الفصل العنصري الاجتماعي في البرازيل

استُخدم مصطلح الفصل العنصري الاجتماعي لوصف مختلف جوانب اللامساواة الاقتصادية في البرازيل، وهو يوازي الفصل القسري بين البيض والسود الذي كان مطبقًا، على نحو قانوني، في جنوب أفريقيا لعدة عقود خلال نظام الأبارتايد أو نظام الفصل العنصري في القرن العشرين. [1][2]

البدايات

عدل

وفقًا لما ذكرته ماريا هيلينا مورييرا آلفز، تفاقمت أوجه اللامساواة بين الأغنياء والفقراء في أوائل القرن العشرين في البرازيل بسبب المعاملة المختلفة للمهاجرين الحضريين أثناء الكساد الكبير وبعده. لم يتلق المهاجرون الداخليون، الذين ينحدرون أساسًا من الهنود الأمريكيين أو العبيد الأفارقة، أي مساعدة حكومية أو تدريب على التكيف مع المراكز الحضرية الكبيرة. أصبح المهاجرون الداخليون مركزين في نوع من «الفصل العنصري الاجتماعي»، ويعيشون في الأحياء الفقيرة ويعملون في وظائف وضيعة وبغيضة يتجنبها البيض. على النقيض من ذلك، حصل المهاجرون الأوروبيون والعرب واليابانيون، الذين اتجهوا نحو الحصول على تعليم أفضل، على مساعدة مباشرة من عدد من البرامج الحكومية، بما في ذلك بعض البرامج التي ترعاها حكوماتهم الوطنية، فضلًا عن مزايا أخرى. [3]

اللامساواة في الدخل

عدل

يشكل التفاوت في الدخل مصدرًا رئيسيًا للتفاوت الاجتماعي في البرازيل. في عام 2001، كان معامل جيني للتفاوت في الدخل للبرازيل 0.59، وهو رقم مرتفع نسبيًا، ويعني أن التفاوت بين دخول أي برازيليين جرى اختيارهم عشوائيًا بلغ تقريبًا 1.2 مرة من متوسط الدخل. طبقًا لتقديرات البنك الدولي فإن نصيب أول 20% من البرازيليين الأغنياء يبلغ نحو 33 مرة نصيب أفقر 20% دخلًا. [4]

ترتبط أسباب تفاوت الدخل في البرازيل بالتوزيع غير العادل للموارد العامة، ومساوئ التعليم، والفجوة في الأجور. تراجع الإنفاق العام بصفة عامة، ورغم أن البرامج الاجتماعية تقدمية إلى حد كبير، فإن أشكال الإنفاق الأخرى، مثل معاشات الموظفين العموميين، تشكل حصة أكبر من إجمالي الإنفاق، وموجهة نحو الأفراد من ذوي الدخول الأعلى. وفقًا للبنك الدولي، يمثل هذا نحو 39% من التفاوت في الدخل. الحصول على التعليم غير متكافئ إلى حد كبير ويميل إلى الفئات المتميزة، ما يؤدي إلى فجوة في مهارات العمل أكبر بكثير من غيرها من البلدان في الأمريكتين مثل المكسيك وكولومبيا والولايات المتحدة. طبقًا لتقديرات البنك الدولي، فإن هذا يمثل نحو 29% من إجمالي اللامساواة. أخيرًا، هناك فجوة كبيرة ومتنامية في الأجور بين الوظائف التي تتطلب مستويات مهارة أعلى وأقل. يعزو البنك الدولي نحو 32% من اللامساواة إلى فجوة الأجور. [5]

يُعتبر نوع الجنس ولون البشرة والمكانة الاجتماعية عوامل هامة في تفاوت الدخل، إذ يكسب النساء والبرازيليون المنحدرون من أصل أفريقي أقل بكثير من الذكور والبرازيليين البيض، وذلك بسبب الحرمان من التعليم والأجور. يحصل البرازيليون السود على مستويات تعليمية تبلغ ثلثي المستوى التعليمي للبيض، وهو ما يحد من إمكانية حصولهم على وظائف ذات أجور أعلى. تكسب النساء 29% أقل من الرجال، على الرغم من أن النساء يحصلن على تعليم يزيد عن تعليم الرجال بمتوسط سنة واحدة. [4]

اللامساواة العرقية والطبقية

عدل

يعتقد البعض أن هذه التشابهات بين جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري والبرازيل المعاصرة ترتبط بتاريخ البلاد في ما يخص العبودية والطبقات العرقية المرتبطة بها، إذ أن اللامساواة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي تؤثر، على نحو خاص، على الأفارقة البرازيليين بالمقارنة مع الفئات الأخرى.[6] وفقًا لعضو الكونغرس في ساو باولو الويزيو ميركادانت، عضو حزب العمال اليساري في البرازيل (بّي تي)، «مثلما كانت جنوب أفريقيا تعاني من الفصل العنصري، فإن البرازيل تعاني من الفصل العنصري الاجتماعي». كتب الصحفي كيفن جي. هول في عام 2002 أن الأفارقة البرازيليين يتبعون البرازيليين البيض في جميع المؤشرات الاجتماعية تقريبًا، بما في ذلك الدخل والتعليم. يُعتبر الذين يعيشون في المدن أكثر عرضة للاعتداء أو القتل على يد الشرطة أو السجن بالنسبة لأعضاء الجماعات الأخرى.

للحالة الاجتماعية في البرازيل آثار سلبية على فرص التعليم للمحرومين.[7] يلاحظ النقاد أن الطبقات، في الغالب، منفصلة عن أي تفاعل بخلاف تقديم الخدمات: فالأثرياء يعيشون في أحياء سكنية مُسوَّرة، ولا تتفاعل الطبقات المحرومة، على الإطلاق، مع الأثرياء «إلا في صورة تقديم الخدمات المنزلية وعلى أرض المحلات التجارية». [8]

وفقًا لفرنس ويندانس توين، يمتد الفصل حسب الطبقة والعرق إلى ما تسميه فرنس «الفصل العنصري المكاني»، حيث يدخل السكان والغرباء من الطبقة العليا، والمفترض أنهم من البيض، المباني السكنية والفنادق من المدخل الرئيسي، في حين يدخل المحليون ومقدمو الخدمات من الطبقة الدنيا من الجانب أو من الخلف. [9]

يكتب الناشط في مجال الحقوق المدنية كارلوس فيريسيمو أن البرازيل دولة عنصرية، وأن أوجه اللامساواة في العرق والطبقة كثيرًا ما تكون مترابطة.[10] يذكر مايكل لووی أن «الفصل العنصري الاجتماعي» يتجسد في الأحياء السكنية المُسوَّرة، وهو «تمييز اجتماعي ينطوي أيضًا على بعد عنصري، إذ أن الغالبية العظمى من الفقراء هم من طبقة السود أو من طبقة النصف (أي الملونون)».[11] على الرغم من تراجع البرازيل عن الحكم العسكري وعودتها إلى الديمقراطية في عام 1988، فإن الفصل العنصري الاجتماعي قد ازداد.

العرق والجريمة

عدل

مع ارتفاع معدل جرائم القتل المسجلة في البرازيل، ارتفع أيضًا عدد جرائم القتل لكل 100,000 من الأفارقة البرازيليين والبرازيليين الباردو من 32.41 في عام 2006 إلى 43.15 في عام 2017، في حين انخفض عدد جرائم القتل لكل 100,000 من البرازيليين البيض والآسيويين من 17.12 في عام 2006 إلى 15.97 في عام 2017. [12]

وفقًا للبحث، فإن احتمال أن يكون الشخص الأسود ضحية للقتل في البرازيل أكبر في المجموعات ذات الخصائص التعليمية والاجتماعية الاقتصادية المماثلة. تُعتبر فرصة قتل مراهق أسود أعلى بـ3.7 مرة مقارنة بمراهق من البيض.

يوضح البحث أيضًا أن السود هم أكبر ضحايا الاعتداء من جانب الشرطة. توضح الدراسة الاستقصائية الوطنية عن الإيذاء أنه في عام 2009، تعرض 6.5% من السود للاعتداء بوصفهم من أفراد الشرطة المعتدين أو من حراس الأمن الخاص (وهم كثيرًا ما يعملون في الشرطة خارج أوقات عملهم)، مقابل 3.7% من البيض.

بحسب دانيال دانيال سيركويرا، يُقتل أكثر من 60,000 شخص كل سنة في البلاد، وهناك انحياز شديد إلى اللون والمكانة الاجتماعية في هذه الوفيات: «يُعد معدل الوفيات بين السود أكثر  بـ135% من غير السود. وفي حين أن معدل جرائم قتل السود هو 36.5 لكل 100,000 نسمة، فإن النسبة في حالة البيض هي 15.5 لكل 100,000 نسمة». [13]

الآثار السياسية

عدل

نقل الصحفي مارك ويسبروت في مجلة ذا نيشن قول الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003- 2010) في عام 2002 أنه «يكافح من أجل إخراج فقراء البرازيل من نظام الفصل العنصري الاقتصادي».[14] عُزيت خسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1994 لصالح فيرناندو أنريك كاردوسو (1995- 2002) جزئيًا إلى الخوف الذي أثاره لولا في الطبقة الوسطى من خلال «استنكاره للفصل العنصري الاجتماعي الذي تغلغل في المجتمع البرازيلي».[15]

المراجع

عدل
  1. ^ Hall, Kevin G. "Brazil's blacks get affirmative action 114 years after emancipation", Knight Ridder/Tribune News Service, May 31, 2002.
  2. ^ Buarque, Cristovam, "The Northeast: Five Hundred Years of Discoveries", in Sachs, Ignacy; Wilheim, Jorge. Brazil: a century of change, University of North Carolina Press, 2009, p. 280. نسخة محفوظة 2020-05-28 على موقع واي باك مشين.
  3. ^ "Internal migrants from Brazil, many the descendants of Indians or African slaves, were totally abandoned to their own endeavors in the city, with no governmental subsidies, no programs of immigration support, no job training, and no housing programs to help the process of adaptation. In short, Brazilian migrants found themselves pushed into a social apartheid in the slums of the city, their jobs limited to those that white would not touch, such as garbage removal, hard construction work, and menial jobs in industry. In contrast, many European and Japanese immigrants came under the auspices of programs organized by their governments which assisted them with the cost of their transportation and of housing, helping them find employment, trained them, and provided a number of other benefits." Alves, Maria Helena Moreira. "São Paulo: the political and socioeconomic transformations wrought by the New Labor Movement in the city and beyond." In Gugler, Josef. World Cities Beyond the West: Globalization, Development and Inequality, Cambridge University Press, 2004, pp. 202-203.
  4. ^ ا ب World Bank Country Study (2004). Inequality And Economic Development In Brazil. World Bank Publications. ص. xviii. ISBN:0821358804. مؤرشف من الأصل في 2020-05-28. اطلع عليه بتاريخ 2012-12-05.
  5. ^ World Bank Country Study (2004). Inequality And Economic Development In Brazil. World Bank Publications. ص. xviii–xix. ISBN:0821358804. مؤرشف من الأصل في 2020-05-28. اطلع عليه بتاريخ 2012-12-05.
  6. ^ Buarque, Cristovam. Lula's Brazil Is Indebted to the World for So Many Broken Hopes, Brazzil Magazine, August 23, 2005. نسخة محفوظة 2016-03-06 على موقع واي باك مشين.
  7. ^ "In Brazil the عسكرية have returned to the barracks but despite their replacement by elected governments, the drift into social apartheid and moral disintegration continues. Those who continue to orientate their educational practices by the principles of popular education now face a new and more complex conjuncture." Ireland, Timothy. "Building on experience: working with construction workers in Brazil" in Boud, David J. & Miller, Nod. Working with Experience: Animating Learning, Routledge, 1996, p. 132.
  8. ^ "Few studies, for instance probe the implications of these distressing conditions for social, class, and political relations. In those that do, "social apartheid" is a common theme—a class gulf so wide that interaction ceases, except in domestic service and on the shop floor. Social apartheid is the motive force behind the spread of closed residential communities in São Paulo—one of the few going concerns in an otherwise sluggish real-estate market. According to the advertisements, these communities are enclosed behind walls five meters high, protected by sophisticated security systems, and patrolled by round-the-clock guards who also carefully screen all visitors. Maids and other day laborers are searched every time they enter or exit. Inside are gracious homes and children playing in the street as in any affluent suburb in the United States, except that this is an island in a sea of squalor." Schneider, Ben Ross. "Brazil under Collor: Anatomy of a Crisis", in Camp, Roderic Ai. Democracy in Latin America: Patterns and Cycles, Rowman & Littlefield, 1996, p. 241. (ردمك 0-8420-2513-8)
  9. ^ Vasalians often described what can be called a form of spatial apartheid that they encountered in the city of Rio. This racial and class segregation is reflected in the design of apartment buildings in elite neighborhoods. The spatial geography of urban Rio bears some striking similarities to the Jim Crow southern United States. There is a social entrance, reserved for building residents and guests who are presumed to be white, and a service entrance, located at the side or the back of these buildings, for the exclusive use of domestic maids and service providers, who are presumed to be nonwhite or black." Twine, France Winddance. Racism in a Racial Democracy: The Maintenance of White Supremacy in Brazil, Rutgers University Press, 1998, pp. 80-81.
  10. ^ Verrisimo, Carlos. Apartheid in Americas, CrossRoads, December/January 1994/1995. نسخة محفوظة 2016-03-03 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ There also exists a real social apartheid throughout the country which is seen in big cities through the physical separation of mansions and the wealthy quarters, surrounded by walls and electric barbwire and guarded by private armed guards who carefully patrol all entrances and exits. It is social discrimination which also has an implicit racial dimension where the majority of the poor are أسود (لون) or half caste. Lowy, Michael. Brazil: A Country Marked by Social Apartheid, Logos: A Journal of Modern Society and Culture, Volume 2 Issue 2, Spring 2003. نسخة محفوظة 2019-10-26 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ "Homicide rate in Brazil by ethnicity 2017" (بالإنجليزية). Archived from the original on 2020-04-13. Retrieved 2020-05-28.
  13. ^ http://negrobelchior.cartacapital.com.br/2013/10/18/negros-sao-70-das-vitimas-de-assassinatos-no-brasil-reafirma-ipea/ نسخة محفوظة 2016-04-13 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ Weisbrot, Mark. As Brazil Goes..., ذا نيشن (مجلة), September 16, 2002. نسخة محفوظة 2005-04-15 على موقع واي باك مشين.
  15. ^ "Lula's campaign tactics (his lengthy tours of the country, or caravanas), his obviously proletarian origins and his denunciation of the social apartheid which permeated Brazilian society frightened the middle class. Cardoso received 54 per cent of the vote as compared to Lula's 27 per cent (S. Branford and B. Kucinkski, Brazil:Carnival of the Oppressed. Lula and the Brazilian Workers's Party, London, Latin American Bureau, 19945, p. 4)." Lievesley, Geraldine. Democracy in Latin America: Mobilization, Power and the Search for a New Politics, Manchester University Press, 1999, p. 99, note 63.