رحمة الله الكيرواني: الفرق بين النسختين

[نسخة منشورة][نسخة منشورة]
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
وسم: لفظ تباهي
لا ملخص تعديل
سطر 1:
{{تعظيم|تاريخ=أكتوبر 2010}}
'''رحمت الله الهندي الكيرواني''' عالم مسلم مشهور ولد في كيروانة في [[الهند]] 1818 وتوفي في [[مكة]] 1891. اشتهر لمناظرته القسيس[[القس]] فندر وتأليف كتاب [[إظهار الحق]]
 
{{ويكي|تاريخ=يوليو 2009}}
'''رحمت الله الهندي الكيرواني''' عالم مسلم مشهور ولد في كيروانة في الهند 1818 وتوفي في مكة 1891. اشتهر لمناظرته القسيس فندر وتأليف كتاب [[إظهار الحق]]
 
<!--كتب في العنوان مع الاسم الكيرواني وفي النص الكيرانوي، كما كتب اسم بلدة كيروانه بدلا من كيرانه0 يرجى التكرم بالتصحيح -->== اسمه ونسبه ==
السطر 8 ⟵ 6:
 
== مولده وأسرته ==
ولد الشيخ رحمت الله بحي (دربار كلان) أي الحي الكبير في قرية كيرانه، التابعة لمحافظة (مظفر ناجار) من توابع [[دلهي]] عاصمة الهند.ـ في [[غرة]] [[جمادى الأولى (شهر)|جمادى الأولى]] سنة 1233هـ ،الموافق :التاسع [[مارس]] سنة1818م. في عهد [[مغول الهند|السلطنة المغولية]].
وقد أشتهر أفراد أسرته بالعلم والطب والمناصب العليا، وكان والده خليل الرحمن عالما فاضلا ومن ذوي المناصب العالية في الحكومة، ومن أجداده الحكيم الطبيب عبد الكريم (المعروف بحكيم بينا ووالد الحكيمين محمد حسن وعبد الرحيم) ولما مرض الإمبراطور [[جلال الدين محمد أكبر]] ولم يحسن الأطباء علاجه، طلب الحكيم من ([[بانيبات|باني بت]]) فاشترك مع ابنه الحكيم محمد حسن في معالجة الإمبراطور، ولما شفاه الله على أيديهما منحهما أرضا زراعية واسعة بمقاطةبمقاطعة كيرانه بمرسوم سلطاني مؤرخ بشهر ذي القعدة سنة 915هـ ولَقّبَ الحكيم عبد الكريم بشيخ الزمان واتخذه طبيبا خاصا له، فانتقلت أسرة العثمانيين من (باني بت) إلى (كيرانه) وبنت القصور والأسوار العالية والبوابات الكبيرة حسب نظام العمران في ذلك العهد، ووسعت القرية ونظمتها وأقامت فيها دور القضاء والهيئات الحكومية.
وكان من أطباء القصر المغولي كذلك الحكيم ديوان عبد الرحيم (من أجداد الشيخ رحمت الله) وشقيقه الحكيم محمد حسن والحكيم رزق الله محمد حسن، وقد تقلبوا في حكم [[ولايات الهند ومناطقها|ولايات الهند]] المختلفة، وإلى أسرتهم ينتمي الحكيم وجيه الدين مؤلف كتاب (مخزن الحكمة) في الطب عام 1196هـ والذي ما زال مخطوطا في المكتبات الأوروبية، وكان الحكيم علي أكبر (شقيق الشيخ رحمت الله) متخصصا في الطب.
 
في هذه الأسرة التي امتازت بالعلم والحكمة والأدب والوظائف الكبيرة طيلة العصور الإسلامية الزاهرة في الهند، ولد العلامة الشيخ رحمت الله بن خليل، وتزوج من ابنة خالته عام 1256 هـ، ولم يكن له أبناء ذكور.
 
== دراسته وأساتذته ==
نشأ الشيخ رحمت الله في كنف أسرة واسعة الثراء والجاه، وفي السادسة من عمره بدأ تعليمه في بلدته على يد والده وكبار أفراد العائلة المشهورين بالعلم والفضل والدين حسب النظام المتبع في ذلك العهد، ولما بلغ الثانية عشرة من عمره حفظ القرءان[[القرآن الكريم]] وأتقن [[اللغة الفارسية في الهند|اللغة الفارسية]] وقرأ كتب الشريعة الإسلامية واللغةو<nowiki/>[[اللغة العربية]] على يد آبائه، ثم ارتحل إلى دلهي عاصمة العلم وملتقى الفطاحل لطلب التعليم العالي، فالتحق بمدرسة الأستاذ [[محمد حيات السندي|محمد حيات،حيات]]، وسكن في مبناها حتى أخذ حظا وافرا من العلوم أبانت عن ذكائه وقدمته على أقرانه ثم سافر إلى [[لكهنو]] مدينة العلم والحضارة، فتتلمذ على المفتي سعد الله المراد آبادي، وتخصص في آداب اللغة الفارسية على يد الشيخ إمام بخش الصهبائي الدهخلوي المقتول سنة 1857، كما درس الطب على يد الطبيب البارع محمد فيض ودرس العلوم الرياضية والهندسية ،على يد الأستاذ صاحب نظرية (لوكارثم) وصاحب المؤلفات الرياضية الشهيرة.
ولما ظهر نبوغه وتفوقه في العلوم الشرعية تصدر مجالس الدرس والإفتاء ولما ازداد إقبال الطلاب على دروسه أسس مدرسة شرعية في كيرانه، تخرج منها كبار المدرسين والمؤلفين ومؤسسي المدارس في أرجاء الهند. ولكنّ ازدياد النفوذ [[التنصير|التنصيري]] في الهند شغله عن مواصلة التدريس في مدرسته فتفرغ للتأليف والرد على المنصرين، وقد ألف في ذلك مؤلفات كثيرة نترك ذكرها الآن.
 
== اشتراكه في الثورة وقيادته لفرق الجهاد ==
كان للعلماء في الهند دور كبير في إشعال الثورة ضد [[الاحتلال البريطاني|الإنجليز]] سنة 1857 هـ، وكانوا يُفتون بوجوب الجهاد وأن الإنجليز يُعدون محاربين للإسلام، وقد أصدروا في ذلك البيانات الكثيرة، وألقوا الخطب ووزعوا المنشورات الداعية لذلك. كان الشيخ رحمت الله الذي إنتصرانتصر على المنصرين في الهند أول المجاهدين بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله، لإخراج المستعمر من أرض الهند، فقام بإعلان الثورة على الإنجليز وحث المسلمين على بذل أرواحهم وأموالهم، ولما ثار الجنود في حامية (ميرت) بسبب إجبار الضباط الإنجليز لهم على استعمال دهن الخنزير والبقر في تشحيم البنادق (لأن المسلمين يحرمون الخنزير، والهندوسو<nowiki/>[[الهندوس]] يحرمون البقر فثاروا معا ضد الإنجليز) إتصلاتصل بهم الشيخ رحمت الله ووضع لهم خطة الوصول إلى دلهي، وكان يعاونه في ذلك د/محمد وزير خان ومولوي فيض أحمد بدايوني، كما كان يعاونه العالم العلامة إمداد الله الفاروقي لتنظيم الثورة في مديرية (شاملي وكيرانه).
 
لما تضايق الثوار في دلهي تحرك إليها الشيخ رحمت الله من معسكره في (نجيب آباد) ومعه مئتا جندي، وكان له دور كبير في قيادة مجاهدي (شاملي وكيرانه) حيث نظمت فرق الجهاد ووزعت الأسلحة وأقيمت التحصينات القوية في وجه الجيش الإنجليزي، وكان مساعده فيهما (عظيم الدين) لأن الحاج إمداد الله تولى قيادة المجاهدين في منطقة (تهانة بهون) بمساعدة الأستاذ عبد الحكيم التهانوي. كانت أسلحة المجاهدين بسيطة لا تقاس بأسلحة الإنجليز، لكن أعنف المعارك وأكثرها خسارة في الجيش الإنجليزي تلك المعارك التي خاضها المجاهدون والعلماء، باذلين أرواحهم دفاعا عن دينهم، وقد اعترف الإنجليز بذلك في كتاباتهم وفي رسائلهم لأهليهم، وقد كان (حنقهم شديدا على المسلمين وأهل الخطر منهم، ومن له شأن في المجتمع الهندي، يعلقونهم على المشانق، ويقتلونهم بتعذيب وإهانة، ويبحثون عن كل من كان له كلمة مسموعة أو نفوذ في المجتمع، وكان من ضمنهم وفي مقدمتهم الشيخ رحمت الله الكيرانوي الذي انتصر عليهم في المعركة الدينية، وأسهم في الكفاح ضدهم.
 
== مصادرة أمواله وهجرته إلى مكة ==
بعد أن فشلت الثورة تعرض المسلمون لسخط الإنكليزالإنجليز الموتورين الذين يعدون المسلمين هم أصحاب الفكر والقيادة في الثورة والمواطنون تابعون لهم، ونصبت أعواد المشانق للعلماء والمجاهدين في قرية بنجيت، لذلك كله اضطر الشيخ رحمت الله إلى الاختفاء مع بعض المجاهدين في قرية (بنجيت) وجاء الإنكليزالإنجليز إلى قرية كيرانه وفتشوها بيتا بيتا، ولما فشلوا في العثور على الشيخ رحمت الله توجهوا إلى بنجيت فطلب عمدتها من الشيخ رحمت الله أن يتزي بزي الفلاحين ويخرج للعمل في الحقول فعمل الشيخ بمشورته ومرت قوات الإنكليز على الشيخ رحمت الله فسألوه وزملاءه عن الشيخ رحمت الله ولم يعرفوه، ثم سألوا النساء والأطفال فأنكروا معرفتهم لهذا الاسم ثم قاموا بتفتيش القرية واستفزاز أهلها بالنهب والتهديد بالقتل، وقبضوا على أربعة عشر شابا كرهائن، فأراد الشيخ أن يسلم نفسه للإنكليز لكن العمدة أخبره بعدم مبالاة أهل القرية ولو أعدموا كلهم، ولما يئسوا من العثور عليه أطلقوا سراح المعتقلين، وقبضوا على العمدة بتهمة إخفاء الشيخ، ورفعوا أمر الشيخ إلى المحكمة بتهمة قيادته للثورة وإحداث الشغب والخروج على القانون، وأعلنوا عن جائزة مقدارها ألف روبية هندية لمن يأتي بالشيخ حيا أو ميتا (وكان ذلك المبلغ كبيرا في ذلك الوقت) ولكن بلا جدوى فزادت نقمتهم على المسلمين وبالذات في مقاطعة كيرانه لا لشيء إلا لأن الشيخ ينتسب إليهم، وبثوا عيونهم للتحري عن الشيخ، لكن الله هداه لأن يغير اسمه باسم مصلح الدين، ويخرج مارا بالقرى والفيافي إلى سورات،[[سورات]]، ثم إلى [[مومباي]] (بومباي سابقا) وقد رأى فتك الإنكليزالإنجليز بالمسلمين وذبحهم للعلماء على قارعة الطريق، ومن مومباي ركب زورقا شراعيا إلى الميناء [[اليمن|اليمني]] ([[مخا]]) لأن السفينة التي تبحر من (بومباي) إلى [[جدة (جزيرة)|جدة]] قد فاتته، بالإضافة إلى أن ميناء بومباي يغص بالموظفين والجنود الإنجليز.
 
ولما وصل إلى مدينة مخا اليمنية المطلة على [[البحر الأحمر]] سافر برا إلى مكة المكرمة فوصلها بعد سنتين من السفر المضني بين البر والبحر، سنة 1278 هـ مهاجرا إلى الله، تاركا ممتلكاته الثابتة والمنقولة التي قام الإنكليزالإنجليز بإحصائها وإعلانها للبيع بالمزاد العلني، فبيعت بألف وأربع مئة وعشرين [[روبية هندية|روبية]] وقيمتها الحقيقية عشرات الألوف لما فيها من القصور والمزارع.
 
== تدريسه في المسجد الحرام ==
بينما كان الشيخ رحمت الله في طواف [[العمرة]] التقى بالحاج إمداد الله الذي وصل إلى مكة قبله فأكملا السعي معا، ثم اصطحبه إلى سكنه في رباط داود قرب باب العمرة وأقام معه. وكانا يترددان على الحرم للعبادة ولسماع دروس العلم، وكان الشيخ رحمت الله يفتي على [[المذهب الحنفي،الحنفي]]، فسمع الشيخ رحمت الله الشيخَ [[أحمد بن زيني دحلان]] (إمام وخطيب المسجد الحرام آنذاك) ينتصر [[المذهب الشافعي|لمذهب الشافعي]] ويضعِّف أدلة غيره، فسأله بتواضع طلاب العلم عن سبب انتصاره لمذهب الشافعي وطال النقاش بينهما فأدرك الشيخ دحلان أن السائل من كبار العلماء، فأخذ بيده وطلب منه التعرف عليه، فاختصر له ظروفه وسبب مجيئه إلى مكة، ثم اصطحبه إلى بيته وعمل وليمة كبيرة دعا إليها العلماء وطلب من الشيخ رحمت الله الحديث عن المناظرة وما يلاقيه المسلمون في الهند من جور الإنكليز،الإنجليز، ثم أعطاه إجازة التدريس في [[المسجد الحرام]] وسجل اسمه في السجل الرسمي لعلماء الحرم.
 
وفي مكة طلب الأستاذ العلامة السيد أحمد بن زيني دحلان من الشيخ رحمت الله أن يترجم للعربية مسائل المباحث الخمسة السابقة جامعا إياها من الكتب والرسائل التي ألفها في هذا الباب. ولما رأى الشيخ أن الدراسة في المسجد الحرام ليس لها منهاج ثابت وأنها تقتصر على العلوم الدينية واللغة العربية، أراد إدخال علوم جديدة كالهندسة والرياضيات وعلم المناظرة والعلوم الفكية، وأحضر الكتب اللازمة من الهند، وكان يوما مشهورا في تاريخ التدريس في المسجد الحرام عندما أخذ الشيخ رحمت الله يدرس كتاب حجة الله البالغة في حكمة التشريع، وشرح الجغميني في علم الفلك، ومقدمةو<nowiki/>[[مقدمة ابن خلدون،خلدون]]، وقد فصل في تدريسه بين علمي [[النحو]] والصرفو<nowiki/>[[الصرف]] بعد أن كانا يدرسان معا، وكان يقوم بتدريس هذه العلوم في داره حتى تخرج على يديه كثير من العلماء والقضاة وكبار الموظفين الذين كان لهم دور كبير فيما بعد تاريخ مكة والجزيرة.
 
== تأسيسه للمدرسة الصولتية ==