المشاركة السياسية للمرأة في الهند

«المشاركة السياسية» مصطلح ذو معنى واسع للغاية، إذ لا يتعلق الأمر «بالحق في التصويت» فقط، وإنما بالمشاركة في: عملية صنع القرار، والنشاط السياسي، والوعي السياسي، وغير ذلك أيضًا. تشارك النساء في الهند في الاقتراع، والترشح للمناصب العامة والأحزاب السياسية بمستويات أدنى مقارنة بالرجال. يعدّ النشاط السياسي والتصويت من أقوى مجالات المشاركة السياسية للمرأة.[1] وضعت الحكومة الهندية حجوزات لمقاعد في الحكومات المحلية، لمناهضة عدم المساواة بين الجنسين في السياسة.

بلغت نسبة مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية العامة في الهند 65.63%، بينما بلغت نسبة مشاركة الرجال 67.09%. تحتل الهند المرتبة العشرين بأسفل قائمة البلدان من حيث تمثيل المرأة في البرلمان.[2] شغلت النساء مناصب رئاسة البلاد ورئاسة الوزراء في الهند، وكذلك رئاسة الوزراء في مختلف الولايات. انتخب الناخبون الهنود النساء في العديد من المجالس التشريعية في الولايات والبرلمان الوطني لعقود عديدة.

الحقوق الدستورية للمرأة عدل

ينص دستور الهند على نظام حكم برلماني، ويضمن لمواطنيها الحق في أن يُنتخبوا، ويضمن لهم حرية التعبير، وحرية التجمع وتشكيل الجمعيات، والتصويت.[3] يحاول دستور الهند مناهضة عدم المساواة بين الجنسين، من خلال منع التمييز على أساس الجنس والطبقة، ومنع الاتجار بالبشر والتشغيل القسري، وتخصيص مناصب منتخبة للنساء.

وجهت حكومة الهند حكومات الولايات والحكومات المحلية لتعزيز المساواة حسب الطبقة والجنس، بما في ذلك المساواة في الأجر، والمساعدة القانونية المجانية، وظروف العمل الإنسانية، وتقديم إعانة أمومة، والحق في العمل والتعليم، ورفع مستوى المعيشة.[4] شاركت النساء بشكل كبير في حركة الاستقلال الهندية في أوائل القرن العشرين، ودعت النساء إلى الاستقلال عن بريطانيا. أفضى الاستقلال إلى تحقيق مساواة بين الجنسين في شكل حقوق دستورية، إلا أن المشاركة السياسة للمرأة بقيت منخفضة على مر التاريخ.[5]

مشاركة الإناث عدل

التصويت عدل

بدأت حركة حق المرأة في التصويت في أوائل القرن العشرين استجابةً لحركة وطنية من أجل حق التصويت، على الرغم من أن الغالبية العظمى من الرجال والنساء لم يكن لهم الحق في التصويت في ظل الحكم الاستعماري البريطاني قبل عام 1947. منح الدستور الهندي في 1950 بعد استقلال الهند عن بريطانيا، النساء والرجال حق التصويت رسميًا. منحت الهيئات التشريعية الإقليمية النساء الحق في التصويت، قبل نظام الاقتراع العام.

كانت مدراس أول من منح المرأة حق التصويت في عام 1921، ومنحته فقط للرجال والنساء الذين يمتلكون عقارات الأراضي وفقًا لسجلات الإدارة البريطانية.[6] اقتصرت الحقوق الممنوحة استجابة لحراك الاقتراع على مؤهلات معرفة القراءة والكتابة وملكية العقارات، بما في ذلك ملكية الأزواج.[5] استبعد ذلك الغالبية العظمى من النساء والرجال الهنود من التصويت، لأنهم كانوا فقراء. تغير الوضع في عام 1950 عندما مُنح حق الاقتراع العام لجميع المواطنين الهنود البالغين.

منح الاقتراع العام حقوق التصويت لجميع النساء في عام 1950، ونصت المادة 326 من الدستور الهندي على ذلك. يتألف نظام الهند البرلماني من مجلسين: لوك سابها (مجلس النواب) وراجيا سابها (مجلس الشيوخ). بلغت نسب مشاركة النساء في الانتخابات 46.635% في انتخابات عام 1962، وارتفعت إلى أعلى مستوى في عام 1984 إذ بلغت 58.60%. بلغت نسبة مشاركة الذكور خلال نفس الفترة 63.31% عام 1962 و68.18% عام 1984.

تقلصت الفجوة بين الناخبين الرجال والنساء بمرور الوقت بفارق 16.7% في عام 1962 وصولًا إلى 4.4% في عام 2009.[7]

بقي إقبال الناخبين على الانتخابات الوطنية راكدًا خلال الخمسين عامًا الماضية، إذ تراوحت نسبة المشاركة بين %50 و60%. شهدت انتخابات الولايات زيادةً في مشاركة المرأة، وتجاوز إقبال النساء نسبة المشاركة من قبل الذكور في بعض الحالات.[8] أُبلغ عن زيادة إقبال النساء في انتخابات فيدهان سابها 2012 (المجالس التشريعية/مجالس الولايات)، إذ أبلغت ولايات مثل أتر برديش عن نسب تراوحت بين 58.82%-60.29%.

أفادت التقارير أن نسبة المشاركة الإجمالية للمرأة في انتخابات مجلس النواب لعام 2013 قد بلغت 47.4%، بينما بلغت نسبة مشاركة الذكور 52.5%. أبلغت ولايات أروناجل برديش وغوا وكيرلا ومانيبور وميغالايا وميزورام ودمن وديو وبودوتشيري الهندية، عن إقبال أكبر بين النساء مقارنة بالرجال في عام 2013.[9]

يزيد الإقبال على المشاركة في كل من الولايات الغنية والفقيرة في الهند. تحسنت نسبة الجنس للناخبين من 715 ناخبة لكل 1000 ناخب في ستينيات القرن العشرين إلى 883 ناخبة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. سعت لجنة الانتخابات في الهند إلى زيادة إقبال الناخبين من خلال تنظيف القوائم الانتخابية وإزالة الأعضاء المفقودين أو المتوفين.[10]

اشتملت توعية الناخبين على استقطاب الناخبين من خلال التسجيل بآلية من باب إلى باب، واتُفق أن تصدر في انتخابات 2014 هوية مصورة للناخبين، تحتوي معلومات حول مراكز الاقتراع لزيادة إقبال الناخبين.[11] ترجع زيادة إقبال الناخبين في الهند جزئيًا إلى الناخبات. سعت لجنة الانتخابات الهندية إلى تشجيع تسجيل الناخبات ومشاركتهن من خلال التثقيف والتوعية في حرم الكليات والجامعات. كما يعزى تزايد المشاركة إلى زيادة الأمن في مراكز الاقتراع.[12]

انتخابات 2014 عدل

بلغت نسبة مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية العامة في الهند 65.63% في عام 2014، مقارنة بنسبة 67.09% للرجال.[13] صوتت النساء أكثر من الرجال في 16 ولاية من أصل 29 ولاية في الهند، أي مارست ما مجموعه 260.6 مليون امرأة حقهن في التصويت في انتخابات أبريل-مايو 2014 لبرلمان الهند.[13]

التحديات أمام مشاركة المرأة عدل

تساهم الحواجز الثقافية والمجتمعية المتمثلة في العنف والتمييز والأمية، في تشكيل مستوى المشاركة السياسية للمرأة وأشكالها.

العنف الجنسي عدل

سلطت مارثا نوسباوم الضوء على عائق كبير أمام قدرة المرأة على المشاركة السياسية، وتمثل هذا العائق بخطر العنف. يتفاقم العنف الجنسي في الهند بسبب قضايا التعليم والزواج، وتتعرض النساء للاعتداء الجنسي. أدى زواج الأطفال والعنف المنزلي وانخفاض معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة إلى خفض الفرص الاقتصادية للمرأة الهندية وساهم في العنف الجنسي في الهند.[14]

وجدت دراسة أجريت عام 2011 أن «24% من الرجال الهنود قد ارتكبوا عنفًا جنسيًا في مرحلة ما من حياتهم، و20% منهم قد أجبروا شريكاتهم على ممارسة الجنس معهم، ويعترف 38% من الرجال بأنهم قد أساؤوا جسديًا إلى شريكاتهم». يُعزى العنف الجنسي المنتشر إلى حقيقة أن العنف ضمن إطار الزواج ليس مخالفًا للقانون، وأن العنف الجنسي يمر دون عقاب إلى حد كبير.[15][16]

تقول مارثا سي نوسباوم: «يؤثر العنف والتهديد بالعنف في المجتمعات الكبيرة على قدرة العديد من النساء في المشاركة في العديد من أشكال العلاقات الاجتماعية والسياسية بنشاط، وعلى التحدث علنًا، والاعتراف بهن وبكرامتهن المساوية لكرامة الآخرين».[14]

الأمية عدل

توصف الهند بأنها أكبر بلد من السكان الأميين. ذكرت الأمم المتحدة في يناير 2014 أن 25.6% من جميع البالغين في الهند أميون. تبلغ نسبة معرفة القراءة والكتابة بين النساء الهنديات 65.46%، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة معرفة القراءة والكتابة بين الرجال التي بلغت 82.14%. تحد الأمية من قدرة المرأة على فهم النظام السياسي والقضايا العامة. أُبلغ عن مشاكل الاستغلال، مثل استبعاد النساء من قوائم الناخبين، إذ تحد الأمية من قدرة المرأة على ضمان ممارسة حقوقها السياسية.[17][18][19]

جاء عن مارتيال بخصوص المشاركة السياسية: «يرتبط الإلمام بالقراءة والكتابة بشكل عام بقدرة النساء على الانطلاق خارج المنزل ومواجهة المحيط، لذا يرتبط أيضًا بقدرتهن على الالتقاء والتعاون مع النساء الأخريات». وجدت الدراسات التي أجرتها نيراجا جايال ونيرمالا بوخ أن النساء «عرضة للسخرية باستمرار، ويُقلل من قيمتهن في البانشايات إذا كن أميات».[20]

وجدت نوسباوم أيضًا أن لمحو الأمية دور رئيسيً في كرامة المرأة واستقلاليتها في مجال السياسة، من خلال منحها إمكانية الوصول إلى وسائل الاتصال، مثل المذكرات والصحف، وتمكينها بأن تصبح أكثر دراية بالقضايا السياسية.

المراجع عدل

  1. ^ PDownload Mp3olitical empowerment of women نسخة محفوظة 2014-12-19 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ The Global Gender Gap Report 2012, World Economic Forum, Switzerland, page 16 نسخة محفوظة 2021-10-24 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ Government of India. "The Constitution of India". Ministry of Law and Justice. مؤرشف من الأصل في 2018-03-10. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  4. ^ Constitution of India. "Directive Principles of State Policy". Government of India. مؤرشف من الأصل في 2021-09-02. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  5. ^ أ ب Praveen، Rai (14 يناير 2011). "Electoral Participation of Women in India: Key Determinants and Barriers". Economic and Political Weekly. ج. XVLI ع. 3: 47–55.
  6. ^ Mithra, H.N. (2009). The Govt of India ACT 1919 Rules Thereunder and Govt Reports 1920, (ردمك 978-1-113-74177-6)
  7. ^ Chief Electoral Officer. "Voting Percentage in Various Lok Sabha Elections". Government of Uttarakhand, India. مؤرشف من الأصل في 2019-05-30. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  8. ^ Rukmini، S. "Who is behind the rise in voter turnouts?". The Hindu. مؤرشف من الأصل في 2021-04-08. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  9. ^ Election Commission of India. "Electoral Roll Data - 2013" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2016-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  10. ^ Rukmini، S. "Rising female voter turnout, the big story of 50 years". The Hindu. مؤرشف من الأصل في 2019-03-27. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  11. ^ Tembhekar، Chittaranjan (8 مارس 2014). "EC to give photo voter slips". The Times of India. مؤرشف من الأصل في 2019-04-03. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-28.
  12. ^ Rout، Akshay. "Women's Participation in the Electoral Process". Election Commission of India. مؤرشف من الأصل في 2016-03-05. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-22.
  13. ^ أ ب State-Wise Voter Turnout in General Elections 2014 Government of India (2014) نسخة محفوظة 2021-01-25 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ أ ب Nussbaum، Martha C. (يوليو 2005). "Women's Bodies: Violence, Security, and Capabilities". Journal of Human Development. ج. 6 ع. 2: 173–174. CiteSeerX:10.1.1.473.1687. DOI:10.1080/14649880500120509. S2CID:44200761.
  15. ^ Raj، Anita؛ Lotus McDougal (8 مارس 2014). "Sexual violence and rape in India". The Lancet. ج. 383 ع. 9920: 865. DOI:10.1016/s0140-6736(14)60435-9. PMID:24607092. S2CID:205972324.
  16. ^ "Indian men most sexually violent, says survey of six developing nations". Infochange Women. مارس 2011. مؤرشف من الأصل في 2016-06-27. اطلع عليه بتاريخ 2014-03-27.
  17. ^ Census of India. "Literacy and Level of Education". Government of India. مؤرشف من الأصل في 2021-08-18. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-23.
  18. ^ "India tops in adult illiteracy: U.N. report". The Hindu. 29 يناير 2014. مؤرشف من الأصل في 2021-10-22. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-23.
  19. ^ D.P.، D.P. "Impact of 73rd Amendment Act on Women's Leadership in the Punjab" (PDF). Punjab University, Patiala. مؤرشف (PDF) من الأصل في 2016-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2014-04-23.
  20. ^ Nussbaum، Martha C. (2004). "Women's Education: A Global Challenge". Signs. ج. 29 ع. 2: 325–355. DOI:10.1086/378571. S2CID:144593937.