أحلامي التي نسيتها في معترك الحياة

في أواخر نهار يوم من تلك الأيام المختلفة في التقويم، المتشابهة في الأحداث تذكرت أنه قد مر من عمري خمسة و عشرون سنة، كم تحسرت يومها و كم أعدت تذكر الماضي و خاصة تلك الحياة التي كنت أظن أني سأعيشها حين أبلغ هذا السن، لم تتحقق لا أحلام المراهقة و لا خطط الشباب، فلا أدري ان كانت أحلامي ساذجة أم أنا لم أبذل الجهد اللازم لتحقيقها، كم كنت و لازلت أشفق على نفسي من هذه الحياة، لا أتذكر يوما أحببت فيه الحياة، أنا أنسان لا أعيش الفرح مطولا خوف من الأيام الأتية، فأحاول قدر المستطاع أن أنقص من أهمية الأحداث التي تبعث السرور، و لكن في المقابل أعيش الحزن أيام و شهور كأن حزن الدنيا كلها كتب علي ، تلك بعض من مساوئ الكثيرة التي أسعى لتغييرها.

بداية الذاكرة عندي تبدأ عند سن الرابعة، كنت حينها طفلا صغيرا لم أعرف الدلال كثيرا فمستوى حياتنا المتوسطة جعلني أبدأ الحياة بالأشياء الأساسية، فلا أتذكر نفسي جائعا لم أجد ما أكله ولا مريضا لا أجد الدواء ولم أشعر يوم بالبرد، يعني أني عشت ولا زلت أعيش في أسرة لم تبخلني بشيء يجعلني أواصل العيش حتى هذا اليوم، ولكن لم أملك من كماليات الحياة شيء فلم أكن أملك ألعاب ولم أسافر أو أتجول في أي مكان كان أقصى مكان أذهب إليه هو زيارة الأقارب ولسوء الحظ جل أقاربي لا يبعدون عن منزلنا إلا بضعة أحياء.

لست بخبير نفسي و لكن خبير بنفسي التي حفظتها طوال هاته السنين، لو كنت ولد مدلل و توفرت لي سبل الرفاهية لأصبحت اليوم انطواءي، ما كان يدفعني لأشارك الأخرين اللعب هو أني لم أملك بما ألعب، هذا من خبايا القدر الذي سطره الله لنا فحرمني من أشياء ليقيني من أشياء أخرى، و لكن لم أخرج سالم تماما من تلك الفترة فكنت لا أرى نفسي أفضل من أحد و هذا ما و لد في نفسي بعض من عدم الثقة في النفس و الخوف من الخطأ فكنت أظن أن أغلب الأطفال لا يخطئون و لكن كبرت اليوم و أدركت  أنهم يخطئون غير أنهم كانوا يملكون ما لم أملك و هو الثقة في النفس التي تجعلهم يتصرفون كما لو أنهم على صواب، تلك كانت بداية بعض سلبياتي التي رسختها ذاكرتي و ما أسوأها من ذاكرة لا  شيء فيها يبعث بالبهجة .

مرت الأيام ومرت السنين وتغيرت الأحلام والطموحات بين مرحلة وأخرى، منها ما حققتها ومنها ما زلت أسعى لتحقيقها ومنها ما نسيتها في معارك الحياة، نعم الحياة معارك فالمعركة التي لا تفوز فيها ستحضرك لمعركة أخرى، بعد كل معركة خاسرة ستشعر أنك فاشل أو أنك مظلوم أو أن الحياة لم تنصفك، لن تنفعك هذه المبررات في مشوارك نحو النجاح، حاول قدر المستطاع أن تتجنبها.

تعلمت من الحياة أكثر مما تعلمته في المدرسة، تعلمت أن الوقت دائما مناسب للبداية وأن الأوان لا يفوت ما دمت حي، تعلمت أن البدايات هي الأصعب فسعيت لأن أبدأ بالإمكانيات التي أملكها ولا أنتظر أن يتوفر لي المناخ المناسب، تعلمت أن النجاح الحقيقي هو أن تثق بنفسك أن ترضى عن نفسك أن تشعر أن ما قمت به له قيمة.

أول نجاح تحققه هو أن تتصالح مع نفسك لا تحملها هم كل شيء ولا هي تطلب منك كل شيء.