مستخدم:Sararagai/ مشروع الترجمة

نشأة مفهوم العصيان المدني

عدل

من العصور القديمة إلى العصر الحديث

عدل

نشأة مفهوم العصيان المدني من العصور القديمة إلى العصر الحديث بدأ ظهور صور للعصيان المدني منذ نشأة أسطورة أنتيجون التي ضربت فيها البطلة بقوانين المدينة عرض الحائط لتكفل لشقيقها مدفناً لائقاً. وفي كوميديا ليسيستراتا لأريستوفانيس ، نجد النساء يتمنعن عن أزواجهن لإرغامهم على وضع نهاية للحرب. كما يسجل التاريخ الروماني المظاهرات النسائية في عام 195 ق.م. المناهضة للقيود المفروضة على الملابس وكذلك مظاهرات عام 42 ق.م. ضد الضرائب الباهظة، مما يدل على أن فكرة مقاومة قانون ما ظالم كانت موجودة بالفعل منذ زمن بعيد. ومن جانبه، كان الدين المسيحي في العصور الوسطى يميز بين دائرة المدنيين ودائرة رجال الدين استناداً لمبدأ السيفين الذي وضعه البابا جلاسيوس الأول في القرن الخامس. كما أنه استنادا إلي المبدأ الإنجيلي الذي ينص على " إعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، عملت الكنيسة على إرساء مبدأ الطاعة بصورة مطلقة، متخذة من مذهب بولس الرسول قاعدة تنص على أنه لا توجد سلطة غير السلطة الإلهية. هذا فضلاً عن المبدأ القائل بأن ذراع الله المحاربة أقوى من مثيلتها لدى البشر سواء كانوا ملوكا أو أباطرة، لأنهم لم يصلوا لهذه المكانة إلا بفضل الله. إلا أن القديس توماس الاكويني في "الخلاصة اللاهوتية"، استطاع شق ثغرة في مبدأ الطاعة العمياء للقانون، معلناً قبوله لعصيان قوانين ظالمة (هي أقرب إلي أعمال العنف منها إلي القوانين) ولكن على ألا تتعارض تلك القوانين مع القانون الإلهي وألا يتسبب العصيان في أضرار تفوق العمل به. وفي القرن السادس عشر، قام بعض المفكرين مثل اتيان دو لا بويسي أو مجموعة الموناركوماك (مجموعة فرنسية مناهضة للملك) بوضع نظريات لرفض طاعة الطاغية. هنري ديفيد ثورو، 1856 كانت حركة "استقلال المستعمرات " في مواجهة الحكم المطلق للعاصمة سبباً في ظهور أنظمة قانونية جديدة، سبقتها حركات عصيان كانت هي الأساس في إرساء حق الشعوب في تقرير المصير. فقد أتاحت هذه الحركة الاستقلالية وضع الإطار النظري للعصيان المدني بواسطة هنري ديفيد ثورو من خلال بحثه بعنوان "مقاومة الحكومة المدنية " المنشور في عام 1849، بعد رفضه دفع الضريبة المخصصة لتمويل الحرب ضد المكسيك بغية ضم ولاية تكساس، الأمر الذي أرغم بموجبه ثورو على قضاء ليلة في السجن. كان ثورو معارضا أيضا لسياسة الولايات الجنوبية فيما يتعلق بالعبودية، والمعاملة الجائرة التي يخضع لها سكان أمريكا الأصليين. ولقد قام ناشر البحث بإعادة طبعه بعد وفاة ثورو تحت عنوان جديد : " العصيان المدني"، استوحى اسمه من بعض مراسلات المؤلف التي كانت متضمنة بالفعل تلك الكلمة. وقد ترجم عنوان العمل بالعصيان المدني على الرغم من وجود ترجمة أكثر دقة للمصطلح وهو " العصيان المواطني"، إلا أن استخدام مصطلح "العصيان المدني" أصبح فيما بعد شائعا. تولى ثورو الدفاع عن الأقليات، فقد كتب قائلا :" إن الرجل الذي يمتلك رجاحة عقل أكثر من باقي المواطنين يشكل بالفعل "أغلبية الفرد الواحد" وبتشجيع هذا الرجل على العمل، يضيف ثورو ،"لن تمتلك الأقلية أي سلطة مادامت تتماشى مع إرادة الأغلبية : وفي هذه الحالة، فإنها لن تصبح حتى أقلية. ولكنها عندما تعارض بكل ما تملكه من قوة ، فسيستحيل حينئذ وقفها". وعندئذ، سيصبح العصيان المدني أداة ضد ديكتاتورية الأغلبية التي تجتاح البلاد في ظل الديمقراطية على حد تعبير توكفيل، المفكر الشهير المعاصر لثورو. مهنداس غاندي مهنداس غاندي، 1942 تميز القرن العشرين بظهور رمزين بارزين لدعوات العصيان المدني هما مهنداس غاندي ومارتن لوثر كينج. في الحادي عشر من سبتمبر عام 1906، جمع غاندي 3000 شخصا في المسرح الإمبراطوري في جوهانسبرج، وحصل من المجلس على قسم بالعصيان كان مشابها "لقسم ملعب التنس" الشهير إبان الثورة الفرنسية. الأمر الذي أدي لدخوله السجن مرتين في عام 1907، استطاع خلال المرة الثانية، اكتشاف وثيقة العصيان المدني التي كتبها ديفيد هنري ثورو. وبناء عليها، قام غاندي بتطوير فكرة العصيان المدني بواسطة مفهوم السياتيجراها (الذي يعني حرفيا الطريق إلي الحقيقة)، وهو ما مكنه من قيادة نضاله السلمي ضد نظام الفصل العنصري ( الابارتهايد) في جنوب أفريقيا وضد سياسة بريطانيا الاستعمارية في الهند، وحتى حصول الهند على استقلالها في النهاية. ففي 17 مارس عام 1930، أعلن غاندي بدء "مسيرة الملح " إلى مستنقعات الملح في جبلبور التي تبعد 300 كم عن العاصمة. فقد كانت الحكومة البريطانية تحتكر في الواقع الانتفاع من مستنقعات الملح التي تدر عليها دخلا سنويا يقدر ب 15 مليون فرنك من الذهب، تستخدمه لسد احتياجات جيوش الاحتلال. وصل غاندي إلي هناك في السادس من إبريل عام 1930، في الثامنة والنصف صباحا، يرافقه عدة آلاف من أنصاره، وقام بجمع الملح الذي كان سيباع في المزاد بمبلغ 425 روبية، وهو مبلغ كبير بالنسبة لذلك الوقت. وتحدي القائمون بالمسيرة، الذين بلغ عددهم خمسين ألف شخص، السلطات بجمعهم للملح من على الشاطئ، ثم استثمارهم له في المخازن بالحكومة البريطانية. وكان غاندي قد وضع، طوال المسيرة، قائمة بالقواعد الدينية للسلوك الذي لا يتسم بالعنف، والتي تم اتباعها بدقة من قبل الجموع. وقد تعرض المتظاهرون للضرب والحبس, وبعد عدة اسابيع اضطرت الحكومة في النهاية للإذعان لرغبة الشعب. خلال رحلة نضاله، قدم غاندي المقترحات التالية للمقاومة السلمية : 1- المقاوم المدني لا يجب أن يكون مشحونا بالغضب 2- يجب عليه أن يتحمل غضب معارضيه، بل وهجومهم دون قيامه بالرد عليها. لا يخضع، خوفا من العقاب، إلي أمر صدر نتيجة غضب. 3- إذا سعي شخص ذو سلطة للقبض على مناضل مدني، عليه أن يخضع بإرادته للتوقيف، وألا يقاوم مصادرة أملاكه. 4- إذا كان المناضل المدني لديه ممتلكات تخص غيره، عليه أن يرفض تسليمها حتى وإن تعرضت حياته للخطر، ولكن دون أن يرد العنف بالعنف.



المصادر

عدل