مستخدم:Sumiah Ibraheem/القانون الطبيعي


القانون الطبيعي

عدل

هو نظام قانوني يزعم أنه قائم على قيم متأصلة في الطبيعة البشرية يمكن استنتاجها وتطبيقها بشكل مستقل عن القانون الوضعي (القوانين الصادرة عن دولة أو مجتمع). ووفقًا لنظرية القانون الطبيعي ، يتمتع جميع الناس بحقوق متأصلة ، لا تُمنح عن طريق التشريع ولكنها حقوق ممنوحة من "الله أو الطبيعة أو العقل". وثق الفلاسفة مفهوم القانون الطبيعي في الفلسفة اليونانية القديمة ، من بينهم أرسطو ، وأشار إليه شيشرون في الفلسفة الرومانية القديمة. ووجد أيضًا إشارات إليه في العهدين القديم والجديد للكتاب المقدس، وشرحت لاحقًا في العصور الوسطى من قبل فلاسفة مسيحيين مثل ألبرت العظيم وتوما الأكويني. وقدمت مدرسة سالامانكا مساهمات ملحوظة خلال عصر النهضة. طورت نظريات القانون الطبيعي الحديثة بشكل كبير في عصر التنوير ، حيث جمعت الإلهام من القانون الروماني مع فلسفات مثل نظرية العقد الاجتماعي. وكان القانون الطبيعي يستخدم تحديًا لنظرية الحق المقدس للملوك ، وأصبح مسوغ بديلاً عن تأسيس عقد اجتماعي ، وقانون وضعي، وحكومة - وبالتالي حقوق قانونية - في صورة جمهورية تقليدية. وفي العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين، ارتبط مفهوم القانون الطبيعي ارتباطًا وثيقًا بمفهوم الحقوق الطبيعية. وفي الواقع ، يستخدم العديد من الفلاسفة والفقهاء والعلماء اصطلاح القانون الطبيعي كمرادف لاصطلاح الحقوق الطبيعية ، أو اصطلاح العدالة الطبيعية، على الرغم من أن آخرين يميزون بين القانون الطبيعي والحق الطبيعي. وبسبب التداخل بين القانون الطبيعي والحقوق الطبيعية ، فقد ادعي بأن القانون الطبيعي كان العنصر الأساسي في إعلان الاستقلال بالولايات المتحدة عام (1776) ، وفي إعلان حقوق الإنسان والمواطن بفرنسا عام (1789) ، وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام (1948) الذي قامت به الأمم المتحدة ، وكذلك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان عام (1953) التي قام بها مجلس أوروبا


تاريخه :

عدل

اليونان القديمة (أفلاطون):

عدل

على الرغم من أن أفلاطون لم يكن لديه نظرية واضحة عن القانون الطبيعي (كان يندر استخدامه لعبارة "القانون الطبيعي" إلا في كتابه غورغياس صفحة 484 ، و كتابه طيماوس صفحة83 ) ، إلا أن مفهومه عن الطبيعة ، وفقًا لجون وايلد ، يحتوي على بعض العناصر الموجودة في العديد من نظريات القانون الطبيعي. وفقًا لأفلاطون، نحن نعيش في عالم منظم. وأساس هذا الكون المنظم أو الطبيعة هي المظاهر ، وأهمها مظهر الخير ، الذي يصفه أفلاطون بأنه "ألمع منطقة في الوجود". ومظهر الخير هو سبب كل شيء، وعندما يُرى فإنه يقود الإنسان إلى التصرف بحكمة. ففي كتابه الندوة ، ذكر بأن الخير يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشيء الجميل. و يصف فيه أفلاطون كيف مكنته تجربة الشيء الجميل لسقراط من مقاومة إغراءات الثروة والجنس. فالمجتمع المثالي في كتاب الجمهورية لأفلاطون هو "المدينة التي تُقام وفقًا للطبيعة".

أرسطو:

عدل

أكدت الفلسفة اليونانية على التمييز بين " الطبيعة " من ناحية ، و" القانون "، أو " العرف "، أو " التقليد " من ناحية أخرى. [بحاجة لمصدر] إن ما أمر به القانون من المتوقع أنه يختلف من مكان إلى آخر ، ولكن ما أمرت به " الطبيعة " يجب أن يظل هو نفسه في كل مكان. لذلك فإن " قانون الطبيعة " سيكون له طابع التناقض أكثر من كونه أمرا موجودًا على نحو جليَ. حيث افترض سقراط وورثته الفيلسوفان ، أفلاطون وأرسطو ، وجود العدالة الطبيعية أو الحق الطبيعي كنقيض للتقليد الذي يمكن أن يولده التمييز بين الطبيعة والعرف. ومن بين هؤلاء ، غالبًا ما يُقال إن أرسطو هو أبو القانون الطبيعي.

وقد يرجع ارتباط أرسطو بالقانون الطبيعي إلى التفسير الذي قدمه توما الأكويني لأعماله. ولكن ما إذا كان قد قرأ الأكويني أرسطو بشكل صحيح أم لا، فهذا موضوع خلاف. فوفقًا لما يراه البعض ، يدمج الإكويني بين القانون الطبيعي والحق الطبيعي ، وهذا الأخير يفترضه أرسطو في الكتاب الخامس من الأخلاق النيقوماخية (الكتاب الرابع من الأخلاق الأوديمية). ووفقًا لهذا التفسير ، كان لتأثير الأكويني الأثر السيء على عدد من الترجمات المبكرة لهذه الفقرات ، على الرغم من أن الترجمات الأحدث تجعل تلك الترجمات تبدو أكثر حرفية. و يلاحظ أرسطو أن العدالة الطبيعية هي نوع من العدالة السياسية ، وعلى وجه التحديد مخطط العدالة التوزيعية والتصحيحية التي ستنشأ في ظل أفضل مجتمع سياسي ؛ إذا كان هذا يأخذ شكل القانون ، يمكن أن يسمى هذا بالقانون الطبيعي ، على الرغم من أن أرسطو لا يناقش هذا ويقترح في كتابه (السياسة) أن أفضل نظام قد لا يحكم بالقانون على الإطلاق.

إن أفضل دليل يستدل به على أن أرسطو لديه اعتقاد بأن هناك قانونًا طبيعيًا يأتي من كتابه (الخطابة )، حيث يشير فيه أرسطو إلى أنه بصرف النظر عن القوانين " الخاصة " التي وضعها كل شعب لنفسه، يوجد قانون " عام " يتوافق مع الطبيعة. ويقتبس أرسطو على وجه التحديد من الروائي المسرحي سوفوكليس والفيلسوف اليوناني إمبيدوكليس. القانون الكوني هو قانون الطبيعة. لأن هناك حقًا ، كما يتنبأ به كل الناس إلى حد ما، ظلم و عدالة طبيعية ملزمة لجميع الناس ، حتى على أولئك الذين ليس لديهم ارتباط أو عهد فيما بينهم.

هذا هو ما تعنيه بوضوح أنتيجون سوفوكليس ،عندما تقول أن دفن بولينيز كان تصرفًا عادلاً ،على الرغم من تحريمه: إنها تعني أن ذلك التصرف كان بحكم الطبيعة.

" لم يكن هذا القانون وليدة اليوم ولا الأمس، بل يعيش مدى الحياة: و لا أحد يستطيع أن يؤرخ ولادته". وكذلك إيمبيدوكليس، عندما أمرنا بعدم قتل أي كائن حي ، فهو يقول إن القيام بذلك ليس من العدل لدى بعض الناس ، بينما يكون من العدل لدى البعض الأخر: " كلا ، بل قانون شامل ، يمتد عبر الآفاق بلا انقطاع ،وعلى الأرض رغم اتساع ".

يعتقد بعض النقاد أن سياق هذه الملاحظة يشير فقط إلى أن أرسطو نصح بأن اللجوء إلى مثل هذا القانون يمكن أن يفيد من الناحية الخطابية، خاصةً عندما يكون القانون " الخاص" لمدينة شخص ما يعارض القضية التي هي موضع الإجراء ، ولا يعني هذا أن هناك بالفعل قانون من هذا القبيل ؛ و يزعمون أيضا أن أرسطو اعتبر أن اثنين من المرشحين الثلاثة لقانون طبيعي صالح عالميًا منصوص عليه في هذه الفقرة على أنهما مخطئان. وبالتالي فإن أبوة أرسطو للتقليد المعروف بالقانون الطبيعي متنازع عليها.

القانون الطبيعي الرواقي

عدل

عادة ما يُعزى تطور هذا التقليد المعروف بالعدالة الطبيعية وتحوله إلى ما يعرف بالقانون الطبيعي إلى الرواقيين. حيث تزامن ظهور القانون الطبيعي كنظام عالمي مع ظهور إمبراطوريات وممالك كبيرة في العالم اليوناني. في حين أن القانون " الأعلى " الذي اقترح أرسطو أنه يمكن للمرء أن يلجأ إليه كان طبيعيًا بشكل قاطع ، وعلى النقيض من كونه نتيجة للتشريع الإلهي الإيجابي ، فإن القانون الطبيعي الرواقي لم يكن مبالي بالمصدر الطبيعي أو الإلهي للقانون: حيث أكد الرواقيون على وجود نظام عقلاني وهادف للكون (قانون إلهي أو أبدي) ، والوسائل التي يعيش بها الكائن العقلاني وفقًا لهذا النظام هي القانون الطبيعي ، الذي أوحى بالأفعال التي تتوافق مع الفضيلة. كما يشير المؤرخ الإنجليزي أ.ج. كارلايل (1861-1943)): لا يوجد تغيير مذهل جدا في اكتمال النظرية السياسية مثل التغيير من نظرية أرسطو إلى النظرة الفلسفية اللاحقة التي يمثلها شيشرون وسينيكا ... نعتقد أنه لا يمكن تمثيل هذا بشكل أفضل من ما يتعلق بنظرية المساواة بين الطبيعة البشرية. وعلى نحو مماثل يلاحظ تشارلز هـ.مكلوين أن " فكرة المساواة بين البشر هي المساهم الأساسي للرواقيين في الفكر السياسي ". وأن تأثيرها الأكبر يكمن في المفهوم المتغيرعن القانون الذي نتج عنها جزئيًا. ظهر القانون الطبيعي لأول مرة بين الرواقيين الذين يؤمنون بأن الله موجود في كل مكان وفي كل شخص . ووفقًا لهذا الاعتقاد ، يوجد لدى البشر "شرارة إلهية" تساعدهم على العيش وفقًا للطبيعة. وشعر الرواقيون أن هناك طريقة صُمم بها الكون ، وأن القانون الطبيعي ساعدنا على الانسجام مع هذا التصميم.

روما القديمة

عدل

كتب شيشرون في كتابه " القوانين " أن كلا من العدالة والقانون ينشأ مما أعطته الطبيعة للإنسانية ، ومن ما يتبناه العقل البشري ، ومن وظيفة الإنسانية ، ومما يخدم توحيد البشرية. وبالنسبة إلى شيشرون ، يُلزمنا القانون الطبيعي بالمساهمة في الصالح العام للمجتمع الأكبر. وأن الغرض من القوانين الوضعية هو توفير " السلامة للمواطنين ، والحفاظ على الدول ، والطمأنينة والسعادة للحياة البشرية ". من وجهة النظر هذه ، فإن " القوانين الفاسدة والظالمة " هي " أي شيء عدا " القوانين "، لأن " في تعريف مصطلح " القانون " نفسه هناك تلازم لفكرة ومبدأ اختيار ما هو عادل وصالح. وبالنسبة لشيشرون ، يجب أن يكون القانون مصلحًا للرذيلة ودافع للفضيلة. وأعرب شيشرون عن وجهة نظر مفادها أن " الفضائل التي يجب أن نزرعها ، تميل دائمًا إلى إسعادنا ، وأن أفضل وسيلة لتنميتها تتمثل في العيش مع الناس في ذلك الاتحاد التام والمحبة التي تعززها المنافع المتبادلة ".

وكتب في كتابه (في الدولة) : يوجد بالفعل قانون ، وهو العقل السليم، يتوافق مع الطبيعة ؛ موجود في الكل ، وغير قابل للتغيير ، وأبدي. يأمرنا بفعل الخير ، وينهنا عن فعل الشر. له سلطان على الأخيار ، ولكنه لا يملك أي تأثير على الأشرار. لا يمكن الاستعاضة عنه بأي قانون آخر ، ولا يمكن التخلي عن أي جزء منه ، ولا يمكن إلغاؤه بالكامل. لا يمكن للشعب ولا مجلس الشيوخ أن يعفو منه. إنه ليس شيئًا واحدًا في روما ، وشيء آخر في أثينا: أو أنه شيء واحد اليوم ، وشيء آخر غدًا ؛ لكنه أبدي وثابت لجميع الأمم وإلى الأبد.

كان لشيشرون تأثير في مناقشة القانون الطبيعي امتد لقرون عديدة لاحقة ، حتى خلال عصر الثورة الأمريكية. و كان الاجتهاد القضائي للإمبراطورية الرومانية متجذرًا في شيشرون ، الذي كان يحمل "قبضة استثنائية ... على خيال الأجيال اللاحقة " باعتبارها " وسيلة لنشر تلك الأفكار التي استرشد بها القانون ومؤسسات الإمبراطورية". وشق مفهوم شيشرون للقانون الطبيعي " طريقه إلى قرون لاحقة بشكل ملحوظ من خلال كتابات القديس إيزيدور من إشبيلية ومرسوم جراتيان. " و اقتبس توماس الأكويني ، في ملخصه للقانون الطبيعي في العصور الوسطى ، عبارة شيشرون بأن "الطبيعة" و "العرف" كانا مصادران لقوانين المجتمع.

أثنى المؤرخ الإيطالي في عصر النهضة ليوناردو بروني على شيشرون باعتباره الشخص "الذي حمل الفلسفة من اليونان إلى إيطاليا ، وأسقاها من نهر بلاغته الذهبي." وكانت الثقافة القانونية لإنجلترا الإليزابيثية ، التي يجسدها السيد إدوارد كوك، " متشربة من بلاغة شيشرون ." وعندما كان الفيلسوف الأخلاقي الاسكتلندي فرانسيس هتشسون طالبًا في غلاسكو ،" كان منجذب أكثر لشيشرون ، الذي كان يبدي إعجابه الكبير به دائمًا " وبشكل عام ففي القرن الثامن عشر في بريطانيا العظمى ، كان اسم شيشرون كلمة مألوفة بين المتعلمين. وبالمثل ، " فقد احتل شيشرون بإعجاب الأمريكيين الأوائل به مكانة مرموقة واعتبر خطيبا، ومنظر سياسي ، وصاحب أسوب، ومعلم للأخلاق."

دمج المجادل البريطاني توماس جوردون "شيشرون في التقليد العقائدي الجذري الذي سافر من البلد الأم إلى المستعمرات خلال القرن الثامن عشر وشكل بحزم الثقافة السياسية الأمريكية المبكرة." وقد اقتبس برلاماكي وصف شيشرون للقانون الطبيعي بأنه ثابت ،و أبدي ، وعالمي ، و كذلك اقتبسه لاحقًا العالم القانوني الثوري الأمريكي جيمس ويلسون. وأصبح شيشرون " النموذج الأول للخدمة الشعبية ، والقيمة الجمهورية ، والفصاحة القانونية " في نظر جون آدمز. وكتب آدامز عن شيشرون أنه " بما أن جميع العصور في العالم لم تخرج لنا رجل دولة وفيلسوفًا مجتمعان معا في نفس الشخص أعظم من شيشرون ، لذا يجب أن يكون له مكانته العظيمة وثقله " . صادف توماس جيفرسون شيشرون لأول مرة عندما كان تلميذًا أثناء تعلمه اللاتينية ، واستمر في قراءة رسائله وخطاباته طوال حياته.

لقد أعجب به كوطني ، وقدّر آرائه كفيلسوف أخلاقي ، ولا شك أنه نظر إلى حياة شيشرون ، مع حبه للدراسة والحياة الريفية الأرستقراطية ،واعتبره نموذج يقتدي به . "ووصف جيفرسون شيشرون بأنه " والد البلاغة والفلسفة ".

المسيحية

عدل

فقه القانون الطبيعي الكاثوليكي

عدل

يحمل العهد الجديد شرحًا إضافيًا للحوار الإبراهيمي ويرتبط بالإيضاح اليوناني اللاحق حول هذا الموضوع ، وذلك عندما تنص رسالة بولس الرسول لأهل رومية على: لأنه عندما تعمل الأمم التي لا قانون لها حسبما تملي لهم الطبيعة الأمور الواردة في القانون، فهؤلاء الناس الذين لا يتبعون أي قانون هم القانون أنفسهم: فهم أظهروا العمل الذي يقوم به القانون المكتوب داخل قلوبهم، وتشهد ضمائرهم به أيضًا ، وأفكارهم في الوقت ذاته إما أن تتهم أو تعذر بعضهم البعض ". المؤرخ الفكري أ. ج. وعلق كارلايل على هذه الفقرة قائلا : "لا شك أن كلمات القديس بولس تشير ضمنًا إلى مفهوم مشابه لـ" القانون الطبيعي " لدى شيشرون ، وهو قانون مكتوب في قلوب الناس، تعترف به عقولهم ، وهو قانون مختلف عن القانون الوضعي لأي دولة ، وعن ما اعترف القديس بولس على أنه قانون الله الموحى. وبهذا المعنى يتضح أن كلمات القديس بولس قد أخذ بها آباء القرنين الرابع والخامس مثل القديس هيلاري من بواتييه ، وسانت أمبروز ، والقديس أوغسطين ، ولا يبدو أن هناك سببًا يدعو للشك في صحة تفسيرهم. ونظرًا لوجود مصادر له في العهد القديم ، رأى آباء الكنيسة الأوائل ، ولا سيما أولئك الذين في الغرب ، أن القانون الطبيعي جزء من الأساس الطبيعي للمسيحية. ومن أبرز هؤلاء كان أوغسطينوس من هيبو ، الذي ساوى بين القانون الطبيعي وحالة ما قبل ظهور البشرية. وعلى هذا النحو ، لم تعد الحياة وفقًا للطبيعة البشرية غير المنقطعة ممكنة ، وكان الناس بحاجة بدلاً من ذلك إلى البحث عن الشفاء والخلاص من خلال القانون الإلهي ونعمة يسوع المسيح. كان القانون الطبيعي غائيًا بطبيعته ، ومع ذلك ، فهو بالتأكيد لا ينبع من الأخلاق.

بالنسبة للمسيحيين ، فإن القانون الطبيعي هو الكيفية التي يظهر بها البشر الصورة الإلهية في حياتهم. هذا التقليد لحياة الله من المستحيل تحقيقه إلا إذا أنعم الله علينا بالقوة للقيام به. وهكذا ، ففي حين أن الأنظمة الأخلاقية لا تتطلب سوى أداء واجبات معينة ، فإن المسيحية تنص صراحة على أنه لا يمكن لأي أحد ، في الواقع ، أداء أي واجبات إذا كان ينقصه النعمة الربانية التي تمكنه من القيام بها. بالنسبة للمسيحيين ، لا ينبع القانون الطبيعي من الأوامر الإلهية ، ولكن من حقيقة أن البشرية مخلوقة على صورة الله ، وأن النعمة الربانية هي التي تحكم البشرية. إن عيش القانون الطبيعي متمثل في الطريقة التي تعرض بها البشرية عطايا الحياة والنعم الربانية ، وعطايا الخير كله.

إن العواقب بيد الله ، وهي عموما ليست تحت سيطرة الإنسان ، وبالتالي فإنه في القانون الطبيعي ، يُحكم على الأفعال من خلال ثلاثة أمور: (1) نية الشخص ، (2) ظروف الفعل (3) طبيعة الفعل.

إن العاقبة الحسنة أو السيئة الظاهرة نتيجة الفعل الأخلاقي ليس لها علاقة بالفعل نفسه. لذلك فإن محتوى القانون الطبيعي المعين يتحدد من خلال الكيفية التي تعكس بها أفعال كل شخص حياة الحب الداخلية لله. بقدر ما يعيش المرء القانون الطبيعي ، فقد يتحقق له الارتياح الدنيوي وقد لا يتحقق له ، ولكنه سيحقق الخلاص لنفسه. فالدولة ، في ظل التزامها بالقانون الطبيعي ، يُنظر إليها على أنها مؤسسة هدفها المساعدة في إيصال رعاياها إلى طريق السعادة الحقيقية. السعادة الحقيقية تنبع من العيش بانسجام بعقل إلهي كصورة للإله الحي.

بعد الإصلاح البروتستانتي ، حافظت بعض الطوائف البروتستانتية على أجزاء من المفهوم الكاثوليكي للقانون الطبيعي.قام عالم اللاهوت الإنجليزي ريتشارد هوكر من كنيسة إنجلترا بتعديل المفاهيم التوماسية للقانون الطبيعي إلى المبادئ الخمسة للأنجليكانية وهي: العيش والتعلم والتكاثر وعبادة لله والعيش في مجتمع منظم.

الأخلاق

في القرن الثاني عشر ، ساوى جراتيان بين القانون الطبيعي والقانون الإلهي. وتناول ألبرتوس ماغنوس هذا الموضوع بعد قرن من الزمان ، وكذلك تلميذه القديس توما الأكويني في كتابه الخلاصة اللاهوتية. فقد أعاد القانون الطبيعي إلى حالته المستقلة ، مؤكداً أن القانون الطبيعي هو مشاركة المخلوق العقلاني في القانون الأبدي. ومع ذلك ، بما أن العقل البشري لا يستطيع أن يفهم القانون الأبدي تمامًا ، فقد كان بحاجة إلى أن يُستكمل بالقانون الإلهي الموحى. وفي هذه الأثناء; أرشد الأكويني الناس بأن جميع القوانين البشرية أو الوضعية يجب الحكم عليها من خلال توافقها مع القانون الطبيعي.

القانون الجائر ليس قانونًا بالمعنى الكلي للكلمة. إنه يحتفظ فقط بـ "مظهر" القانون بقدر ما يشكل ويفرض على الوجه المطلوب بنفس الطريقة التي يكون بها القانون العادل ، ولكنه في حد ذاته "تحريف للقانون". وفي هذه المرحلة ، لم يستخدم القانون الطبيعي فقط لإصدار حكم على القيمة الأخلاقية للقوانين المختلفة ، ولكن أيضًا لتحديد ما لذي عنته تلك القوانين في المقام الأول. ووضع هذا المبدأ بذرة التوتر المجتمعي المحتمل فيما يتعلق بالطغاة. وتحمل الكنيسة الكاثوليكية وجهة نظر القانون الطبيعي التي قدمها ألبرتوس ماغنوس والتي طورها توماس الأكويني ، خاصة في كتابه الخلاصة اللاهوتية ، والتي غالبًا ما تسللت إلى مدرسة سالامانكا. ويشارك وجهة النظر هذه أيضًا بعض البروتستانت ،وقد حددها بدقة الكاتب الأنغليكاني ج.س. لويس في أعماله (المسيحية الخالصة وإلغاء الإنسان) .

تدرك الكنيسة الكاثوليكية أن البشر يتكونون من الجسد والعقل ، الجزء الجسماني وغير الجسماني (أو ما يسمى بالروح) ، وأن الاثنين مرتبطان ارتباطًا وثيقًا. ويستطيع البشر تمييز الفرق بين الخير والشر لأن لديهم ضميرًا. وأن هناك العديد من مظاهر الخير التي يمكننا السعي وراءها. منها ، مثلا التكاثر، وهو أمر شائع لدى الحيوانات الأخرى ، بينما هناك مظاهر أخرى للخير ، كالسعي وراء الحقيقة ، وهو ميول خاص بقدرات البشر. ولمعرفة الصواب ، يجب على المرء أن يستخدم عقله ويطبق ما يفكر به عقله على مبادئ توما الأكويني. حيث يُعتقد أن هذا السبب متجسد، في أبسط أشكاله ، في مفهوم المبدأ الأساسي:

"يجب البحث عن الخير ، وتجنب الشر". يوضح القديس توما ذلك: هناك ينتمي إلى القانون الطبيعي ، أولاً ، بعض المبادئ العامة المعروفة للجميع ؛ وثانياً ، بعض المبادئ الثانوية والأكثر تفصيلاً ، وهي ، كما كانت ، استنتاجات ناتجة تقريبا من المبادئ الأولى. بالنسبة لهذه المبادئ العامة ، فإن القانون الطبيعي ، بصورته المجردة ، لا يمكن محوه من قلوب الناس. ولكنه يُمحى في حالة فعل معين ، وذلك طالما يُمنع العقل من تطبيق المبدأ العام على ممارسة معينة ، بسبب نزوة أو غيرها من الأهواء ، كما هو مذكور أعلاه. أما بالنسبة للمبادئ الأخر ، أي المبادئ الثانوية ، فيمكن محو القانون الطبيعي من قلب الإنسان ، إما عن طريق الإقناع الخبيث ، تمامًا كما يحدث في المسائل الفكرية من أخطاء فيما يتعلق بالاستنتاجات الضرورية ؛ أو عن طريق الأعراف الباطلة والعادات الفاسدة ، كما هو الحال بين بعض الناس ، فإن السرقة ، وحتى الرذائل غير السوية ، كما يقول رائد الإصلاح (رم.إ) ، لم تكن خطيئة. ومع ذلك ، يمكن محو المبادئ الثانوية على العكس من المبادئ الأولية والفورية التي لا يمكن محوها. لذلك فهي ، بالنسبة للنظرية الأخلاقية الواجبة ، يمكن أن تخضع لتفسيرات عديدة وتتمتع بمرونة أكثر على نحو مدهش . أي قاعدة تساعد البشرية على الالتزام بالمبادئ الأساسية أو الفرعية يمكن أن تكون مبدأ ثانويًا ، على سبيل المثال إدمان الخمر تصرف خاطئ لأن السكر مضر بصحة المرء ، والأسوأ من ذلك أنه يدمر قدرة المرء على التفكير ، الأمر الأساسي في البشر كونها مخلوقات عاقلة (أي أنه لا يدعم مبدأ الحفاظ على الذات). والسرقة تعتبر تصرف خاطئ لأنها تدمر العلاقات الاجتماعية ، فالبشر بطبيعتهم مخلوقات اجتماعية (أي أنها لا تدعم المبدأ الفرعي وهو العيش في مجتمع). يهتم القانون الأخلاقي الطبيعي بكل من التصرفات الخارجية والداخلية ، المعروفة أيضًا بالفعل والدافع. فمجرد القيام بأمور مستقيمة لا يكفي ؛ لكي تكون أخلاقيًا حقًا ، بل لابد من أن يمتلك المرء دافعا سليما أيضًا.فعلى سبيل المثال ، مساعدة سيدة عجوز لتعبر الطريق (وهذا تصرف خارجي جيد) لتثير إعجاب شخص ما ( وهذا تصرف داخلي سيء) يعتبر تصرفا خاطئ. ومع ذلك ، فإن النوايا الحسنة لا تؤدي دائمًا إلى تصرفات جيدة. يجب أن يتوافق الدافع مع الفضائل الأساسية أو اللاهوتية. وتُكتسب الفضائل الأساسية عن طريق العقل المتصل بالطبيعة ؛ وهي: 1. الحصافة 2. العدالة 3. الاعتدال 4. الثبات أما الفضائل اللاهوتية فهي: 1. الإيمان 2. الأمل 3. أعمال الخير ووفقًا للأكويني ، فإن افتقار أي من هذه الفضائل يعني افتقار القدرة على اتخاذ خيار أخلاقي. على سبيل المثال ، فكر في شخص يمتلك فضيلة العدالة والحصافة والثبات ، لكنه يفتقر إلى الاعتدال. بسبب افتقارهم لضبط النفس ورغبتهم في التمتع ، على الرغم من نواياهم الحسنة ، سيجدون أنفسهم يتأرجحون ويتمايلون عن طريق الأخلاق. في القرن السادس عشر ، طورت مدرسة سالامانكا (منهم الفيلسوف فرانسيسكو سواريز ، والكاتب فرانسيسكو دي فيتوريا ..إلخ) فلسفة القانون الطبيعي.

القانون الطبيعي الإسلامي

عدل

فيترا

عدل

أبو ريحان البيروني ، باحث وعالم ومتعدد الثقافات في العصور الوسطى ، فهم " القانون الطبيعي " على أنه بقاء الأصلح. ويذكر بأن العداوة بين البشر لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال قانون إلهي ، يعتقد أنه قد بعث به عدد من الأنبياء. ويقال أيضًا أن هذا هو الموقف العام لمدرسة الأشعري ، أكبر مدرسة للمذهب السني ، وكذلك ابن حزم. وبهذا المفهوم ، يُنظر إلى جميع " القوانين " على أنها ناشئة عن مواقف ذاتية مدفوعة بالمفاهيم الثقافية والتفضيلات الفردية ، وبالتالي فإن فكرة " الوحي الإلهي " يُبرر بأنه نوع من "التدخل الإلهي" الذي يحل محل القوانين الوضعية للبشر ، التي تُنتقد باعتبارها خاصة، بقانون وضعي إلهي واحد. وهذا ، مع ذلك، يستلزم أيضًا إمكانية إدراج أي شيء في " القانون الإلهي " كما هو الحال في " القوانين البشرية " ، ولكن على عكس الأخيرة ، يُنظر إلى "قانون الله" على أنه ملزم بغض النظر عن طبيعة الأوامر وذلك بحكم " مشيئة الله ": بما أن الله لا يخضع للقوانين والأعراف البشرية ، فقد يأمر بما يشاء كما يفعل ما يشاء. تفترض مدرسة ماتوريدي ، ثاني أكبر مدرسة للمذهب السني، وكذلك المعتزلة ، وجود شكل من أشكال القانون الطبيعي أو "الموضوعي" الذي يمكن للبشر فهمه. وذكر أبو منصور المطوريدي أن العقل البشري يمكن أن يدرك وجود الله و مظاهر "الخير" و "الشر" الأساسية دون مساعدته على ذلك عن طريق الوحي. ويضرب الماتوريدي مثالا ألا وهو السرقة التي يعتقد أن العقل وحده يدرك أنها من أعمال الشر بسبب أن الناس يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على ممتلكاتهم. وبالمثل ، فإن القتل والفجور والسكر كلها "شرور يمكن تمييزها" و يمكن للعقل البشري إدراكها بحسب قول ماتوريدي.

وبالمثل ، كتب ابن رشد في أطروحته عن العدل والجهاد وفي تعليقه على كتاب جمهورية أفلاطون ، أن العقل البشري يمكن أن يدرك عدم مشروعية القتل والسرقة وبالتالي المقاصد الخمسة في الشريعة الإسلامية، وهي حماية الدين والنفس والمال والعرض والعقل. وقد أثرت تعليقاته الأرسطية أيضًا على الحركة الرشدية اللاحقة وكتابات توماس الأكويني.

كما ذكر ابن قيم الجوزية أن العقل البشري يمكن أن يميز بين "الذنوب الكبيرة" و "الأعمال الصالحة". [بحاجة لمصدر] ومع ذلك ، فقد شدد ، مثل ابن تيمية ، على قوة "الوحي الإلهي" وأكد أنه يجب اتباعه حتى لو "بدا" أنه يتعارض مع العقل البشري ، على الرغم من أنه شدد على أن معظم "أوامر الله" ، إن لم يكن كلها ، تعتبر منطقية (أي يقبلها العقل) وهي نافعة للبشر في هذه الحياة الدنيا وفي الأخرة. يحمل مفهوم الاستصلاح في الشريعة الإسلامية بعض أوجه التشابه مع تقاليد القانون الطبيعي في الغرب ، كما جسدها توماس الأكويني. ومع ذلك ، لما كان القانون الطبيعي يعتبر أمر ما من الضروريات إذا كان بديهيا أمر ضروري، وهو بذلك يميل نحو تحقيق الشخص ، فإن الاستصلاح عادة يدعو أي أمر بأنه ضروري إذا كان يتعلق بواحدة من "الضروريات الأساسية" الخمسة.

حاول العديد من الفقهاء واللاهوتيين والفلاسفة تلخيص هذه "الضروريات الأساسية والجوهرية" من المبادئ القانونية. فالغزالي ، على سبيل المثال ، عرفهم بأنهم الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل، والمال ، بينما أضاف آخرون "العرض" أيضًا.

قانون بريون

عدل

يذكر القانون الأيرلندي المبكر أو ما يسمى ب (التقليد العظيم) القانون الطبيعي في عدد من المواضع . وهو مفهوم يسبق النظرية القانونية الأوروبية ، ويعكس نوعًا من القانون العالمي و الذي يمكن أن يتحدد عن طريق العقل ومراقبة التصرف الطبيعي. ويحدد نيل ماكليود المفاهيم التي يجب أن يتفق معها القانون وهي: الحقيقة والحق أو( الاستحقاق). حيث يتكرر استخدام هذين المصطلحين، على الرغم من أن القانون الأيرلندي لا يعرّفهما تعريفا دقيقا. وبالمثل ، فإن مصطلح (قانون وفقًا للاتجاه الصحيح) كان يستخدم في بعض المواضع ، وحتى في عناوين بعض النصوص. وكان هذان مفهومين حقيقيين للغاية بالنسبة للفقهاء وكان من الواضح إمكانية التحقق من قيمة حكم معين يتصل بهما. واقترح ماكليود أيضًا أن معظم القوانين المحددة المذكورة قد اجتازت امتحان الزمن وبالتالي أُكد على صحتها ، في حين أن الأحكام الأخرى سوغ لها بطرق أخرى لأنها حديثة الظهور ولم تُختبر بمرور الوقت. وكانت القوانين مكتوبة بأقدم لهجة من لهجات اللغة الأيرلندية ، تسمى البيرلافيينية، التي كانت صعبة للغاية في ذلك الوقت لدرجة أنه كان يجب على الأشخاص الذين كانوا على وشك أن يصبحوا بريونيون دراستها على نحو خاص، وكانت تستغرق المدة الزمنية من بداية دراستها إلى أن يصبح الواحد منهم عالم بريوني في العادة 20 عامًا. وعلى الرغم من أنه بموجب القانون يمكن لأي شخص ثالث أداء الواجب إذا وافق الطرفان ، وكان كلاهما عاقلاً. فقد أدرجت في ثقافة فرعية انفصالية إثنوكلتية ، على أنها تحتوي على صبغة دينية وتسمح حرية التعبيرالديني باستخدامها مرة أخرى كنظام صالح في أوروبا الغربية.

الفقه الإنجليزي

عدل

علق هاينريش أ.رومن على "الإصرار الذي به احتفظت روح القانون العام الإنجليزي بمفاهيم القانون الطبيعي والإنصاف الذي استوعب خلال العصور الوسطى الكاثوليكية" ، قائلا : " كل الشكر لتأثير كل من هنري دي براكتون (د.والسيد جون فورتسكو ".و" يلاحظ مترجم بركتون أن بركتون" كان فقيهًا مدربًا واضعا في عين اعتباره مبادئ وتمييزات الفقه الروماني "؛ لكن بركتون قام بتكييف مثل هذه المبادئ مع الأغراض الإنجليزية بدلاً من أن ينقلها نقل الأعمى. خصوصا عندما قلب رأس على عقب المثل الروماني القائل بأن "إرادة الأمير هي قانون" ، مشددا على أن الملك يخضع للقانون. وقد لفت انتباه المؤرخ القانوني تشارلز إف موليت "تعريف بركتون الأخلاقي للقانون ، واعترافه بالعدالة ، و" أخيرًا تمسكه بالحقوق الطبيعية. " وفي تعريفه للعدالة اقتبس بركتون من الفقيه الإيطالي في القرن الثاني عشر آزو " أن العدالة هي الإرادة الثابتة والمستمرة لإعطاء كل ذي حق حقه". حيث كان عمل بركتون الأطروحة القانونية الثانية التي درسها المحامي الشاب المتدرب توماس جيفرسون. وشدد فورتسكو على "الأهمية القصوى لقانون الله والطبيعة" في الأعمال التي " أثرت بعمق في مسار التطور القانوني في القرون اللاحقة". و أشار الباحث القانوني إليس ساندوز إلى أن " القانون القديم تاريخيًا والأعلى من الناحية الوجودية - الأبدي ، و الإلهي ،و الطبيعي - نسجت جميعها لتكون معاً بنية واحدة متجانسة في وصف فورتسكو للقانون الإنجليزي. كما ويوضح المؤرخ القانوني نورمان دو: "يتبع فورتسكو النمط العام الذي وضعه الأكويني ". وأن هدف كل مشرع هو ترغيب الناس بالفضيلة. وهذا يتحقق عن طريق القانون. وكان تعريف فورتسكو للقانون (الموجود أيضًا في أكورشيوس وبراكتون) ، على أية حال، " هو عقوبة مقدسة تأمر بما هو فاضل [صادق] وتمنع كل رذيل ". و استشهد فورتسكو بعبارة الإيطالي العظيم ليوناردو بروني ألا وهي أن" الفضيلة وحدها تحقق السعادة ".

كان كتاب كريستوفر سانت جيرمان (الدكتور و الطالب) من الكتب التقليدية في الفقه الإنجليزي ، وقد علق توماس جيفرسون على ذلك بوضوح . ويخبر سان جيرمان قراءه بأن المحامين الإنجليز عمومًا لا يستخدمون عبارة " قانون الطبيعة " ، بل يفضلون استخدام كلمة " العقل " كمرادف لها. و يلاحظ نورمان دو أن وجهة نظر سانت جيرمان "هي أساسًا توماوية" ، أي أنها مقتبسة من تعريف توماس الأكويني للقانون على أنه " تشريع ناتج عن العقل ووضع من أجل الصالح العام من قبل المسؤول عن المجتمع ، وأُعلن عنه"

كان السيد إدوارد كوك الفقيه البارز في عصره. وذاع صيته في العديد من الأرجاء المعمورة: "بالنسبة للقادة الثوريين الأمريكيين ، فإن" القانون "يعني اصطلاح السيد إدوارد كوك والعقل الصحيح." وقد عرف كوك القانون بأنه "العقل المثالي ، الذي يأمر بالأمور الصحيحة والضرورية والذي يحظر الأمور التي تخالفها " ، وبالنسبة لكوك فقد حددت الطبيعة البشرية الغرض من القانون ؛ وكان القانون يتفوق على عقل أي شخص أو إرادته . وتظهر مناقشة كوك للقانون الطبيعي في تقريره عن قضية كالفن عام (1608): " قانون الطبيعة هو القانون الذي غرسه الله وقت خلق الطبيعة البشرية في قلوب البشر ، من أجل حفظهم وتوجيههم". ففي هذه الحالة ، وجد القضاة أن "الإيمان بالمسألة واجب على الملك بموجب قانون الطبيعة: ثانيًا ، أن قانون الطبيعة جزء من قانون إنجلترا: ثالثًا ، أن قانون الطبيعة كان يسبق أي قانون قضائي أو محلي: رابعًا ، أن قانون الطبيعة غير قابل للتغيير ".

ولدعم هذه النتائج ، استشهد القضاة المجتمعون (كما أفاد كوك بذلك ، الذي كان واحدا منهم) بأقوال الذين يعتبرونهم مراجع قانونية وهم أرسطو وشيشرون والرسول بولس ؛ بالإضافة إلى بركتون وفورتيسكو وسانت جيرمان. كان السيد ماثيو هيل أشهر فقيه قانون في القرن السابع عشر بعد كوك . وكتب هيل أطروحة عن القانون الطبيعي تداولها العديد من المحامين الإنجليز في القرن الثامن عشر ، وهي موجودة في ثلاث نسخ من المخطوطات. ونشرت أطروحة القانون الطبيعي هذه تحت عنوان "قانون الطبيعة" (2015). و تعريف هيل للقانون الطبيعي هو: " إنه قانون الله العظيم الذي وهبه للإنسان ليكتشف بطبيعته الأخلاق الحسنة و الأخلاق السيئة للتصرفات الأخلاقية ، وهو يأمر بحسن الخلق ، وينهى عن سوء الأخلاق عن طريق ذلك الصوت الخفي أو الآمر لطبيعته الراسخة ، أوصوت عقله، أو صوت ضميره. " فقد نظر إلى القانون الطبيعي على أنه سابق للحكومة المدنية، وممهد لها ، وتابع لها ، وذكر أن القانون الإنساني " لا يمكن أن يمنع ما يأمر به قانون الطبيعة ، ولا يأمر بما يمنعه قانون الطبيعة ". كما استشهد بالمراجع القانونية أفلاطون وأرسطو وشيشرون وسينيكا وإبكتيتوس والرسول بولس. وكان ينتقد هوبز في قصره للقانون الطبيعي على الحفاظ على الذات وتفسير هوبز لحالة الطبيعة ، لكنه انجذب لكتاب هوجو غروتيوس ( قانون الحرب والسلام )، وأطروحة فرانسيسكو سواريز (القوانين والمشرع الإلهي) ، وكتاب جون سيلدين ( الحق الطبيعي وتقييم الناس للتعليمات) .

وفي وقت مبكر من القرن الثالث عشر ، اعتبر أن " قانون الطبيعة هو أساس جميع القوانين ..." واعتبر المستشارون والقضاة أن " قانون الطبيعة يقتضي أنه يجب على كل شخص ، قبل إمكانية إلحاق عقوبة به ، أن يكون حاضرًا ، وإذا كان غائبًا من باب العصيان ، فيجب استدعاؤه واعتباره مقصرا بالتزاماته القانونية ". وعلاوة على ذلك ، وجدنا أنه في عام 1824 ، اعتبر أن "الإجراءات في محاكمنا تستند إلى قانون إنجلترا ، وأن هذا القانون يستند مرة أخرى إلى قانون الطبيعة وقانون الله الموحى. وإذا كان الحق المطلوب إنفاذه يتعارض مع أيٍّ من هذين القانونين ، فلا يمكن للمحاكم المحلية الإنجليزية الاعتراف به ".

توماس هوبز

عدل

بحلول القرن السابع عشر ، تعرضت وجهة النظر الغائية في العصور الوسطى لانتقادات شديدة من بعض الجهات. وأسس توماس هوبز بدلاً من ذلك نظرية تعاقدية للوضعية القانونية حول ما يمكن أن يتفق عليه جميع البشر: ما يسعون إليه (السعادة) كان موضع جدل ، ولكن يمكن أن يتشكل توافق عام حول ما يخشونه (الموت العنيف على يد شخص آخر). كان القانون الطبيعي عبارة عن الكيفية التي يتصرف بها الإنسان العقلاني ، الساعي إلى البقاء والازدهار. لذلك ، اكتشف القانون الطبيعي من خلال النظر في الحقوق الطبيعية للبشرية ، في حين أنه سابقاً كان يمكن القول بأن الحقوق الطبيعية اكتُشفت من خلال النظر في القانون الطبيعي. حسب رأي هوبز ، فإن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يسود بها القانون الطبيعي هي أن يخضع الناس لأوامر الحاكم. لأن المصدر الأساسي للقانون الآن ينبع من الحاكم ، ولا يجب أن ترتكز قرارات الحاكم على الأخلاق ، وبالتالي تُولد الوضعية القانونية. وأدت تعديلات جيريمي بينثام على الوضعية القانونية إلى تطوير النظرية أكثر.

إن القانون الطبيعي كما استخدمه توماس هوبز في أطروحاته (ليفياثان) و(دي سيف) ، هو "مبدأ ، أو قاعدة عامة ، أكتشفها العقل ، ومن خلالها يُحظر على الإنسان أن يفعل ما يدمر حياته ، أو يسلب وسائل المحافظة عليها ؛ أو أن يهمل ما يعتقد أنه أفضل شئ يمكن أن تصان به حياته ". ووفقًا لهوبز ، هناك تسعة عشر قانونًا. فالأول والثاني شرح في الفصل الرابع عشر من أطروحته (ليفياثان) بعنوان ( " القانون الطبيعي الأول والثاني ؛ والعقود") ؛ وأما البقية فقد شرحت في الفصل الخامس عشر بعنوان (" القوانين الطبيعة الأخرى") القانون الأول للطبيعة هو أن كل إنسان يجب أن يسعى إلى السلام ، بقدر ما يأمل في الحصول عليه ؛ وعندما لا يتمكن من الحصول عليه ، فإنه قد يسعى للحرب ويستفيد من كل مزاياها ومنافعها. أما القانون الثاني للطبيعة فهو أن يكون الإنسان على استعداد ، عندما يكون الآخرون على استعداد كذلك ، ومن أجل الحاجة إلى السلام والدفاع عن نفسه بأن يضع هذا الحق في كل شيء ؛ وأن يرضى بالكثير من الحرية ضد الآخرين ، كما سيسمح للآخرين بأن يكونوا ضده. وأما القانون الثالث فهو أن يوفي الناس بعهودهم. في قانون الطبيعة هذا يتشكل ينبوع العدل وأصله ... وذلك عندما يوفى بالعهد ، ونقض العهد يعتبر ظلما، وتعريف الظلم ليس سوى عدم الوفاء بالعهود. وكل ما هو ليس بظلم فهو عدل. والقانون الرابع هو أن الإنسان الذي يحصل على منفعة من شخص أخر عن حسن نية، حيث سعى الأخر لإعطائه إياها، فليس للأول أن يجعل الأخر يندم على حسن صنيعه معه.ويسمى خرق هذا القانون بنكران الجميل. والقانون الخامس هو لين الجانب، أي أن يسعى كل إنسان ليكيف نفسه مع الآخرين. ويمكن أن يسمى الناظرين في هذا القانون بالاجتماعيين ؛ أما الصادين عنه فيمكن تسميتهم بالعنيدين ، وغير الاجتماعيين، والمتعصبين ، والعسيرين. و القانون السادس فهو أنه عند التحذير من اليوم الأخر يجب على الإنسان أن يغفر الإساءات السابقة التي تعرض لها من غيره التائبين منها والراغبين بالعفو. والقانون السابع هو أنه عند الانتقام ، على الناس أن لا تنظر إلى عظمة الجرم المقترف ، بل إلى عظمة الخير الذي يجب أن يتبعه. والقانون الثامن هو أنه يجب على الإنسان أن لا يصرح بكراهيته أو ازدراء ه للآخر بفعل أو قول أو مظهر أو حركة. ويُطلق على خرق القانون هذا عادةً بالازدراء. والقانون التاسع هو أن يعترف كل إنسان بأن غيره مساو له بموجب الطبيعة. وخرق هذه المبدأ يسمى بالكبرياء. والقانون العاشر هو أنه عند الشروع في وضع شروط للسلام ، لا يجوز لأي إنسان أن يطلب الاحتفاظ بأي حق لنفسه ، وأن الشيء الذي لا يرضيه لا يرضي الآخرين أيضاً.و خرق هذه المبدأ يسمى بالغطرسة ، ويطلق على الناظرين في هذا المبدأ بالمتواضعين. والقانون الحادي عشر هو أنه إذا كان المرء مؤتمنًا على أن يحكم بين شخصين ، فعليه أن يحكم بينهم بالعدل. والقانون الثاني عشر هو أن الأشياء التي لا يمكن تقسيمها ، يُتشارك في الاستمتاع بها، إذا أمكن ذلك ؛ وإذا سمحت كمية الشيء ، دون قيد ؛ أو تقيد بما يتناسب مع عدد أصحاب الحقوق. والقانون الثالث عشر هو إما الحق كاملاً، أو لا ... يجب تحديد الحيازة الأولى (في حالة الاستخدام المتناوب) لشيء لا يمكن تقسيمه أو الاشتراك في الاستمتاع به عن طريق القرعة. والقانون الرابع عشر هو أن الأشياء التي لا يمكن التمتع بها بشكل مشترك أو تقسيمها يجب أن يُحكم بها للمالك الأول لها ؛ وفي بعض الحالات للشخص الذي يقترع ويفوز بها من أول قرعة. والقانون الخامس عشر هو أن يُسمح بأن يعامل جميع الناس الذين يتوسطون من أجل السلام معاملة حسنة. والقانون السادس عشر هو أن يخضع أصحاب الخلاف في سبيل نيل حقوقهم لحكم القاضي .و القانون السابع عشر هو أنه لا ينبغي لأحد يخول نفسه قاضيا ليحكم في قضيته. والقانون الثامن عشر هو أنه لا ينبغي لأحد أن يعمل كقاضي في قضية إذا كان من الواضح له أنه سينال ربحًا عظيما أو شرفًا أواستحسانا من انتصار أحد الطرفين دون الآخر. أما القانون التاسع عشر هو أنه في حالة معارضة واقعة ، فإنه لا ينبغي للقاضي أن يعطي شهادة أحد الطرفين وزناً أكبر من شهادة الآخر ، وفي حالة عدم وجود أدلة أخرى ، ينبغي عليه أن يستمع لشهادة الشهود الآخرين.

وتتضمن فلسفة هوبز هجومًا مباشرًا على المبادئ التأسيسية للتقليد القانوني الطبيعي السابق ، متجاهلة الارتباط التقليدي للفضيلة بالسعادة ، وبالمثل تعيد تعريف "القانون" لتمحو أي فكرة تعزز للصالح العام. وهوبز لا يحتاج إلى أن يربط بين الطبيعة والكمال البشري كما فعل أرسطو، فهو يقلب كلمة " الطبيعة " التي يستخدمها أرسطو.

يفترض هوبز وجود حالة طبيعة فطرية وغير مترابطة موجودة لدى البشر " بها يميلون طبيعيا ... لإيذاء بعضهم البعض و يشعرون " أيضًا " بأن لهم الحق في كل شيء ، حتى في جسد الغير " ؛ و " لا شيء يمكن أن يعد من الظلم "في هذه " الحرب " التي يشنها كل إنسان ضد أخيه الإنسان الأخر " حيث تتسم فيها حياة الإنسان "بالانعزال ، والفقر، والقذارة ، والوحشية ، وبأنها قصيرة." و يرفض هوبز وجهة نظر شيشرون القائلة بأن الناس ينضمون إلى المجتمع في المقام الأول من خلال "روح اجتماعية معينة غرستها الطبيعة في الإنسان" ويؤكد هوبز أن الرجال ينضمون إلى المجتمع ببساطة من أجل " إخراج أنفسهم من حالة الحرب البائسة تلك ، والتي هي بالضرورة نتيجة ... المشاعر الطبيعية عند البشر ، عندما لا يكون هناك قوة مرئية تبقيهم في حالة من الرهبة. " وكجزء من حملته ضد الفكرة النمطية عن التواصل البشري الطبيعي ، يقلب هوبز هذا المبدأ القانوني الطبيعي الأساسي ، القاعدة الذهبية.

فهوبز يقول حسب الرواية المنقولة عنه "لا تفعل شيئاً لشخص آخر ، شيئا أنت لم يسبق لك أن فعلته لنفسك. وكتب رجل الدين الإنجليزي ريتشارد كمبرلاند ما يتضمن هجوما مطولًا ومؤثرًا فيما يتعلق بوصف هوبز للمصلحة الشخصية الفردية بأنها سمة أساسية للدوافع البشرية. ولاحظ المؤرخ كنود هاكونسن أنه في القرن الثامن عشر ، شاع وضع كمبرلاند جنبًا إلى جنب مع ألبيريكو جينتيلي ، وهوغو غروتيوس وصمويل بوفيندورف "في سلطة الثلاثة لمؤسسي المدرسة" الحديثة " للقانون الطبيعي" في القرن السابع عشر. ومن الواضح أن مصدر الإلهام لفلاسفة القرن الثامن عشر شافتسبري وهتشسون " كان جزئيا كمبرلاند ". وبالمثل يصف المؤرخ جون باركين عمل كمبرلاند بأنه " أحد أهم أعمال النظرية الأخلاقية والسياسية في القرن السابع عشر." و يلاحظ باركين أن الكثير من المواد العلمية لكمبرلاند "مشتقة من الرواقية الرومانية ، لا سيما من عمل شيشرون ، حيث " طرح كمبرلاند عمداً مشاركته مع هوبزعلى هيئة مناظرة لشيشرون بين الرواقيين ، الذين اعتقدوا أن الطبيعة يمكن أن تزودنا بالأخلاق المنشودة ، والأبيقوريون ، الذين جادلوا بأن الأخلاق هي أمر إنساني وتقليدية وذات مصلحة ". وبذلك ، قلل كمبرلاند من أهمية تراكب العقيدة المسيحية (على وجه الخصوص ، عقيدة "الخطيئة الأصلية" والافتراض المشابه بأن البشر غير قادرين على "إستكمال" أنفسهم دون تدخل إلهي) الذي تفشى في القانون الطبيعي في العصور الوسطى.


دحض كمبرلاند لهوبز

عدل

على النقيض من تعدد قوانين هوبز ، ينص كمبرلاند في الجملة الأولى من أطروحته عن قوانين الطبيعة على أن "جميع قوانين الطبيعة قد اختُزلت في قانون واحد مختص بالإحسان تجاه جميع العقلانيات". ويوضح لاحقًا: "باسم العقلانيات ، أتوسل إليكم أن أفهم ،وذلك الرب والإنسان ؛ وأنا أفعل ذلك بناء على تأثير شيشرون."

يجادل كمبرلاند بأن التطور التام ("الكمال") للطبيعة البشرية يتضمن رغبة الفرد البشري بالصالح العام والعمل من أجله . وبالنسبة إلى كمبرلاند ، فإن الاعتماد المتبادل بين البشر يستبعد الحق الطبيعي لكل فرد في شن حرب ضد البقية من أجل البقاء الشخصي من وجهة نظر هوبز. ومع ذلك ، يحذر هاكونسن من اعتبار كمبرلاند مؤيدًا لـ "المصلحة الذاتية الواضحة". بدلاً من ذلك ، فإن "الحب الأخلاقي اللائق للإنسانية" هو "حب نزيه للرب من خلال حب الإنسانية في أنفسنا وكذلك في الآخرين. ويستنتج كمبرلاند إلى أن الأفعال" التي تفضي أساسًا إلى سعادتنا "هي تلك التي تعزز" تشريف الله وتمجيده " "وكذلك" الإحسان والعدالة للناس". ويؤكد كمبرلاند على أن الرغبة في رفاهية أقراننا من البشر هو أمر أساسي" لمواصلة سعادتنا الخاصة. ويستشهد بـ "العقل" باعتباره مرجعًا لاستنتاجه يذكر فيه أن السعادة تكمن في "الإحسان الأكثر شمولاً" ، و لكنه يذكر أيضًا أن "المكونات الأساسية للسعادة" هي " مشاعر الخير"، أي " المحبة والإحسان للآخرين" وكذلك "ذلك الفرح الذي ينبع من سعادتهم".

الفقه الأمريكي

عدل

ينص إعلان الاستقلال على أنه أصبح من الضروري لشعب الولايات المتحدة أن يتولى "المركز المستقل والمتساوي الذي تخوله لهم قوانين الطبيعة وإله الطبيعة". أدرك بعض المحامين والقضاة الأمريكيين الأوائل أن القانون الطبيعي ضعيف للغاية وغير منظم و زائل كأساس قانوني لتأسيس حقوق ملموسة وقيود حكومية. ومع ذلك ، كان القانون الطبيعي بمكانة سلطة للمطالبات القانونية والحقوق في بعض القرارات القضائية ، والقوانين التشريعية ، والأحكام القانونية. و يجادل روبرت لوري كلينتون بأن دستور الولايات المتحدة يقوم على أساس قانون عام والقانون العام ، بدوره ، يقوم على أساس القانون الطبيعي القديم.

القانون الطبيعي الليبرالي الأوربي

عدل

نشأ القانون الطبيعي الليبرالي من نظريات القانون الطبيعي المسيحية في العصور الوسطى ومن تنقيح هوبز للقانون الطبيعي ، وأحيانًا توجد صعوبة في أن يبقى في توازن بين الاثنين.

أسس السيد ألبيريكو جينتيلي وهوجو غروتيوس فلسفاتهما حول القانون الدولي على القانون الطبيعي. وعلى وجه الخصوص ، ناشدت كتابات غروتيوس حول حرية البحار ونظرية الحرب العادلة القانون الطبيعي بشكل مباشر. وكتب عن القانون الطبيعي نفسه ، أنه "حتى إرادة كائن كلي القدرة لا يمكن أن تغير أو تلغي" القانون الطبيعي " ، الذي " من شأنه أن يحافظ على صلاحيته الموضوعية حتى لو افترضنا المستحيل ، أو أنه لا يوجد إله أو أنه لا يهتم بالشؤون الإنسانية ". (قانون الحرب والسلام ، Prolegomeni 11). وهذه هي الحجة الشهيرة (وليس الله) ،التي جعلت القانون الطبيعي لم يعد يعتمد على اللاهوت . ومع ذلك ، اختلفا مؤرخا الكنيسة الألمانيين إرنست وولف وم. إلز وادعا أن مفهوم غروتيوس للقانون الطبيعي له أساس لاهوتي. من وجهة نظر غروتيوس ،يتضمن كتاب العهد القديم مبادئ أخلاقية (على سبيل المثال الوصايا العشر) التي أكدها المسيح وبالتالي كانت لا تزال صالحة. علاوة على ذلك ، فقد أفادت في شرح محتوى القانون الطبيعي. ونشأ كل من الوحي الإنجيلي والقانون الطبيعي في الله ، وبالتالي لا يمكن أن يناقضا بعضهما البعض.

وبطريقة مماثلة ، فقد أعطى صمويل بوفيندورف القانون الطبيعي أساسًا لاهوتيًا وطبقه على مفاهيمه حول الحكومة والقانون الدولي. دمج جون لوك القانون الطبيعي في العديد من نظرياته وفلسفته ، خاصة في (رسالتان في الحكم المدني). وهناك جدل كبير حول ما إذا كان مفهومه للقانون الطبيعي أقرب إلى مفهوم الأكويني (وهو ما رشحه ريتشارد هوكر) أو إلى التفسير الجذري المعاد من قبل هوبز ، على الرغم من أن تأثير فهم لوك يُصاغ عادة على هيئة مراجعة لهوبز فيما يتعلق بالأسس التعاقدية الهوبزية. وقد قلب لوك قانون هوبز قائلاً إنه إذا خالف الحاكم القانون الطبيعي وفشل في حماية "الحياة والحرية والممتلكات" ، يمكن للناس أن يطيحوا بالدولة القائمة ويخلقون دولة جديدة. بينما تحدث لوك بلغة القانون الطبيعي ، كان محتوى هذا القانون إلى حد كبير يحمي الحقوق الطبيعية ، وكانت هذه اللغة هي التي فضلها المفكرون الليبراليون لاحقًا. وأشار الفيلسوف السياسي جيريمي والدرون إلى أن فكر لوك السياسي كان قائمًا على " مجموعة معينة من الافتراضات المسيحية البروتستانتية ". بالنسبة للوك ، كان محتوى القانون الطبيعي مطابقًا لأخلاقيات الكتاب المقدس على النحو المنصوص عليه بشكل خاص في الوصايا العشر ، وتعاليم المسيح وحياته النموذجية ، ووصايا القديس بولس. اشتق لوك مفهوم المساواة الإنسانية الأساسية ، بما في ذلك المساواة بين الجنسين (" آدم وحواء ") ، من كتاب التكوين 1 ، 26-28 ، نقطة البداية للعقيدة اللاهوتية لإيماغو دي. و تتمثل إحدى النتائج في أنه نظرًا لأن جميع البشر خلقوا أحرارًا على قدم المساواة ، تحتاج الحكومات إلى موافقة المحكومين. وناشد توماس جيفرسون ، الذي يردد صدى لوك ، بالحقوق غير القابلة للتصرف في إعلان الاستقلال ، "إننا نعتبر هذه الحقائق بديهية ، وأن جميع البشر خلقوا متساوين ، وأن خالقهم منحهم حقوقًا معينة غير قابلة للتصرف ، من بينها حق الحياة والحرية ومواصلة السعادة. وكانت فكرة لوكيان بأن الحكومات بحاجة إلى موافقة المحكومين أساسية أيضًا لإعلان الاستقلال ، حيث استخدمها الثوار الأمريكيون لتسويغ انفصالهم عن التاج البريطاني.

يعد فيلسوف القانون البلجيكي فرانك فان أحد أولئك الذين يطورون مفهومًا علمانيًا للقانون الطبيعي في التقليد الليبرالي. ويجادل المنظر التحرري موراي روثبارد بأن "وجود قانون طبيعي اكتشف عن طريق العقل هو تهديد قوي محتمل للوضع الراهن وتوبيخ دائم لعهد العادات التقليدية العمياء أو الإرادة التعسفية لجهاز الدولة". صرح لودفيج فون ميزس أنه أعاد نقل الأسس الاجتماعية والاقتصادية العامة للعقيدة الليبرالية إلى النفعية ، بدلاً من القانون الطبيعي ، لكن ر.أ . يجادل غونسي بأن "حقيقة الحجة التي تشكل نظامه تطغى على إنكاره". ومع ذلك ، يقول موراي روثبارد أن غونسي يرتكب الكثير من الأخطاء والتحريفات في تحليل أعمال ميزس ، بما في ذلك خلق التباسات حول المصطلح الذي استخدمه ميزس للإشارة إلى القوانين العلمية ، " قوانين الطبيعة " ، قائلاً بأنها تصف ميزس على أنه فيلسوف قانون طبيعي. ويلاحظ ديفيد جوردون ، "عندما يتحدث معظم الناس عن القانون الطبيعي ، فإن ما يدور في أذهانهم هو الجدل القائل بأن الأخلاق يمكن أن تشتق من الطبيعة البشرية. إذا كان البشر مخلوقات عاقلة من نوع كذا وكذا ، فإن الفضائل الأخلاقية هي ... (ملء الفراغات هو الجزء الصعب). قال عالم الاقتصاد والفيلسوف ف.أ حايك أنه في الأصل استخدم مصطلح "طبيعي" لوصف نظام أو انتظام لم يكن نتاج إرادة بشرية متعمدة. واستخدامه مع مصطلح "الكائن الحي" أدى إلى أن يكون أحد المصطلحين الذين فهما عمومًا للإشارة إلى النامي تلقائيًا على النقيض من ذلك الذي هو مخترع أو مستحدث. وكان استخدامه بهذا المعنى موروثًا من الفلسفة الرواقية ، وقد أنعش في القرن الثاني عشر ، وفي النهاية طور تحت رايتها فلاسفة المدارس الإسبانية الراحلون أسس نشأة وعمل المؤسسات الاجتماعية التي تشكلت تلقائيًا . إن فكرة أن مصطلح "طبيعي" كان نتاج استحداث العقل" ما هي إلا نتاج إعادة تفسير لقانون الطبيعة من صاحب مذهب عقلاني في القرن السابع عشر. لويس مولينا ، على سبيل المثال ، عندما أشار إلى السعر "الطبيعي" ، أوضح أنه "يسمى كذلك لأنه" ناتج عن الشيء نفسه دون اعتبار للقوانين والأوامر ، ولكنه يعتمد على العديد من الظروف التي تغيره ، مثل أراء الناس ، وتقديرهم للاستخدامات المختلفة ، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة للأهواء والملذات ". وحتى جون لوك ، عندما تحدث عن أسس القانون الطبيعي وشرح ما كان يعتقده عند الاستشهاد بـ "العقل" ، حيث قال: " ومع ذلك ، لا أعتقد أن المقصود هنا هو أن ملكة الفهم التي تشكل أثرًا للفكر وتستنتج البراهين ، ولكن بعض المبادئ المحددة للفعل تنبثق منها جميع الفضائل وكل ما هو ضروري للتشكيل الصحيح للأخلاق".

كان هذا النهج المناهض للعقلانية في الشؤون الإنسانية ، بالنسبة لهايك ، هو نفسه الذي وجه مفكري التنوير الإسكتلنديين ، مثل آدم سميث وديفيد هيوم وآدم فيرغسون ، لتقديم حججهم من أجل الحرية. بالنسبة لهم ، لا يمكن لأحد أن يمتلك المعرفة اللازمة لتخطيط المجتمع ، وهذا النظام "الطبيعي" أو "التلقائي" للمجتمع يوضح كيف يمكنه "التخطيط" بكفاءة من القاعدة إلى القمة. و كذلك ، فإن فكرة أن القانون مجرد نتاج استحداث متعمد ، التي ينكرها القانون الطبيعي وترتبط بالوضعية القانونية ، يمكن أن تولد الشمولية بسهولة:

"إذا كان القانون بالكامل نتاج استحداث متعمد ، فإن أي أمر يقرره المستحدث ليكون قانونا فهو قانون عادلاً بحكم التعريف ويصبح القانون الظالم تناقضًا في المصطلحات. وبذلك تكون إرادة المشرع المخول حسب الأصول غير مقيدة تمامًا وموجهة بمصالحه الملموسة فحسب ". وهذه الفكرة خاطئة لأن القانون لا يمكن أن يكون مجرد نتاج "العقل": " ولا يمكن تطبيق أي نظام من القانون المفصل إلا في إطار من قواعد العدالة المعترف بها عمومًا وغير المفصلة في العادة". ومع ذلك ، ذكر بيير شارون نقدًا علمانيًا لعقيدة القانون الطبيعي في كتابه (الحكمة) : يجب أن تكون علامة القانون الطبيعي هي الاحترام العالمي الذي يبقى به ، لأنه إذا كان هناك أي شيء أمرتنا الطبيعة حقًا بالقيام به ، فإننا بلا شك سنطيعها عالميًا: ولن يقتصر احترامها على كل أمة فحسب ، بل على كل فرد. وبدلاً من القول بأنه ، لا يوجد شيء في العالم لا يخضع للتناقض والخلاف ،أو لا شيء لا تفرضه أمه واحدة أو العديد من الأمم . يمكن القول أنه بالمثل ، لا يوجد شيء غريب و (في رأي الكثيرين) غير طبيعي لا توافق عليه العديد من البلدان ، وتسمح به أعرافهم.

الفقه المعاصر

عدل

قدم بيلينا ودزودزك صياغة حديثة لمفهوم القوانين الطبيعية: " من خلال التكرار المستمر ، تتطور هذه الممارسات إلى تراكيب في شكل خطابات والتي يمكن أن يصبح من الطبيعي أننا نجردها من أصولها المجتمعية ، بحيث تُنسى هذه الأخيرة و تبدوا أنها قوانين طبيعي." في الفقه يمكن أن يشير القانون الطبيعي إلى العديد من المذاهب. إن القوانين العادلة جوهرية في الطبيعة ؛ أي أنه يمكن " اكتشافها " أو " العثور عليها " ولكن لا يمكن "إنشاؤها" بأشياء مثل وثيقة الحقوق. أي أنها يمكن أن تظهر من خلال العملية الطبيعية لحل النزاعات ، كما تجسدها العملية التطورية للقانون العام ؛ أو أن معنى القانون هو مثل ذلك الذي لا يمكن تحديد محتواه إلا بالرجوع إلى المبادئ الأخلاقية. يمكن أن تتعارض هذه المعاني أو تكمل بعضها البعض ، على الرغم من أنها تشترك في السمة العامة وهي أنها تعتمد على التأصل بدلاً من الاستحداث في إيجاد قوانين عادلة. في حين أن الوضعية القانونية يمكن أن تقول أن القانون يمكن أن يكون غير عادل دون أن يقلل ذلك من كونه قانونا ، فإن فقه القانون الطبيعي قد يقول أن هناك شيئًا ناقصًا قانونيًا بشأن معيار غير عادل. وإلى جانب النفعية والكانطية ، يشترك فقه القانون الطبيعي مع أخلاقيات الفضيلة في أنه خيار مباشر لنظرية أخلاقيات المبادئ الأولى في الفلسفة التحليلية. وكان مفهوم القانون الطبيعي مهمًا جدًا في تطوير القانون العام الإنجليزي. وفي الصراعات بين البرلمان والملك ، كان البرلمان غالبًا ما يشير إلى القوانين الأساسية في إنجلترا ، والتي قيل في بعض الأحيان أنها تجسد مبادئ القانون الطبيعي منذ زمن بعيد وتضع قيودًا على سلطة الملكية.

ووفقًا لوليام بلاكستون ، فإن القانون الطبيعي قد يفيد في تحديد محتوى القانون العام وفي البت بقضايا الإنصاف ، لكنه لا يتطابق في حد ذاته مع قوانين إنجلترا. ومع ذلك ، فإن تضمين القانون الطبيعي في تقليد القانون العام يعني أن المعارضين الكبار للقانون الطبيعي والمدافعين عن الوضعية القانونية ، مثل جيريمي بينثام ، كانوا أيضًا من أشد المنتقدين للقانون العام. إن فقه القانون الطبيعي يمر حاليًا بفترة إعادة صياغة (كما هو الحال بالنسبة للوضعية القانونية). يقيم أبرز فقيه القانون الطبيعي المعاصر ، الأسترالي جون فينيس ، في مدينة أكسفورد ، ولكن هناك أيضًا الأمريكيان ن جيرمان جريسيز وروبرت ب. جورج والكندي جوزيف بويل والبرازيلي إيمديو برازيليرو. حيث حاول جميعهم إنشاء نسخة جديدة من القانون الطبيعي. وكان ليساندر سبونر ، الداعي للفوضوية والمنظر القانوني في القرن التاسع عشر ، أيضًا شخصية بارزة في الحديث عن القانون الطبيعي الحديث. إن "القانون الطبيعي الجديد "كما يطلق عليه أحيانًا ، قد نشأ مع جريسيز. إنه يركز على "الضروريات الإنسانية الأساسية" ، مثل الحياة البشرية والمعرفة والتجربة الجميلة، والتي هي جديرة بالاهتمام بديهياً وجوهريا ً، وينص على أن هذه الضروريات تكشف بأنها غير قابلة للقياس مع بعضها البعض. وقد لعبت التوترات بين القانون الطبيعي والقانون الوضعي ، ولا تزال تلعب ، دورًا رئيسيًا في تطوير القانون الدولي.