بهار جارية لأم جعفر المنصور كان يهواها مخارق الجزار، ويستر ذلك عن أم جعفر، فلما بلغها الخبر منعته من المرور ببابها، وكان شغفا بها، وإجلالا لأم جعفر تجافاها، وامتنع عنها مدة طويلة، ولكنه ضاق ذرعا بذلك، وبينما هو ذات ليلة في زلاّل[ا]، وقد انصرف من دار المأمون، وأم جعفر جالسة على دجلة، إذ حاذى دارها، فرأى الشمع يزهر فيها، فلما صار بمسمع منها ومرأى اندفع يقول:[1]

بهار
معلومات شخصية
إن تمنعوني ممري قرب دارهم
فسوف أنظر من بُعـد إلى الدار
سيما الهوى شُهرت حتى عُرفت بها
إني محبٌ وما بالحب من عار
ما ضرّ جيرانكم والله يصلحهم
ولولا شقـائـي إقبالي وإدباري
لا يقدرون على منعي ولو جهدوا
إذا مررت وتسليمي بإضماري

فسمعته أم جعفر، وأمرت به فحضر، فأكرمته وأمرت الجواري فغنين، ثم ضربن عليه فغنى قائلا:

أغيـب عنك بـود ما يغيره
نأي المحل ولا صرف من الزمن
فإن أعش فلعل الدهر يجمعنا
وإن أمت فقتيل الهم والحرن
قد حسن الله في عيني ما صنعت
حتى أرى حسنا ما ليس بالحسن

فاندفعت بهـار فغنت ردا عليه:

تعتل بالشِّغل عنا ما تلم بنا
والشغل للقلب ليس الشغل للبدن

فضحكت أم جعفر وأهدتها إليه.

وذكر أنه بسببها حج في السنة التي حجت بها أم جعفر، حيث اصطحبت معها بهار، فقال:

أقبلـت تحصب الجـمار وأقبلت
لرمي الجمار من عرفات
ليتني كنت في الحمار أنا المحصوب
من كف زينب حصيات

وفي ذلك قال أحمد بن هشام:

يحج الناس من بر وتقوى

وحج أبي المهنا[ب] للتصابي

ملاحظات

عدل
  1. ^ الزلأل: شبه قارب يسير في النهر
  2. ^ كنية مخارق الجزار

مراجع

عدل
  1. ^ الأغاني. جزء ١٨ ص ٢٨٥ ، ص ٣٧١.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: مكان (link)