مستخدم:منير الشمقمق/ملعب

بداية الخلق : قبل أن يخلق الله عز و جل الجن و الإنس خلق بقدرته العظيمة هذا الكون الشاسع و ما فيه و ما يسبح فلكه و ما في باطنه، منها أنه عز و جل (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) كما خلق (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) و ما مسه تبارك و تعالى من عناء و لا نصب ( وَمَامَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ) . و قبل خلق آدم كان الجن يستوطن الأرض و كان (يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)، بعدها خلق الله عز وجل سيدنا آدم عليه السلام و أخبر الملائكة بذلك بأنه سيجعل في الأرض قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، فخلق الله الخالق آدم المخلوق (بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ) و أخبر الملائكة بأنه سينفخ فيه من روحه فيسير بشرا حيا (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي) و أمرهم بالسجود له سجود تحية وتكرمة لا سجود عبادة ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) فإمتثلت الملائكة لأمره عز وجل، إلا (إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) تكبرا و إستعلاءا على هذا الخلق الجديد (أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) فطرده الله من جنته و رحمته (اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورً) و هو العدو الأول للإنسان (إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) و يتوعد هذا العدو بأن (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ). فخلق الله عز وجل لآدم زوجته حواء ) ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا (و أسكنهما الجنة و كان لهما الرغد والواسع من العيش، الهنيء الذي لا يُعنِّي صاحبه(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا) و نهاهم الله عز وجل على التقرب من الشجرة (وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) و قد أختلف عن أي نوع من الأشجار فقيل أنها السنبلة و قيل أنها الكرمة و هناك أقوال أخرى كالتبينة، لكن الشيطان الرجيم المتكبر الذي أخرج من الجنة قام بالوسوسة لآدم و زوجته حواء (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا) فكانت عقوبتهما أن أخرجا من الجنة و أنزلا إلى الأرض (أَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا) و كانت و ستكون هذه الحياة حلبة صراع و عداوة الإنسان و الشيطان ( بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) إنسان يبحث عن النجاة من العذاب و الخلود في الجنان و شيطان يسعى و قبيله للوسوسة له و معصية الرحمان و الخلود في النيران، و كل هذا في أرض هي مستقرنا جميعا (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاع) و فيها نحيى و فيها نموت و منها نبعث تارة أخرى (فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) إلى أن يرثها الله و من عليها يوم القيامة. بعد أن تاب الله عز وجل على آدم (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ) نزل هو و زوجته إلى الأرض و بدأ التناسل و التكاثر بينهما.(وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) فبدأت الأرض بالإعمار بخلق الله ونشرهم في أقطار العالم و بدأ تشكل الأقوام و القبائل على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم،و في كل مرة يحيد قوم عن الطريق المستقيم و إتخذوا آلهة يعبدونها غير الله عز و جل و أشركوا به و أصناما و أوثانا و عبدوا النار و الشمس، و كان الله عز وجل في كل مرة يبعث رسلا و أنبياء ينصحون أقوامهم و ينهونهم عن أفعالهم و يدعونهم إلى عبادة الله الواحد القهار و توحيده في ألوهيته و ربوبيته و الإيمان به خالقا و باعثا و ينذرونهم بيوم البعث الذي فيه الجزاء و العقاب و الجنة و النار

الإيمان بالله و توحيده في ألوهيته و ربوبيته و أسماءه: أرسل الله عز وجل الرسل و الأنبياء و لدعوة أقوامهم إلى الإيمان بالله تعالى و توحيده في ألوهيته و ربوبيته و أسمائه و أفعاله، (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ) أطيعوه، وتذللوا له بالطاعة لما أمركم به ونهاكم عنه ما لكم من معبود سواه يستحقّ عليكم العبادة غيره فعلى الإنسان أن يؤمن بالله و يصدق بوجوده تبارك و تعالى و أنه فاطر السماوات و الأرض رب كل شيء و مليكه لا إله إلا هو و لا رب غيره الموصوف بكل الكمال و المنزه من كل نقصان سبحانه و تعالى، و هذه العوالم المختلفة و المخلوقات الكثيرة المتنوعة دليل على وجود خالق لها إذ ليس هناك في الوجود من إدعى خلق هذه العوالم و إيجادها سواه، كما أن العقل البشري يحيل وجود شيء بلا موجد كما أخبر بذلك عز و جل في قوله (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) و كما أثنى على نفسه (الحمد لله رب العالمين) وهناك الكثير من الآيات التي ينسب فيها الله عز وجل لنفسه كل هذه العوالم و المخلوقات ظاهرها و باطنها. و الإيمان بالله تعالى يستوجب توحيده في ربوبيته و ألوهيته، يؤمن بربوبيته تعالى لكل شيء و أنه لا شريك له في ربوبيته بجميع العالمين و تفرده بالخلق لكل شيء كما أثنى على نفسه (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) و أقر بذلك في قوله (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ ۚ)، و كذلك الإنسان يولد على الفطرة التي فطره الله عليها مسلما مؤمنا بالله و بربوبيته غير أن والداه و محيطه هما الذين يغيرون عقيدته ، فلقد شهد البشر و هم في أصلاب آبائهم بربوبيته عز و جل و أقام عليهم الحجة ليوم القيامة فقال الرب عز وجل لهم لا تأتوا يوم القيامة لتقولوا إن كنا عن هذا غافلين إنه الفطرة المركوزة في القلوب { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ } إن ربوبية لله تعالى الثابتة دون جدل تستلزم ألوهية و موجبة لها فلذلك على الإنسان أن يؤمن بألوهية الله لجميع الأولين و الآخرين و أنه لا إله غيره و لا معبود بحق سواه فالرب الذي يحي و يميت يعطي و يمنع هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له و المستحق للطاعة و المحبة و التعظيم و التقديس و الرغبة إليه و الرهبة منه يقول عز وجل (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) و كذلك قوله تبارك و تعالى (وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ )، و الشرك بالله هو شرك أكبر و مخرج من الإسلام إلى الكفر و من مات على شركه لا يغفر له إن لم يتب (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ) و يخلد في جهنم و يحبط كل عمله (مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) الإله المنفرد بالعبادة و التوحيد يختص بأسماء حسنى و صفات عليا و لا أحد يشركه فيها و لا يشبهها بأحد فيكيفها أو يمثلها، و هي ما أثبته عز وجل و وصف به نفسه أوأخبر به المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم، يقول عز من قائل (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) و كذله قول (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ)

الإيمان بالملائكة : قبل خلق البشر، ، لله تبارك و تعالى خلق الملائكة و هم من أشرف خلقه خلقهم من نور و عباد مكرمون ، و الإيمان بهم واجب لإكتمال الإيمان في قلب المؤمن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ ) و منهم المقربون منه عز وجل كجبريل و ميكائيل و إسرافيل، و منهم دون ذلك و لكل منهم وظائف هم عليها قائمون و لأمره مطيعون فمنهم الكاتبون لأعمال العباد و منهم الموكلون بالجنة و منهم الموكلون بالنار و منهم المسبحون بالليل و النهار، و منهم المكلف بالوحي جبريل عليه السلام، الإيمان بالرسل و الكتب : جبريل عليه السلام كلفه الله عز و جل بأن يكون رسولا لأشخاص كانوا صالحين في زمانهم و بين قومهم و جعل منهم رسلا و أنبياء و أنزل عليهم كلامه في كتبه و رسالاته ليدعوا الناس للإيمان و توحيد الله وحده لا شريكه و بالترغيب في التوحيد و الطاعة لبلوغ الجنة و الترهيب من الشرك و المعصية للنجاة من النار(إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) و الإيمان به واجب و شرط من شروط إكتمال الإيمان في قلب المسلم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا ) رسل آتاهم الله العلم و الحكمة و الفطنة و الصبر و العزم و محبته و طاعته و عبادته و توحيده،منهم من قصهم الله علينا في القرآن و منهم من لم يقصصه ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ۚ ) و كذلك الإيمان بما أتوا به من كتب و صحف من شروط إكتمال الإيمان و الكفر بهم و عدم تصديق رسائلهم و تكذيبها كتب مخرج عن دائرة الإيمان الى دائرة الكفر (و مَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) فأرسل موسى إلى بني إسرائيل و معه التوراة و داوود معه الزبور و الصحف لإبراهيم والإنجيل لعيسى عليهم السلام جميعا و بشر عيسى عليه السلام قومه بـ (رَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)

الرسالة المحمدية بعد أن رفع الله عيسى عليه السلام بأكثر من ستة قرون ظهر الفساد في البر و البحر و عبادة الأوثان و الشرك بالله تعالى و الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام و الزنى و الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ففسدت أخلاق الناس و إبتعدوا عن دينهم فأرسل الله نبيا من العرب لكافة الناس (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) و شاهدا على الجميع و مبشرهم بالجنة و منذرهم من العذاب و السعير (شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرً) جاء عليه الصلاة و السلام و هو آخر الأنبياء و لا نبي بعده و أعظمهم و أقربهم من الله عز وجل جاء ليتمم أخلاقهم و حاملا رسالة من سبقوه من الرسل و الأنبياء رسالة العقيدة الصحيحة و توحيد الله و عبادته و طاعته و الإبتعاد عن نواهيه، هو آخر الأنبياء إصطفاه الله و إختاره ليكون أعظمهم، بعث النبي محمد صلى الله عليه و سلم و لم تكن رسالته مقتصرة على قومه فقط، أكمل الدين بشرائعه و أحكامه و أتم نعمته على الناس أجمعين، دعا الناس إلى التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصيام و حج البيت لمن له القدرة و الاستطاعة و نهى عن الزنى و الخمر و القمار و عبادة الأصنام و و الشقاق و النفاق و سوء الأخلاق، و الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، طاعته من طاعة الله و معصيته من معصيته(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ)الايمان به واجب و اتباعه امر رباني و منهياته مما نهى الله و محبته من محبة الله عز وجل ( إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، كلامه لا (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، تأملات في بعض ما ورد في القرآن الكريم الوحي الذي أنزل عليه كان القرآن الكتاب المبين الذي أُنزل إليه عن طريق الوحي من رسول الله جبريل عليه السلام، بلسان عربي مبين (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) و هو الكتاب الذي يعتبر دستور كل مسلم في حياته و منهاج كل مؤمن في عباداته و توحيده (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بإذنِ ربِّهِم إلى صِراطِ العزيزِ الحميدِ) (إنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ). أول ما نزل على الرسول محمد صلى الله عليه و سلم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) أمر نبيه عليه الصلاة و السلام ببداية القراءة بإسم الله و أقر بالربوبية الربانية في خلق الإنسان و تعليمه ما لم يكن يعلم، الذي سمح له بتعلم بعض من علمه القدير، و بين ثنايا آيات القرآن الكريم من علوم دنيوية و أحكام دينية و شرعية، و تفسير للظواهر الكونية كالليل و النهار و الفلكية الشمس القمر و النجوم و الخسوف (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) و ذكر للظواهر الطبيعية المطر (وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ)و الرعد و البرق و السحب(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ) ، و علم الأحياء و الأجنة و عن كيفية تطور الجنين في رحم أمه ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) و من أخبار الأولين و الآخرين من الشعوب و الأمم و الأنبياء و المرسلين،(نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) و في آية أخرى (تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ ۖ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَٰذَا ۖ فَاصْبِرْ ۖ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) و عن بعض من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا هو، الروح (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلً)، القبر، البعث، الحشر(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ)، و الموت، و احياء الموتى ... و أمر فيه نبيه و خلقه من بعد بالإيمان و التوحيد و الإيمان به إلها لا شريك له رب السموات و الارض و ما بينهما و بكتبه و رسله و ملائكته، كما فيه تشريع لكل العبادات القلبية و الجسدية و المالية و اللسانية، كالذكر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) و الصلاة و الزكاة (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)و الصوم (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )و الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) و الجهاد (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )و مكارم الاخلاق الصدق و الكلمة الطيبة (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) أداء الامانة و العدل (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) و الإنفاق من المال و الصدقة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ )و الوفاء بالعقود و العهود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) و أمر بالبر و الإحسان للوالدين و لذوي القربى و الجار و (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) و حرم الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) و الميتتة و الدم و لحم الخنزير(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) كما نهى عن الزنى و اكل اموال الناس بغير حق و اكل مال اليتيم و قتل الاولاد بسبب الفقر و رفع الصوت و المشي في الارض مرحا و قتل النفس بغير النفس و التطفيف في الميزان (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (33) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۚ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35) وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا (37) كُلُّ ذَٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِندَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38))، كما نهى عن الأخلاق السيئة كالغيبة و التنابز بالألقاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، كما لم يهمل القرآن أهم شيء في تعاملات الأشخاص فيما بينهم و هو ما يسمى بفقه المعاملات كالبيع و الشراء (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ )و الدين (إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)، و تحريم الربا (وَحَرَّمَ الرِّبَا)و الرشوة (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)و التطفيف في الميزان (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)،

بالإضافة إلى فقه الخطبة و الزواج و الطلاق، ففي الخطبة قال عز وجل (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ) و الزواج (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ )و الطلاق (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ) و الصلح بين الزوجين (نْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، و فصل في أمور الزواج و الطلاق و العدة في عديد من الآيات

كل ما سبق ذكره عبارة عن لمحة جد بسيطة عن ما ورد في القرآن الكريم في و هناك الكثير من التفصيل و العديد من الآيات التي تعلمنا أمور ديننا من عبادات و دنيانا من و معاملات القرآن الكريم جاء في أسلوب بلاغي أعجز فصحاء العرب قبل علماء العلوم الدنيوية و الفلكية و الطبية ... و تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله (و إن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) و مزال التحدي قائما و كذلك مزال العجز و اليأس في نفوس الكفار و الملحدين لإبطاله أو إبطال ما جاء فيه و لأنه عز وجل حفظه من كل تحريف (نَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). كما أمرنا تبارك و تعالى بقراءته (فاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) و تلاوته (ورتّل القرآن ترتيلاً) و جعله مشهودا على قارئه (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ) ولنا فيها نافلة نتهجد بها في الليالي (مِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ) و تدبر أياته (فَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)




سبب كل هذا الكون الخلق و الرسالات ؟؟ كل هذا الخلق و البشرية منذ خلق آدم عليه السلام و هذه السماوات و الأرض و الفلك التي تجري في البحر و الشمس و القمر التي تسبح في فلك السماء و النجوم التي نهتدي بها و هذه الحيوانات و الحشرات و الإبل و الجبال و النباتات و الأشجار و الثمار بمختلف ألوانها و أشكالها و أذواقها آيات للتدبر و التفكر(إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ )، و كل هذه الرسالات و الكتب السماوية و الرسل و الأنبياء الذين بعثهم الله و قصصهم التي نص عليها القرآن الكريم في لأخذ العبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ). هذا الإنسان الذي خلقه الله عز وجل (في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) و سخر له ما في البر و البحر و هذه السموات و الأرض باطنها و ظاهرها و ما في هذا الكون من آيات كونية و فلكية خلقه الله تعالى في أحسن تقويم فأحسن خلقه (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) من (نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) و جعل له (عَيْنَيْنِ *وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ) و هداه (النَّجْدَيْنِ) و جعل له (أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا) و (أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا) و(أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا) و( آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا)، و يمر الإنسان في حياته عبر مراحل طفل ضعيف ثم شاب قوي إلى شيخ ضعيف (مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)، و هذا الكون و هذا الخلق لم يكن صدفة بل له خالق و رب ( أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ (58) أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) و (أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) و لسبب أن تكون متاعا لنا و لأزواجنا و لأهلنا و لأولادنا و حتى لأنعامنا ( مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ )، و حتى الإنسان لم يخلقه الله عز و جل عبثا هكذا و بلا حكمة من دون هدف في هذه الحياة يحيى فيها و يموت فقط (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا ) بل خلقنا الله عز وجل لغاية وحيدة و هدف واحد و هي عبادته أحسن العبادة و توحيده في ألوهيته و ربوبيته (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالرب الخالق المالك لكل شيىء يستوجب أن تكون له العبادة وحده لا شريك له و أن تكون خالصة لوجه الكريم (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي ) ، فالرب الخالق البارىء المصور رب كل شيء و مليكه يستحق أن تقيم الصلاة له (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) في وقتها (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) و في أوقاتها المشروعة (أقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ) و أن تذكره في كل الأحوال (فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ) و تسبحه في كل الأوقات (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) و تطلب عفوه و مغفرته (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) و أن تزكي من مالك (وَآتُوا الزَّكَاةَ) و تصوم رمضان (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) و تحج البت الحرام إن إستطعت إليه سبيلا (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) و الصدقة (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، هذه هي غاية خلق الإنسان في هذه الدنيا الزائلة ألا و هي العبادة لأننا ( لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )، و مما تكرم به الله على عباده مغفرة الذنوب لمن تاب و أصلح و أناب و عاد إلى الطريق المستقيم فينادي فيهم (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ) نداء لشد إنتباه المذنب و العاصي و الذي أفرط فيها فيبشرهم الله عز وجل (لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ ) و يضيف و يأكد بـأنه سيغفر ذنوبهم (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ ) و مرة أخرى يؤكد على صفتين جليلتين فيه (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، و في آية أخرى يؤكد تبارك و تعالى على غفران كل الذنوب لمن تاب (مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، و باب التوبة مفتوح لكل مذنب و قبل شروق الشمس من مغربها و أن تغرغر الروح بالخروج فالإنسان مهما عمر على هذه الأرض فسيلحق لمرحلة النهاية ألا و هي الموت(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ) و كلنا سنمر على هذه المرحلة (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ) و في هذه المرحلة يتم قطع صلته بالحياة الدنيا (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) و و يدخل في مرحلة سكرات الموت (جَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) و تقبض روحه إلى بارئها ( قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) و يسير الإنسان جسدا بلا روح إلى حفرة من تراب (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ )و في القبر الحساب و السؤال قبل يوم الحساب، و يوم الحساب (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ) و يوم (يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا) و يوضع الكتاب الذي (لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ ) من أعمال الإنسان في الحياة الدنيا (فمن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)، فأما (مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ(20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24) وَأَمَّا (مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ (28)هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ) وأما الذي إتبع طريق الفساد و الظلال و إتخاذ أصدقاء السوء و لم يتبع سبيل رسول الله فيتحسر و هم يعض على يديه (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا )،أو (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ) أو (تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) و من يتبع طريق الحق و سبيل ربه و نبيه محمد صلى الله عليه و سلم يكون جزاؤه ( الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا)، هؤلاء هم الذين (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ... فالحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على أصحابه أجمعين و سلم تسليما كثيرا