السيطرة بالحرمان

تصف السيطرة بالحرمان عدم إعطاء الفرد رغباته ومراده واحتياجاته بطريقة متعمدة للتحكم فيه[1]، ويتم ذلك غالبًا من خلال أفعال مثل الافتقار إلى المشاعر والأفعال غير المبالية والمنعزلة وعدم الرد والبعد العاطفي وممارسة الجنس عن عمد وتوجيه اللوم إلى الفرد وأساليب أخرى. يمكن أن تؤدي السيطرة بالحرمان إلى مجموعة واسعة من الآثار، مثل: التسبب في الاكتئاب[2] وتحريض الناس على العدوان[3] وزيادة آثار الطبقية الاجتماعية واستخدام القوالب النمطية الاجتماعية في إصدار الأحكام على الناس[4] فضلًا عن الحصول على المنتجات.[5] يمكن أن يؤثر عدم السيطرة على الموقف بشكل كبير على الشخص، مما يغير طريقة تفكيره وتصرفه. وغالبًا ما يتم استغلال هذا من قبل الأفراد والشركات وفي مواقف أخرى، لكن الأفراد أيضًا قادرون بشدة على إيجاد وسائل بديلة لاستعادة السيطرة التي فُقدت سابقًا واستعادة السيطرة الشخصية.[6]

التعريف

عدل

السيطرة هي القدرة على التأثير وتوجيه السلوك أو الأحداث، بينما يتمثل الحرمان في وقف ومنع حدوث شيء ما.[7][8] السيطرة بالحرمان هي استخدام الفرد سلطته ونفوذه لمنع فعل قد يمنح فردًا آخر السعادة، سواء كان هذا الفعل عاطفيًا أو جسديًا أو أي فعل آخر.

آثار السيطرة بالحرمان

عدل

الآثار على الاكتئاب

عدل

يمكن أن تؤدي السيطرة بالحرمان المنتظمة إلى اضطرابات اكتئابية.[9] أبرزت دراسة كيف كانت «السيطرة الأبوية قليلة العاطفة» أحد العوامل المؤدية إلى اكتئاب لاحق في الحياة. وذلك بدراسة 125 مريض صُنفوا بأنهم يعانون من أعراض الاكتئاب المذكورة في الطبعة الثالثة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-III)، ويعانون أيضًا من سيطرة أحد الأبوين للغاية وقلة اهتمام الوالد الآخر. أظهرت نتائج هذه الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب هم أكثرعرضة لاعتبار أنفسهم يعانون من سيطرة الآباء الشديدة. يمكن أن تؤدي آثار العنف النفسي من شخص كبير إلى الشعور بالذنب والانفصال والخوف والقلق.[10][11] علاوةً على ذلك، تكشف الدراسات التي أجريت حول العجز المتعلم أنه عند خضوع الإنسان والحيوان لألم لا يمكن تجنبه يصبحون في النهاية «معتادين» على الألم،[12] حتى عند إعطائهم الفرصة لتجنب الألم. يصاب الأشخاص بسبب انعدام السيطرة المقدمة لهم بالاكتئاب كأحد الأعراض.[13] يمكن أن يرتبط الافتقار المباشر للسيطرة التي يختبرها الفرد، مباشرةً ويسبب انخفاض احترام الذات والقلق وانعدام الحافز لتغيير الوضع الذي يعيشونه. تتميز جميع هذه الأعراض غالبًا وتظهر لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات اكتئابية.

يمكن أن تجعل السيطرة بالحرمان مشاعر العجز أسوأ وتؤدي إلى تفاقم هذه المشاعر. وقد تؤدي قلة السيطرة إلى شعور الأفراد بمزيد من الاكتئاب ويمكنها تغيير عملية التفكير العاطفي للفرد، ما يؤدي إلى مزاج سلبي. يمكن أن تؤدي هذه المشاعر النابعة من انعدام السيطرة التي تجلبها السيطرة بالحرمان إلى حياة شخص ما، إلى أعراض الاكتئاب والعجز المتعلم كنتيجة للسيطرة بالحرمان. [14][15][16]

الآثار الاجتماعية

عدل

أثبتت الأبحاث أن الأفراد الذين عانوا من السيطرة بالحرمان هم أكثر عرضة لاستخدام أفكار نمطية ودلالات اجتماعية سلبية عند إصدار أحكام على الأفراد بعد حرمانهم من السيطرة. عندما طُلب من المشاركين وصف فرد ما، مال المشاركون غالبًا إلى استخدام أفكارًا نمطية اجتماعية سلبية عند وصف بعض الأشخاص والوظائف التي يمكن اعتبارها من وظائف الطبقة الاجتماعية الاقتصادية الأدنى. طُلب من المشاركين في مجموعة من الدراسات وصف الممثل الكوميدي وأحد العاملين في الأرشيف، كانت إحدى المجموعتين خاضعة لسيناريو حرمان من السيطرة، كانت مجموعة العلاج هذه أكثر ميلًا إلى وصف عامل الأرشيف بطريقة سلبية بالنسبة إلى المجموعة المرجعية. يسبب هذا مشاكل معينة من خلال الأفكار العنصرية النمطية، فضلًا عن تأثيرات الطبقة الاجتماعية. أبرزت الدراسات كيف يمكن المبالغة في الأفكار النمطية المؤسسية داخل الطبقات الاجتماعية من خلال قلة السيطرة، فضلًا عن المزيد من الضغط على العلاقات بين الطبقات الاجتماعية، ما يؤكد أن الرغبة في السيطرة قد تؤدي إلى تفاقم سوء الأوضاع الاجتماعية.[17]

يرتبط الإبعاد بقوة مع السيطرة بالحرمان بسبب رغبة البشر في الرفقة والصداقة. وجدت دراسة باستخدام الإبعاد للتمكن من السيطرة بالحرمان أنه عندما تتاح الفرصة للأشخاص أن يكونوا عدوانيين تجاه الأشخاص الذين ينبذونهم سيكونون كذلك. سمحت الدراسة للمشاركين بإعطاء الصلصة الحارة للأشخاص الذين نبذوهم، أعطى هؤلاء المشاركين 4 أضعاف كمية الصلصة الحارة من الأفراد في المجموعة المرجعية. ثبت أن انعدام السيطرة يرتبط بالعدوان، وهذا أمر نظري إذ قد يصبح الناس أكثر عدوانية لاستعادة الحرية والسيطرة التي فقدوها أو كوسيلة للتخلص من الإحباط. يستخدم الأفراد العدوان كوسيلة لاستعادة إحساسهم الشخصي بالسلطة. [18][19][20]

استخداماتها في التعذيب

عدل

لقد استخدمت وكالة الاستخبارات المركزية CIA السيطرة بالحرمان، ووصفت أدلة الاستجواب الخاصة بوكالة السي أي إيه (CIA Interrogation Manuals)، تحت قسم الاحتجاز، أن بإمكانهم حرمان سجين من النوم والحطب والماء وكذلك حرمان الأفراد من المحفزات الحسية للحصول على المعلومات منهم.[21]

مراجع

عدل
  1. ^ Stines, Sharie; read, Psy D. Last updated: 2 Oct 2018~ 2 min (2018-10-02). "Control by Deprivation". The Recovery Expert. Retrieved 2019-05-12.
  2. ^ Miller, W.R (1975). "Depression and learned helplessness in man". Journal of Abnormal Psychology. 84 (3): 228–238. doi:10.1037/h0076720.
  3. ^ Warburton, Wayne A.; Williams, Kipling D.; Cairns, David R. (March 2006). "When ostracism leads to aggression: The moderating effects of control deprivation". Journal of Experimental Social Psychology. 42 (2): 213–220. doi:10.1016/j.jesp.2005.03.005.
  4. ^ Ric, François (June 1997). "Effects of Control Deprivation on Subsequent Use of Stereotypes". The Journal of Social Psychology. 137 (3): 333–342. doi:10.1080/00224549709595444. ISSN 0022-4545.
  5. ^ Chen, Charlene Y.; Lee, Leonard; Yap, Andy J. (2016-11-09). "Control Deprivation Motivates Acquisition of Utilitarian Products". Journal of Consumer Research: ucw068. doi:10.1093/jcr/ucw068. ISSN 0093-5301.
  6. ^ Thompson, Suzanne C. (2012-09-18). "The Role of Personal Control in Adaptive Functioning". In Lopez, Shane J.; Snyder, C.R. (eds.). The Oxford Handbook of Positive Psychology. 1. Oxford University Press. pp. 270–278. doi:10.1093/oxfordhb/9780195187243.013.0025. ISBN 9780195187243.
  7. ^ "CONTROL | meaning in the Cambridge English Dictionary". dictionary.cambridge.org. مؤرشف من الأصل في 2020-01-20. اطلع عليه بتاريخ 2019-05-12.
  8. ^ "DEPRIVE | meaning in the Cambridge English Dictionary". dictionary.cambridge.org. مؤرشف من الأصل في 2019-05-12. اطلع عليه بتاريخ 2019-05-12.
  9. ^ Parker، Gordon (1 سبتمبر 1983). "Parental 'Affectionless Control' as an Antecedent to Adult Depression: A Risk Factor Delineated". Archives of General Psychiatry. ج. 40 ع. 9: 956–60. DOI:10.1001/archpsyc.1983.01790080038005. ISSN:0003-990X. PMID:6615158.
  10. ^ Rohner، Ronald P.؛ Rohner، Evelyn C. (يناير 1980). "Antecedents and consequences of parental rejection: A theory of emotional abuse". Child Abuse & Neglect. ج. 4 ع. 3: 189–198. DOI:10.1016/0145-2134(80)90007-1.
  11. ^ "Long-Term Consequences of Child Abuse and Neglect" (PDF). Long-Term Consequences of Child Abuse and Neglect. مؤرشف من الأصل (PDF) في 19 يوليو 2020. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  12. ^ "learned helplessness | Description, History, & Applications". Encyclopedia Britannica. مؤرشف من الأصل في 2020-06-29. اطلع عليه بتاريخ 2019-05-17.
  13. ^ Seligman، M E P (1 فبراير 1972). "Learned Helplessness". Annual Review of Medicine. ج. 23 ع. 1: 407–412. DOI:10.1146/annurev.me.23.020172.002203. ISSN:0066-4219. PMID:4566487.
  14. ^ Bukowski, Marcin. Red. Guinote, Ana (1963- ). Red. Kofta, Mirosław (1945- ). Red. Fritsche, Immo. Red. (2017). Coping with lack of control in a social world. Routledge/Taylor & Francis Group. ISBN:9781138957923. OCLC:971395444.{{استشهاد بكتاب}}: صيانة الاستشهاد: أسماء عددية: قائمة المؤلفين (link) صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
  15. ^ Sedek, Grzegorz; Kofta, Miroslaw; Tyszka, Tadeusz (1993). "Effects of uncontrollability on subsequent decision making: Testing the cognitive exhaustion hypothesis". Journal of Personality and Social Psychology (بالإنجليزية). 65 (6): 1270–1281. DOI:10.1037/0022-3514.65.6.1270. ISSN:1939-1315. PMID:8295123.
  16. ^ Roth، Susan؛ Kubal، Larry (1975). "Effects of noncontingent reinforcement on tasks of differing importance: Facilitation and learned helplessness". Journal of Personality and Social Psychology. ج. 32 ع. 4: 680–691. DOI:10.1037/0022-3514.32.4.680. ISSN:0022-3514.
  17. ^ Durante، Federica؛ Fiske، Susan T. (ديسمبر 2017). "How social-class stereotypes maintain inequality". Current Opinion in Psychology. ج. 18: 43–48. DOI:10.1016/j.copsyc.2017.07.033. PMC:6020691. PMID:29221511.
  18. ^ Mueller، C.W. (1983). "Environmental stressors and aggressive behavior". Issues in Research, Academic Press, New York. ج. 2: 51–76.
  19. ^ Williams، Kipling D. (2004). "Ostracism is aggression; Ostracism can cause aggression". DOI:10.1037/e552522012-142. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة)
  20. ^ Crick، Nicki R.؛ Casas، Juan F.؛ Mosher، Monique (1997). "Relational and overt aggression in preschool". Developmental Psychology. ج. 33 ع. 4: 579–588. DOI:10.1037/0012-1649.33.4.579. ISSN:1939-0599. PMID:9232373.
  21. ^ "InTERRORgation: KUBARK Counterintelligence Interrogation Document". web.archive.org. 2006-06-02. Retrieved 2019-06-07.