مستخدم:منيره البوسيف/ملعب

سلوك سلوكيات سلبية في الشراء والاستهلاك علامة باركود سلوكيات اقتصادية!!! د. زيد بن محمد الرماني

تاريخ الإضافة: 6/5/2010 ميلادي - 23/5/1431 هجري زيارة: 4541

حفظ بصيغة PDF نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

إن هناك سلوكيات اقتصادية بدأت في الظهور والانتشار في المجتمعات المعاصرة تمثل عبئًا اقتصاديًّا لها آثار ضارة على الاقتصاد الأسري، وكذا الاقتصاد الوطني، فضلاً عن اقتصاد المجتمعات والدول. وتعد سلوكيات التخمة وإدمان الشراء، والاستهلاك الشره وهوس التسوق، وحُمَّى الإسراف والترف - أمثلة نموذجية لتلك السلوكيات الاقتصادية. وهناك على سبيل المثال مجموعة من الحقائق والملاحظات التي يجدر التوقف عندها؛ ومنها: أولاً: فيما مضى كان كل شيء يُقتنى ويُشترى موضع رعاية وعناية، واستخدام إلى آخر حدود الاستخدام، وكأن شعار ذاك الزمان: ما أجمل القديم، أما اليوم فقد أصبح التأكيد على الاستهلاك وليس الحفظ، وأصبحت الأشياء تُشترى؛ كي تُرمى، وكأن شعار هذا الزمان: ما أجمل الجديد.

ثانيًا: لقد أصبح المستهلك المدمن على الشراء فأرًا لتجارب المصانع التجارية ذات الأهداف الاقتصادية البحتة بكل المعايير والمقاييس.

ثالثًا: للأسف قد أصبحت المصانع تنتج آلاف السلع الكرتونية التي لا يتجاوز عمرها الافتراضي بضع سنوات قليلة؛ مما يجعلها - لا تعدو كونها - قبرًا متنقِّلاً يدفع ثمنه الفرد برضا تام. رابعًا: من أهم أشكال الضياع في الموارد الاستهلاكية والهدر في المواد الأساسية - الخسارة الاقتصادية الناجمة عن الجهل والخرافة في شراء الضروريات، فالعادات الشرائية تميل لأن تكونَ ثابتة مهما كانت خاطئة. خامسًا: يلاحظ أن الإدمان على الشراء ينتشر كثيرًا بين الناس غير السعداء في حياتهم الزوجية؛ حيث تنشأ المشكلات الزوجية بسبب رغبة قوية في نفس الزوجة بالشراء، شراء ما تحتاجه وما لا تحتاجه.

وعليه فإني أرى أن عبارة (إن هناك انخفاضًا في مستوى المشتريات عن السابق) عبارة غير صحيحة؛ سواء في مجتمعنا المحلي أو في المجتمعات العربية.

لِمَ؟! ذلك لأن المشتريات أنواع وأشكال، ولكل نوع وشكل موضات ومواسم. فهناك مشتريات موسمية لرمضان، للأعياد، لمناسبات الأفراح، للمرأة والطفل، لمواد تموينية، وهناك مشتريات صيفية وشتوية، وهكذا فإن الأمر نسبي، نسبي بالنسبة لنوعية المشتريات والمشترين، ونسبي بالنسبة لكمية المشتريات وزمان الشراء. وللأسف فإننا لا نملك إحصاءات دقيقة أو أرقامًا واضحة، وهذا يؤكد أننا بحاجة لمركز معلومات يوثق المعلومة ويتابع الإحصاءات، ويحدثها ويبين الأرقام الفعلية لقضايانا المختلفة. وبيد أني أؤكد على أن عملية الشراء ليست عملية سهلة، كما يظن بعض الناس، بل تحتاج إلى تفكير ودراية. إن قرارات مثل: كم من النقود مع الأسرة معدة للشراء؟ وما نوعية الأطعمة التي تشتري؟ ومن أي الأماكن تشتري الاحتياجات؟ وكيف تخزن هذه الأطعمة؟! لا بد فيها من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الأماكن والأنواع والأثمان؛ ليكون قرار الشراء صائبًا وحكيمًا. لنأخذ مثلا البنود العشرة للاستهلاك التي تم تصنيفها دوليًّا التي تشمل: الأغذية والمشروبات، والمواد الخام، والوقود المعدني، والزيوت والمواد الكيميائية، والبضائع المصنوعة، والآلات ومعدات النقل، ومصنوعات منوعة ومعاملات غير مصنعة. ومن ثَمَّ فأول ما ينبغي مراعاته أثناء عملية الشراء هو عدم الشراء أكثر من الحاجة؛ إذ المستهلك الرشيد هو الذي يراعي قرارات الشراء والاستهلاك، بحيث تكون في الوقت المناسب وللحاجة المطلوبة، ومن المكان المناسب، وبالسعر المناسب، وبالجودة المطلوبة، وبالقدر اللازم، والحجم المناسب، والنوعية المطلوبة. وعليه فإنه يمكن القول: إن استهلاك الفرد السعودي هو كمثيله من أفراد المجتمع العربي يعد مرتفعًا وكماليًّا في معظمه. والسبب الرئيس في ذلك ما يعانيه المجتمع والسوق من مأزق استهلاكي ناتج عن عوامل رئيسة؛ منها: 1- افتقاد السلوك الرشيد لدى الأفراد المستهلكين. 2- عزوف الأفراد المنتجين عن مؤازرة الاقتصاد الوطني. 3- الافتقار إلى وجود تخطيط أو تنظيم للعملية الاستهلاكية. 4- الفاقد في الموارد المتاحة عن المنتجات الغذائية.

ولسائل أن يقول - بعد هذا - هل يتوفر بالسوق السعودية كل متطلبات الفرد السعودي؟! أقول: في الغالب الأعم: نعم، ولكن المشكلة تبرز في الثقافة الاستهلاكية غير الرشيدة والعقلية الاستهلاكية المسرفة، فالإنسان المعاصر أصبح همُّه وشغله الاستهلاك، كالرضيع الذي لا يكف عن الصياح في طلب زجاجة الرضاعة، نزوع للاستهلاك نزوع لابتلاع العالم بأَسْره!!
إن أكثر ما يشغل العقلية الاستهلاكية المعاصرة هو توفير الاحتياجات المادية، واقتناء كل ما يستجد عرضه في الأسواق، وعلى صفحات الإعلانات والجرائد اليومية.

وللأسف فإن هناك أسبابًا كثيرة لانجراف الناس نحو الشراء والمزيد منه، من أبرزها: 1- الإعلان الاستهلاكي وتأثيراته الخطيرة، ففي عام واحد تمَّ إنفاق ما يقرب من 200 مليار دولار في ميدان الإعلان، والمشكلة أن غالبية هذه النفقات تستهدف تكوين عادات شرائية خاطئة، بل إن الإعلانات التجارية تمارس دورًا كبيرًا في خداع المستهلك، ودفعه إلى المزيد من الشراء لأشياء كثيرة لا حاجة به إليها فِعْلاً. 2- جنون الاستهلاك؛ إذ نتيجة للإفلاس الروحي قام كثير من الناس بإحلال الشهوات وأصناف المتع محل السعادة، والإشراق الروحي. إن جنون الاستهلاك والتبذير غير المنضبط، والإسراف الشديد في المنتجات - أدى ذلك إلى تسارع نضوب الموارد غير المتجددة. ومما يؤسف له أن العالم الإسلامي يسير في الطريق نفسه الذي تسير فيه الدول الصناعية من استهلاك وتبذير وإسراف. 3- الشراء النزوي الذي أصبح عادة استهلاكية، وظاهرة سلوكية لدى كثير من الناس نتيجة لحدوثها باستمرار، خاصة بعد انتشار المتاجر، وما يُعرف بالسوبر ماركت، والهايبر ماركت التي تعرض السلع بشكل جيد وجذاب، وتستخدم أسلوب الخدمة الذاتية والعروض الترويجية، وحسب بعض الدراسات والإحصاءات فإن هناك 60% من قراراتنا قرارات نزوية. 4- حُمَّى الشراء وهوس التسوق، لقد قيل: إن ما ننفقه على أغراض الزينة الزائفة يكفي لكساء جميع العراة في العالم؛ إذ نشهد في أيامنا هذه سباقًا محمومًا يترافق معه أساليب تسويقية وأساليب إعلانية ودعايات كثيفة من أجل الشراء والمزيد منه. في الختام أجدني مضطرًا للتوقف عند عدد من النتائج والتوصيات؛ منها: أولاً: سلوك المستهلك السعودي يمكن أن نلاحظه على النحو التالي: 40-60% من دخل الأسرة السنوي ينفق على الغذاء. 15-20% على الكساء والترفيه والعلاج والسياحة. 5-10% على التأثيث والأجهزة الكهربائية. 5-15% على التعليم والسكن والمدخرات، فماذا تعني هذه النسب؟!

ثانيًا: أثبتت أكثر من دراسة أن:

نسبة كبيرة من الأسر تلجأ إلى الاستدانة والاقتراض بفوائد مرتفعة؛ لتلبية حاجاتها.

ثالثًا: لقد فهم العالم الصناعي الغربي أوضاعنا الدينية والاقتصادية والاجتماعية:

ومن ثم غزانا بفكرة المجتمع الاستهلاكي، ذلك المجتمع الذي يسوده المال من حيث يلهث فيه المرء وراء الكسب؛ ليتمكن من استهلاك أوفر ورفاهية أفضل.

رابعًا: تشير بعض الإحصاءات إلى:

أن قرابة 88% من الأسر في المجتمعات المعاصرة تنفق أكثر من حاجاتها الاستهلاكية.


[1]

  1. ^ كتاب مهارات ادارية