مستخدم:Sajeda assaf/ملعب

إسبانيا السوداء: جولة في أفظع الجرائم المرتكبة في بلادنا (المصدر [1] )


      كانت إسبانيا دائما مسرحًا لأبشع الجرائم التي دونت داخل السجل الأسود الموجود بالحياة , وقد كتب الروائيون من جميع الأنواع كتبًا ومقالات تعيد خلق الجرائم بطرق مظلمة وقاسية حيث بقي فيها القتلة يتحركون بحرية , وكانت السينما أيضًا الوسيلة المثالية لنشر هذه الأعمال المروعة التي لا تزال تُرتكب وتحظى باهتمام وسائل الإعلام.

ولم يتكون تاريخ إسبانيا من الأحداث السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية فقط ما  صنعت المستقبل التاريخي للبلاد ,  بل تضمن أيضًا قصصًا أكثر قتامة ودموية أصبح فيها القتلة والضحايا والعديد من الشخصيات المجهولة أيضًا أبطالًا لإسبانيا و هذه الأحداث الشنيعة تشكل ما أصبح يعرف باسم "إسبانيا السوداء" محفوظة في أرشيفات الصحف، وبالطبع تم سردها بطريقة مبتكرة من قبل صحف أسبوعية رمزية مثل (إل كاسو)  والتي تركت إرثًا وثائقيًا فريدًا للتعرف عليه.

و يعلم الجميع أن الجريمة الكاملة غير موجودة، وعلى الرغم من وجود بعض المخالفات في تحقيقات الشرطة  في بعض الحالات، حولت بعض القضايا مثل مقتل (أفراد عائلة ماركيز أوركيجو)، إلى قضايا إعلامية كبيرة ولم يتمكنوا من التحقيق فيها. وأوضح  لا تهدف هذه المقالة إلى أن تكون شاملة بل لمراجعة ومشاركة بعض أشهر الجرائم التي ارتكبت في بلادنا منذ القرن التاسع عشر، وهي أحداث فظيعة ستسمح للقارئ بمعرفة جزء من التاريخ الحزين لـ "إسبانيا السوداء".

وواحدة من ابرز الجرائم التي تركت بصمة في تاريخ إسبانيا :

جريمة مارغريتا سانتشيس جوتيريش، "الأرملة السوداء" (1990)

خلال التسعينيات، كانت برشلونة مسرحًا لحادثة مظلمة تعد جزءًا من التاريخ الإسباني الأسود. حيث ألقت الشرطة القبض على امرأة بتهمة قتل عدد من أقاربها وجيرانها بالسم وأدت تصرفات مارغريتا سانتشيس  التي ستُعرف باسم "أرملة برشلونة السوداء"، إلى مقتل أربعة أشخاص وثلاث محاولات قتل فاشلة.

ولدت مارغريتا في ملقة عام 1953، وكانت طفولتها تعيسة للغاية و لم يكن لدى عائلتها  أي مقومات للحياة وكانت تعاني من مشاكل خطيرة مع الكحول. كانت مارغريتا أيضًا غير محظوظة في المدرسة  حيث تم تمييزها من قبل زملائها في الفصل بسبب مشكلة الحول. وانتهى بها الأمر أخيرًا إلى ترك المدرسة، مما تسبب لها بالاكتئاب الشديد الذي ادى لتطويرها لسلوك عداواني اتجاه مجتمعها وهو ما أثر في النهاية على علاقاتها المستقبلية.

بعد فترة وجيزة، انتقلت العائلة إلى حي متواضع في العاصمة الكتالونية حيث ستلتقي مارغريتا بلويس نابارو نويز سائق المترو الذي ستستقر معه في شارع رييرا بلانكا في نفس المدينة وأنجبت منه طفلين.

ولكن عندما مرض والد لويس، انتقل الزوجان مرة أخرى وهذه المرة إلى شارع كاباليرو وستعود مارغريتا مرة أخرى الى طريق التعاطي عندما اكتشفت أن زوجها مدمن على الكحول وبدأ يحتاج إلى مسكنات الألم حتى ينام. لتتجاوز هذا عملت مارجريتا في رعاية المرضى، مما سمح لها بتناول بعض الأدوية و بعد فترة وجيزة توفي والد زوج مارغريتا وتم إخلاء البيت ، لذلك اضطروا للذهاب للعيش مع والدة لويس وبقيت الشجارات مع حماتها وزوجها مستمرة.

وكان لدى مارغريتا جارة وصديقة تدعى روزا وهي امرأة تبلغ من العمر 70 عامًا دخلت مستشفى برشلونة في 3 أغسطس 1992 وبعد أيام قليلة ماتت بطريقة غامضة  واكتشفت الشرطة أن مليون بيزيتا مفقودة من الحساب البنكي للمتوفاة وأن العديد من الأشياء الثمينة قد اختفت. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول ، توفي زوج مارغريتا  لأسباب طبيعية بحسب التقرير الطبي حيث أنه قبل موته بشهر تم إدخاله  الى المستشفى وهو يعاني من تسمم ولم يعطوا له أي اهتمام لأنه كان يتناول أدوية قوية للنوم وكان أيضًا مدمنًا على الكحول.

و لكن الحالات الغريبة استمرت وكانت التالية التي أصيبت بالمرض حماة مارغريتا التي دخلت المستشفى خمس مرات بسبب إصابتها بتسمم خطير اتهمت به زوجة ابنها رغم أنها تمكنت من البقاء على قيد الحياة . و في النهاية قررت مارغريتا أن تعيش مع أختها وصهرها  اللذين سرعان ما دخلا في غيبوبة وتوفيا بعد بضعة أيام (اختفت أموالها أيضًا من حسابهما البنكي).

الضحية التالية كانت خوسيه أنطونيو  الذي اختفى من حسابه البنكي نصف مليون بيزيتا. في عام 1993، ثم أصبحت مارغريتا صديقة لبيداد هينوجو وبعد بضعة أيام اتصلت مارجريتا بابنة بيداد لتشرح لها أنها لم تسمع عن والدتها منذ أيام وذهبت الفتاة  منزعجة إلى منزل والدتها حيث وجدتها فاقدة للوعي . لحسن الحظ  نجت بيداد، لكن خلال فترة وجودها في المستشفى سرقت مارغريتا أموالها ومجوهراتها.

وأخيرًا، خطأ ارتكبته مارغريتا بنفسها (تركت بعض وثائق ضحاياها في منزل حماتها)التي بدورها نبهت الشرطة، التي اكتشفت أن المرأة كانت تشتري سياناميد الكالسيوم من الصيدلية، وهو مركب السيانيد شديد الاستخدام الذي  من الصعب الحصول عليه .

تم القبض على مارغريتا في عام 1996 مع ابنتها سونيا المتهمة بالتواطؤ وحُكم على الشابة بالسجن لمدة خمس سنوات، ولكن نظرًا لأنها كانت قاصرًا فقد قبلت في مركز الأحداث في ولاية كاتالونيا. ومن جانبها حُكم على مارجريتا سانتشيس بالسجن لمدة 34 عامًا، ولكن ليس بسبب جرائم القتل لأنهم لم يتمكنوا من اثباتها ، بل بسبب التزوير والسرقة.


*جرائم قتل الخياط (1961)

حدثت هذه القصة المروعة في الأول من مايو لعام 1962، عندما أنهى رجل يبلغ ال 48 من عمره ويدعى خوسيه ماريا رويز مارتينيز حياة زوجته وأطفاله الخمسة وكان لديه محل خياطة في شارع لا لونا 16 في مدريد وبعدها أطلق النار على رأسه.

لقد قتل كل واحد منهم بطريقة مختلفة مستعملا  مطرقة وسكينا وقضيبا معدنيا ومسدس , ولتنفيذ تلك الخطة الفظيعة أرسل خوسيه الخادمة ماريا لشراء شيء ما واستغل تلك اللحظة لتنفيذ الجرائم  وكان من نوع القتلة الذي ما إن أنهى جريمته اتصل بالرقم 091 للإبلاغ عن فعلته.

وذكر ضابط شرطة أنه استنتج بعدما تحدث معه أنه شخص منزعج وعلى الرغم من أن المجرم لم يرغب في تقديم شهادته ، إلا أن الوكيل تمكن من كسب الوقت الكافي  لاستخراج اسمه الأخير وتحديد مكان اجراءه  للمكالمة باستخدام دليل الهاتف. وعندما ظهرت الشرطة شارع أنطونيو غريلو في مدريد لم يرغب رويز مارتينيز في فتح الباب قائلاً أنه لن يفعل ذلك إلا بحضور كاهن من الرهبنة الكرملية (الرهبان اللذين سعوا الى التوازن ما بين الحياة الاجتماعية والاختلاء ) .

تمكن بعدها الأب سيليستينو وهو كاهن من كنيسة مجاورة من التحدث مع الأب القاتل ولكن من شرفة المبنى المقابل  ووجد الراهب نفسه أمام رجل يرتدي ملابس نوم ملطخة  بالدماء ويحمل بين يديه مسدسا لم يتردد في توجيهه اليه.

وبعد محاولة للتفاوض معه، عرض خوسيه جثث أطفاله على جميع الحاضرين  بينما ووفقًا لبعض الروايات صرخ قائلا: "لقد قتلتهم جميعًا و كان علي أن أفعل ذلك اليوم".

في تلك الأثناء لقد فقد عقله تمامًا وطلب الاعتراف وأن يمنحه الأب سيليستينو الغفران مؤكدًا أنه سينتحر لاحقًا وصرخ وهو يبرز البندقية لمن كانوا يراقبونه في رعب من الشارع: "هذا لي الله لن يحاسبني". وبعد الاعتراف عبر خط الهاتف سُمع صوت إطلاق نار.

وعندما تمكنت الشرطة من الوصول إلى داخل الشقة  كان المشهد الذي عثروا عليه مروعًا , فقد عثر الضباط على الزوجة ميتة على أرضية غرفة النوم أسفل السرير، وكانت هناك فتاة تبلغ من العمر عامين مدسوسة في المهد الخاص بها وعليها علامات الطعن  وفي الحمام اكتشفوا أن الأخت الكبرى مصابة برصاصة في الحلق، بينما كانت الابنة البالغة من العمر اثني عشر عامًا ملقاة على السرير في غرفة أخرى وأخيراً عثروا على طفلين أحدهما يبلغ من العمر عشر سنوات وقد قام بقطع حنجرته والآخر يبلغ من العمر خمس سنوات قتل بطلق ناري وكان مرتكب المجزرة ميتاً برصاصة في الرأس في غرفة اخرى ، وحتى يومنا هذا لا يعرف على وجه اليقين ما الذي دفعه إلى تدمير عائلته بأكملها .

  1. ^ "España Negra: un recorrido por los crímenes más atroces cometidos en nuestro país". historia.nationalgeographic.com.es (بالإسبانية). 8 Oct 2023. Retrieved 2023-12-28.