تراجع الإعصار شاهين الذي ضرب سلطنة عمان إلى عاصفة مدارية، بعد دخوله اليابسة بين ولايتي المصنعة والسويق مصحوبا بأمطار غزيرة ورياح شديدة تصل سرعتها إلى 150 كيلومترا في الساعة.
وانتشلت السلطات جثتين من أنقاض جبل انهار في العاصمة مسقط، كما لقي طفل مصرعه بعدما جرفته المياه الناجمة عن الإعصار شاهين، بينما فقد اثنان آخران بينهما طفل.
الإعصار هو عواصف هوائية دوارة حلزونية عنيفة، تتشكل من مجموعة من العواصف الرعدية. وأكبر أنواع العواصف هي المدارية أو الاستوائية، وتسمى العاصفة إعصارا عندما تزيد سرعة الرياح على 119 كلم/الساعة.
تنشأ الأعاصير فوق المياه الدافئة لمحيطات المناطق المدارية (الأطلسي والهادي والهندي) التي تقع بين خطي عرض 5 و20 شمال خط الاستواء وجنوبه، خاصة في فصلي الصيف والخريف، وتعرف باسم الأعاصير الاستوائية أو المدارية أو الأعاصير الحلزونية، لأن الهواء البارد ذا الضغط المرتفع يدور فيها حول مركز ساكن من الهواء الدافئ ذي الضغط المنخفض.
يؤدي هذا الانجذاب إلى تبخر الماء بكثرة، ويرتفع هذا البخار الخفيف إلى أعلى وسط الهواء البارد في عملية ركم مستمرة تؤدي إلى زيادة رفعه إلى أعلى، وزيادة شحنه بمزيد من بخار الماء.
يبدأ بخار الماء في التكثف والتبرد، فتتكون منه قطرات الماء الشديدة البرودة، وكل من حبيبات البرد وبلورات الثلج. وبمجرد توقف عملية الركم يبدأ المطر بالهطول، وقد يصاحب هذا الهطول عواصف برقية ورعدية وسيول ونزول البرَد والثلج.
بتكرار تلك العمليات يزداد حجم منطقة الضغط المنخفض فوق البحار الاستوائية، وهذا يحصرها بين مناطق باردة ذات ضغط مرتفع، مما يزيد الفرص أمام تكون السحب وركمها، وبالتالي يزيد من شحنها ببخار الماء.
تبدأ الكتل الهوائية ذات العواصف الرعدية والبرقية في الدوران، فتحدث عاصفة هوائية شديدة السرعة تعرف باسم العاصفة الاستوائية أو العاصفة المدارية، أو الإعصار الاستوائي أو المداري البحري، أو باسم الإعصار الحلزوني المداري.
جدار الإعصار: وهو جدار ضخم من الغيوم الكثيفة والعواصف الرعدية المدمرة، يدور حول عين الإعصار، ويزيد بعده الأفقي على 100 كلم، ويتميز بحركات هوائية عمودية صاعدة عنيفة. ويمثل هذا الجدار الجزء الشديد الاضطراب في الإعصار، ويكون مصحوبا بهطول الأمطار المغرقة والبرق والرعد.
تصنف الأعاصير المدارية وفق 5 فئات، بحسب سرعة الرياح فيها على مقياس "سافير-سيمبسون" (Saffir-Simpson)، حيث يصنف الإعصار من الفئة الأولى عندما تصل سرعة الرياح المستمرة إلى 119-153 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الثانية عندما تكون الرياح المستمرة بسرعة 154-177 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الثالثة مع سرعة 178-208 كيلومترات في الساعة، ومن الفئة الرابعة بسرعة 209-251 كيلومترا في الساعة، ومن الفئة الخامسة عندما تزيد سرعة الرياح المستمرة على 252 كيلومترا في الساعة.
تسجل هذه الأعاصير في شمال المحيط الأطلسي بين شهري يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، وشرق شمالي الهادي وغربه الشمالي أيضا، وتسجل في جنوب خط الاستواء بين نوفمبر/تشرين الثاني ومارس/آذار، ويبدأ موسم الأعاصير في منطقة المحيط الهندي ما بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار.
تنشأ الأعاصير فوق المياه الدافئة عند خط الاستواء، ويمتص الهواء فوق سطح المحيط الحرارة والرطوبة، لتنشأ بعدها دوامات من الهواء نتيجة ارتفاع الهواء الساخن للأعلى، من منطقة الضغط المنخفض إلى منطقة الضغط المرتفع.
ما إن يرتفع هذا "الهواء الساخن" بدرجة كافية في الغلاف الجوي، حتى يبرد ويتكثف في السحب، لتنشأ عندها دوامة من الهواء والسحب المتنامية وتتحول إلى عاصفة رعدية.
الشرط الأول اللازم لمواجهة الأعاصير هو السيطرة على زيادة درجة حرارة مياه المحيطات التي تُعد السبب الرئيسي في زيادة الأعاصير، ولا سيما في المحيط الأطلسي.
في تقرير نُشر على موقع "لايف ساينس" (Live Science)، صرّح جيري بيل المختص بالأعاصير الموسمية الرئيسية في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي "نوا" (NOAA) في واشنطن، بأن "هناك نوعين من الأنماط المناخية السائدة التي تتحكم في أنماط الرياح والضغط عبر المحيط الأطلسي".
الأولى، هي دورة "النينيو" أو "النينا"، وهي دورة مناخية تحدث في المحيط الهادي، وتؤثر بشكل كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم. تبدأ دورة النينا عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء، لتطفو بعد ذلك على مياه شمال غرب أميركا الجنوبية.
النمط المناخي الثاني هو التذبذب المناخي المتعدد العقود في المحيط الأطلسي (AMO)، والذي يعرف بأنه نمط من التذبذب المناخي الذي يستمر في أي مكان لمدة تتراوح ما بين 25 و40 عاما، ويرتبط بالمياه الأكثر دفئا في المحيط الأطلسي والرياح الموسمية الأفريقية الأقوى.
تعرف الأعاصير بأسماء محلية في مناطق حدوثها، مثل هاريكين في شمال المحيط الأطلسي وشرقي المحيط الهادي وبحر الكاريبي، والتايفون في غربي شمال المحيط الهادي والفلبين، والسايكلون في المحيط الهندي وجنوبي المحيط الهادي.
يطلق العلماء على الأعاصير أسماء أعلام لسهولة التعرف عليها ومتابعتها، والأسماء عبارة عن قوائم معدة سلفا ومرتبة أبجديا (باللغة الإنجليزية) لأسماء ذكور وإناث بالتناوب.
إذا كان الإعصار مدمرا لدرجة كبيرة وكان عدد الوفيات التي سببها عاليا، يعتبر ذلك الاسم مشؤوما ويتم شطبه من القائمة واستبداله باسم آخر من نفس الجنس وبنفس الحرف المشطوب، للحفاظ على التسلسل الأبجدي لقائمة الأسماء.
وفقا لدراسة -نشرت بدورية "بي ناس" (PNAS) في مايو/أيار 2020- خلص باحثون من مراكز عدة مختصة بعلوم المناخ والمحيطات في أميركا، إلى أن الاحتباس الحراري يتسبب بزيادة عدد العواصف المدارية وزيادة تواترها أيضا.
وقد شهد عام 2020 أحد هذه العواصف، وذلك عندما ضرب إعصار "بوليت" من الفئة الأولى اليابسة في برمودا في سبتمبر/أيلول 2020، ثم تحول إلى الفئة الثانية، ثم ضعف وتلاشى بعد حوالي 5.5 أيام.
لم تكن هذه نهاية الإعصار الذي استعاد قوته وصنف كعاصفة مدارية، وذلك على بعد 480 كيلومترا من جزر الأزور. ويتوقع العلماء حدوث عواصف الزومبي بشكل أكثر تواترا مع ارتفاع درجة حرارة المياه.
رسميا، يبدأ موسم الأعاصير في المحيط الأطلسي في الأول من يونيو/حزيران ويستمر حتى 30 نوفمبر/تشرين الثاني. ويبدأ موسم الأعاصير في شرق المحيط الهادي في 15 مايو/أيار وينتهي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني. ومع ذلك، فإن غالبية العواصف الشديدة تحدث بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول في المناطق الساحلية.
وقد شهد عام 2021 -حتى الآن- عددا من الأعاصير، نذكر منها: العاصفة الاستوائية "آنا" في 22 مايو/أيار شمال شرق برمودا، والعاصفة الاستوائية "بيل" في 14 يونيو/حزيران جنوب شرق هاليفاكس، وتحديدا بمقاطعة نوفا سكوشا، والعاصفة الاستوائية "كلوديت" في 17 يونيو/حزيران، بساحل الخليج.
أيضا العاصفة الاستوائية "داني" في 28 يونيو/حزيران التي وصلت إلى اليابسة شمال هيلتون هيد مباشرة في جزيرة ريتشاردز بكارولينا الجنوبية، وإعصار "إلسا" في الثاني من يوليو/تموز شرق الكاريبي، وهو إعصار من الفئة الأولى، وأخيرا إعصار شاهين في سلطنة عمان في أكتوبر/تشرين الأول.
ويتوقع أن يشهد ما بقي من عام 2021 أعاصير شديدة، فقد صرّحت "الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" (NOAA) -في 20 مايو/أيار من العام الجاري- بأن هناك احتمالا بنسبة 70% أن يتكون موسم الأعاصير هذا العام من 13 إلى 20 عاصفة، وأن يصل منها ما يقارب 6-10 عواصف إلى حالة الإعصار، وأن يتحول 5 منها إلى أعاصير كبيرة، مما يعني أن سرعتها لن تقل عن 179 كيلومترا في الساعة كحد وسطي.
تبدأ رحلة الحفاظ على سلامتك أثناء موسم الأعاصير بخطوة بسيطة جدا تتمثل في "وضع خطة"، وهنا يمكنك الاستعانة بموقع "ريدي. غوف" (Ready.gov) الذي يقدم دليلا مبسطا لإعداد خطة شاملة لجميع أفراد الأسرة.
تساعدك الخطة في معرفة الآلية التي تمكنك من تحديد ما إذا كان من الآمن البقاء في المنزل أثناء العاصفة، أو أنه من الأفضل لك أن تغادر إلى مكان آخر، وما الطرق التي يمكنك أن تسلكها عندئذ.
في حال كنت في منطقة خالية فلا بد لك من معرفة أماكن الإقامة الآمنة أثناء العاصفة، وهنا لا بد من تحديد مكان اجتماع محدد مسبق يمكن للعائلة أن تجتمع فيه، وقد تثقل خطوط الهاتف المحمول المحلية أثناء العاصفة، لذلك قد تكون الرسائل النصية خيارا أفضل. أما فيما يخص الحيوانات الأليفة، فلا بد من تقييدها أثناء العاصفة.
غالبا ما تتسبب الأعاصير بسقوط الأشجار على الممتلكات، وهنا لا بد لأصحاب المنازل التي تقع ضمن منطقة الأعاصير من اتخاذ إجراءات احترازية دورية لحماية ممتلكاتهم، كأن يقوموا بتقليم الأشجار أو إزالتها، والتأكد من أن مزاريب المطر مثبتة في مكانها وخالية من أي كسر، والتأكد من سلامة الأسقف والأبواب والنوافذ بما في ذلك باب المرآب.
ويحتاج الذين يعيشون في بلاد الأعاصير إلى مخزون من إمدادات الطوارئ الأساسية، والتي تشمل إمدادات من المواد الغذائية غير قابلة للتلف، و"غالون" ماء للفرد يوميا لمدة لا تقل عن 3 أيام.