الحصانة لعلي عبد الله صالح

قانون الحصانة للرئيس السابق علي عبد الله صالح ، هو قانون مرره البرلمان اليمني في يناير 2012 كما ورد في المبادرة الخليجية لتنحي علي عبد الله صالح عن الحكم. نص على «منح علي عبد الله صالح، الحصانة التامة من الملاحقة القانونية والقضائية. وتنطبق الحصانة من الملاحقة الجنائية على المسؤولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية فيما يتصل بأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، ولاينطبق ذلك على أعمال الإرهاب.، المرتكبة أثناء أداء الخدمة على مدار حكمه لمدة 33 عاماً».[1]

علي عبد الله صالح

سمحت الحصانة لصالح بلعب دور حيوي وحاسم في تأمين التحالفات القبلية والعسكرية التي سمحت للحوثيين بالسيطرة على صنعاء في 21 سبتمبر 2014، [2] فالمبادرة الخليجية التي جائت للالتفاف على مطالب ثورة الشباب اليمنية في 2011، منحت أشخاصا كعلي عبد الله صالح وعلي محسن الأحمر ليس فقط فرصة الهروب من استحقاقات محاكمة عادلة وعدالة انتقالية، بل فرصة للاستمرار بلعب دورٍ في السياسة اليمنية وهو ماخلق فراغاً في السلطة نتيجة المماحكات وأعمال العنف بالوكالة بين هذه الأطراف.[3]

مقدمة

عدل

في أبريل، حاول مجلس التعاون الخليجي التوسط في الثورة الشبابية 2011، وصياغة مقترحات عديدة لانتقال السلطة. بحلول نهاية الشهر، أشار صالح انه سيقبل الخطة وسيغادر السلطة بعد شهر من توقيع الاتفاقية التي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية في الفترة التي تسبق الانتخابات.[4] ، على الرغم من رفض المتظاهرين للصفقة، منتقدين الأحكام التي تمنح الحصانة لصالح من الملاحقة القضائية والتي تطلب من المعارضة للانضمام مع صالح ووزرائه في حكومة وحدة وطنية،[5] واتفق زعماء المعارضة في نهاية المطاف للتوقيع على المبادرة.[6] بحلول نهاية الشهر، على الرغم من تراجع صالح وأعلنت الحكومة انه لن يوقع على الاتفاقية، وعلقت المبادرة من مجلس التعاون حتى وقت آخر.[7][8]

في أوائل شهر مايو، أشار مسؤولون ان صالح سوف يوقع على الاتفاق، والمعارضة اتفقت على التوقيع كذلك إذا وقع صالح شخصيا بصفته رئيسا للبلاد.[9] ومع ذلك، صالح مرة أخرى قال ان الاتفاق لا يتطلب توقيعه، وعلقت أحزاب المعارضة متهمة صالح بسوء النية.[10] وتصاعدت الاحتجاجات وأعمال العنف في البلاد بعد تراجع صالح الثاني عن التوقيع.[11][12]

في أواخر مايو، تلقى زعماء المعارضة ضمانات بأن صالح سيوقع على الخطة، ووقعت المعارضة على صفقة وكان من المقرر أن الرئيس يوفع كذلك.[9] لكن صالح مرة أخرى قرر عدم التوقيع، وفي 22 مايو حاصر أنصار صالح مبنى سفارة الإمارات العربية المتحدة في صنعاء، والدبلوماسيين الدوليين (بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة) وأرسلت الحكومة طائرة هليكوبتر لنقلهم إلى القصر الرئاسي.[13] في 23 نوفمبر 2011، جرى في الرياض في المملكة العربية السعودية التوقيع على الخطة للانتقال السياسي، الذي كان قد رفضه صالح سابقا. وأخيراً وافق على نقل سلطات الرئاسة قانونا إلى نائبه عبد ربه منصور هادي في غضون 30 يوما، وتقام الانتخابات رسميا في 21 فبراير 2012، مقابل منح صالح الحصانة من الملاحقة القضائية له ولأسرته.[14]

نص القانون

عدل

نص قانون الحصانة على التالي:[15]

 

باسم الشعب ..

نائب رئيس الجمهورية ..

بعد الإطلاع على دستور الجمهورية اليمنية ..

وعلى القرار الجمهوري بالقانون رقم (13) لسنة 1994م بشأن الإجراءات الجزائية .

واستنادا إلى ما ورد في البند (ثالثاً) من مبادرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي أوجب على مجلس النواب بما فيهم المعارضة أن يقر القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية لرئيس الجمهورية ومن عملوا معه خلال فترة حكمه .

وعلى الفقرة (التاسعة) من الآلية التنفيذية للمبادرة التي أوجبت على الأطراف اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان اعتماد مجلس النواب للتشريعات والقوانين الأخرى اللازمة للتنفيذ الكامل للالتزامات المتعلقة بالضمانات المتعهد بها في مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية الموقعتين في مدينة الرياض بتاريخ 23 / 11 / 2011م برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ووزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وسفير الاتحاد الأوروبي المعتمدين في اليمن وسفير الولايات المتحدة الأمريكية في الرياض والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد جمال بن عمر .

واستنادا إلى ما جاء في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 بتاريخ 21 / 10 / 2011 م في فقرته (الرابعة) التي دعت كافة الأطراف في اليمن إلى الالتزام بتنفيذ تسوية سياسية قائمة على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي .

وحرصا على أن يساهم كل أبناء الشعب اليمني في مسيرة البناء والتنمية . واحتواءً للأراء التي نتجت عن الأزمة الداخلية التي حدثت أثناء الفترة الماضية وما نتج عنها . وتجسيدا لروح التسامح الأصيل في عقل وضمير الشعب اليمني . ونظرا لمقتضيات المصلحة الوطنية . وبعد موافقة مجلس النواب .

اصدرنا القانون الآتي نصه:

مادة ( 1 ): يمنح الاخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية، الحصانة التامة من الملاحقة القانونية والقضائية.

مادة ( 2 ): تنطبق الحصانة من الملاحقة الجنائية على المسئوولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية فيما يتصل بأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، ولاينطبق ذلك على أعمال الإرهاب.

مادة ( 3 ): على حكومة الوفاق الوطني تقديم مشروع بقانون او مشاريع بقوانين إلى البرلمان حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفقاً لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في فقرتها (ح) من البند ( 21 ) بما يرمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.

مادة ( 4 ): يعد هذا القانون من أعمال السيادة ولايجوز إلغاؤه او الطعن فيه.

مادة ( 5 ) تسري أحكام هذا القانون على الأفعال الواقعة خلال فترة حكم الرئيس علي عبد الله صالح وحتى تاريخ صدوره.

مادة ( 6 ) يعمل بهذا القانون من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية، ويفسر هذا القانون بما يتوافق مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم ( 2014 ) لعام 2011م.

صدر برئاسة الجمهورية بصنعاء

بتاريخ 27 / صفر / 1433هـ الموافق 21 / يناير / 2012 م

عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية

 

مذبحة بلا عقاب

عدل

أثار قرار البرلمان اليمني بمنح علي عبد الله صالح حصانة من الملاحقة القضائية جدلا في الأوساط الحقوقية كونهم يرون أنه مسؤول عن جرائم بحق المتظاهرين السلميين واعتبرت القرار غير قانوني خاصة أن اليمن موقع على معاهدات ومواثيق دولية تجرم قتل المتظاهرين وكل أشكال مصادرة الرأي[16] وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان برفع الحصانة عن الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالحباعتبارها مخالفة للقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.[17] كما طالبت المنظمة بفرض حظر على سفر المسؤولين اليمنيين المتورطين في قتل المتظاهرين وتجميد أرصدتهم. وشددت المنظمة في مؤتمر صحفي عقدته في 12 فبراير 2013 بصنعاء على ضرورة إعادة التحقيقات بمعايير دولية فيما وصفتها بـ«مجزرة جمعة الكرامة» التي قتل فيها 58 متظاهرا بساحة التغيير بصنعاء في 18 مارس 2011.[17]

و قالت رئيسة هيومن رايتس ووتش قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سارة ليا ويتسون، أنه يجب على المحاكم الدولية تجاهل القرار خاصة أنه يعطي صالح حماية من الملاحقة القانونية داخل الأراضي اليمنية فحسب[16] وردت فقرة في قرار الحصانة تقول أنه لا يمكن إستئناف القرار في مخالفة صريحة لدستور البلاد مادة رقم 151 و153 اللتان تنصان أن لكل مواطن يمني الحق في الذهاب للمحكمة العليا وإستئناف أي أحكام أو قوانين يراها غير دستورية، وأن المحكمة العليا هي أعلى سلطة قضائية في البلد متمكنة من إستئناف أو إلغاء أي قانون أو حكم تراه غير دستوري وبالذات الفقرة (ه) من المادة تنص على وجوب محاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وفقا للقانون دون امتيازات خاصة[18] ودعت هيومن رايتس ووتش السلطات اليمنية والحكومة الجديدة إلى اعتقال صالح مشددة على عدم اعترافها بالحصانة[19]

واتهمت المنظمة في تقرير تحت عنوان «مذبحة بلا عقاب»، النظام اليمني السابق الذي أطاحت به الثورة الشعبية بالتلاعب في مسار التحقيقات حول تلك المجزرة التي يعتقد أن مسلحين من أنصار الرئيس السابق هم من ارتكبوها في حق المتظاهرين وفقا للتقرير.[17]

وقالت المنظمة إنها أجرت سلسلة تحقيقات مع مختلف الأطراف اليمنية واستمعت لأقوال ستين شاهدا وحللت محتوى ألف صفحة من ملفات التحقيق في الحادثة وأكدت أنه «بعد مرور ما يقارب عامين على مذبحة جمعة الكرامة مازالت عائلات الضحايا تنتظر العدالة وإذا لم يفتح اليمن تحقيقا عادلا ويحاكم اولئك المسؤولين عن هذا الهجوم المميت فإنه يخاطر بترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في قلب الانتفاضة اليمنية».[17] وقالت المنظمة في تقريرها إن على مجلس الأمن والدول الراعية للمبادرة الخليجية معارضة قانون الحصانة بشكل علني.[17]

انظر أيضا

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ رويترز، 21 يناير/كانون الثاني 2012: Yemen grants Saleh immunity to try to end crisis (تمت الزيارة في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2012). نسخة محفوظة 06 أكتوبر 2015 على موقع واي باك مشين.
  2. ^ Elham Manea (2014). "Yemen's Contentious Transitional Justice and Fragile Peace". Middle East Institute. مؤرشف من الأصل في 25 سبتمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ Feb 26 2015. This formulation of the immunity law indicates a desire to grant protection not only to associates of the president, but also to his rival faction of core elites, including the strongman Ali Mohsin al-Ahmar, who have been implicated in human rights violations during their work with Saleh {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  3. ^ "Yemen: New balance of power?". al-Jazeera English. Sep 24 2014. مؤرشف من الأصل في 28 يناير 2015. اطلع عليه بتاريخ Sep 26 2014. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= و|تاريخ= (مساعدة)
  4. ^ Hatem, Mohammed; Carey, Glen (23 April 2011)."Yemen’s Saleh Agrees to Step Down in Exchange for Immunity, Official Says". بلومبيرغ إل بي. Retrieved 5 May 2011. "نسخة مؤرشفة". مؤرشف من الأصل في 2014-11-07. اطلع عليه بتاريخ 2013-02-13.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: BOT: original URL status unknown (link)
  5. ^ Staff (22 أبريل 2011). "Rival Camps Hold Protests in Yemen – Pro- and Anti-Government Demonstrators Hold Rallies as Saleh Gives Guarded Welcome to GCC Plan To Defuse Crisis". قناة الجزيرة الإنجليزية. مؤرشف من الأصل في 2011-05-13. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-05.
  6. ^ Staff (26 أبريل 2011). "Scattered Yemen Protests Continue Despite Transition Accord". صوت أمريكا. مؤرشف من الأصل في 2011-11-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-05.
  7. ^ Staff (30 April 2011)."Reports: Saleh Refuses To Sign Exit Deal – Yemeni President Backs Wway from Signing Agreement Requiring Him To Give Up Power in Exchange for Legal Immunity". قناة الجزيرة الإنجليزية. Retrieved 5 May 2011. نسخة محفوظة 06 مايو 2011 على موقع واي باك مشين.
  8. ^ "Saleh Refusal Forces Yemen Deal Postponement". قناة الجزيرة الإنجليزية. 1 مايو 2011. مؤرشف من الأصل في 2011-05-06. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-02.
  9. ^ ا ب "Yemeni opposition signs the Gulf-brokered deal". Xinhua. 22 مايو 2011. مؤرشف من الأصل في 2016-03-04. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-23.
  10. ^ "Saleh 'resists' as Thousands Rally in Yemen". قناة الجزيرة الإنجليزية. 6 مايو 2011. مؤرشف من الأصل في 2011-08-15. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-13.
  11. ^ Greenberg، Joel (24 مارس 2011). "13 Reported Dead after Yemeni Forces Open Fire on Protesters". واشنطن بوست. مؤرشف من الأصل في 2013-02-05. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-13.
  12. ^ "Several Protesters Killed in Yemen Cities". قناة الجزيرة الإنجليزية. مؤرشف من الأصل في 2011-05-14. اطلع عليه بتاريخ 2011-05-13.
  13. ^ Saleh Gunmen Hold Many Envoys Hostage At Uae Embassy In Sana’A نسخة محفوظة 09 أكتوبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  14. ^ "Saleh, Yemen's great survivor, finally quits power". Khaleej Times. 23 نوفمبر 2011. مؤرشف من الأصل في 2015-01-22. اطلع عليه بتاريخ 2011-11-23.
  15. ^ صدور قانون بشأن منح حصانة من الملاحقة القانونية والقضائية نسخة محفوظة 03 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  16. ^ ا ب [1]|Yemen: Amnesty for Saleh and Aides Unlawful نسخة محفوظة 31 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  17. ^ ا ب ج د ه bbc: "ووتش" تطالب برفع الحصانة عن علي عبدالله صالح نسخة محفوظة 19 مارس 2013 على موقع واي باك مشين.
  18. ^ الباب الثالث تنظيم سلطات الدولة|دستور الجمهورية اليمنية.الباب الثالث
  19. ^ [2]|Human Rights Watch نسخة محفوظة 06 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.