احتلال عسكري

هو اقتحام دولة لحدود دولة أخرى عسكريا ومحو سيادتها الدولية
(بالتحويل من احتلال)

الاحتلال العسكري بعرف الأمم المتحدة، هو سيطرة مؤقتّة فعّالة من قبل سلطة معيّنة على إقليمٍ لا يخضع للسيادة الرسميّة من قبل تلك السلطة، بدون انتهاك السيادة الفعليّة.[1][2][3][4] من ثمّ تعرف المنطقة باسم الأرض المحتلّة.[5] يعرف الاحتلال بطبيعته المؤقتّة (أي أنّه لا يطالب بالسيادة الدائمة على الأرض المحتلّة)، وبطبيعته العسكريّة، وبحقوق المواطنة المتعلّقة بالسلطة المسيطرة، التي لا تمنح سكان الأرض المحتلّة جنسيتها.[2][6][7]

عرض عسكري للجيش الالماني تحت قوس النصر في باريس بعد معركة فرنسا 1940
دبابات أمريكية تحت قوس النصر في بغداد أثناء احتلال العراق
نقطة تفتيش إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلّة
مثالان عن الاحتلال في العصر الحديث

قد يتم إعداد حكومة عسكريّة رسميّة في الأراضي المحتلّة لتسهيل إدارتها، ولكن هذا الأمر ليس شرطاً ضروريّاً للاحتلال.[8]

ترسم قواعد الاحتلال في مختلف الاتفاقيّات الدوليّة، وفي المقام الأوّل اتفاقية لاهاي لعام 1907م، واتفاقيّات جنيف لعام 1949م، وكذلك ممارسات الدول الثابتة. توفّر الاتفاقيّات الدوليّة ذات الصلة وتعليقات اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر ومعاهدات أخرى من قبل علماء الحروب، مبادئ توجيهيّة بشأن مواضيع مثل حقوق وواجبات سلطة الاحتلال، وحماية المدنيّين، ومعاملة أسرى الحرب، وتنسيق عمليّات الإغاثة، وإصدار وثائق السفر، وحقوق الملكيّة للسكان، والتعامل مع الأمور الثقافيّة والفنيّة، وتنظيم اللاجئين، وغيرها من الاهتمامات التي تعتبر مهمّةً للغاية قبل وبعد إيقاف الأعمال العدائيّة. فالبلد الذي يقوم باحتلال بلداً آخراً، وينتهك المعايير المتّفق عليها دوليّاً، يخاطر بحصوله على إدانةٍ كبرى. في الحقبة الحاليّة، أصبح الاحتلال جزءاً كبيراً من اهتمامات القانون الدوليّ العرفيّ، ويشغل حيّزاً من قوانين الحرب أيضاً.

الاحتلال وقوانين الحرب

عدل

في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، أصبح القانون الدولي يميّز بين احتلال الأراضي، واكتساب أراضٍ جديدةٍ عن طريق الغزو وضم الأراضي المغزوّة[9]، والفرق بينهما هو تماماً ما طرحه إيمريخ دي فاتيل في قانون الأمم المتحدة لعام 1758م.[9] وقد تمّ الاعتراف بالفارق الواضح بين مبادئ القانون الدوليّ منذ نهاية الحروب النابليونية في القرن التاسع عشر.[9] هذه القوانين العرفيّة للاحتلال والتي تطوّرت كجزء من قوانين الحرب، والتي أعطت الحماية للسكان تحت الاحتلال.

تنص اتفاقية لاهاي لعام 1907م على هذه القوانين العرفيّة، وتحديداً في «قوانين وأعراف الحرب على الأراضي»؛ في 18 تشرين الأول، 1907م «الفرع الثالث للسلطة العسكريّة فوق إقليم الدولة المعادية».[10] تنص المادتان الأولتان من هذا القسم على:

المادة 42
يعتبر الإقليم محتلاً، عندما يتم وضعه بالفعل تحت سلطة الجيش المعادي. يمتد الاحتلال فقط إلى الإقليم الذي أنشئت فيه هذه السلطة، ويمكن ممارستها فيه.
المادة 43
إن سلطة السلطة التشريعيّة تنتقل في واقع الأمر إلى السلطة المحتلّة، بشرط اتّخاذ جميع التدابير ضمن حدود قوتها لأجل استعادة النظام العام والأمن والسلامة العامة وضمانها، مع احترامها للقوانين السارية في البلاد.

في عام 1949م، تم تمديد هذه القوانين التي تتحكم باحتلال الأراضي لدولة ثانية، من خلال اعتماد اتفاقية جينيف الرابعة. جزء كبير من هذه الاتفاقيّة ذو صلةٍ بالأشخاص المحميين في الأراضي المحتلّة. ويتم التوقف عن العمل بهذه الاتفاقيّة بعد عامٍ كاملٍ من انتهاء كل العمليّات العسكريّة في الأرض المحتلّة.

لا يحرم الأشخاص المحميون بموجب هذه الاتفاقيّة من أي منفع من منافع الاتفاقيّة، مهما طرأ تغييرات على هذه الاتفاقيّة. وتحظر المادة 49 من الاتفاقيّة الحركات الجماعيّة القسريّة للأشخاص من أو إلى الأراضي المحتلّة.

عرض القوّات الألمانيّة في شارع الشانزليزيه في باريس، بعد انتصارهم في الحرب الفرنسية البروسية (1870-1871م).

بداية الاحتلال

عدل

تنص المادّة 42 من اتفاقية لاهاي بشأن الحرب على الأراضي لعام 1907م، على أن «الأرض تعتبر محتلّة عندما توضع بالفعل تحت سلطة الجيش المعادي.» إن شكل الإدارة التي تمارس من خلال السلطة القائمة الموكلة من الحكومة المعادية، تسمّى بالحكومة العسكريّة. لا تعرّف اتفاقيّات لاهاي أو اتفاقيات جينيف بشكل مفصل فعل «الغزو». وقد توسّعت المادة 2 من اتفاقيات جينيف في هذا المجال لتشمل الحالات التي لا تتواجد فيها مقاومةً مسلّحة.[11]

لا يجب أن يكون هنالك إعلانٌ رسميّ لبداية تشكيل الحكومة العسكريّة، كما لا يوجد أي شرطٍ لوجود عددٍ معيّن من الأشخاص في هذه الحكومة، من أجل أن يبدأ الاحتلال.

قوّة/سلطة الاحتلال

عدل

إن مصطلح «سلطة الاحتلال»، كما تحدّثت عنها قوانين الحرب، هو أكثر ما يمكن اعتباره «القوّة المحتلّة الرئيسيّة»، أو «قوّة احتلال». وذلك لأن قانون الوكالة متوفرٌ دائماً (عندما يتم تفويض السلطة الإداريّة لاحتلال مناطق معيّنة إلى قوّات أخرى فإن العلاقة «السلطة الرئيسيّة- الوكيل» سارية).[12]

لأن قانون الوكالة هو نمطٌ عام للغاية، ينطبق في المقام الأول في هذه الحالة على أنّه وسيلة لتنظيم العلاقات بين «القوى»، ولكن السؤال الذي يجب أخذه بعين الاعتبار هو حول ما هي اللوجستيات التي يجب النظر فيها. هذا التعريف غير قابل للتطبيق دائماً خارج تلك السياقات التي يمكن تحليلها عن طريق القياس، كما هو مرتبط بالتصوير الحربي، على الرغم من أنها تتعلق بشكل عام بجميع التحالفات العسكريّة المحتملة.

نهاية الاحتلال

عدل

قاعدة: الاحتلال يدوم، حتّى يسود القانون. وفقاً لإيال بنفنستي، يمكن أن ينتهي الاحتلال بعدد من الطرق، مثل: «فقدان السيطرة الفعلية على أرض الواقع للسلطة العسكريّة المعادية، أو من خلال موافقة الحكومة السابقة وأصحاب القرار قبل الاحتلال على شرعيّة الحكومة المعادية في الأرض المحتلّة، أو من خلال التوقيع على اتفاقيّة سلام، أو من خلال نقل السلطة إلى الحكومة السابقة للأرض المحتلة والتي أقرّها السكان المحليّون من خلال استفتاء والتي حصلت أيضاً على اعترافٍ دوليّ.» [13] هذا يفسّر كالتالي: بالنسبة للحالة التي لا يوجد فيها تنازل إقليميّ، ينتهي الاحتلال يالتسوية السلميّة.

أمثلة على الاحتلال

عدل

في معظم الحروب يتم وضع بعض الأراضي تحت سلطة الجيش المعادي. تنتهي معظم حالات الاحتلال عن طريق وقف الأعمال العسكريّة. وفي بعض الحالات، تُعاد الأراضي المحتلّة إلى أصحابها، وفي حالات أخرى، تبقى الأراضي تحت سيطرة القوّة المعادية المحتلّة، ولكنها غالباً لا تكون أراضي محتلّة عسكريّاً.

عادةً ما يكون الاحتلال مرحلة مؤقتّة، تسبق إما تسليم الإقليم المحتلّ لأصحابه، أو ضمّه للأراضي المعادية. استمرت الكثير من حالات الاحتلال بعد عام 1945م، على مدى أكثر من عقدين من الزمن، مثل احتلال جنوب أفريقيا لناميبيا، واحتلال إندونيسيا لتيمور الشرقية، فضلاً عن الاحتلال المستمرّ لشمال قبرص من قبل تركيا.

لقد دخل الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة، وهو أطول احتلال في العصر الحديث من قبل سلطة احتلالٍ واحدة.[14] تشمل الاحتلالات الأخرى الطويلة، احتلال المملكة المتحدة لجزر فوكلاند/ مالفيناس. واحتلال الصين للتيبت، واحتلال الولايات المتحدة الأمريكية لجزر هاواي. إعلان الحرب، لا يحسم ما إذا كان الاحتلال الحربي يحدث في هذه الحالات من الاحتلال أم لا.[15]

أشهر حالات الاحتلال في القرن الواحد والعشرين هي:

  • احتلال واستيطان غير شرعي قائم على فلسطين منذ 1948 من قبل اسرائيل
  • احتلال منطقة القاش وبركا في عام 2000م، خلال الحرب الإيريتيريّة الأثيوبيّة.
  • احتلال الولايات المتحدة الأمريكيّة للعراق 2003- 2011م.
  • احتلال أجزاء من الصومال، خلال الحرب في الصومال 2006-09م.
  • احتلال روسيا لغوري وبوتي خلال الحرب الروسيّة الجورجيّة.
  • احتلال القرم، وضمّها في عام 2014م، خلال الاضطرابات الموالية لروسيا، في أوكرانيا 2014م.
  • احتلال سقطرى في عام 2018م، خلال الحرب الأهليّة اليمنيّة.

انظر أيضًا

عدل

المراجع

عدل
  1. ^ A Roberts. Prolonged Military Occupation: The Israeli-Occupied Territories Since 1967 - Am. J. Int'l L., 1990, p. 47.
  2. ^ ا ب Eyāl Benveniśtî. The international law of occupation. Princeton University Press, 2004. (ردمك 0-691-12130-3), (ردمك 978-0-691-12130-7), p. xvi
  3. ^ Eran Halperin, Daniel Bar-Tal, Keren Sharvit, Nimrod Rosler and Amiram Raviv. Socio-psychological implications for an occupying society: The case of Israel. Journal of Peace Research 2010; 47; 59
  4. ^ During civil wars, the districts occupied by rebels are considered to be foreign.Military Government and Martial Law LLMC, p. 21. [1] نسخة محفوظة 10 مايو 2016 على موقع واي باك مشين.
  5. ^ Fabre، Cécile. "Living with the enemy: the ethics of belligerent occupation" (PDF). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2018-11-30.
  6. ^ David M. Edelstein. Occupational Hazards: Why Military Occupations Succeed or Fail. Journal of Peace Research 2010; 47; 59
  7. ^ Stirk، Peter (2009). The Politics of Military Occupation. Edinburgh University Press. ص. 44. ISBN:9780748636716. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10. The significance of the temporary nature of military occupation is that it brings about no change of allegiance. Military government remains an alien government whether of short or long duration, though prolonged occupation may encourage the occupying power to change military occupation into something else, namely annexation
  8. ^ Roberts، Adam (1985). "What is a Military Occupation?". British Yearbook of International Law. مؤرشف من الأصل في 2018-11-30.
  9. ^ ا ب ج Cole، Babaloba (1974). "Property and the Law of Belligerent Occupation: A Reexamination". World Affairs. مؤرشف من الأصل في 2018-11-30.
  10. ^ Laws and Customs of War on Land" (Hague IV); October 18, 1907: "Section III Military Authority over the territory of the hostile State source The Avalon Project at the كلية ييل للحقوق نسخة محفوظة 05 نوفمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  11. ^ Ferraro، Tristan. "Determining the beginning and end of an occupation under international humanitarian law".
  12. ^ Anonymous. "Chapter 5 – Definitions of Important Terminology and Concepts Related to Territorial Cessions". The True Legal Relationship between Taiwan & the USA. www.taiwanbasic.com. مؤرشف من الأصل في 2019-07-09. اطلع عليه بتاريخ 2013-12-13.[هل المصدر موثوق به؟]
  13. ^ Yutaka Arai Takahashi (2009). The Law of Occupation: Continuity and Change of International Humanitarian Law. ص. 7. ISBN:978-90-04-16246-4.
  14. ^ Eyal Benvenisti (23 فبراير 2012). The International Law of Occupation. OUP Oxford. ص. 56. ISBN:978-0-19-163957-9. مؤرشف من الأصل في 2020-01-06. The conditions that define when occupation begins also identify when it ends. Obviously, occupation can end in a number of ways: with the loss of effective control, namely when the occupant is no longer capable of exercising its authority; through the genuine consent of the sovereign (the ousted government or an indigenous one) by the signing of a peace agreement; or by transferring authority to an indigenous government endorsed by the occupied population through referendum and which has received international recognition.
  15. ^ Weill، Sharon (2014). The Role of National Courts in Applying International Humanitarian Law. Oxford University Press. ص. 22. ISBN:9780199685424. مؤرشف من الأصل في 2017-10-18. Although the basic philosophy behind the law of military occupation is that it is a temporary situation modem occupations have well demonstrated that rien ne dure comme le provisoire A significant number of post-1945 occupations have lasted more than two decades such as the occupations of Namibia by South Africa and of East Timor by Indonesia as well as the ongoing occupations of Northern Cyprus by Turkey and of Western Sahara by Morocco. The Israeli occupation of the Palestinian territories, which is the longest in all occupation's history has already entered its fifth decade.