أبو القاسم الرافعي القزويني: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
سطر 70:
{{اقتباس مضمن|وللإمام الرافعي -رحمه الله- من الأولاد ولد ذكر، اسمه: محمد. ولقبه: عزيز الدين وبنت، ذكر أبو سعد المنسي، النسوي في "تاريخ خوارزم شاه": أن الإمام أبا القاسم الرافعي كانت له بنت، تزوجها رجل من مشايخ قزوين وأولدها أولادا كثيرة. وقرأت على الشيخ صلاح الدين -أبقاه الله- قال: رأيت بدمشق سنة أربعين وسبعمائة امرأة حضرت عند قاضي القضاة، تقي الدين السبكي، (عجمية)، فصيحة اللسان، ذكرت أنها من نسل الإمام الرافعي، وكانت تحفظ عقيدته التي صنفها، فقرأت منها قطعة، وهي عقيدة بديعة على طريقة أهل السنة، بعبارة فصيحة على عادته -رحمة الله عليه-.}}<ref name="التلخيص الحبير"/>
 
== أقوالمكانته وأقوال العلماء فيه ==
لأبي القاسم الرافعي مكانة ذكرها العلماء، قال عنه [[ابن قاضي شهبة]]: {{اقتباس مضمن|إليه يرجع عامة الفقهاء من أصحابنا هذه الأعصار في غالب الأقاليم والأمصار.}}<ref>[http://islamport.com/d/2/sys/1/12/93.html تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك، نجم الدين الطرسوسي.]</ref> وقال عنه ابن الملقن: أن له في الإِسلام مكانة مهمة، وأنه جدير بكل فضيلة، وأن سلفه رجالا ونساء كانوا من العلماء الأعلام. كان مرجعا للناس في الأخذ والفتوى، وكان إماما في الدين للعجم والعرب، خاتمة الأئمة من أصحابه المرجوع إلى قولهم.<ref name="البدر المنير317"/> وقال [[ابن حجر العسقلاني]] نقلا عن أبي عبد الله محمد الإسفرايني في كلامه عن الرافعي أنه: إمام الدين، وناصر السنة. وأنه كان أوحد عصره في العلوم الدينية، في علم أصول الفقه، و[[علم فروع الفقه]]، وكان مجتهد زمانه في المذهب الشافعي، وكان فريد وقته في تفسير القرآن، وكان له مجلس بقزوين للتفسير ولتسميع الحديث. وصفه ابن حجر العسقلاني بـالعالم الجليل، وقال بأن ما ذكر عنه العلماء يظهر ما كان عليه من علم وتبحر في شتى العلوم وما كان عليه من الزهد والتقى والصلاح.<ref name="التلخيص67/">{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير، لابن حجر العسقلاني|المؤلف2=المؤلف=أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني المتوفى: 852هـ. ترجمة الإمام الرافعي صاحب الشرح الكبير، (اسمه ونسبه ومولده) الجزء الأول ص: (67)|مسار=http://shamela.ws/browse.php/book-1581/page-86|العنوان=موقع الموسوعة الشاملة|تاريخ الوصول=25/ [[جمادى الأولى]]/ [[1437 هـ]]}}</ref> عده [[السيوطي]] من المجددين فقال [[مجدد (إسلام)#أرجوزة السيوطي في مجددي الإسلام|أرجوزة مجددي الإسلام]]: {{قصيدة|والسادس [[فخر الدين الرازي|الفخر الإمام الرازي]]|والرافعي مثله يوازي.<ref name="عون المعبود">{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب: عون المعبود شرح سنن أبي داود، الجزء الحادي عشر|المؤلف2=محمد شمس الحق العظيم آبادي أبو الطيب|مسار=http://islamport.com/w/srh/Web/2746/3760.htm|العنوان=موقع الموسوعة الشاملة|الصفحة=265|الناشر=دار الكتب العلمية بيروت|الطبعة=الثانية|سنة=1415|تاريخ الوصول=20/ [[رجب]]/ [[1437 هـ]]}}</ref>}}
تحدث العلماء عن مكانة أبي القاسم الرافعي، وأخلاقه، وسيرته، وصلاحه، وتواضعه، وعمله في مجال التعليم، ورواية الحديث، واجتهاده، وتأليف الكتب، وبما يدل على مكانته، وكفائته العلمية. فقد ذكر [[ابن الصلاح]] بأنه: عالم العجم والعرب. قال الحافظ [[الذهبي]] في كتاب: [[سير أعلام النبلاء]]: {{اقتباس مضمن|قال ابن الصلاح: "أظن أني لم أر في بلاد العجم مثله؛ كان ذا فنون، حسن السيرة، جميل الأمر"».<br>وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفراييني الصفار: «هو شيخنا إمام الدين ناصر السنة صدقا، أبو القاسم، كان أوحد عصره في الأصول والفروع، ومجتهد زمانه، وفريد وقته في تفسير القرآن والمذهب، كان له مجلس للتفسير وتسميع الحديث بجامع قزوين، صنف كثيرا، وكان زاهدا ورعا سمع الكثير». وقال أيضاً: {{اقتباس مضمن|كان أوحد عصره في العلوم الدينية أصولا وفروعا ومجتهد زمانه في المذهب وفريد وقته في التفسير.}}<ref>[http://islamport.com/d/3/tkh/1/110/2280.html طبقات المفسرين، السيوطي.]</ref> وقال الإمام النواوي: هو من الصالحين المتمكنين، كانت له كرامات كثيرة ظاهرة}}.<ref name="سير أعلام النبلاء"/> <ref name="طبقات المفسرين">{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب:طبقات المفسرين، الجزء الأول، صفحة رقم: (60)، الطبعة الأولى: (1396)، الناشر: مكتبة وهبة- القاهرة|المؤلف2=المؤلف:عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي، تحقيق: علي محمد عمر|مسار=http://islamport.com/d/3/tkh/1/110/2280.html|العنوان=موقع الموسوعة الشاملة|تاريخ الوصول=17/ [[جمادى الثانية]]/ [[1437 هـ]]}}</ref> وقال [[ابن العماد الحنبلي]]: {{اقتباس مضمن|الإمام العلاّمة إمام الدين الشافعي، صاحب «الشرح» المشهور الكبير على «المحرر» وصاحب «الوجيز»، انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وكان مع براعته في العلم صالحا، زاهدا، ذا أحوال وكرامات ونسك وتواضع}}.<ref name="شذرات الذهب" /> قال عنه [[النووي]]: «كان إماما، بارعًا، مُتَبَرعا، متبحرًا فِي علم المذهب، وعلوم كثيرة، وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا.»<ref name="البدر المنير" />وقال أيضاً: {{اقتباس مضمن|واعلم أنه لم يصنف في مذهب [[الشافعي]] رضي الله عنه ما يحصل لك مجموع ما ذكرته أكمل من كتاب الرافعي ذي التحقيقات، بل اعتقادي واعتقاد كل مصنف أنه لم يوجد مثله في الكتب السابقات ولا المتأخرات.}} وقال عنه [[ابن قاضي شهبة]]: {{اقتباس مضمن|إليه يرجع عامة الفقهاء من أصحابنا هذه الأعصار في غالب الأقاليم والأمصار.}}<ref>[http://islamport.com/d/2/sys/1/12/93.html تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك، نجم الدين الطرسوسي.]</ref>
 
كان أبو القاسم عبد الكريم الرافعي من أعلام القرن السابع الهجري، وكان متضلعا في مختلف فنون العلم،{{للهامش|9}} وخصوصا في العلوم الدينية، وكان أكثر اهتماما ب[[علم التفسير]]، و[[علم الحديث]]، وروايته، وعلم اللغة العربية، وعلم [[أصول الفقه]]، وعلم [[الفقه]]، ذكر ابن حجر قول الأسنوي في كتاب الطبقات، <ref>كتاب الطبقات للأسنوي، ج: (2)، ص: (75)</ref> أن الرافعي: كان إماما في الفقه والتفسير والحديث والأصول، وغيرها، وأنه كان طاهر اللسان في تصنيفه، كثير الأدب، شديد الاحتراز في مراتب الترجيح. وذكر قول الذهبي أن أبا القاسم الرافعي: يظهر عليه اعتناء قوي بالحديث وفنونه في شرحه لمسند الشافعي. قال ابن قاضي شهبة في كلامه عن أبي القاسم الرافعي أنه: صاحب الشرح المشهور كالعلم المنشور، وإليه يرجع عامة الفقهاء من أصحابنا في هذه الأعصار في غالب الأقاليم والأمصار، ولقد برز فيه على كثير ممن تقدمه، وحاز قصب السبق، فلا يدرك شأوه إلا من وضع يديه حيث وضع قدمه. وذكر ابن العماد في كلامه عن أبي القاسم الرافعي بأنه: الإمام العلامة إمام الدين الشافعي، صاحب الشرح المشهور الكبير على المحرر، وقال عنه: أنه كان بارعا في العلم، انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وكان مع براعته في العلم رجلا صالحا، متصفا بالزهد، ذا أحوال وكرامات ونسك وتواضع.<ref name="التلخيص66/">{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب: التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير، لابن حجر العسقلاني|المؤلف2=المؤلف=أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني المتوفى: 852هـ. ترجمة الإمام الرافعي صاحب الشرح الكبير، (اسمه ونسبه ومولده) الجزء الأول ص: (66)|مسار=http://shamela.ws/browse.php/book-1581/page-83#page-86|العنوان=موقع الموسوعة الشاملة|الصفحة=66|تاريخ الوصول=25/ [[جمادى الأولى]]/ [[1437 هـ]]}}</ref>
وعده [[السيوطي]] من المجددين فقال [[مجدد (إسلام)#أرجوزة السيوطي في مجددي الإسلام|أرجوزة مجددي الإسلام]]:
{{قصيدة|والسادس [[فخر الدين الرازي|الفخر الإمام الرازي]]|والرافعي مثله يوازي}}
 
===أقوال العلماء فيه===
تحدث العلماء عن مكانة أبي القاسم الرافعي، وأخلاقه، وسيرته، وصلاحه، وتواضعه، وعمله في مجال التعليم، ورواية الحديث، واجتهاده، وتأليف الكتب، وبما يدل على مكانته، وكفائته العلمية. قال ابن قاضي شهبة: {{اقتباس مضمن|الإمام العلامة إمام الدين، أبو القاسم القزويني الرافعي. صاحب الشرح المشهور كالعلم المنشور، وإليه يرجع عامة الفقهاء من أصحابنا في هذه الأعصار، في غالب الأقاليم والأمصار، ولقد برز فيه على كثير ممن تقدمه، وحاز قصب السبق، فلا يدرك شأوه إلا من وضع يديه حيث وضع قدمه.}}<ref name="طبقات ابن شهبة" /> قال الذهبي: «انتهت إليه معرفة المذهب» وقال تاج الدين السبكي: {{اقتباس مضمن|وقال أبو عبد الله محمد ابن محمد الإسفراييني: هو شيخنا إمام الدين، وناصر السنة، كان أوحد عصره في العلوم الدينية أصولا وفروعا، مجتهد زمانه في المذهب، فريد وقته في التفسير كان له مجلس بقزوين للتفسير ولتسميع الحديث}}.<ref name="الطبقات" />
وقال أيضاً: {{اقتباس مضمن|كان الإمام الرافعي متضلعا من علوم الشريعة تفسيرا وحديثا وأصولاً، مترفعا على أبناء جنسه في زمانه نقلا وبحثا وإرشادا وتحصيلا}}. «وأما الفقه؛ فهو فيه عمدة المحققين، وأستاذ المصنفين، كأنما كان الفقه ميتا، فأحياه وأنشره، وأقام عماده بعد ما أماته الجهل فأقبره، كان فيه بدرا يتوارى عنه البدر إذا دارت به دائرته، والشمس إذا ضمها أوجها، وجوادا لا يلحقه الجواد إذا سلك طرقا، ينقل فيها أقوالا، ويخرج أوجها، فكأنما عناه البحتري بقوله: {{قصيدة|وإذا دجت أقلامه ثم انتحت|برقت مصابيح الدجا في كتبه}} {{قصيدة|باللفظ يقرب فهمه في بعده|منا ويبعد نيله في قربه}} {{قصيدة|حكم سحابتها خلال بيانه|هطالة وقليبها في قلبه}} {{قصيدة|كالروض مؤتلفا بحمرة نوره|وبياض زهرته وخضرة عشبه}} {{قصيدة|وكأنها والسمع معقود بها|شخص الحبيب بدا لعين محبه.».<ref name="طبقات284">{{مرجع كتاب|المؤلف1=تاج الدين عبد الوهاب ابن تقي الدين السبكي المتوفى سنة: (771) هجرية|العنوان=طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، الطبقة السادسة، (1192): عبد الكريم ابن محمد ابن عبد الكريم ابن الفضل ابن الحسن القزويني الإمام الجليل أبو القاسم الرافعي صاحب الشرح الكبير.. الجزء الثامن|الصفحة=284|الناشر=هجر للطباعة والنشر والتوزيع|الطبعة=الثانية|تاريخ=1423 هجرية|مسار=http://shamela.ws/browse.php/book-6739/page-2961|تاريخ الوصول=25/ [[رجب]]/ [[1417 هـ]]}}</ref>}} قال ابن الملقن: «وانتهت إليه رئاسة مذهب الشَّافِعي، ومعرفته بدقائقه في سائر البلاد». ذكر [[ابن الصلاح]] بأنه: عالم العجم والعرب. قال الحافظ [[الذهبي]] في كتاب: [[سير أعلام النبلاء]]: {{اقتباس مضمن|قال ابن الصلاح: "أظن أني لم أر في بلاد العجم مثله؛ كان ذا فنون، حسن السيرة، جميل الأمر"». وقال أبو عبد الله محمد بن محمد الإسفراييني الصفار: «هو شيخنا إمام الدين ناصر السنة صدقا، أبو القاسم، كان أوحد عصره في الأصول والفروع، ومجتهد زمانه، وفريد وقته في تفسير القرآن والمذهب، كان له مجلس للتفسير وتسميع الحديث بجامع قزوين، صنف كثيرا وكان زاهدا ورعا سمع الكثير». وقال الإمام النواوي: هو من الصالحين المتمكنين، كانت له كرامات كثيرة ظاهرة}}.<ref name="سير أعلام النبلاء"/> <ref name="طبقات المفسرين">{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب:طبقات المفسرين، الجزء الأول الطبعة الأولى: (1396)|الناشر=مكتبة وهبة- القاهرة|المؤلف2=المؤلف:عبد الرحمن ابن أبي بكر السيوطي، تحقيق: علي محمد عمر|مسار=http://islamport.com/d/3/tkh/1/110/2280.html|العنوان=موقع الموسوعة الشاملة|الطبعة=الأولى|صفحة=60|تاريخ الوصول=17/ [[جمادى الثانية]]/ [[1437 هـ]]}}</ref> وقال ابن العماد الحنبلي: {{اقتباس مضمن|الإمام العلاّمة إمام الدين الشافعي، صاحب «الشرح» المشهور الكبير على «الوجيز» وصاحب «المحرر»، انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه، وكان مع براعته في العلم صالحا، زاهدا، ذا أحوال وكرامات ونسك وتواضع}}.<ref name="شذرات الذهب" /> قال عنه [[النووي]]: «كان إماما، بارعًا، مُتَبَرعا، متبحرًا فِي علم المذهب، وعلوم كثيرة، وكان زاهدًا، ورعًا، متواضعًا.»<ref name="البدر المنير" /> قال ابن قاضي شهبة: كان زاهدا، ورعا، متواضعا، سمع الكثير، {{اقتباس مضمن|قال الذهبي: ويظهر عليه اعتناء قوي بالحديث وفنونه في شرح المسند.}}<ref name="طبقات ابن شهبة" /> {{اقتباس مضمن|وقال الإسنوي: صاحب شرح الوجيز الذي لم يصنف في المذهب مثله، وكان إماما في الفقه والتفسير والحديث والأصول وغيرها، طاهر اللسان في تصنيفه، كثير الأدب، شديد الاحتراز في المنقولات، فلا يطلق نقلا عن أحد غالبا إلا إذا رآه في كلامه، فإن لم يقف عليه فيه عبر بقوله وعن فلان كذا، شديد الاحتراز أيضا في مراتب الترجيح. قال: وأكثر أخذ بعد كلام الغزالي المشروح من ستة كتب: النهاية، والتتمة، والتهذيب، والشامل، وتجريد ابن كج، وأمالي السرخسي..، ومع ذلك إذا استقريت كتب الشافعية المطولة، وجدت الرافعي أكثر اطلاعا من كل من تقدمه.}}<ref name="طبقات ابن شهبة" />
 
== في البحث والاستدلال ==
يعد الرافعي من محققي المذهب الشافعي، في القرن السابع الهجري،<ref name="شرح الكوكب المنير"/> وقد أبدى اهتماماً كبيرا بدراسة المذهب الشافعي، ويعد عند [[الفقهاء]] بدرجة مجتهد في المذهب، وحصلت اجتهاداته على القبول والإقرار في الأوساط العلمية، واعتمدت في القضاء والإفتاء والتعليم، وأصبحت كتبه ضمن المراجع المعتمدة في مذهب [[الشافعية]]. وكان له تحقيقات إضافية في الفقه المقارن، ومسائل الخلاف المتشعبة، وجمع الأقوال المتفرقة، والطرق المختلفة، وقام بتنقيح المذهب، وتحرير الأقوال والآراء والوجوه والطرق وتحقيق القول المعتمد أو الراجح في مذهب [[الشافعية]]، وجمع طرقه بعبارات موجزة، وكانت له استدلالات وترجيحات للأقوال وفق الأدلة التي استند إليها. ولم يقتصر على الترجيح في مسائل الخلاف، بل عمل على تحرير المذهب وتنقيحه، ومهد الطريق لمن يأتي بعده، وقد سار على منواله [[النووي]] في منهج الترجيح والتصحيح. وكان أبو القاسم الرافعي من أول العلماء الذين استخدموا المصطلحات الفقهية، وكانت ترجيحاته واختياراته تبنى على منهج الاستدلال، والتصحيح وفق ما يقتضيه الدليل. يعد الرافعي من أوائل متأخري الشافعية، <ref group="ملاحظة">العلماء المتأخرون: الذين كانوا في حدود ما بعد القرن الخامس الهجري تقريبا، والمتقدمون هم الذين كانوا في الفترة قبل ذلك.</ref> وكان لمتقدمي الشافعية قبل فترة الرافعي مجهودات في نقل المذهب ودراسته، والبحث فيما يستجد، وكانت هناك مراجع هامة من كتب المتقدمين مثل: كتاب الأم للشافعي، ومختصر المزني، ثم بعد ذلك الحاوي الكبير للماوردي، ثم المهذب للشيرازي، ونهاية المطلب لإمام الحرمين، ثم الوسيط لأبي حامد الغزالي، وكان تعدد الأقوال يستدعي الجمع بين الطرق، وتحديد الراجح للعمل والفتوى، وقد حاول إمام الحرمين توحيد الطرق المتعددة، وتبعه تلميذه الغزالي، من خلال كتاب البسيط. وقد عمل الرافعي بعد ذلك على توحيد طريقتي العراقيين والخرسانيين،{{للهامش|10}} والطرق والأوجه المختلفة، من خلال جمع مواضع الخلاف، واستعراض أدلتها، والترجيح بحسب قوة الدليل، وتحديد مراتبها حينما يكون هناك قول ضعيف وقوي وأقوى، أو راجح وأرجح، وبيان ما هو في أصل المذهب، أو من قول الشافعي، أو من كلام الأصحاب، أو ما عليه الأكثرون، أو ما عليه الفتوى؛ ليكون العمل والفتوى على الراجح عند قوة الدليل، إذ أن تعدد الأقوال في المسألة الواحدة قد يؤدي إلى تشتيت الفكر عند العامة، ووقوعهم في إشكال أو حرج.<ref group="ملاحظة">ذكر في تحقيق كتاب شرح الكوكب المنير عنه أن الرافعي: {{مض|كان متضلعاً من علوم الشريعة تفسيرا وحديثا وأصولاً، وكان ورعا تقيا زاهدا، طاهر الذيل، مراقبا لله، ويعتبر مع النووي من محرري المذهب الشافعي ومحققيه في القرن السابع.}} انظر: تحقيق كتاب شرح الكوكب المنير، محمد الزحيلي، ونزيه حماد.</ref> كان للرافعي اطلاع على كتب السابقين في المذهب، ورواية الأوجه والطرق في المذهب، والمذاهب الأخرى، وما فيها من أقوال وآراء، وجمع ما تفرق منها، وقد استفاد الرافعي من والده الذي كان متضلعا في الفقه والحديث، بالإضافة إلى مشائخه الآخرين، وإلى عمله في نقل الأقول، والتفسير وروايته للحديث، والتدريس والفتوى. قال عنه ابن الملقن: «وكان -رحمه اللهَّ- طاهر اللسان فِي تصنيفه، كثير الأدب، شديد الإحتراز فِي النقول، فلا يُطلق نقلا عن أحد إلا إِذا وقف عليه من كلامه، فإن لم يقف عليه؛ عبَّر بقوله: وعن فلان كذا.» وذكر عنه: أنه كان شديد الإحتراز في مراتب الترجيح، فيقول تارة: "على الأصح"، وتارة يقول: "عند الأكثرين" أو: "عند فلان"، وأحيانا يعبر عما هو من جهته فيقول مثلا: "الأحسن، والأعدل، والأشبه، والأمثل، والأقرب، والأنسب، أو ينبغي كذا".<ref>البدر المنير ج1 ص</ref>
 
وقد جاء النووي من بعده، وحذا حذوه في التحقيق والترجيح، وكانت له اجتهادات واختيارات إضافية، جمعها في [[مؤلفات الإمام النووي|كتبه]]، وتعد كتب الرافعي، وكتب [[يحيى بن شرف النووي|النووي]] من أهم المرجع المعتمدة عند متأخري الشافعية في [[الفقه الشافعي]] والعمدة فى تحقيق المذهب، والمعتمد لدى المفتي وغيره.<ref name="شرح الكوكب المنير"/> <ref>فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب ، طبعة دار البصائر ، لمحة عن الإمام الشافعي والمذهب الشافعي</ref> قال ابن النقيب، في مقدمة كتاب (عمدة السالك): «هذا مختصر على مذهب [[الإمام الشافعي]] رحمة الله تعالى عليه ورضوانه، اقتصرتُ فيه على الصحيح من [[المذهب الشافعي|المذهب]] عند الرافعي و[[النووي]]، أو أحدهما، وقد أذكر فيه خلافاً في بعض الصور، وذلك إذا اختلف تصحيحهما، مقدماً لتصحيح النووي جازماً به، فيكون مقابله تصحيح الرافعي.»<ref>{{مرجع كتاب|المؤلف1=كتاب:عمدة السالك وعدة الناسك|المؤلف2=المؤلف: أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الرومي، أبو العباس، شهاب الدين ابن النقيب: فقيه شافعي مصري ولد بالقاهرة سنة (702 هـ) وتوفي فيها سنة (769 هـ)|مسار=http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%B9%D9%85%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%83%20%D9%88%D8%B9%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B3%D9%83/i674&p1|العنوان=موقع نداء الإيمان|تاريخ الوصول=16/ [[جمادى الأولى]]/ [[1437 هـ]]}}</ref>
=مكانته=
=== مع جلال الدين خوارزم شاه ===
كان لأبي القاسم الرافعي مكانة عند الولاة، وقد كان له موقف مع السلطان [[جلال الدين خوارزم شاه]]، وهو: جلال الدين ابن علاء الدين خوارزم شاه<ref group="ملاحظة">[[خوارزم شاه]] بالفارسية: لقب مركب من كلمتين أحدهما: [[خوارزم]]، وثانيهما: [[شاه]] بمعنى: ملك</ref> يعرف بـ([[جلال الدين منكبرتي]]). وفي سنة ثلات وعشرين وستمائه [[تاريخ هجري|هجرية]] ([[623 هـ]]) -وهي السنة التي كان فيها وفاة الرافعي- دخل السلطان جلال الدين [[قزوين]]، والتقى بالإمام الرافعي، وتحادثا، وقال له الرافعي: سمعت أنك قاتلت الكفار حتى جمد الدم على يدك، وطلب منه أن يريه يده ليقبلها، فقال له السلطان: لا بل أنا الذي سيقبل يدك، ثم قبل السلطان يد الشيخ. قال الذهبي: {{اقتباس مضمن|وقال الشيخ تاج الدين الفزاري: حدثنا ابن خلكان، أن [[خوارزم شاه]] غزا الكرج، وقتل بسيفه حتى جمد الدم على يده، فزاره الرافعي وقال: "هات يدك التي جمد عليها دم الكرج حتى أقبلها" قال: لا بل أنا أقبل يدك، وقبل يد الشيخ}}.<ref name="سير أعلام النبلاء"/> قال [[تاج الدين السبكي]]: {{اقتباس مضمن|نقلت من خط الحافظ صلاح الدين خليل ابن كيكلدي العلائي، نقلت من خط الحافظ علم الدين أبي محمد القاسم ابن محمد البرزالي، نقلت من خط الشيخ الإمام تاج الدين ابن الفركاح، أن القاضي شمس الدين ابن خلكان حدثه أن الإمام الرافعي توفي في [[ذو القعدة|ذي القعدة]]، سنة ثلاث وعشرين وست مائة، وأن [[خوارزم شاه]]،<ref name="البداية والنهاية">[https://ar.m.wikisource.org/wiki/البداية_والنهاية/الجزء_الثالث_عشر/ثم_دخلت_سنة_ثمان_وعشرين_وستمائة البداية والنهاية]</ref> يعني: [[جلال الدين خوارزم شاه|جلال الدين]] غزا [[الكرج]] يعرف بـ[[تفليس]] في هذه السنة، وقتل فيهم بنفسه حتى جمد الدم على يده، فلما مر بـ[[قزوين]] خرج إليه الرافعي، فلما دخل إليه أكرمه إكراما عظيما، فقال له الرافعي: سمعت أنك قاتلت الكفار حتى جمد الدم على يدك، فأحب أن تخرج إلي يدك لأقبلها، فقال له السلطان: بل أنا أحب أن أقبل يدك، فقبل السلطان يده}}.<ref name="الطبقات" />
 
=== في العلم ===
قال الذهبي: «انتهت إليه معرفة المذهب» وقال تاج الدين السبكي: {{اقتباس مضمن|وقال أبو عبد الله محمد ابن محمد الإسفراييني: هو شيخنا إمام الدين، وناصر السنة، كان أوحد عصره في العلوم الدينية أصولا وفروعا، مجتهد زمانه في المذهب، فريد وقته في التفسير كان له مجلس بقزوين للتفسير ولتسميع الحديث}}.<ref name="الطبقات" />
وقال أيضاً: {{اقتباس مضمن|كان الإمام الرافعي متضلعا من علوم الشريعة تفسيرا وحديثا وأصولاً، مترفعا على أبناء جنسه في زمانه نقلا وبحثا وإرشادا وتحصيلا}}. «وأما الفقه؛ فهو فيه عمدة المحققين، وأستاذ المصنفين، كأنما كان الفقه ميتا، فأحياه وأنشره، وأقام عماده بعد ما أماته الجهل فأقبره، كان فيه بدرا يتوارى عنه البدر إذا دارت به دائرته، والشمس إذا ضمها أوجها، وجوادا لا يلحقه الجواد إذا سلك طرقا، ينقل فيها أقوالا، ويخرج أوجها، فكأنما عناه البحتري بقوله: {{قصيدة|وإذا دجت أقلامه ثم انتحت|برقت مصابيح الدجا في كتبه}} {{قصيدة|باللفظ يقرب فهمه في بعده|منا ويبعد نيله في قربه}} {{قصيدة|حكم سحابتها خلال بيانه|هطالة وقليبها في قلبه}} {{قصيدة|كالروض مؤتلفا بحمرة نوره|وبياض زهرته وخضرة عشبه}} {{قصيدة|وكأنها والسمع معقود بها|شخص الحبيب بدا لعين محبه.»<ref name="الطبقات" />}} قال ابن الملقن: «وانتهت إليه رئاسة مذهب الشَّافِعي، ومعرفته بدقائقه في سائر البلاد».
 
=== في العقيدة ===