الشيعة في باكستان

الإسلام هو الدين الرسمي لباكستان. ويقدر عدد الشيعة فيها ما بين 5-20٪ من مجموع السكان البالغ عددهم 180 مليون نسمة وترى بنازير بوتو إنهم يكونون 10٪ من المجتمع.[1][2][3][4][5][6][7] ويُقدر عدد سكان الشيعة في باكستان بأنه لا يقل عن 16 مليون نسمة، مثل الهند.[8][9][10] ومع ذلك ، يدعي فالي نصر الخبير بشؤون الشرق الأوسط، أن عدد الشيعة يصل إلى 30 مليونًا.[11][12] لكن مع تصاعد العنف الطائفي في السنوات الأخيرة استهدفت الطائفة الشيعية بشكل غير مسبق. وقد سجلت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، ما لا يقل عن 450 عملية قتل للشيعة في عام 2012، وهي السنة الأكثر دموية في المجتمع. وقتل ما لا يقل عن 400 شيعي آخر في عام 2013 في باكستان.[13]

مسجد شيعي في إسلام آباد.

تاريخهم

عدل

لا توجد معلومات دقيقة في التقارير التاريخية حول تاريخ التشيّع في باكستان سوى شذرات وردت بشكل متفرّق بين ثنايا بعض الكتب. والظاهر أن مدينة لكهنو الهندية ظلّت مركزًا لحكومة شيعيّة محليّة في جنوب آسيا لفترة طويلة. فبعد أن تقسمت شبه القارة الهندية إلى الهند وباكستان عام 1947، هاجر عدد كبير من المسلمين الشيعة المقيمين في شبه القارة الهندية إلى دولة باكستان وعملوا علی دعم هذه الدولة ورفدها بالطاقات. لكن في العقود اللاحقة ظهرت توترات بين الشيعة وأهل السنة وقد أدت بعض الأحداث الطائفية إلى إنشاء منظمات خاصة بالشيعة في السنوات الأخيرة. وفي الماضي، فقد عانوا الشيعة في هذه المنطقة من اضطهاد الحكام المحليين والغزاة المغول، حيث تعرض بعضهم إلى القتل على يد هؤلاء الحكام كالقاضي نور الله التستري المعروف بالشهيد الثالث. ومن جهة اخری كان العديد من النواب الذين حكموا الهند الحالية وبنغلاديش وباكستان هم من بين الشيعة.[14]

مذهبهم

عدل

أن الأغلبية من المسلمين الشيعة الباكستانيين هم من أتباع مذهب الإثني عشري ويشكلون 60% ، وهناك أقليات ينتمون إلی الإسماعيليين النزاريين أو إلی فرقة البهرة الداودية وفرقة البهرة السُليمانية ويشكلون 40%.[15]

التأثير السياسي

عدل

كان محمد علي جناح، مؤسس دولة باكستان، إسماعيليا بالولادة ويقال أنه في وقت لاحق من حياته اتبع المذهب الشيعي الإثني عشري وهو ما رفضت إقراره المحكمة الباكستانية العليا.[16][17][18][19] لكن ادعى  بعض أقاربه في المحكمة بأن جناح أصبح سنيًا في نهاية حياته.[20][21][22]

بعد وفاة جناح، طالبت أخته فاطمة من المحكمة بالحكم في ميراثه وفق القانون الإسلامي الإسماعيلي[23] الأمر الذي أصبح فيما بعد جزءا من جدل في باكستان حول الانتماء الديني لجناح. يذكر فالي نصر بأن جناح "كان إسماعيليا بالولادة وشيعيا اثنا عشريا بالاعتناق ، وإن لم يكن رجل ملتزما دينيا" وهذا ما لم تقره سيرة جناح.[23] وفي تحد قانوني عام 1970، ادعى حسين علي جانجي ولجي بأن جناح تحول إلى الإسلام السني مستندا إلى أدلة وشهادات لشخصيات باكستانية مقربة لجناح [23]، ولكن رفضت المحكمة العليا هذا الادعاء في عام 1976، وقبلت بكون "أسرة جناح" من الاسماعيلية. في العلن، لم يكن لجناح موقفا طائفيا و "كان يسعى إلى جمع مسلمي الهند تحت راية عقيدة المسلمين العامة وليس تحت هوية طائفية مثيرة للانقسام". في عام 1970، نص قرار ملحكمة باكستانية بأن جناح "بإيمانه كمسلم علماني جعله منه لا شيعي ولا سني"، وفي عام 1984، حافظت المحكمة على قرارها بأن القائد لم يكن قطعا من الشيعة". وصرح لياقت ه. مرشانت، سليل من أسرة جناح، بانه " مجرد مسلم ، يؤمن بالكتاب والسنة ويجل الخلفاء الراشدين ويقدر الحضارة الأسلامية عاليا[24]". على مدى العقود القليلة الماضية، تشكَّلت منظمات مختلفة لغاية الدعم السياسي للشيعة ومعالجة احتجاجاتهم القانونية منها منظمة تحريك الجعفرية ومنظمة الطلاب الإمامية، كما تشكّلت منظمة سباه محمد كرد فعل للعنف الموجه ضد الشيعة من قبل سباه الصحابة وكذلك منظمة لشكر جهنكوي والجماعات الديوبندية المتشددة. وعندما أقر الجنرال ضياء الحق، الحاكم العسكري السابق لباكستان، قانوناً جديداً لفرض خصم الزكاة من أموال كل المسلمين في الثمانينات، نظمت تحريك الجعفرية مظاهرة عامة كبيرة في إسلام آباد اعتراضاً على القانون، لإجبار الحكومة على إعفاء الشيعة من هذا القانون. وتمخضت هذه الخطوة عن «اتفاق إسلام أباد» والذي وافقت الحكومة بموجبه على تقديم منهج دراسي منفصل للطلاب الشيعة في المدارس العامة، فضلاً عن إعفاء المجتمع الشيعي من البنود القانونية المتعلقة بخصم الزكاة من الحسابات المصرفية. حيث يعتبر الشيعة الزكاة التزاماً شخصياً ولا يمكن للدولة تحصيلها.  وأعرب أحد كبار الصحافيين الباكستانيين الذي شهد هذه الأحداث، عن اعتقاده بأن الزعيم الإيراني آية الله الخميني اضطلع بدور مهم في التوصل إلى هذا الاتفاق، وأنه طلب الحصول على تأكيدات من الجنرال ضياء الحق بتلبية مطالب الشيعة. جدير بالذكر، أنه جرت قراءة رسالة من الخميني علانية على مسامع المتظاهرين الشيعة في إسلام أباد بهدف الحفاظ على معنوياتهم.[25][26]

التمييز

عدل

تتهم الشيعة الحكومة الباكستانية منذ عام 1948  بأنها تقوم بتمييز عنصري ممنهج ضد الشيعة في المناصب والأعمال التجارية وإقامة العدل.[27] وفي فترة رئاسة ضياء الحق ازدادت الهجمات على الشيعة.[27] اندلعت أول أعمال شغب بين السنة والشيعة في باكستان عام 1983 في مدينة كراتشي وثم انتشرت إلى لاهور ومنطقة بلوشستان. ومنذ أحداث العنف الطائفي وقعت في باراشينار عام 1986، أصبح العنف الطائفي أحد السمات المتكررة في شهر محرم من كل عام.[28] وكانت مذبحة غلغت عام 1988 حادثة سيئة السمعة، حيث تدفق آلاف المسلحين من القبائل السنية المختلفة، بقيادة أسامة بن لادن، إلى غلغت وقتلوا المدنيين الشيعة فيها.[27][29][30][31][32]

طالع أيضا

عدل

مراجع

عدل
  1. ^ "Benazir Bhutto: Daughter of Tragedy" by Muhammad Najeeb, Hasan Zaidi, Saurabh Shulka and S. Prasannarajan, India Today, 7 January 2008
  2. ^ "The World's Muslims: Unity and Diversity". Pew Research Center. 9 أغسطس 2012. مؤرشف من الأصل في 2019-04-06. اطلع عليه بتاريخ 2016-12-26. On the other hand, in Pakistan, where 6% of the survey respondents identify as Shia, Sunni attitudes are more mixed: 50% say Shias are Muslims, while 41% say they are not.
  3. ^ "Religions: Muslim 95% (Sunni 75%, Shia 20%), other (includes Christian and Hindu) 5%". وكالة المخابرات المركزية. كتاب حقائق العالم on Pakistan. 2010. مؤرشف من الأصل في 2018-12-26. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-24.
  4. ^ "Pakistan, Islam in". مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية. دار نشر جامعة أكسفورد. مؤرشف من الأصل في 2019-05-24. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-29. Approximately 97 percent of Pakistanis are Muslim. The majority are Sunnis following the Hanafi school of Islamic law. Between 10 and 15 percent are Shias, mostly Twelvers.
  5. ^ "Pakistan - International Religious Freedom Report 2008". وزارة الخارجية الأمريكية. مؤرشف من الأصل في 2012-01-19. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-28. The majority of Muslims in the country are Sunni, with a Shi'a minority ranging between 10 to 20 percent.
  6. ^ "THE TROUBLE WITH MADRASSAHS". مؤرشف من الأصل في 2019-05-24.
  7. ^ Hussain، Javed؛ Ahmad، Jibran (26 يوليو 2013). "Suicide bombs kill 39 near Shi'ite mosques in Pakistan". رويترز. مؤرشف من الأصل في 2015-09-24.
  8. ^ "Field Listing : Religions". كتاب حقائق العالم. وكالة المخابرات المركزية. 2010. مؤرشف من الأصل في 2018-12-26. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-24.
  9. ^ Tracy Miller، المحرر (أكتوبر 2009). "Mapping the Global Muslim Population: A Report on the Size and Distribution of the World's Muslim Population". مركز بيو للأبحاث. مؤرشف من الأصل في 2010-03-27. اطلع عليه بتاريخ 2010-06-09.
  10. ^ Nasr، Vali (2007). The Shia revival : how conflicts within Islam will shape the future (ط. Paperback). New York: W.W. Norton. ISBN:0393329682.
  11. ^ Pakistan Christian Post نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  12. ^ "The Shia Revival: How Conflicts within Islam Will Shape the Future". Vali Nasr, Joanne J. Myers. 18 أكتوبر 2006. مؤرشف من الأصل في 2012-09-14. اطلع عليه بتاريخ 2010-08-24. Pakistan is the second-largest Shia country in the world, with about 30 million population.
  13. ^ staff، writer of Human right watch. "we are the walking dead". hrg.org. مؤرشف من الأصل في 2019-04-04. اطلع عليه بتاريخ 2014-06-29.
  14. ^ BBC News - Mughal Empire (1500s, 1600s) نسخة محفوظة 21 مايو 2009 على موقع واي باك مشين. [وصلة مكسورة]
  15. ^ "Heart of darkness: Shia resistance and revival in Pakistan". Herald (Pakistan). 29 أكتوبر 2015. مؤرشف من الأصل في 2018-08-01. اطلع عليه بتاريخ 2016-02-14.
  16. ^ باكستان : مرحلة التأسيس ، محمد عبد الحسن جاسم ، مجلة كلية الآداب بجامعة الكوفة ، 2011
  17. ^ Welcome to The Friday Times - Was Jinnah a Shia or a Sunni? by Khaled Ahmed - Pakistan's First Independent Weekly Paper:www.thefridaytimes.com نسخة محفوظة 22 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ Wolpert، Stanley (1984). Jinnah of Pakistan. New York: Oxford University Press. ص. 18. ISBN:978-0-19-503412-7.
  19. ^ "Would Jinnah have lived as a Shia?". مؤرشف من الأصل في 2018-04-10.
  20. ^ Ahmed، Akbar (2005). Jinnah, Pakistan and Islamic Identity: The Search for Saladin. Routledge. ISBN:9781134750221. مؤرشف من الأصل في 2020-01-28.
  21. ^ "Was Jinnah a Shia or Sunni?". مؤرشف من الأصل في 2018-09-30.
  22. ^ "Understanding Jinnah God cannot alter the past, but historians can". مؤرشف من الأصل في 2018-02-27.
  23. ^ ا ب ج Cohen، Stephen Philip (2004). The Idea of Pakistan. Washington, D.C.: Brookings Institution Press. ISBN 978-0-8157-1503-0.
  24. ^ Although born into a Khoja (from khwaja or ‘noble’) family who were disciples of the Ismaili Aga Khan, Jinnah moved towards the Sunni sect early in life. There is evidence later, given by his relatives and associates in court, to establish that he was firmly a Sunni Muslim by the end of his life (Merchant 1990). Jinnah, Pakistan and Islamic Identity The Search for Saladin By AKBAR S. AHMED
  25. ^ Shia Sunni Unity, Shia Sunni differences, Ali ibn Abu Talib, Prophet Muhammad (pbuh), Holy Qur'an, Ayesha, Misconception, Temporary marriages, Mutah نسخة محفوظة 01 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  26. ^ "Asharq Alawsat Newspaper (English)" en. مؤرشف من الأصل في 2011-05-01. اطلع عليه بتاريخ 2020-01-28. {{استشهاد ويب}}: الوسيط غير صالح |script-title=: بادئة مفقودة (مساعدة)
  27. ^ ا ب ج Jones، Brian H. (2010). Around Rakaposhi. Brian H Jones. ISBN:9780980810721. مؤرشف من الأصل في 2019-06-05.
  28. ^ Broder، Jonathan (10 نوفمبر 1987). "Sectarian Strife Threatens Pakistan`s Fragile Society". Chicago Tribune. مؤرشف من الأصل في 2018-07-30. اطلع عليه بتاريخ 2016-12-31.
  29. ^ Raman، B (26 فبراير 2003). "The Karachi Attack: The Kashmir Link". Rediiff News. مؤرشف من الأصل في 2018-09-26. اطلع عليه بتاريخ 2016-12-31.
  30. ^ Taimur، Shamil (12 أكتوبر 2016). "This Muharram, Gilgit gives peace a chance". Herald. مؤرشف من الأصل في 2018-09-26. اطلع عليه بتاريخ 2016-12-31.
  31. ^ International Organizations and The Rise of ISIL: Global Responses to Human Security Threats. Routledge. 2016. ص. 37–38. ISBN:9781315536088. مؤرشف من الأصل في 2020-01-28.
  32. ^ Murphy، Eamon (2013). The Making of Terrorism in Pakistan: Historical and Social Roots of Extremism. Routledge. ص. 134. ISBN:9780415565264. مؤرشف من الأصل في 2018-10-02.