ابن العرندس الحلي

فقيه وأصولي وشاعر عراقي من الحلة

الشيخ صالح بن عبد الوهاب المعروف ابن العرندس الحلي (توفي بحدود 840 هـ/ 1436 م) فقيه وأصولي وشاعر من أعلام الشيعة الإمامية الإثني عشرية، ولد في مدينة الحلة، مركز محافظة بابل الآن، بالعراق في نهاية القرن الثامن الهجري. اشتهر بشعره في مدح ورثاء أئمة أهل البيت أكثر من شهرته بكونه فقيهاً وأصولياً. له ديوان شعري اسمه كشف اللآلئ.[1] دُفن في مدينة الحلة القديمة ويقع قبره بـشارع المفتي في محلة جبران وقبره مشيد وعليه قبة بيضاء وقد كُتب عليه: "صالح بن عبد الوهاب المعروف بابن العرندس، من بكر بن كلاب".[2] من أشهر قصائده في رثاء الحسين بن علي رائيةٌ من بحر الطويل مؤلفة من 104 أبيات شعرية، مطلعها :

الشيخ
ابن العرندس الحلي
معلومات شخصية
اسم الولادة صالح بن عبد الوهاب
الوفاة 840 هـ
الحلة - العراق
مكان الدفن الحلة القديمة - شارع المفتي - محلة جبران
الكنية ابن العرندس
المذهب الفقهي شيعة
العقيدة شيعة إمامية إثنا عشرية
الحياة العملية
سبب الشهرة فقيه وأصولي وشاعر
أعمال بارزة ديوان كشف اللآلئ
طَوايا نِظامي في الزمانِ لها نَشْرُ
يعطِّرها من طِيب ذِكْرِكُمُ نَشْرُ

وأشهر بيتين فيها :

أ يُقتلُ ظمآناً حسينٌ بكربلا
و في كلِ عضوٍ من أناملِهِ بحرُ
و والدُه الساقي على الحوضِ في غدٍ
و فاطمةٌ ماءُ الفراتِ لها مَهرُ

السيرة عدل

اشتهر بلقب العرندس شعراء منهم الشاعر الجاهلي المشهور عبيد بن العرندس الكلابي صاحب القصيدة المشهورة في الغنويين التي يقول فيها :[3]

هينون لينون أيسارٌ ذوو كرمٍ
سُوَّاسُ مَكرمةٍ أبناءُ أيسارِ
إن يُسألوا الخيرَ يُعطوه وإن خُبروا
في الجَهدِ أُدرِكَ منهم طيبُ أخبارِ
مَن تلقَ منهم فقد لاقيتَ سيَّدَهُم
مِثل النجومِ التي يسري بها الساري

والشاعر الإسلامي عَمرو بن العرندس العوذي الأزدي من بني عوذ بن سود، صاحب القصيدة المشهورة[4]

رددنا زياداً الى داره
وجارُ تميمٍ دخاناً ذهبْ
لحى اللهُ قوماً شوَوا جارهم
ولم يدفعوا عنه حرَّ اللهبْ

ومنهم الشاعر الحلي الشيخ صالح بن عبد الوهاب العرندس. أما معنى العرندس في اللغة، فهو من الإبل: الشديد العظيم. والعرندس: السيل الكثير على التشبيه بالجَمل العظيم. والعرندس: الأسد الشديد. وحيٌ عرندسٌ اذا وصفوا بالعز والمَنَعَة.

ذكر السيد فاضل كمال الدين في كتابه (نشر الخزامى في تراجم أصحابنا القدامى) قوله: الشيخ صالح بن عبد الوهاب ابن العرندس من أعلام الشيعة في الفقه والأصول، وهو من مضامير الشعر، فحل من الفحول، وجهبذ من جهابذة الأدب. وقال عنه الشيخ محمد اليعقوبي في كتاب البابليات :"كان عالماً ناسكاً أديباً بارعاً متضلعاً في علمي الفقه والأصول وغيرهما مصنفاً". وكتب الشيخ حرز الدين مؤلف كتاب مراقد المعارف: "كان شاعراً أديباً ذا قريحة ونباهة، والظاهر أن ما أُثر عنه من نظم الغزل والنسيب هو في أيام شبابه، ولما صار شيخاً ترك الغزل وغيره وصار لا ينظم الا في آل الرسول الأعظم".[5][6]

من شعره عدل

قال في رثاء آل البيت من بحر الطويل[1]

لمصـــابِكم تتـــــــــــــزلزلُ الأطوادُ
ولشرحِه تتفتَّــــــــــتُ الأكبادُ
لا تـــنكروا قــلقَ المحـــــــــبِّ وإنَّما
زفراتُه مِــــــن بعدِكــم تزدادُ
غبتمْ عـــن الدنيــــــــا فبانَ شرورُها
بـادِ الــــــرياحِ ولا لــه مقلادُ
كلُّ الـــرزايــا بعد حيـــــــــنِ حلولِها
تُنـسى ورزؤكمُ الــجليلُ يعادُ
قلْ للـــسمـــــــاواتِ الشدادِ تـــفطّري
فلِذا المصابِ تُفجَّـرُ الأصلادُ
لهفـــي على السبطِ الشـــهيدِ مضرَّجاً
بدمـــائهِ ما حوله عُــــــــوَّادُ
لهفـــي على الخدِّ التريبِ على الثرى
مـا تحتـــــه إلّا الترابُ وسادُ
لهفـــي على الشيبِ الخضيــبِ مُعفَّراً
قد حُكِّمتْ في نحرِهِ الأضدادُ
لهفـــي على الجســــمِ السليبِ وهمْ له
بسهــامِهم دونَ الورى قُصَّادُ
أوليـــسَ غُبناً أن ولـــــــــــــــدَ سميةٍ
يســــطو، وأولادُ النـــبيِّ تُبادُ
هـــيَ هذهِ الدنيــــا الدنيّةُ أصبـــــحتْ
تعنو لذلِّ كلابِـــــها الأســـيادُ
فـــي أيِّ دينٍ تُستبــــــــــاحُ دماءُ مَن
لولاهمُ مـــــــــا حُققَّ الإرشادُ

ومما قال في الحسين بن علي ومدح علي بن أبي طالب من بحر الكامل[7]

أضحـــى يميـــس كغـــصن بان في حُلى
قمـــر إذا مـــا مـــر فـــي قلبـــي حـــــلا
سلـــــب الفؤاد بناظـــــر ذي فترة
فيها حـــــرام السحـــــر بـــــان محـــللا
وانحـــــل شد عـــــزائمي لـــــما غـــــدا
عـــــن خـــــصره بنـــــد القــــباء محللا
وزها بهـــــا كافـــــور سالـــــف خـــده
لما بـــــريحان العـــــذار تســـــلـــــسـلا
وتسلسلت عـــــبثا سلاسل صــــدغـــــه
فلـــــذاك بـــــت مقـــــيدا ومســــلسلا
قمـــــر قـــــويم قـــــوامه كــقـــــناتـــــه
ولحاظـــــه فـــــي القتل تحكي المنصلا
وجناتـــــه جـــــوريــة وعـــــيـــــونـــــه
حـــــورية تسبـــــي الغـــــزال الأكــحلا
أهـــــوى فواتـــــرها المـراض إذا رنت
وأحـــــب جفـــــنيها المـــــراض الغزلا
جـــــارت وما صفـــــحت عـــلى عشاقه
فتـــــكا وعـــــامل قـــــده مـــــا أعــدلا
ملـــــكت محـــــاسنه ملـــــوكا طـــــالما
أضحـــــى لهـــــا المـــلك العزيز مذللا
كســـــرى بعـــــينيه الصحـــــاح وخـــده
النعـــــمان بالخـــــال النجــــاشي خولا
كتب العـــــلي عـــــلى صحـــــائف خــده
نـــــوني قـــــسي الحاجبيـــــن ومثـــلا
فـــــرمى بها فـــــي عين غــــنج عيونه
سهم السهـــــام أصــــاب مني المقتلا
فاعجب لعـــــين عبـــــير عـــــنبـر خاله
في جـــــيم جـــــمرة خـــــده لن تشعلا
وســـــلا الفـــــؤاد بحــــر نيران الجوى
منـــــي فــذاب وعن هواه ما سلا
فمتـــــى بشيـــــر الـــوصل يأتي منجحا
وأبـــــيت مســـــرورا سعـــــيدا مقـبلا
ولقـــــد بـــــرى منــــي السقام وبت في
لجـــــج الغـــــرام معـــالِجا كرب البلا
وجـــــرت سحـــــائب عبرتي في وجنتي
كـــــدم الحــــسين على أراضي كربلا

وله قصيدة قوامها 104 بيت شعري مشهورة على ألسن الخطباء يكثر تردادها في ذكرى مقتل الحسين بن علي كل شهر محرم من العام الهجري تسمى (طوايا نظامي) من بحر الطويل، ومنها هذه الابيات[5][8]

طَوايا نِظامي في الزَّمانِ لها نَشرُ
يُعطِّرُها مِنْ طيبِ ذِكراكُمُ نَشرُ
قصائدُ ما خابَتْ لهُنَّ مقاصِدٌ
بواطِنُها حَمدٌ ظواهِرُها شُكرُ
مطالعُها تَحكي النُّجومَ طوالِعاً
فأخلاقُها زَهرٌ وأنوارُها زُهرُ
عرائِسُ تُجلى حينَ تَجلِي قلوبَنا
أكاليلُها دُرٌّ وتيجانُها تِبرُ
حِسانٌ لها حَسّانُ بالفضلِ شاهدٌ
على وجهِها بِشرٌ يُزانُ بهِ البِشرُ
أُنظِّمُها نظمَ اللَّئالِي وأسهرُ اللَّيا
لي ليحيى لي، بها وبِكُمْ ذِكرُ
فيا ساكني أرضَ الطُّفوفِ عليكُمُ
سلامُ مُحِبٍ ما لَهُ عنكُمُ صَبرُ
نشرتُ دواوينَ الثَّنا بعدَ طَيِّها
وفي كلِّ طِرسٍ مِن مديحي لكُمْ سَطرُ
فخالطَ شِعري فيكُمُ دمعَ ناظري
فمُبيضُ ذا نظمٌ ومُحمرُ ذا نثرُ
فلا تتهِموني بالسُّلوِّ فإنَّما
مواعيدُ سُلواني وحقِّكُمُ الحشرُ
فذُلِّي بكُمْ عِزٌ وفَقري بكُمْ غِنىً
وعُسري بكُمْ يُسرٌ وكَسري بكُمْ جَبرُ
تَرِقُّ بروقُ السُّحبِ لي مِن ديارِكم
فينهَلُّ مِن دمعي لبارقِها القَطرُ
فعينايَ كالخَنساءَ تجري دموعُها
وقلبي شديدٌ في محبتِكُمْ صخرُ
وقفتُ على الدّارِ التي كُنتُمُ بها
فمغْناكُمُ مِن بعدِ معناكُمُ قَفرُ
وقد دُرِسَتْ منها العلوم وطالما
بها دُرِّسَ العِلمُ الإلهِيُّ والذِّكرُ
وسالتْ عليها مِن دُموعي سحائِبٌ
إلى أنْ تَرَوّى البانُ بالدمعِ والسِّدرُ
فَراقَ فِراقُ الروحِ لي بعدَ بُعدِكُمْ
ودارَ برسمِ الدارِ في خاطِري الفِكرُ
وقد أقلعتْ عنها السحائِبُ،لم تَجُدْ
ولا دَرَّ مِن بعدِ الحسينِ لها دَرُّ
إمامُ الهُدى سِبطُ النُّبوةِ والدُ الأئمةِ
ربُّ النُّهى مولىً لهُ الأمرُ
إمامٌ أبوهُ المُرتضى عَلَمُ الهُدى
وصيُّ رسولِ اللهِ والصِّنوُ والصِّهرُ
إمامٌ بكتْهُ الإنسُ والجِنُّ والسَّما
ووحشُ الفَلا والطيرُ والبَرُّ والبحرُ
لهُ القُبةُ البيضاءُ بالطَّفِّ لم تزلْ
تطوفُ بها طوعاً ملائكةٌ غُرُّ
وفيهِ رسولُ اللهِ قالَ وقولُهُ
صريحٌ صحيحٌ، ليس في ذلكُمْ نُكرُ
حُبِي بثَلاثٍ ما أحاطَ بمِثلِها
وَلِيٌّ فمَنْ زيدٌ سِواهُ ومَنْ عَمرو؟
له تربةٌ فيها الشِّفاءُ، وقُبَّةٌ
يُجابُ بها الداعي إذا مَسَّهُ الضُّرُ
وذريَّةٌ دُرِّيَّةٌ مِنهُ تِسعةٌ
أئِمَّةُ صِدقٍ لا ثَمانٍ ولا عَشرُ
أ يُقتَلُ ظمآناً حسينٌ بكربلا
و في كلِّ عُضوٍ مِن أناملِهِ بحرُ؟
و والدُهُ الساقي على الحوضِ في غدٍ
و فاطمةٌ ماءُ الفراتِ لها مَهرُ

المراجع عدل

  1. ^ أ ب "37 ــ ابن العرندس الحلي: توفي (840 هـ / 1436 م)". العتبة الحسينية المقدسة. 24 فبراير 2020. مؤرشف من الأصل في 2024-05-12. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-12.
  2. ^ "مرقد الشيخ صالح المعروف إبن العرندس الحلي". مركز تراث الحلة. مؤرشف من الأصل في 2024-05-13. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-12.
  3. ^ المبرد (1997)، الكامل في اللغة والأدب، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة: دار الفكر العربي، ج. 1، ص. 68، QID:Q121001816 – عبر المكتبة الشاملة
  4. ^ الطبري، ابن جرير. "تأريخ الطبري". كتابخانه مدرسه فقاهت. مؤرشف من الأصل في 2024-05-13. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-13.
  5. ^ أ ب الدكتور سعد الحداد (2019). ديوان صالح ابن العرندس الحلي (ط. الثالثة).
  6. ^ محمد حسن محيي الدين. "ابن العرندس الحلي (ت840هـ)". جامعة أهل البيت. مؤرشف من الأصل في 2024-05-12. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-12.
  7. ^ "ابن العرندس الحلي". عقائد الشيعة الإمامية. مؤرشف من الأصل في 2023-11-29. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-12.
  8. ^ "طَوايا نِظامي في الزَّمانِ لها نَشرُ". بوابة الشعراء. مؤرشف من الأصل في 2024-05-13. اطلع عليه بتاريخ 2024-05-12.