مقرات مؤسسات الاتحاد الأوروبي
تتخذ مؤسسات الاتحاد الأوروبي السبع من أربع مدن مختلفة مقرات لها، وهي بروكسل، وفرانكفورت، ولوكسمبورغ، وستراسبورغ، عوضًا عن تركزها في عاصمة واحدة. وتتوزع وكالات الاتحاد الأوروبي وهيئاته الأخرى على جميع أنحاء الاتحاد، ولكن مقراتها غير دائمة بموجب المعاهدات. تُعتبر مدينة لاهاي الاستثناء الوحيد، كونها المقر الدائم لمكتب الشرطة الأوروبية (يوروبول). وعلى مر السنين، أصبحت بروكسل المقر الرئيسي، بالنظر إلى اتخاذ المؤسسات الرئيسية والمجلس الأوروبي حاليًا من المدينة مقرًا كليًا أو جزئيًا، وهو ما أدى إلى اشتهارها شعبيًا باسم «عاصمة الاتحاد الأوروبي».[1]
مثّلت المقرات محل نزاع سياسي بسبب إخفاق دول الاتحاد في البداية في الاتفاق بشأنها عند تأسيس الجماعة الأوروبية للفحم والصلب في العام 1952. وبالرغم من ذلك، وصلت الدول الأعضاء في الاتحاد إلى اتفاق نهائي في العام 1992 أُلحِق فيما بعد بمعاهدة أمستردام.[2]
ومع هذا، فما يزال مقر البرلمان الأوروبي مسألة مثيرة للجدل. يتوزّع عمل البرلمان بين بروكسل، ولوكسمبورغ، وستراسبورغ، وهو ما يُعتبر معضلة بسبب العدد الكبير من الأعضاء في البرلمان الأوروبي، والموظفين، والوثائق التي يتوجب نقلها. نظرًا لكون المقرات الرئيسية منصوصٌ عليها في معاهدات الاتحاد الأوروبي، فلا يحق للبرلمان أن يحدد مكان مقرّه، على عكس الحال في البرلمانات المحلية.[3][4]
إضافة إلى ما سبق، لا يخلو تحديد مقرات الهيئات الجديدة من استثارة الخلافات السياسية. اقتضت الضرورة أن يرمز مقر البنك المركزي الأوروبي إلى استقلاله عن الهيمنة السياسية، وهكذا فقد استقرّ في مدينة لا توجد فيها حكومة محلية أو مؤسسة أوروبية. ومنذ العام 2004، بدأ الاتحاد بإقامة وكالات جديدة في أوروبا الشرقية لتحقيق حالة من التوازن في توزيع الوكالات عبر الاتحاد الأوروبي.[5][6]
المواقع
عدلتنصّ معاهدات الاتحاد الأوروبي على مواقع المؤسسات التالية: يكون مقر البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، ويستضيف اثنتي عشرة جلسة عامة شهرية (منها جلسة تحديد الميزانية). تستضيف بروكسل الجلسات واللجان الإضافية (وقد استُخدمت في سبتمبر من العام 2008 لعقد الجلسات الدورية بسبب لحوق أضرار بمبنى ستراسبورغ). تستضيف لوكسمبورغ أمانة البرلمان الأوروبي. تُعتبر بروكسل مقر مجلس الاتحاد الأوروبي، ما عدا خلال شهور أبريل، ويونيو، وأكتوبر، عندما تُعقد الاجتماعات في لوكسمبورغ.[1][7]
تتخذ المفوضية الأوروبية من بروكسل مقرًا لها كذلك، رغم تمركز بعض أقسامها وخدماتها في لوكسمبورغ. يوجد مقر محكمة العدل للاتحاد الأوروبي (بالإضافة إلى المحاكم المكونة لها، ومحكمة العدل الأوروبية، والمحكمة العامة) ومحكمة المدققين الأوروبية، وبنك الاستثمار الأوروبي في مدينة لوكسمبورغ. تتخذ اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأوروبية، واللجنة الأوروبية للأقاليم من بروكسل مقرًا لها، في حين يوجد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت، وتُعتبر يوروبول هي الوكالة الوحيدة التي حُدّد مقرّها في مدينة لاهاي، بموجب المعاهدات.[1]
على صعيد منفصل، ذكرت معاهدة نيس مدينة بروكسل تحديدًا بوصفها مقر جميع مؤتمرات القمة الرسمية للمجلس الأوروبي بعد العام 2004. بالرغم من ذلك، تُعقد بعض الجلسات الاستثنائية أحيانًا في مدن غيرها. من ناحية أخرى، يتحدد مقر المجلس الأوروبي بموجب إعلان وليس اتفاقية، وهو ما يعني أنه ليس مُلزِمًا بنفس القدر من الإلزامية المرافقة لأماكن المقرات الأخرى.[8][9]
تنص معاهدة 2011 التي أُنشئت منظمة آلية الاستقرار الأوروبية بموجبها على أن مقر المنظمة يجب أن يكون في لوكسمبورغ. كما نصت على وجوب المصادقة على منظمة آلية الاستقرار الأوروبية والبدء بعملها في منتصف العام 2013، وأن يُسمح لها بإقامة مكتب اتصال تابع لها في بروكسل.[10]
المقرات غير الثابتة
عدلتوجد العديد من الهيئات والوكالات الأوروبية الأخرى والتي لم تُحدّد مقراتُها بموجب المعاهدات. تستضيف بروكسل وكالة الدفاع الأوروبية (كما يوجد في المدينة مقر حلف الناتو ومنظمة اتحاد أوروبا الغربية). وتستضيف لوكسمبورغ مركز الترجمة لهيئات الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي. وتستضيف كلّ مِن ستراسبورغ وبروكسل مكاتب أمين المظالم الأوروبي. تتوزع الوكالات الأخرى في سائر أنحاء أوروبا ومنذ توسيع الاتحاد الأوروبي في العام 2004، برز حافز يدفع إلى استضافة مقرات عددٍ أكبر من الوكالات في الدول الأعضاء الجديدة بغيةَ توزيعٍ أكثر عدالة.[6]
ومع ذلك، فقد ظهرت بعض المشاكل عند إقامة وكالات في الدول الأوروبية الشرقية. على سبيل المثال، واجهت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) صعوبات في توظيف خبراء من ذوي الكفاءة لعدم رغبة الكثير منهم في العيش في وارسو، المدينة المضيفة للوكالة، نظرًا للأجور المتدنية ومستوى المعيشة المنخفض نسبيًا. بالإضافة إلى ذلك، لقيت خطط إنشاء مقر برنامج غاليليو التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في براغ معارضةً انطلاقًا من مخاوف أمنية تعتبر المدينة غير آمنة بالدرجة الكافية لتلك الوكالة الحساسة.[6][11]
أقسام المفوضية الأوروبية
عدلمع وجود مقر المفوضية الأوروبية أساسًا في بروكسل، ينبغي على بعض أقسامها أن تُقيم مقرات لها في مدينة لوكسمبورغ منذ اتفاقية العام 1965 التي نصت على وجود الهيئات التالية في مدينة لوكسمبورغ: الإدارات المالية التابعة للجماعة الأوروبية للفحم والصلب؛ والأمانة العامة لبنك الاستثمار الأوروبي؛ والإدارة التي تجمع ضرائب الجماعة الأوروبية للفحم والصلب وأقسام الحسابات الملحقة بها؛ ومكتب منشورات الاتحاد الأوروبي وخدمات المبيعات والتدقيق اللغوي ودائرة معلومات البحث والتنمية المجتمعية المرتبطة به؛ ومكتب إحصاء يوروستات وإدارة معالجة البيانات؛ وأقسام النظافة والسلامة الصناعية التابعة لكلّ مِن الجماعة الأوروبية للفحم والصلب ويورستات؛ والإدارة العامة للصحة وسلامة الأغذية؛ والإدارة العامة للإجراءات الاحترازية للجماعة الأوروبية للطاقة الذرية وأي خدمات بنية تحتية إدارية وفنية مناسبة لها.[12]
مع تغير الإدارات على مرّ السنين، لم يعد بعضها موجودًا نظرًا لإلغائها أو إدماجها بغيرها، مما جعل معظم الإدارات الموجودة الآن مستقرة في بروكسل بشكل أساسي، مع الحفاظ على وجود ثانوي في مدينة لوكسمبورغ. وبرغم ذلك، فما زالت بعض الأقسام موجودة بمقراتها بشكل كامل في المدينة بموجب اتفاقية العام 1965.[13]
«العاصمة»
عدللم تعلن معاهدات أو إعلانات الاتحاد الأوروبي عن منح مسمّى «العاصمة» لأي مدينة في الاتحاد الأوروبي بأي شكل من الأشكال. ومع ذلك، فقد لاقى المصطلح رواجًا في الأوساط غير الرسمية بالرغم من دلالاته التي لا تتماشى مع التصورات النمطية المرتبطة بكيان دولي أو فوق وطني. غالبًا ما تحظى بروكسل بتلك التسمية، وخصوصًا في منشورات السلطات المحلية، والمفوضية الأوروبية، والصحافة.[14][15][16][17][18][19] في واقع الحال، تفسر مدينة بروكسل اتفاق 1992 المتعلقة بأماكن المقرات (التفاصيل في باقي المقال) على أنه إعلان يسمّي بروكسل عاصمةً.[14] وبالمقابل، تشير السلطات في ستراسبورغ والمنظمات الموجودة فيها إلى ستراسبورغ على أنها «عاصمة» أوروبا[20][21][22] (غالبًا ما تعني تلك الدلالة أوروبا الأعمّ نظرًا لوجود مجلس أوروبا فيها كذلك)؛ ويشار أيضًا إلى بروكسل وستراسبورغ ولوكسمبورغ بتسمية عواصم أوروبا، مثلًا فيما يتعلق بمشروع «خط يوروكاب»: وهو خط سكة حديدية يربط «العواصم الأوروبية الثلاث».[18]
نبذة تاريخية
عدللدى إنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب في العام 1951، لم تتوصل الدول إلى اتفاق بخصوص المدينة التي ستستضيف مؤسسات المجموعة الجديدة. حظيت بروكسل بحالة قبول على نطاق واسع، ولكن بلجيكا رفضتها بتصويت فيتو وأصرت على مدينة لياج. نظرًا لتلك الأزمة، جرى التوافق على مدينة لوكسمبورغ كخيار مؤقت لجميع المؤسسات باستثناء الجمعية (البرلمان الأوروبي)، التي كان مُزمعًا إنشاؤها في ستراسبورغ. أنشئت مجموعتان إضافيتان في العام 1957، ووفقًا لنص اتفاق مؤقت مرة أخرى اتفقت الدول على عقد البرلمان في ستراسبورغ، واجتماع المحاكم في مدينة لوكسمبورغ، وتوزيع اللجان والمجالس بين مدينتيّ لوكسمبورغ وبروكسل. فيما بعد أخذت تلك المؤسسات تتركز في بروكسل أكثر فأكثر.[2]
انظر أيضًا
عدلمراجع
عدل- ^ ا ب ج "Protocol (No 8) on the location of the seats of the institutions and of certain bodies and departments of the European Communities and of Europol (1997)" (PDF). Europa (web portal). مؤرشف من الأصل (PDF) في 2013-02-04. اطلع عليه بتاريخ 2007-07-15.
- ^ ا ب "The seats of the institutions of the European Union". CVCE. مؤرشف من الأصل في 2021-08-07. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-03.
- ^ "Seat of the European Parliament". CVCE. مؤرشف من الأصل في 2017-06-02. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-03.
- ^ Alvaro، Alexander (6 يوليو 2006). "Europe's strangest migrants". Café Babel. مؤرشف من الأصل في 2014-08-11. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-03.
- ^ Gerwitz، Carl (9 يونيو 1992). "The Ecu: What's in a Name?". International Herald Tribune. مؤرشف من الأصل في 2016-03-06. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-03.
- ^ ا ب ج "Galileo Guess Who: EU States Vie to Host Galileo Supervisory Authority". GPS World. 6 ديسمبر 2006. مؤرشف من الأصل في 8 أغسطس 2007. اطلع عليه بتاريخ 18 يوليو 2007.
- ^ Runner، Phillipa (4 سبتمبر 2008). "MEPs shift to Brussels after ceiling collapse". EU Observer. مؤرشف من الأصل في 2011-06-05. اطلع عليه بتاريخ 2007-07-18.
- ^ Stark، Christine. "Evolution of the European Council: The implications of a permanent seat" (PDF). Dragoman.org. مؤرشف من الأصل (PDF) في 9 July 2007. اطلع عليه بتاريخ 2007-07-12.
- ^ "Treaty of Nice" (PDF). Europa (web portal). 21 فبراير 2001. مؤرشف من الأصل (PDF) في 22 نوفمبر 2006. اطلع عليه بتاريخ 12 يوليو 2007.
- ^ Treaty Establishing the European Stability Mechanism (ESM) نسخة محفوظة 12 August 2011 على موقع واي باك مشين., Council of the European Union
- ^ "Staff woes hit EU border agency". بي بي سي نيوز. 26 يناير 2007. مؤرشف من الأصل في 2021-02-13. اطلع عليه بتاريخ 2007-07-18.
- ^ "Decision of the representatives of the governments of the Member States of 8 April 1965 on the provisional location of certain institutions and departments of the Communities (67/446/EEC) (67/30/Euratom)". CVCE. مؤرشف من الأصل في 2021-01-18. اطلع عليه بتاريخ 2014-08-03.
- ^ "Buildings List". EC Office for Infrastructures and Logistics - Luxembourg. مؤرشف من الأصل في 2008-01-31. اطلع عليه بتاريخ 2008-08-26.
- ^ ا ب "Brussels: capital of Europe". Brussels-Europe Liaison Office. 6 أبريل 2006. مؤرشف من الأصل في 2009-07-05. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-27.
- ^ Gilroy، Harry (2 يونيو 1962). "Big Day for Brussels; Common Market Activities Make City The New Capital of European Politics". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 2009-07-05. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-27.
- ^ "Prodi and Verhofstadt present ideas for Brussels as capital of Europe". Euractv. 5 أبريل 2007. مؤرشف من الأصل في 3 September 2009. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-27.
- ^ Demey، Thierry (2007). Brussels, capital of Europe. S. Strange (trans.). Brussels: Badeaux. ISBN:978-2-9600414-2-2.
- ^ ا ب Laconte، Pierre؛ Carola Hein (2008). Brussels: Perspectives on a European Capital. Brussels, Belgium: Foundation for the Urban Environment. ISBN:978-2-9600650-0-8.
- ^ Europe in Brussels (بالإنجليزية والفرنسية والهولندية والألمانية). European Commission. 2007.
- ^ "Strasbourg : the European capital". Strasbourg Tourism Office. مؤرشف من الأصل في 2009-09-03. اطلع عليه بتاريخ 2009-07-27.
- ^ "Alliance Française Strasbourg Europe". أليانس فرانسيز. مؤرشف من الأصل في 5 ديسمبر 2009. اطلع عليه بتاريخ 27 يوليو 2009.
- ^ "Strasbourg, capitale européenne". Le Pôle européen d’administration publique. 2005. مؤرشف من الأصل في 12 مايو 2009. اطلع عليه بتاريخ 27 يوليو 2009.