مستخدم:Mounir benrahal/ملعب

الملحون.. فن مغربي أصيل عدل

د. منير بن رحال

أستاذ التعليم العالي مؤهل ،جامعة شعيب الدكالي

مقدمة: عدل

أمتعت قصائد "الملحون" جمهورا عريضا طيلة قرون،والملحون تراث مغربي أًصيل يشكل علامة فارقة في الإبداع الأدبي والموسيقي المغربية

ويقومُ هذا الفن على أداء قصائد طويلة من شعر "الملحون"، تمتزج فيها اللهجة العامية بالعربية الفصحى، وغالبا ما تكون مصحوبة بإيقاع موسيقي خفيف، وفي المغرب، برع في هذا الفن، مطربون مثل الحسين التولالي من مدينة مكناس، وسط المملكة المغربية

 
نموذج لفرقة ملحون ، ترأس الحفل الموسيقار الكبير الحسين التولالي وقدم رفقة المجموعة قصيدة محم طه.

1. الملحون تراث غير مادي: عدل

 
حفلة ملحون قديمة ، ترأسهاالموسيقار الكبير الحسين التولالي وقدم رفقة المجموعة قصيدة محمد طه.

      تضم الموسيقى المغربية الأصيلة: الموسيقى الأندلسية و الطرب الغرناطي الملحون و العيطة ، إضافة إلى المسرح الشعبي الذي يضم الرقص الجماعي كرقصة أحيدوس و رقصة أحواش  ، وبعض العادات و التقاليد المنتشرة بوسط المملكة وجنوب الأقاليم الصحراوية ، التي تقدم لمحة عنها ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش المسجلة ضمن التراث الشفوي الإنساني من طرف اليونيسكو.[1]

  هذا ويعتبر "الملحون" من أنواع الموسيقى التي تميّز المغرب عن باقي البلدان العربية، إذ يعتبر رافداً أساسياً من روافد الذاكرة الفنية المغربية منذ أكثر من ستة قرون. و يعتبر "الملحون" فناً شعرياً وإنشادياً وغنائياً متميزاً في المغرب وعرف صعود أسماء ستظل عالقة في الذاكرة الشعبية المغربية، من أمثال سيدي عبد القادر العلمي، شيخ متصوفة "الملحون" وسيدي عمر اليوسفي و الجيلالي امتيرد وسيدي قدور العلمي وغيرهم.

     يتحدد الملحون من خلال إيقاعات خاصة ومواويل فريدة تعبر عما يخالج الإنسان من مشاعر ، تتخذ من اللهجة العامية أداتها ومن مضامين اللغة الفصحى بشعرها ونثرها مادتها، التي تتلون مواضيعها بألوان المدائح النبوية والعشق والسلام والرثاء وغيرها. إنه فن "الملحون" المغربي، الذي ظهر لأول مرة في العهد الموحدي خلال القرن السابع الهجري، نشأ في مدينتي سجلماسة وتافيلالت ونما في مراكش وفاس ومكناس وسلا.

2. ظهور فن الزجل مقدمة لنشأة موسيقى الملحون : عدل

       في القرن 6  خصص  ابن سناء الملك  كتابا خاصا لفن التوشيح، وهو كتابه (دار الطراز)[2]،  استقبل فيه هذا الفن الأندلسي استقبالا رائعا،قال :  (إن الموشحات مما ترك الأول للآخر، وسبق بها المتأخر المتقدم، وأجلب بها أهل المغرب على أهل المشرق، وغادر بها الشعراء من من متردم) ويضيف (صار المغرب بها مشرقا لشروقها بأفقه، وإشراقها في جوه، وصار أهله بها أثمن الناس لظرفهم بالكنز الذي ذخرته لهم الأيام، وبالمعدن الذي نام عنه الأنام).

   يبرز الأستاذ الجراري صعوبة تحديد نشأة شعر أداته لهجة عامية دارجة، وأشار في هذا الصدد لمحاولة الأستاذ محمد الفاسي في تحديد البواكير الأولى لهذا الشعر،[3] فوقف عند قصيدة نظمها ابن عبود في منتصف القرن العاشر واعتبرها أقدم نص.

واستعرض الأستاذ مجموعة من الأعلام في هذه المرحلة كابن غزالة (في عهد الموحدين) وعبد المومن الموحدي ورميلة أخته، كذا ابن خبازة، وابن حسون وابن سبعين والكفيف الزرهوني الذي ذكره ابن خلدون في مقدمته ومولاي الشاد الذي عاش في القرن التاسع

للهجرة بتافيلالت.

   تاريخيا ،  اتخذ ابن بسام  موقفا سلبيا من التوشيح[4] الذي يستخدم اللغة العربية أداة للتعبير، هذا الموقف نجده أيضا عن ابن قزمان  حيث يعيب على كتاب الموشحات استخدام اللغة العامية، الشيء الذي جعله يرى أن الأعراب "أقبح ما يكون في الزجل، وأثقل من إقبال الأجل". ومع ذلك فإن أبا محمد الحجاري الأندلسي-وهو من عصر ابن بسام أيضا-قد أودع كتابه "المسهب في غرائب المغرب" [5]عددا ضخما من الأزجال، فضلا عن الموشحات، نقل منها وأضاف إليها ما أضاف علي بن سعيد في كتاب "المغرب في حلى المغرب"، وكذلك ألف ابن الدباغ المالقي "ملح الزجالين" ثم ألف لسان الدين بن الخطيب "جيش التوشيح"[6]، وذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته، ونقل نصوصا منها، فقال:"...واستحدثوا فنا سموه الزجل، والتزموا النظم فيه على مناحيهم لهذا العهد، فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة، وأول من أبدع في هذه الطريقة أبو بكر بن قزمان من قرطبة، وإن كانت قيلت قبله بالأندلس، لكن لم يظهر حلاها ولا انسكبت معانيها واشتهرت ..إلا في زمانه"."...ثم استحدثت أهل الأمصار بالمغرب فنا آخر من الشعر في أعاريض مزدوجة كالموشح، ونظموا فيه بلغتهم الحضرية أيضا، وسموه (عروض البلد)، وكان أول من استحدثه فيهم رجل من أهل الأندلس نزل بفاس يعرف بابن عمير، نظم قطعة على طريقة الموشح، ولم يخرج  عن مذاهب الأعراب..."[7]

  و قد عرف الملحون في "العصر السعدي" تطورًا مهمًّا قبل أن يصل إلى درجة التألُّق والتطور في نهاية القرن 19، حيث انتشر بشكل واسع بين الطبقات، وطغى على مضمونه الطابع الديني قبل أن يطرق أبواب مواضيع أخرى استهلها بالطبيعة وختمها بالغزل. وقد انتشر الملحون في عدة مدن مغربية خاصة في: فاس، وسلا، ومكناس، ومراكش، على مراحل متباعدة تأثر خلالها بعوامل عدة مشكلاً ما يشبه ديوان المغاربة وسجل حضارتهم بكبر معانيه، وعمق أفكاره، وقيمة الفوائد المبثوثة في شعره، وتنوع بنائه وبحوره، واتساعه في الزمان والمكان.

وعبر تلك العصور انتقل أداء "القصيدة الملحونية" من مجرد السرد في المساجد والزوايا، إلى اعتماد اليد في ضبط الإيقاع أو ما يسمى بـ"التوساد"، وقد توسد الأداء في البداية بآلة "التعريجة" أو "لكوال"، واتسع نطاق الآلات فيه بما يقتضيه التنوع بين الأقسام وأجزائها. منقول للإفادة.

3. أسماء في سماء الملحون المغربي : عدل

   ارتبط فن الملحون في المغرب بأسماء ستظل عالقة في الذاكرة الشعبية المغربية، من أمثال سيدي عبد القادر العلمي[8]، شيخ متصوفة "الملحون" وسيدي عمر اليوسفي و بوعلام  الجيلالي امتيرد وسيدي قدور العلمي ...إضافة إلى أسماء لمع نجمها لاحقا نذكر منها : الشيخ بن عيسى الفاسي، الشيخ أحمد الكندوز، الحاج التهامي الهاروشي، الحاج محمد بوزوبع[9]، الحاج الحسين التولالي... ومن مشاهير هذا الفن المعاصرين نذكر: محمد الخياطي بوثابت، الحاج محمد الوالي، محمد السوسي، دون ان ننسى العنصر النسوي الذي يحضر بقوة في الآونة الأخيرة من أمثال :  نعيمة الطاهيري ، ماجدة اليحياوي...

4. الملحون فرجة  في صورة كلام عدل

فن الملحون [10]في الأصل عبارة عن قصائد شعرية باللغة الدارجة المغربية، وسمي بالملحون لأنه يلحن في اللغة العربية، و لا يحترم ضوابطها الإعرابية.

وتتكون فرقة الملحون أو جوقة الملحون كما تسمى من عدة أفراد ذكور يرتدون لباسا تقليديا يمثل الزي التراثي المغربي، وهو عبارة عن جلاليب مزركشة وطرابيش حمراء وبعض الآلات الموسيقية التقليدية (الرباب، العود، الوتار، الطعريجة). وهذا ما حدا بالدكتور عبد الوهاب الفيلالي إلى القول إن فن "الملحون في قيمته الفنية هو فن شعري وإنشادي غنائي متميز، وقد يكفي السامع سماعه في البحث عن بواعث ومظاهر قيمته الفنية وكوامنه الجمالية إذا كان شعور جل أو كل المتلقين، فإنه من الدواعي الأكيدة عند الباحث في فن الملحون لرصد تلك البواعث والتجليات وتفحصها بعناية تامة حتى نكتشف أسرار قوة تأثيره الفنية في السامع المتذوق وفي غيره من الفنون الحديثة." ونظرا لقيمة فن الملحون الفنية والعلمية فقد اعتبره المؤرخ محمد المنوني في حديثه عن المصادر التاريخية المغربية أنه يشكل مصدرا مهما وغنيا من مصادر التاريخ المغربي، اذ قال "ولعلنا سنجد في هذا النوع من الشعر من دقة الوصف ما لا نطمح أن نجده عند شاعر أو كاتب بالعربية الفصحى" [11].

5. موضوعات الملحون،  مزيج من الثقافة المغربية العربية الأمازيغية الأندلسية: عدل

   يختزل "فنّ الملحون"، حسب العارفين به مقومات الثقافة المغربية العربية الأمازيغية الأندلسية ومظاهر حياتها الأصيلة، فهو مزيج من فن العيطة الشعبي والأندلسي الغرناطي الذي يتميز به خصوصًا المغرب، ويتخذ من اللهجة العامية أداة له، ومن مضامين اللغة الفصحى بشعرها ونثرها مادته التي تتلون مواضيعها بألوان التوسلات الإلهية والمدائح النبوية والربيعيات والعشق والهجاء والرثاء.

   وقد راهن نُظّام هذا الفن ومنشدوه بالأساس على الكلمات أكثر من رهانهم على الموسيقى، فنصوصه المغناة موزونة وقريبة من الشعر العربي الكلاسيكي، وحافلة بالبلاغات الأدبية، غير أنها تعتمد دائمًا على الحكاية، فالسرد يشكل العمود الفقري لكل أغاني الملحون. و كما في  الشعر العربي الفصيح ، نظم شعراء الملحون في الشعر الغنائي بسائر أنواعه ، ونخص بالذكر منها :

-         وصفه للطبيعة:  في قصائد تسمى الربيعيات أو تحمل أسماء مختلفة، كالعرصة والرياض والصبوحي والديجور  أي الليل وكالفجر والذهبية أي غروب الشمس.

-         وصف مجالس الأنس والمرح : مع التعرض لذكر الفاتنات في قصائد تحمل عدة أسماء: النزاهة، الزهو وشعبانة والغزال والمزيان، جمهور البنات، الفصادة والحجام,

-         وصف الجمال:  تعرف باسم من أسماء النساء كزينب أو فاطمة، أو غيثة.. وهي من باب النوع الغرامي الذي يعبر فيه الشاعر عن عواطف صادقة ولا يكون وصف الجمال إلا غرضا وليس هن المقصودات بالذات.

-        القصائد الغرامية:[12] تحمل عدة أسماء المحبوب، المعشوق، الجار، المر سول، الجافي الهاجر واللايم  والمرسم أي الحي أو المكان الذي يسكنه المحبوب والشمعة، حيث يشبه احتراقها وذوبانها وصفرتها صفات العاشق الولهان الذي لا تنقطع دموعه ويحترق فؤاده وتذبل سحنته.

-        المفاخرة:  بين البدوية والحضرية، الأمة والحرة، العجوز والشابة وتسمى كذلك هذه القصائد بالخصام.

-        الخمريات:  برع في هذا النوع الشيخ الجيلالي المتيرد، والسي التهامي المدغري، وسيدي قدور العلمي والكندوز، الحاج إدريس الحنش.

-        الهجاء:  برعوا فيه وتفوقوا ويسمونه الشحط والدق عند أهل مراكش برعوا فيه كثيرا وحفظوه عكس المدح الذي يقتصر على مادحة فباستثناء قصائد التهامي المدغري وسيدي قدور العلمي فإن الهجاء يأخذ حيزا من آخر قصائدهم يسمونه ب”الزرَبْ” يظنون أن به يحمون قصيدتهم من التعرض لها أي يحيطونها بزرب من الشوك.

-        الرثاء : ويسمونه “لَعزا أو لعْزُو” فبعض هذه القصائد موجودة  في الكنانيش القديمة وأغلبها تعرض للضياع.كذلك النوع المسرحي القابل للإخراج والتمثيل الحراز…ضيف الله.. القاضي.

-        الرحلات الخيالية:  مثل الطائر الذي يوجه إما لزيارة مكة والمدينة شوقا إلى تلك البقاع المقدسة ليصف المراحل التي يمر بها إلى أن يصل إلى الحجاز أو يوجه إلى الحبيب أو إلى الأصدقاء وأسماؤها؛ الورشان[13]   ، الحمام، المرسول والطلعة…

-        الشعر الفكاهي: ولهم فيه براعة مراضعه كثيرة ومتنوعة، الزردة، الضمانة، الغاز، الطحين، حمان الخربيطي

-        يختص الملحون بالجفريات (التنبؤ بالحوادث المستقبلة) يتخذ هذا الأسلوب مطية للنقد السياسي مثلا الفقيه لعميري أيام المولى عبد الرحمان وتحمل هذه القصائد أسماء القافية كهذه اللامية مثلا:

داك الولد المهبول

أصله من أناضول

الفرخ يشبه أحوال مو

-        القصائد السياسية [14]: بمناسبات وطنية كالقصائد المسماة التطوانيات حول حرب المغرب مع  إسبانيا سنة 1859 – 1860- فتح بونابارت لمصر – حول مساندة الحركة الاستقلالية  أيام النضال، أشهر من برع في هذا الباب الشاعر الملهم الشيخ  العيساوي الفلوس من أهل فاس رحمه الله.

ويمكن أن نضيف إلى هذا التصنيف ، مواضيع شعرية مختلفة منه :

-        الألغاز، السولان أو السوال.

-        القصائد التعليمية.

-        وهناك موضوعات لا توجد في الشعر العربي، مثل موضوع المسخ ويسمى بالفرنسية PARODIE أي القصائد الجدية تقلب إلى هزل وسخرية.  [15]  

6. الملحون موسيقى الحرفيين و الصوفية و السلاطين[16]: عدل

     ارتبط "فن الملحون" بفئة اجتماعية تضم العطارين والنساجين والإسكافيين وصنّاع الأرابيسك والجلد والحديد وصائغي الفضة والذهب والنحاس، وغيرهم من الحرفيين، وهو ماص صاغ وشائج التواصل بين فن الملحون وقطاع الصناعة التقليدية والتجارة المرتبطة بها، حيث تأكد تاريخيا أن وجود كل منهما ظل مرتبطا بوجود الآخر طوال حياة فن الملحون. لكنه كان ديدن عدد من المتصوفة ( مثل سيدي قدور العلمي ).

  فحين يصف شعراء الملحون الخمر مثلا ، لا يقصدون من الخمر حين يتحدثون عليها غير الخمر الصوفية وأبرزهم ابن الرومية والحراق وشقور. وقد شغل بال هؤلاء الشعراء مظاهر الكون والطبقية حيث أجادوا في وصف الشمس الغاربة وظلمة الليل وطلوع الفجر.

ولعل عند الزجال المغربي يتجسد في شعري الزهد والحكمة، اللذان يقصد منهما إلى الكشف عما ينفعل في نفسه من ضيق بحال الدنيا وسلوك الناس، وإلى وعظهم وإرشادهم عساهم يحسنون هذا السلوك، وقصائده في ذلك تعرف ب"الوصاية" و"التوبة"و"القلب" و"الطبايع" و"الموعظة" و"النفسية" وما إليها مما يوحي بروح التأمل والتنبيه.

عبر هذه النظرة للحياة والناس يحاول الشاعر الشعبي أن يكون إيجابيا فيقدم بعض النصائح التي يمكن أن تجنب الوقوع في مخالب الدنيا وسهاوى الزلات ومن هذه النصائح عدم مطاوعة النفس والهوى والشيطان فهم أعداء.

يقول ابن علي في الوصاية:

والنفس لهوا والشيطان اعدا لا تطاوعهم

واش من عاقل يا من يا فهيم فعده

إن كثيرا من قصائد الملحون يجب أن تقرأ وفق نسق رمزي إيحائي، مثل قصيدة "البستان" و" الساقي" لعبد القادر العلمي، وقصيدة  "الشمعة" لابن علي وغيرها.

إنها نصوص تعتمد صورا شعرية من صنف الصورة الرؤيا[17] و مستوى مقام الكشف في الإبداع الفني، "فالساقي"[18]- مثلا- مأوى لتجربة روحية ذوقية، ولطموح صوفي يسمو على المظهر المادي المدنس إلى الباطن الروحي المقدس، المتجلي في وصال الحق، والنعيم بصفاء الحياة الصوفية، ورؤية نوره سبحانه بعين البصيرة، رؤية ذوقية قلبية، تفاعلت في بنائها عناصر الطبيعة بأشجارها وأزهارها وأطيارها، وليلها وفجرها ونهارها، والسكر بخمره وأوانيها المتميزة، ومجالسه وطقوسه التي تتفاعل فيها المرأة الجميلة والموسيقى المثيرة والطرب واللهو والزهو…. ومن أقسام القصيدة التي تجتمع فيها تلك العناصر قول سيدي قدور العلمي:


رَاحْ الليـل وَلا ابْقَا الاَّ و قت المعَانْقَا كَبّْ ارَى وَرْخِ الرّْوَاقْ
اولشجَـار الباسقـا اوْ لطْيارْ الناطْقَا عمّـرَاتْ بَلْغَاهَا اسْوَاقْ
كبّْ الصهبا الخَارْقا مَنْ كيسان لَبْنَادْقَا منْ زِاجْ ابْلاَد العْـرَاقْ
تَظْهَرْ خَمْرَا بارقـا فَا لْلأواني شارقا كِلُونْ اسْحِيقْ الرهَـاقْ
غنيّ بَشْعَــارْ القدَّام وذْكِرْ طَبْعْ العُشِّاقي مَتَّغني فجْمَال صُورتَكْ والحَاضَكْ لغْسِيقَا ياخَدْ الوَرْدْ الشَريقْ
بَصْنَايَعْ وسْجولْ والتواشَحْ مَنْ شُغْل دْوَاقِي وَذْكَرْ قُصْدَان اكْبَاحْ وبْرَاوَلْ فَتْرُونِيقَا
منْ طَرْز الحَبْر اللبِيقْ

   وقبل ذلك، كان هذا الفن الجميل[19] يشكل العنصر الموسيقى الأساسي في جلسات الملوك والسلاطين والولاة الذين تعاقبوا على حكم المغرب على مدار قرون، وإلى جانب الحرفيين والصناع التقليديين والمتصوفة،  ارتبط الملحون بالسلاطين المغاربة ، حيث نجد نصوصا تاريخية بالسنتهم توثق لمراحل حرجة سياسيا في تاريخ المغرب ، مثل ما سمي بالبيعة الحفيظية ، التي جاءت إثر عزل السلطان عبد العزيز من الحكم ، حيث ركزت بعض نصوص الملحون (نص للشاعر هاشم السعداني[20])  على موقف النخبة المغربية منها، وأثبتت فتوى علماء فاس في النازلة العزيزية [21] ، و قد تضمنت القصيدة كذلك، الدعاء للسلطان المولى عبد الحفيظ، منوهة بكفاءته العلمية وبشجاعته وإقدامه، مبتهلة إلى الله أن يكمل رجاءه للذود عن حوزة الوطن وهذه حربتها:


الله ايْدُوَّمْ الْعَـزّْ وَالنّْصْـرْ وَالْفَتْحْ الْمُبِينْ للَّهْمَامْ الْحَسَانِي

السُّلْطَانْ الْمَخْصُـوصْ بَالْعْنَايَة مَوْلاَيْ حْفِيــــدْ

(...) عَزْلُوا مَنْ ضَلْ وْلاَ ادْرَى ايْدَبَّرْ أَمْرَ لَعْبَادْ بَالشَّرْعْ يَالَخْوَاني

نَظْرُوا إِمَامْ افْضِيلْ عَدْلْ تَقِي عَالَمْ امْجِيــــــدْ


وعن موقفه من الحماية الفرنسي عبر  السلطان المولى عبد الحفيظ[22] ، خصوصا المحميين الذين تلاعبوا بمصلحة البلاد، مقابل مصلحتهم الشخصية، فلم يقوموا بما تفرضه عليهم آصرة الدين والوطن، فعاتوا في الأرض فسادا، ولم تنلهم – مع الأسف – الأحكام والعقوبات، يقول :

مَا اوْفَاوْ ابْوَكَدْ لَعْهُودْ نَاسْ لَجْيَــالْ وَلاَ ادْعَاوْ الْحُرْمَة لَحْفَادْ وْلَقْيَـالِي
حَالْهُمْ انْمَثَّلْ حَرْبَة افطَرْزْ لَفْعَـــالْ مَا اتْكِيدْ تَجْبَرْ ارْجَالْ ابْلَمْعَالــي
اتْشُوفْهُمْ افْتَقْوِيمْ الْجَسْدْ نّاسْ عُقَّـالْ حِينْ يَنْطَقْ اتْظْنّْ امْثِيلْ الْبَرْتْقَالِي (...)
(...) مَا سَمْعُوا بْالحْدِيثْ مَا فَقْهُوا تَنْزيلْ وَلاَ يَدْريوْا فَنْ مَعْنَـى افْتَرْتِيــلا
نَحْكِيهُمْ كَحْمِيـرْ بَحْمُـولْ اثْقِيلَــة
غَرّْهُمْ الشِّيطَـانْ اوْلاَ ادْرَاوْ لَمْـــآلْ وِيلْهُمْ مَا سَمْعُوا مَا فَاتْ افْلَجْيَـالِي
زَادْ لْهُمْ حُبَّانْ فَلْفَانيَـة فْالأعْمَـــالْ مَا اقْرَاوْ الْحُرْمَـة لَلنَّايَـرْ بْلَقْوَالي[23]

7. الملحون، ديوان اللهجة المغربية عبر العصور: عدل

  يتميز الشعر الملحون بتفاعل ناجح بين اللهجة المغربية ولغة المعرب المدرسية إلى  حد كبير بينهما ، وهو ما تولدت عنه لغة الملحون . هذه اللغة التي تتميز بالخرق والتجاوز في المعجم والتركيب والدلالة، مادام هناك من الكلمات الفصيحة ما يتحول في نطقه إلى الدارج العامي، ومن الفصيح واللهجي العامي ما يتبدل معناه جزءا أو كلا، هذا فضلا عن ولادة وحدات معجمية لا عهد للفصيح واللهجي العامي بها.

إن هذه الخصائص اللغوية تعتبر عتبات  فنية وجمالية تكسر أفق انتظار المتلقي الذي يقرأ نص الملحون ويستأنس بالفصيح والعامي فيه ظانا أن معنى الكلمة واحد، اكتفى شاعر الملحون بنقله ليس إلا، والصواب غير ذلك، فحين يقول –مثلا- حمود بن ادريس في قصيدة "الحجام" :

"صول احجام العانس الدامي"

فإن تفسير "العانس" بالفتاة التي تجاوزت سن أو مرحلة الزواج دون أن تتزوج، الثابت في المعجم العربي الفصيح، يعد تفسيرا خاطئا، إذ عكسه هو الصواب كما توحي دلالة ذلك الشطر، "فالعانس" فيه فتاة حسناء مطلوبة، يعشقها الشاعر فيدعو "الحجام" الرسام إلى تشكيل الصورة أو الوشم بإيحاء من حبه لها وجمالها الأخاذ. كذلك هو مفهوم "العانس" في كل الشعر الملحون ومنه قول التهامي المدغري من قصيدة "عيون المهرا":

يوم اتمايحت أنا وعانسي والغصن افتلقاح

بين ورد امكـــــــــــــــلل بنداه طيبولقاحا

واطيار عليه افصاح بين للقاحي
اغلب نوح لطيار وقدها اغلب الغصن فضياح والخد اغلب بنصاح ورد فصباحي

والثغر غالب جوهر النظيم بنصاحا

بعيدا عن هذا المثال ، يمكن الرجوع إلى ما أشار إليه الدكتور عباس الجراري من مصطلحات ووحدات معجمية في كتابه "القصيدة" وغيره، وأيضا القسم الأول من الجزء الثاني من "معلمة الملحون" لمحمد الفاسي الخاص بالمعجم، فهذان وغيرهما مثل "الملحون المغربي" لأحمد سهوم مصادر مهمة تؤشر على قيمة وخصوصية لغة الملحون المعجمية والتركيبية والدلالية وتدعو إلى مزيد من البحث في هذا المجال اللغوي.


هذا ،و ينقسم المعجم في لغة الملحون إلى:

- فصيح

- مستحدث من الفصيح

- منتم للغة التخاطب اليومي.

  ونشير في هذا السياق  إلى أن أكثر هذا المعجم من الكلام الدارج لسبب بديهي هو أن الشعراء نظموا باللغة التي يتقنونها قبل غيرها وهى اللغة العربية الدارجة، لغتهم الأم.

إلا أن هذا الرصيد ليس كله دارج لأن قسطا منه ينتمي إلى الفصيح من العربية، وإن كان هذا الفصيح يخضع لاختزال بعض الصوائت يجعله ملائما للنظام الصوتي للغة العربية الدارجة. إضافة إلى هذين النوعين، فإن لغة الملحون تضم أيضا ما أسميته بالمستحدث من الفصيح. ويتعلق الأمر بالكلمات التي تقترض من اللغة العربية الفصيحة وتخضع للقواعد الصرفية للدارجة.


·       ومن المعجم الفصيح نورد مقطعا من قصيدة الخليلة

يقول الشاعر ولد أرزين[24] :

فيه خيلان يمين وشمال

والغنجور الدركلي الا يلو تشميلة

زان سر الوجه المكمول.

  ففعل زان هنا، كما هو معلوم، مقترض من اللغة العربية الفصيحة ومعناه 'زين' و' زخرف'، وهو ضد 'شان'. وليس من الأفعال المستعملة كثيرا في العربية الحديثة اليوم. وأكاد أقول إنه لا يستعمل قطعا. ولعل استعماله هنا جاء قياسا باستعماله في اللغة العربية الفصيحة في حالة 'زان البنان' أي خضبه كما ورد في القصيدة العربية المشهورة التي جاء فيها:

لما أناخوا قبيل الصبح عيسهم

وحملوها وصارت بالدجى الإبل

وأومأت ببنان زانه عنم

ناديت لا حملت رجلاك يا جمل

يا حادي العيس عرج كي نودعهم

يا حادي العيس في ترحالك الأجل.


·       كما وظف الشاعر الملحوني لغة التخاطب اليومي ، وهذه اللغة هي بطبيعة الحال اللغة العربية الدارجة التي تشكل الجزء الأكبر في معجم الملحون. وأعني بهذا مجموع الوحدات المعجمية المستعملة التي يفهمها كل متحدث باللغة الدارجة. وربما تضمنت كلمات موغلة في الخطاب اليومي من قبيل ما جاء في سرابة 'المحبوب' المشهورة:

علاش أمحبوب خاطري دزتيني

الجافيني وعلاش د الجفا

حبيتك من خاطري ولا ردتيني

كاتمنيني يا شارد العفا

خالفتي في القول باش واعدتيني

ولا وصلتيني قاسيت ما كفا.

إن موضوع لغة الملحون المغربي وخاصة معجمه الغني ، يفتح الباب لدراسات لسانية متخصصة ستكون فوائدها كبيرة بلا شك .

8. ختاما : عدل

      تحدث الشعراء الشعبيين ببلاغة ملفتة و تصوير رائع جوانب اجتماعية من خلال إنتاج خطاب حول العادات والتقاليد واستجلاء المكونات الحضارية (الطبخ، اللباس، الحلي، الموسيقى، العمارة، الرياضة...)، وإبراز التدافع الطبقي، واستكناه الأوضاع الأسرية، ومواكبة الانفتاح على الحياة الجديدة، وتوجيه النقد اللاذع لاختلالات الأحوال الاجتماعية.

  ويمكننا القول أن شاعر الملحون قدم من خلال قصائده الممتعة والساخرة صورة للمجتمع المغربي في مراحل مختلفة سياسيا واقتصاديا  ، تؤسس لفرجة ساحرة كما هو الشأن في قصائد "العزري والمزوج" و"الحراز" و"الشايب والشابة" و"الزردة" و"الهاتف النقال والمحمول" و"النزاهة" و"الفصادة" و"الحجام"... وإلى جانب هذه القيمة الجمالية، فإن الملحون يعتبر وثيقة تاريخية تقدم تفاصيل عن المجتمع المغربي في مراحل تغيب فيها النصوص الرسمية ، وهو موضوع يحتاج دراسات علمية لسبر أغواره.

   ولا ينبغي أن ننسى الجهود العظيمة التي يقوم بها بعض الفنانين وعلى رأسهم ثريا الحضراوي ، إنها امرأة تغني فن الملحون في العالم، وتتميز أعمالها الغنائية بميسم التجديد الذي يطبع أداءها بالكثير من الجمالية والاحترافية، ويجعلها مميزة عن باقي المغنيات الأخريات الغارقات في "الابتذال الفني"، فهي تعمل دائما على تجديد هذا اللون الغنائي عبر مزجه بأدوات موسيقية غربية أكثر حداثة محافظة بالتالي على جوهر الملحون، خصوصا مع موسيقيين من مختلف دول العالم نذكر منهم العازف الكبير على البيانو الروسي سيمون ناباتوف الذي قامت معه بجملة من الجولات الموسيقية التي نظمها المعهد الثقافي الألماني عبر كوكتيل فني يجمع بين التراث الفني المغربي والموسيقى الغربية العصرية، استطاعت من خلاله أن تخلق لغة فنية جديدة وعالما خاصا بها، ويمكن اعتبار أغاني الفنان المغربي نعمان الحلو ، استمرارية لنصوص الملحون بصيغة حديثة شكلا ومضمونا ، نلحظ ذلك في اغانيه المخصصة للمدن التاريخية المغربية ( المدينة القديمة، مراكش ، فاس ، زاكورة ، تافيلالت ...) إنها تجارب فنية جديرة بالدراسة العلمية والتأمل.

  • مراجع هذه المقالة :
  1. هذه قائمة المراج التي اعتمذت عليها في تحرير هذا المقال :
    • ابن خلدون،  المقدمة -دار الكتاب اللبناني-بيروت 1967
    •     أحمد الطريسي أعراب : الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب المؤسسة الحديثة – الدار البيضاء، ط I :1987، ص 241 وما بعدها.
    • جيش التوشيح ، لسان الدين ابن الخطيب  ت : 776 ه ، حققه هلال ناجي و محمد ماضور ، منشورات مطبعة المنار _ تونس.
    • دار الطراز في عمل الموشحات المؤلف: أبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك الكاتب (المتوفى: 608هـ) الناشر: دار الفكر الطبعة: الأولى: 1368هـ - 1949م .
    •   عباس، الجراري، القصيدة، مكتبة الطالب مطبعة الأمنية، الرباط، 1970.
    • عز الدين المعتصم،  "النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب - دراسة في الرموز والدلالات"، منشورات رونق .
    • عبد المجيد القدوري، «قراءة لأزمة مطلع القرن العشرين من خلال مخطوط «داء العطب قديم للمولى عبد الحفيظ»، مجلة أبحاث، ع. 21، س. 5، صيف 1989.
    • عبد الله الجراري، شذرات تاريخية من 1900 إلى 1950، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1976، صص. 32-38، وعبد الله كنون، «السلطان مولاي حفيظ والحماية»، مجلة دعوة الحق، ع. 234، مارس 1984.
    • محمد بوزوبع (1940-23 يناير 2015) هو مطرب مغربي راحل يعتبر من رواد فن الملحون المغربي . ... اشتغل الحاج محمد بوزوبع أستاذا للموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى دار آعديل بفاس منذ سنة 1961 إلى أن أحيل على المعاش.
    • محمد المنوني، ركب الحاج المغربي، مطبعة المخزن، تطوان 1953، ص. 16.
    •     محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1985، ط. 1، ج. 2.
    •     الفاسي، محمد،  معلمة الملحون، الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، الجزء الثالث: روائع الملحون، 1990.
    • السلطان المولى عبد الحفيظ، داء العطب قديم، مخطوط الخزانة الحسنية، الرباط، تحت رقم 11400ز.
    • مراجع أجنبية
    • ü Gabriel Veyre, Dans l'intimité du Sultan , Paris, Librairie universelle, 1905 , Réédition illustrée
    • مواضع انترنت
    • وزارة الثقافة المغربية، مديرية التراث الثقافي .Note sur le patrimoine au Maroc 2004

[1] https://whc.unesco.org/ar/list/331

أنظر كذلك : وزارة الثقافة المغربية، مديرية التراث الثقافي .Note sur le patrimoine au Maroc 2004

https://www.minculture.gov.ma/?p=5001#.YR4kTYgzbIU

[2]   دار الطراز في عمل الموشحات المؤلف: أبو القاسم هبة الله بن جعفر بن سناء الملك الكاتب (المتوفى: 608هـ) الناشر: دار الفكر الطبعة: الأولى: 1368هـ - 1949م .

[3] ومن ضمن نساء الدولة الموحدية اللواتي خلدن اسمهن في هذا العصر نجد الأميرة رميلة، أخت الخليفة الموحدي عبد المومن بن علي، مؤسس الدولة الموحدية، الذي عُرف باهتمامه  بالأدب وإكرام أهله نساء ورجالا؛ حيث كان يجلس إلى الشعراء ويستمع إليهم.وحسب ملف أعدته عنها يومية « العلم »؛ فإن الباحثين يؤكدون أن هذه الأميرة الموحدية هي صاحبة أول صالون زجلي عرفه المغرب، وهي صاحبة السبق إلى تنظيمه منذ ظهور الزجل في المغرب، وهو نوع من الشعر المنظوم بالعامية المغربية.

وفتحت الأميرة رميلة الباب لبزوغ أسماء فتحن صالونات الملحون؛ مثل عائشة الحنفية، ومنانة الحضرية، وللا خدوج الكارة، والحاجة لعزيزية، وللا هشومة، والتوردانية، والورديغية…

هكذا يتجلى أن دور الزجالات المغربيات لم يقف عند حد النظم والإنشاد، بل تعداه إلى تنظيم أمسيات في بيوتهن، يحضرنها فحول قصيدة الملحون والحُفاظ وعشاق هذا الفن؛ مما يدل على المكانة المرموقة التي كان يحظى بها هذا اللون الفني.

[4]  ا ابن سناء الملك يقول: "الموشح كلام منظوم على وزن مخصوص"، يقولون موشح أو موشحة أو توشيح، وتجمع على موشحات أو تواشيح من وشح بمعنى زين أو حسن أو رصع. التوشيح أو الموشح هو فن شعري مستحدث، يختلف عن ضروب الشعر الغنائي العربي بالتزامه بقواعد معينة وباستعماله اللغة الدارجة أو الأعجمية في خرجته، ثم باتصاله القوي بالغناء

[5] أبو محمد عبدالله بن إبراهيم الكندي الحجاري (؟ - 854 هـ) ، (؟ - 1188) هو مؤرخ وأديب من الأندلس، يُنسب إلى مدينة وادي الحجارة. عاش في غرناطة وهاجر منها إلى قلعة يحصب، حيث ألّف هناك كتابه المسهب في غرائب المغرب ويقع في ستة مجلدات كبيرة، وهو كتاب تاريخي جغرافي للأندلس ضم تراجم لبعض الشعراء والأدباء وصف الحجاري فيه الأندلس وفضائلها وطولها وعرضها ومدنها وقراها بالتفصيل، بل واتّخذها بنو سعيد كتابه أساسًا لكتابهم المغرب في حلي المغرب. ويوصف هذا الكتاب بأنه كتاب جماعي تبنته أسرة من الأدباء وهواة التأليف.

[6] جيش التوشيح ، لسان الدين ابن الخطيب ( ت : 776 هـ )حققه هلال ناجي و محمد ماضور ، منشورات مطبعة المنار _ تونس.

[7] مقدمة ابن خلدون-دار الكتاب اللبناني-بيروت 1967

[8] هو السالك الناسك سيدي عبد القادر بن محمد بن احمد بن بلقاسم المتوفى عن سن 112 سنة ليلة الإثنين قبيل فجر 26 رمضان 1266 = 5/8/ 1850 و دفن بزاويته المشهورة بمكناس.

يعتبرعلمٌ منير في سماء الأدب والتصوف، وهو من بين القلة القليلة التي ترجم لها المؤرخون فيما يرجع لشعراء الملحون فقد قال عنه صاحب الإتحاف ،( نشأ في صيانة وعفاف، لا يعرف لعبا ولا لهوا ولا ما يرجع لزخرف الحيات وزينتها ) ،وكان رحمه الله من أهل المقامات العالية والأحوال السنية وكان أميا ومع ذلك فقد تلقى العلوم بالسمع عن مشايخ زمانه.

-         وقال صاحب الإعلام ، ذكر محمد فضُّول المكناسي المتوفي بها عصر يوم الأحد سادس ربيع الثاني عام 1320 أنه سمع مباشرة من الشيخ الجليل سيدي عبد القادر العلمي بأنه لم يدر لذَّة الجماع قط طول عمره ولم يزل كما ذكر له إلى أن أدرك مقام الكاملين، وغاية درجة الواصلين، ونعته أتباعه ومريديه بقولهم ( كان عبدا حصورا لم يحتلم قط ) . (الإعلام بمن حل بمراكش من أعلام)

[9] محمد بوزوبع (1940-23 يناير 2015) هو مطرب مغربي راحل يعتبر من رواد فن الملحون المغربي . ... اشتغل الحاج محمد بوزوبع أستاذا للموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى دار آعديل بفاس منذ سنة 1961 إلى أن أحيل على المعاش.

[10] من روائع من فن الملحون : قصيدة الشمعة، قصيدة الغزال فاطمة...


[11]   محمد المنوني، ركب الحاج المغربي، مطبعة المخزن، تطوان 1953، ص. 16.

[12]ومما يمتاز به الملحون أيضا الرحلة من جهة وصف البلاد أو أحياء مدينة من المدن ما يتخيلون من أن المحبوبة  تركت عند حبيبها حاجة كحلي أو نحوه كتذكار ثم ضاعت له فأخذ يبحث عنها. وتسمى هده القصائد بالشيء الضائع كالخلخال, السوار الدواح المقياس .سوار التالف (ضفيرة من شعر المحبوبة ) والدمليج.


[13]   الورشان: الحمام

[14]الشعر الملحمي”الغزوات” مثلا: المسلمون مع الكفار، الغزوات الإسرائيلية...وقد منعت هذه القصائد على المداحين المتجولين بين الأسواق في المغرب من طرف السلطات الفرنسية لأنها تزرع الحماسة الوطنية والدينية في الأهالي.


[15]    عباس، الجراري، القصيدة، مكتبة الطالب مطبعة الأمنية، الرباط، 1970.

[16]عز الدين المعتصم، في كتاب صدر حديثا عن "منشورات رونق" بعنوان "النزعة الصوفية في الشعر الملحون بالمغرب - دراسة في الرموز والدلالات"،

[17] أحمد الطريسي أعراب : الرؤية والفن في الشعر العربي الحديث بالمغرب

المؤسسة الحديثة – الدار البيضاء، ط I :1987، ص 241 وما بعدها.

[18] حربتها : راح الليل، وعلم الفجر تاك الصبح الراقي ** دور على الحضرا بفناجلك تزيان الموسيقى واجرع للساهي ايفيق.

[19] الملحون هو بالفعل خزان للثقافة المغربية العربية الأمازيغية الأندلسية ومظاهر حياتها الأصيلة، فهو مزيج من فن العيطة الشعبي والأندلسي الغرناطي الذي يتميز به خصوصًا المغرب، ويتخذ من اللهجة العامية أداة له، ومن مضامين اللغة الفصحى بشعرها ونثرها مادته التي تتلون مواضيعها بألوان التوسلات الإلهية والمدائح النبوية والربيعيات والعشق والهجاء والرثاء.

   لقد ركز نُظّام هذا الفن ومنشدوه بالأساس على الكلمات أكثر من تركيزهم على الموسيقى، فنصوصه المغناة موزونة وقريبة من الشعر العربي الكلاسيكي، وحافلة بالبلاغات الأدبية، غير أنها تعتمد دائمًا على الحكاية، فالسرد يشكل العمود الفقري لكل أغاني الملحون.


[20]  انظر ترجمته في: الفاسي، المعلمة، تراجم، م. س.، صص. 349-350.

[21]  محمد المنوني، مظاهر يقظة المغرب الحديث، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1985، ط. 1، ج. 2.

تولى السلطان مولاي عبد العزيز الخلافة عن والده السلطان الحسن الأول مبكرا جدا (كان عمره 14 سنة)، ما جعله غير مؤهل آنذاك لتولي زمام السلطة، انطلاقا من الأحكام السلطانية المرعية حينها، فكان تدبير زمام أمور البلاد بيد الوصي على العرش والصدر الأعظم للدولة، أحمد بنموسى، المعروف باسم "با حماد".

في كتابه المعنون بـ"حميمية السلطان"، أشار الكاتب الفرنسي "كابريال فيري" إلى أن رغبات السلطان في اللهو وصلت حد اللعب بالنار وإطلاق المدافع في البحر، والهدف ليس ضرب العدو وإنما الاستمتاع.

Gabriel Veyre, Dans l'intimité du Sultan , Paris, Librairie universelle, 1905 , Réédition illustrée

أنظر الكتاب على الموقع :

https://gallica.bnf.fr/ark:/12148/bpt6k5807176k.texteImage

[22] السلطان المولى عبد الحفيظ، داء العطب قديم، مخطوط الخزانة الحسنية، الرباط، تحت رقم 11400ز.

أنظر: عبد المجيد القدوري، «قراءة لأزمة مطلع القرن العشرين من خلال مخطوط «داء العطب قديم للمولى عبد الحفيظ»، مجلة أبحاث، ع. 21، س. 5، صيف 1989، صص. 31-46.

[23] للسلطان قصائد اخرى مثل :

-  قصيدة الطامة الكبرى

- قصيدة لَسْعُ العقارب والأفاعي في إفشاء خبيث المساعي.

- قصيدة في الحماية والحماة (ميمية)

- قصيدة ثانية في نفس الموضوع، انظر: عبد الله الجراري، شذرات تاريخية من 1900 إلى 1950، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1976، صص. 32-38، وعبد الله كنون، «السلطان مولاي حفيظ والحماية»، مجلة دعوة الحق، ع. 234، مارس 1984، صص. 7-10.


[24] الفاسي، محمد،  معلمة الملحون، الرباط، مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية، الجزء الثالث: روائع الملحون، 1990.

https://www.noor-book.com/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%B1%D8%AC%D9%85%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-pdf