معركة غابة تويتوبورغ

جزء من الحملات الإمبراطورية المبكرة في جرمانيا عام 9 م


معركة غابة تويتوبورغ أو معركة فاروس (بالألمانية: Varusschlacht) وقعت في سنة 9 م بين الجيش الروماني بقيادة الجنرال فاروس وتحالف للقبائل الجرمانية بقيادة أرمينيوس زعيم قبيلة الشيروسكيين.[1][2][3] تدعى المعركة بهذا الاسم رغم أنها لم تقع في غابة تويتوبورغ على جبال أسنينغ بل جرت بالقرب من مرتفعات كالكريزي اليوم في ولاية سكسونيا السفلى. كانت إحدى أسوأ الهزائم التي مني بها الرومان : أبيدت ثلاثة فيالق كاملة (السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر)، بالإضافة إلى 6 كتائب المشاة و3 أجنحة فرسان إسناد تشكل كلها ثُمن الجيش الروماني.

معركة غابة تويتوبورغ
جزء من الحملات الإمبراطورية الأولى في جرمانيا  تعديل قيمة خاصية (P361) في ويكي بيانات
النصب التذكاري لقائد القوات الجرمانية "هيرمان"
معلومات عامة
التاريخ 9 ميلادي
الموقع أوسنابروك  تعديل قيمة خاصية (P276) في ويكي بيانات
52°24′27″N 8°07′33″E / 52.4075°N 8.1258333333333°E / 52.4075; 8.1258333333333   تعديل قيمة خاصية (P625) في ويكي بيانات
النتيجة انتصار الجرمان وهزيمة قوات الإمبراطورية الرومانية
تغييرات
حدودية
نهاية مقاطعة جرمانية القديمة الرومانية ووضع الليمس بطول نهر الراين
المتحاربون
الإمبراطورية الرومانية تحالف قبائل جرمانية
القادة
بوبليوس كوينكتيليوس فاروس أرمينيوس
الوحدات
الفيالق 17، 18، 19
6 كتائب احتياط
3 سرايا خيالة
خريطة

إثر المعركة بدأت حرب دامت سبع سنوات لاسترداد شرف الجيش الروماني . وفي النهاية تخلى الرومان عن محاولة أخرى لاحتلال المناطق الجرمانية على الضفة اليمنى لنهر الراين وصولا إلى نهر الإلبه من أجل الوصول إلى الهدف الاستراتيجي بتقصير طول حدود الدولة الرومانية في وسط أوروبا وجعل خط الإلبه - الدانوب هو الحدود الجديدة. واعتبر نهر الراين حدوداً نهائية للامبراطورية من الجهة الشمالية الشرقية لأربعة قرون لاحقة.

طرحت عدة مواقع في شمال ألمانيا والبلاد المنخفضة أعتقد أنها كانت مسرحا لمعركة غابة تويتوبرورغ، لكن الأبحاث الحديثة أدت إلى فرضية أن جزءا من المعركة على الأقل قد جرى في منطقة كالكريزي في جبال فيهن في محيط مدينة أوسنابروك الحالية. يعثر الباحثون وذوي الاهتمام بتلك المعركة في مختلف المناطق حول أوسنابروك على بقايا أسلحة وعتاد ونقودا فضية وذهبية رومانية، ويجدوا أنها تكثر في المنطقة بين أوسناروك ومدينة «برامشه» ، مما يرجح أن المعركة قد دارت في تلك المنطقة، ولا يزال البحث ساريا.

خلفية تاريخية

عدل

الموقف الجيوسياسي

عدل

كانت الجمهورية الرومانية قد توسعت بسرعة في القرن الأول الميلادي، بفضل يوليوس قيصر، والذي كان قد غزا معظم أوروبا الغربية وأجزاء من الجزر البريطانية في حروب الغال (58–50 ق م). وغالبًا ما كانت حروب الغال ضد شعب الغال، ولكنها أيضًا شهدت معاركًا ضد قبائل عدة من الجرمان.[4] عبر يوليوس قيصر نهر الراين مرتين ليقاتل قبائل الجرمان، ولكن هذان الاشتباكان لم يكونا حاسمين.[5][6] وصلت فورة غزوات قيصر لنهاية مبكرة إذ أن حرب قيصر الأهلية (49–45 ق م) كانت قد اندلعت.[7] كادت أراضي أوروبا القارية أن تصبح طي النسيان لعقدين من الزمن بعد حروب الغال إذ تصدعت الجمهورية بصراعات السلطة. فالقوات التي قد تحصنت سابقًا ببلاد الغال انسحبت في 31 ق م لتشارك بالملحمة الحاسمة بين أكتافيوس وماركوس أنطونيوس في معركة أكتيوم. لم ينتظر الغال أي دوافع، فقد ثاروا على الفور. ولم تستعد روما سلطانها على تلك الأراضي إلا في 28 ق م.[8]

شهد عام 27 ق م تحولاً جذريًا لكلاً من الغال وروما. تحولت الجمهورية إلى إمبراطورية، إذ نصب أكتافيوس نفسه إمبراطورًا لها. سعى أكتافيوس - المسمى الآن أغسطس - لترسيخ سلطانه في بلاد الغال، وقد قسم الغال إلى ثلاث مقاطعات صغرى. تحول الإمبراطورية هذا قد رسخ الأهمية لوادي نهر الراين. إذ أن القوات عسكرت بالقرب من النهر.[8] ولكن سياسة أغسطس تجاه أراضي الجرمان تظل غامضة. توجد نظريتان تفسران هذا الغموض. الأولى هي أن أغسطس سعى لجعل نهر الراين فاصلاً بين أراضي الإمبراطورية والجرمان. والأخرى هي أن الحدود الفاصلة كانت أكثر مرونة، وأن القوات كانت تركز على حفظ النظام داخل الإمبراطورية، لا منع تطفل الجرمان. بأي حال من الأحوال، كان الجرمان يستبيحون الأراضي دون أي رادع، وهو ما تمثل بهزيمة الرومان فيما عرف بكارثة لوليوس عام 16 ق م.[9]

هزيمة الرومان في تلك المعركة حثتهم على تنظيم فيالقهم في بلاد الغال، والذي انتهى عام 12 ق م. ومنذ ذلك الحين سعى أغسطس إلى ترويض قبائل الجرمان، وشرع يخطط لحملة عسكرية عليهم. وقد عيَّن ابن زوجته دروسوس حاكمًا لبلاد الغال. شن دروسوس حملاته ضد الجرمان خلال الأعوام 11–9 ق م، وانتصر بسلسلة من المعارك رغم العقبات. توفي دروسوس بسبب حادث أثناء ركوب للخيل عام 9 ق م والذي أوقف التوسع على حساب القبائل الجرمانية مجددًا. عُيِّن أخوه الأكبر - والإمبراطور اللاحق - تيبيريوس على منطقة جرمانية عام 8 ق م. أكمل تيبيريوس حملة أخيه ضد السيكامبريون وأخضع أراضيهم إلى سلطان روما. ولكن أُزيح تيبيريوس واختار لنفسه المنفى عام 6 ق م. خلفه لوسيوس دوميتيوس أهينوباربوس، الذي كان قنصلاً عام 16 ق م. أخمد أهينوباربوس عددًا من الثورات المحلية، وعبر نهر إلبه، وهو أول وآخر قائد روماني يفعل ذلك. وباقتراب نهاية القرن، وقع الرومان في فخ الشعور بأمان زائف تجاه بلاد الجرمان، وقد زادهم اطمئنانًا ازدهار تجارتهم مع الجرمان، وكذلك السلام النسبي.[10]

في أوائل عام 6 م، قاد الليغاتوس غايوس سينتيوس ساتورنينوس[11][12] والقنصل ماركوس أميليوس ليبيدوس جيشًا ضخمًا يتكون من 13 فيلقًا وحاشيتهم، مما جعله يقارب 100,000 رجل (65,000 جندي فيلق مشاة ثقيل و10,000–20,000 من الخيالة والرماة و10,000–20,000 مدني) ضد ماربود،[13][14] ملك الماركومانيين، والذين كانوا قبيلة من قبائل السويبيين.[ا]

اضطر تيبيريوس لتحويل اهتمامه نحو حرب الباتويين - وتعرف أيضًا بالثورة الإليرية الكبرى - والتي اندلعت في البلقان وبخاصة في مقاطعة إيليريكوم. قادها باتو الدايسيتاتي[16] وباتو البروقي[17] وبينيس البانوني،[18] وعناصر من الماركومانيين، واستمرت لمدة أربعة سنوات. اضطر تيبريوس لإيقاف حملته ضد ماربود والاعتراف به ملكًا[12][19] حتى يتمكن من إرسال فيالقه الثماني (أغسطس 8 وأبولو 15 وفيكتوريوس فاليريا 20 والمفترس 21 والتوأم 13 والتوأم 14 والغالي 16 ووحدة مجهولة)[20] كي تسحق التمرد في البلقان.

 
غابة تويتوبورغ في يوم ضبابي ماطر

أصبح أرمينيوس مستشارًا موثوقًا لفاروس بعد عودته من روما،[21] ولكن تحالف مع الشعوب الجرمانية سرًا الذين كانوا أعدائه التقليديين. كانت تلك التحالفات مع الشيروسكيين والمارسيين والخاتيين والبروكتيريين.[13] آنذاك كانت أعداد القبائل الجرمانية تفوق الخمسين قبيلة.[22] وباستخدام الغضب الجمعي تجاه غطرسة فاروس وطغيانه وقسوته الوحشية ضد من غزاهم،[23] استطاع أرمينيوس توحيد المجموعات المشتتة التي خضعت كرهًا وحنقًا لسلطان الرومان، وكذلك استطاع أن يصون هذا التحالف حتى آنت اللحظة المناسبة للهجوم.[24]

بعد حشر الثمانية فيالق التي كانت موجود في جرمانية إلى البلقان، تبقت ثلاثة فيالق فقط في وجه رجال القبائل.[20] مثل هذا الحدث الفرصة المناسبة ليُلحِق أرمينيوس الهزيمة بفاروس.[12][19] وبينما كان فاروس في طريقه من مخيمه الصيفي غرب نهر فيزر نحو مقره الشتوي بالقرب من الراين، سمع تقارير عن تمرد محلي، وهي تقارير اختلقها أرمينيوس.[14] كتب المؤرخ إدوارد كريسي "قُدمت هذه الفرصة لفاروس للتصرف فورًا؛ ولكنه تجاهل أن تكون جزءًا من ثورة منسقة؛ وكان لا يزال يعد أرمينيوس تابعًا خاضعًا له".[25]

معرض صور

عدل

ملاحظات

عدل
  1. ^ بعد هزيمتهم من دروسوس عام 9 ق م، فر الماركومانيون إلى منطقة البوي، ومن هناك تحالفوا مع الهرموندوريين والكواديين والسمنونيين واللوغي والزومي والبوتونيين والموغيلونيين والسيبيني والأنكبردة.[15]

مراجع

عدل
  1. ^ "Legio V Alaudae". www.livius.org. September 2010. مؤرشف من الأصل في 26 أبريل 2015. اطلع عليه بتاريخ أكتوبر 2020. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة)
  2. ^ Sutter Fichtner، Paula (2009). Historical Dictionary of Austria (ط. 2). Scarecrow Press. ج. 70. ص. xlviii. ISBN:9780810863101. مؤرشف من الأصل في 2019-07-08. When the Romans began to appear in the region, shortly before the beginning of the Christian era, they turned Noricum into an administrative province, which encompassed much of what today is Austria.
  3. ^ Scholars look at factors surrounding Hermann’s victoryنسخة محفوظة July 14, 2011, على موقع واي باك مشين.. www.nujournal.com نسخة محفوظة 09 نوفمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  4. ^ ماكنالي 2011، صفحة 9-10.
  5. ^ غليفر 2003، صفحات 43–49.
  6. ^ غليفر 2003، صفحات 50–51.
  7. ^ غليفر 2003، صفحات 83–88.
  8. ^ ا ب ماكنالي 2011، صفحة 10.
  9. ^ ماكنالي 2011، صفحة 10-11.
  10. ^ ماكنالي 2011، صفحة 10-13.
  11. ^ فيليوس 30، صفحة 195.
  12. ^ ا ب ج فيليوس 30، صفحة 109.
  13. ^ ا ب "Publius Quinctilius Varus (46 BC – 9 AD)". www.livius.org. سبتمبر 2010. مؤرشف من الأصل في 2014-04-28. اطلع عليه بتاريخ 2020-03-26.
  14. ^ ا ب "Legio XVII". www.livius.org. سبتمبر 2010. مؤرشف من الأصل في 2015-01-26. اطلع عليه بتاريخ 2020-03-26.[وصلة مكسورة]
  15. ^ Strabo 7, 1, 3; Velleius 2, 108, 2; 2, 109, 2f.; Tacitus, Annals, II.45
  16. ^ ويلكس جي جي (1992). الإليريون [The Illyrians] (بالإنجليزية). p. 216. ISBN:0-631-19807-5. Further east the formidable Daesitiates of central Bosnia retained their name. The great rebellion of All 6 had been led by their chief Bato, and their relatively low total of 103 decuriae likely reflects...
  17. ^ ويلكس جي جي (1992). الإليريون [The Illyrians] (بالإنجليزية). p. 207. ISBN:0-631-19807-5. The rising began among the Daesitiates of central Bosnia under their leader Bato but they were soon joined by the Breuci. The four-year war which lasted...
  18. ^ آلان بومان، إدوارد تشامبلن، أندرو لينتوت (1996). "إمبراطورية أغسطس، 43 BC–AD 69". التاريخ القديم بكامبريدج [The Cambridge Ancient History] (بالإنجليزية). Vol. 10. p. 176. ... Daesitiates was soon matched by rebellion of the Breuci in Pannonia, headed by Pinnes and another Bato. ...
  19. ^ ا ب كاسيوس ديو. "55". تاريخ الرومان (باللاتينية). pp. 6–7.
  20. ^ ا ب "Legio V Alaudae". www.livius.org. سبتمبر 2010. مؤرشف من الأصل في 2015-04-26. اطلع عليه بتاريخ 2020-03-26.
  21. ^ "The Ambush That Changed History". Fergus M. Bordewich, Smithsonian Magazine. سبتمبر 2005. مؤرشف من الأصل في 2023-06-24. اطلع عليه بتاريخ 2008-10-17.
  22. ^ Crossland, David (28 Aug 2009). "Battle of the Teutoburg Forest: Germany Recalls Myth That Created the Nation". Spiegel Online International (بالإنجليزية). دير شبيغل. Archived from the original on 2023-06-03. Retrieved 2015-01-16.
  23. ^ "Drusus in Ancient Library" (بالإنجليزية). Ancient Library. Sep 2010. Archived from the original on 2012-10-12. Retrieved 2010-09-13.
  24. ^ "Germans under Arminius Revolt Against Rome" (بالإنجليزية). Edward Shepherd Creasy, The Great Events by Famous Historians, Vol. 2. 1905. Archived from the original on 2023-06-25.
  25. ^ Creasy، Edward Shepherd (1848). "The Six Decisive Battle of the World". The Eclectic Magazine of Foreign Literature, Science, and Art. Leavitt, Trow, & Company. ج. 14: 230. مؤرشف من الأصل في 2023-05-24.

مصادر

عدل

المصادر القديمة

عدل

القرن الواحد والعشرون

عدل

وصلات خارجية

عدل

[https://web.archive.org/web/20090619021431/http://www.dw-world.de/dw/article/0,,4210066,00.html ثلاثة متاحف ألمانية تُحيي ذكرى هزيمة

انظر أيضا

عدل
 
خريطة الموقع المرجح لمعركة غابة تويتوبورغ في شمال ألمانيا.

الإمبراطورية الرومانية على يد الجرمان]