجل]] و"[[عيون الأنباء في طبقات الأطباء]] [[ابن أبي أصيبعة|لابن أبي أصيبعة]].
 
== الكتب الطبية ==
[[ملف:Canons of medicine.JPG|تصغير|نسخة لاتينية من كتاب القانون في الطب ترجع لعام 1484، وهي محفوظة في مكتبة نيكسون الطبية التاريخية التابعة لجامعة تكساس للعلوم الصحية في سان أنطونيو.]]
 
كان كتاب '''فردوس الحكمة''' الذي كتبه [[ابن ربن الطبري]] في سبع مجلدات عام 860 م تقريبًا، أولى الموسوعات الطبية [[لغة عربية|بالعربية]]<ref>{{مرجع كتاب|editor-last=Selin|editor-first=Helaine|editor-link=|العنوان=Encyclopaedia of the history of science, technology and medicine in non-western cultures|سنةالسنة=1997|الناشر=Kluwer|الرقم المعياري=0-7923-4066-3|الصفحة=930|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=raKRY3KQspsC&lpg=PP1&pg=PA930#v=onepage&q&f=false}}</ref> كان الطبري من الرواد في علم [[تنشئة الطفل]]، الذي أكّد فيه الروابط القوية بين [[علم النفس]] والطب، والحاجة [[علاج نفسي|للعلاج النفسي]] و[[إرشاد (علم نفس)|الإرشاد]] عند معالجة المرضى. كما ناقشت موسوعته أثر [[ساسروتا]] و[[تشانكيا]] في الطب، بما في ذلك العلاج النفسي.<ref name=Amber>{{Cite journal| doi = 10.1007/s10943-004-4302-z | lastالأخير = Haque |firstالأول=Amber | yearالسنة = 2004 | titleالعنوان = Psychology from Islamic Perspective: Contributions of Early Muslim Scholars and Challenges to Contemporary Muslim Psychologists | urlالمسار = | journal = Journal of Religion and Health | volume = 43 | issue = 4| pagesالصفحات = 357–377 [361] | ref = harv}}</ref>
 
كتب [[محمد بن زكريا الرازي]] كتابه '''[[الحاوي في الطب]]''' في القرن التاسع الميلادي، كما كان لكتبه '''الجامع الكبير''' شهرته الخاصة، لما سجله فيه الرازي من حالات سريرية عالجها الرازي بنفسه، وقدم فيه تسجيلات مفيدة جدًا عن أمراض مختلفة.<ref name="Tibi">{{Cite journal|lastالأخير=Tibi|firstالأول=Selma|dateالتاريخ=April 2006|titleالعنوان=Al-Razi and Islamic medicine in the 9th century|workالعمل=Journal of the Royal Society of Medicine |volume=99|issue=4|pagesالصفحات=206–208|issn=01410768 |urlالمسار=http://proquest.umi.com/pqdweb?did=1032051911&Fmt=3&clientld=8421&RQT=309&VName=PQD|accessdateتاريخ الوصول=6 December 2011}}</ref> وقد نشره في 23 مجلد، كل منها تشرح أجزاء من الجسد أو أمراض معينة، صنفها وجمعها بحسب فهمه.<ref name="Tibi"/> وقد ظلت معظم الجامعات الأوروبية تستخدم كتاب الحاوي كمرجع طبي هام حتى القرن السابع عشر.<ref name="Bazmee Ansari"/> كما كتب الرازي كتابه '''المنصوري''' الذي كتبه لحاكم الريّ منصور بن إسحاق بن أحمد، والذي كان يحتوي على عشر مقالات تعتمد في الأساس على العلوم الإغريقية، اعتمد عليه طلاب الطب لقرون.<ref name="Bazmee Ansari"/> للرازي كتاب آخر اسمه '''طب الملوك'''، الذي تناول فيه كيفية العلاج والوقاية من الأمراض والعلل من خلال اتباع النظم الغذائية. ويعتقد أنه كتب هذا الكتاب لعلية القوم الذين كان يعرف عنهم نهمهم، وغالبًا ما كانوا يصابون بأمراض المعدة. ومن الأعمال الأخرى، '''أطروحة في أسباب الزكام في فصل الربيع'''، التي شرح فيها الرازي أسباب الإصابة بالزكام عند استنشاق الورود في فصل الربيع.<ref name="Bazmee Ansari"/>
 
كما كان لكتاب '''كامل الصناعة الطبية''' المعروف '''بالكتاب الملكي''' [[ابن المجوسي|لعلي بن العباس المجوسي]]، الذي يعده بعض العلماء مؤسس علم وظائف الأعضاء التشريحية،<ref>{{cite journal|lastالأخير=Goodman|firstالأول=Herman|titleالعنوان=Notable contributors to the knowledge of dermatology|journal=Medical Lay Press|yearالسنة=1953|pageالصفحة=38}}</ref> والذي احتوى على عشرين مقالة عن النظريات الطبية، والأغذية الصحية والأعشاب الطبية، وطب النساء. كما يعد من أوائل الكتب الطبية التي أفردت قسمًا للحديث عن [[طب الجلد|الأمراض الجلدية]].<ref name="Marquis">{{cite journal|lastالأخير=Marquis|firstالأول=Leslie|titleالعنوان=Arabian Contributors to Dermatology|journal=International Journal of Dermatology|yearالسنة=1985|volume=24|issue=1|pagesالصفحات=60–64|doi=10.1111/j.1365-4362.1985.tb05366.x}}</ref> ومن الكتب الهامة أيضًا كتاب '''[[القانون في الطب]]''' الذي انقسم إلى خمس مجلدات : احتوى المجلد الأول على خلاصة وافية للمبادئ الطبية، والثاني مرجع للأدوية المخدرة، والثالث يصف أمراض الأعضاء كل على حدة، والرابع يناقش الأمراض التقليدية وبه قسم للتدابير الصحية الوقائية، والخامس به وصفات للأدوية المجمعة.<ref name="Sajadi">{{Cite journal|lastالأخير=Sajadi|firstالأول=Mohammad M.|coauthorsالمؤلفين المشاركين=Davood Mansouri, Mohamad-Reza M. Sajadi|titleالعنوان=Ibn Sina and the Clinical Trial|journal=Annals of Internal Medicine|dateالتاريخ=5|yearالسنة=2009|monthالشهر=May|volume=150|issue=9|pagesالصفحات=640–643|urlالمسار=http://0-web.ebscohost.com.lilac.une.edu/ehost/detail?vid=3&hid=122&sid=0281f1e2-2dd3-40c3-9129-5e6277992561@sessionmgr112&bdata=JnNpdGU9ZWhvc3QtbGl2ZQ==#db=a9h&AN=39342110|accessdateتاريخ الوصول=7 December 2011|issn=00034819}}</ref> لذا، فقد كان للقانون تأثيره الكبير في المدارس الطبية والمؤلفين الطبيين المتأخرىن.<ref name="Moosavi"/>
 
اهتم الأطباء المسلمون أيضًا بما يعرف الآن [[طب وقائي|الطب الوقائي]]، وكانت لهم كتب تهتم بكيفية الحفاظ على الصحة، عن طريق الحفاظ على نظافة البيئة المحيطة وسبل التغذية السليمة، وممارسة الرياضة للحفاظ على الجسم. لعل أشهرها كتاب '''[[تقويم الصحة (كتاب)|تقويم الصحة]]''' [[ابن بطلان|لابن بطلان]] الذي كانت له شعبيته في أوروبا العصور الوسطى، وبه يدلل على تأثير الثقافة العربية على بدايات الحضارة الأوروبية الحديثة.<ref name=cam>[http://www.joh.cam.ac.uk/library/special_collections/early_books/pix/taqwim.htm Ibn Butlan's Tacuinum sanitatis in medicina. Strassburg, 1531.]</ref><ref name="Loudon2002">{{مرجع كتاب|الأخير=Loudon|الأول=Irvine|العنوان=Western Medicine: An Illustrated History|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=dJEWZq0bq8kC|تاريخ الوصول=5 September 2012|date=2002-03-07|الناشر=Oxford University Press|الرقم المعياري=9780199248131}}</ref> إضافة إلى الكتب التي تناولت مواضيح طبية أخرى مثل [[طب المسنين|صحة المسنين]] ككتاب '''طب المشايخ''' [[ابن الجزار|لابن الجزار]]،<ref name=autogenerated1>[http://www.islam.org.br/al_jazzar.htm Al Jazzar]</ref><ref>[http://www.bium.univ-paris5.fr/ishm/vesalius/VESx1998x04x01.pdf ''Vesalius'' Official journal of the International Society for the History of Medicine]</ref> واضطرابات النوم ككتاب '''لنسيان وطرق تقوية الذاكرة''' لابن الجزار أيضًا.<ref>[http://www.medarus.org/Medecins/MedecinsTextes/al_jazzar.htm Algizar a web page in french]</ref><ref>Gerrit Bos, ''Ibn al-Jazzar'', ''Risala fi l-isyan'' (Treatise on forgetfulness), London, 1995</ref>
 
وقد استفادت أوروبا من الترجمات للكتب الطبية الإسلامية على يد مترجمين أمثال [[جيراردو الكريموني]] الذي ترجم جزء الجراحة من كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي إلى اللاتينية، واستخدم من حينها في [[كلية طب|كليات الطب]] الأوروبية لقرون، وظلوا يصدرون منه الطبعات حتى نحو عام 1770.<ref name=Campbell-3>D. Campbell, ''Arabian Medicine and Its Influence on the Middle Ages'', p. 3.</ref><ref name=Albucasis>[http://www.sciencemuseum.org.uk/broughttolife/people/albucasis.aspx Albucasis] Science museum on Albucasis</ref> كما ترجم [[قسطنطين الأفريقي]] كتاب '''زاد المسافر وقوت الحاضر''' [[ابن الجزار|لابن الجزار]] وكتاب '''القانون في الطب''' لابن سينا وكتاب '''الجامع الكبير''' للرازي.<ref name="عفيفي180">{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=180}}</ref>
سطر 24:
وقد ظلت بعض المؤلفات الطبية للمسلمين ككتاب '''[[القانون في الطب]]''' لابن سينا و'''[[الحاوي في الطب]]''' للرازي و'''[[التصريف لمن عجز عن التأليف]]''' للزهراوي، تدرس في جامعات أوروبا حتى القرن الثامن عشر.<ref>{{Harvard citation no brackets|طوقان|-|p=18}}</ref>
 
كما قدم المسلمون أعمالاً في مجال الأخلاقيات الطبية، ويعد كتاب '''أدب الطبيب''' [[إسحاق بن علي الرهاوي|للرهاوي]] أقدم الأعمال العربية في مجال [[أخلاقيات الطب]] الذي اعتمد فيه على أعمال أبقراط وجالينوس.<ref name="Prioreschi">{{مرجع كتاب|الأخير=Prioreschi|الأول=Plinio|العنوان=A History of Medicine: Byzantine and Islamic medicine|سنةالسنة=2001|الناشر=Horatius Press|مكانالمكان=Omaha, NE|الرقم المعياري=1-888456-04-3|الصفحة=394|الإصدار=1st|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=q0IIpnov0BsC&lpg=PR3&pg=PA394#v=onepage&q&f=false}}</ref> وقد وصف الرهاوي في كتابه الأطباء بأنهم "رعاة الروح والجسد"، وكتب فيه عشرين فصلاً في مختلف العناوين المرتبطة بالأخلاقيات الطبية.<ref>{{Cite journal|lastالأخير=Levey|firstالأول=Martin|titleالعنوان= Medical Ethics of Medieval Islam with Special Reference to Al-Ruhāwī's "Practical Ethics of the Physician"|journal=Transactions of the American Philosophical Society|yearالسنة=1967|volume=57|series=New Series|issue=3|pagesالصفحات=1–100|publisherالناشر=American Philosophical Society|issn=00659746|jstor=1006137}}</ref> كما اهتم الرازي أيضًا بالأخلاقيات الطبية، والتي كتب فيها كتابًا بعنوان '''أخلاق الطبيب'''.<ref name="Karaman"/> في هذا الكتاب، كتب الرازي عن أهمية الحالة المعنوية للمريض. كما اعتقد أنه ليس فقط من الضروري للطبيب أن يكون حاذقًا في مجاله، بل يجب أن يكون نموذجًا يحتذى به. انقسمت أفكاره حول الأخلاقيات الطبية إلى ثلاث مفاهيم: مسؤولية الطبيب عن مرضاه، ومسؤوليته أمام نفسه، إضافة إلى مسؤولية المريض أمام الطبيب.<ref name="Karaman"/>
 
== أشهر الأطباء المسلمين ==
{| class="toccolours" style="float: left; margin-left: 0em; margin-right: 1em; font-size: 85%; background:#c6dbf7; color:black; width:30em; max-width: 20%;" cellspacing="5"
| style="text-align: left;" |<center>"كان فن المعالجة ميتًا، إلى أن أحياه جالينوس؛ وكان مبعثرًا، فرتّبه الرازي، وكان ناقصًا، فأتمّه ابن سينا"<ref name="Bazmee Ansari">{{Cite journal|lastالأخير=Bazmee Ansari|firstالأول=A.S.|titleالعنوان=Abu Bakr Muhammad Ibn Yahya: Universal scholar and scientist|journal=Islamic Studies|yearالسنة=1976|volume=15|issue=3|pagesالصفحات=155–166|urlالمسار=http://0-www.jstor.org.lilac.une.edu/stable/20847003|accessdateتاريخ الوصول=6 December 2011}}</ref></center>
|}
 
اشتهر الكثير من الأطباء المسلمين، وكانت لهم اسهاماتهم المتميزة التي أعلت من مكانتهم، [[أبو بكر الرازي|كأبي بكر الرازي]] الذي أطلق عليه "جالينوس العرب" لما قدّمه من مؤلفات وإنجازات في الطب، كما يعتبره البعض أبو الطب الإسلامي، وأعظم الأطباء في العالم الإسلامي،<ref name="Karaman">{{Cite journal|lastالأخير=Karaman|firstالأول=Huseyin|dateالتاريخ=June 2011|titleالعنوان=Abu Bakr Al Razi (Rhazes) and Medical Ethics|urlالمسار=http://dergi.samsunilahiyat.com/Makaleler/450713538_05_HüseyinKaraman.pdf|workالعمل=Ondokuz Mayis University Review of the Faculty of Divinity |issue=30|pagesالصفحات=77–87|issn=13003003|accessdateتاريخ الوصول=1 December 2011}}</ref> بالإضافة إلى شهرته كطبيب، فقد كان الرازي عالمًا موسوعيًا،<ref name="Bazmee Ansari"/> له مائتي مصنف نصفها في الطب. ويعد الرازي أول من أرجع سبب الإصابة ببعض الأمراض إلى أسباب [[وراثة|وراثية]].<ref name="عفيفي179">{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=179}}</ref> وقد كان الرازي "أول الأطباء المسلمين في العصور الوسطى ممارسة للطب بطريقة شاملة وموسوعية، متفوقًا على جالينوس نفسه... وقد اشتهر الرازي بأنه أول من وصف وفرّق بين مرضي [[جدري|الجدري]] و[[الحصبة]] على نحو دقيق".<ref>{{مرجع كتاب|الأخير=Deming|الأول=David|العنوان=Science and Technology in World History: The ancient world and classical civilization|سنةالسنة=2010|الناشر=Mcfarland|مكانالمكان=Jefferson|الرقم المعياري=0-7864-3932-7 |الصفحة=93|مسارالمسار=http://books.google.com/books?id=JZONR6frqcQC&lpg=PP1&pg=PA93#v=onepage&q&f=false}}</ref> لمع منهم أيضًا [[الزهراوي]] الذي عدّه الغرب "أبو الجراحة الحديثة"،<ref name=Ahmad>{{citation|lastالأخير=Ahmad|firstالأول=Z. (St Thomas' Hospital)|titleالعنوان=Al-Zahrawi - The Father of Surgery|journal=ANZ Journal of Surgery|yearالسنة=2007|volume=77|issue=Suppl. 1|pageالصفحة=A83|doi=10.1111/j.1445-2197.2007.04130_8.x|pagesالصفحات=A83}}</ref> و[[ابن النفيس]] مكتشف الدورة الدموية الصغرى.<ref name="طوقان23"/> و[[ابن الجزار]] صاحب كتاب '''زاد المسافر وقوت الحاضر'''.<ref>[http://www.nlm.nih.gov/hmd/arabic/mon3.html#a92item1 Islamic medical Manuscripts]</ref>
 
لمع منهم أيضًا الطبيب والفيلسوف المسلم ''[[ابن سينا]]'' لأعماله العلمية، وبالأخص لكتاباته في الطب.<ref name="Moosavi">{{Cite journal|lastالأخير=Moosavi|firstالأول=Jamal|titleالعنوان=The Place of Avicenna in the History of Medicine|journal=Avicenna Journal of Medical Biotechnology|yearالسنة=2009|monthالشهر=April–June|volume=1|issue=1|urlالمسار=http://0-web.ebscohost.com.lilac.une.edu/ehost/pdfviewer/pdfviewer?sid=5af9392b-50c8-48d3-93b6-ea345671f38f@sessionmgr111&vid=4&hid=122|accessdateتاريخ الوصول=7 December 2011|issn=20082835}}</ref> كما اشتهر ابن سينا لكتابيه ''[[القانون في الطب]]'' وهو الأشهر، و''[[كتاب الشفاء]]''. وقد غطت أعماله الأخرى مواضيع حول أدوية القلب، وعلاج أمراض الكلى.<ref name="Moosavi"/>
 
== إنجازات المسلمين في الطب ==
=== التشريح وعلم وظائف الأعضاء ===
[[ملف:ibn al-nafis page.jpg|300px|تصغير|مقدمة كتاب طبي ل[[ابن النفيس]] مكتشف الدورة الدموية الصغرى.]]
كان [[ابن النفيس|لابن النفيس]] فضلاً كبيرًا في تقدم علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء، ولكن من غير المؤكد إنه توصل إلى ما توصل إليه عن طريق تشريح الإنسان، لاستنكاف ابن النفيس ممارسة التشريح لتعارضه مع الشريعة وشفقته على أجساد البشر.<ref name=huff>{{مرجع كتاب|الأخير=Huff|الأول=Toby|العنوان=The Rise of Early Modern Science: Islam, China, and the West|سنةالسنة=2003|الناشر=Cambridge University Press|الرقم المعياري=0-521-52994-8|الصفحات=169}}</ref><ref>{{Cite journal|lastالأخير=Savage-Smith|firstالأول=E.|titleالعنوان=Attitudes Toward Dissection in Medieval Islam|journal=Journal of the History of Medicine and Allied Sciences 50, no. 1|dateالتاريخ=1|yearالسنة=1995|monthالشهر=January|volume=50|issue=1|pagesالصفحات=67–110}}</ref>
 
يعتقد أن الأطباء الإغريق قد عرفوا مسارات الدم في أجساد البشر.<ref name="Hehmeyer"/> إلا أنه كان هناك تساؤل حول كيفية تدفق الدم من البطين الأيمن للقلب إلى البطين الأيسر، قبل أن يتم ضخ الدم إلى باقي الجسم.<ref name="Hehmeyer"/> وقد ذكر [[جالينوس]] في القرن الثاني الميلادي، أن الدم يصل إلى البطين الأيسر عبر مسارات غير مرئية في الحاجز البطيني.<ref name="Hehmeyer"/> وفي القرن الثالث عشر الميلادي، اعتبر ابن النفيس أن فرضية جالينوس تلك خاطئة،<ref name="Hehmeyer"/> بعد أن اكتشف أن الحاجز البطيني لا يمكن اختراقها، وليس به أي نوع من المقاطع غير المرئية، مما يفند افتراض جالينوس.<ref name="Hehmeyer"/> بدلاً عن ذلك، اكتشف ابن النفيس أن انتقال الدم من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر يتم عن طريق الرئتين، وهو ما عرف باسم [[الدورة الدموية الصغرى]].<ref name="طوقان23"/> غير أن كتاباته عن هذا الاكتشاف لم تكتشف إلا في القرن العشرين،<ref>[http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1390327/?page=3 A FORGOTTEN CHAPTER IN THE HISTORY OF THE CIRCULATION OF THE BLOOD] Ann Surg. 1936 July; 104(1): 1–8</ref>
وكان [[ويليام هارفي]] قد اكتشف تلك النظرية بصورة مستقلة بعد ابن النفيس بقرون.<ref name=hannam>{{مرجع كتاب|الأخير=Hannam|الأول=James|العنوان=The Genesis of Science|سنةالسنة=2011|الناشر=Regnery Publishing|الرقم المعياري=1-59698-155-5|الصفحات=262}}</ref>
[[ملف:Mansur1911.jpg|تصغير|يمين|تشريح بدن إنسان ل[[منصور بن إلياس]]]]
كما وصف [[ابن أبي الأشعث]] وظائف المعدة على أسد حي، في كتابه ''الغادي والمغتدي''.<ref name="Haddad (959 AD)">{{Cite journal|lastالأخير=Haddad|firstالأول=Farid S.|titleالعنوان=InterventionaI physiology on the Stomach of aLive Lion: AlJ,mad ibn Abi ai-Ash'ath (959 AD)|journal=Journal of the Islamic Medical Association|dateالتاريخ=18|yearالسنة=2007|monthالشهر=March|volume=39|pagesالصفحات=35|urlالمسار=http://jima.imana.org/article/viewFile/5269/39_1-6|accessdateتاريخ الوصول=4 December 2011}}</ref> حيث كتب :
{{quote|عندما يدخل الطعام المعدة، خاصة عندما تكون ممتلئة، تتسع المعدة وتتمدد طبقاتها... الناظر للمعدة يراها صغيرة إلى حد ما، لذا فقد شرعت في صب إبريق بعد إبريق في فمها... الطبقة الداخلية للمعدة المنتفخة أصبح ناعمة كطبقة الغشاء البريتوني الخارجية. ثم قطعت المعدة وسمحت للماء بالخروج، فتقلصت المعدة، حتى رأيت فمها<ref name="Haddad (959 AD)"/>}}
 
سطر 69:
[[ملف:Zahrawi1.png|تصغير|يسار|رسوم توضيحية لبعض الأدوات الجراحية التي صنعها الزهراوي من كتاب [[التصريف لمن عجز عن التأليف]].]]
 
ساهم نمو وانتشار المستشفيات في العالم الإسلامي قديمًا في انتشار ممارسة الجراحة، حيث كان الأطباء على معرفة بكيفية إجراء العمليات الجراحية لانتشار الكتابات الطبية التي تشمل وصف لكيفية إجراء تلك الجراحات.<ref name="Pormann Edinburgh">{{مرجع كتاب|الأول1=Peter E.|الأخير1=Pormann|الأول2=Emilie|الأخير2=Savage-Smith|العنوان=Medieval Islamic Medicine|الناشر=Edinburgh University Press|سنةالسنة=2007|الرقم المعياري=0-7486-2066-4|ref=harv}}</ref> اتخذ المسلمون من الترجمات للكتابات الطبية القديمة ركيزة لنشر الممارسات الجراحية. لم يكن الأطباء يفضلون إجراء الجراحات لنسب نجاحاتها الضعيفة نسبيًا.<ref name="Pormann Edinburgh"/> وقد برع المسلمون في العديد من العمليات الجراحية، كالتجبير وشق [[مثانة|المثانة]] و[[فتق|الفتق]]،<ref>{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=181}}</ref> إضافة إلى [[حجامة|الحجامة]] و[[كي (طب)|الكي]] اللتان كانتا من الوسائل العلاجية الشائعة التي استخدمها الأطباء المسلمون قديمًا، وقد كانوا يستخدمونها على نطاق واسع لعلاج العديد من الأمراض. كانوا يستخدمون الكي بقضيب معدني لإيقاف النزيف من الجروح وحمايتها من العدوى.<ref name="Pormann 115"/> كما عنوا بكتابة الكتب الطبية التي تصف العمليات الجراحية وكيفية إجرائها، بل وكانت لهم اختراعاتهم الجراحية، كالتي صنعها الزهراوي ورسمها في كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف"<ref>{{Harvard citation no brackets|أثر العرب|1970|p=299}}</ref> والتي تصل إلى 200 [[أدوات الجراحة|أداة جراحية]]،<ref>{{مرجع كتاب|الأخير=Holmes-Walker|الأول=Anthony|العنوان=Life-enhancing plastics : plastics and other materials in medical applications|سنةالسنة=2004|الناشر=Imperial College Press|مكانالمكان=London|الرقم المعياري=1-86094-462-0|الصفحة=176}}</ref> والخيوط الجراحية التي صنعوها من أمعاء القطط والحيوانات الأخرى.<ref>{{Harvard citation no brackets|طوقان|-|p=24}}</ref>
 
أما الحجامة، فكان يستخدم لإزالة الأخلاط السيئة من جسم المريض.<ref name="Pormann 115">{{مرجع كتاب|الأخير=Pormann|الأول=Peter|العنوان=Medieval Islamic medicine|سنةالسنة=2007|الناشر=Georgetown University Press|مكانالمكان=Washington, D.C.|الصفحات=115–138}}</ref> كما استخدموا [[الفصد]] لإزالة الدم من الأوردة مباشرة. كانت الحجامة إما "حجامة رطبة" تتم عن طريق شق بسيط في الجلد وسحب الدم بواسطة كوب دافئ. تتسبب الحرارة والشفط إلى الكوب الزجاجي في خروج الدم إلى سطح الجلد وإزالته. أما "الحجامة الجافة"، فتتم باستخدام الكوب الساخن دون شق الجلد، في مناطق معينة من جسم المريض لتخفيف الألم والحكة، وغيرها من الأمراض الشائعة.<ref name="Pormann 115"/> كانت تلك العمليات تتسبب أحيانًا في جروح وربما وفاة المريض، نتيجة الإهمال أثناء الشق.<ref name="Pormann 115"/>
 
=== تشخيص الأمراض ===
سطر 85:
 
== البيمارستانات ==
تطورت المستشفيات في بداية العهد الإسلامي، وأطلقوا عليها اسم [[بيمارستان|البيمارستان]]، وهي كلمة فارسية تعني "بيت المرضى."<ref name=Horden>{{Cite journal|lastالأخير=Horden|firstالأول=Peregrine|titleالعنوان=The Earliest Hospitals in Byzantium, Western Europe, and Islam|journal=Journal of Interdisciplinary History|yearالسنة=2005|monthالشهر=Winter|volume=35|issue=3|pagesالصفحات=361–389}}</ref> نشأت فكرة المستشفيات كأماكن لعلاج المرضى على يد الخلفاء الأوائل.<ref name=Nagamia>{{Cite journal|lastالأخير=Nagamia|firstالأول=Hussain|titleالعنوان=Islamic Medicine History and Current Practice|journal=Journal of the International Society for the History of Islamic Medicine|yearالسنة=2003|monthالشهر=October|volume=2|issue=4|pagesالصفحات=19–30|urlالمسار=http://www.ishim.net/ishimj/not%20used/not%20used/JISHIM%20VOL.2%20NO.4%20PDF.pdf#page=24|accessdateتاريخ الوصول=1 December 2011}}</ref> وتعد باحة [[المسجد النبوي]] في [[المدينة المنورة]] في عهد النبي [[محمد]]، أول مستشفى في الإسلام.<ref name=Rahman>{{Cite journal|lastالأخير=Rahman|firstالأول=Haji Hasbullah Haji Abdul|titleالعنوان=The development of the Health Sciences and Related Institutions During the First Six Centuries of Islam|journal=ISoIT|yearالسنة=2004|pagesالصفحات=973–984}}</ref> كان ذلك خلال [[غزوة الخندق]], حيث أمر النبي بنصب خيمة ليعالج فيها الجرحى.<ref name=Rahman/> ومع الوقت، وسّع الخلفاء والحكام البيمارستانات لتشمل الأطباء والصيادلة.
 
وقد بنى الخليفة الأموي [[الوليد بن عبد الملك]] أول بيمارستان في [[دمشق]] عام 88 هـ/707 م.<ref name=Miller>{{citeاستشهاد newsبخبر|urlالمسار=http://jrsm.rsmjournals.com/content/99/12/615.short|firstالأول=Andrew C |lastالأخير=Miller|titleالعنوان=Jundi-Shapur, bimaristans, and the rise of academic medical centres|workالعمل=Journal of the Royal Society of Medicine|doi=10.1258/jrsm.99.12.615 |dateالتاريخ=December 2006 |volume=99 |number=12 |pagesالصفحات=615–617}}</ref><ref>{{Harvard citation no brackets|عفيفي|1977|p=184}}</ref> كان بالبيمارستان طاقم من الأطباء مدفوعي الأجر،<ref>{{Harvard citation no brackets|محاسنة|2001|p=208}}</ref> كما كان مجهزًا تجهيزًا جيدًا.<ref name=Rahman/> كان يعالج فيه المكفوفين، والمجذومين وغيرهم من المعاقين، حيث كان مرضى [[جذام (مرض)|الجذام]] يعزلون عن بقية المرضى.<ref name=Rahman/> وقد اعتقد البعض أن البيمارستان ما هو إلا مكان لعزل المجذومين، لأنهم كانوا يجمعون به.<ref name=Miller/> أما أول مستشفى إسلامي حقيقي فقد بني في عهد الخليفة [[هارون الرشيد]]،<ref name=Nagamia/> عندما دعا الخليفة الطبيب [[جبريل بن بختيشوع]] لبناء بيمارستان جديد في بغداد. حقق هذا البيمارستان شهرته سريعًا، فكان سببًا في انتشار البيمارستانات في بغداد.<ref name=Nagamia/>
 
=== مميزات البيمارستانات ===
مع تطور البيمارستانات في العهد الإسلامي، أصبحت هناك مميزات خاصة بها، فقد كانت تعتمد على العلوم لا مكان للكهانة فيها، كما عالجت جميع البشر بغض النظر عن عرقه أو دينه أو جنسيته أو جنسه.<ref name=Nagamia/> وتدل وثائق [[نظام الوقف الإسلامي|الوقف الإسلامي]] أنه لم يطرد منها أحد أبدًا، كما كان هدف العاملين الأسمى هو مساعدة المرضى.<ref name=Rahman/> لم يكن هناك وقت محدد بعده يطرد المريض من البيمارستان;<ref name=Miller/> حيث تثبت وثائق الوقف أنه كان من الحق المرضى أن يبقوا في البيمارستانات حتى يتعافوا تمامًا.<ref name=Nagamia/> كان هناك قسمين متساويين أحدهما للرجال والآخر للنساء،<ref name=Nagamia/><ref name=Rahman/> كان بها أقسام منفصلة للأمراض العقلية والأمراض المعدية والأمراض غير المعدية والجراحة والصيدلة وأمراض العيون،<ref name=Rahman/><ref name=Miller/> ولكل قسم فريق من الأطباء والممرضين من نفس الجنس.<ref name=Miller/> كل بيمارستان به قاعة للدروس ومطبخ وصيدلية ومكتبة ومسجد وأحيانًا كنيسة للمرضى المسيحيين.<ref name=Shanks>{{Cite journal|lastالأخير=Shanks|firstالأول=Nigel J.|coauthorsالمؤلفين المشاركين=Dawshe, Al-Kalai|titleالعنوان=Arabian medicine in the Middle Ages|journal=Journal of the Royal Society of Medicine|yearالسنة=1984|monthالشهر=January|volume=77|pagesالصفحات=60–65|urlالمسار=http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1439563/pdf/jrsocmed00227-0074.pdf|pmc=1439563|pmid=6366229|issue=1}}</ref><ref name=Miller/> وعادة ما كانت هناك بعض الفقرات الترفيهية والموسيقية للترويح عن المرضى.<ref name=Miller/>
 
لم تكن البيمارستانات أماكن للعلاج فقط، ولكنها كانت بمثابة مدارس طبية لتعليم وتدريب طلاب الطب.<ref name=Rahman/> كانت العلوم الأساسية تدرس على يد معلمين خاصين. وقد كانت البيمارستانات الإسلامية أولى المستشفيات التي تحتفظ بسجلات مكتوبة عن حالة المرضى وعلاجهم.<ref name=Rahman/> كان الطلاب هم المسئولين عن تدوين حالة المرضى، تحت إشراف الإطباء.<ref name=Miller/>
سطر 97:
 
== الصيدلة ==
كما اهتم العرب بترجمة المؤلفات الطبية، اهتموا أيضًا بترجمة الكتب التي تناولت طب الأعشاب كأعمال [[ديسقوريدوس]]<ref name="أثر العرب 283">{{Harvard citation no brackets|أثر العرب|1970|p=283}}</ref> بل وجابوا الأمصار يصفون نباتاتها وخواصها، وكانت لهم كتبهم في وصف النباتات كأعمال [[ابن البيطار]] و[[داود الأنطاكي]]،<ref name="أثر العرب 283"/> و[[ابن التلميذ]] صاحب كتاب '''الأقربازين الكبير''' الذي ظل مرجعًا أساسيًا في علم صناعة الدواء في البيمارستانات في عصر الحضارة الإسلامية.<ref name="chipman">{{مرجع كتاب|الأخير=Chipman|الأول=Leigh|العنوان=The world of pharmacy and pharmacists in Mamlūk Cairo|سنةالسنة=2010|الناشر=Brill|مكانالمكان=Leiden|الرقم المعياري=90-04-17606-3|الصفحات=31–32}}</ref>
[[ملف:Al biruni 28-02-2010.jpg|تصغير|يسار|[[أبو الريحان البيروني]]]]
كانت نشأة علم [[صيدلية|الصيدلة]] كعلم واضح المعالم ومهنة مستقلة في بداية القرن التاسع على يد العلماء المسلمين. فقد ذكر [[أبو الريحان البيروني|البيروني]] أن "الصيدلة أصبحت مستقلة عن الطب لغويًا كانفصال [[علم العروض]] عن [[الشعر]]، و[[المنطق]] عن [[الفلسفة]]، لأنها عامل مساعد للطب أكثر منها كونها تابعة له".<ref>{{مرجع كتاب|الأخير=O'Malley|الأول=Charles Donald|العنوان=The History of Medical Education: An International Symposium Held February 5-9, 1968, Volume 673|سنةالسنة=1970|الناشر=University of California Press|مكانالمكان=Berkeley, Univ. of Calif. Press|الرقم المعياري=0520015789|الصفحات=60–61}}</ref> كما كانت المهنة على قدر عال من التنظيم، فلم يكن الصيادلة الحق في ممارسة المهنة إلا بعد الترخيص لهم، وقيد أسمائهم بجداول خاصة بالصيادلة، كما كان لكل مدينة مفتش خاص للصيدليات وتحضير الأدوية.<ref>{{Harvard citation no brackets|طوقان|-|p=27}}</ref>
 
استخدم الأطباء المسلمون في العصور الوسطى النباتات والمواد الطبيعية كنوع من العلاج أو الدواء وكمصدر للعقاقير الطبية بما في ذلك [[خشخاش منوم|الخشخاش المنوم]] و[[القنب]].<ref name="Hamarneh">{{cite journal|lastالأخير=Hamarneh|firstالأول=Sami|titleالعنوان=Pharmacy in medieval islam and the history of drug addiction|journal=Medical History|yearالسنة=1972|monthالشهر=July|volume=16|issue=3|pagesالصفحات=226–237|urlالمسار=http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1034978/pdf/medhist00126-0026.pdf|accessdateتاريخ الوصول=4 December 2011|pmc=1034978|pmid=4595520}}</ref> قبل الإسلام في الجزيرة العربية، لم يكن الخشخاش والقنب معروفين، حيث عرف المسلمون القنب القادم من [[الهند]] في القرن التاسع، بعد أن أطلعوا على الثقافة والأدب الطبي للفرس والإغريق.<ref name="Hamarneh"/> كما نقلوا عن [[ديسقوريدوس]] الذي اعتبروه أعظم علماء النبات القدامى، أنه أوصى ببذور القنب لتهدئة آلام الفك وعصيره لأوجاع الأذن.<ref name="Hamarneh"/> منذ عام 800 ولقرنين تاليين، اقتصر استخدام الخشخاش على الأغراض العلاجية.<ref name="Hamarneh"/> إلا أن الجرعات في كثير من الأحيان كانت تتجاوز الحاجة الطبية. أما الخشخاش فقد وصفه [[يوحنا بن ماسويه]] لتخفيف آلام نوبات [[حصاة صفراوية|الحصاة الصفراوية]] و[[حمى|الحمى]] و[[عسر الهضم]] والعين والرأس وأوجاع الأسنان و[[التهاب الجنبة|ذات الجنب]] وكمنوّم.<ref name="Hamarneh"/> على الرغم من فوائد الخشخاش الطبية، فقد حذر ابن ربن الطبري من أن خلاصة أوراق الخشخاش قاتلة، وأن خلاصة [[أفيون (مخدر)|الأفيون]] سامة.<ref name="Hamarneh"/> كما استخلص المسلمون أدوية جديدة من [[سنا إسكندراني|السنامكي]] و[[كافور (نبات)|الكافور]] و[[صندل (شجر)|الصندل]] و[[راوند|الراوند]] و[[مسك|المسك]] و[[جوز مقيء|جوز القيء]] و[[تمر هندي|التمر الهندي]] و[[حنظل|الحنظل]] و[[بيش (نبتة عشبية)|خانق الذئب]] وغيرها.<ref>{{Harvard citation no brackets|طوقان|-|p=28}}</ref>
 
=== التخدير والمطهرات ===
كان [[تخدير|التخدير]] و[[مطهر|المطهرات]] من الأمور المهمة في الجراحة عند الأطباء المسلمين القدامى. قبل تطوّر التخدير والمطهرات، كانت الجراحة مقتصرة على الكسور والخلع وبتر الأطراف.<ref name="Pormann 115"/> حاول الأطباء المسلمون منع الإصابة بالعدوى عند إجراء الجراحات، فكانوا يغسلون المريض قبل الجراحة وبعدها، كما كانوا ينظفون المكان بالكحول أو زيوت الورود أو بخليط منهما أو بمحلول ملحي أو بالخل، وهي مواد لها خصائص مطهرة.<ref name="Pormann 115"/> كما استخدموا الأعشاب المختلفة و[[راتنج]]ات منها [[لبان|اللبان]] و[[مر (نبات)|المر]] و[[قرفة|القرفة]] لمنع العدوى، لكنه من غير المعروف على وجه الدقة مدى فعالية تلك المواد في الوقاية من التسمم. كان الأفيون معروفًا كمسكّن للألم منذ القدم؛ كما استخدمت غيرها من المخدرات [[بنج أسود|كالبنج الأسود]] و[[شوكران (نبات)|الشوكران]] و[[عنب الذئب]] وبذور [[خس|الخس]] لعلاج الألم. كانت بعض هذه الأدوية وخاصة الأفيون، تتسبب في النعاس، وقد أكد بعض علماء المعاصرين أنها كانت تستخدم لإفقاد الشخص وعيه قبل الجراحة.<ref name="Pormann 115"/> كما استخدم الأطباء المسلمون أيضًا [[كلوريد الزئبق الثنائي]] لتطهير الجروح.<ref>{{مرجع كتاب|الأخير=Maillard|الأول=Adam P. Fraise, Peter A. Lambert, Jean-Yves|العنوان=Principles and Practice of Disinfection, Preservation and Sterilization|سنةالسنة=2007|الناشر=John Wiley & Sons|مكانالمكان=Oxford|الرقم المعياري=0470755067|الصفحة=4}}</ref><ref>{{مرجع ويب|العنوان=History of Aseptic Technique|المسار=http://jace.myweb.uga.edu/MiboWebsite/MiboWebHist.htm|تاريخ الوصول=15 May 2012}}</ref>
 
== أثر المسلمين في الطب ==
ساعد تقبّل المسلمين في العصور الوسطى للأفكار الجديدة ومحافظتهم على النصوص القديمة، على تقدم الطب في خلال تلك الفترة، فقد أضافوا للأفكار والتقنيات الطبية القديمة، وطوّروا العلوم الطبية وما يتعلق بها، وعززوا المعرفة الطبية في مجالات مثل الجراحة وفهم جسم الإنسان، على الرغم من عدم اعتراف العديد من الباحثين الغربيين بأثر المسلمين على الطب، معتبرين أنهم لم يكن لهم أثر مستقل عن الطب الروماني والإغريقي القديم.<ref name="Hehmeyer">{{cite journal|lastالأخير=Hehmeyer|firstالأول=Ingrid|coauthorsالمؤلفين المشاركين=Khan Aliya|titleالعنوان=Islam's forgotten contributions to medical science|journal=Canadian Medical Association Journal| dateالتاريخ=8|yearالسنة=2007|monthالشهر=May|volume=176|issue=10|pagesالصفحات=1467|doi=10.1503/cmaj.061464|urlالمسار=http://www.cmaj.ca/content/176/10/1467.full|accessdateتاريخ الوصول=6 December 2011}}</ref> وقد عارض [[جورج سارتون]] القول بأن العرب ما هم إلا نقلة مهرة للعلوم ولم يضيفوا إليها قائلاً : {{اقتباس مضمن|إن بعض الغربيين الذين يستخفون بما أسداه الشرق إلى العمران، يصرحون بأن العرب والمسلمين نقلوا العلوم القديمة، ولم يضيفوا إليها شيئًا... هذا الرأي خطأ... لو لم تنقل إلينا كنوز الحكمة اليونانية، ولولا إضافات العرب الهامة، لتوقف سير المدنية بضعة قرون...}}<ref>{{Harvard citation no brackets|طوقان|-|p=17}}</ref>
 
== المراجع ==
سطر 117:
<div class="reflist4" style="height: 220px; overflow: auto; padding: 3px">
<div class="mw-content-ltr">
* {{مرجع كتاب |الأخير1=Morelon|الأول1=Régis|الأخير2=رشدي|الأول2=راشد|سنةالسنة=1996|العنوان=Encyclopedia of the History of Arabic Science|volume=3|الناشر=Routledge|الرقم المعياري=0-415-12410-7|ref=harv|postscript=}}
* {{مرجع كتاب|الأول=Edward G.|الأخير=Browne|وصلة المؤلف=|العنوان=Islamic Medicine|سنةالسنة=2002|الناشر=Goodword Books|الرقم المعياري=81-87570-19-9|ref=harv}}
* {{مرجع كتاب|الأول=Michael W.|الأخير=Dols|العنوان=Medieval Islamic Medicine: Ibn Ridwan's Treatise "On the Prevention of Bodily Ills in Egypt"|series=Comparative Studies of Health Systems and Medical Care|الناشر=University of California Press|سنةالسنة=1984|الرقم المعياري=0-520-04836-9|ref=harv}}
* {{مرجع كتاب|الأول1=Peter E.|الأخير1=Pormann|الأول2=Emilie|الأخير2=Savage-Smith|العنوان=Medieval Islamic Medicine|الناشر=Edinburgh University Press|سنةالسنة=2007|الرقم المعياري=0-7486-2066-4|ref=harv}}
* {{مرجع كتاب|الأول=Roy|الأخير=Porter|العنوان=The Cambridge Illustrated History of Medicine|الناشر=Cambridge University Press|سنةالسنة=2001|الرقم المعياري=0-521-00252-4|ref=harv}}
* {{مرجع كتاب|الأخير=Saunders|الأول=John J.|العنوان=A History of Medieval Islam|سنةالسنة=1978|الناشر=Routledge|الرقم المعياري=978-0-415-05914-5|ref=harv}}
* {{مرجع كتاب|الأول=Manfred|الأخير=Ullmann|العنوان=Islamic Medicine|series=Islamic Surveys|volume=11|سنةالسنة=1978|الرقم المعياري=0-85224-325-1|الناشر=Univ. Press|مكانالمكان=Edinburgh|ref=harv}}
</div>
* {{مرجع كتاب|الأول=محمد الصادق|الأخير=عفيفي|العنوان=تطور الفكر العلمي عند المسلمين |الناشر=مكتبة الخانجي بالقاهرة|سنةالسنة=1977|الرقم المعياري=|ref=Harvnb}}
* {{مرجع كتاب|الأول=قدري حافظ|الأخير=طوقان|العنوان=علماء العرب وما أعطوه للحضارة|الناشر=دار الكتاب العربي|سنةالسنة=|الرقم المعياري=|ref=Harvnb}}
* {{مرجع كتاب|الأول=|الأخير=|العنوان=أثر العرب والإسلام في النهضة الأوروبية|الناشر=الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر|سنةالسنة=1970|الرقم المعياري=|ref=Harvnb|postscript=دراسة لمركز تبادل القيم الثقافية بالتعاون مع منظمة [[الأمم المتحدة]] للتربية والعلوم والثقافة ([[يونسكو]])}}
* {{مرجع كتاب|الأول=عباس محمود|الأخير=العقاد|العنوان=أثر العرب في الحضارة الأوروبية|الناشر=دار نهضة مصر|سنةالسنة=1998|الرقم المعياري=|ref=Harvnb}}
* {{مرجع كتاب|الأول=محمد حسن|الأخير=محاسنة|العنوان=أضواء على تاريخ العلوم عند المسلمين|الناشر=دار الكتاب الجامعي بالعين|سنةالسنة=2001|الرقم المعياري=|ref=Harvnb}}
</div>