مستخدم:منصورالواقدي/تجارب

عناوين عدل

الجلوس على الطرقات عدل

الجلوس بالطرقات أو الجلوس على الطرقات أو الجلوس في الطرقات،[1] وجمع طريق طرق، والطرقات جمع طرق، والطريق أو الممشى أو المسار أو الممر أو الشارع أو غير ذلك كلها بمعان متقارب لنفس المقصود، والطريق من الضروريات التي يحتاجها الناس في حياتهم للمرور والدخول في مختلف الأحوال، إذ لا يتصور وجود مسكن أو متجر أو ما شابه ذلك إلا ومع ذلك طريق للوصول إليه، وقد ذكر العلماء في فروع الفقه أنه يشترط في بيع الدار ونحوه العلم بممره وتوابعه، والطريق أو ما في معناه من الممرات أو المنافذ وغيرها إما أن يكون في نفس الملك مثل المزرعة التي تكون فيها ممرات داخلية، وإما أن يكون من الأملاك العامة كالشارع، فصاحب الدار يملك حق الممر ولا يملك الشارع، بمعنى: أنه لا يحق له أن يمنع المارة من المرور، ولا يحق له إنشاء بناء في الشارع، ويحق له أن يمنع الناس من الجلوس أمام بيته.

الجلوس بالطرقات في الشرع الإسلامي منهي عنه إلا للحاجة بشرط أن يلتزم الجالس بحق الطريق ومنها: كف الأذى وغض البصر وحفظ العورات ورد السلام ومراعاة الآداب الشرعية وغير ذلك من حقوق الطريق، وإنما كان النهي عن الجلوس بالطرقات لكونها جعلت لحاجة الناس فيها ولا تصلح للجلوس فيها إلا للحاجة، ولأن الجلوس فيها قد يؤدي إلى الاطلاع على العورات أو النظر إلى ما لا يحل أو استماع ما يدور في البيوت من أفعال وأقوال فيعد من التجسس، وقد يؤدي إلى التضييق على الناس في المرور والتحرج منه وخصوصا النساء، واعتياد الجلوس في الطرقات قد يكون مخلا بالمروءة،

النهي عن الجلوس بالطرقات عدل

ثبت النهي عن الجلوس بالطرقات من خلال أدلة الشرع العامة التي تحمل بمضمون دلالاتها العامة النهي عن الجلوس بالطرقات إلا لمن راعى الآداب الشرعية ومنها كف الأذى وغض البصر وغير ذلك من الآداب التي دلت عليها نصوص الكتاب والسنة وأجمعت عليها الأمة، وثبت في الأحاديث الصحيحة تفصيل النهي عن ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه بسنده: "عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والجلوس بالطرقات» فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال: «إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»".[2] قوله: «إياكم» هو للتحذير بمعنى: احذروا الجلوس بالطرقات، وقوله: «والجلوس»: بالنصب، وقوله: «بالطرقات»، وفي رواية الكشميهني: «في الطرقات»، وفي رواية حفص بن ميسرة: «على الطرقات»، ذكره ابن حجر في الفتح وقال: "وهي جمع الطرق بضمتين وطرق جمع طريق، وفي حديث أبي طلحة عند مسلم: "كنا قعودا بالأفنية"، جمع فناء بكسر الفاء ونون ومد وهو المكان المتسع أمام الدار "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما لكم ولمجالس الصعدات»، بضم الصاد والعين المهملتين جمع صعيد وهو المكان الواسع، ومثله لابن حبان من حديث أبي هريرة، زاد سعيد بن منصور من مرسل يحيى بن يعمر: «فإنها سبيل من سبيل الشيطان أو النار»". وعقب هذا التحذير من الجلوس بالطرقات ذكروا وقوع الحاجة إلى الجلوس فيما يعرض لهم فقالوا: يا رسول الله: ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، قال عياض: فيه دليل على أن أمره لهم لم يكن للوجوب وإنما كان على طريق الترغيب والأولى إذ لو فهموا الوجوب لم يراجعوه هذه المراجعة وقد يحتج به من لا يرى الأوامر على الوجوب، ذكره ابن حجر في الفتح وقال: "ويحتمل أن يكونوا رجوا وقوع النسخ تخفيفا لما شكوا من الحاجة إلى ذلك ويؤيده أن في مرسل يحيى بن يعمر فظن القوم أنها عزمة ووقع في حديث أبي طلحة: فقالوا: إنما قعدنا لغير ما بأس قعدنا نتحدث ونتذاكر".[3]

فأجابهم بقوله: «فإذا أبيتم»، بالفاء، وفي رواية الكشميهني: «إذا أبيتم»، بحذف الفاء، هكذا ضبطه ابن حجر، وقوله: «إلا المجلس» معناه: فإن أبيتم إلا أن تفعلوا ذلك، كما دلت على ذلك رواية الطبراني، أو إن كنتم لا بد فاعلين، وفي حديث عائشة عند الطبراني في الأوسط بلفظ: «فإن أبيتم إلا أن تفعلوا»، وفي مرسل يحيى بن يعمر بلفظ: «فإن كنتم لا بد فاعلين». قال: «فأعطوا الطريق حقه»، وفي رواية حفص بن ميسرة: «فأعطوا الطريق حقها»، بالتأنيث حيث أن لفظ: الطريق يذكر ويؤنث، وفي حديث أبي شريح عند أحمد: «فمن جلس منكم على الصعيد فليعطه حقه». قالوا: وما حق الطريق؟ وفي حديث أبي شريح: قلنا يا رسول الله وما حقه؟، أي: الطريق قال: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

حق الطريق عدل

حق الطريق أي: ما يعم كافة الحقوق، ومعظمها حقوق عامة وآداب شرعية إلا أنها هنا مطلوبة على وجه التأكيد ومن أجل الطريق، ودلت عليها الأحاديث الصحيحة ومنها ما رواه البخاري وغيره في النهي عن الجلوس بالطرقات على وجه التحذير منه في الحديث عند البخاري بلفظ: "«إياكم والجلوس بالطرقات» فقالوا: يا رسول الله ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها فقال: «فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»".[4] فبين في الحديث حق الطريق وهو في رواية للبخاري بلفظ: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، قال ابن حجر في الفتح: "وفي حديث أبي طلحة الأولى والثانية وزاد: «وحسن الكلام»، وفي حديث أبي هريرة الأولى والثالثة وزاد: «وإرشاد ابن السبيل وتشميت العاطس إذا حمد»، وفي حديث عمر عند أبي داود وكذا في مرسل يحيى بن يعمر من الزيادة: «وتغيثوا الملهوف وتهدوا الضال»، وهو عند البزار بلفظ «وإرشاد الضال»، وفي حديث البراء عند أحمد والترمذي: «اهدوا السبيل وأعينوا المظلوم وأفشوا السلام»، وفي حديث ابن عباس عند البزار من الزيادة: «وأعينوا على الحمولة»، وفي حديث سهل بن حنيف عند الطبراني من الزيادة: "ذكر الله كثيرا"، وفي حديث وحشي بن حرب عند الطبراني من الزيادة: «واهدوا الأغبياء وأعينوا المظلوم»".[3]

وقد اشتملت آداب الطريق على معنى علة النهي عن الجلوس في الطرقات مما يعرض في الطريق ويطلب بسببها إعطاء الحقوق التي لا تطلب منه إذا كان في بيته وربما قصر فيها ووقع في الإثم أو كان في جلوسه سببا إيذاء الآخرين أو إلحاق الأذى بنفسه، وذلك أنه قد يعرض له في الطريق عوارض كثيرة من التعرض للفتن بخطور النساء ودخولهن وخروجهن ومرورهن في الطريق وخصوصا الشواب ومن ثم كان النهي عن الجلوس في الطريق لما في ذلك من مظنة وقوع الفتنة وخوف ما يلحق من النظر إليهن من ذلك إذ لم يمنع النساء من المرور في الشوارع لحوائجهن، وما يلحقه من التعرض لحقوق الله وللمسلمين مما لا يلزم الإنسان إذا كان في بيته، ومما يعرض له من رؤية المنكر وتعطيل المعروف فيشتغل بما يلزمه تجاه ذلك حيث يجب على المسلم الأمر والنهي عند ذلك، فإن ترك ذلك فقد تعرض للمعصية، وكذا يتعرض لمن يمر عليه ويسلم عليه فإنه ربما كثر ذلك فيعجز عن الرد على كل مار ورده عليه فرض فيأثم بتركه، هذا مضمون كلام ابن حجر في الفتح ثم قال: "والمرء مأمور بأن لا يتعرض للفتن، وإلزام نفسه ما لعله لا يقوى عليه فندبهم الشارع إلى ترك الجلوس حسما للمادة فلما ذكروا له ضرورتهم إلى ذلك لما فيه من المصالح من تعاهد بعضهم بعضا ومذاكرتهم في أمور الدين ومصالح الدنيا وترويح النفوس بالمحادثة في المباح دلهم على ما يزيل المفسدة من الأمور المذكورة".[3]

آداب الطريق عدل

والحاصل من مجموع هذه الروايات أن حق الطريق يتضمن: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي الرواية الأخرى: غض البصر، وكف الأذى، وحسن الكلام، وفي الرواية الأخرى: غض البصر، ورد السلام، وإرشاد ابن السبيل وتشميت العاطس إذا حمد، وفي الرواية الأخرى: إغاثة الملهوف وهداية الضال، وفي رواية للبزار بلفظ: وإرشاد الضال، وفي رواية لأحمد والترمذي بزيادة: إعانة المظلوم، وفي رواية للبزار بزيادة: الإعانة على الحمولة، وللطبراني زيادة: ذكر الله، ولكل منها شواهد في أحاديث أخرى دلت عليها، ومجموع ما في هذه الأحاديث أربعة عشر أدبا، إفشاء السلام، وإحسان الكلام، وتشميت العاطس إذا حمد ورد السلام والمعونة على الحمل وإغاثة المظلوم وإغاثة الملهوف وإرشاد ابن السبيل وهداية الحيران والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكف الأذى وغض البصر والإكثار من ذكر الله، وقد نظمها ابن حجر العسقلاني في ثلاثة أبيات فقال:

جمعت آداب من رام الجلوس على ال
طريق من قول خير الخلق إنسانا
افش السلام وأحسن في الكلام وشمـ
ـت عاطسا وسلاما رد إحسانا
في الحمل عاون ومظلوما أعن وأغث
لهفان اهد سبيلا واهد حيرانا
بالعرف مر وانه عن نكر وكف أذى
وغض طرفا وأكثر ذكر مولانا

قال ابن حجر: "وقد اشتملت على معنى علة النهي عن الجلوس في الطرق من التعرض للفتن بخطور النساء الشواب وخوف ما يلحق من النظر إليهن من ذلك إذ لم يمنع النساء من المرور في الشوارع لحوائجهن ومن التعرض لحقوق الله وللمسلمين مما لا يلزم الإنسان إذا كان في بيته وحيث لا ينفرد أو يشتغل بما يلزمه ومن رؤية المناكير وتعطيل المعارف فيجب على المسلم الأمر والنهي عند ذلك، فإن ترك ذلك فقد تعرض للمعصية، وكذا يتعرض لمن يمر عليه ويسلم عليه فإنه ربما كثر ذلك فيعجز عن الرد على كل مار ورده فرض فيأثم والمرء مأمور بأن لا يتعرض للفتن وإلزام نفسه ما لعله لا يقوى عليه فندبهم الشارع إلى ترك الجلوس حسما للمادة فلما ذكروا له ضرورتهم إلى ذلك لما فيه من المصالح من تعاهد بعضهم بعضا ومذاكرتهم في أمور الدين ومصالح الدنيا وترويح النفوس بالمحادثة في المباح دلهم على ما يزيل المفسدة من الأمور المذكورة".[3]

إفشاء السلام، وإحسان الكلام، وتشميت العاطس إذا حمد ورد السلام والمعاونة على الحمل وإغاثة المظلوم وإغاثة الملهوف وإرشاد ابن السبيل وهداية الحيران والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكف الأذى وغض البصر والإكثار من ذكر الله.

افش السلام
وأحسن في الكلام
وشمـ
ـت عاطسا
وسلاما رد إحسانا
في الحمل عاون
ومظلوما أعن
وأغث
لهفان
اهد سبيلا
واهد حيرانا
بالعرف مر وانه عن نكر
وكف أذى
وغض طرفا
وأكثر ذكر مولانا

غض البصر عدل

غض البصر هو من أهم حقوق الطريق، ومعناه الكف عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، وهو المقصود من إيراد حديث النهي عن الجلوس بالطرقات.[3]

كف الأذى عدل

كف الأذى معناه الامتناع عن أي إيذاء للآخرين، وكف الأذى عن الغير منهي عنه في سائر الأحوال للقاعدة الشرعية العامة التي دل عليها حديث: "لا ضرر ولا ضرار"، ويكون حقا للطريق بمعنى: أن من كان لا بد له من الجلوس فيها فعليه أن يعطي الطريق حقه ومنه: كف الأذى فلا يكون بسبب جلوسه حصول أي أذى منه، ويشمل كل ما هو أذى ولو يسير، ومن أمثلة ذلك جلب الروائح التي تؤدي الآخرين فقد نهى الشرع عن أكل الثوم والبصل ونحوه لمن يحضر الجماعة للتأذي منه، وثبت في اللحديث النهي عن التخلي أي: التبول أو التغوط في الطرقات لما فيه من الإيذاء، ومن أمثلة ذلك صدور الضوضاء ورفع الأصوات بالكلام أو ضرب الدفوف أو غير ذلك من الأصوات التي تؤذي المرتفقين في الطريق، ويكون كف الأذى كذلك بعدم التسمع أو التنصت لما يدور بين الناس، وعدم التطلع إلى عورات الناس وذويهم وبيوتهم، وعدم النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، وعدم الجلوس أمام البيوت وما في حكمها؛ لما فيه من الإيذاء وخصوصا في النساء بما قد يحصل من النظر إليهن أو تحرجهن في الدخول والخروج من بيوتهن، وعدم التضييق على الناس بالجلوس، كالتضييق على المارة أو على الساكنين أو غير ذلك من أنواع الإيذاء للآخرين، وعدم التدخل فيما لا يعني، وعدم التعرض للآخرين أو لممتلكاتهم، وعدم رمي المخلفات في الطريق بل إن أماطة الأذى عن الطريق صدقة.

قال ابن حجر في الفتح: "وأما كف الأذى فالمراد به كف الأذى عن المارة بأن لا يجلس حيث يضيق عليهم الطريق أو على باب منزل من يتأذى بجلوسه عليه أو حيث يكشف عياله أو ما يريد التستر به من حاله قاله عياض، قال: ويحتمل أن يكون المراد كف أذى الناس بعضهم عن بعض انتهى، وقد وقع في الصحيح من حديث أبي ذر رفعه: «فكف عن الشر فإنها لك الصدقة»، وهو يؤيد الأول".[3]

إفشاء السلام عدل

فأما إفشاء السلام فهو من أسباب دخول الجنة وتحصيل المحبة، وقد أفرد له العلماء بابا خاصا به.

إحسان الكلام عدل

وأما إحسان الكلام فقد أمر الله به في سائر الأحول قال الله تعالى: ﴿وقولوا للناس حسنا، وفي معناه حسن التعامل مع الآخرين، قال عياض: فيه ندب إلى حسن معاملة المسلمين بعضهم لبعض فإن الجالس على الطريق يمر به العدد الكثير من الناس فربما سألوه عن بعض شأنهم ووجه طرقهم فيجب أن يتلقاهم بالجميل من الكلام ولا يتلقاهم بالضجر وخشونة اللفظ وهو من جملة كف الأذى، ذكره ابن حجر في الفتح ثم قال: "وله شواهد من حديث أبي شريح هانئ رفعه: «من موجبات الجنة إطعام الطعام وإفشاء السلام وحسن الكلام»، ومن حديث أبي مالك الأشعري رفعه: «في الجنة غرف لمن أطاب الكلام..» الحديث وفي الصحيحين من حديث عدي بن حاتم رفعه: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة»"،

تشميت العاطس عدل

وأما تشميت العاطس إذا حمد الله فهو واجب للمسلم على المسلم، وقد أفرد العلماء بابا خاصا لتشميت العاطس.

رد السلام عدل

وأما رد السلام فهو واجب للمسلم على المسلم إذا سلم أن يرد عليه السلام،

المعاونة على الحمل عدل

وأما المعاونة على الحمل فمعناه: الإعانة على حمل الرجل على دابته أي: التي يركب عليها وخصوصا العاجز وكبير السن، ولهذا شاهد في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا: «كل سلامى من الناس عليه صدقة..» الحديث وذكر فيه: «ويعين الرجل على دابته فيحمله عليها ويرفع له عليها متاعه صدقة»، أي: يعين الرجل عند ركوبه فيرفعه على مركوبه فذلك له به صدقة، أو يعينه برفع متاعه على المركوب فذلك له به صدقة، ويدخل ضمن ذلك ما في معناه مثل إعانة الرجل في تغطية متاع أو ربط دابة أو سقيها أو ما شابه ذلك من المعونات على الخير،

إعانة المظلوم عدل

وأما إعانة المظلوم فمعناه: إذا رأى وقوع ظلم على أحد أعانه على من ظلمه كأن يعينه في رد مظلمته أو يعينه في منع من ظلمه من التمادي في ظلمه،

إغاثة الملهوف عدل

إغاثة الملهوف من آداب الطريق، والإغاثة بمعنى الإعانة له، والملهوف بمعنى المستغيث وله شاهد في الصحيحين من حديث أبي موسى وفيه: «ويعين ذا الحاجة الملهوف»، وحديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين بلفظ: «على كل مسلم صدقة»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق»، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟، وللبخاري بلفظ: "فإن لم يجد"، قال: «فيعين ذا الحاجة الملهوف»، والملهوف المستغيث أو المستجير في نائبة وهو أعم من أن يكون عاجزا أو مظلوما، وإغاثته إي: إعانته فرض كفاية، للبخاري من حديث أبي موسى الأشعري بلفظ: "قالوا: فإن لم يجد قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف»، قالوا: فإن لم يجد قال: «فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة»".[5] وفي حديث أبي ذر عند ابن حبان: «وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث»، وأخرج المرهبي في العلم من حديث أنس رفعه في حديث: «والله يحب إغاثة اللهفان»، وسنده ضعيف جدا لكن له شاهد من حديث ابن عباس أصلح منه: «والله يحب إغاثة اللهفان»".

إرشاد السبيل عدل

وأما إرشاد السبيل فالسبيل هي الطريق والإرشاد بمعنى: الدلالة على السبيل ومعناه: أن يدل الشخص على طريق وجهته التي يريدها، فقد روى الترمذي وصححه ابن حبان من حديث أبي ذر مرفوعا: «وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة»، وللبخاري في الأدب المفرد والترمذي وصححه من حديث البراء رفعه: «من منح منيحة أو هدى زقاقا كان له عدل عتق نسمة»، وهدى بفتح الهاء وتشديد المهملة والزقاق بضم الزاي وتخفيف القاف وآخره قاف معروف والمراد من دل الذي لا يعرفه عليه إذا احتاج إلى دخوله، ووقع في رواية أبي هريرة: «وإرشاد ابن السبيل»، وابن السبيل نسبة إلى الطريق وهو كالمسافر الذي يمر في طريق لا يعرفها فيدله على وجهته ويرشده إليها فذلك له به صدقة، ولأبي داود بلفظ: «وتهدوا الضال»، والضال هو الذي ضل في طريقه والتبست عليه الطرق فلم يعرف وجهته الصحيحة فيرشده إليها فله بذلك صدقة، وفي حديث أبي ذر عند ابن حبان: «ويسمع الأصم ويهدي الأعمى ويدل المستدل على حاجته»، ويسمع الأصم أي: من لا يسمع فيوصل إليه ما احتاج إلى سماعه بأن يدنو منه إن كان سمعه ضعيفا أو يشير إليه بما يفهم إن كان لا يسمع أصلا، ويهدي الأعمى الذي لا يبصر بأن يقوده ويرشده إلى وجهته ويعينه لحاجته، ويدل المستدل إذا طلب منه أن يدله على وجهته فله في كل من ذلك صدقة، وأما هداية الحيران فله شاهد في الذي قبله.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدل

وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من حق الطريق على الجالس فيها، فليس معناه الجلوس في الطريق للقيام بهذه المهمة، بل معناه أن ذلك من حق الطريق حال جلوسه فيه، ويكون في أمر عرض واحتاج إلى ذلك وهو من النصيحة، فلو رأى ولدا وهو يشتم والديه مثلا؛ نصحه وحثه على طاعة والديه، ولو رأى في الطريق صبية يؤذون رجلا أو دابة أو ما شابه ذلك، زجرهم ونهاهم عن ذلك، ويعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من التناصح والتواصي بالحق، ويكون فيما يطلب فيه النصح وفق شروط النصيحة وآدابها، فلا يأمر إلا بما علم أنه معروف ولا ينهى إلا عما علم أنه منكر لا بحسب ما يراه أو يظنه؛ لأنه قد يظهر له الشيء على خلاف ما هو عليه، وقد يكون تدخلا فيما لا يعنيه، فيطلب مراعاة شروط النصح لأن النصح قد يقع في غير موضعه، وقد يؤدي إلى مفاسد أو إثارة فتنة أو حدوث خلافات أو خصومات وغير ذلك بسبب عدم الانضباط بقواعد الشرع وآدابه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا لا يعني ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل يكون في الميسور والمقدور عليه حتى وإن علم أن نصحه لن يقبل، وقد ورد من الشواهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحاديث كثيرة منها في حديث أبي ذر بلفظ: «وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة»، وفي رواية البيهقي بلفظ: "قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فيأمر بالخير أو قال: بالمعروف»، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فليمسك عن الشر فإنه له صدقة». رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة.[6] وقوله: «فليعمل بالمعروف» أي: كإماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك، وفي رواية للبخاري في الأدب من وجه آخر عن شعبة: «فليأمر بالخير أو بالمعروف»، زاد أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة: «وينهى عن المنكر».

قوله: «وليمسك عن الشر» أي: إن لم يفعل واحدة من خصال الخير فليكف عن الشر، وفي رواية للبخاري في الأدب المفرد بلفظ: "قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فليمسك عن الشر"، ومعناه أنه إن لم يفعل معروفا فليمسك عن الشر، «فإنها» أي: هذه الخصلة وهي إمساكه عن الشر «له صدقة»، وفي رواية للبخاري في الأدب المفرد بلفظ: «فإنه» أي: الإمساك عن الشر «له» أي: للمسك «صدقة»،[7]

وأما كف الأذى وغض البصر فهما من أهم حقوق الطريق، ويدل عليهما حديث النهي عن الجلوس بالطرقات، وأما كثرة ذكر الله ففيه عدة أحاديث.[3]

صدقة السلامى عدل

قال البيهقي في السنن الكبرى: أخبرنا أبو علي الروذباري ثنا أبو بكر: محمد بن أحمد بن محمويه العسكري بالبصرة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، ثنا جعفر بن محمد القلانسي، ثنا آدم، ثنا شعبة، ثنا سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على كل مسلم صدقة»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق»، قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل؟ قال: «فيعين ذا الحاجة الملهوف»، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فيأمر بالخير أو قال: بالمعروف»، قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: «فليمسك عن الشر فإنه له صدقة». رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس، وأخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة.[8]

«»

قال البخاري في صحيحه: باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة حدثنا سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة»، فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق»، قالوا: فإن لم يجد قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف»، قالوا: فإن لم يجد قال: «فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة».[9]

وسعيد بن أبي بردة روى الحديث عن أبيه وهو أبو برده عن جده أي: والد أبيه وهو أبو موسى الأشعري.

قوله: «على كل مسلم صدقة» أي: يطلب منه على سبيل الاستحباب المتأكد أو على ما هو أعم من ذلك، والعبارة صالحة للإيجاب والاستحباب، كقوله عليه الصلاة والسلام: «على المسلم ست خصال» فذكر منها ما هو مستحب اتفاقا، وجاء في حديث أبي هريرة بلفظ: «كل يوم تطلع فيه الشمس»، بتقييد ذلك بكل يوم، وفي رواية لمسلم من حديث أبي ذر مرفوعا بلفظ: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة»، والسلامى بضم المهملة وتخفيف اللام: المفصل من مفاصل الإنسان وهي ثلاثمائة وستون مفصلا؛ وفي حديث عائشة: «خلق الله كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل».[10]

وقد جاء في حديث أبي ذر أن صدقة السلامى نهارية لقوله: «يصبح على كل سلامى من أحدكم»، أي: كل يوم يصبح فيه عليه فيه صدقة فيطلب من المرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله الثلاثمائة وستون مفصلا، ويدل حديث أبي هريرة بلفظ: «كل يوم تطلع فيه الشمس» على أنه يطلب ذلك كل يوم، والصدقة من أبواب الخير وقد ثبت في الحديث أنها تدفع البلاء، وفي حديث عائشة بلفظ: «فيمسي وقد زحزح نفسه عن النار»، أي: أن الصدقة التي يتصدق بها المرء كل يوم عن كل مفصل من مفاصل جسده يزحزح بها نفسه عن النار.

ولما كان لفظ: «الصدقة» يتباد منها إلى الذهن أنها العطية أو ما يبذله المرء من المال بين في الحديث أن صدقة السلامى لا تختص بكونها بمعنى إنفاق المال بل تشمل غير ذلك، وقد جاء في الحديث: "فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟"، قال ابن حجر في الفتح: "كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية، فسألوا عمن ليس عنده شيء، فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك، ولو بإغاثة الملهوف والأمر بالمعروف، وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخل به؟ فيه نظر، الذي يظهر أنها غيرها لما تبين من حديث عائشة المذكور أنها شرعت بسبب عتق المفاصل حيث قال في آخر هذا الحديث: «فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار»". قال ابن حجر في الفتح: "وفي الحديث أن الأحكام تجري على الغالب لأن في المسلمين من يأخذ الصدقة المأمور بصرفها، وقد قال: على كل مسلم صدقة، وفيه مراجعة العالم في تفسير المجمل وتخصيص العام، وفيه فضل التكسب لما فيه من الإعانة، وتقديم النفس على الغير، والمراد بالنفس ذات الشخص وما يلزمه، والله أعلم".[3][11]

وقد سألوه عن حال من لم يجد ما يتصدق به فأرشدهم إلى الإكتساب الحلال من عمل اليد، حيث ينتفع به المرء ويسد حاجته من عمل يده، وينفع غيره فيتصدق من ماله الذي اكتسبه، قال الله تعالى: ﴿يا أيها الذين ءامنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم.. الآية، ثم سألوه مرة أخرى فمن لم يجد ما يكتسب منه ويتصدق، فبين لهم أن الصدقة لا تقتصر على انفاق المال بل تتضمن وجوها كثيره وذكر منها إغاثة الملهوف، وعمل الخير والكف عن الشر.[12]


وقوله: «فليعمل بالمعروف» أي: كإماطة الأذى عن الطريق وغير ذلك، وفي رواية للبخاري في الأدب من وجه آخر عن شعبة: «فليأمر بالخير أو بالمعروف»، زاد أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة: «وينهى عن المنكر».

قوله: «وليمسك عن الشر» أي: إن لم يفعل واحدة من خصال الخير فليكف عن الشر، وفي رواية للبخاري في الأدب المفرد بلفظ: "قالوا: فإن لم يفعل؟ قال: فليمسك عن الشر"، ومعناه أنه إن لم يفعل معروفا فليمسك عن الشر، «فإنها» أي: هذه الخصلة وهي إمساكه عن الشر «له صدقة»، وفي رواية للبخاري في الأدب المفرد بلفظ: «فإنه» أي: الإمساك عن الشر «له» أي: للمسك «صدقة»،[13]

قال ابن حجر في الفتح: "قال الزين ابن المنير: إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة، بخلاف محض الترك، والإمساك أعم من أن يكون عن غيره، فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه، فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم، قال: وليس ما تضمنه الخبر من قوله: "فإن لم يجد" ترتيبا، وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة، فإنه يمكنه خصلة أخرى، فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق، وأن يغيث الملهوف، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويمسك عن الشر فليفعل الجميع، ومقصود هذا الباب أن أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات في الأجر ولا سيما في حق من لا يقدر عليها، ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة، ومحصل ما ذكر في حديث الباب أنه لا بد من الشفقة على خلق الله، وهي إما بالمال أو غيره، والمال إما حاصل أو مكتسب، وغير المال إما فعل وهو الإغاثة، وإما ترك وهو الإمساك. انتهى.

وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به: ترتيب هذا الحديث أنه ندب إلى الصدقة، وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها أو يقوم مقامها وهو العمل والانتفاع، وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الإغاثة، وعند عدم ذلك ندب إلى فعل المعروف أي: من سوى ما تقدم كإماطة الأذى، وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة، فإن لم يطق فترك الشر، وذلك آخر المراتب.

قال: ومعنى الشر هنا ما منعه الشرع، ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوبات إذا كان عجزه عن ذلك من غير اختيار.

قلت: وأشار بالصلاة إلى ما وقع في آخر حديث أبي ذر عند مسلم: «ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى»، وهو يؤيد ما قدمناه أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض، لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس، فدل على افتراق الصدقتين.

واستشكل الحديث مع تقدم ذكر الأمر بالمعروف وهو من فروض الكفاية، فكيف تجزئ عنه صلاة الضحى وهي من التطوعات؟ وأجيب بحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره، فسقط به الفرض، وكأن في كلامه هو زيادة في تأكيد ذلك فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضحى، كذا قيل وفيه نظر، والذي يظهر أن المراد أن صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف وما ذكر معه، وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد، فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة، ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين تشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل إذا جعلت كل حرف من القراءة مثلا صدقة، وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته، وقد أشار في حديث أبي ذر إلى أن صدقة السلامى نهارية لقوله: «يصبح على كل سلامى من أحدكم»، وفي حديث أبي هريرة: «كل يوم تطلع فيه الشمس»، وفي حديث عائشة: «فيمسي وقد زحزح نفسه عن النار»" انتهى.[14]




مراجع عدل

[1]


مراجع عدل

  1. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الاستئذان، باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين ءآمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، حديث رقم: (5875)، ص12 و13 و14
  2. ^ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، الاستئذان، باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين ءآمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، حديث رقم: (5875).
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الاستئذان، باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين ءآمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، حديث رقم: (5875)، ص12 و13 و14.
  4. ^ صحيح البخاري، الاستئذان، باب قول الله تعالى: ﴿يا أيها الذين ءآمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، حديث رقم: (5875).
  5. ^ صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376).
  6. ^ كتاب السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، كتاب الزكاة، جماع أبواب صدقة التطوع، باب وجوه الصدقة وما على كل سلامى من الناس منها كل يوم، رقم: (7627).
  7. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص362.
  8. ^ كتاب السنن الكبرى، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، كتاب الزكاة، جماع أبواب صدقة التطوع، باب وجوه الصدقة وما على كل سلامى من الناس منها كل يوم، حديث رقم: (7627)، دار المعرف.
  9. ^ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376).
  10. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص360 و361 و362 و363.
  11. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص363.
  12. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص360 و361 .
  13. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب الزكاة، باب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص362.
  14. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب الزكاة، باب على كل مسلم صدقة فمن لم يجد فليعمل بالمعروف، حديث رقم: (1376)، ص362.

القسم الأول عدل

الحجاب،الوجه،الإحرام،اللباس، ستر الزينة الاختمار الاستثناء الإعلام بما يخفين

الحجاب عدل

نصوص من الحافظة (الحجاب) عدل

تعريف الحجاب عدل

الحجاب لغة: السَّتر والمنع والحيلولة دون الشيء، والحجب المنع من الوصول إلى الشيء يقال: حجبه بمعنى: منعه من الدخول، ومنه الحجب في الميراث، والمحجوب: الضرير، وحاجب العين: جمعه حواجب.[1] وحجبه ستره، واحتجَب وتَحَجَّب إذا اكتن من وراء حجاب.[2] الحجاب اصطلاحا: الحجاب كل ما ستر المطلوب، أو منع من الوصول إليه، ومنه قيل للستر: حجاب؛ لمنعه المشاهدة، وقيل للبواب: حاجب؛ لمنعه من الدخول، وأصله جسم حائل بين جسدين، وكل ما يستر المطلوب ويمنع من الوصول إليه فهو حجاب.

ويكون الحجاب بمعنى: الحاجز بين شيئين كالجدار أو غيره مما يعد ساترا، قال الله تعالى: ﴿وبينهما حجاب

مفهوم الحجاب الشرعي عدل

مفهوم الحجاب في الإسلام أوسع من أن يكون مقصورا على الحجاب للمرأة الذي هو: ستر ما يجب ستره من بدن المرأة وزينتها بما يمنع رؤيته عن الرجال الأجانب، بل يشمل جوانب عديدة منها: حجاب النظر وغض البصر للرجل والمرأة، وحجاب الشم وهو في خروج المرأة متعطرة، وحجاب السمع عن كل ما يثير الفتنة، وحجاب القول حيث ورد النهي عن الخضوع بالقول، وحجاب اللمس وهو أبلغ من غيره، ويشمل الحجاب الشرعي أيضا: منع الاختلاط ومنع الخلوة ومنع السفور والتبرج

حجاب النظر عدل

الحجاب الشرعي المتعلق بالنظر هو منع النظر إلى ما لا يخل النظر إليه، أي: نظر الرجل إلى المرأة والعكس،

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية

نظر الرجل إلى المرأة غير زوجته ومن تحل له بملك اليمين إن كان بشهوة فيحرم مطلقا باتفاق أئمة المذاهب،

الحجاب الشرعي للمرأة عدل

الحجاب الشرعي للمرأة هو: ستر ما يجب ستره عن الرجال الأجانب، وهو ستر البدن والزينة المكتسبة، ومنع الخضوع بالقول وما في حكمه، ومنع الصوت الذي تعلم منه الزينة الخفية كصوت الخلخال وما في حكم ذلك، ومنع التعطر بالروائح الطيبة، ومنع اللمس وهو في الحكم أبلغ من النظر ومن غيره، ومنع التبرج والسفور، ومنع الاختلاط والخلوة،

ستر الزينة عدل

أوجب الشرع الإسلامي على المرأة ستر ما تتزين به المرأة من الزينة فيما هو خارج عن أصل خلقتها، وعدم إظهار هذه الزينة المكتسبة، في قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن..، سورةالنور آية: 31، ويستثنى منها الزينة الظاهرة التي لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدنها؛ لقوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها سورة النور آية: 31، كالجلباب وما ظهر اضطرارا.

«»

الحجاب الشرعي عدل

يتنوع الحجاب الشرعي بحسب الأحكام المتعلقة به، وذلك أن أحكامه ترتبط بالرجل والمرأة، فمن كليات الشريعة الإسلامية: حفظ النسب حيث أن الشرع حرم الزنا ومقدماته، واستحب النكاح الشرعي الذي تتكون منه الأسرة، في الارتباط بعلاقة الزوجية، والرجل والمرأة إما أن تكون بينهما محرمية بسبب قرابة بنسب أو رضاع، وإما ألا تكون بينهما محرمية ويكون كل من الرجل والمرأة أجنبيا بالنسبة للآخر، أي: أنه ليس بينهما محرمية،

والحجاب يشمل: حجاب المرأة وحجاب النظر وغض البصر، والسمع (ولا يضربن) فلا تخضعن بالقول، والشم، واللمس وهو أبلغ من النظر، ...

حجاب المرأة عدل

الحجاب الشرعي للمرأة في الإسلام هو ستر جميع بدنها أمام الرجال الأجانب إلا في حالات استثنائية،

الوجه والكف عدل

ستر وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب عدل

ستر وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب، لا يلزم أن يكون بالانتقاب أي: لبس النقاب وهو الخمار، بل يمكن تغطية وجه المرأة وكفيها بغيره كأن تسدل جزء من الثوب لتغطي وجهها، ولا تبرز يديها أو تغطيهما بجزء من ثوبها، فالنقاب من حيث هو ملبوس لتغطية وجه المرأة لا يوصف بحكم شرعي في ذاته، بمعنى أنه لم يرد في الشريعة الإسلامية نص صريح يوجب على المرأة لبس النقاب، بل الواجب في ذلك ستر الوجه والكفين، سواء كان باستعمال النقاب أو بغيره، فلا يلزم أن يكون الستر بلبس النقاب أو البرقع أو ما شابه ذلك من المسميات على وجه التحديد، إذ المطلوب هو الاستتار وقد تستر المرأة وجهها وكفيها بغير لبس النقاب، وقد لا تحتاج لستر وجهها وكفيها إذا كانت في بيتها حيث لا يراها الرجال الأجانب، فقد تكون خالية بنفسها أو مع زوجها أو محارمها مثلا ففي هذه الحالة لا يجب عليها تغطية وجهها وكفيها، وإذا كانت في مكان يراها فيه الرجال الأجانب فيجب عليها ستر وجهها، وللعلماء في ذلك تفصيل.

مذهب الشافعي يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب؛ لأن الوجه والكفين عورة بالنسبة للنظر، ومذهب الحنفية والمالكية في تغطية وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب قولان أحدهما: لا يجب بل الواجب على الرجل غض البصر، والثاني: يجب على المرأة ستر وجهها وكفيها لخوف الفتنة بها أوعليها، وهو المفتى به عند علماء الحنفية والمالكية، الفتنة بالمرأة أي: افتتان الرجل بالنظر إليها، وخوف الفتنة عليها أن يخشى من التعرض لها بفساد الزمان وانتشار الفساق.

الأدلة على وجوب الستر كثيرة فمن القرآن:

قول الله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين سورة الأحزاب آية :59

وعند أكثر المفسرين في معنى الآية: الأمر بتغطية الوجه، فإن الجلباب هو ما يوضع على الرأس، فإذا اُدنِي ستر الوجه، وقيل: الجلباب ما يستر جميع البدن، وهو ما صححه القرطبي، وأما قوله تعالى في سورة النور: ﴿إلا ما ظهر منها فأظهر الأقوال في تفسيره: أن المراد ظاهر الثياب كما هو قول ابن مسعود رضي الله عنه، أو ما ظهر منها بلا قصد كأن ينكشف شيء من جسدها بفعل ريح أو نحو ذلك. والزينة في لغة العرب ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها كالحلي والثياب، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة كالوجه والكفين خلاف الظاهر.

آية الحجاب وهي قوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن سورة الأحزاب آية :53 وهذه الطهارة ليست خاصة بأمهات المؤمنين، بل يحتاج إليها عامة نساء المؤمنين، وسائر النساء أولى بالحكم من أمهات المؤمنين الطاهرات المبرءات.

قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن، سورة النور آية:31، وقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت «لما أنزلت هذه الآية أخذن أزورهن، فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها». قال ابن حجر: «(فاختمرن) أي: غطين وجوههن». روى البخاري في صحيحه: «عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها». وفي رواية: «عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها».[3] ولأبي داود من وجه آخر عن الزهري: «يرحم الله النساء المهاجرات». قوله: «مروطهن»، جمع مرط وهو الإزار، وفي الرواية الثانية: «أزرهن» وزاد: «شققنها من قبل الحواشي». قوله: «فاختمرن» أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع، قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل. وعند النسائي بلفظ: «أخذ النساء» وعند الحاكم بلفظ: «أخذ نساء الأنصار» ولابن أبي حاتم بلفظ: «ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن، فقالت: إن نساء قريش لفضلاء، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان». ويمكن الجمع بين الروايتين بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك.[4]

"عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان»". رواه الترمذي وغيره. وهذا دليل على أن جميع بدن المرأة عورة بالنسبة للنظر.

الدر المختار (ستر الوجه) عدل

قال في تنوير الأبصار وجامع البحار: «وتمنع من كشف الوجه بين رجال؛ لخوف الفتنة»، وقال الحصفكي في شرحه: «(وتمنع) المرأة الشابة (من كشف الوجه بين رجال) لا لأنه عورة بل (لخوف الفتنة) كمسه وإن أمن الشهوة لأنه أغلظ، ولذا ثبت به حرمة المصاهرة كما يأتي في الحظر».[5] وقال ابن عابدين: والمعنى تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة.[6]

عارضة الأحوذي (الحج) عدل

«لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين». رواه البخاري وغيره.

قال أبوبكر ابن العربي: «وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها».[7]

حديث عائشة في الحج

تغطية وجة المرأة وكفيها في الإحرام عدل

إذا كانت المرأة متلبسة بالإحرام فلا تغطي وجهها إلا لحاجة، فمن محرمات الإحرام تغطية وجه المرأة بكل ما يحصل به تغطيته كالنقاب أو البرقع أو غيره، وهو حكم شرعي متعلق بالإحرام فهو من المحرمات بسبب الإحرام، فلا تنتقب حال إحرامها، فلو لبست النقاب أو ما في حكمه لزمتها الفدية، وثبت في الأحاديث الصحيحة النهي عن الانتقاب وهو تغطية المحرمة وجهها بالنقاب،


شرح الموطأ للزرقاني (الإحرام) عدل

روى مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: «لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين»، قال الزرقاني: في معنى: «لا تنتقب المرأة المحرمة» أي: لا تلبس النقاب، وهو الخمار الذي تشده المرأة على الأنف أو تحت المحاجر، وإن قرب من العين حتى لا يبدو أجفانها فهو الوصواص بفتح الواو وسكون الصاد الأولى، فإن نزل إلى طرف الأنف فهو اللفاف بكسر اللام وبالفاء، فإن نزل إلى الفم ولم يكن على الأرنبة منه شيء فهو اللثام بالمثلثة.

وعن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: «كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق». قال الزرقاني: ومعنى: «كنا نخمر» أي: نغطي «وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق» جدتها وجدة زوجها،

زاد في رواية: فلا تنكره علينا لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها أو ينظر لها بقصد لذة، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا تستر به عن نظر الرجال ولا تخمر إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر فذكر ما هنا ثم قال: ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلا كما جاء عن عائشة قالت: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه" انتهى.

وحديث عائشة المذكور أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد عنها.[8]

فتح الباري (الإحرام) عدل

قال ابن حجر العسقلاني في الفتح: والنقاب: الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر، وظاهره اختصاص ذلك بالمرأة، ولكن الرجل في القفاز مثلها لكونه في معنى الخف، فإن كلا منهما محيط بجزء من البدن، وأما النقاب فلا يحرم على الرجل من جهة الإحرام؛ لأنه لا يحرم عليه تغطية وجهه على الراجح كما سيأتي الكلام عليه في حديث ابن عباس في هذا الباب.

ومعنى قوله: «ولا تنتقب» أي: لا تستر وجهها كما تقدم. واختلف العلماء في ذلك فمنعه الجمهور وأجازه الحنفية وهو رواية عند الشافعية والمالكية، ولم يختلفوا في منعها من ستر وجهها وكفيها بما سوى النقاب والقفازين.[9]

نيل الأوطار (الإحرام) عدل

قال الشوكاني: والانتقاب لبس غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما وقال في الفتح: النقاب: الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر. واختلف أيضا العلماء في لبس النقاب فمنعه الجمهور وأجازته الحنفية وهو رواية عند الشافعية والمالكية وهو مردود بنص الحديث قال في الفتح: ولم يختلفوا في منعها من ستر وجهها وكفيها بما سوى النقاب والقفازين.[10]

التلخيص الحبير (الإحرام) عدل

قال ابن حجر في التلخيص: قوله: ولو احتاجت المرأة إلى ستر الوجه لضرورة فإنه يجوز، ولكن تجب الفدية فيه نظر؛ لما رواه أبو داود وابن ماجه من طريق مجاهد، وعن عائشة قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه».[11] والمعنى: أن المحرمة لا تغطي وجهها إلا لسبب، فإن سترت وجهها بإسدال جلبابها فلا فدية عليها؛ لأن سبب وجوب الفدية في تغطية وجهها هو لبس المخيط، وهذا الحديث صححه الحاكم، قال المنذري: قد اختار جماعة العمل بظاهر هذا الحديث، وذكر الخطابي أن الشافعي علق القول فيه على صحة الحديث، وروى ابن أبي خيثمة من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أمه قالت: كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية، فقلت لها: يا أم المؤمنين، هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها وهي محرمة، فرفعت عائشة خمارها من صدرها فغطت به وجهها.[11]

بدائع الصنائع (الإحرام) عدل

قال الكاساني: ولا بأس أن تغطي المرأة سائر جسدها وهي محرمة بما شاءت من الثياب المخيطة وغيرها، وأن تلبس الخفين غير أنها لا تغطي وجهها، أما ستر سائر بدنها؛ فلأن بدنها عورة؛ وستر العورة بما ليس بمخيط متعذر فدعت الضرورة إلى لبس المخيط، وأما كشف وجهها فلما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إحرام المرأة في وجهها» وعن عائشة أنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا رفعنا» فدل الحديث على أنه ليس للمرأة أن تغطي وجهها وأنها لو أسدلت على وجهها شيئا وجافته عنه لا بأس بذلك؛ ولأنها إذا جافته عن وجهها صار كما لو جلست في قبة، أو استترت بفسطاط.[12]

المدونة (الإحرام) عدل

قال في المدونة: قلت: أرأيت لو أن محرما غطى وجهه أو رأسه ما قول مالك فيه؟

قال: قال مالك: إن نزعه مكانه فلا شيء عليه، وإن تركه لم ينزعه مكانه حتى انتفع بذلك افتدى.

قلت: وكذلك المرأة إذا غطت وجهها؟ قال: نعم إلا أن مالكا كان يوسع للمرأة أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا، فإن كانت لا تريد سترا فلا تسدل.

قال مالك: وما جر النائم على وجهه وهو محرم من لحافه فاستنبه فنزعه فلا فدية عليه فيه، ولم أره يشبه عنده المستيقظ وإن طال ذلك عليه وهو نائم.

قلت: فهل كان يأمرها مالك إذا أسدلت رداءها أن تجافيه عن وجهها؟ قال: ما علمت أنه كان يأمرها بذلك.

قلت: وإن أصاب وجهها الرداء؟ قال: ما علمت أن مالكا ينهى عن أن يصيب الرداء وجهها إذا أسدلته، قلت: فهل كان يكره للمحرمة أن ترفع خمارها من أسفل إلى رأسها على وجهها؟ قال: لم أسمع من مالك في هذا شيئا، ولا يشبه هذا السدل، قال: لأن هذا لا يثبت إذا رفعته حتى تعقده، قال: فعليها إن فعلت الفدية.[13]

غطاء الوجه عدل

غطاء الوجه في عرف الناس يشمل جميع أنواع أغطية الوجه على اختلاف مسمياتها وتعدد استخداماتها للرجال والنساء والصغار والكبار، وغطاء وجه المرأة على وجه التحديد هو صنف من أصناف الملابس النسائية تغطي به المرأة وجهها، وتختلف أنواعه وأحجامه ومسمياته باختلاف عادات الناس وتقاليدهم، فقد يسمى: قناعا أو برقعا أو نقبة أو نقابا لثاما أو خمارا أو ما شابه ذلك، وقد يكون ساترا لجميع الوجه أو بعضه على اختلاف عادات الناس وأعرافهم، أما من الناحية الدينية فهو يختلف اختلافا نسبيا من حيث أن غطاء الوجه لا يفيد في ذاته حكما شرعيا، فما يفعله الناس في ذلك يعد من قبيل العادات والتقاليد وهو لا يحمل حكما شرعيا؛ لأن الأحكام الشرعية تؤخذ من الشرع لا من غيره، فلا يكون الحكم متعلقا بغطاء الوجه، بل يكون الحكم متعلقا بستر الوجه أو تغطيته

البرقع عدل

البرقع ما تلبسه المرأة تغطي به وجهها، قال الليث: جمع البرقع البراقع، قال: وتلبسها الدواب وتلبسها نساء الأعراب وفيه خرقان للعينين، قال توبة بن الحمير:

وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها.[14]

القناع أو النقبة عدل

والنقبة: ما أحاط بالوجه من دوائره، قال ثعلب: وقيل لامرأة أي النساء أبغض إليك؟ قالت: الحديدة الركبة، القبيحة النقبة، الحاضرة الكذبة، وقيل: النقبة اللون والوجه، قال ذو الرمة يصف ثورا:

ولاح أزهر مشهور بنقبته
كأنه حين يعلوا عاقرا لهب

قال ابن الأعرابي: فلان ميمون النقيبة والنقيمة أي اللون، ومنه سمي نقاب المرأة؛ لأنه يستر نقابها أي: لونها بلون النقاب.

وقال: والنقاب: القناع على مارن الأنف، والجمع نقب، وقد تنقبت المرأة وانتقبت وإنها لحسنة النقبة بالكسر، والنقاب: نقاب المرأة،

التهذيب: والنقاب على وجوه، قال الفراء: إذا أدنت المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة، فإن أنزلته دون ذلك إلى المحجر فهو النقاب، فإن كان على طرف الأنف فهو اللفام. وقال أبو زيد: النقاب على مارن الأنف، وفي حديث ابن سيرين: النقاب محدث، أراد أن النساء ما كن ينتقبن أي: يختمرن، قال أبو عبيد: ليس هذا وجه الحديث، ولكن النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين، ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث، إنما كان النقاب لاحقا بالعين، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستورة، والنقاب لا يبدو منه إلا العينان، وكان اسمه عندهم الوصوصة والبرقع، وكان من لباس النساء ثم أحدثن النقاب بعد، وقوله أنشده سيبويه:

بأعين منها مليحات النقب
شكل التجار وحلال المكتسب

يروى النقب والنقب، روى الأولى سيبويه وروى الثانية الرياشي، فمن قال النقب عنى دوائر الوجه، ومن قال النقب أراد جمع نقبة من الانتقاب بالنقاب.[15]

وقد ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق أن معاوية بن أبي سفيان دخل على ميسون بنت بحدل الكلابية ومعه خصي فتقنعت منه أي: غطت وجهها بالقناع، وفي هذا شاهد على الحال الذي كانوا عليه في ذلك الوقت وهو تغطية وجة المرأة أمام الرجال الأجانب، قال ابن عساكر: "وعن ميسون بنت بحدل الكلابية: أن معاوية دخل عليها ومعه خصي، فتقنعت منه، فقال: هو خصي فقالت: يا معاوية أترى أن المثلة به تحلل ما حرم الله، وعند أبي حنيفة: لا يحل استخدام الخصيان وإمساكهم وبيعهم وشراؤهم، ولم ينقل عن أحد من السلف إمساكهم".[16]

وقد ذكر الله تعالى في سورة القصص قصة موسى عليه السلام وفيها أن إحدى ابنتي نبي الله شعيب عليه السلام جاءته تمشي على استحياء، وكانت مستترة بدرع كمها على وجهها، قال السيوطي في "الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي": قوله تعالى: ﴿فجاءته إحداهما تمشي على استحياء: قال عمر بن الخطاب: جاءت مستترة بكم درعها على وجهها، أخرجه ابن أبي حاتم، وفيه مشروعية ستر الوجه للمرأة وأنه لا بأس بكلامها الرجال.[17]


اللباس عدل

سنن الدارمي (اللباس) عدل

باب في ذيول النساء

«عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذيل المرأة فقال: «شبرا»، فقلت يا رسول الله إذن تبدو أقدامهن قال «قدر ذراع لا يزدن عليه»، قال عبد الله: الناس يقولون عن نافع عن سليمان بن يسار».[18]


الجلباب والرداء والخمار والإزار


ستر الزينة (تم) عدل

حجاب الزينة أو ستر الزينة والمقصود به ستر زينة المرأة المأمور بسترها في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها الآية، والمعنى وقل للمؤمنات لا يظهرن زينتهن إلا ما ظهر منها للحاجة، قال الفخر الرازي: "فمن الأحكام التي تختص بها النساء في الأغلب، وإنما قلنا في الأغلب لأنه محرم على الرجل أن يبدي زينته حليا ولباسا إلى غير ذلك للنساء الأجنبيات، لما فيه من الفتنة".[19] والزينة إما ظاهرة أو خفية، وفي هذه الآية النهي عن إظهار مطلق الزينة ثم استثنى منها الزينة الظاهرة، قال أبو جعفر الطبري: وقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن يقول تعالى ذكره: ولا يظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهن، وهما زينتان: إحداهما: ما خفي وذلك كالخلخال والسوارين والقرطين والقلائد، والأخرى: ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعني منه بهذه الآية، فكان بعضهم يقول: زينة الثياب الظاهرة، وذكر الطبري كعادته في التفسير بالمنقول جملة من النقول بقوله: "ذكر من قال ذلك.."، ثم أورد هذه النقول بأسانيدها منها ما رواه بسنده: "..عن ابن مسعود قال: الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي: الخلخالان والقرطان والسواران".[20] فالزينة الخفية يجب على المرأة سترها وعدم إظهارها، وأما الظاهرة فمن الجائز إبداؤها للحاجة، وقد ذكر في الآية النهي عن إبداء الزينة مطلقا، ثم استثنى منها ما تدعو إليه الحاجة وهو الزينة الظاهرة،

قال البغوي: قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن أي: لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان: خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال والخضاب في الرجل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة.

قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها: أراد به الزينة الظاهرة، واختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى، قال سعيد بن جبير والضحاك والأوزاعي: هو الوجه والكفان، وقال ابن مسعود: هي الثياب بدليل قوله تعالى: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد (سورة الأعراف آية: 31)، وأراد بها الثياب، وقال الحسن: الوجه والثياب، وقال ابن عباس: الكحل والخاتم والخضاب في الكف، فما كان من الزينة الظاهرة جاز للرجل الأجنبي النظر إليه إذا لم يخف فتنة وشهوة، فإن خاف شيئا منها غض البصر، وإنما رخص في هذا القدر أن تبديه المرأة من بدنها لأنه ليس بعورة وتؤمر بكشفه في الصلاة، وسائر بدنها عورة يلزمها ستره.[21]


قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ: كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له، ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا، وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية، والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتَحَمُّلِ الشهادة.[22]

أحكام ستر الزينة عدل

الزينة التي نهى الله عن إبدائها بقوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها كالحلي والثياب والأصباغ وغيرها من الزينة المكتسبة، والنهي عن إبداء الزينة المكتسبة يستلزم النهي عن إبداء مواضعها بالأولى،


قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها، وهو ما لابد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك، فقيل: إلا ما ظهر منها يعني الثياب؛ فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها، وقيل: الثياب والوجه والكفان، وهذا مذهب مالك لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة، وزاد أبو حنيفة القدمين.[23]

قال الفخر الرازي: "اتفقوا على تخصيص قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها بالحرائر دون الإماء، والمعنى فيه ظاهر، وهو أن الأمة مال فلا بد من الاحتياط في بيعها وشرائها، وذلك لا يمكن إلا بالنظر إليها على الاستقصاء بخلاف الحرة".[19]

وذكر ابن عطية في تفسير قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء للزينة الظاهرة في قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها أي: في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه وهو كونه فيما غلب على المرأة فظهر بحكم الضرورة والحاجة فيما لا بد منه في إصلاح شأن أو نحوه فهو المعفو عنه من الزينة الظاهرة.[24]

وقال ابن عطية: «فغالب الأمر أن الوجه بما فيه والكفين يكثر فيهما الظهور وهو الظاهر في الصلاة ويحسن بالحسنة الوجه أن تستره إلا من ذي حرمة محرمة، ويحتمل لفظ الآية أن الظاهر من الزينة لها أن تبديه ولكن يقوي ما قلناه الاحتياط ومراعاة فساد الناس فلا يظن أن يباح للنساء من إبداء الزينة إلا ما كان بذلك الوجه والله الموفق».[24]

}■{

النهي عن إبداء الزينة عدل

نهى الله المؤمنات عن إبداء الزينة إلا ما استثني فقال تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن أي: لا يظهرن زينتهن، والزينة: ما يتزين به من الحلي والثياب ونحو ذلك، ﴿إلا ما ظهر منها أي: من الزينة الظاهرة مما جرت العادة والجبلة على ظهوره والأصل فيه الظهور، فلا مؤاخذة فيما ظهر منها من غير إظهار كأن كشفته الريح مثلا فهن غير مؤاخذات به في دار الجزاء، وفي حكم ذلك ما لزم إظهاره لنحو تحمل شهادة ومعالجة طبيب، وإنما المؤاخذة في إبداء ما خفي من الزينة كالسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط.

وقد نهى الله عن إبداء الزينة ليعلم أنه إذا حرم إبداؤها فإبداء مواقعها بالتحريم أولى، فالنهي عن إبدء الزينة يشمل النهي عن إبداء المواضع التي تكون عليها تلك الزينة، وهي الذراع والساق والعضد والعنق والرأس والصدر والأذن، ولم يذكر مواضعها من جسد المرأة للمبالغة في الأمر بالتستر، أي: أن ستر هذه الزينة واجب وستر مواقعها أوجب، وذلك أن هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها إلا لمن استثناهم الله في الآية بعد هذا، فنهى عن إبداء هذه الزينة نفسها لكونها متصلة بالمرأة، حيث لا خلاف في النظر إلى خاتم أو سوار ونحوه يباع في السوق، وإنما يكون الحكم متعلقا بالزينة حال اتصالها بالمرأة في مواقع التزين بها لما في التزين من الظهور بهيئة أحسن، فإذا نهى عن إبداء ما تتزين به حال اتصاله بمواضع الزينة فالنهي عن إبداء مواضع الزينة أقوى وأمكن، والزينة كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط.

تكرر النهي عن إبداء الزينة في موضعين من الآية في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن، واستثنى في كل منهما بعض المواد المرخص فيها، حيث رخص في الموضع الأول في إبداء ما تدعو الضرورة إليه وهو الزينة الظاهرة باعتبار المنظور إليه، ثم استثنى في الموضع الثاني ما رخص فيه باعتبار الناظر.

معنى الزينة عدل

الزينة المذكورة في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها إما خفية كالقلادة والدملج والخلخال وغير ذلك، وإما ظاهرة كالثياب، واسم الزينة يطلق على الخلقية والمكتسبة، الزينة إما خلقية أو مكتسبة، فالزينة الخلقية التي هي التي تكون من محاسن الخلق أي: التي خلقها الله تعالى، والزينة المكتسبة كالحلي والثياب والأصباغ،

ذكر علماء التفسير في المقصود من اسم الزينة من حيث أنها هل تطلق على المكتسبة أو الخلقية أو ما يعم ذلك، فالقائلون أنها تطلق على المكتسبة وهي التي يكون اكتسابها من حلي وثياب فسروها بما عدا المحاسن الخلقية، وقد حصروا ما كان من الزينة المكتسبة في ثلاثة أشياء وهي الحلي والثياب والأصباغ، والذين حملوا الزينة على ما عدا الخلقة فقالوا: إنه سبحانه إنما ذكر الزينة لأنه لا خلاف أنه يحل النظر إليها حالما لم تكن متصلة بأعضاء المرأة، فلما حرم الله سبحانه النظر إليها حال اتصالها ببدن المرأة كان ذلك مبالغة في حرمة النظر إلى أعضاء المرأة.

وعلى هذا القول فالزينة المكتسبة إن وقع النهي عن إبدائها فالنهي عن إبداء مواضعها بالأولى، قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ: كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها لمن لا يحل أن تبدى له، ﴿إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: عند مزاولة الأشياء كالثياب والخاتم فإن في سترها حرجا.[22]

وقد ذكر فخر الدين الرازي: أن الزينة اسم يقع على محاسن الخلق التي خلقها الله تعالى وعلى سائر ما يتزين به الإنسان من فضل لباس أو حلي وغير ذلك، والزينة المكتسبة عبارة عما سوى الخلقة وتحصر في ثلاثة أمور:

أحدها: الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها والغمرة في خديها والحناء في كفيها وقدميها.

وثانيها: الحلى كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط.

وثالثها: الثياب قال الله تعالى: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد (سورة الأعراف آية: 31)، وأراد الثياب.[19]

وأما الذين حملوا الزينة على الخلقة فقالوا أن الرجال والنساء أمروا بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه ورخص لهم في كشف ما اعتيد كشفه وأدت الضرورة إلى إظهاره إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سهلة سمحة.[19]

وقد ذكر البيضاوي القول الثاني بصيغة التمريض فقال: "وقيل المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف أو ما يعم المحاسن الخلقية والتزيينية، والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر فإن كل بدن الحرة عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتَحَمُّلِ الشهادة".[22]


ومعنى الزينة في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها يشمل الزينة الخلقية والمكتسبة، قال الرازي: وأنكر بعضهم وقوع اسم الزينة على الخلقة، لأنه لا يكاد يقال في الخلقة إنها من زينتها، وإنما يقال ذلك فيما تكتسبه من كحل وخضاب وغيره، والأقرب أن الخلقة داخلة في الزينة، ويدل عليها وجهان:

الأول: أن الكثير من النساء ينفردن بخلقتهن عن سائر ما يعد زينة، فإذا حملناه على الخلقة وفينا العموم حقه، ولا يمنع دخول ما عدا الخلقة فيه أيضا.

الثاني: أن قوله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن يدل على أن المراد بالزينة ما يعم الخلقة وغيرها فكأنه تعالى منعهن من إظهار محاسن خلقتهن بأن أوجب سترها بالخمار.[25]

وذكر ابن جرير الطبري أن الزينة إما خفية أو ظاهرة ما خفي وذلك كالخلخال والسوارين والقرطين والقلائد، والأخرى: ما ظهر منها، وذلك مختلف في المعني منه بهذه الآية، فكان بعضهم يقول: زينة الثياب الظاهرة.[23]

وقال البغوي: وهما زينتان: خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال والخضاب في الرجل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة.[21]

الزينة الظاهرة عدل

الزينة الظاهرة مذكورة في قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها في سورة النور،[° 1] وقد تضمنت الآية أمر النساء بغض البصر وحفظ الفرج، ثم نهاهن الله عن إبداء مطلق الزينة عموما بقوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن، ثم استثنى من عموم الزينة ما يظهر منها عند الحاجة وهو الزينة الظاهرة بقوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها أي: لا يبدين من مطلق الزينة إلا ما ظهر منها عند الحاجة، فالمستثنى هو الذي من شأنه أن يظهر عادة، وعبر بقوله: ﴿ما ظهر منها أي: بدا وكان ظاهرا لإفادة معنى الحاجة إلى ظهورة، أي: أن المرأة لا تظهره للأجانب، قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا: نهى عن إظهار الزينة بالجملة ثم استثنى الظاهر منها، وهو ما لابد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك.[23]

قال الرازي: المسألة الثانية: اختلفوا في المراد من قوله: ﴿إلا ما ظهر منها، أما الذين حملوا الزينة على الخلقة فقال القفال معنى الآية إلا ما يظهره الإنسان في العادة الجارية، وذلك في النساء الوجه والكفان، وفي الرجل الأطراف من الوجه واليدين والرجلين، فأمروا بستر ما لا تؤدي الضرورة إلى كشفه ورخص لهم في كشف ما اعتيد كشفه وأدت الضرورة إلى إظهاره إذ كانت شرائع الإسلام حنيفية سهلة سمحة، ولما كان ظهور الوجه والكفين كالضروري لا جرم اتفقوا على أنهما ليسا بعورة، أما القدم فليس ظهوره بضروري فلا جرم اختلفوا في أنه هل هو من العورة أم لا؟ فيه وجهان:

الأصح أنه عورة كظهر القدم، وفي صوتها وجهان أصحهما أنه ليس بعورة، لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يروين الأخبار للرجال.[19]

وأما الذين حملوا الزينة على ما عدا الخلقة فقالوا إنه سبحانه إنما ذكر الزينة لأنه لا خلاف أنه يحل النظر إليها حالما لم تكن متصلة بأعضاء المرأة، فلما حرم الله سبحانه النظر إليها حال اتصالها ببدن المرأة كان ذلك مبالغة في حرمة النظر إلى أعضاء المرأة.

وعلى هذا القول يحل النظر إلى زينة وجهها من الوشمة والغمرة وزينة بدنها من الخضاب والخواتيم وكذا الثياب، والسبب في تجويز النظر إليها أن تسترها فيه حرج لأن المرأة لا بد لها من مناولة الأشياء بيديها والحاجة إلى كشف وجهها في الشهادة والمحاكمة والنكاح.[19]

قال السيوطي في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: فسره ابن عباس بالوجه والكفين، أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح النظر إلى وجه المرأة وكفيها حيث لا فتنة، ومن قال إن عورتها ما عداهما، وفسره ابن مسعود بالثياب وفسر الزينة بالخاتم والسوار والقرط والقلادة والخلخال، وأخرجه ابن أبي حاتم أيضا فهو دليل لمن لم يجوز النظر إلى شيء من بدنها وجعلها كلها عورة.[26]


ذكر ابن العربي في «أحكام القرآن» في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: ثمانية أقوال في معنى الزينة المستثناة في الآية منها: الزينة الظاهرة الثياب خاصة كالجلباب الذي تستتر به فيعفى عنه في النظر إليه للضرورة، وقيل: بل هي الكحل والخاتم، وقيل: الوجه والكفان حيث يظهران بالعادة.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: وقال ابن عطية: «ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فـ﴿ما ظهر على هذا الوجه مما تؤدي إليه الضرورة في النساء فهو المعفو عنه».[27]

قال ابن جزي في تفسير قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: نهى عن إظهار الزينة بالجملة أي: في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن، ثم استثنى الظاهر منها أي: في قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها قال: وهو ما لا بد من النظر إليه عند حركتها أو إصلاح شأنها وشبه ذلك، ثم قال: «فقيل: ﴿إلا ما ظهر منها: يعني الثياب، فعلى هذا يجب ستر جميع جسدها، وقيل: الثياب والوجه والكفان، وهذا مذهب مالك؛ لأنه أباح كشف وجهها وكفيها في الصلاة، وزاد أبو حنيفة القدمين».[28]

أقوال العلماء في الزينة الظاهرة عدل

ذكر المفسرون أن قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها معناه: نهي النساء عن إبداء زينتهن بالجملة ثم استثنى من ذلك الزينة الظاهرة بقوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها، وأقوال أئمة السلف هي العمدة في تفسير القرآن حيث أنه نزل بلغتهم، وقد نقل عنهم المفسرون أقوالا في معنى الزينة الظاهرة المستثناة في قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها، وقد أورد ابن جرير الطبري هذه الأقوال وحصرها في ثلاثة أقوال، على اعتبار تداخل بعضها في بعض بناء على أن الزينة المكتسبة تشمل مواضعها من بدن المرأة وهذه الأقوال هي:

  • القول الأول: الزينة الظاهرة هي الثياب وهو مروي عن عبد الله بن مسعود والحسن البصري، قال أبو إسحاق: ألا ترى أنه قال: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد. وفي رواية عن ابن مسعود قال: "هو الرداء".
  • القول الثاني: الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه: الكحل والخاتم والسواران والوجه، ذكره ابن جرير الطبري ثم أورد الأقوال في ذلك وهي:
  • عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الكحل والخاتم.
  • عن الضحاك عن ابن عباس قال: الظاهر منها: الكحل والخدان.
  • عن سعيد بن جبير قال: الوجه والكف.
  • عن عطاء قال: الكفان والوجه.
  • عن قتادة قال: الكحل والسوران والخاتم.
  • عن عبد الله عن معاوية عن علي عن ابن عباس قال: والزينة الظاهرة: الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها.
  • عن قتادة قال: المسكتان والخاتم والكحل.
  • قال قتادة: "وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى هاهنا»، وقبض نصف الذراع".
  • عن عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن رجل عن المسور بن مخرمة قال: القلبين والخاتم والكحل يعني السوار.
  • عن ابن عباس قال: الخاتم والمسكة.
  • قال ابن جريج وقالت عائشة: القُلْب والفتخة، قالت عائشة: دخلت علي ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض، فقالت عائشة: يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها، وإلا ما دون هذا»، وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى. وأشار به أبو علي.
  • قال ابن جريج وقال مجاهد: الكحل والخضاب والخاتم.
  • قال الطبري: "حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير عن عاصم عن عامر: ﴿إلا ما ظهر منها قال الكحل والخضاب والثياب".
  • عن ابن زيد قال: الكحل والخضاب والخاتم هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس.
  • عن الأوزاعي قال: الكفين والوجه.
  • عن الضحاك قال: الكف والوجه.

القول الثالث: عنى به الوجه والثياب،

  • عن الحسن قال: الوجه والثياب.
    • عن قتادة عن الحسن قال: الوجه والثياب.


هذا ما أورده ابن جرير الطبري في تفسيره من الأقول المنقولة في ذلك ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك: الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف، فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ﴿إلا ما ظهر منها لأن كل ذلك ظاهر منها".[20]

اقتباس عدل

وروى الطبري بسنده: "..عن أبي الأحوص عن عبد الله أنه قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: قال: هي الثياب". وروى: "..عن عبد الله قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الثياب". وروى مثله من طرق أخرى، وروى: "..عن سفيان عن علقمة عن إبراهيم في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها: قال: الثياب". وروى: "..عن الحسن في قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الثياب". وفي رواية: "..عن عبد الله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الثياب"، قال أبو إسحاق: ألا ترى أنه قال: ﴿خذوا زينتكم عند كل مسجد. وفي رواية: "..عن عبد الرحمن بن زيد عن ابن مسعود: ﴿إلا ما ظهر منها قال: هو الرداء".

والقول الثاني ذكره الطبري بقوله: وقال آخرون: الظاهر من الزينة التي أبيح لها أن تبديه: الكحل والخاتم والسواران والوجه، ذكر من قال ذلك: ما رواه الطبري بسنده: ".. عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخاتم". وفي رواية: ".. عن سعيد بن جبير مثله، ولم يذكر ابن عباس". وفي رواية: ".. عن الضحاك عن ابن عباس قال: الظاهر منها: الكحل والخدان". وروى الطبري بسنده: "..عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الوجه والكف". وفي رواية أخرى: "..عن سعيد بن جبير مثله". وفي رواية: ".. عن عطاء في قول الله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكفان والوجه". وفي رواية: ".. عن قتادة قال: الكحل والسوران والخاتم". وفي رواية قال: "حدثني علي قال: ثنا عبد الله قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: والزينة الظاهرة: الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها". وفي رواية قال: "حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: المسكتان والخاتم والكحل، قال قتادة: وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى هاهنا»، وقبض نصف الذراع". وفي رواية قال: "حدثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن رجل عن المسور بن مخرمة في قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: القلبين والخاتم والكحل يعني السوار". وقال الطبري: "حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج قال: قال ابن عباس قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الخاتم والمسكة. قال ابن جريج وقالت عائشة: القلب والفتخة، قالت عائشة: دخلت علي ابنة أخي لأمي عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض، فقالت عائشة: يا رسول الله إنها ابنة أخي وجارية، فقال: «إذا عركت المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها، وإلا ما دون هذا»، وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى. وأشار به أبو علي. قال ابن جريج وقال مجاهد قوله: ﴿إلا ما ظهر منها قال: الكحل والخضاب والخاتم". وقال الطبري: "حدثنا ابن حميد قال: ثنا جرير عن عاصم عن عامر: ﴿إلا ما ظهر منها قال الكحل والخضاب والثياب". وقال: "حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها من الزينة: الكحل والخضاب والخاتم هكذا كانوا يقولون وهذا يراه الناس". وفي رواية قال: "حدثني ابن عبد الرحيم البرقي قال: ثنا عمر بن أبي سلمة قال: سئل الأوزاعي عن: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الكفين والوجه". وقال: "حدثنا عمرو بن بندق قال: ثنا مروان عن جويبر عن الضحاك في قول: ﴿ولا يبدين زينتهن قال الكف والوجه".

وذكر الطبري قولا آخر بقوله: وقال آخرون: عنى به الوجه والثياب، ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى قال: ثنا المعتمر قال: قال يونس: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال الحسن: الوجه والثياب.

حدثنا ابن بشار قال ثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال: الوجه والثياب.

هذا ما أورده ابن جرير الطبري في تفسيره من الأقول المنقولة في ذلك ثم قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عني بذلك: الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكحل والخاتم والسوار والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل؛ لإجماع الجميع على أن على كل مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها، إلا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف، فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا، كان معلوما بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال؛ لأن ما لم يكن عورة فغير حرام إظهاره، وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوما أنه مما استثناه الله تعالى ذكره، بقوله: ﴿إلا ما ظهر منها لأن كل ذلك ظاهر منها".[20]

الاختمار عدل

الإختمار أي: لبس الخمار والخمار عادة ما تلبسه المرأة تغطي به رأسها ونحرها وصدرها وما حول الوجه ويسمى: خمار الرأس، والاختمار في الشرع الإسلامي هو لبس الخمار الشرعي بمعنى: ستر مواضع مخصوصة من المرأة أي: ستر رأسها وعنقها وجيبها وما حول الوجه بما يحصل به ستر ذلك، وهو جزء من الحجاب الشرعي للمرأة، وقد أمر الله به في قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن.

قال المفسرون: إن نساء الجاهلية كن يشددن خمرهن من خلفهن، وإن جيوبهن كانت من قدام فكان ينكشف نحورهن وقلائدهن، فأمرن أن يضربن مقانعهن على الجيوب ليتغطى بذلك أعناقهن ونحورهن وما يحيط به من شعر وزينة من الحلي في الأذن والنحر وموضع العقدة منها، وقد أمر الله تعالى النساء أن يضربن بخمرهن على الجيوب يغطين رؤوسهن وأعناقهن ونحورهن وشعورهن وما حول ذلك بقوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: فالخمر جمع واحدها خمار وهي المقانع، قال الفخر الرازي: وفي لفظ الضرب مبالغة في الإلقاء، والباء للإلصاق، وعن عائشة رضي الله عنها: "ما رأيت خيرا من نساء الأنصار، لما نزلت هذه الآية قامت كل واحدة منهن إلى مرطها فصدعت منه صدعة فاختمرت فأصبحن على رؤوسهن الغربان" وقرئ: ﴿جيوبهن بكسر الجيم لأجل الياء وكذلك: ﴿بيوتا غير بيوتكم.[19]

قال أبو جعفر الطبري: وقوله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن، يقول تعالى ذكره: وليلقين خمرهن، وهي جمع خمار، على جيوبهن، ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن. ثم ذكر الطبري بسنده وفيه: ".. عن عائشة قالت: لما نزلت هذه الآية: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن قال شققن البرد مما يلي الحواشي فاختمرن به". وفي رواية أخرى لابن جرير الطبري بسنده وفيه: ".. عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: «يرحم الله النساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: شققن أكثف مروطهن فاختمرن به»".[29]

قال البغوي: قوله عز وجل: ﴿وليضربن بخمرهن أي: ليلقين بمقانعهن، ﴿على جيوبهن وصدورهن ليسترن بذلك شعورهن وصدورهن وأعناقهن وأقراطهن. قالت عائشة رحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله عز وجل: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها.[30]

قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جِيُوبِهِنَّ: ستراً لأعناقهن، وقرأ نافع وعاصم وأبو عمرو وهشام بضم الجيم.[22]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ على جُيُوبِهِنَّ: الجيوب هي التي يقول لها العامة أطواق، وسببها أن النساء كن في ذلك الزمان يلبسن ثياباً واسعات الجيوب، ويظهر منها صدورهن، وكن إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة سدلنها من وراء الظهر، فبيقى الصدر والعنق والأذنان لا ستر عليها، فأمرهن الله بلي الأخمرة -جمع خمار- على الجيوب ليستر جميع ذلك.[23]

قال السيوطي في قوله تعالى: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن: فيه دليل على وجوب ستر الصدر والنحر والعنق وأن ذلك منها عورة.[26]

قال ابن عطية: وقرأ الجمهور «ولْيضربن» بسكون اللام التي هي للأمر، وقرأ أبو عمر في رواية عباس عنه و«لِيضربن» بكسر اللام على الأصل لأن أصل لام الأمر الكسر في «ليذهب وليضرب»، وإنما تسكينها كتسكين عضد وفخذ.

وسبب هذه الآية أن النساء كن في ذلك الزمان إذا غطين رؤوسهن بالأخمرة سدلنها من وراء الظهر، قال النقاش كما يصنع النبط فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر على ذلك فأمر الله تعالى ب «الخمار على الجيوب» وهيئة ذلك يستر جميع ما ذكرناه، وقالت عائشة رضي الله عنها: رحم الله المهاجرات الأول لما نزلت هذه الآية عمدن إلى أكثف المروط فشققنها أخمرة وضربن بها على الجيوب. ودخلت على عائشة حفصة بنت أخيها عبد الرحمن وقد اختمرت بشيء يشف عن عنقها وما هنالك فشقته عليها وقالت إنما يضرب بالكثيف الذي يستر، ومشهور القراءة ضم الجيم من «جُيوبهن» وقرأ بعض الكوفيين بكسرها بسبب الياء كقراءتهم ذلك في بيوت وشيوخ ذكره الزهراوي.[31]

ستر الزينة باعتبار الناظر عدل

نهى الله تعالى عن إبداء مطلق الزينة إلا ما ظهر منها، ثم ذكر بعد ذلك في الآية النهي عن إبداء الزينة الخفية التي نهاهن عن إظهارها للأجانب بقوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن: أي: الزينة الخفية المنهي عن إبدائها للأجانب، وبين أن هذه الزينة الخفية يجب إخفاؤها عن الكل، ثم استثنى اثنتي عشرة صورة في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.. والمعنى: لا يبدين زينتهن الخفية إلا في اثنتي عشرة صورة أحدها: بعولتهن أي: أزواجهن، وثانيها: ءآباؤهن وإن علون من جهة الذكران والإناث كآباء الآباء وءآباء الأمهات، وثالثها: ءآباء أزواجهن ورابعها وخامسها: أبناؤهن وأبناء بعولتهن، ويدخل فيه أولاد الأولاد وإن سفلوا من الذكران والإناث كبني البنين وبني البنات، وسادسها: إخوانهن سواء كانوا من الأب أو من الأم أو منهما، وسابعها: بنو إخوانهن، وثامنها: بنو أخواتهن وهؤلاء كلهم محارم. وذكر الفخر الرازي السبب في إباحة نظر هؤلاء إلى زينة المرأة فقال: لأنهم مخصوصون بالحاجة إلى مداخلتهن ومخالطتهن ولقلة توقع الفتنة بجهاتهن، ولما في الطباع من النفرة عن مجالسة الغرائب، وتحتاج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار وللنزول والركوب.[32]

قال ابن جرير الطبري: وقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن يقول تعالى ذكره: ﴿ولا يبدين زينتهن التي هي غير ظاهرة، بل الخفية منها، وذلك الخلخال والقرط والدملج، وما أمرت بتغطيته بخمارها من فوق الجيب، وما وراء ما أبيح لها كشفه، وإبرازه في الصلاة وللأجنبيين من الناس، والذراعين إلى فوق ذلك إلا لبعولتهن..، وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.[33] وذكر من قال ذلك: "..عن إبراهيم: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن قال: هذه ما فوق الذراع".. وقال الطبري: حدثنا ابن المثنى قال: ثنا محمد بن جعفر قال: ثنا شعبة عن منصور قال: سمعت رجلا يحدث عن طلحة عن إبراهيم قال في هذه الآية: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن قال: ما فوق الجيب، قال شعبة: كتب به منصور إلي، وقرأته عليه.[33] وفي رواية: "..عن قتادة في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال: تبدي لهؤلاء الرأس". وفي رواية: "..عن معاوية عن علي عن ابن عباس قال: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. إلى قوله: ﴿عورات النساء قال: الزينة التي يبدينها لهؤلاء: قرطاها وقلادتها وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها". وفي رواية: "..قال ابن جريج قال: ابن مسعود في قوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن قال: الطوق والقرطين".[33]


الاستثناء في ستر الزينة عدل

وقع الاستثناء في ستر الزينة في موضعين من آية سورة النور الأول منها باعتبار المنظور إليه وهو: ستر جميع الزينة إلا ما ظهر منها، والثاني منها باعتبار الناظر وهو ستر الزينة إلا عمن استثناهم الله في الآية في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.. الآية.[° 2] ومعنى هذا على تقدير ما قبله في الآية: ﴿قل للمؤمنات لا يظهرن زينتهن إلا لمن استثناهم الله في الآية، قال ابن جرير الطبري: «يقول الله تعالى ذكره: ﴿قل للمؤمنات: الحرائر: لا يظهرن هذه الزينة الخفية التي ليست بالظاهرة إلا لبعولتهن، وهم أزواجهن، واحدهم بعل، أو لآبائهن، أو لآباء بعولتهن: يقول: أو لآباء أزواجهن، أو لأبنائهن، أو لأبناء بعولتهن، أو لإخوانهن، أو لبني إخوانهن..».[33] والذين استثناهم الله ذكرهم بقوله تعالى: ﴿إلا لبعولتهن أي: أزواجهن، وبدء بالأزواج لإنهم المقصودون بإبداء الزينة لهم، ونساؤهم مأمورات بالتزين لهم، ﴿أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن لكثرة المخالطة الضرورية بينهم وبينهن وقلة توقع الفتنة من قبلهم ولهم أن ينظروا منهن ما يبدو عند المهنة والخدمة، والآباء يشمل الأب والجد وإن علا من جهة الأب أو من جهة الأم، والأبناء يشمل الولد وأبناء الأبناء وبني البنين وإن سفلوا، وإخونهن يشمل الإخوة لأبوين أي: من أب واحد وأم واحدة، ويسمون: "الأعيان"، والإخوة لأب أي: من أب واحد وأمهات متفرقات، ويسمون: "أبناء العلات"، والإخوة لأم أي: من جهة الأم تكون أمهم واحدة وءاباؤهم شتى، ويسمون: أبناء الأخياف، والأخوات مثل ذلك.

قال البغوي: قال ابن عباس ومقاتل: يعني لا يضعن الجلباب ولا الخمار إلا لبعولتهن، أي: إلا لأزواجهن، ﴿أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن: فيجوز لهؤلاء أن ينظروا إلى الزينة الباطنة، ولا ينظرون إلى ما بين السرة والركبة، ويجوز للزوج أن ينظر إلى جميع بدنها غير أنه يكره له النظر إلى فرجها.[34]


تفسير عدل

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ كرره لبيان من يحل له الإِبداء ومن لا يحل له. ﴿إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ: فإنهم المقصودون بالزينة ولهم أن ينظروا إلى جميع بدنهن حتى الفرج بكره. ﴿أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أخواتهن: لكثرة مداخلتهم عليهن واحتياجهن إلى مداخلتهم وقلة توقع الفتنة من قبلهم لما في الطباع من النفرة عن مماسة القرائب، ولهم أن ينظروا منهن ما يبدو عند المهنة والخدمة وإنما لم يذكر الأعمام والأخوال لأنهم في معنى الإِخوان لا يتحرجن عن وصفهن للرجال أو النساء كلهن، وللعلماء في ذلك خلاف.[22]

قال السيوطي في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. الآية: فيها إباحة النظر للمحارم واستدل بها بعضهم على أنه لا يباح النظر للعم والخال لعدم ذكرهما في الآية، أخرج ابن المنذر عن الشعبي وعكرمة قال: لم يذكر العم والخال؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما ولا تضع خمارها عند العم والخال.[26]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ: الآية: المراد بالزينة هنا الباطنة، فلما ذكر في الآية قبلها ما أباح أن يراه غير ذوي المحرم من الزينة الظاهرة، وذكر في هذه ما أباح أن يراه الزوج وذوي المحارم من الزينة الباطنة، وبدأ بالبعولة وهم الأزواج لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا، ثم ثنّى بذوي المحارم وسوّى بينهم في أبداء الزينة، ولكن مراتبهم تختلف بحسب القرب، والمراد بالآباء كل من له ولادة من والد وجدّ، وبالأبناء كل من عليه ولادة من ولد وولد ولد، ولم يذكر في هذه الآية من ذوي المحارم: العم والخال ومذهب جمهور العلماء جواز رؤيتهما للمرأة، لأنهما من ذوي المحارم، وكره ذلك قوم، وقال الشافعي: إنما لم يذكر العم والخال لئلا يصفا زينة المرأة لأولادهما.[23]

قال الرازي: "إذا ملك المرأة وهي من محارمه فله أن ينظر منها إلى بطنها وظهرها لا على وجه الشهوة، بل لأمر يرجع إلى مزية الملك على اختلاف بين الناس في ذلك".

وذكر الرازي أقوال العلماء في العم والخال فقال: القول الظاهر أنهما كسائر المحارم في جواز النظر وهو قول الحسن البصري، قال: لأن الآية لم يذكر فيها الرضاع وهو كالنسب وقال في سورة الأحزاب: ﴿لا جناح عليهن في آبائهن (سورة الأحزاب آية: 55) الآية. ولم يذكر فيها البعولة ولا أبناؤهم وقد ذكروا هاهنا، وقد يذكر البعض لينبه على الجملة.

قال الشعبي: إنما لم يذكرهما الله لئلا يصفهما العم عند ابنه والخال كذلك، ومعناه: أن سائر القرابات تشارك الأب والابن في المحرمية إلا العم والخال وأبناءهما، فإذا رآها الأب فربما وصفها لابنه وليس بمحرم فيقرب تصوره لها بالوصف من نظره إليها، وهذا أيضا من الدلالات البليغة على وجوب الاحتياط عليهم في التستر.[32]

أو نسائهن عدل

تضمنت الآية السابقة النهي عن إظهار الزينة إلا لمن استثناهم الله وهم اثنى عشر صنفا بدء بالأزواج ثم المحارم من الآباء والأبناء والإخوة كما سبق ثم ذكر الصنف التاسع بقوله تعالى: ﴿أو نسائهن، والمعنى لا يظهرن زينتهن إلا لأصناف مخصوصين وذكر منهم النساء أي: فلا جناح عليهن أن يبدين زينتهن لنسائهن،

قال ابن جرير في قوله تعالى: ﴿أو نسائهن: "قيل: عني بذلك نساء المسلمين". ثم ذكر من قال ذلك وفيه: "..عن ابن جريج قوله: ﴿أو نسائهن قال: بلغني أنهن نساء المسلمين، لا يحل لمسلمة أن ترى مشركة عريتها، إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن». وروى ابن جرير بسنده وفيه: «..عن عبادة بن نسي: أنه كره أن تقبل النصرانية المسلمة، أو ترى عورتها، ويتأول: ﴿أو نسائهن». وقال ابن جرير: «ثنا عيسى بن يونس عن هشام عن عبادة قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح رحمة الله عليهما: أما بعد فقد بلغني أن نساء يدخلن الحمامات، ومعهن نساء أهل الكتاب، فامنع ذلك، وحل دونه. قال: ثم إن أبا عبيدة قام في ذلك المقام مبتهلا اللهم أيما امرأة تدخل الحمام من غير علة ولا سقم تريد البياض لوجهها فسود وجهها يوم تبيض الوجوه».[33]


قال الفخر الرازي: قوله تعالى: ﴿أو نسائهن وفيه قولان: أحدهما: المراد: والنساء اللاتي هن على دينهن، وهذا قول أكثر السلف، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس للمسلمة أن تتجرد بين نساء أهل الذمة ولا تبدي للكافرة إلا ما تبدي للأجانب إلا أن تكون أمة لها لقوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن، وكتب عمر إلى أبي عبيدة أن يمنع نساء أهل الكتاب من دخول الحمام مع المؤمنات. وثانيهما: المراد بنسائهن جميع النساء، وهذا هو المذهب وقول السلف محمول على الاستحباب والأولى.[32]

قال البغوي: قوله تعالى: ﴿أو نسائهن: أراد أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى بدن المرأة إلا ما بين السرة والركبة كالرجل المحرم، هذا إذا كانت المرأة مسلمة فإن كانت كافرة فهل يجوز للمسلمة أن تنكشف لها؟ اختلف أهل العلم فيه، فقال بعضهم: يجوز كما يجوز أن تنكشف للمرأة المسلمة لأنها من جملة النساء، وقال بعضهم: لا يجوز لأن الله تعالى قال: ﴿أو نسائهن، والكافرة ليست من نسائنا؛ ولأنها أجنبية في الدين، فكانت أبعد من الرجل الأجنبي. كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن يمنع نساء أهل الكتاب أن يدخلن الحمام مع المسلمات.[34]

قال السيوطي: قوله تعالى: ﴿أو نسائهن: فيه إباحة نظر المرأة إلى المرأة كمحرم، واستدل به على تحريم نظر الذمية إلى المسلمة، أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال: ﴿نسائهن: المسلمات ليس المشركات من نسائهن، وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى ابن عبيدة، أما بعد فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فإنه من قبلك فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تنظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.[26]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿أَوْ نِسَآئِهِنَّ: يعني جميع المؤمنات، فكأنه قال أو صنفهن ويخرج عن ذلك نساء الكفار.[23]


«أو ما ملكت أيمانهن» عدل

مما يستثنى في إظهار المرأة زينتها الخفية في قول الله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن، والمعنى مع ما قبله في نهي المرأة عن إبداء الزينة الخفية إلا لمن ذكر في الآية ومنه ما ملكت يمينها، قال ابن جرير الطبري: وقوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم: أو مماليكهن، فإنه لا بأس عليها أن تظهر لهم من زينتها ما تظهره لهؤلاء. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين قال: ثني حجاج عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار عن مخلد التميمي أنه قال في قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن قال: في القراءة الأولى: ﴿أيمانكم.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: أو ما ملكت أيمانهن من إماء المشركين، كما قد ذكرنا عن ابن جريج قبل من أنه لما قال: ﴿أو نسائهن عنى بهن النساء المسلمات دون المشركات، ثم قال: ﴿أو ما ملكت أيمانهن من الإماء المشركات.[33]

قال فخر الدين الرازي: قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن، وظاهر الكلام يشمل العبيد والإماء، واختلفوا فمنهم من أجرى الآية على ظاهرها، وزعم أنه لا بأس عليهن في أن يظهرن لعبيدهن من زينتهن ما يظهرن لذوي محارمهن، وهو مروي عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، واحتجوا بهذه الآية وهو ظاهر، وبما روى أنس: "أنه عليه الصلاة والسلام أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها وعليها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بها، قال: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك" وعن مجاهد: كان أمهات المؤمنين لا يحتجبن عن مكاتبهن ما بقي عليه درهم. وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت لذكوان: "إنك إذا وضعتني في القبر وخرجت فأنت حر"، وروي أن عائشة رضي الله عنها: كانت تمتشط والعبد ينظر إليها، وقال ابن مسعود ومجاهد والحسن وابن سيرين وسعيد بن المسيب رضي الله عنهم: إن العبد لا ينظر إلى شعر مولاته، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله، واحتجوا عليه بأمور:

أحدها: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاث إلا مع ذي محرم" والعبد ليس بذي محرم منها فلا يجوز أن يسافر بها، وإذا لم يجز له السفر بها لم يجز له النظر إلى شعرها كالحر الأجنبي.

وثانيها: أن ملكها للعبد لا يحلل ما يحرم عليه قبل الملك إذ ملك النساء للرجال ليس كملك الرجال للنساء، فإنهم لم يختلفوا في أنها لا تستبيح بملك العبد منه شيئا من التمتع كما يملكه الرجل من الأمة.

وثالثها: أن العبد وإن لم يجز له أن يتزوج بمولاته إلا أن ذلك التحريم عارض كمن عنده أربع نسوة فإنه لا يجوز له التزوج بغيرهن فلما لم تكن هذه الحرمة مؤبدة كان العبد بمنزلة سائر الأجانب. إذا ثبت هذا ظهر أن المراد من قوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: الإماء، فإن قيل: الإماء دخلن في قوله: ﴿نسائهن فأي فائدة في الإعادة؟ قلنا: الظاهر أنه عنى بنسائهن وما ملكت أيمانهن من في صحبتهن من الحرائر والإماء.

وبيانه أنه سبحانه ذكر أولا أحوال الرجال بقوله: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن إلى آخر ما ذكر فجاز أن يظن ظان أن الرجال مخصوصون بذلك إذ كانوا ذوي المحارم أو غير ذات المحارم، ثم عطف على ذلك الإماء بقوله: ﴿أو ما ملكت أيمانهن لئلا يظن أن الإباحة مقصورة على الحرائر من النساء إذ كان ظاهر قوله: ﴿أو نسائهن يقتضي الحرائر دون الإماء كقوله: ﴿شهيدين من رجالكم سورة البقرة آية: 282) على الأحرار لإضافتهم إلينا كذلك قوله: ﴿أو نسائهن على الحرائر، ثم عطف عليهن الإماء فأباح لهن مثل ما أباح في الحرائر.[32]

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أيمانهن: يعم الإِماء والعبيد، لما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام أتى فاطمة بعبد وهبه لها وعليها ثوب، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها فقال عليه الصلاة والسلام: إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك» وقيل المراد بها الإِماء، وعبد المرأة كالأجنبي منها.[22]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ: يدخل في ذلك الإماء المسلمات والكتابيات، وأما العبيد: ففيهم ثلاثة أقوال: منع رؤيتهم لسيدتهم وهو قول الشافعي، والجواز: وهو قول ابن عباس وعائشة، والجواز بشرط أن يكون العبد وغداً وهو مذهب مالك، وإنما أخذ جوازه من قوله: ﴿أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة: واختلف هل يجوز أن يراها عبد زوجها وعبد الأجنبيّ أم لا؟ على قولين.[23] قال البغوي: قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهن: اختلفوا فيها فقال قوم: عبد المرأة محرم لها، فيجوز له الدخول عليها إذا كان عفيفا، وأن ينظر إلى بدن مولاته إلا ما بين السرة والركبة، كالمحارم وهو ظاهر القرآن، وروي ذلك عن عائشة وأم سلمة، وروى ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال: "إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك". وقال قوم: هو كالأجنبي معها، وهو قول سعيد بن المسيب، وقال: المراد من الآية الإماء دون العبيد، وعن ابن جريج أنه قال: ﴿أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن: أنه لا يحل لامرأة مسلمة أن تتجرد بين يدي امرأة مشركة إلا أن تكون تلك المرأة المشركة أمة لها.[34]

قال السيوطي: قوله تعالى: ﴿أو ما ملكت أيمانهم: قال مجاهد وسعيد بن جبير: يعني: عبدها، أخرجه ابن أبي حاتم، فاستدل به من أباح نظر العبد إلى سيدته، وأخرج عن سعيد ابن المسيب قال: إنما يعني بذلك الإماء، وكذا قال ابن جريج: يعني من نساء المشركين يجوز لها أن تظهر لها زينتها وإن كانت مشركة؛ لأنها أمتها وهو المختار تأويلا وحكما وعلى الأول استدل بإضافة اليمين على أنه ليس لعبد الزوج النظر، واستدل من أباحه بقراءة أو ما ملكت أيمانكم.[26]

أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال عدل

قال السيوطي: قوله تعالى: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة: فسره مجاهد وغيره بالأبله الذي لا إرب له في النساء، و قال ابن عباس: هو المغفل الذي لا يشتهي النساء، وقال بشر بن سعيد: هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق النساء، وقال عكرمة: هو العنين، وأخرج ذلك ابن أبي حاتم، وقد استدل بهذا من أباح نظر الخصي.[26]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة: شرط في رؤية غير ذوي المحارم شرطين: أحدهما أن يكونا تابعين، ومعناه أن يتبع لشيء يعطاه كالوكيل والمتصرف، ولذلك قال بعضهم هو الذي يتبعك وهمه بطنه، والآخر: أن لا يكون لهم إربة في النساء كالخصي والمخنث والشيخ الهرم والأحمق، فلا يجوز رؤيتهم للنساء إلا باجتماع الشرطين، وقيل بأحدهما، ومعنى الإربة الحاجة إلى الوطء.[23]

قال البغوي: قوله عز وجل: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال: قرأ أبو جعفر وابن عامر وأبو بكر ﴿غير بنصب الراء على القطع لأن: ﴿التابعين معرفة و﴿غير نكرة، وقيل: بمعنى: "إلا" فهو استثناء معناه: يبدين زينتهن للتابعين إلا ذا الإربة منهم فإنهن لا يبدين زينتهن لمن كان منهم ذا إربة، وقرأ الآخرون بالجر على نعت ﴿التابعين والإربة والأرب: الحاجة. والمراد ب ﴿التابعين غير أولي الإربة: هم الذين يتبعون القوم ليصيبوا من فضل طعامهم لا همة لهم إلا ذلك، ولا حاجة لهم في النساء، وهو قول مجاهد وعكرمة والشعبي، وعن ابن عباس: أنه الأحمق العنين، وقال الحسن: هو الذي لا ينتشر ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن، وقال سعيد بن جبير: هو المعتوه، وقال عكرمة: المجبوب. وقيل: هو المخنث، وقال مقاتل: الشيخ الهرم والعنين والخصي والمجبوب ونحوه.[34]

روى البغوي بسنده: عن عروة عن عائشة قالت: "كان رجل يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث، وكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا لا يدخلن عليكن هذا». فحجبوه.[34]

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿أَوِ التابعين غَيْرِ أُوْلِي الإربة مِنَ الرجال أي: أولي الحاجة إلى النساء وهم الشيوخ الهم والممسوحون، وفي المجبوب والخصي خلاف وقيل البله الذين يتبعون الناس لفضل طعامهم ولا يعرفون شيئاً من أمور النساء، وقرأ ابن عامر وأبو بكر غير بالنصب على الحال.[22]

الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء عدل

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عورات النساء لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع، أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف.[22]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء وَلاَ يَضْرِبْنَ: أراد بالطفل الجنس، ولذلك وصفه بالجمع، ويقال: طفل ما لم يراهق الحلم، و﴿يَظْهَرُواْ: معناه يطلعون بالوطء على عورات النساء، فمعناه الذين لم يطأوا النساء، وقيل: الذي لا يدرون ما عورات النساء وهذا أحسن.[23]

قال السيوطي: قوله تعالى: ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء أي: لم يفهموا أحوالهن لصغرهم، فيستدل به على تحريم نظر المراهق الذي فهم ذلك كالبالغ.[26]

قال البغوي: ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء: أراد بالطفل الأطفال، يكون واحدا وجمعا أي: لم يكشفوا عن عورات النساء للجماع فيطلعوا عليها، وقيل: لم يعرفوا العورة من غيرها من الصغر، وهو قول مجاهد، وقيل: لم يطيقوا أمر النساء، وقيل: لم يبلغوا حد الشهوة.[34]


الأمر بإخفاء الزينة عدل

المرأة في الشرع الإسلامي مأمورة بإخفاء الزينة، وهذا الأمر موجه صوب المرأة؛ لأن أحكام ستر الزينة تتعلق بالنساء في الأغلب، وإلا فالرجل كذلك ليس له إظهار الزينة من حلي أو لباس أمام الأجنبيات، قاله الفخر الرازي، والأمر ليس مرتبطا بالزينة لذاتها، بل لكون إظهار الزينة مظنة وقوع الفتنة، لما في ذلك من إثارة للغرائز بما يصل إلى النفس عن طريق الحواس، وقد جاء الأمر بإخفاء الزينة في آية سورة النور في ثلاثة مواضع منها، في الموضع الأول أمر النساء ألا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها للحاجة، وفيه تقسيم الزينة إلى خفية وظاهرة، وفي الموضع الثاني أمر النساء ألا يبدين زينتهن الخفية إلا لأقوام مخصوصين، وفي الموضع الثالث أمر الله النساء ألا يبدين زينتهن الخفية لا عن طريق إظهارها بل عن طريق إبداء ما تعلم به الزينة الخفية، وذكر هذا في قول الله تعالى: ﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون فنهاهن الله عن إظهار ما يخفين من زينتهن وإن لم يكن ذلك العلم بواسطة النظر، فإذا أخفين زينتهن وسترنها عن أعين الناس حتى لا تعلم عن طريق النظر فعليهن كذلك سترها حتى لا تعلم بطريق الحواس الأخرى وقد ذكر الله هذا بقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ، أي: لا يضربن بأرجلهن بتحريكها حتى لا يحصل من ضرب الأرجل ما تعلم به زينتهن التي يخفينها، فالمنهي عنه هو تحريك الأرجل الذي يحصل بسببه معرفة الرجال بما أخفين من زينة، قال السيوطي في قوله تعالى: ﴿ولا يضربن بأرجلهن.. الآية: فيه النهي عن تحريك رجلها بالخلخال عمدا ليسمع صوته.[26]

وقد نهى الله عن إبداء الزينة حتى وإن كانت المرأة كبيرة في السن وذلك في قول الله تعالى: ﴿والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم، (سورة النور آية: 60).

القواعد من النساء لا حرج عليهن في وضع ثيابهن الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار، للحاجة تخفيفا عليهن، ﴿غير متبرجات بزينة أي: غير مظهرات زينتهن، والاستعفاف من الوضع خير لهن. قال ابن جرير الطبري: "وقوله: ﴿غير متبرجات بزينة يقول: ليس عليهن جناح في وضع أرديتهن إذا لم يردن بوضع ذلك عنهن أن يبدين ما عليهن من الزينة للرجال. والتبرج: هو أن تظهر المرأة من محاسنها ما ينبغي لها أن تستره".[35]

النهي عن إبداء ما تعلم به الزينة عدل

نهى الله النساء المسلمات عن إبداء ما يكون به الإعلام بالزينة الخفية، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ، حيث نهى عن تحريك الأرجل ليحصل منه العلم بما تخفي المرأة من زينتها، ولم يذكر في الآية ما هي تلك الزينة للدلالة على عموم الحكم وهو النهي عن إصدار الحركة التي يحصل بسببها الإعلام بالزينة، وسبب ذلك أن امرأة كان لها خلخالان قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ: روي أن امرأة كان لها خلخالان، فكانت تضرب بهما ليسمعهما الرجال، فنهى الله عز وجل عن ذلك، قال الزجاج: إسماع صوت الزينة أشد تحريكا للشهوة من إبدائها.[23] وكان من عادة النساء لبس الخلخال وهو كالسوار إلا أن الخلخال يكون التزين به أسفل الساقين وله حلقات صغيرة تتصل بها قطع من تمام الخلخال فإذا تحرك الخلخال أصدر صوتا، وكانت المرأة إذا مشت وضربت برجلها الأرض أصدر الخلخال صوتا أو ظهر خلخالها بسبب ذلك فنهاهن الله عن ذلك، قال البغوي: كانت المرأة إذا مشت ضربت برجلها ليسمع صوت خلخالها أو يتبين خلخالها، فنهيت عن ذلك.[34] فالنهي أعم من أن يكون مقصورا على الصوت، فيشمل كل ما تعلم به الزينة، وسماع الزينة كإظهارها، قال النسفي في تفسير قوله تعالى: ﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن: كانت المرأة تضرب الأرض برجليها إذا مشت لتسمع قعقعة خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فنهين عن ذلك إذ سماع صوت الزينة كإظهارها ومنه سمي صوت الحلي وسواسا.[36] وقد نهى الله عن ضرب الأرجل لما في ذلك من الإعلام بما خفي من الزينة، وهو ما يؤدي إلى لفت الانتباه وتحريك النفوس،

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ: ليتقعقع خلخالها فيعلم أنها ذات خلخال فإن ذلك يورث ميلا في الرجال، وهو أبلغ من النهي عن إظهار الزينة وأدل على المنع من رفع الصوت.[22]

وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم حكاية قصة نبي الله موسى عليه السلام لما توجه تلقاء مدين ولقي في طريقه ابنتي نبي الله شعيب عليه السلام فسقى لهما ثم تولى إلى الظل، ﴿فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا، وفي هذا الثناء من الله على هذه الأخلاق التي استحبها الله لكل النساء في جميع الشرائع، قال جلال الدين السيوطي في قوله تعالى: ﴿فجاءته إحداهما تمشي على استحياء: "قال عمر بن الخطاب: جاءت مستترة بكم درعها على وجهها، أخرجه ابن أبي حاتم، وفيه مشروعية ستر الوجه للمرأة وأنه لا بأس بكلامها الرجال".[37]

ثم ختم الله هذه الآية بخطاب المؤمنين والمؤمنات فأمرهم بالتوبة بقوله تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعا، أي: توبوا من التقصير الواقع في أمره ونهيه، وقيل: راجعوا طاعة الله فيما أمركم به ونهاكم عنه من الآداب المذكورة في هذه السورة، قاله البغوي وأورد بسنده: "عن أبي بردة أنه سمع الأغر يحدث عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى ربكم، فإني أتوب إلى ربي كل يوم مائة مرة»". وروى البغوي بسنده: "عن نافع عن ابن عمر قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: «رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم» مائة مرة".[38]

قال البيضاوي في قول تعالى: ﴿وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون إذ لا يكاد يخلوا أحد منكم من تفريط سيما في الكف عن الشهوات، وقيل توبوا مما كنتم تفعلونه، في الجاهلية فإنه وإن جب بالإِسلام لكنه يجب الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما يتذكر، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ: بسعادة الدارين.[22]

؛ [° 3]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وتوبوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّهَ المؤمنون: التوبة واجبة على كل مؤمن مكلف بدليل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وفرائضها ثلاثة: الندم على الذنب من حيث عصي به ذو الجلال، لا من حيث أضر ببدن أو ما، والإقلاع عن الذنب في أول أوقات الإمكان من غير تأخير ولا توان، والعزم أن لا يعود إليها أبداً ومهما قضى عليه بالعود أحدث عزماً مجدّداً، وآدابها ثلاثة: الاعتراف بالذنب مقروناً بالانكسار، والإكثار من التضرع والاستغفار، والإكثار من الحسنات لمحو ما تقدم من السيئات، ومراتبها سبع: فتوبة الكفار من الكفر، وتوبة المخلطين من الذنوب والكبائر، وتوبة العدول من الصغائر وتوبة العابدين من الفترات، وتوبة السالكين من علل القلوب والآفات، وتوبة أهل الورع من الشبهات، وتوبة أهل المشاهدة من الغفلات. والبواعث على التوبة سبعة: خوف العقاب، ورجاء الثواب، والخجل من الحساب، ومحبة الحبيب، ومراقبة الرقيب القريب، وتعظيم بالمقام، وشكر الإنعام.[23][39]

قال النسفي عند قوله تعالى: ﴿لعلكم تفلحون: "العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد فلذا وصى المؤمنين جميعا بالتوبة وبتأميل الفلاح إذا تابوا، وقيل: أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس له حاجة بالتوبة وظاهر الآية يدل على أن العصيان لا ينافي الإيمان".[36]


الحاشية عدل

سورة النور، آية: (31) تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن ﴿ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن ﴿أو نسائهن ﴿أو ما ملكت أيمانهن ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ﴿ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ﴿وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون. سورة النور، آية: (31) وسم الفتح <ref> غير صحيح أو له اسم سييء.


القُلْب والفتخة،[° 4]


سورة النور، آية: (31) تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون.[° 5]


كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلادة والإكليل والوشاح والقرط. القُلْب والفتخة،[° 6] والمسكتان والوشمة والغمزة

الفـه‍رس العام عدل

الحجاب، الوجه، الإحرام، اللباس، ستر الزينة الاختمار الاستثناء الإعلام بما خفي

ستر الزينة (تم) أحكام ستر الزينة النهي عن إبداء الزينة، معنى الزينة، الزينة الظاهرة أقوال العلماء في الزينة الظاهرة، اقتباس

الاختمار ستر الزينة باعتبار الناظر الاستثناء في ستر الزينة، تفسير أو نسائهن «أو ما ملكت أيمانهن» أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء الأمر بإخفاء الزينة، النهي عن إبداء ما تعلم به الزينة

الملاحظات عدل

  1. ^ آية رقم: «31»
  2. ^ سورة النور، آية: (31)
  3. ^ لفظ: ﴿أَيُّهَ وقع في القرآن بألف ﴿أَيُّهَا إلا في ثلاثة مواضع منها: في سورة النور: ﴿أَيُّهَ المؤمنون لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وفي (الزخرف) ﴿يا أَيُّهَ الساحر، وفي: (الرحمن): ﴿أَيُّهَ الثقلان، قرأ ابن عامر: ﴿أَيُّهُ بضم الهاء في هذه المواضع الثلاثة، ويقف بلا ألف على الخط، وقرأ الآخرون بفتح الهاءات على الأصل، ذكره البغوي. قال البيضاوي: وقرأ ابن عامر بضم الهاء في الوصل في الثلاثة والباقون بفتحها، ووقف أبو عمرو والكسائي عليهن بالألف، ووقف الباقون بغير الألف. وقال النسفي: أن ابن عامر قرء الضم إتباعا للضمة قبلها بعد حذف الألف لالتقاء الساكنين وغيره على فتح الهاء لأن بعدها ألفا في التقدير.
  4. ^ القُلْب والفتخة: أي السوار والخاتم تريد إن الكف ليست بعورة.
  5. ^ سورة النور، آية: (31)
  6. ^ القُلْب والفتخة: أي السوار والخاتم تريد إن الكف ليست بعورة.

وصلات خارجية عدل

المراجع عدل

  1. ^ مختار الصحاح، حرف الحاء (حجب)
  2. ^ لسان العرب لابن منظور، حرف الحاء (حجب)
  3. ^ صحيح البخاري، محمد ابن إسماعيل البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة النور، باب: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن، حديث رقم: (4481).
  4. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب تفسير القرآن، سورة النور، باب: ﴿وليضربن بخمرهن على جيوبهن ص346 وما بعدها، حديث رقم: (4481).
  5. ^ الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار، المؤلف: محمد بن علي بن محمد الحِصْني المعروف بعلاء الدين الحصكفي الحنفي (المتوفى: 1088هـ)، المحقق: عبد المنعم خليل إبراهيم، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الأولى، 1423 هـ- 2002م
  6. ^ رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر (ابن عابدين)، رد المحتار على الدر المختار، كتاب الصلاة، باب شروط الصلاة، مطلب في ستر العورة، الجزء الأول، ص406 و407، دار الكتب العلمية، السنة 1412 هـ/ 1992م، رقم الطبعة: د.ط
  7. ^ عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي، أبو بكر ابن العربي ج4 ص56
  8. ^ محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المصري الأزهري (1424 هـ/ 2003م). شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، كتاب الحج، باب تخمير المحرم وجهه، رقم: (720)/ (726). مكتبة الثقافة الدينية. ص. 348 وما بعدها. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |السنة= (مساعدة)
  9. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، كتاب جزاء الصيد، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، حديث رقم: (1741)، ص63 وما بعدها
  10. ^ محمد بن علي الشوكاني (1413 هـ/ 1993م). نيل الأوطار، كتاب المناسك، أبواب ما يجتنبه المحرم وما يباح له، باب ما يجتنبه من اللباس، الجزء الخامس، حديث رقم: (1880) (ط. الأولى). مكتبة دار الحديث. ص. 6 و7. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |السنة= (مساعدة)
  11. ^ أ ب أحمد بن علي محمد بن حجر الكناني العسقلاني (1416 هـ/ 1995م). التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، كتاب الحج، باب محرمات الإحرام، الجزء الثاني (ط. الأولى). مؤسسة قرطبة. ص. 517 وما بعدها. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |السنة= (مساعدة)
  12. ^ أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني (1406 هـ/ 1986م). بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، كتاب الحج، فصل محظورات الإحرام، الجزء الثاني (ط. الثانية). دار الكتب العلمية. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |السنة= (مساعدة)
  13. ^ المدونة، كتاب الحج الثاني، ج1، للإمام مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، دار الكتب العلمية، ط1
  14. ^ لسان العرب لابن منظور ج12 ص69، حرف الباء «برقع»
  15. ^ لسان العرب لابن منظور ج14 ص331 و332، حرف النون «نقب»
  16. ^ تاريخ دمشق لابن عساكر، ميسون بنت بحدل الكلابية
  17. ^ الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة القصص، الآية رقم 25، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، ط1
  18. ^ سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي السمرقندي، كتاب الاستئذان، باب في ذيول النساء، الجزء الثاني، ص362، حديث رقم: (2644)، دار الكتاب العربي، 1407 هـ/ 1987 م.
  19. ^ أ ب ت ث ج ح خ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  20. ^ أ ب ت تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ج19، ص155 وما بعدها.
  21. ^ أ ب تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ج6 ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  22. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر تفسير البيضاوي، تفسير سورة النور آية رقم:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  23. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها.
  24. ^ أ ب تفسير ابن عطية الأندلسي (ت541 هـ)، المسمى بـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج5 ص70 و71
  25. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 و179، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  26. ^ أ ب ت ث ج ح خ د الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، آية رقم 31، ج1، ص191 وما بعدها، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، الطبعة: الأولى
  27. ^ تفسير القرطبي «الجامع لأحكام القرآن»، تفسير قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  28. ^ تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل،
  29. ^ تفسير ابن جرير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ج19، ص155 وما بعدها.
  30. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ج6 ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  31. ^ تفسير ابن عطية الأندلسي، المسمى بـ المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ج5 ص70 و71
  32. ^ أ ب ت ث التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص179 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  33. ^ أ ب ت ث ج ح تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، الجزء التاسع عشر، ص155 وما بعدها.
  34. ^ أ ب ت ث ج ح خ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، الجزء السادس ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  35. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، قوله تعالى: ﴿والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا الجزء التاسع عشر ص216 وما بعدها، دار المعارف.
  36. ^ أ ب تفسير النسفي، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن، الجزء الثاني ص500 إلى 502، ط1، دار الكلم الطيب، سنة: 1419 هـ/ 1998م.
  37. ^ الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة سورة القصص، آية رقم 25، الجزء الأول، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، الطبعة: الأولى
  38. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ج6 ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  39. ^

القسم الثاني عدل

أحكام النظر (؜+) عدل

أحكام النظر في الشرع الإسلامي هي الأحكام المتعلقة بالنظر بمعنى الإبصار بالعين، وللنظر معنيان أحدهما: النظر بمعنى: التدبر والتأمل والتفكر والاستبصار وإدراك المعلومات النظرية بطريق النظر والاستدلال والحركة الباطنة التي تجول في النفس لصاحب العقل والبصيرة، والثاني: النظر بمعنى: الإبصار بالعين الباصرة وهو نور يخلقه الله فيمكن به للمبصر الإدراك بواسطة العين، والنظر بهذا المعنى هو المقصود هنا من حيث تعلق الحكم الشرعي به، والأحكام جمع حكم كالإباحة والحظر والكراهة وغيرها، والنظر متعد بحرف الجر، أي: أن حكم النظر المرتبط بالناظر يتعدى إلى المنظور إليه، فالنظر بمعنى: الإبصار بواسطة حاسة البصر، والناظر هو الشخص الذي يصدر عنه النظر ذكرا كان أو أنثى، والمنظور إليه قد يكون كذلك رجلا أو امرأة صغير أو كبيرا أو غير ذلك، فقد يكون نظر الإنسان إلى إنسان أو غيره، والأحكام المتعلقة بالنظر كثيرة إلا أن أهم ما يذكر منها في موضعين الأول: تحريم النظر إلى العورات، وأحكام ستر العورة، وغالبا ما يذكره الفقهاء في أبواب الطهارة والصلاة، والثاني: أحكام النظر المتعلق بالرجال والنساء وما يلتحق بذلك، وهو النظر بصفة عامة، وغالبا ما يذكره الفقهاء في كتاب النكاح.

النظر بمعنى: الإبصار بحاسة البصر الصادر من رجل أو امرأة وما يلتحق به كالصبي والمجنون وغيرهما، إلى رجل أو امرأة وما يلتحق بهما.

والنظر إلى العورات حرام بالإجماع، ويجب حفظ العورة وغض البصر، والنظر بشهوة إلى العورات أو إلى ما ليس بعورة لأي شيء حرام بالاتفاق إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم.

والنظر ولو إلى غير عورة إما أن يكون للحاجة أو لغير حاجة، فإن كان لحاجة فالضرورات تبيح المحظورات، وتقدر الضرورة بقدرها، وإن كان النظر لغير حاجة؛ فهو أربعة أقسام: نظر الرجل إلى الرجل، والمرأة إلى المرأة، ونظر الرجل إلى المرأة، وعكسه.[1]

الأحكام المتعلقة بالنظر عدل

كل الحوادث مبدؤها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

«»

تحريم النظر إلى العورات عدل

دلت النصوص من القرآن والسنة على تحريم النظر إلى العورات، فلا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا إلى عورة المرأة، وهو مأمور بغض بصره عن عورة الرجل وعن عورة المرأة، وكذلك المرأة لا تنظر إلى عورة الرجل ولا إلى عورة المرأة، وهي مأمورة بغض بصرها عن عورة الرجل وعن عورة المرأة، وكل هذا بالإجماع، ويدل على ذلك قول الله تعالى: ﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ، وقوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ، أي: بالتستر أو التحفظ عن الزنا، وتقديم الغض لأن النظر بريد الزنا. روى مسلم في صحيحه: "عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد»". وأخرجه مسلم من طريق آخر بهذا الإسناد وفيه مكان عورة بلفظ: «عرية الرجل وعرية المرأة».[2]

وقوله: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة» يدل على تحريم النظر إلى العورات قال النووي: "وأما أحكام الباب ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل، والمرأة إلى عورة المرأة، وهذا لا خلاف فيه، وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالإجماع، ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى، وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة".[3] وفي رواية لمسلم: «لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا المرأة إلى عرية المرأة» بلفظ: «عرية» مكان لفظ: «عورة»، ولفظ: «عرية» فيه ثلاثة أوجه: بكسر العين وإسكان الراء، أو بضم العين وإسكان الراء، أو عرية بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء بالتصغير، وكلها صحيحة، هكذا ضبطه النووي، وفيه دليل على تحريم النظر إلى العورات.[3]

نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة عدل

يحرم نظر الرجل إلى عورة الرجل وهي مابين السرة والركبة، ويحرم نظر المرأة إلى عورة المرأة وهي ما بين السرة والركبة، وفي سنن ابن ماجه في باب النهي أن يرى عورة أخيه: "عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل»".[4]

سنن ابن ماجه: باب النهي أن يرى عورة أخيه

"عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل»".[5]

قال السندي: قوله: «لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة إلخ» قيل خص القسمين بالنهي لأن النهي مستلزم النهي عن العكس بالأولى وظننت أنه خص القسمين لأن العكس جائز بالنكاح أو الشراء.[6]

النظر للحاجة عدل

النظر للحاجة هو النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه عند الضرورة، كالبيع والشراء والمداواة وغير ذلك، بشرط أن تكون هناك حاجة ضرورية للنظر، ويشترط في النظر الجائز عند الضرورة أن يكون بقدر الحاجة؛ لأن الضرورات تقدر بقدرها من غير تجاوزها، ويشترط في النظر للحاجة ألا يكون بشهوة، قال النووي: وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة، أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها. قال أصحابنا : "النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة. والله أعلم".[3]


نظر الرجل إلى المرأة عدل

نظر الرجل إلى المرأة يتضمن أحكاما متعددة لاعتبارات مختلفة، فقد يكون نظر الرجل إلى المرأة ممن هو بالنسبة لها زوج أو سيد، وقد يكون نظر الرجل إلى ذوات محارمه كالأم والبنت وغيرهما من المحارم، وقد يكون نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، وهو بالنسبة لها غير زوج ولا سيد ولا محرم، فالأجنبية أي: التي ليست من محارمه، وهناك تفاصيل أخرى متعلقة بنظر الرجل إلى المرأة.

أحكام نظر الرجل إلى المرأة عدل

تختلف أحكام نظر الرجل إلى المرأة لاعتبارات متعددة، فالنظر إما أن يكون للحاجة أو لغير حاجة، وإما أن يكون إلى العورة أو إلى ما ليس بعورة، والرجل أي: الذكر إما أن يكون بالغا أو مراهقا أو طفلا، والمرأة أي: الأنثى إما أن تكون صعيرة أو مراهقة أو بالغة أو عجوزا، وعلى كل فإما أن يكون بينهما محرمية كالنظر إلى الأم والأخت ونحوها من المحارم، وإما أن يكون كل منهما غير محرم للآخر أي: لا يكون بينهما محرمية بأن يكون كل واحد منهما أجنبي بالنسبة للآخر، وإما أن يكون نظر الرجل إلى من يباح له النظر إليها وهو بالنسبة لها زوج أو سيد.


أنواع أحدها: نظر الزوج إلى امرأته التي يربطها به علاقة الزوجية بعقد النكاح الشرعي الذي يحل به النظر والاستمتاع، ولكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها إلا نظر كل واحد من الزوجين إلى الفرج نفسه ففيه خلاف قيل: مكروه لغير حاجة، وقيل: حرام، وقيل: حرام على الرجل مكروه للمرأة.

وثانيها: نظر الرجل إلى أمته التي يحل له الاستمتاع بها بملك اليمين، وحكم النظر بينهما كحكم الزوجين في إباحة النظر.

وثالثها: نظر الرجل إلى أمته المملوكة بملك اليمين إن كانت محرمة عليه بنسب كأخته وعمته وخالته أو برضاع أو مصاهرة كأم الزوجة وبنتها وزوجة ابنه فهي كما إذا كانت حرة، وإن كانت الأمة مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو معتدة أو مكاتبة فهي كالأمة الأجنبية.[3]

ورابعها: نظر الرجل إلى محارمه التي يحرم التزوج بهن كالأم والبنت والأخت، وحكم نظره إلى محارمه ونظرهن إليه، قال النووي: «فالصحيح أنه يباح فيما فوق السرة وتحت الركبة، وقيل: لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف. والله أعلم.».[3]

وخامسها: نظر الرجل إلى المرأة عند خطبتها فيستحب له النظر إلى وجهها وكفيها.

وسادسها: نظر الرجل إلى المرأة للحاجة كالشهادة والمعاملة فيحل له النظر إلى وجهها إذا دعت الضرورة إلى ذلك.

وثامنها: النظر للمداواة فيجوز النظر إلى الموضع الذي يحتاج إليه، ويكون النظر بقدر الحاجة للضرورة، بشرط عدم وجود امرأة تقوم بذلك.

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية عدل

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية أي: أن كل واحد مهما أجنبي بالنسبة للآخر، والرجل الأجنبي بالنسبة للمرأة هو الذي لا يكون زوجا ولا سيدا ولا محرما لها، وتدور حوله أكثر الأحكام. وحكم نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية لغير حاجة يتلخص في ثلاثة جوانب الأول: نظر الرجل إلى عورة المرأة: فيحرم نظره إلى عورتها مطلقا بإجماع أهل العلم، الجانب الثاني: نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها إن خاف من ذلك فتنة؛ فيحرم نظره إلى وجهها وكفيها إن خاف فتنة، الجانب الثالث: نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها إن لم يخف من ذلك فتنة؛ فيختلف حكمه باختلاف الزمان والمكان والعوارض والأسباب والدوافع المتعلقة بتفسير معنى خوف الفتنة، وقد ذكر العلماء تفاصيل الحكم في نظره إلى وجهها وكفيها عند عدم خوف الفتنة وعند حصول السلامة، وهو بالنسبة لغير الشابة وبالنسبة للقواعد من النساء، والمرجح عند الشافعية: أنه يحرم النظر إلى الوجه والكفين مطلقا وإن لم يخف فتنة، وهو قول أحمد والمفتى به عند الشافعية والحنابلة، وأما عند الحنفية والمالكية فهو موضع خلاف، فذهب أكثرهم وخصوصا المتأخرين منهم إلى تحريم النظر إلى الوجه والكفين إلا لحاجة، ورجح أكثر الحنفية تحريم النظر إلى وجه الشابة لا لكونه عورة بل لخوف الفتنة، بمعنى أن النظر إلى وجه الشابة هو في نفسه مظنة الفتنة، وأفتى أكثر فقهاء المالكية بنحو هذا، وصرحوا بتحريم النظر إلى وجه المرأة وكفيها لغير حاجة، واستثنى المالكية والحنفية المتجالة وهي: الآيسة كبيرة السن التي لا حاجة لها في النكاح، ولا رغبة لأحد فيها، وهو في حق القواعد من النساء، واستدل القائلون بجواز النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة بقول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (الأحزاب: 31)، قالوا: وهو مفسر بالوجه والكفين، لكن يكره لغير حاجة مع أمن الفتنة، وهو قول أبي حامد الغزالي وغيره، هو أحد وجهين حكاهما النووي في الروضة، ورجح الثاني وهو: تحريم النظر إلى الوجه والكفين عند أمن الفتنة، وذكره بقوله: قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، والإمام، وبه قطع صاحب المهذب والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية، ثم المراد بالكف اليد من رؤوس الأصابع إلى المعصم، وفي وجه: يختص الحكم بالراحة، وأما أخمصا القدمين فعلى الخلاف السابق في ستر العورة، وصوتها ليس بعورة على الأصح، لكن يحرم الإصغاء إليه عند خوف الفتنة، وإذا قرع بابها فينبغي أن لا تجيب بصوت رخيم، بل تغلظ صوتها.

قلت: هذا الذي ذكره من تغليظ صوتها كذا قاله أصحابنا، قال إبراهيم المروذي: طريقها أن تأخذ ظهر كفها بفيها وتجيب كذلك، والله أعلم.[1]

نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية (نص) عدل

نظر الخاطب للمخطوبة عدل

«عن أبي هريرة قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال: لا قال فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا».

قال النووي: وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء، وحكى القاضي عن قوم كراهته، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها،

ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط؛ لأنهما ليسا بعورة

ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده، وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها. هذا مذهبنا ومذهب الأكثرين. وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم، وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها، وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع، ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها، بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام، لكن قال مالك: أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة. وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها، وهذا ضعيف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا، ولم يشترط استئذانها؛ ولأنها تستحيي غالبا من الإذن، ولأن في ذلك تغريرا، فربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى، ولهذا قال أصحابنا: يستحب أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة. والله أعلم.

قال أصحابنا: وإذا لم يمكنه النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة لما ذكرناه.[7]

الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء عدل

الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء في الشرع الإسلامي هو الذي يكون صغيرا قبل سن المراهقة مع كونه لم يظهر على عورات النساء، وقد ذكر في القرآن حكم الاحتجاب منه في قول الله تعالى: ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عورات النساء، والطفل أي: الجنس من الأطفال وهو الصغير من سن الرضاع إلى ما قبل سن المراهقة وقبل بلوغ حد الشهوة، فلا يجب على المرأة حجب زينتها عنه بشرط أن يكون من الأطفال الذين لم يظهروا على عورات النساء؛ قال البيضاوي: لعدم تمييزهم من الظهور بمعنى الاطلاع، أو لعدم بلوغهم حد الشهوة من الظهور بمعنى الغلبة والطفل جنس وضع موضع الجمع اكتفاء بدلالة الوصف.[8] فهو الذي لم يفهم أحوال النساء وعوراتهن، قال السيوطي في تفسير قوله تعالى: ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء أي: لم يفهموا أحوالهن لصغرهم، فيستدل به على تحريم نظر المراهق الذي فهم ذلك كالبالغ.[9]

قال ابن جزي في تفسير قوله تعالى: ﴿أَوِ الطفل الذين لَمْ يَظْهَرُواْ على عَوْرَاتِ النسآء: أراد بالطفل الجنس، ولذلك وصفه بالجمع، ويقال: طفل ما لم يراهق الحلم، و ﴿يَظْهَرُواْ: معناه يطلعون بالوطء على عورات النساء، فمعناه الذين لم يطأوا النساء، وقيل: الذي لا يدرون ما عورات النساء وهذا أحسن. انتهى. وهذا الحكم مرتبط بأول الآية وهو قوله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ.. الآية، والمراد بالزينة هنا الباطنة، والطفل المذكور في هذه الآية مستثنى من حكم النهي من إبداء الزينة الباطنة.[10]

قال النووي: الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء لا حجاب منه، وفي المراهق وجهان أحدهما: له النظر، كما له الدخول بلا استئذان إلا في الأوقات الثلاثة، فعلى هذا: نظره كنظر المحارم البالغين، وأصحهما: أن نظره كنظر البالغ إلى الأجنبية؛ لظهوره على العورات، ونزل الإمام أمر الصبي ثلاث درجات إحداها: أن لا يبلغ أن يحكي ما يرى، والثانية: يبلغه ويكون فيه ثوران شهوة وتشوف، والثالثة: أن يكون فيه ذلك، فالأول حضوره كغيبته، ويجوز التكشف له من كل وجه، والثاني: كالمحرم، والثالث: كالبالغ. واعلم أن الصبي لا تكليف عليه، وإذا جعلناه كالبالغ فمعناه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه، كما يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعا.

قلت: وإذا جعلنا الصبي كالبالغ لزم الولي أن يمنعه النظر، كما يلزم أن يمنعه الزنا وسائر المحرمات، والله أعلم.[1]

وأما المراهق وهو الذي يكون مقاربا لسن البلوغ؛ فحكمه مثل حكم الكبير، وقد رجح النووي في الروضة: أن نظره كنظر البالغ إلى الأجنبية؛ لظهوره على العورات، ثم قال: واعلم أن الصبي لا تكليف عليه، وإذا جعلناه كالبالغ فمعناه يلزم المنظور إليها الاحتجاب منه، كما يلزمها الاحتجاب من المجنون قطعا، قلت: وإذا جعلنا الصبي كالبالغ لزم الولي أن يمنعه النظر، كما يلزم أن يمنعه الزنا وسائر المحرمات، والله أعلم.[11]

أولي الإربة عدل

<div style="clear:وفي الممسوح وجهان، قال الأكثرون: نظره إلى الأجنبية كنظر الفحل إلى المحارم، وعليه يحمل قول الله تعالى: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال، الأحزاب: 31، والثاني: أنه كالفحل مع الأجنبية؛ لأنه يحل له نكاحها، قلت: والمختار في تفسير ﴿غير أولي الإربة أنه المغفل في عقله الذي لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن، كذا قاله ابن عباس وغيره، والله أعلم.[1]

وأما المجبوب الذي بقي أنثياه، والخصي الذي بقي ذكره، والعنين، والمخنث وهو المتشبه بالنساء، والشيخ الهرم، فكالفحل، كذا أطلق الأكثرون، وقال في الشامل: لا يحل للخصي النظر إلا أن يكبر ويهرم وتذهب شهوته، وكذا المخنث. وأطلق أبو مخلد البصري المتأخر في الخصي والمخنث وجهين،

قلت: هذا المذكور عن الشامل قاله شيخه القاضي أبو الطيب، وصرح بأن الشيخ الذي ذهبت شهوته يجوز له ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿أو التابعين غير أولي الإربة، والله أعلم.

الثالثة: مملوك المرأة محرم لها على الأصح عند الأكثرين، قلت: وهو المنصوص، وظاهر الكتاب والسنة وإن كان فيه نظر من حيث المعنى، قال القاضي حسين: فإن كاتبته فليس بمحرم، والله أعلم.[12][1];">

النظر إلى الأمة عدل

الأمة الأنثى من العبيد، وقد دعى الإسلام إلى فك الرقاب ورعب في الإعتاق، فمن تطوع بعتق مملوك أعتقه الله من النار وأجزل له الثواب، وجعل معظم الكفارات تبدء بعتق الرقاب وغير ذلك من الأمور التي تتضمن دعوة الإسلام إلى فك الرقاب والإحسان في معاملة الأرقاء، والرقيق من حيث هو إنسان يتعلق به خطاب التكليف فهو لا يختلف عن الحر في التكاليف والأحكام الشرعية إلا أن الشرع الإسلامي أفرد الأرقاء ببعض الأحكام الخاصة بهم، فقد كانت الإماء في الجاهلية أقل شأنا من الحرائر، وقد أبطل الإسلام كل أنواع الانتقاص بالعبيد أو الإزدراء بهم، قال الله تعالى: ﴿ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم، وأمر الناس بحسن التعامل معهم، وضمن لهم حقوقهم، وأمرهم بطاعة مواليهم...

ونظر الرجل إلى الأمة لا يختلف عن النظر إلى الحرة من حيث كونها امرأة، فالواجب غض بصره كما أنه يجب عليها غض البصر، وكونها أمة لا يعني جواز النظر إليها، إلا أنها تختلف عن الحرة من حيث أنها مملوكة يمكن النظر إليها؛ لكونها قد تعرض للبيع مثلا، وهي من حيث النظر إما أن تكون محرما للرجل كأخته، وإما أن تكون من غير محارمه، فإن كانت من محارمه؛ فحكمها كالحرة من حيث أن النظر إلى المحارم فالحكم واحد، سواء كانت المحرم حرة أو مملوكة، وسواء كانت الأمة مملوكة لمحرمها أو لغيره، وأما نظر الرجل إلى الأمة التي ليست من محارمه فهي إما تكون مملوكة له أو غير مملوكة له، فإذا كانت مملوكة له أي: مع كونها ليست من محارمه، فإن كان يحل له الاستمتاع بها؛ فحكم النظر في هذه الحالة كنظر كل واحد من الزوجين إلى الآخر، ونظر الرجل إلى أمته المزوجة بغيره كنظره إلى محارمه، أي: أن أمته المزوجة تكون مثل محارمه في حكم النظر، وإن كانت الأمة ليست مملوكة له؛ فحكمها كالحرة الأجنبية إذ لا فرق بين المرأة الحرة والأمة من حيث أنها امرأة، وهو الأرجح دليلا كما صرح به النووي في الروضة، وفي الحديث: «المرأة عورة»، وما جاء عن عمر بن الخطاب في حق الإماء فهو نهي الإماء عن التشبه بالحرائر؛ لما في ذلك من التغرير، فأمرهن بلبس زي مغاير لزي الحرائر، إذ لا يعقل في امرأة أرادت التتستر أن يأمرها بالتكشف، قال النووي: «إذا كان المنظور إليها أمة فثلاثة أوجه: أصحها فيما ذكره البغوي والروياني: يحرم النظر إلى ما بين السرة والركبة، ولا يحرم ما سواه، لكن يكره، والثاني: يحرم ما لا يبدو حال المهنة دون غيره، والثالث: أنها كالحرة، وهذا غريب لا يكاد يوجد لغير الغزالي، قلت: قد صرح صاحب "البيان" وغيره بأن الأمة كالحرة وهو مقتضى إطلاق كثيرين، وهو أرجح دليلا، والله أعلم».[1][13]

النظر إلى الطفلة الصغيرة عدل

القواعد من النساء عدل

قال النووي: وأما العجوز فألحقها الغزالي بالشابة؛ لأن الشهوة لا تنضبط، وهي محل الوطء، وقال الروياني: إذا بلغت مبلغا يؤمن الافتتان بالنظر إليها؛ جاز النظر إلى وجهها وكفيها؛ لقول الله تعالى: ﴿والقواعد من النساء.. الآية، النور: 6.[1]

النظر إلى المحارم عدل

المحارم جمع محرم -بفتح الميم وسكون الحاء المهملة- يقال: هو محرم لها وهي من محارمه، وهو بمعنى علاقة المحرمية بين الرجل والمرأة ويشمل الذكر والأنثى، ونظر الرجل إلى محارمه أي: إلى من هي محرم بالنسبة له، والمحرم التي يحرم نكاحها بنسب أو رضاع أو مصاهرة، كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة.

قال ابن حجر في الفتح: محرم المرأة من حرم عليه نكاحها على التأبيد إلا أم الموطوءة بشبهة والملاعنة فإنهما حرامان على التأبيد ولا محرمية هناك، وكذا أمهات المؤمنين، وأخرجهن بعضهم بقوله في التعريف بسبب مباح لا لحرمتها. وخرج بقيد التأبيد أخت المرأة وعمتها وخالتها وبنتها إذا عقد على الأم ولم يدخل بها.[14]

قال النووي: «المحرم لا ينظر إلى ما بين السرة والركبة، وله النظر إلى ما سواه على المذهب، وفي وجه: أنه يباح ما يبدو عند المهنة، وهل الثدي زمن الإرضاع مما يبدو؟ وجهان، وسواء المحرم بالنسب والمصاهرة والرضاع، وقيل: لا ينظر بالمصاهرة والرضاع إلا إلى البادي في المهنة، والصحيح الأول، قلت: ويجوز للمحرم الخلوة والمسافرة بها، والله أعلم».[1]

نظر الرجل إلى الرجل عدل

نظر الرجل إلى الرجل، وهو جائز في جميع البدن إلا ما بين السرة والركبة، لكن يحرم النظر إلى الأمرد وغيره بالشهوة، وكذا النظر إلى المحارم وسائر المذكورات في الضرب السابق بالشهوة حرام قطعا، ولا يحرم النظر إلى الأمرد بغير شهوة إن لم يخف فتنة، وإن خافها، حرم على الصحيح وقول الأكثرين، قلت: أطلق صاحب "المهذب" وغيره: أنه يحرم النظر إلى الأمرد لغير حاجة، ونقله الداركي عن نص الشافعي -رحمه الله- والله أعلم.[1]

نظر المرأة إلى المرأة عدل

نظر المرأة إلى المرأة كالرجل إلى الرجل إلا في شيئين، أحدهما: حكى الإمام وجها: أنها كالمحرم، وهو شاذ ضعيف، الثاني: في نظر الذمية إلى المسلمة وجهان، أصحهما عند الغزالي: كالمسلمة، وأصحهما عند البغوي: المنع، فعلى هذا لا تدخل الذمية الحمام مع المسلمات، وما الذي تراه من المسلمة؟ قال الإمام: هي كالرجل الأجنبي. وقيل: ترى ما يبدو في المهنة، وهذا أشبه. قلت: ما صححه البغوي هو الأصح أو الصحيح، وسائر الكافرات كالذمية في هذا، ذكره صاحب البيان، والله أعلم.[1]

نظر المرأة إلى الرجل عدل

نظر المرأة إلى الرجل، وفيه أوجه أصحها: لها النظر إلى جميع بدنه إلا ما بين السرة والركبة، والثاني: لها نظر ما يبدو منه في المهنة فقط، والثالث: لا ترى منه إلا ما يرى منها، قلت: هذا الثالث هو الأصح عند جماعة، وبه قطع صاحب "المهذب" وغيره؛ لقول الله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ولقوله صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما؟ أليس تبصرانه؟».. الحديث، وهو حديث حسن، والله أعلم.[1]

نظر المرأة إلى محارمها عدل

وأما نظرها إلى محرمها، فلا يحرم إلا ما بين السرة والركبة على المذهب، وبه قطع المحققون، وقيل: هو كنظره إليها، ويحرم عليها النظر إلى الرجل عند خوف الفتنة قطعا، وحديث: «أفعمياوان»: يحمل على هذا أو على الاحتياط.[1]

نظر الرجل إلى زوجته عدل

يجوز للزوج النظر إلى جميع بدن زوجته غير الفرج، وفي الفرج وجهان أحدهما: يحرم، وأصحهما: لا، لكن يكره، وباطن الفرج أشد كراهة، ويكره للإنسان نظره إلى فرج نفسه بلا حاجة، ونظر السيد إلى أمته التي يجوز استمتاعه بها كنظر الزوج إلى زوجته، سواء كانت قنة أو مدبرة أو مستولدة، أو عرض مانع قريب الزوال كالحيض والرهن، فإن كانت مرتدة أو مجوسية أو وثنية أو مزوجة أو مكاتبة أو مشتركة بينه وبين غيره: حرم نظره إلى ما بين السرة والركبة، ولا يحرم ما زاد على الصحيح. وزوجته المعتدة عن وطء أجنبي بشبهة كالمكاتبة، ونظر الزوجة إلى زوجها كنظره إليها، وقيل: يجوز نظرها إلى فرجه قطعا. قلت: ونظرها إلى سيدها كنظره إليها، والله أعلم.[1]

الخنثى المشكل عدل

الخنثى المشكل من حيث النظر يعامل بالأشد فيكون حكمه مع الرجال كالمرة ومع النساء كرجل، وقد ذكر النووي في الروضة فيه وجهين أصحهما: الأخذ بالأشد، فيجعل مع النساء رجلا، ومع الرجال امرأة، والثاني: الجواز، قاله القفال، استصحابا لحكم الصغر. قلت: قطع الفوراني والمتولي بالثاني، وإبراهيم المروذي، ونقله المروذي عن القاضي، والله أعلم.[15]

غض البصر (تم) عدل

غض البصر من أحكام فروع الدين الإسلامي، دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، أمر الله تعالى الرجال والنساء بغض البصر عما يشتهون مما لا يحل النظر إليه، وبدء بذكر الرجال بقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن.. فأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال، وزاد فيهن أحكاما أخرى حيث أمرهن أن يلبسن الخمر أي: المقانع يستترن بها، وأن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين.

غض البصر إطباق الجفن على الجفن، وغض بصره أو غض طرفه بمعنى: كفه وخفضه وكسره، وغض البصر ترك التحديق وعدم استيفاء النظر والتقليل من النظر أو الكف عنه، وغض الطرف إما أن يكون حاصلا بالاكتساب أو بالفطرة، فالذي يحصل بالاكتساب معناه: كف النظر أو خفض الأجفان وكسرها، وذلك أنه قد يكون لقصد الكف عن التأمل حياء من الله تعالى وامتثالا لقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، والذي يكون بالفطرة فمعناه: أن يكون في الطرف فتورا وكسرا بالخلقة، يقال: غض وغضيض الطرف أي: مسترخي الأجفان، ومنه قول كعب بن زهير:

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول

وغضيض بوزن فعيل بمعنى مفعول أي: مغضوض الطرف، وذلك إنما يكون من الحياء والخفر.[16]

بالمعنى اللغوي عدل

الغض في اللغة: الطري، يقال: «غض» و«غضض» لغتان، قال ابن منظور: الغض والغضيض: الطري، وفي الحديث: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من ابن أم عبد»، الغض الطري الذي لم يتغير، أراد طريقه في القراءة وهيئته فيها، وقيل: أراد الآيات التي سمعها منه من أول سورة النساء إلى قوله: ﴿فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ومنه حديث علي: هل ينتظر أهل غضاضة الشباب، أي: نضارته وطراوته.[17]


قال ابن منظور: والغضاضة: الفتور في الطرف، يقال: غض وأغضى إذا دانى بين جفنيه ولم يلاق؛ وأنشد:

وأحمق عريض عليه غضاضة
تمرس بي من حينه وأنا الرقم.

قال الأزهري: عليه غضاضة أي: ذل. ورجل غضيض: ذليل بين الغضاضة من قوم أغضاء وأغضة، وهم الأذلاء، وغض طرفه وبصره يغضه غضا وغضاضا وغضاضا وغضاضة، فهو مغضوض وغضيض: كفه وخفضه وكسره، وقيل: هو إذا دانى بين جفونه ونظر، وقيل: الغضيض الطرف المسترخي الأجفان، وفي الحديث: «كان إذا فرح غض طرفه» أي: كسره وأطرق ولم يفتح عينه، وإنما كان يفعل ذلك ليكون أبعد من الأشر والمرح، وفي حديث أم سلمة: «حماديات النساء غض الأطراف»، في قول القتيبي،


ومنه قصيد كعب:

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا
إلا أغن غضيض الطرف مكحول

هو فعيل بمعنى مفعول، وذلك إنما يكون من الحياء والخفر،


وغض من صوته، وكل شيء كففته فقد غضضته، والأمر منه في لغة أهل الحجاز: اغضض، وفي التنزيل: ﴿واغضض من صوتك أي: اخفض الصوت، وفي حديث العطاس: «إذا عطس غض صوته» أي: خفضه ولم يرفعه، وأهل نجد يقولون: غض طرفك بالإدغام، قال جرير:

فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا

معناه: غض طرفك ذلا ومهانة، وغض الطرف أي: كف البصر، ابن الأعرابي: بضض الرجل إذا تنعم، وغضض صار غضا متنعما، وهي الغضوضة، وغضض إذا أصابته غضاضة، وانغضاض الطرف: انغماضه.[17]

وظبي غضيض الطرف، أي: فاتره، وغض الطرف: احتمال المكروه؛ وأنشد أبو الغوث:

وما كان غض الطرف منا سجية
ولكننا في مذحج غربان

ويقال: غض من بصرك وغض من صوتك، ويقال: إنك لغضيض الطرف نقي الظرف، قال: والظرف وعاؤه، يقول: لست بخائن، ويقال: غض من لجام فرسك، أي: صوبه وأنقص من غربه وحدته، وغض منه يغض أي: وضع ونقص من قدره، وغضه يغضه غضا: نقصه ولا أغضك درهما، أي: لا أنقصك، وفي حديث ابن عباس: «لو غض الناس في الوصية من الثلث» أي: نقصوا وحطوا، وقوله:

أيام أسحب لمتي عفر الملا
وأغض كل مرجل ريان

قيل: يعني به الشعر، فالمرجل على هذا الممشوط، والريان المرتوي بالدهن، وأغض: أكف منه، وقيل: إنما يعني به الزق، فالمرجل على هذا الذي يسلخ من رجل واحدة، والريان الملآن، وما عليك بهذا غضاضة، أي: نقص ولا انكسار ولا ذل، ويقال: ما أردت بذا غضيضة فلان ولا مغضته كقولك: ما أردت نقيصته ومنقصته، ويقال: ما غضضتك شيئا، أي: ما نقصتك شيئا، والغضغضة: النقص، وتغضغض الماء: نقص.

وغضغض الماء والشيء فغضغض وتغضغض: نقصه فنقص، وبحر لا يغضغض ولا يغضغض، أي: لا ينزح، يقال: فلان بحر لا يغضغض.. ومطر لا يغضغض، أي: لا ينقطع، والغضغضة: أن يتكلم الرجل فلا يبين.. ويقال للراكب إذا سألته أن يعرج عليك قليلا: غض ساعة، وقال الجعدي: خليلي غضا ساعة وتهجر.[17]

بالمعنى الشرعي عدل

غض البصر بمعناه الشرعي يدور حول حول النظر، والمقصود منه على وجه التحديد: حجب النظر وكفه عما لا يحل النظر إليه، وغض البصر في الشرع الإسلامي من أحكام فروع الدين، دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، فقد ثبت بنص القرآن الأمر بغض البصر في سورة النور، في قول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون.

وقد تضمنت الآيتان جملة من التعاليم والأحكام التي كان في مقدمتها حكم النظر، فقد أمر الله تعالى الرجال بغض البصر وحفظ الفرج، وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال، وزاد فيهن أحكاما أخرى حيث أمرهن الله تعالى أن يسترن زينتها ولا يبدين منها إلا ما ظهر منها للحاجة، وأمرهن أن يلبسن الخمر أي: المقانع يستترن بها، وأن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين.

قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين، خطاب للمؤمنين بالله ورسوله، وقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، يدل على وجوب غض البصر عما لا يحل وحفظ الفرج عما لا يحل، فخاطب الرجال بذلك ثم خاطب النساء كذلك بغض البصر وحفظ الفرج بقوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، أي: عن النظر إلى ما لا يحل وليس مقصورا على النظر إلى العورات، فالنظر حرام، وقد أمر الله بغض البصر؛ لأن النظر إلى ما لا يحل شرعا يسمى زنا، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، وفي الحديث: عن أبي هريرة قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله إذا كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»".


قال ابن جزي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ: وقد ذكر ومن أبصارهم للتبعيض، والمراد غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، وقيل: معنى التبعيض فيه أن النظرة الأولى لا حرج فيها، ويمنع ما بعدها، وأجاز الأخفش أن تكون من زائدة، وقيل: هي لابتداء الغاية، لأن البصر مفتاح القلب والغض المأمور به هو عن النظر إلى العورة، أو إلى ما لا يحل من النساء، أو إلى كتب الغير وشبه ذلك مما يستر، وحفظ الفروج المأمور به: هو عن الزنا، وقيل: أراد ستر العورة، والأظهر أن الجميع مراد.[18]

قال ابن جزي في قوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ: تؤمر المرأة بغض بصرها عن عورة الرجل وعن عورة المرأة إجماعاً، واختلف هل يجب عليها غض بصرها عن سائر جسد الرجل الأجنبي أم لا، وعن سائر جسد المرأة أم لا، فعلى القول بذلك تشتمل الآية عليه، والكلام في حفظ فروج النساء كحفظ فروج الرجال.[18]

قال البيضاوي في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أبصارهم: أي: ما يكون نحو محرم، ﴿وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ: إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، ولما كان المستثنى منه كالشاذ النادر بخلاف الغض أطلقه وقيد الغض بحرف التبعيض، وقيل حفظ الفروج هاهنا خاصة سترها. ﴿ذلك أزكى لَهُمْ أنفع لهم أو أطهر لما فيه من البعد عن الريبة. ﴿إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ: لا يخفى عليه إجالة أبصارهم واستعمال سائر حواسهم وتحريك جوارحهم وما يقصدون بها، فليكونوا على حذر منه في كل حركة وسكون.[19]

قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَقُل للمؤمنات يَغْضُضْنَ مِنْ أبصارهن: فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه من الرجال. ﴿وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ: بالتستر أو التحفظ عن الزنا، وتقديم الغض لأن النظر بريد الزنا.[19]


قال السيوطي قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات.. الآية: فيها أن المرأة يحرم عليها النظر إلى الرجل كحرمة نظره إليها وأنه يجب عليها ستر عورتها.[20]


حفظ البصر عدل

قال الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون.

سئل الشبلي عن قوله: ﴿يغضوا من أبصارهم فقال: أبصار الرؤوس عن المحرمات، وأبصار القلوب عما سوى الله تعالى.[21]

والأمر بغض البصر في الشرع الإسلامي حكم عام للمكلفين عموما ذكورا كانوا أو إناثا وفي سائر الأحوال وعلى اختلاف الأزمنة والأمكنة، فلا يقتصر الأمر على الرجال دون النساء، بل الجميع مخاطب بذلك، فإذا مر الرجل في طريق ومرت فيه امرأة فعلى كل واحد منهما أن يغض بصره، وقد سئل الحسن البصري عن نساء غير المسلمين يخرجن سافرات تبدو وجوههن وشعورهن فقال: "فاغضض طرفك"، والمعنى: أن تساهل الناس وتقصيرهم في أمر الحجاب الشرعي لا يكون مبررا لإباحة النظر؛ لأن الله تعالى أمر بغض البصر على كل حال،

قال ابن خزيمة في صحيحه: باب أمر النساء بخفض أبصارهن إذا صلين مع الرجال إذا خفن رؤية عورات الرجال إذا سجد الرجال أمامهن، ثم ذكر حديث الباب بعد إسناده بقوله: "..عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر النساء، إذا سجد الرجال فاحفظوا أبصاركن»، قلت لعبد الله: مم ذاك؟ قال: من ضيق الأزر". قال: أنا أبو طاهر نا أبو بكر ناه أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم، أخبرنا أبو عاصم بمثله وقال: «فاحفظوا أبصاركم من عورات الرجال» فذكر الحديث.[22]


قال السيوطي في سبب نزول قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية:

أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه، فوسوس لهما الشيطان: أنه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا إعجابا به، فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط وهو ينظر إليها، إذ استقبله الحائط فشق أنفه، فقال: والله لا أغسل الدم حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمه أمري، فأتاه فقص عليه قصته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا عقوبة ذنبك»، وأنزل الله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم الآية.[23]


الأمر بغض البصر عدل

أمر الله تعالى الرجال والنساء بغض البصر عما لا يحل النظر إليه وبدء بذكر الرجال بقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، حيث أمر الله تعالى في هذه الآية بغض البصر، وقد ذكر قبل هذه الآية أحكام الستر ووصل ذلك في هذه الآية بذكر ما يتعلق به من أمر النظر، قال القرطبي في قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم: وصل تعالى بذكر الستر ما يتعلق به من أمر النظر، يقال: غض بصره يغضه غضا، قال الشاعر:

فغض الطرف إنك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا

وقال عنترة:

وأغض طرفي ما بدت لي جارتي
حتى يواري جارتي مأواها

وفي هذه الآية الأمر بغض البصر ولم يذكر الله تعالى فيها ما يطلب غض البصر عنه ولا ما يطلب حفظ الفرج عنه، غير أن ذلك معلوم بالعادة، وأن المراد منه المحرم دون المحلل أي: أنه يطلب غض البصر وحفظ الفرج عما لا يحل، وفي البخاري: «» وقال سعيد بن أبي الحسن للحسن إن نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن؟ قال: اصرف بصرك؛ يقول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وقال قتادة: عما لا يحل لهم، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن خائنة الأعين من النظر إلى ما نهي عنه.[24]

قال القرطبي: البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه، وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال: صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات»، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بد نتحدث فيها، فقال: «فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر». رواه أبو سعيد الخدري، خرجه البخاري ومسلم. وقال: صلى الله عليه وسلم لعلي: «لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الثانية». وروى الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب أن غزوان، وأبا موسى الأشعري كانا في بعض مغازيهم فكشفت جارية فنظر إليها غزوان، فرفع يده فلطم عينه حتى نفرت، فقال: إنك للحاظة إلى ما يضرك ولا ينفعك، فلقي أبا موسى فسأله فقال: ظلمت عينك، فاستغفر الله وتب، فإن لها أول نظرة وعليها ما كان بعد ذلك. قال الأوزاعي: وكان غزوان ملك نفسه فلم يضحك حتى مات رضي الله عنه. وفي صحيح مسلم: "عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري". وهذا يقوي قول من يقول: إن من للتبعيض؛ لأن النظرة الأولى لا تملك فلا تدخل تحت خطاب تكليف، إذ وقوعها لا يتأتى أن يكون مقصودا، فلا تكون مكتسبة فلا يكون مكلفا بها، فوجب التبعيض لذلك، ولم يقل ذلك في الفرج؛ لأنها تملك، ولقد كره الشعبي أن يديم الرجل النظر إلى ابنته أو أمه أو أخته، وزمانه خير من زماننا هذا وحرام على الرجل أن ينظر إلى ذات محرمة نظر شهوة يرددها.[24]

قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم: "هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعا، كما رواه مسلم في صحيحه، من حديث يونس بن عبيد عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن جده جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري»، وكذا رواه الإمام أحمد عن هشيم عن يونس بن عبيد به، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديثه أيضا، وقال الترمذي: حسن صحيح، وفي رواية لبعضهم: فقال: «أطرق بصرك»، يعني: انظر إلى الأرض، والصرف أعم؛ فإنه قد يكون إلى الأرض وإلى جهة أخرى، والله أعلم".[25]

قال ابن كثير: "وقد قال كثير من السلف: إنهم كانوا ينهون أن يحد الرجل بصره إلى الأمرد، وقد شدد كثير من أئمة الصوفية في ذلك، وحرمه طائفة من أهل العلم، لما فيه من الافتتان، وشدد آخرون في ذلك كثيرا جدا".[25]


قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين.. الآية تضمنت هذه الآية أحكاما كلية شاملة لكل المؤمنين، ووجه مناسبتها لما قبلها أنه ذكر في الآية التي قبلها أحكام الدخول والاستئذان، ثم ذكر في هذه الآية أحكاما كلية يندرج فيها حكم المستأذنين عند دخولهم البيوت اندراجا أوليا، فالأحكام التي منها الأمر بغض البصر وحفظ الفرج لعموم المخاطبين ويدخل في هذا حكم المستأذنين أي: أن غض البصر وحفظ الفرج ونحو ذلك من الأحكام التي تكون ذات أهمية أكبر للمستأذين وحال دخول البيوت، كما أن الاستئذان شرع من أجل حفظ العورات عن الأنظار وغض البصر إطباق الجفن على الجفن، و﴿من قيل: صلة وهو مذهب الأخفش، خلافا لسيبويه، وفي قول: أنها للتبعيض أي: غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل، وفي قول: أنها ليست تبعيضية ومعناه: غض البصر عما لا يحل، وكل هذا خلاف لفظي؛ إذ لا خلاف في وجوب غض البصر عما لا يحل، وتحريم النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، فمن عموم النظر ما يحل وما لا يحل، وغض البصر إنما يكون عما لا يحل، فلا يجب غض البصر عما يحل كنظر أحد الزوجين للآخر والنظر إلى المحارم، ويستثنى من غض البصر أمور منها: النظر للوجه والكفين عند الخطبة، والنظر للحاجة كالشهادة والمعاملة ونحوها، ونظرة الفجاءة وهي التي تكون من غير قصد، ونظرة الفجأة التي لا تعمد فيها معفو عنها لعدم القصد وعلى الناظر أن يصرف بصره، فقد أخرج أبو داود والترمذي وغيرهما عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة»


وبدأ في الآية بالإرشاد إلى غض البصر لما في ذلك من سد باب الشر فإن النظر باب إلى كثير من الشرور وهو بريد الزنا وراء الفجور، وقال بعضهم:

كل الحوادث مبداها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
في أعين العين موقوف على الخطر
كم نظرة فعلت في قلب فاعلها
فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

أمر الرجال بغض البصر عدل

أمر الله تعالى الرجال والنساء بغض البصر عما لا يحل النظر إليه وبدء بذكر الرجال بقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، فأمر المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم فلا ينظرون إلى ما لا يحل لهم النظر إليه، وأمرهم أن يحفظوا فروجهم عن الزنا وغيره من المحرمات، وأن يستروا عوراتهم، وأمر النساء في الآية بعدها بمثل ما أمر به الرجال وزاد على ذلك أحكاما أخرى.

قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30). يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿قل للمؤمنين بالله وبك يا محمد ﴿يغضوا من أبصارهم يقول: يكفوا من نظرهم إلى ما يشتهون النظر إليه، مما قد نهاهم الله عن النظر إليه، ﴿ويحفظوا فروجهم: أن يراها من لا يحل له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم، ﴿ذلك أزكى لهم يقول: فإن غضها من النظر عما لا يحل النظر إليه، وحفظ الفرج عن أن يظهر لأبصار الناظرين أطهر لهم عند الله وأفضل، ﴿إن الله خبير بما يصنعون يقول: إن الله ذو خبرة بما تصنعون أيها الناس فيما أمركم به من غض أبصاركم عما أمركم بالغض عنه، وحفظ فروجكم عن إظهارها لمن نهاكم عن إظهارها له، وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك: حدثني علي بن سهل الرملي قال: ثنا حجاج قال: ثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم قال: كل فرج ذكر حفظه في القرآن فهو من الزنا إلا هذه، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن فإنه يعني الستر. وروى الطبري بسنده: عن معاوية عن علي عن ابن عباس: قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن قال: يغضوا أبصارهم عما يكره الله. وقال ابن جرير: حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال: يغض من بصره: أن ينظر إلى ما لا يحل له، إذا رأى ما لا يحل له غض من بصره لا ينظر إليه، ولا يستطيع أحد أن يغض بصره كله، إنما قال الله: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.[26]

قال البغوي: قوله عز وجل: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم أي: عن النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، وقيل: «من» صلة أي: يغضوا أبصارهم، وقيل: هو ثابت لأن المؤمنين غير مأمورين بغض البصر أصلا لأنه لا يجب الغض عما يحل النظر إليه، وإنما أمروا بأن يغضوا عما لا يحل النظر إليه، ﴿ويحفظوا فروجهم: عما لا يحل، قال أبو العالية: كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا والحرام، إلا في هذا الموضع فإنه أراد به الاستتار حتى لا يقع بصر الغير عليه، ﴿ذلك أي: غض البصر وحفظ الفرج، ﴿أزكى لهم أي: خير لهم وأطهر، ﴿إن الله خبير بما يصنعون عليم بما يفعلون، روي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة». وروي عن جرير بن عبد الله قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فقال: «اصرف بصرك»". وروى البغوي بسنده: عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد»".[27]

قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين، الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا وأقروا، وهذا الخطاب لأهل الإسلام المخاطبون بالشريعة، وإنما خصهم بذلك؛ لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء، ولأن غيرهم لا يدخل في هذا الخطاب، والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له، وإن كان حالهم كحال المؤمنين في استحقاق العقاب على تركها، لكن المؤمن يتمكن من هذه الطاعة من دون مقدمة، والكافر لا يتمكن إلا بتقديم مقدمة من قبله، وذلك لا يمنع من لزوم التكاليف له.

وقوله تعالى: ﴿يغضوا من أبصارهم: أمر للرجال بغض أبصارهم عما لا يحل، وذكر الفخر الرازي أن: ﴿من عند الأكثرين للتبعيض في هذا الموضع، والمراد: غض البصر عما يحرم، والاقتصار به على ما يحل، وجوز الأخفش أن تكون مزيدة كما في قوله: ﴿ما لكم من إله غيره (سورة الأعراف آية: 85) ﴿فما منكم من أحد عنه حاجزين سورة الحاقة آية: 47)، وأباه سيبويه. وذكرت ﴿من في غض البصر دون حفظ الفرج: دلالة على أن أمر النظر أوسع، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وصدورهن وكذا الجواري المستعرضات. وأما أمر الفرج فمضيق، وكفاك فرقا أن أبيح النظر إلا ما استثني منه وحظر الجماع إلا ما استثني منه، ومنهم من قال: ﴿يغضوا من أبصارهم أي: ينقصوا من نظرهم فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو مغضوض ممنوع عنه، وعلى هذا: ﴿من ليست بزائدة ولا هي للتبعيض بل هي من صلة الغض يقال غضضت من فلان إذا نقصت من قدره.[28]

قال القرطبي: قوله تعالى: ﴿من أبصارهم من زائدة كقوله: فما منكم من أحد عنه حاجزين، وقيل: من للتبعيض؛ لأن من النظر ما يباح، وقيل: الغض النقصان يقال: غض فلان من فلان أي وضع منه، فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو موضوع منه ومنقوص، ف﴿من صلة للغض، وليست للتبعيض ولا للزيادة.[29]

وقد ختم الله هذه الآية.. قال القرطبي: قوله تعالى: ﴿ذلك أزكى لهم أي: غض البصر وحفظ الفرج أطهر في الدين وأبعد من دنس الأنام. ﴿إن الله خبير أي: عالم، ﴿بما يصنعون: تهديد ووعيد.[30]

أمر النساء بغض البصر عدل

أمر الله تعالى النساء أن يغضضن من أبصارهن فلا ينظرن إلى ما لا يحل لهن النظر إليه، وأمرهن بحفظ الفرج،

قال الله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون.

وقد تضمنت هذه الآية جملة من التعاليم والأحكام التي كان في مقدمتها حكم النظر، فقد أمر الله تعالى الرجال بغض البصر وحفظ الفرج، وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال، وزاد على ذلك في هذه الآية أحكاما أخرى متعلقة بالنساء حيث أمرهن الله تعالى أن يسترن زينتهن ولا يبدين منها إلا ما ظهر منها للحاجة، وأمرهن أن يلبسن الخمر أي: المقانع يستترن بها، وأن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين.

قال أبو جعفر الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءآبائهن أو ءآباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ﴿وقل يا محمد ﴿للمؤمنات من أمتك ﴿يغضضن من أبصارهن عما يكره الله النظر إليه مما نهاكم عن النظر إليه ﴿ويحفظن فروجهن يقول: ويحفظن فروجهن عن أن يراها من لا يحل له رؤيتها، بلبس ما يسترها عن أبصارهم. [31]

قال البغوي: قوله عز وجل: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن: عما لا يحل، ﴿ويحفظن فروجهن: عمن لا يحل، وقيل أيضا: ﴿يحفظن فروجهن يعني: يسترنها حتى لا يراها أحد. وروي عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة إذ أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجبا منه»، فقلت: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟».[32]

قال الفخر الرازي: أما قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن فالقول فيه على ما تقدم، فإن قيل فلم قدم غض الأبصار على حفظ الفروج، قلنا: لأن النظر بريد الزنا ورائد الفجور والبلوى فيه أشد وأكثر، ولا يكاد يقدر على الاحتراس منه.[33]

قال ابن العربي: وكما لا يحل للرجل أن ينظر إلى المرأة فكذلك لا يحل للمرأة أن تنظر إلى الرجل، فإن علاقته بها كعلاقتها به، وقصده منها كقصدها منه، وقد روت أم سلمة قالت: "كنت أنا وعائشة وفي رواية وميمونة عند النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه ابن أم مكتوم، فقال لنا: «احتجبن منه»، فقلنا: أوليس أعمى؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما؟»". فإن قيل: يعارضه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له فاطمة بنت قيس في شأن العدة في بيت أم شريك فقال لها: «تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده»، قلنا: قد أوعبنا القول في هذا الحديث في الشرح من جميع وجوهه، وسترونه في موضعه إن شاء الله تعالى. والذي يتعلق به هاهنا أن انتقالها من بيت أم شريك إلى بيت ابن أم مكتوم كان أولى بها من بقائها في بيت أم شريك، إذ كانت في بيت أم شريك يكثر الداخل فيه والرائي لها، وفي بيت ابن أم مكتوم كان لا يراها أحد، وكان إمساك بصرها عنه أقرب من ذلك وأولى فرخص لها في ذلك.[34]


من السنة النبوية عدل

ثبت في السنة النبوية الأمر بغض البصر وحفظ العورات، والتحذير من النظر وبيان المفاسد المترتبة عليه

روى الحاكم في المستدرك: "..عن صلة بن زفر، عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه جل وعز إيمانا يجد حلاوته في قلبه». هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".[35]


"عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا علي، لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة»".[25]

وثبت في الحديث النهي عن الجلوس على الطرقات إلا لمن أعطى الطريق حقه، وذكر من حق الطريق غض البصر وكف الأذى، وفي الصحيح عن أبي سعيد قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات»، قالوا: يا رسول الله: لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه»، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر»".

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا طالوت بن عباد حدثنا فضل بن جبير: سمعت أبا أمامة يقول: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا اؤتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم»".

وفي صحيح البخاري: «من يكفل لي ما بين لحييه وما بين رجليه أكفل له الجنة».

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال: كل ما عصي الله به فهو كبيرة، وقد ذكر الطرفين فقال: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.[25]

وفي الصحيح: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين: النظر، وزنى اللسان: النطق، وزنى الأذنين: الاستماع، وزنى اليدين: البطش، وزنى الرجلين: الخطي، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه». رواه البخاري تعليقا، ومسلم مسندا من وجه آخر بنحو ما تقدم.[25]

فضائل غض البصر عدل

ثبت في السنة النبوية بيان فضائل غض البصر ومنها ما روى الإمام أحمد بسنده: "..عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة (أول مرة) ثم يغض بصره إلا أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها»". وفي الطبراني بسنده: "..عن أبي أمامة مرفوعا: «لتغضن أبصاركم ولتحفظن فروجكم ولتقيمن وجوهكم أو: لتكسفن وجوهكم». وقال الطبراني: "..عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم، من تركه مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه»".[25] وروى ابن أبي الدنيا بسنده: "..عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله، وعينا سهرت في سبيل الله، وعينا يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عز وجل»".[25]


حفظ العورة عدل

أمر الله تعالى المؤمنين بحفظ فروجهم عن سائر ما حرم الله من الزنا واللمس والنظر في قوله تعالى: ﴿ويحفظوا فروجهم أي: عما لا يحل، قال فخر الدين الرازي: وأما قوله تعالى: ﴿ويحفظوا فروجهم فالمراد به عما لا يحل، وعن أبي العالية أنه قال: كل ما في القرآن من قوله: ﴿ويحفظوا فروجهم، و:﴿يحفظن فروجهن: من الزنا إلا التي في النور: ﴿من أبصارهن ويحفظن فروجهن أن لا ينظر إليها أحد، قال الرازي: وهذا ضعيف لأنه تخصيص من غير دلالة، والذي يقتضيه الظاهر أن يكون المعنى حفظها عن سائر ما حرم الله عليه من الزنا والمس والنظر، وعلى أنه إن كان المراد حظر النظر فالمس والوطء أيضا مرادان بالآية، إذ هما أغلظ من النظر، فلو نص الله تعالى على النظر لكان في مفهوم الخطاب ما يوجب حظر الوطء والمس، كما أن قوله تعالى: ﴿فلا تقل لهما أف (سورة الإسراء آية: 23) اقتضى حظر ما فوق ذلك من السب والضرب.[36]


وقوله تعالى: ﴿ذلك أزكى لهم (سورة النور آية: 30) أي: تمسكهم بذلك أزكى لهم وأطهر، لأنه من باب ما يزكون به ويستحقون الثناء والمدح، ويمكن أن يقال إنه تعالى خص في الخطاب المؤمنين لما أراده من تزكيتهم بذلك، ولا يليق ذلك بالكافر.[37]

قال ابن كثير:ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب، كما قال بعض السلف: "النظر سهام سم إلى القلب" ولذلك أمر الله بحفظ الفروج كما أمر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك فقال: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنى كما قال: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، (سورة المعارج آية: 29، 30) وتارة يكون بحفظه من النظر إليه، كما جاء في الحديث في مسند أحمد والسنن: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك».

﴿ذلك أزكى لهم أي: أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم، كما قيل: "من حفظ بصره أورثه الله نورا في بصيرته"، ويروى: "في قلبه".[25]

وقوله: ﴿إن الله خبير بما يصنعون، كما قال تعالى: ﴿يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (سورة غافر آية: 19).

قال القرطبي: قوله تعالى: ﴿ويحفظوا فروجهم أي: يستروها عن أن يراها من لا يحل، وقيل: ﴿ويحفظوا فروجهم أي: عن الزنا، وعلى هذا القول لو قال: «من فروجهم» لجاز. والصحيح أن الجميع مراد واللفظ عام، وروى بهز بن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، قال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: «إن استطعت ألا يراها فافعل»، قلت: فالرجل يكون خاليا؟ فقال: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس». وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحالها معه فقالت: "ما رأيت ذلك منه ولا رأى ذلك مني".[38]

دخول الحمام عدل

دخول الحمام أي: المغتسل، وهو المكان المعد للاغتسال، وأحكامه الشرعية تذكر ضمن أحكام الغسل، ويذكر الكلام حوله ضمن أحكام النظر وستر العورة، حيث أمر الله تعالى المكلفين ذكورا كانوا أو إناثا أن يغضوا أبصارهم فلا ينظرون إلى ما لا يحل النظر إليه في قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم

قال القرطبي: بهذه الآية حرم العلماء نصا دخول الحمام بغير مئزر، وقد روي عن ابن عمر أنه قال: أطيب ما أنفق الرجل درهم يعطيه للحمام في خلوة. وصح عن ابن عباس أنه دخل الحمام وهو محرم بالجحفة. فدخوله جائز للرجال بالمآزر، وكذلك النساء للضرورة كغسلهن من الحيض أو النفاس، أو مرض يلحقهن، والأولى بهن والأفضل لهن غسلهن إن أمكن ذلك في بيوتهن، فقد روى أحمد بن منيع: حدثنا الحسن بن موسى: حدثنا ابن لهيعة: حدثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن أم الدرداء أنه سمعها تقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد خرجت من الحمام فقال: «من أين يا أم الدرداء؟» فقالت: من الحمام، فقال: «والذي نفسي بيده ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها إلا وهي هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل». وخرج أبو بكر البزار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احذروا بيتا يقال له الحمام»، قالوا: يا رسول الله: ينقي الوسخ، قال: «فاستتروا». قال أبو محمد عبد الحق: هذا أصح إسناد حديث في هذا الباب على أن الناس يرسلونه عن طاوس، وأما ما خرجه أبو داود في هذا من الحظر والإباحة فلا يصح منه شيء لضعف الأسانيد، وكذلك ما خرجه الترمذي.

قلت: أما دخول الحمام في هذه الأزمان فحرام على أهل الفضل والدين؛ لغلبة الجهل على الناس واستسهالهم إذا توسطوا الحمام رمي مآزرهم، حتى يرى الرجل البهي ذو الشيبة قائما منتصبا وسط الحمام وخارجه باديا عن عورته ضاما بين فخذيه ولا أحد يغير عليه، هذا أمر بين الرجال فكيف من النساء؟ لا سيما بالديار المصرية إذ حماماتهم خالية عن المظاهر التي هي من أعين الناس سواتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

السادسة: قال العلماء: فإن استتر فليدخل بعشرة شروط:

الأول: ألا يدخل إلا بنية التداوي أو بنية التطهير عن الرحضاء.

الثاني: أن يعتمد أوقات الخلوة أو قلة الناس.

الثالث: أن يستر عورته بإزار صفيق.

الرابع: أن يكون نظره إلى الأرض أو يستقبل الحائط لئلا يقع بصره على محظور.

الخامس: أن يغير ما يرى من منكر برفق يقول: استتر سترك الله.

السادس: إن دلكه أحد لا يمكنه من عورته، من سرته إلى ركبته إلا امرأته أو جاريته.

وقد اختلف في الفخذين هل هما عورة أم لا؟.

السابع: أن يدخله بأجرة معلومة بشرط أو بعادة الناس.

الثامن: أن يصب الماء على قدر الحاجة.

التاسع: إن لم يقدر على دخوله وحده اتفق مع قوم يحفظون أديانهم على كرائه.

العاشر: أن يتذكر به جهنم، فإن لم يمكنه ذلك كله فليستتر وليجتهد في غض البصر.

ذكر الترمذي أبو عبد الله في نوادر الأصول من حديث طاوس عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا بيتا يقال له الحمام»، قيل: يا رسول الله: إنه يذهب به الوسخ ويذكر النار فقال: «إن كنتم لا بد فاعلين فادخلوه مستترين». وخرج من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم البيت يدخله الرجل المسلم بيت الحمام -وذلك لأنه إذا دخله سأل الله الجنة واستعاذ به من النار- وبئس البيت يدخله الرجل بيت العروس، وذلك لأنه يرغبه في الدنيا وينسيه الآخرة" قال أبو عبد الله: فهذا لأهل الغفلة، صير الله هذه الدنيا بما فيها سببا للذكر لأهل الغفلة ليذكروا بها آخرتهم، فأما أهل اليقين فقد صارت الآخرة نصب أعينهم، فلا بيت حمام يزعجه ولا بيت عروس يستفزه، لقد دقت الدنيا بما فيها من الصنفين والضربين في جنب الآخرة، حتى أن جميع نعيم الدنيا في أعينهم كنثارة الطعام من مائدة عظيمة، وجميع شدائد الدنيا في أعينهم كتفلة عوقب بها مجرم أو مسيء قد كان استوجب القتل أو الصلب من جميع عقوبات أهل الدنيا.

السابعة: قوله تعالى: ﴿ذلك أزكى لهم أي: غض البصر وحفظ الفرج أطهر في الدين وأبعد من دنس الأنام. ﴿إن الله خبير أي: عالم، ﴿بما يصنعون: تهديد ووعيد.[39]

فـه‍رس المحتوى عدل

غض البصر بالمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي حفظ البصر الأمر بغض البصر أمر الرجال بغض البصر أمر النساء بغض البصر من السنة النبوية فضائل غض البصر حفظ العورة دخول الحمام

قسم عدل

العورة عدل

العورة في اللغة: الخلل والنقص وكل ما يمكن للستر، وبمعنى: السوءة، وكل ما يستحيا منه، والعورة: الخلل في الثغر وغيره، قال الأزهري: العورة في الثغور وفي الحروب خلل يتخوف منه القتل. وقال الجوهري: العورة كل خلل يتخوف منه من ثغر أو حرب. والعورة: كل مكمن للستر، وعورة الرجل والمرأة: سوأتهما، والجمع عورات -بالتسكين- والنساء عورة، وفي الحديث: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان»؛[40] جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت، وقال الله تعالى: ﴿أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، والعورة: الساعة التي هي قمن من ظهور العورة فيها، وهي ثلاث ساعات: ساعة قبل صلاة الفجر، وساعة عند نصف النهار، وساعة بعد العشاء الآخرة، في قوله تعالى: ﴿ثلاث عورات لكم: أمر الله تعالى الولدان والخدم أن لا يدخلوا في هذه الساعات إلا بتسليم منهم واستئذان، وكل أمر يستحيا منه فهو عورة، وفي الحديث: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ والعورات: جمع عورة، وهي كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وعورة الرجل والمرأة هي التي يتعلق بها أحكام تحريم النظر، ويطلب سترها في الصلاة، وعورة الرجل مطلقا أي: في الصلاة وفي غيرها: ما بين السرة والركبة، ويطلب ستر بدنه إلا فيما يظهر غالبا عند خروجه واجتماعه بالناس؛ لأن الاقتصار على ستر الواجب قد يكون مخلا بالمروءة، وعورة المرأة الحرة في الصلاة وفي حال الإحرام بحج أو عمرة: جميع بدنها إلا وجهها وكفيها، وعورتها مع أجنبي جميع بدنها، وفيالوجه والكفين خلاف، فعند الشافعية وأحمد بن حنبل هما عورة في وجوب سترهما وفي تحريم النظر بحضرة الرجال الأجانب، وعند الحنفية والمالكية: يحرم نظر الرجل الأجنبي إلى جميع بدن المرأة ويجب عليها ستره بما في ذلك الوجه والكفين لا لكونهما عورة بل لخوف الفتنة من المرأة أو عليها، وهو الذي عليه الفتوى. وعورة المرأة مع المرأة المسلمة مابين السرة والركبة، ويحرم على الرجل النظر إلى عورة الرجل أو المرأة، كما يحرم نظر المرأة إلى عورة غيرها من الرجال والنساء، وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب، وفيه عند الخلوة خلاف.[41]

في اللغة عدل

العورة في اللغة من العَوَرُ، قال ابن فارس: العين والواو والراء أصلان أحدهما: يدل على تداول الشيء، والآخر يدل على مرض في إحدى عيني الإنسان وكل ذي عينين، ومعناه الخلوُّ من النظر، ثم يُحمَل عليه ويشتقُّ منه. قال ابن فارس في مقاييس اللغة: العين والواو والراء أصلان: أحدهما يدل على تداول الشيء، والآخر يدل على مرض في إحدى عيني الإنسان وكل ذي عينين، ومعناه الخلوُّ من النظر، ثم يُحمَل عليه ويشتقُّ منه.

فالأول قولهم: تعاوَرَ القومُ فلاناً واعتورُوه ضرباً، إذا تعاوَنُوا، فكلما كَفَّ واحد ضرب آخر. قال الخليل: والتّعاوُرُ عام في كل شيء. ويقال تعاوَرَت الرِّياحُ رسماً حَتَّى عَفَته، أي تواظبت عليه. قال الأعشى:

دِمنةٌ قفرةٌ تعاوَرَها الصَّيـ
ـفُ بريحينِ من صبَاً وشَمال

ِ

وحكى الأصمعيُّ أو غيره: تعوَّرنا العَوارِيَّ.

والأصل الآخر العَوَر في العين، قال الخليل: يقال انظُروا إلى عينه العَوراء، ولا يقال لإحدى العينين عَمْياء؛ لأن العَوَر لا يكون إلا في إحدى العينين. وتقول: عُرْت عينَه، وعَوّرت، وأعرت، كل ذلك يقال. ويقولون في معنى التشبيه وهي كلمة عوراء، قال الخليل: الكلمة التي تهوي في غير عَقْلٍ ولا رَشَد، قال:

ولا تنطقِ العَوراءَ في القومِ سادراً
فإن لها فاعلم من القوم واعيا

وقال بعضهم: العَوراء: الكلمة القبيحة التي يَمتعض منها الرجل ويغضب، وأنشد:

وعوراءَ قد قِيلت فلم ألتفِتْ لها
وما الكَلِمُ العَوْراء لي بقَبُول

ومن الباب العَوْرة، واشتقاقُها من الذي قدّمْنا ذكره، وأنه مما حُمِل على الأصل، كأنَّ العورةَ شيءٌ ينبغي مراقبتُه لخلوّه. وعلى ذلك فُسِّرَ قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ومَا هِيَ بِعَوْرَةٍ،[42] قالوا: كأنَّها ليست بحَريزة. وجمع العورة عَوْرات؛ قال الشَّاعر:

في جَميعٍ حافِظي عَوْراتهِمْ
لا يهُمُّمون بإدعاقِ الشَّلَلْ

الإدعاق: الإسراع، والشَّلَل: الطَّرْد. ويقال في المكان يكون عورة: قد أَعْوَرَ يُعْوِر إعوارا. قال الخليل: ولو قلت أعار يُعير إعارةً جاز في القياس، أي صار ذا عورةٍ. ويقال أعورَ البيتُ: صارت فيه عَورةٌ. قال الخليل: يقال: عَوِرَ يَعْوَرُ عَوَراً. فعورةٌ، في قوله تعالى: ﴿إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ،[43] قال الخليل: نعتٌ يخرجُ على العِدَّة والتذكير والتأنيث، وعورةٌ مجزومة على حالٍ واحد في الجمع والواحد، والتأنيث والتذكير، كقولك: رجلٌ صوم وامرأة صوم، ورجالٌ صَوم ونساءٌ صوم.[44]

قال الجوهري في الصّحّاح: «العَوْرَة»: سوءة الإنسان، وكل ما يُسْتحيا منه، والجمع عَوَرات، وعَوْرات بالتسكين، وإنما يحرك الثاني من فَعْلَةٍ في جمع الأسماء إذا لم يكن ياء أو واوا، وقرأ بعضهم: ﴿على عَوَراتِ النساء بالتحريك. والعَوْرَةُ كل خللٍ يُتخوَّف منه في ثغر أو حرب، وعَوْرات الجبال: شقوقها، وقول الشاعر:

إذا الحِرباءُ أَوْفى للتناجي
تَجاوَبَ بومُها في عَوْرَتَيها

قال ابن الأعرابي: أراد عَوْرَتي الشمسِ، وهما مشرقها ومغربها، ورجلٌ أعْوَرُ بيِّن العَوَرِ، والجمع عُورانٌ. وقولهم بَدَلٌ أعْوَرٌ: مثلٌ يضرب للمذموم يخلُف بعد الرجل المحمود.[45]

وفي القاموس المحيط: العَوَرُ: ذهاب حسّ إحدى العينين، عَوِرَ، كَفَرِحَ، وعارَ يَعارُ، واعْوَرَّ واعْوَارَّ، فهو أعْوَر.

والعَوْرَةُ: الخلل في الثَّغْر وغيره، وكل مَكْمَنٍ لِلسَتْرِ، والسَّوْأةُ، والساعة التي هي قَمِنٌ من ظهور العَوْرَةِ فيها، وهي ثلاث: ساعة قبل صلاة الفجر، وعند نصف النهار، وبعد العشاء الآخرة، وكل أمر يُسْتَحْيا منه، ومن الجبال: شُهُوقُها، ومن الشمس: مَشْرقُها ومَغْرِبُها.

وقرأ ابن عباس وجماعة: ﴿إنَّ بيوتَنا عَوِرَةٌ أي: ذاتُ عَوْرَةٍ.[46]

قال ابن منظور: والعورة: الخلل في الثغر وغيره، وقد يوصف به منكورا فيكون للواحد، والجمع بلفظ واحد. قال الأزهري: العورة في الثغور وفي الحروب خلل يتخوف منه القتل. وقال الجوهري: العورة كل خلل يتخوف منه من ثغر أو حرب. والعورة: كل مكمن للستر، وعورة الرجل والمرأة: سوأتهما، والجمع عورات -بالتسكين- والنساء عورة، قال الجوهري: إنما يحرك الثاني من فعلة في جمع الأسماء إذا لم يكن ياء أو واوا، وقرأ بعضهم: ﴿على عورات النساء بالتحريك، والعورة: الساعة التي هي قمن من ظهور العورة فيها، وهي ثلاث ساعات: ساعة قبل صلاة الفجر، وساعة عند نصف النهار، وساعة بعد العشاء الآخرة، وفي التنزيل: ﴿ثلاث عورات لكم: أمر الله تعالى الولدان والخدم أن لا يدخلوا في هذه الساعات إلا بتسليم منهم واستئذان، وكل أمر يستحيا منه: عورة، وفي الحديث: يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟

العورات: جمع عورة، وهي كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وهي من الرجل ما بين السرة والركبة، ومن المرأة الحرة جميع جسدها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين، وفي أخمصها خلاف، ومن الأمة مثل الرجل، وما يبدو منها في حال الخدمة كالرأس والرقبة والساعد فليس بعورة. وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب، وفيه عند الخلوة خلاف. وفي الحديث: المرأة عورة؛ جعلها نفسها عورة لأنها إذا ظهرت يستحيا منها كما يستحيا من العورة إذا ظهرت.[41]

حفظ العورة عدل

حفظ العورة بمعنى حجبها وسترها، وقد أوجب الشرع الإسلامي على الرجال والنساء ستر العورة فيما يجب ستره، روى الترمذي في صحيحه: عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك»، فقال الرجل يكون مع الرجل قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل»، قلت والرجل يكون خاليا قال: «فالله أحق أن يستحيا منه». قال أبو عيسى هذا حديث حسن وجد بهز اسمه معاوية بن حيدة القشيري وقد روى الجريري عن حكيم بن معاوية وهو والد بهز».[47]

قوله: «عوراتنا ما نأتي منها وما نذر» أي: ما نستر منها وما نذر: أي نترك، والمعنى أي عورة نسترها وأي عورة نترك سترها، فقال: «احفظ» أي استر وصن، «عورتك»: التي يجب عليك سترها وهي للرجل ما بين السرة والركبة، «إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» أي: والأمة التي ملكت وحل لك وطؤها. ثم قال السائل وهو جد بهز بن حكيم: "الرجل يكون مع الرجل" وفي الرواية الأخرى للترمذي: قال: قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض، أي: مختلطون فيما بينهم مجتمعون في موضع واحد ولا يقومون من موضعهم فلا نقدر على ستر العورة وعلى الحجاب منهم على الوجه الأتم والأكمل في بعض الأحيان لضيق الإزار أو لانحلاله لبعض الضرورة، فكيف نصنع بستر العورة وكيف نحجب منهم؟ قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل»، وفي رواية للترمذي: قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فلا ترينها».

قوله: "قلت: فالرجل يكون خاليا" أي في خلوة، فما حكمة الستر حينئذ؟ قال: «فالله أحق أن يستحيا منه» مبنيا للمجهول، أي: فاستر طاعة له وطلبا لما يحبه منك ويرضيه، وليس المراد فاستر منه، إذ لا يمكن الاستتار منه تعالى، قاله السندي.[48][49] وحديث بهز بن حكيم رواه البخاري تعليقا بقوله: «بسم الله الرحمن الرحيم باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم الله أحق أن يستحيا منه من الناس». ثم ذكر حديث الباب: «عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض وكان موسى صلى الله عليه وسلم يغتسل وحده فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسى في إثره يقول ثوبي يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا والله ما بموسى من بأس وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا». فقال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر».[50]

«»

عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة عدل

عورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة، وعورة المرأة مع المرأة المسلمة ما بين السرة والركبة. قال النووي: "وأما ضبط العورة في حق الأجانب فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة، وكذلك المرأة مع المرأة، وفي السرة والركبة ثلاثة أوجه لأصحابنا: أصحها ليستا بعورة، والثاني: هما عورة، والثالث: السرة عورة دون الركبة".[3]

عورة الرجل عدل

عورة الرجل ما بين السرة والركبة، في الصلاة وفي غيرها. قال ابن حجر: وعورة الرجل ما بين السرة والركبة، ودليله قوله عليه السلام: «عورة المؤمن ما بين سرته إلى ركبته»، والتقييد بالمؤمن للغالب وسنده حسن، وإن كان فيه رجل مختلف فيه إلا أن له شواهد تجبره وهي أحاديث أربعة بمعناه، وقيل: العورة السوأتان فقط؛ لما في مسلم أنه عليه السلام: كان مكشوف الفخذ، فدخل أبو بكر وعمر، فلم يستره، ثم دخل عثمان فستره، وردوه بأن المكشوف حصل الشك فيه في مسلم هل هو الساق أو الفخذ، فلا يلزم منه الجزم بجواز كشف الفخذ، وعلى التنزل فهي واقعة حال احتملت أن المكشوف من ناحيته لا من ناحيتهما.

قال: ويمكن أن يقال حصل الكشف له حالة الاستغراق والستر بعدما أفاق، وأما في خبر الصحيحين، أنه عليه السلام أجرى فرسه في زقاق خيبر، ثم حسر الإزار عن فخذه الشريف حتى رآه أنس، فمحمول على أنه انحسر بنفسه لأجل الإجراء لروايتهما أيضا، فانحسر الإزار، وقد روى الترمذي من ثلاث طرق قال في كل منها: أنه حسن: أنه عليه السلام قال لجرهد -بجيم وهاء مفتوحتين-: غط فخذك؛ لأن الفخذ من العورة، ويجب على كل مكلف ستر عورته وإن كان خاليا لخبر مسلم: «لا تمشوا عراة»، ولخبر أحمد والأربعة بسند حسن: «احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك»، قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: «الله أحق أن يستحيا منه من الناس»، ثم العاري والمستر وإن استويا في نظر الله إليهما، إلا أنه يرى الثاني متأدبا، والأول تاركا للأدب اهـ.

وقوله: "يجب" لا يصح على إطلاقه أو يقال: الضرورات تبيح المحذورات لما جاء: أن التسمية تستر العورة عن أعين الجن، والأمر استحباب التستر حالة الخلاء لا الوجوب والله أعلم.[51]

عورة المرأة عدل

عورة المرأة مع المرأة في النظر ما بين السرة والركبة، وعورة المرأة مع محارمها ما بين السرة والركبة، وفي قول: ما يبدو عند المهنة، وعورة المرأة مع رجل أجنبي في النظر جميع بدنها إلا لحاجة عند الجمهور خلافا لقول عند الحنفية والمالكية في جواز نظر الرجل إلى الوجه والكفيين من المرأة الكبيرة التي لا حاجة لها في النكاح ولا يرغب فيها أحد. وعند الحنفية والمالكية وفي المرجوح من أحد قولي الشافعية، أن الوجه والكفان ليسا بعورة وإن وجب سترهما وحرم النظر إليهما لخوف الفتنة لا لكونهما عوة، والصحيح عند الشافعية والمفتى به في مذهب أحمد أن وجه المرأة وكفيها عورة مع أجنبي من حيث أنه يجب عليها سترهما ويحرم النظر إليهما بشهوة أو بغير شهوة ولو مع أمن الفتنة. وفي سنن الترمذي: "عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان». قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب".[40]

قال المباركفوري: قوله: «المرأة عورة» قال في مجمع البحار جعل المرأة نفسها عورة؛ لأنها إذا ظهرت يستحى منها كما يستحى من العورة إذا ظهرت، والعورة السوأة وكل ما يستحى منه إذا ظهر، وقيل إنها ذات عورة، «فإذا خرجت استشرفها الشيطان» أي: زينها في نظر الرجال، وقيل أي: نظر إليها ليغويها ويغوي بها، والأصل في الاستشراف رفع البصر للنظر إلى الشيء وبسط الكف فوق الحاجب، والمعنى: أن المرأة يستقبح بروزها وظهورها فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها، ويغوي غيرها بها ليوقعهما، أو أحدهما في الفتنة، أو يريد بالشيطان: شيطان الإنس من أهل الفسق سماه به على التشبيه.[52]

العورات+ (تم) عدل

عورة الرجل مع الرجل عدل

العورات على أربعة أقسام: عورة الرجل مع الرجل، وعورة المرأة مع المرأة، وعورة المرأة مع الرجل، وعورة الرجل مع المرأة، ذكره الفخر الرازي وقال: فأما الرجل مع الرجل فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنه إلا عورته، وعورته ما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليستا بعورة، وعند أبي حنيفة رحمه الله الركبة عورة، وقال مالك الفخذ ليست بعورة، والدليل على أنها عورة ما روي عن حذيفة "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به في المسجد وهو كاشف عن فخذه فقال عليه السلام: «غط فخذك فإنها من العورة»". وقال لعلي رضي الله عنه: «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت»، فإن كان في نظره إلى وجهه أو سائر بدنه شهوة أو خوف فتنة بأن كان أمرد لا يحل النظر إليه.

قال البغوي: وجملة الكلام في بيان العورات: أنه لا يجوز للناظر أن ينظر إلى عورة الرجل، وعورته ما بين السرة إلى الركبة، وكذلك المرأة مع المرأة، ولا بأس بالنظر إلى سائر البدن إذا لم يكن خوف فتنة، وقال مالك وابن أبي ذئب: الفخذ ليس بعورة؛ لما روي عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال أجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم فرسا في زقاق خيبر وإن ركبتي لتمس فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم.

وأكثر أهل العلم على أن الفخذ عورة، لما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، حدثنا أحمد بن علي الكشميهني، أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن أبي كثير، عن محمد بن جحش‌‌‌‌‌‌ قال: "مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان، قال: «يا معمر غط فخذيك ، فإن الفخذين عورة»". وروي عن ابن عباس وجرهد بن خويلد، كان من أصحاب الصفة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الفخذ عورة»". قال محمد بن إسماعيل: "وحديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط".[53]

عورة المرأة مع المرأة عدل

عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل، فلا يجوز للمرأة النظر إلى عورة المرأة، وعورة المرأة بالنسبة للمرأة جميع بدنها إلا فيما تحت السرة وفوق الركبة، فلا يحوز للمرأة أن تنظر إلى ما بين السرة والركبة، وأما ما عدا ذلك فيجوز لها النظر بشرط أمن الفتنة، أما عند خوف الفتنة فلا يجوز، وهذا بالنسبة للنظر، فلا يجوز المضاجعة. قال الفخر الرازي: "والمرأة الذمية هل يجوز لها النظر إلى بدن المسلمة، قيل يجوز كالمسلمة مع المسلمة، والأصح أنه لا يجوز؛ لأنها أجنبية في الدين والله تعالى يقول: ﴿أو نسائهن وليست الذمية من نسائنا".[54]

عورة المرأة مع الرجل عدل

عورة المرأة مع الرجل ثلاثة أنواع فهي إما أن تكون من محارمه، أو أجنبية بالنسبة له أو من يحل له الاستمتاع بها بكونه زوجا أو سيدا بالنسبة لها، قال الفخر الرازي: "أما عورة المرأة مع الرجل فالمرأة إما أن تكون أجنبية أو ذات رحم محرم، أو مستمتعة، فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة فإن كانت حرة فجميع بدنها عورة، ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، ونعني بالكف ظهرها وبطنها إلى الكوعين، وقيل ظهر الكف عورة".[54]

النظر إلى الأجنبية عدل

قال الفخر الرازي: "ولا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه في البيع والشراء، وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء".[54]

وفي كلامه: أن ما ذكره من القول بعدم جواز نظر الأجنبي إلى شيء منها، وجواز نظره إلى وجهها وكفيها ليس على إطلاقه ففيه تفصيل وفي كل واحد من القولين استثناء، والنظر إلى وجهها وكفها ثلاثة أقسام فهو إما أن لا يكون فيه غرض ولا فيه فتنة، وإما أن يكون فيه فتنة ولا غرض فيه، وإما أن يكون فيه فتنة وغرض،

القسم الأول: أن يكون نظره إليها لغير غرض أي: لغير حاجة شرعية بل حصول مجرد النظر، ولا فتنة أي: مع عدم حصول فتنة بهذا النظر، ففي هذه الحالة إما أن يكون بقصد أو بغير قصد، فلا يجوز أن يتعمد النظر إلى وجه الأجنبية لغير غرض وإن وقع بصره عليها بغتة فعليه أن يغض بصره، لقوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، وقيل: يجوز مرة واحدة إذا لم يكن محل فتنة، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، ولا يجوز أن يكرر النظر إليها لقوله تعالى: ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا (سورة الإسراء آية: 36) ولقوله عليه السلام: «يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة»، وعن جابر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فأمرني أن أصرف بصري"؛ ولأن الغالب أن الاحتراز عن الأولى لا يمكن فوقع عفوا قصد أو لم يقصد.

(ص: 177) القسم الثاني: أن يكون في نظره إلي الأجنبية غرض ولا فتنة فيه فيكون ذلك في أمور:

  • أولها: نظر الخاطب عند الخطبة فإذا أراد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيها، وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا أراد أن يتزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا""، وقال عليه الصلاة والسلام: "إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها للخطبة" وقال المغيرة بن شعبة: "خطبت امرأة فقال عليه السلام: نظرت إليها؟ فقلت: لا، قال: فانظر فإنها أحرى أن يؤدم بينكما".

فكل ذلك يدل على جواز النظر إلى وجهها وكفيها للشهوة إذا أراد أن يتزوجها، ويدل عليه أيضا قوله تعالى: ﴿لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن، (سورة الأحزاب آية: 52) ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن.

  • ثانيها: إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر إلى ما ليس بعورة منها.
  • ثالثها: عند المعاملة كالمبايعة له أن ينظر إلى وجهها متأملا حتى يعرفها عند الحاجة إليه.
  • رابعها: عند الشهادة عليها له أن ينظر إليها عند تحمل الشهادة، ولا ينظر إلى غير الوجه لأن المعرفة تحصل به.

القسم الثالث: أن ينظر إلى اليها للشهوة فذاك محظور؛ لقول الله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، وقال عليه الصلاة والسلام: "العينان تزنيان"، وعن جابر قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري". وقيل: مكتوب في التوراة النظرة تزرع في القلب الشهوة، ورب شهوة أورثت حزنا طويلا.[54]

النظر إلى بدن الأجنبية عدل

لا يجوز للأجنبي النظر إلى بدن الأجنبية، ويستثنى منه ما كان للضرورة، فيجوز النظر لأي موضع دعت إليه حاجة ضرورية إلى النظر إليه وهو فيما لا بد منه، وهو مبني على القواعد الشرعية العامة حيث لا تكليف إلا بقدر الاستطاعة، ولا مؤاخذة في غير مقدور عليه، ويكون النظر للضرورة في صور:

  • إحداها: النظر للمداواة فيجوز للطبيب الأمين أن ينظر إليها للمعالجة، في أي موضع من بدنها، كما يجوز للختان أن ينظر إلى فرج المختون، لأنه موضع ضرورة، وإنما يجوز نظر الطبيب للضرورة، فلا ينظر إلا الموضع الذي يحتاج إليه ولا يتجاوزه؛ لأن الضروة تقدر بقدرها، ويشترط أن يكون أمينا، وعدم الخلوة بل لا بد من وجود زوج أو محرم لها، وأن تدعو الحاجة إلى أجنبي، أما إذا أمكن التداوي بغيره فيقدم الزوج إن أمكن وإلا فذو محرم أو امرأة.
  • الثانية: النظر للشهادة فيجوز أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها لتحمل شهادة الولادة، وإلى ثدي المرضعة لتحمل الشهادة على الرضاع، وقال أبو سعيد الإصطخري لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء فلا حاجة إلى نظر الرجال للشهادة.
  • الثالثة: لو وقعت في غرق أو حرق فله أن ينظر إلى بدنها ليخلصها.[54][55]

عورة الأمة الأجنبية عدل

أما إذا كانت الأجنبية أمة فقال بعضهم عورتها ما بين السرة والركبة، وقال آخرون عورتها ما لا يبين للمهنة فخرج منه أن رأسها وساعديها وساقيها ونحرها وصدرها ليس بعورة، وفي ظهرها وبطنها وما فوق ساعديها الخلاف المذكور، ولا يجوز لمسها ولا لها لمسه بحال لا لحجامة ولا اكتحال ولا غيره، لأن اللمس أقوى من النظر بدليل أن الإنزال باللمس يفطر الصائم وبالنظر لا يفطره. وقال أبو حنيفة رحمه الله: يجوز أن يمس من الأمة ما يحل النظر إليه.[54][56]

النظر إلى أمته المزوجة عدل

قال البغوي: "وإذا زوج الرجل أمته حرم عليه النظر إلى عورتها كالأمة الأجنبية، وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظرن إلى ما دون السرة وفوق الركبة»".[57]

نظر الرجل إلى محارمه عدل

أما إن كانت المرأة ذات محرم له بنسب أو رضاع أو صهرية فعورتها معه ما بين السرة والركبة كعورة الرجل، وقال آخرون: بل عورتها ما لا يبدو عند المهنة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله فأما سائر التفاصيل فستأتي إن شاء الله تعالى في تفسير الآية.[54][58]

نظر الزوج عدل

أما إذا كانت المرأة مستمتعة كالزوجة والأمة التي يحل له الاستمتاع بها، فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنها حتى إلى فرجها غير أنه يكره أن ينظر إلى الفرج وكذا إلى فرج نفسه، لأنه يروى أنه يورث الطمس، وقيل لا يجوز النظر إلى فرجها ولا فرق بين أن تكون الأمة قنة أو مدبرة أو أم ولد أو مرهونة، فإن كانت مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو مشتركة بينه وبين غيره أو متزوجة أو مكاتبة فهي كالأجنبية، روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا زوج أحدكم جاريته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة".[54][59]

عورة الرجل مع المرأة عدل

وأما عورة الرجل مع المرأة ففيه نظر إن كان أجنبيا منها فعورته معها ما بين السرة والركبة، وقيل جميع بدنه إلا الوجه والكفين كهي معه، والأول أصح بخلاف المرأة في حق الرجل، لأن بدن المرأة في ذاته عورة، بدليل أنه لا تصح صلاتها مكشوفة البدن وبدن الرجل بخلافه، ولا يجوز لها قصد النظر عند خوف الفتنة ولا تكرير النظر إلى وجهه لما روي عن أم سلمة: "أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم وميمونة إذ أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليها فقال عليه الصلاة والسلام: احتجبا منه، فقلت يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟".

وإن كان محرما لها فعورته معها ما بين السرة والركبة وإن كان زوجها أو سيدها الذي يحل له وطؤها فلها أن تنظر إلى جميع بدنه غير أنه يكره النظر إلى الفرج كهو معها.[54]

في الخلوة عدل

ولا يجوز للرجل أن يجلس عاريا في بيت خال وله ما يستر عورته؛ لأنه روي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عنه فقال: «الله أحق أن يستحيي منه». وروي أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله»، والله أعلم.[54]


عورة المرأة في الصلاة عدل

عورة المرأة في الصلاة هي التي يجب عليها سترها حال تلبسها بالصلاة، وستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة، وهذا بالنسبة للصلاة، بصرف النظر عن الأحكام الأخرى المتعلقة بالنظر والاستتار عن الرجال الأجانب وغير ذلك من الأحكام، فلا يقتصر الأمر على ستر العورة، بل يطلب منها المزيد من الاحتشام، فيطلب منها في صلاتها أن تضم بعضها إلى بعض، ولا تجافي مرفقيها عن جنبيها، ولا ترفع صوتها بالأذان، ولا تؤذن في المساجد، ولا تؤم الرجال، ولا تصلي أمام الرجال، وتخفض صوتها بحضرة الرجال الأجانب، وصلاتها في بيتها أفضل؛ وكانت أم المؤمنين عائشة تقول: «لو علم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن» أي: من الخروج إلى المساجد، ولا يجب على المرأة حضور الجمعة ولا الجماعة، ولا تمنع من الخروج بشرط أمن الفتنة وعدم حصول اختلاط، وألا يكون في خروجها تفويت واجب عليها، وألا تتطلع إلى الرجال حيث أوجب الله عليها غض البصر، وأن تلبس الجلباب وتدنيه عليها؛ فقد ثبت في الصحيحين أن نساء الصحابة كن يخرجن متلفعات بمروطهن، وفي صحيح مسلم قال: «وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس أن ابن شهاب أخبره قال أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لقد كان نساء من المؤمنات يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة».[60][61]

وعورة المرأة الحرة في الصلاة جميع بدنها إلا وجهها وكفيها، وعورة الأمة في الصلاة ما بين السرة والركبة وهو قول الشافعي وأبي حنيفة، وقال مالك: الأمة عورتها كالحرة حاشا شعرها فليس بعورة، وكأنه رأى العمل في الحجاز على كشف الإماء لرؤوسهن، هكذا حكاه عنه ابن عبد البر في الاستذكار: قال العراقي في شرح الترمذي: والمشهور عنه أن عورة الأمة كالرجل، وقد اختلف في مقدار عورة الحرة فقيل جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وإلى ذلك ذهب الشافعي في أحد أقواله وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه ومالك، وقيل والقدمين وموضع الخلخال، وإلى ذلك ذهب القاسم في قول وأبو حنيفة في رواية عنه والثوري وأبو العباس، وقيل: بل جميعها إلا الوجه، وإليه ذهب أحمد بن حنبل وأبو داود، وقيل: جميعها بدون استثناء، وإليه ذهب بعض أصحاب الشافعي، وروي عن أحمد. وسبب اختلاف هذه الأقوال ما وقع من المفسرين من الاختلاف في تفسير قوله تعالى: ﴿إلا ما ظهر منها.[62]

وجوب ستر عورة المرأة في الصلاة عدل

أوجب الشرع الإسلامي على المرأة ستر عورتها في الصلاة، وستر عورتها شرط من شروط صحة الصلاة، وإذا بلغت سن المحيض صارت مكلفة بالأحكام الشرعية، وتؤمر بستر ما يجب على المكلفات ستره، لكن على ولي أمرها أن يعلمها أحكام الصلاة قبل سن البلوغ؛ يدل على هذا حديث: «علموا أبنائكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع». وثبت في السنة وجوب ستر العورة، فلا تقبل صلاة المرأة إلا بستر عورتها، روى الترمذي في سننه: «عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار». قال وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وقوله: «الحائض» يعني المرأة البالغ يعني: إذا حاضت، قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن، والعمل عليه عند أهل العلم أن المرأة إذا أدركت فصلت وشيء من شعرها مكشوف لا تجوز صلاتها، وهو قول الشافعي قال: لا تجوز صلاة المرأة وشيء من جسدها مكشوف، قال الشافعي وقد قيل: إن كان ظهر قدميها مكشوفا فصلاتها جائزة».[63]

وهذا الحديث استدل به العلماء على وجوب ستر المرأة رأسها حال الصلاة، والمقصود بالحائض في قوله: «لا تقبل صلاة الحائض»: من بلغت سن المحيض لا من هي ملابسة المحيض فإنها ممنوعة من الصلاة، «إلا بخمار» والخمار -بكسر الخاء- الساتر لأي شيء مطلقا كخمار الوجه، ويستعمل أيضا بمعنى خمار الرأس، وفي القاموس: «وكل ما ستر شيئا فهو خماره جمعه أخمرة وخمر وخمر، وقال نصيف كأسير الخمار والعمامة وكل ما غطى الرأس». والمقصود به هنا: ما يغطى به رأس المرأة، عن أبي قتادة أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط بلفظ: «لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى تواري زينتها، ولا من جارية بلغت الحيض حتى تختمر». ذكره الزيلعي في نصب الراية بإسناده. ومعنى قوله: "إذا أدركت" أي: بلغت وصارت مكلفة. قال محمد بن إسماعيل الأمير في سبل السلام: "ونفي القبول المراد به هنا نفي الصحة والإجزاء".[62]

وهذا الحديث يدل على أنه يجب على المرأة ستر رأسها حال الصلاة، واستدل به من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض، ولم يفرق بين الحرة والأمة، وهو قول أهل الظاهر، وفرق الشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل، والحجة لهم ما رواه أبو داود والدارقطني وغيرهما من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في حديث: «وإذا زوج أحدكم خادمه أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة»، وما رواه أبو داود أيضا بلفظ: «إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها»، قالوا: والمراد بالعورة في هذا الحديث ما صرح ببيانه في الحديث،[62]

ويدل هذا الحديث: أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة؛ لقوله: «لا يقبل»، قال ابن حجر في الفتح: ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة.[62]

وفي سنن ابن ماجه: "عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فاختبأت مولاة لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حاضت؟» فقالت نعم فشق لها من عمامته فقال: «اختمري بهذا»".[64]

والمعنى: أن مولاة عائشة لما حاضت اختبأت أي: استترت وأمرت تلبس خمارا تغطي به رأسها، وهذا الحديث وإن كان في إسناده مقال إلا أن له شواهد أخرى.[65]


وهذا الحديث رواه ابن ماجه بسنده: "عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»"

قال السندي: قوله «لا يقبل الله صلاة حائض» المراد بالحائض البالغة من الحيض الذي جرى عليها القلم ولم يرد التي في أيام حيضها؛ لأن الحائض لا صلاة عليها ولو صلت لا تقبل منها لا بخمار ولا دونه. والله أعلم.[66]

وفي سنن أبي داود: «عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار». قال أبو داود رواه سعيد يعني ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم».[67]

ومعنى: «لا يقبل الله صلاة حائض» يدل على نفي قبول صحة الصلاة، ونفي القبول يفيد نفي صحة الصلاة أي: لا تصح صلاة المرأة البالغة، ومعنى: «حائض» أي: من بلغت سن المحيض وهو سن التكليف، قال الخطابي: "يريد بالحائض المرأة التي بلغت سن الحيض، ولم يرد به التي هي في أيام حيضها؛ لأن الحائض لا تصلي بوجه". فالمرأة حال تلبسها بالحيض لا صلاتها بالإجماع؛ لأن الطهارة عن الحيض والنفاس شرط لصحة الصلاة والصوم والطواف بالبيت، والمعنى: إذا بلغت المرأة سن المحيض فلا تصح صلاتها إلا بخمار، وإذا كانت صغيرة لم تبلغ سن المحيض فهي أيضا لا تصلي إلا بخمار؛ لأن ستر الرأس بالخمار وستر العورة عموما شرط من شروط صحة الصلاة، قال في المرقاة: قيل الأصوب أن يراد بالحائض من شأنها الحيض ليتناول الصغيرة أيضا، فإن ستر رأسها شرط لصحة صلاتها أيضا. وقوله: «إلا بخمار» أي: ما يتخمر به من ستر رأس.

واستدل بهذا الحديث: من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض ولم يفرق بين الحرة والأمة وهو قول أهل الظاهر، وفرق الشافعي وأبو حنيفة والجمهور بين عورة الحرة والأمة، فجعلوا عورة الأمة ما بين السرة والركبة كالرجل، وقال مالك: الأمة عورتها كالحرة حاشا شعرها فليس بعورة، وكأنه رأى العمل في الحجاز على كشف الإماء لرؤوسهن، هكذا حكاه عنه ابن عبد البر في الاستذكار، قال العراقي في شرح الترمذي: والمشهور عنه أن عورة الأمة كالرجل، كذا في النيل.[68][69]

حديث أم سلمة عدل

روى الحاكم في المستدرك بسنده: "عن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: «إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها»". رواه الحاكم وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه".[70]

الدرع الذي تلبسه النساء هو القميص، والمقصود بالخمار الذي يغطي الرأس ويسدل على الثوب، وقول أم سلمة أتصلي؟ بهمزة الإستفهام وهو سؤالها عن لباس المرأة في الصلاة إذا صلت في درع وخمار وليس عليها إزار أتصح صلاتها بذلك؟ ومعنى: ليس عليها إزار أي: فوق الدرع أو تحته، والإزار هو الذي يشد على الوسط ويتصل إلى الأسفل، ويلبس عادة تحت القميص كالسراويل، والمعنى: لو صلت المرأة في درع وخمار وليس عليها أي: ليس تحت قميصها ولا فوقه إزار أي: ولا سراويل، قال: «إذا كان الدرع سابغا» أي: كاملا واسعا يحصل به الستر المطلوب شرعا، وكون الدرع متسعا ووافيا للستر وكافيا لحصول المقصود «يغطي ظهور قدميها»، وفي هذا دليل على أن ظهر قدمها عورة يجب ستره، وفي شرح السنة قال الشافعي: لو انكشف شيء مما سوى الوجه واليدين فعليها الإعادة نقله الطيبي، ولا يخفى أن المراد باليدين الكفان، ويدل هذا على أن القدمين من المرأة عورة يجب سترهما.

وهذا الحديث ذكره في بلوغ المرام وقال: أخرجه أبو داود وصحح الأئمة وقفه. قال في سبل السلام: وله حكم الرفع وإن كان موقوفا وإذ الأقرب أنه لا مسرح للاجتهاد في ذلك.[62] وذكره في مشكاة المصابيح وقال: رواه أبو داود، وذكر جماعة وقفوه على أم سلمة. قال في المرقاة: رواه أبو داود أي: مرفوعا، ورواه جماعة موقوفا على أم سلمة، وقال في المرقاة: الحديث المذكور بلفظه لا يمكن أن يكون موقوفا، ولعل الموقوف معنى هذا الحديث، وقيل: معناه رواه أبو داود، وذكر هو أن جماعة وقفوه على أم سلمة، وحينئذ لا يضر وقفهم له عليها؛ لأن من رفعه معه زيادة علم فيقدم، وأيضا هذا الموقوف ليس من قبيل الرأي فهو في حكم المرفوع.[71]

لباس المرأة في الصلاة عدل

الواجب على المرأة ستر جميع عورتها في الصلاة بما يعد ساترا غير شفاف أي: بما لا يظهر معه جسمها، وثبت بالأحاديث الصحيحة بيان لباس المرأة في الصلاة وغيرها، فتلبس المرأة القميص أو الثوب أو الدرع، وتلبس تحته الإزار أو السراويل، وتلبس الخمار على رأسها فوق القميص أو الدرع تغطي بالخمار رأسها وما حول الوجه، وخمار الرأس تغطي به رأسها وما حول الوجه، وتسدل الخمار فوق القميص إلى الأسفل لستر ما يظهر منها، وإذا خرجت من بيتها أضافت إلى ذلك التجلبب فقد ثبت في الصحيحين حديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فيشهد معه نساء من المسلمات متلفعات بمروطهن ما يعرفهن أحد من الغلس»، وكن يخرجن لحضور الجماعة يتعلمن الصلاة، وقد أمر الله بالتجلبب في قوله تعالى: ﴿يدنين عليهن من جلابيبهن.. الآية، والجلباب أو المرط أو الملحفة لباس واسع تستتر به المرأة فوق قميصها وخمارها من فوق رأسها إلى قدميها، تلفه المرأة عليها تغطي به يديها وصدرها ووجهها، وتكون له فتحة من جهة الوجه واليدين للتمكن من فعل ما تحتاجه عند حركتها وتستر به وجهها وكفيها إن احتاجت لذلك، ويدل على هذا حديث أم المؤمنين عائشة في لباس المحرمة، ولباس المرأة في الصلاة بمعزل عن الرجال الأجانب، وأما صلاتها بحضرة الرجال الأجانب فيطلب معها مزيدا من الاستتار، فيشترط في ذلك عدم الاختلاط بالرجال الأجانب، وألا تكون متعطرة ولا متبرجة بزينة، وألا ترفع من صوتها، وأن تصلي بمعزل عن الرجال الأجانب في مصلى خاص بالنساء إن أمكن وإلا خلفهم وكل هذا عند أمن الفتنة بها أو عليها.

وفي المصنف لابن أبي شيبة: عن أبي هريرة قال: قال عمر: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب.[72]

عن الأوزاعي عن مكحول قال: سألت عائشة في كم تصلي المرأة فقالت: ائت عليا فاسأله ثم ارجع إلي، فأتى عليا فسأله فقال: في درع سابغ وخمار، فرجع إليها فأخبرها فقالت: صدق.[73]

عن عبد الله الخولاني قال: رأيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تصلي في درع واحد فضلا وقد وضعت بعض كمها على رأسها قال: وكان عبيد الله يتيما في حجرها.[74]

عن عبيد الله الخولاني عن ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها صلت في درع وخمار.[75][76]

عن محمد بن زيد قال: حدثتني أمي أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في أي شيء تصلي المرأة فقالت: تصلي في درع سابغ يغطي قدميها والخمار.[77]

وفي رواية عن أم سلمة قالت: تصلي المرأة في الدرع السابغ والخمار.[78]

سئل ابن عباس في كم تصلي المرأة فقال: في درع وخمار.[79]

عن ابن عمر قال: إذا صلت المرأة فلتصل في ثيابها كلها الدرع والخمار والملحفة.[80]

عن عبيدة قال: تصلي المرأة في الدرع والخمار والحقو قال: أشعث عن محمد مثله فقلت له: ما هذه الخمر فقال: الخمر ما خمر وكانت الأنصار تسمي الإزار الحقو.[81]

عن ابن سيرين قال: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب.[82]

عن ابن سيرين قال: كان يستحب أن تصلي المرأة في ثلاثة أثواب في الدرع والخمار والحقو.[83]

عن مغيرة عن إبراهيم أنه كان يرخص للمرأة أن تصلي في الدرع والجلباب.[84]

عن هشام بن عروة قال: قالت امرأة لأبي: إني امرأة حبلى وإنه يشق علي أن أصلي في المنطق أفأصلي في درع وخمار قال: نعم.[85]

عن عكرمة قال: تصلي المرأة في درع وخمار. [86][87]

عن جابر بن زيد قال: تصلي المرأة في درع صفيق وخمار صفيق.[88]

عن الأوزاعي قال: قال عطاء: تصلي المرأة في درع وخمار.[89]

ثنا غندر عن شعبة قال: سألت الحكم فقال: في درع وخمار وسألت حمادا فقال: تصلي في درع وملحفة تغطي رأسها.[90]

ثنا ابن فضيل عن ليث عن مجاهد قال: ألا لا تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب.[91]

ثنا ابن فضيل عن عاصم عن معاذة عن عائشة أنها قامت تصلي في درع وخمار فأتتها الأمة فألقت عليها ثوبا. [92][93]

أحكام اللمس والمصافحة عدل

المباشرة واللمس عدل

المباشرة بمعنى التقاء البشرة بالبشرة واللمس بمعنى مماسة البشرة، وتذكر هذه الأحكام ضمن أحكام النظر؛ لارتباطها بها من حيث أن النظر بمثابة المقدمات، والملامسة بالبشرة أغلظ في الحكم، وقد ذكر العلماء أنه متى حرم النظر حرم اللمس بالأولى إذ هو أبلغ لذة من النظر، وهو إما أن يكون فيه التقاء بشرة رجل مع رجل أو امرأة مع امرأة أو رجل مع امرأة، وكل ما حرم النظر إليه حرم لمسه بل هو أشد وأغلظ من النظر، ومن ثم فإنه يحرم اللمس في مواضع لا يحرم النظر إليها، وفي صحيح البخاري: "عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها».[94]

قوله: «فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها» قال القابسي هذا أصل لمالك في سد الذرائع، فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة، ووقع في رواية النسائي من طريق مسروق عن ابن مسعود بلفظ: «لا تباشر المرأة المرأة ولا الرجل الرجل».[95]

وللترمذي في باب في كراهية مباشرة الرجال الرجال والمرأة المرأة بلفظ: «لا تباشر المرأة المرأة..» الحديث.[96]

ووقع في رواية النسائي من طريق مسروق عن ابن مسعود بلفظ: «لا تباشر المرأة المرأة ولا الرجل الرجل».

قال النووي: "حيث حرم النظر حرم المس بطريق الأولى؛ لأنه أبلغ لذة، فيحرم على الرجل دلك فخذ رجل بلا حائل، فإن كان ذلك فوق إزار جاز إذا لم يخف فتنة، وقد يحرم المس دون النظر، فيحرم مس وجه الأجنبية وإن جاز النظر، ومس كل ما جاز النظر إليه من المحارم والإماء، بل لا يجوز للرجل مس بطن أمه ولا ظهرها، ولا أن يغمز ساقها ولا رجلها، ولا أن يقبل وجهها، حكاه العبادي عن القفال، قال: وكذا لا يجوز للرجل أن يأمر ابنته أو أخته بغمز رجله، وعن القاضي حسين أنه كان يقول: العجائز اللاتي يكحلن الرجال يوم عاشوراء مرتكبات للحرام".[15]

المضاجعة عدل

المعاكمة أو المضاجعة بمعنى واحد وهو الاجتماع في المضجع، والمضاجعة للمفاعلة لإفادة المشاركة في الفعل من اثنين فأكثر، يقال: ضاجعه إذا شاركه في المضجع، والمضاجعة في عرف الشرع الإسلامي يراد بها الاجتماع في مضجع واحد، إلا أن المراد منها الاجتماع أو الافضاء المنهي عنه على وجه الخصوص وهو اجتماع الرجلين أو المرأتين في المضجع، قال فخر الدين الرازي: ولا يجوز للرجل مضاجعة الرجل، وإن كان كل واحد منهما في جانب من الفراش، لما روى أبو سعيد الخدري أنه عليه الصلاة والسلام قال: «لا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد».[97]

وثبت في الحديث الصحيح النهي عن المضاجعة بمعنى: اجتماع الرجل مع الرجل في ثوب واحد، واجتماع المرأة مع المرأة في ثوب واحد، وقد روى مسلم في صحيحه بلفظ: «ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد»، ومعنى يفضي من «فضا»، والفضاء: المكان الواسع من الأرض، والفعل فضا يفضو فضوا فهو فاض، قال رؤبة:

أفرخ قيض بيضها المنقاض
عنكم كراما بالمقام الفاضي

وقد فضا المكان وأفضى إذا اتسع، وأفضى فلان إلى فلان أي: وصل إليه، وأصله أنه صار في فرجته وفضائه وحيزه، قال ثعلب بن عبيد يصف نحلا:

شتت كثة الأوبار لا القر تتقي
ولا الذئب تخشى وهي بالبلد المفضي

أي: العراء الذي لا شيء فيه، وأفضى إليه الأمر كذلك، وأفضى الرجل: دخل على أهله، وأفضى إلى المرأة: غشيها، وقال بعضهم: إذا خلا بها فقد أفضى، غشي أو لم يغش، والإفضاء في الحقيقة الانتهاء، ومنه قوله تعالى: ﴿وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض أي: انتهى وأوى، عداه بإلى؛ لأن فيه معنى وصل، كقوله تعالى: ﴿أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم. ومرة مفضاة: مجموعة المسلكين، وأفضى المرأة فهي مفضاة إذا جامعها فجعل مسلكيها مسلكا واحدا كأفاضها وهي المفضاة من النساء، الجوهري: أفضى الرجل إلى امرأته باشرها وجامعها.[98]

النهي عن الاجتماع في ثوب واحد عدل

نهى الشرع الإسلامي عن الاجتماع في ثوب واحد، وهو أن يجتمع الرجلان أو المرأتان في ثوب واحد، واجتماع الرجل والمرأة التي ليست منه في حل من باب أولى، والمقصود بالاجتماع: إفضاء أحدهما إلى الآخر، ويدل على هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه بلفظ: «ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد»، ومعنى: «ولا يفضي»: من أفضى فلان إلى فلان بمعنى وصل إليه أي: صار إلى فضائه وفرجته وحيزه، فإذا كان النظر محرما بينهما فإفضاء أحدهما إلى الآخر في ثوب واحد أبلغ في التحريم من النظر؛ لأن فيه التقاء جسمين، ومعنى يفضي بضم أوله أي: يصل أحدهما إلى الآخر، قال النووي: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد» وكذلك في المرأة مع المرأة فهو نهي تحريم إذا لم يكن بينهما حائل، وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان، وهذا متفق عليه، وهذا مما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام، فيجب على الحاضر فيه أن يصون بصره ويده وغيرها عن عورة غيره، وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره، ويجب عليه إذا رأى من يخل بشيء من هذا أن ينكر عليه.

قال العلماء: ولا يسقط عنه الإنكار بكونه يظن أن لا يقبل منه، بل يجب عليه الإنكار إلا أن يخاف على نفسه وغيره فتنة. والله أعلم. وأما كشف الرجل عورته في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي فإن كان لحاجة جاز، وإن كان لغير حاجة ففيه خلاف العلماء في كراهته وتحريمه، والأصح عندنا أنه حرام، ولهذه المسائل فروع وتتمات وتقييدات معروفة في كتب الفقه، وأشرنا هنا إلى هذه الأحرف لئلا يخلو هذا الكتاب من أصل ذلك. والله أعلم.[3]

والحديث رواه الترمذي ولفظه «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد».[99] وفي الحديث تحريم ملاقاة بشرتي الرجلين بغير حائل إلا عند ضرورة، ويستثنى المصافحة، ويحرم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان بالاتفاق.[3]

وفي سنن الدارمي: «عن أبي عامر قال سمعت أبا ريحانة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن عشر خصال: مكامعة الرجل الرجل في شعار واحد ليس بينهما شيء، ومكامعة المرأة المرأة في شعار واحد ليس بينهما شيء، والنتف، والوشم، والنهبة، وركوب النمور، واتخاذ الديباج هاهنا على العاتقين وفي أسفل الثياب». قال عبد الله أبو عامر شيخ لهم والمكامعة: المضاجعة».[100]

التفريق في المضاجع عدل

التفريق بين الصغار في المضاجع أي: في أماكن النوم، هو من الأحكام الشرعية والتعاليم والآداب العامة التي أرشد إليها الدين الإسلامي، ويدل عليه حديث: "وفرقوا بينهم في المضاجع"، والأمر في خطاب الخطاب الشرعي للآباء والأمهات على وجه الخصوص، ولولي أمر الصغير على وجه العموم، فمن المعتاد أن الأطفال الصغار ينامون في مكان واحد حيث يكونون بحاجة إلى الرعاية، ومما ينبغي التنبه له مراعاة أساليب التعامل على اختلاف المراحل التي يمرون بها دون الاقتصار على حالة واحدة في التعامل، فعلى ولي أمر الصغير أن يعلمه مهمات الأحكام الشرعية والآداب العامة وهو في سن السابعة تقريبا، ويلاحظ سلوكه ويرشده إلى الصواب، ومما قد يتساهل فيه الناس مسألة نوم الصغار في موضع واحد من غير مراعاة فارق السن، وقد اتفق أهل العلم على وجوب التفريق بين الصغار في أماكن النوم إذا بلغ الصغير عشر سنين، ووقع الخلاف في التفريق بينهم قبل سن العاشرة، فإذا بلغ الطفل عشر سنين ذكرا كان أو أنثى وجب التفريق بينه وبين غيره في المضاجع، فيجب التفريق بينه وبين غيره وفصل الذكور عن الإناث وفصل الذكور بعضهم عن بعض وفضل الإناث بعضهن عن بعض، فالذكر يفرق بينه وبين أخيه وأخته وأمه وأبيه في المضاجغ، والأنثى يفرق بينها وبين أخيها وأختها وأمها وأبيها في المضاجع، فمن بلغ عشر سنين فحكمه كالكبير في حكم تحريم المضاجعة المنهي عنها، ولا فرق في ذلك بين القريب والبعيد، قال النووي: "لا يجوز أن يضاجع الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة وإن كان كل واحد في جانب من الفراش، وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين؛ وجب التفريق بينه وبين أمه وأبيه وأخته وأخيه في المضجع".[15] ويحرم اجتماع أنثى مع ذكر في ثوب واحد غير زوج أو سيد إذا كانت تحل له، ويحرم اجتماع أنثى مع أنثى في ثوب واحد، ويحرم اجتماع رجلين في ثوب واحد، ويحرم اجتماع رجل مع أمر في ثوب واحد، قال البهوتي: (وإن كان أحدهما ذكرا غير زوج وسيد) والآخر أنثى (أو) كان رجل (مع أمرد حرم) نومهما تحت ثوب واحد ولحاف واحد لما يأتي في الإخوة.

(وإذا بلغ الإخوة عشر سنين ذكورا كانوا أو إناثا أو إناثا وذكورا فرق وليهم بينهم في المضاجع فيجعل لكل واحد منهم فراشا وحده) لقوله صلى الله عليه وسلم: «وفرقوا بينهم في المضاجع»، أي: حيث كانوا ينامون متجردين كما في المستوعب والرعاية قال في الآداب الكبرى: وهذا والله أعلم على رواية اختارها أبو بكر والمنصوص -واختاره أكثر أصحابنا- وجوب التفريق في ابن سبع فأكثر، وأن له عورة يجب حفظها.[101]

قال ابن حجر الهيتمي: وتحرم مضاجعة رجلين أو امرأتين عاريين في ثوب واحد، وإن لم يتماسا، وبحث استثناء الأب أو الأم لخبر صحيح فيه بعيد جدا وبفرض دلالة الخبر لذلك يتعين تأويله بما إذا تباعدا بحيث أمن تماس وريبة قطعا وإذا بلغ الصبي أو الصبية عشر سنين وجب التفريق بينه وبين أمه وأبيه وأخته وأخيه كذا قالاه واعترضا بالنسبة للأب والأم للخبر السابق وقد يوجه ما قالاه بأن ضعف عقل الصغير مع إمكان احتلامه قد يؤدي إلى محظور ولو بالأم وقضية إطلاقهما حرمة تمكينهما من التلاصق ولو مع عدم التجرد ومن التجرد ولو مع البعد وقد جمعهما فراش واحد وليس ببعيد لما قررته، وإن قال السبكي يجوز مع تباعدهما، وإن اتحد الفراش ويكره للإنسان نظر فرج نفسه عبثا.[102]


المصافحة عدل

المصافحة باليد من الأحكام التي تذكر غالبا ضمن أحكام النظر والاستئذان، وحيث كان حكم المباشرة مندرجا في تفاصيل حكم النظر فإن حكم المصافحة كذلك مندرج في حكم المباشر؛ لأن المصافحة التقاء البشرة بالبشرة، ولما كانت المضاجعة المنهي عنها تفيد معنى المباشرة وقع استثناء المصافحة في بعض صورها التي لا تدخل في المباشرة المنهي عنها، فالمصافحة يلزم عنها مباشرة اليد باليد،

الأخذ باليدين عدل

الأخذ باليدين هو المصافحة على وجه المبالغة والاهتمام وذلك أن يصافح الرجل الرجل بكلتا يديه فيأخذ يده بيده ثم يضيف يده الأخر فتكون يد أحدهما بين يدي الآخر حال المصافحة، وهو مستحب، وقد عنون البخاري في صحيحه لذلك بقوله: "باب الأخذ باليدين وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه" ثم روى البخاري حديث الباب مسندا: "عن عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال: سمعت ابن مسعود يقول: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا: السلام يعني على النبي صلى الله عليه وسلم».[103]

الحديث رواه البخاري في الاستئذان بعنوان: «باب الأخذ باليد»، وفي رواية: «باليدين»، وفي الترجمة قال البخاري تعليقا: «وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه»، ووصله غنجار في "تاريخ بخارى" عن طريق ابن خلف أنه سمع البخاري يقول: سمع أبي من مالك: "ورأى حماد بن زيد يصافح ابن المبارك بكلتا يديه". وذكر البخاري في "التاريخ" في ترجمة أبيه نحوه وقال في ترجمة عبد الله بن سلمة المرادي: حدثني أصحابنا يحيى وغيره عن أبي إسماعيل بن إبراهيم قال رأيت حماد بن زيد وجاءه ابن المبارك بمكة فصافحه بكلتا يديه ويحيى المذكور هو ابن جعفر البيكندي.[104]

قوله: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد»، بتأخير المفعول عن الجملة الحالية وفي رواية: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وكفي بين كفيه»، بتقديم المفعول وهو لفظ: «التشهد».[104]

وأخرج ابن المبارك في "كتاب البر والصلة" من حديث أنس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لقي الرجل لا ينزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون هو الذي يصرفه».[104]

قوله: "وهو بين ظهرانينا" أي: كائن بيننا، وقوله: «فلما قبض قلنا: السلام يعني: على النبي صلى الله عليه وسلم»، قال ابن حجر العسقلاني: "وأما هذه الزيادة فظاهرها أنهم كانوا يقولون: «السلام عليك أيها النبي» بكاف الخطاب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة فصاروا يقولون: «السلام على النبي»"

وقوله: «فلما قبض قلنا: السلام»، هذا من كلام الراوي، وفسرها البخاري بقوله: «يعني: على النبي صلى الله عليه وسلم»، وهذا التفسير من كلام البخاري، وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده ومصنفه عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه فقال في آخره: «فلما قبض صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على النبي».[104]

المعانقة والتقبيل والمصافحة عدل

قال فخر الدين الرازي: وتكره المعانقة وتقبيل الوجه إلا لولده شفقة، وتستحب المصافحة لما روى أنس قال: "قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: «لا»، قال: أيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا»، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: «نعم»".[97]

استحباب المصافحة عند اللقاء عدل

من المستحب في الإسلام مصافحة الرجل الرجل ومصافحة المرأة للمرأة عند اللقاء وفي الصحيح: «عن أبي الخطاب قتادة قال: قلت لأنس رضي اللّه عنه: أكانت المصافحة في أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم». رواه البخاري.[105]

"وعن أنس رضيِ الله عنه قال: لما جاء أهل اليمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد جاءكم أهل اليمن، وهم أول من جاء بالمصافحة»". رواه أبو داود بإسناد صحيح.[106]

"عن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا»". رواه أبو داود.[107]

معانقة القادم من سفر وكراهة الانحناء عدل

"عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رجل: يا رسول الله: الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: «لا» قال: أفيلتزمه ويقبله قال: «لا» قال: فيأخذ بيده ويصافحه قال: «نعم»". رواه الترمذي وقال حديث حسن.[108]

بشاشة الوجه عدل

يستحب بشاشة الوجه عند اللقاء وفي الحديث: "عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق»". رواه مسلم.[109]


تقبيل اليد عدل

للعلماء تفاصيل في تقبيل اليد عند المصافحة، حيث تختلف أحكام التقبيل من حيث هو باختلاف الأحوال المتعلقة به، وأما التقبيل باليد

قال ابن بطال: الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة وذلك مستحب عند العلماء وإنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه آخرون، واحتجوا بما روي عن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا: نحن الفرارون فقال: بل أنتم العكارون أنا فئة المؤمنين قال: فقبلنا يده، قال: وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم، ذكره الأبهري، وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه، قال الأبهري: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم، وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز.[104]

قال ابن بطال: وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال: أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات.. الحديث وفي آخره: فقبلا يده ورجله، قال الترمذي: حسن صحيح.

قال ابن حجر في الفتح: حديث ابن عمر أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود، وحديث أبي لبابة أخرجه البيهقي في "الدلائل" وابن المقري، وحديث كعب وصاحبيه أخرجه ابن المقري، وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في جامعه وحديث ابن عباس أخرجه الطبري وابن المقري، وحديث صفوان أخرجه أيضا النسائي وابن ماجه وصححه الحاكم.

وقد جمع الحافظ أبو بكر ابن المقري جزء في تقبيل اليد سمعناه، أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا، فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد عبد القيس قال: "فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله" أخرجه أبو داود، ومن حديث مزيدة العصري مثله، ومن حديث أسامة بن شريك قال: "قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده". وسنده قوي، ومن حديث جابر: "أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده" ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال: "يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له".[104]

وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" من رواية عبد الرحمن بن رزين قال: "أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها"، وعن ثابت أنه قبل يد أنس، وأخرج أيضا: "أن عليا قبل يد العباس ورجله"، وأخرجه ابن المقري، وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي قال: "قلت لابن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فناولنيها فقبلتها".

قال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة، وقال أبو سعيد المتولي: لا يجوز.[104]


تقبيل يد الرجل الصالح عدل

يستحب تقبيل يد الرجل لصلاحه وعلمه وفي الحديث: «وعن صفوان بن عسال رضي اللّه عنه قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث.. إلى قوله: فقبلا يده ورجله وقالا: نشهد أنك نبي». رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة.[110]

و«عن ابن عمر رضي الله عنهما قصة قال فيها: فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده». رواه أبو داود.[111]

و«عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله» . رواه الترمذي وقال حديث حسن.[112]


تقبيل الولد شفقة عدل

يستحب تقبيل الولد أي: الطفل الصغير سواء كان ولده أو ولد غيره إن كان التقبيل على سبيل الشفقة، قال النووي في الروضة: «وتقبيل الصغار شفقة سنة، سواء ولده وولد غيره إذا لم يكن بشهوة».[113] وفي الحديث: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، فقال الأقرع بن حابس: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لا يَرحم لا يُرحم»". متفق عليه.[114]

المصافحة والتقبيل عدل

قال النووي: يستحب مصافحة الرجل الرجل، والمرأة المرأة، قال البغوي: وتكره المعانقة والتقبيل، إلا تقبيل الولد شفقة. وقال أبو عبد الله الزبيري: لا بأس أن يقبل الرجل رأس الرجل وما بين عينيه عند قدومه من سفره أو تباعد لقائه. قلت: المختار أن تقبيل يد غيره إن كان لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته ونحو ذلك من الأمور الدينية؛ فهو مستحب، وإن كان لغناه ودنياه وشوكته ووجاهته عند أهل الدنيا ونحو ذلك فمكروه. وقال المتولي في باب صلاة الجمعة: لا يجوز. وتقبيل الصغار شفقة سنة، سواء ولده وولد غيره إذا لم يكن بشهوة، والسنة معانقة القادم من سفر وتقبيله، ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، ويكره حني الظهر في كل حال لكل أحد، ولا بأس بالقيام لأهل الفضل، بل هو مستحب للاحترام، لا للرياء والإعظام، وقد ثبتت أحاديث صحيحة بكل ما ذكرته، وقد أوضحتها مبسوطة في "كتاب السلام" من "كتاب الأذكار"، وهو مما لا يستغني متدين عن مثله، وفي "كتاب الترخيص في القيام، والله أعلم.[113]

[2]


«»

المراجع عدل

الزحيلي

الفـه‍رس العام عدل

المحتوى.[° 1]

الملاحظات عدل

  1. ^ أحكام النظر (؜+) الأحكام المتعلقة بالنظر تحريم النظر إلى العورات، نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة النظر للحاجة نظر الرجل إلى المرأة، أحكام نظر الرجل إلى المرأة، نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية، نظر الرجل إلى المرأة الأجنبية (نص) نظر الخاطب للمخطوبة، الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء أولي الإربة النظر إلى الأمة النظر إلى الطفلة الصغيرة القواعد من النساء النظر إلى المحارم نظر الرجل إلى الرجل نظر المرأة إلى المرأة نظر المرأة إلى الرجل نظر المرأة إلى محارمها نظر الرجل إلى زوجته الخنثى المشكل غض البصر (تم) بالمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي حفظ البصر الأمر بغض البصر أمر الرجال بغض البصر أمر النساء بغض البصر من السنة النبوية، فضائل غض البصر حفظ العورة دخول الحمام فـه‍رس المحتوى العورة في اللغة حفظ العورة عورة الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة عورة الرجل عورة المرأة العورات+ (تم) عورة الرجل مع الرجل عورة المرأة مع المرأة عورة المرأة مع الرجل النظر إلى الأجنبية النظر إلى بدن الأجنبية عورة الأمة الأجنبية النظر إلى أمته المزوجة نظر الرجل إلى محارمه نظر الزوج عورة الرجل مع المرأة في الخلوة عورة المرأة في الصلاة وجوب ستر عورة المرأة في الصلاة حديث أم سلمة لباس المرأة في الصلاة أحكام اللمس والمصافحة المباشرة واللمس المضاجعة النهي عن الاجتماع في ثوب واحد، التفريق في المضاجع المصافحة الأخذ باليد المعانقة والتقبيل والمصافحة استحباب المصافحة عند اللقاء معانقة القادم من سفر وكراهة الانحناء بشاشة الوجه تقبيل اليد تقبيل يد الرجل الصالح تقبيل الولد شفقة المصافحة والتقبيل الفهرس العام الملاحظات وصلات خارجية المراجع

وصلات خارجية عدل

المراجع عدل

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، الجزء السابع، ص21 وما بعدها.
  2. ^ صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات، حديث رقم: (338).
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب الحيض، باب تحريم النظر إلى العورات، حديث رقم: (338)، ص25 وما بعدها، دار الخير.
  4. ^ سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب النهي أن يرى عورة أخيه، الجزء الأول، ص217، حديث رقم: (661)،
  5. ^ سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب النهي أن يرى عورة أخيه، حديث رقم: (661)،
  6. ^ حاشية السندي على ابن ماجه، أبو الحسن الحنفي الشهير بالسندي، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب النهي أن يرى عورة أخيه، حديث رقم: (661)،
  7. ^ شرح النووي على مسلم، يحيي بن شرف أبو زكريا النووي، كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، ص552 و553، حديث رقم: (1424)، دار الخير، 1416 هـ/ 1996م.
  8. ^ تفسير البيضاوي، تفسير سورة النور آية:(30) و(31).
  9. ^ الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة سورة النور، آية رقم 31، الجزء الأول، ص191 وما بعدها، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، الطبعة: الأولى
  10. ^ تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  11. ^ روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، ج7، ص21 وما بعدها.
  12. ^ روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر: أن لا تمس الحاجة إليه، ج7، ص21 وما بعدها.
  13. ^ روضة الطالبين للنووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، ج7، ص21 وما بعدها.
  14. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة، ص242 وما بعدها، حديث رقم: (4934).
  15. ^ أ ب ت روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، الجزء السابع، ص26 وما بعدها.
  16. ^ لسان العرب لابن منظور ص58
  17. ^ أ ب ت لسان العرب، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، حرف الغين، «غضض»، الجزء الحادي عشر، ص57 و58، دار صادر، سنة النشر: 2003م.
  18. ^ أ ب تفسير ابن جزي (ت:741 هـ) المسمى بـ التسهيل لعلوم التنزيل، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  19. ^ أ ب تفسير البيضاوي، تفسير سورة النور آية:(30) و(31)، ومنها قول الله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
  20. ^ الإكليل في استنباط التنزيل، جلال الدين السيوطي، تفسير سورة النور، آية رقم 31، الجزء الأول، ص191 وما بعدها، دار الكتب العلمية، 1401 هـ/ 1981 م، الطبعة: الأولى
  21. ^ تفسير الرازي، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص176 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  22. ^ صحيح ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، كتاب الصلاة، جماع أبواب صلاة النساء في الجماعة، باب أمر النساء بخفض أبصارهن إذا صلين مع الرجال، إذا خفن رؤية عورات الرجال إذا سجد الرجال أمامهن، (181)، حديث رقم: (1694)، ج2، ص816 و817 المكتب الإسلامي، سنة النشر: 1424 هـ/ 2003م.
  23. ^ الدر المنثور في التفسير بالمأثور، جلال الدين السيوطي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الحادي عشر، ص16، مركز هجر ط1، 1424 هـ/ 2003م.
  24. ^ أ ب تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء الثاني، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  25. ^ أ ب ت ث ج ح خ د تفسير ابن كثير، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، تفسير القرآن العظيم، تفسير سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء السادس ص41 وما بعدها، دار طيبة، سنة النشر: 1422 هـ/ 2002م.
  26. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، آية: (30)، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، الجزء التاسع عشر، ص154 و155، دار المعارف.
  27. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم، الجزء السادس، ص32 و33، دار طيبة.
  28. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص175 و176، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م
  29. ^ تفسير القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ج2، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  30. ^ تفسير القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ج2، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  31. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة النور، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن، ج19، ص155 وما بعدها.
  32. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ج6 ص33 وما بعدها، دار طيبة.
  33. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 و179، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  34. ^ أحكام القرآن لابن العربي، محمد بن عبد الله الأندلسي (ابن العربي)، سورة النور فيها تسع وعشرون آية، الآية السادسة عشرة قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن، المسألة الثانية: (مسألة الزينة الظاهرة)، ج3 ص380 و381، دار الكتب العلمية.
  35. ^ المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري كتاب الرقاق، ازهد في الدنيا يحبك الله، حديث رقم: (7945) دار المعرفة، سنة النشر: 1418هـ / 1998م.
  36. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  37. ^ التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، تفسير سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص178 و179، دار الكتب العلمية بيروت، 1425 هـ/ 2004م.
  38. ^ تفسير القرطبي، تفسير سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ج2، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  39. ^ تفسير القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ج2، ص205 وما بعدها، دار الفكر.
  40. ^ أ ب سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، حديث رقم: (1173).
  41. ^ أ ب لسان العرب لابن منظور، حرف العين «عور»، ج10 ص333، دار صادر
  42. ^ سورة الأحزاب آية: (13)
  43. ^ الأحزاب 13
  44. ^ مقاييس اللغة لابن فارس، حرف العين (عور).
  45. ^ الصحاح «تاج اللغة وصحاح العربية» للجوهري، حرف العين (عور).
  46. ^ القاموس المحيط، حرف العين (عور).
  47. ^ سنن الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء في حفظ العورة، حديث رقم: (2769).
  48. ^ قال الترمذي: «هذا حديث حسن». وأخرجه أبو داود في الحمام والنسائي في عشرة النساء وابن ماجه في النكاح وصححه الحاكم وذكره البخاري في صحيحه تعليقا.
  49. ^ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، كتاب الأدب، باب ما جاء في حفظ العورة، حديث رقم: (2769)، ص43 وما بعدها، العلمية.
  50. ^ الجامع الصحيح: (صحيح البخاري)، كتاب الغسل، باب من اغتسل عريانا وحده في الخلوة ومن تستر فالتستر أفضل، حديث رقم: (274).
  51. ^ كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري، كتاب الصلاة، باب الستر، ص634 و635، دار الفكر، حديث رقم: 763.
  52. ^ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، حديث رقم: (1173)، ص283
  53. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، الجزء السادس ص37 و38، دار طيبة.
  54. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص176 وما بعدها، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  55. ^ الفخر ص176 و177.
  56. ^ الفخر ص177.
  57. ^ تفسير البغوي، الحسين بن مسعود البغوي، سورة النور، تفسير قوله تعالى: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ج6، ص38، دار طيبة.
  58. ^ الفخر ص177
  59. ^ الفخر ص177 و178.
  60. ^ صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها، حديث رقم: (625) (1021).
  61. ^ صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها، حديث رقم: (625) (1021).
  62. ^ أ ب ت ث ج تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، سنن الترمذي، كتاب الصلاة ، صفة الصلاة، باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، حديث رقم: (377)، ص314 وما بعدها، العلمية.
  63. ^ سنن الترمذي، كتاب الصلاة ، صفة الصلاة، باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، حديث رقم: (377). قال الترمذي: (حديث عائشة حديث حسن). وأخرجه أبو داود وابن ماجه.
  64. ^ سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، حديث رقم: (654).
  65. ^ حاشية السندي على ابن ماجه، أبو الحسن الحنفي الشهير بالسندي، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، حديث رقم: (654)، ص224 و225.
  66. ^ حاشية السندي على ابن ماجه، أبو الحسن الحنفي الشهير بالسندي، كتاب الطهارة وسننها، أبواب التيمم، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، حديث رقم: (655)، ص225.
  67. ^ سنن أبي داود، باب المرأة تصلي بغير خمار، حديث رقم: (641).
  68. ^ قال المنذري: وأخرجه الترمذي وابن ماجه. وقال الترمذي حديث حسن (قال أبو داود: رواه سعيد يعني ابن عروبة عن قتادة عن الحسن) أي مرسلا لأن الحسن هذا هو الحسن البصري تابعي.
  69. ^ عون المعبود شرح سنن أبي داود، باب المرأة تصلي بغير خمار، ص259 و260، حديث رقم: (641).
  70. ^ المستدرك على الصحيحين المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، ومن كتاب الإمامة وصلاة الجماعة، تصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها، حديث رقم: (954).
  71. ^ مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري، كتاب الصلاة، باب الستر، ص634 و635، دار الفكر، حديث رقم: 763.
  72. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (1).
  73. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (2).
  74. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (3).
  75. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (4).
  76. ^ المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، كتاب الصلاة، كتاب صلاة التطوع والإمامة وأبواب متفرقة، لا تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب، الجزء الثاني ص 128، دار الفكر، سنة النشر: 1414 هـ/ 1994م، رقم: 685 (42)، المرأة في ثوب تصلي.
  77. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (5).
  78. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (6).
  79. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (7).
  80. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (8).
  81. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (9).
  82. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (10).
  83. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (11).
  84. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (12).
  85. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (13).
  86. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (14).
  87. ^ المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، كتاب الصلاة، كتاب صلاة التطوع والإمامة وأبواب متفرقة، لا تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب، الجزء الثاني، ص: 129 دار الفكر، 1414 هـ/ 1994م، رقم: 685 (42)، المرأة في ثوب تصلي.
  88. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (15).
  89. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (16).
  90. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (17).
  91. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (18).
  92. ^ المصنف، لابن أبي شيبة، رقم حديث الباب: (19).
  93. ^ المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، كتاب الصلاة، كتاب صلاة التطوع والإمامة وأبواب متفرقة، لا تصلي المرأة في أقل من أربعة أثواب، الجزء الثاني، ص130، دار الفكر، 1414 هـ/ 1994م، رقم: 654 م130 (42)، المرأة في ثوب تصلي.
  94. ^ صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها، حديث رقم: (4942)، فتح الباري ص250.
  95. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب النكاح، باب لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها، حديث رقم: (4942)، ص250 وما بعدها.
  96. ^ رواه الترمذي في سننه، باب فيكراهية مباشرة الرجال الرجال والمرأة المرأة، حديث رقم: (2792)، تحفة الأحوذي ص62 و63
  97. ^ أ ب التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، الإمام فخر الدين الرازي أبو عبد الله محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الأصل، سورة النور، قوله تعالى: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، ص176، دار الكتب العلمية بيروت، سنة النشر: 1425 هـ/ 2004م.
  98. ^ لسان العرب لابن منظور، حرف الفاء (فضا)، ج11 ص194 و195.
  99. ^ رواه الترمذي في السنن، كتاب الأدب، باب في كراهية مباشرة الرجال الرجال والمرأة المرأة، حديث رقم: (2793)، وقال الترمذي: «قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح»، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
  100. ^ سنن الدارمي، عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي السمرقندي، كتاب الاستئذان، باب في النهي عن مكامعة الرجل الرجل والمرأة المرأة، ج2 ص363 و364، حديث رقم: (2648).
  101. ^ كشاف القناع عن متن الإقناع، منصور بن يونس البهوتي، كتاب النكاح، ج5، دار الفكر
  102. ^ التحفة لابن حجر الهيتمي كتاب النكاح ج7 ص208
  103. ^ صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، الاستئذان، باب الأخذ باليدين، وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه، حديث رقم: (5910)
  104. ^ أ ب ت ث ج ح خ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الاستئذان، باب الأخذ باليدين، وصافح حماد بن زيد ابن المبارك بيديه، ص57 وما بعدها إلى ص60، حديث رقم: (5910)
  105. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (885)
  106. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (886)
  107. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (887)
  108. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (888)
  109. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (892)
  110. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (889)
  111. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (890)
  112. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (891)
  113. ^ أ ب روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا يحيى بن شرف النووي، كتاب النكاح، الباب الثاني في مقدمات النكاح، الفصل الثالث في أحكام النظر، الحال الأول في أحكام النظر أن لا تمس الحاجة إليه، ج7، ص26 وما بعدها.
  114. ^ رياض الصالحين للنووي، كتاب السلام، باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء، ص144، رقم: (893).

القسم الثالث عدل

الْمُغِيْبَةِ، الخلوة، الأمر بالحجاب، السفر

الدخول على الْمُغِيْبَة عدل

الدخول على المغيبات أو الولوج عن المغيبات، من الأحكام التي اهتم الشرع الإسلامي ببيانها، والدخول بمعنى الولوج إلى البيوت أو الأماكن التي تكون فيه النساء المغيبات، والمغيبات جمع مغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء هى التى غاب عنها زوجها أي: غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وإن كان فى البلد،[1] ويحرم الدخول على المغيبات للنهي عنه بنص الشرع، والنهي عنه يقتضي تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية من باب أولى، ويحرم الدخول على النساء إلا مع زوج أو محرم، وإنما اختص الدخول على المغيبات لكونه في التحريم أبلغ، والخلوة بمن غاب عنها زوجها أشد وأغلظ، ودخول أقارب الزوج أشد وأغلظ في التحريم مما سواه؛ لحديث: «الحمو الموت»، وفي الحديث: "عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم قلنا ومنك قال ومني ولكن الله أعانني عليه فأسلم».[2]

خلفية عدل

حرص الشرع الإسلامي على صيانة العرض وحفظ النسب، وجعل ذلك من كليات الشريعة الإسلامية، فحرم الزنا ومقدماته، لما فيه من اعتداء على الأعراض والأنساب، وأمر بغض البصر وحفظ الفرج والابتعاد عن مقدمات الحرام وأسبابه؛ لأنها تقود إليه، فالوقوع في الحرام يبدء من النظر، وقد اعتاد الناس في العصر الجاهلي خروج المرأة مكشوفة الوجه والنحر يراها الأجانب وربما تحدثوا معها أو اجتمعوا في مكان واحد، ولم يكن في دخول الرجل على الأجنبية مانع شرعي عندهم إلا ما كان من قبيل الحمية والغيرة، واستمر الحال في صدر الإسلام على ما كان عليه حتى شرعت الأحكام المتعلقة بالحجاب والنظر وغيرها، وكانت هناك تعاليم شرعية حول أمور قد يغفل عنها الناس أو يتساهلون فيها أو يتحرجون من التحدث عنها بما اعتادوا عليه، ومنها دخول الرجل على الأجنبية والخلوة بها، لا سيما دخول أقارب الزوج، وبالأخص عند غياب الرجل عن البيت، فما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان بما يلقيقه في النفوس من وساوسه وتزيين الوقوع في الحرام، وتحريم ذلك صيانة للعرض والدين، حيث يؤدى إلى الوقوع في الحرام، وليس في ذلك اتهام لأحد بلا بينة، بل إن تحريمه احتراز عن الوقوع في الحرام، واجتناب الوقوف في مواقف التهم، وفي الحديث: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم»، وكل ذلك يحتاج إلى حسن التدبير للتنظيم الاجتماعي والأسري لتفادي ما قد يعرض من المشكلات قبل وقوعها، وقد أرشد الإسلام بتعاليمه إلى مثل هذا في كثير من الأحكام المماثلة مثل: احراز المال تفاديا لتلفه أو سرقته، والتفريق بين الأبناء في المضاجع وغير ذلك، والتساهل بمثل هذه التعاليم الدينية يقود إلى نتائج سلبية.

الدخول على المغيبات (تم) عدل

الدخول على المغيبات أو الولوج عن المغيبات، أو الدخول على المغيبة أو الولوج على المغيبة، أي: دخول الرجل على النساء المغيبات جمع مغيبة، والمغيبة بميم مضمومة بعدها غين معجمة مكسورة: التي غاب عنها زوجها، وهو من الأحكام التي اهتم الشرع الإسلامي ببيانها، والدخول بمعنى الولوج إلى البيوت أو الأماكن التي تكون فيه النساء المغيبات، أو المرأة المغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء وهى التى غاب عنها زوجها أي: غاب عنها زوجها سواء غاب عن البلد لسفر أو غيره أو غاب عن المنزل وإن كان فى البلد، أو فارقها زوجها بطلاق أو موت، والمقصود من هذا هو دخول دخول الرجل على المرأة الأجنبية حال غياب زوجها عنها، وثبت في نصوص الشرع الإسلامي تحريم الدخول على النساء عموما، وتحريم الدخول على المغيبات منهن على وجه الخصوص، وإنما كان للمغيبات حكم خاص؛ للتنبه على الحكم بمزيد اهتمام، فالخلوة بالأجنبية والدخول عليها منهي عنه عموما، والخلوة بمن غاب عنها زوجها والدخول عليها أشد وأغلظ، وتحريم الدخول على المغيبات يقتضي تحريم الخلوة من باب أولى، والخلوة بمن غاب عنها زوجها أبلغ في التحريم، وفي الحديث: "عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم قلنا ومنك قال ومني ولكن الله أعانني عليه فأسلم».[3] وفي صحيحه بلفظ: «لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان».[4] قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان» المغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء وهى التى غاب عنها زوجها والمراد غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وإن كان فى البلد هكذا ذكره القاضي وغيره، وهذا ظاهر متعين، قال القاضي: ودليله هذا الحديث وأن القصة التى قيل الحديث بسببها وأبو بكر رضى الله عنه غائب عن منزله لا عن البلد، والله أعلم".[5]

تحريم الدخول على المغيبات عدل

نهى الشرع الإسلامي عن الدخول على المغيبات أو المغيبة أي: المرأة التي غاب عنها زوجها والنهي عنه للتحريم، وفي صحيح البخاري مرفوعا بلفظ: «إياكم والدخول على النساء»،[6] ومعنى: إياكم أي: اتقوا واحذروا، وتقدير الكلام: اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء، والنساء أن يدخلن عليكم، وفي هذا: النهي عن الدخول على النساء أو دخولهن على الرجال؛ خشية الوقوع في التهمة بالسوء أو الوقوع فيه، وإنما خص التي غاب عنها زوجها؛ لأنها أكثر عرضة لمداخل الشيطان بذلك، وفي رواية عند مسلم: «لا تدخلوا على النساء»، وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بالطريق الأولى.[7][8]

وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو بكر قال: نا حفص بن غياث عن مجالد عن الشعبي عن جابر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ندخل على المغيبات».[9]

روى الترمذي في السنن: "عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم قلنا ومنك قال ومني ولكن الله أعانني عليه فأسلم». قال أبو عيسى هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد تكلم بعضهم في مجالد بن سعيد من قبل حفظه وسمعت علي بن خشرم يقول قال سفيان بن عيينة في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ولكن الله أعانني عليه فأسلم»، يعني: أسلم أنا منه، قال سفيان: والشيطان لا يسلم، ولا تلجوا على المغيبات والمغيبة المرأة التي يكون زوجها غائبا والمغيبات جماعة المغيبة".[10]

قوله: «لا تلجوا» من الولوج أي: لا تدخلوا، «على المغيبات» أي: الأجنبيات اللاتي غاب عنهن أزواجهن؛ «فإن الشيطان يجري من أحدكم» أي: أيها الرجال والنساء «مجرى الدم» ففتح الميم أي: مثل جريانه في بدنكم من حيث لا ترونه، قال في المجمع: يحتمل الحقيقة بأن جعل له قدرة على الجري في باطن الإنسان ويحتمل الاستعارة لكثرة وسوسته، «قلنا: ومنك» أي: يا رسول الله، «قال ومني» أي: ومني أيضا «لكن الله أعانني عليه فأسلم»، فيه روايتان، الأولى: بصيغة الماضي أي: استسلم وانقاد، والثانية: بصيغة المضارع المتكلم أي: أسلم أنا منه، قال في المجمع: وهما روايتان مشهورتان، وإسلام الشيطان غير مستبعد فإن الله على كل شيء قدير، والمقصود بالشيطان الذي يكون معه.[11]

تحريم الدخول على النساء (تم) عدل

الدخول على النساء في الشرع الإسلامي بمعنى: دخول الرجل على النساء الأجانب في أماكن تواجدهن، والدخول أي: الولوج عليهن، وهو أعم من الدخول على المغيبات من النساء أي: التي غاب عنهن أزواجهن، وقد ثبت في روايات الصحيحين وغيرهما تارة بلفظ النهي عن الدخول على النساء، وتارة بلفظ النهي عن الدخول على المغيبات أي: في أماكن تواجدهن في البيوت أو غيرها، وكلاهما في التحريم سواء، وإنما اختص النهي عن الدخول على المغيبات بكونه في التحريم أبلغ، وفي الحديث: "عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت»".[12] وفي هذه الرواية دليل النهي عن الدخول على النساء عموما، وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: نا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، إلا الحمو؟ فقال: «الحمو الموت».[13] فذكر النهي عاما في الدخول على النساء، ولمسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ: «لا يدخل رجل على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان»، بتخصيص الدخول على المرأة حال غياب زوجها؛ للتأكيد على أن الدخول على المرأة التي غاب عنها زوجها يكون في التحريم أشد وأغلظ، قال ابن حجر العسقلاني: قوله: «إياكم والدخول» بالنصب على التحذير، وهو تنبيه المخاطب على محذور ليحترز عنه كما قيل إياك والأسد، وقوله: «إياكم» مفعول بفعل مضمر تقديره اتقوا، وتقدير الكلام اتقوا أنفسكم أن تدخلوا على النساء والنساء أن يدخلن عليكم، ووقع في رواية ابن وهب بلفظ: «لا تدخلوا على النساء»، وتضمن منع الدخول منع الخلوة بها بطريق الأولى.[14]

دخول أقارب الزوج عدل

الحمو الموت عدل

دخول أقارب الزوج على المرأة من الأمور التي قد يتساهل فيها الناس، من ثم فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما المبالغة في النهي عن دخول أقارب الزوج، روى الترمذي في السنن: "عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله: أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت». قال وفي الباب عن عمر وجابر وعمرو بن العاص قال أبو عيسى حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح، وإنما معنى كراهية الدخول على النساء على نحو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»، ومعنى قوله: «الحمو» يقال: هو أخو الزوج كأنه كره له أن يخلو بها".[15] وفي هذا الحديث دليل النهي عن الدخول على النساء، ثم ذكر في الحديث السؤال عن حكم دخول الحمو -بفتح الحاء المهملة وسكون الميم- بقوله: "أفرأيت الحمو؟" والمراد: أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه؛ لأنهم محارم الزوجة، وإنما المراد الأخ، وابن الأخ والعم وابن العم وابن الأخت ونحوهم، مما يحل له تزويجه لو لم تكن متزوجة، وجرت العادة بالتساهل فيه فيخلو الأخ بامرأة أخيه فشبه بالموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي. قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: «الحمو الموت»: قال الليث بن سعد: «الحمو» أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج وابن العم ونحوه. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «الحمو الموت» فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبى، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولايوصفون بالموت، وإنما المراد: الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث، وأما ماذكره المازرى وحكاه أن المراد بالحمو أبو الزوج وقال: إذا نهى عن أبى الزوج وهو محرم فكيف بالغريب فهذا كلام فاسد مردود ولايجوز حمل الحديث عليه، فكذا ما نقله القاضي عن أبى عبيد أن معنى الحمو الموت فليمت ولا يفعل، هذا هو أيضا كلام فاسد بل الصواب ما قدمناه.

وقال ابن الأعرابى: هي كلمة تقولها العرب كما يقال الأسد الموت أى: لقاؤه مثل الموت، وقال القاضي معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك فى الدين فجعله كهلاك الموت فورد الكلام مورد التغليظ".[16]

قال القرطبي في المفهم: المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة أي: فهو محرم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة، فخرج هذا مخرج قول العرب الأسد الموت، والحرب الموت، أي: لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة. قال ابن حجر: قوله: «الحمو الموت» قيل المراد أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو إلى الموت إن وقعت المعصية ووجب الرجم، أو إلى هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة على تطليقها، أشار إلى ذلك كله القرطبي. وقال الطبري: المعنى أن خلوة الرجل بامرأة أخيه أو ابن أخيه تنزل منزلة الموت، والعرب تصف الشيء المكروه بالموت، قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلا كما تقول: الأسد الموت أي لقاؤه فيه الموت، والمعنى احذروه كما تحذرون الموت. وقال صاحب "مجمع الغرائب": يحتمل أن يكون المراد أن المرأة إذا خلت فهي محل الآفة ولا يؤمن عليها أحد فليكن حموها الموت، أي: لا يجوز لأحد أن يخلو بها إلا الموت كما قيل نعم الصهر القبر، وهذا لائق بكمال الغيرة والحمية. وقال أبو عبيد: معنى قوله: «الحمو الموت» أي: فليمت ولا يفعل هذا. وتعقبه النووي فقال: هذا كلام فاسد وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره والشر يتوقع منه أكثر من غيره والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه بخلاف الأجنبي. وقال عياض: معناه أن الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين فجعله كهلاك الموت وأورد الكلام مورد التغليظ. وقال القرطبي في "المفهم": المعنى أن دخول قريب الزوج على امرأة الزوج يشبه الموت في الاستقباح والمفسدة، أي فهو محرم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عنه وشبهه بالموت لتسامح الناس به من جهة الزوج والزوجة لإلفهم بذلك حتى كأنه ليس بأجنبي من المرأة فخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب الموت، أي لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخوله على المرأة قد يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج أو إلى الرجم إن وقعت الفاحشة. وقال ابن الأثير في النهاية: المعنى أن خلوة المحرم بها أشد من خلوة غيره من الأجانب، لأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه، فتسوء العشرة بين الزوجين بذلك، ولأن الزوج قد لا يؤثر أن يطلع والد زوجته أو أخوها على باطن حاله ولا على ما اشتمل عليه اهـ، فكأنه قال الحمو الموت أي لا بد منه ولا يمكن حجبه عنها، كما أنه لا بد من الموت، وأشار إلى هذا الأخير الشيخ تقي الدين في شرح العمدة.[7]

ثم بين في الحديث أن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية يقود إلى الوقوع في الحرام، وفي الحديث: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»،[17] وقوله: «إلا كان ثالثهما الشيطان» بمعنى يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنا.[18]


تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها عدل

دلت النصوص الشرعية على تحريم خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية وتحريم الدخول عليها، فالخلوة بالأجنبية حرام باتفاق أهل العلم، وأما الدخول على الأجنبية فهو بمعنى الولوج عليها، قال النووي في شرح صحيح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم»، ومعناه: لا يبيتن رجل عند امرأة إلا زوجها أو محرم لها، قال العلماء: إنما خص الثيب لكونها التى يدخل إليها غالبا، وأما البكر فمصونة متصونة فى العادة مجانبة للرجال أشد مجانبة فلم يحتج إلى ذكرها، ولأنه من باب التنبية لأنه إذا نهى عن الثيب التى يتساهل الناس فى الدخول عليها فى العادة فالبكر أولى، وفى هذا الحديث والأحاديث بعده تحريم الخلوة بالأجنبية وإباحة الخلوة بمحارمها وهذان الأمران مجمع عليهما.[19]

الإذن في الدخول عدل

إذا دعت الحاجة لسؤال المرأة في أمر ما فلا بأس به من وراء حجاب؛ لقول الله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، وإذا استدعى الأمر للدخول عليها فلا يجوز له الدخول عليها إلا إن كان معها زوج أو محرم، ويجوز أن يدخل على المرأة المزوجة بإذن زوجها وعلمه؛ لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بقوله: "حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم قال: سمعت ذكوان يحدث عن مولى لعمرو بن العاص أنه أرسله إلى علي يستأذن على أسماء ابنة عميس فأذن له حتى إذا فرغ من حاجته سأل المولى عمروا عن ذلك فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل على النساء بغير إذن أزواجهن".[20] وفي رواية قال: حدثنا وكيع عن مسعر عن زياد بن فياض عن تميم بن سلمة قال: قال عمرو بن العاص: نهينا أن ندخل على المغيبات إلا بإذن أزواجهن.[21][22]

الدخول على المحارم (تم) عدل

الدخول على المحارم أي: دخول الرجل على النساء اللواتي يحرم عليه نكاحهن كأمه أو خالته أو عمته أو ابنته وغيرها من المحارم، والدخول أو الولوج إلى البيوت ونحوها، وحكم دخول الرجل على محارمه في الشرع الإسلامي جائز بشرط أمن الفتنة وحصول الاستتار المطلوب شرعا، فلا يدخل الرجل على محارمه في مكان خاص بالنساء، ويلزمه الاستئذان قبل الدخول. ذكر الكاساني أحكام الاستئذان في الدخول ثم قال: (وأما) حكم ما بعد الدخول وهو الخلوة فإن كان في البيت امرأة أجنبية أو ذات رحم محرم لا يحل للرجل أن يخلو بها؛ لأن فيه خوف الفتنة والوقوع في الحرام؛ وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان»، وإن كانت المرأة ذات رحم محرم منه فلا بأس بالخلوة، والأفضل أن لا يفعل؛ لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنه قال: "ما خلوت بامرأة قط مخافة أن أدخل في نهي النبي عليه الصلاة والسلام".[23]

وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا حفص عن ليث ومسعر عن سعيد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن قال: قال عمر: "ألا لا يلج رجل على امرأة إلا وهي ذات محرم منه"، وإن قيل: حموها؟ قال: "ألا إن حموها الموت".[24]

ومحارم الرجل هن النساء اللواتي يحرم عليه نكاحهن على التأبيد أي: تحريما مؤبدا لسبب مباح لحرمتها، قال النووي: وقد قدمنا أن المحرم هو كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد لسبب مباح لحرمتها، فقولنا: على التأبيد: احتراز من أخت امرأته وعمتها وخالتها ونحوهن ومن بنتها قبل الدخول بالأم، وقولنا: لسبب مباح: احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها فإنه حرام على التأبيد لكن لا لسبب مباح، فإن وطء الشبهة لايوصف بأنه مباح ولا محرم ولا بغيرهما من أحكام الشرع الخمسة؛ لأنه ليس فعل مكلف، وقولنا: لحرمتها: احتراز من الملاعنة فهي حرام على التأبيد لا لحرمتها بل تغليظا عليهما، والله أعلم.[19] وقال ابن حجر العسقلاني: تنبيه: محرم المرأة من حرم عليه نكاحها على التأبيد إلا أم الموطوءة بشبهة والملاعنة فإنهما حرامان على التأبيد، ولا محرمية هناك، وكذا أمهات المؤمنين، وأخرجهن بعضهم بقوله في التعريف: "بسبب مباح لا لحرمتها"، وخرج بقيد التأبيد: أخت المرأة وعمتها وخالتها وبنتها إذا عقد على الأم ولم يدخل بها.[7]

الخلوة بالأجنبية عدل

الخلوة بالأجنبية أي: خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية التي ليست من محارمه وهو بالنسبة لها غير زوج ولا سيد، وتحريم الخلوة بالأجنبية مجمع عليه، والخلوة بمعنى: الاختلاء في المكان، سواء كان المكان بيتا أو غيره، فيصدق على اختلاء الرجل بالمرأة في بيت أو في مكان العمل أو في وسائل النقل أو في الشوارع غير المطروقة أو المداخل والطرقات الخالية عن المارة أو غير ذلك، فالخلوة هي الخلوة في أي مكان كانت، والخلوة بالأجنبية في الشرع الإسلامي حرام باتفاق أهل العلم، وفي أحكام الشرع الإسلامي مراعاة حق الله بألا تنتهك الحرمات من جهة، ومراعاة ما تدعو الحاجة إليه من جهة أخرى، فتحريم الخلوة بالأجنبية لا خلاف فيه، وأما حاجة الناس فلا تضييق فيها بشرط عدم انتهاك الحرمات؛ لأن الناس يحتاجون في حركتهم ونشاطهم المعتاد إلى التواصل فيما بينهم، وليس في الشرع الإسلامي ما يمنع من ذلك ما لم يكن في ذلك حصول منهي عنه كالخلوة ونحوها، فالرجل والمرأة كلاهما مأمور بغض اليصر وحفظ العورة ومجانبة الخلوة ولو مع الاستتار؛ لأن تحريم الخلوة ليس بسبب النظر، بل هو حرام لذاته، والمرأة إن كانت في بيتها؛ فبيتها هو ستر لها عن أنظار الرجال، وإن خرجت من بيتها لحاجتها فعليها الاستتار ومجانبة الرجال الأجانب، فإذا دعت الحاجة للخلوة في مكان ما؛ لزم أن يكون معها زوج أو محرم كالأب والابن والأخ، وفي الحديث: "عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم»، فقام رجل فقال: يا رسول الله، امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: «ارجع فحج مع امرأتك»".[25][26]

قال الشوكاني: فيه منع الخلو بالأجنبية وهو إجماع كما قال في الفتح، وتجوز الخلوة مع وجود المحرم، واختلفوا هل يقوم غير المحرم مقامه في هذا كالنسوة الثقات؟ فقيل: يجوز لضعف التهمة، وقيل: لا يجوز بل لا بد من المحرم وهو ظاهر الحديث.[27]

الخلوة بسبب الخدمة عدل

الخدمة في المنزل أو غيره من الأسباب التي تؤدي إلى الخلوة بالأجنبية، والعبودية ليست شرطا للخدمة فهناك أشخاص من غير العبيد تغلب عليهم حالة الفقر فيضطرون للخدمة، وارتباط الخدمة بالخلوة مما قد يتساهل فيه الناس، وليس في الشرع ما يمنع من الخدمة بشرط حصول السلامة وعدم الخلوة، سواء كانت خدمة الرجل للمرأة الأجنبية أو العكس، ويستوي حكم الأحرار والعبيد في ذلك فلا فرق بين هذا وذاك، وقد ذكر العلماء في كتب الفقه أن المرأة لا يجوز لها أن تخدم الرجل الأجنبي ولا يجوز للرجل أن يخدم المرأة الأجنبية سواء كان الخادم حرا أو عبدا، وهذا بالنسبة لغير المحارم والزوج والسيد؛ لأنه يؤدي إلى الخلوة بالأجنبية وهو حرام باتفاق أهل العلم، قال في الشرح الكبير في حكم العارية: "والسلاح من يقاتل به من لا يصح قتاله" أي: ومما لا يجوز إعارته السلاح..الخ، وفي كلامه: لا يجوز إعارة خدمة جارية (لغير محرم) أي: لرجل غير محرم؛ لأنه يؤدي إلى الممنوع.[28]

قال ابن عرفه في حاشيته على الشرح الكبير: (قوله: أو خدمة لغير محرم) أي: لا تجوز إعارة الجارية لخدمة رجل غير محرم لها فإن نزل ذلك بيعت تلك الخدمة من امرأة، أو رجل مأمون إلا أن يكون المعير قصد نفس المعار فترد الأمة له وتبطل العارية، ثم محل عدم الجواز ابتداء إلا أن يكون مأمونا وله أهل، وإلا جازت العارية كما قال اللخمي واقتصر عليه المواق.

(قوله: لأنه يؤدي إلى الممنوع): أي: وهو الخلوة، أو الاستمتاع بها وفي بن عن ابن ناجي نقلا عن شيخه أبي مهدي لا نص في خلوة الرجل بأمة زوجته، والظاهر الجواز إن وثق من نفسه بالأمانة، وإلا فالمنع، وأما الخلوة بالأجنبية فممنوعة مطلقا؛ لأن النفس مجبولة على الميل إليها، وإن كانت كبيرة انظر بن.[29]

الخلوة في الأماكن العامة عدل

الخلوة في مراكز التعليم عدل

التعليم من الأمور المطلوبة التي تستلزم اجتماع المعلم بالمتعلم، واجتماع الرجل والمرأة الأجنبية بسبب التعليم في الشرع الإسلامي جائز عند الحاجة بشرط أمن الفتنة وعدم الخلوة؛ فقد كان الصحابة يأتون إلى أم المؤمنين عائشة فيسألونها في أمور الدين فتجيبهم من وراء حجاب، فالسؤال في العلم جائز من وراء حجاب، أي: ساتر يفصل بينهما، وبشرط أمن الفتنة وعدم الخلوة، وفي المصنف لابن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي معبد قال: سمعت ابن عباس يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم».[30] ولا فرق بين الخلوة بالأجنبية في البيت أو في أي مكان، ولابن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم عن أبي زبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم».[31]

التعميم في النهي عدل

نهى الشرع الإسلامي عن خلوة الرجل بامرأة أجنبية بصفة التعميم في النهي، سواء كانت هذه الخلوة لسبب أو لغير سبب، فالأسباب ليست مبررا للخلوة ولا مبيحة لها، ومنها على سبيل المثال لو كانت المرأة خالية في بيتها أو في مكان آخر واحتاجت إلى من يقوم بإصلاح خلل في ذلك المكان أو القيام بعمل كترميم المبنى أو النجارة أو غير ذلك فتحصل الخلوة المنهي عنها وإن كانت غير مقصودة لذاتها، ومثل هذا قد يتساهل فيه الناس ومن ثم نهى الشرع عن خلوة الرجل بالأجنبية على كل حال سواء كان ذلك لحاجة أو لغير حاجة، وقد ذكر الفقهاء في حكم إمامة الصلاة أنه لا تصح قدوة رجل بامرأة بخلاف العكس وهو قدوة امرأة برجل فإنها تصح، ويتفرع من هذا الحكم مسألة أخرى وهي تحريم صلاة الرجل بامرأة أجنبية عند حصول الخلوة المنهي عنها، قال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: (ويكره أن يصلي الرجل بامرأة أجنبية؛ لما روي أن النبي قال: «لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان»).[32] وقد ذكر النووي: أن المراد بالكراهة كراهة تحريم، هذا إذا خلا بها وقال:

"قال أصحابنا: إذا أم الرجل بامرأته أو محرم له، وخلا بها جاز بلا كراهة؛ لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة، وإن أم بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها، للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى، وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان: قطع الجمهور بالجواز، ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا، ودليله الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى؛ ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن.

وحكى القاضي أبو الفتوح في كتابه في الخناثى فيه وجهين، وحكاهما صاحب البيان عنه أحدهما: يجوز، والثاني: لا يجوز خوفا من مفسدة، ونقل إمام الحرمين وصاحب العدة في أول كتاب الحج في مسائل استطاعة الحج أن الشافعي نص على أنه يحرم أن يصلي الرجل بنساء منفردات إلا أن يكون فيهن محرم له أو زوجته، وقطع بأنه يحرم خلو الرجل بنسوة إلا أن يكون له فيهن محرم، والمذهب ما سبق، وإن خلا رجلان أو رجال بامرأة فالمشهور تحريمه؛ لأنه قد يقع اتفاق رجال على فاحشة بامرأة، وقيل: إن كانوا ممن تبعد مواطأتهم على الفاحشة جاز، وعليه يتأول حديث ابن عمرو بن العاص الآتي.[33]

حكم الخنثى عدل

الخنثى هو الشخص الذي تجتمع في خلقته علامات الذكورة والأنوثة على خلاف المعتاد، وذلك أن الأحكام الشرعية تتعلق بالشخص وهو إما أن يكون ذكرا أو أنثى، فلا يكون الشخص ذكرا وأنثى في وقت واحد إلا في حالات استثنائية نادرة الوجود، وهذا لا يخرجه من تعلق الأحكام الشرعية به، ويسمى الخنثى المشكل؛ لوجود الإشكال في أمر ذكورته وأنوثته، وللعلماء تفاصيل مذكورة في فروع الفقه ومنها: أحكام ميراث الخنثى المشكل حيث أنه إما أن يتميز بعلامات الذكورة فقط أو الأنوثة فقط وتكون العلامات الأخرى زائدة في الحالين، وإما أن يكون باقيا في حال الإشكال، ويختلف حكم الخنثى باختلاف المحكوم فيه، ويكون الحكم فيه مبنيا على الأخذ بالأحوط، وحكمه في النظر والخلوة أنه يكون مع النساء كرجل، ومع الرجال كامرأة، قال النووي:

"والخنثى مع امرأة كرجل، ومع نسوة كذلك، ومع رجل كامرأة ومع رجال كذلك، ذكره القاضي أبو الفتوح وصاحب البيان عملا بالاحتياط، وقياسا على ما قاله الأصحاب في مسألة نظر الخنثى كما سنوضحه في أول كتاب النكاح إن شاء الله تعالى".[34]

الأمرد عدل

قال النووي: "وأما الأمرد الحسن فلم أر لأصحابنا كلاما في الخلوة به، وقياس المذهب: أنه يحرم الخلوة به كما قال المصنف والجمهور ونص عليه الشافعي كما سنوضحه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى: أنه يحرم النظر إليه، وإذا حرم النظر فالخلوة أولى؛ فإنها أفحش وأقرب إلى المفسدة، والمعنى المخوف في المرأة موجو".[35]

أدلة النهي عدل

ثبت في الصحيحين وغيرهما النهي عن الخلوة بالأجنبية في الأحاديث النبوية منها ما رواه الشيخان: "عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إياكم والدخول على النساء»، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت»".[36][° 1]

و"عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم»".[37]

و"عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر «لا يخلون رجل بعد يومي هذا سرا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان»".[38][° 2] وقد ذكر النووي في المجموع: أن المحرم الذي يجوز القعود مع الأجنبية مع وجوده يشترط أن يكون ممن يستحى منه، فإن كان صغيرا عن ذلك كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فوجوده كالعدم بلا خلاف.[39]

و"عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «كانت فينا امرأة -وفي رواية كانت لنا عجوز- تأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا نسلم عليها فتقدمه إلينا»".[40] قال النووي: "فهذا قد يمنع دلالته لهذه المسألة؛ لأنه يحتمل أن يكون فيهم محرم لها، وليس فيه تصريح بالخلوة بها، والله أعلم".

ولا فرق في تحريم الخلوة بين الصلاة وغيرها كما سبق، ويستوي فيها الأعمى والبصير، ويستثنى من هذا كله مواضع الضرورة بأن يجد امرأة أجنبية منقطعة في برية ونحو ذلك فيباح له استصحابها بل يجب عليه ذلك إذا خاف عليها لو تركها، وهذا لا خلاف فيه، ويدل عليه حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك.

واعلم أن المحرم الذي يجوز القعود معها بوجوده يستوي فيه محرمه ومحرمها، وفي معناه زوجها وزوجته، والله أعلم.[41] َ «» «»

إمامة الرجل عدل

ذكر فقهاء الحنفية كراهة إمامة الرجل للنساء في بيت ليس معهن غيره ما لم يكن ذلك الرجل زوج واحدة منهن أو ذات محرم فيهن، فإن كان ذلك الرجل زوجا لواحدة فيهن أو كانت معهن واحدة من محارمه أو كانت الجماعة في المسجد فلا كراهة في ذلك، قال في متن تنوير الأبصار: «كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا، ويقف الواحد محاذيا ليمين إمامه».[42] قال في الدر المختار: «كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه» كأخته «أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا» يكره بحر. «ويقف الواحد» ولو صبيا، أما الواحدة فتتأخر «محاذيا» أي: مساويا «ليمين إمامه» على المذهب.[43]

حضور الجماعة عدل

للعلماء تفاصيل في حكم خروج النساء لحضور صلاة الجماعة في المسجد، أو لصلاة الجمعة أو العيدين أو لاستماع الموعظة، وقد أفتى المتأخرون من فقهاء الحنفية بأنه يكره خروج النساء لحضور الجماعة والجمعة مطلقا سواء كانت المرأة شابة أو عجوزا، في أي وقت من ليل أو نهار، وذلك لفساد الزمان مع كون الخروج لذلك غير واجب على المرأة، قال في متن تنوير الأبصار: «ويكره حضورهن الجماعة مطلقا على المذهب»، «كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا، ويقف الواحد محاذيا ليمين إمامه».[44]

قال في الدر المختار: "«ويكره حضورهن الجماعة» ولو لجمعة وعيد ووعظ «مطلقا» ولو عجوزا ليلا «على المذهب» المفتى به لفساد الزمان، واستثنى الكمال بحثا العجائز والمتفانية"، قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار عند قوله: (ولو عجوزا ليلا): بيان للإطلاق: أي: شابة أو عجوزا نهارا أو ليلا، (قوله على المذهب المفتى به) أي مذهب المتأخرين، وفي كلامه: أن هذا هو المفتى به عند متأخري الحنفية وهو غير مخالف لقول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، حيث نقلوا الاتفاق على منع الشابة، وأما العجوز فلها حضور الجماعة عند أبي حنيفة إلا في الظهر والعصر والجمعة، وعند صاحبيه لها حضور الجماعة مطلقا، وذكر في النهر: أن فتوى المتأخرين لا يخالف هذا، وقال: "بل هو مأخوذ من قول الإمام، وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة بناء على أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون، فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها كان المنع فيها أظهر من الظهر". فالكراهة مبنية على وجود العلة وهي فساد الزمان.[45]


خوف الفتنة عدل

قال في متن تنوير الأبصار: «ويكره حضورهن الجماعة مطلقا على المذهب»، «كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا، ويقف الواحد محاذيا ليمين إمامه».[46]

قال في الدر المختار: "«ويكره حضورهن الجماعة» ولو لجمعة وعيد ووعظ «مطلقا» ولو عجوزا ليلا «على المذهب» المفتى به لفساد الزمان، واستثنى الكمال بحثا العجائز والمتفانية"، قال ابن عابدين في حاشيته على الدر المختار عند قوله: (ولو عجوزا ليلا): بيان للإطلاق: أي: شابة أو عجوزا نهارا أو ليلا، (قوله على المذهب المفتى به) أي مذهب المتأخرين، وفي كلامه: أن هذا هو المفتى به عند متأخري الحنفية وهو غير مخالف لقول الإمام أبي حنيفة وصاحبيه، حيث نقلوا الاتفاق على منع الشابة، وأما العجوز فلها حضور الجماعة عند أبي حنيفة إلا في الظهر والعصر والجمعة، وعند صاحبيه لها حضور الجماعة مطلقا، وذكر في النهر: أن فتوى المتأخرين لا يخالف هذا، وقال: "بل هو مأخوذ من قول الإمام، وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة بناء على أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون، فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها كان المنع فيها أظهر من الظهر". فالكراهة مبنية على وجود العلة وهي فساد الزمان.[45]

رد المحتار (نص) عدل

قال في متن تنوير الأبصار: «ويكره حضورهن الجماعة مطلقا على المذهب، كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا، ويقف الواحد محاذيا ليمين إمامه».[47]


قال في الدر المختار: «ويكره حضورهن الجماعة» ولو لجمعة وعيد ووعظ «مطلقا» ولو عجوزا ليلا «على المذهب» المفتى به لفساد الزمان، واستثنى الكمال بحثا العجائز والمتفانية، «كما تكره إمامة الرجل لهن في بيت ليس معهن رجل غيره ولا محرم منه» كأخته «أو زوجته أو أمته، أما إذا كان معهن واحد ممن ذكر أو أمهن في المسجد لا» يكره بحر. «ويقف الواحد» ولو صبيا، أما الواحدة فتتأخر «محاذيا» أي: مساويا «ليمين إمامه» على المذهب.[48]


قال ابن عابدين: (قوله: ولو عجوزا ليلا) بيان للإطلاق: أي: شابة أو عجوزا نهارا أو ليلا، (قوله على المذهب المفتى به) أي مذهب المتأخرين، قال في البحر: وقد يقال هذه الفتوى التي اعتمدها المتأخرون مخالفة لمذهب الإمام وصاحبيه، فإنهم نقلوا: أن الشابة تمنع مطلقا اتفاقا، وأما العجوز فلها حضور الجماعة عند الإمام إلا في الظهر والعصر والجمعة أي: وعندهما مطلقا، فالإفتاء بمنع العجائز في الكل مخالف للكل، فالاعتماد على مذهب الإمام. ا هـ.

قال في النهر: وفيه نظر، بل هو مأخوذ من قول الإمام، وذلك أنه إنما منعها لقيام الحامل وهو فرط الشهوة بناء على أن الفسقة لا ينتشرون في المغرب لأنهم بالطعام مشغولون وفي الفجر والعشاء نائمون، فإذا فرض انتشارهم في هذه الأوقات لغلبة فسقهم كما في زماننا بل تحريهم إياها كان المنع فيها أظهر من الظهر. ا هـ. قلت: ولا يخفى ما فيه من التورية اللطيفة، وقال الشيخ إسماعيل: وهو كلام حسن إلى الغاية.

(قوله: واستثنى الكمال إلخ) أي: مما أفتى به المتأخرون لعدم العلة السابقة فيبقى الحكم فيه على قول الإمام فافهم.

(قوله ليس معهن رجل غيره) ظاهره أن الخلوة بالأجنبية لا تنتفي بوجود امرأة أجنبية أخرى وتنتفي بوجود رجل آخر تأمل. (قوله كأخته) من كلام الشارح كما رأيته في عدة نسخ، وكذا بخطه في الخزائن كتبه بالأسود وأفاد أن المراد بالمحرم ما كان من الرحم، لما قالوا من كراهة الخلوة بالأخت رضاعا والصهرة الشابة تأمل.

(قوله: أو زوجته أو أمته) بالرفع عطفا على رجل أو محرم لا بالجر عطفا على أخته؛ لما علمت أنه ليس من المتن وحينئذ فلا حاجة إلى دعوى تغلب المحرم فافهم.

(قوله: في المسجد) لعدم تحقق الخلوة فيه، ولذا لو اجتمع بزوجته فيه لا يعد خلوة كما يأتي رحمتي.

(قوله: أما الواحدة فتتأخر) فلو كان معه رجل أيضا يقيمه عن يمينه والمرأة خلفهما ولو رجلان يقيمهما خلفه والمرأة خلفهما بحر، وتأخر الواحدة محله إذا اقتدت برجل لا بامرأة مثلها ط عن البرجندي.[45]


«» «»

الأمر بالحجاب عدل

كانت عادة العرب قبل الإسلام أن الرجل يكون في بيته مع نسائه وربما دخل الرجال عنده لأمر ما فيكون الرجال والنساء في مكان واحد لا حجاب بينهم، وفي أول الإسلام لم يكن هناك حكم شرعي في ذلك، وكان عمر بن الخطاب يقول: يا رسول الله هلا أمرت نساءك وأهل بيتك بالحجاب فإنه يدخل في بيتك البر والفاجر. فنزلت آية الحجاب موافقة لقول عمر بن الخطاب، وقد ذكر المفسرون سبب نزول آية الحجاب، وتضمنت الآية حكم السؤال عند الحاجة الأمر بأن يكون السؤال من وراء حجاب، والمراد بالحجاب: الساتر قال تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، قال ابن جرير الطبري في تفسيره: يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعا ﴿فاسألوهن من وراء حجاب يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن، ﴿ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن: يقول -تعالى ذكره-: سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل.[49]

قال الماوردي في تفسيره لقوله تعالى: ﴿وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب: أمرن وسائر النساء بالحجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء.[50]

قال القرطبي: التاسعة: في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها.[51]

«»

أحكام سفر المرأة عدل

أحكام سفر المرأة في الشرع الإسلامي، هي الأحكام المتعلقة بسفر المرأة، ويشمل السفر الواجب كالسفر لأداء فريضة الحج، أو غير واجب، والسفر من حيث هو من الأمور التي قد يحتاجها الإنسان في حياته سواء كان رجلا أو امرأة، وإنما اختصت المرأة ببعض الأحكام التي تختلف بها عن الرجل؛ لكونها أضعف منه في تحمل الأعباء، وحرصا على سلامة الدين والعرض، وقد ثبت في نصوص الشرع النهي عن سفر المرأة إلا إن كان معها زوجها أو أحد محارمها كالإبن أو الأب، يرافقها في سفرها، حيث اهتم الإسلام بشأنها صيانة لها مما قد يعرض لها، فلا يحوز سفر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم؛ لأنها قد لا تستطيع النزول والركوب إلا مع من يركبها وينزلها، ولا يحل ذلك إلا للمحرم والزوج، كما أنه يلزم أمن انكشاف شيء مما لا يحل لأجنبي النظر إليه كعقبها ورجلها وطرف ساقها وطرف معصمها لا يتحقق إلا بالمحرم ليباشرها في هذه الحالة ويسترها.[52] وذكر العلماء اشتراط حصول الأمن بالمرافقة، وفي الحديث: «لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم»؛ ولأنها بدون المحرم يخاف عليها الفتنة.

سفر المرأة عدل

سفر المرأة سواء كان واجبا كالسفر لأداء فريضة الحج والعمرة، أو غير واجب، فيشمل سفر الحج وغيره، والسفر من حيث هو من الأمور التي قد يحتاجها الإنسان في حياته سواء كان رجلا أو امرأة، وإنما اختصت المرأة ببعض الأحكام التي تختلف بها عن الرجل؛ لكونها أضعف منه في تحمل الأعباء، وقد حرص الشرع الإسلامي على سلامة المرأة في دينها وعرضها، وشرع لأجل ذلك ما يكفل بصيانتها، وثبت في نصوص الشرع النهي عن سفر المرأة إلا إن كان معها من يرافقها في سفرها وهو أن يكون معها زوجها أو أحد محارمها كالإبن أو الأب، يرافقها في سفرها، ويعينها فيما تحتاجه، وقد اهتم الإسلام بشأنها صيانة لها مما قد يعرض لها، فلا يحوز سفر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم؛ لأنها قد لا تستطيع النزول والركوب أو نحو ذلك إلا مع من يركبها وينزلها، ولا يحل ذلك إلا للمحرم والزوج، كما أنه يلزم أمن انكشاف شيء مما لا يحل لأجنبي النظر إليه كعقبها ورجلها وطرف ساقها وطرف معصمها ولا يتحقق إلا بالمحرم ليباشرها في هذه الحالة ويسترها.[52] وذكر العلماء اشتراط حصول الأمن بالمرافقة، أي: أمن الطريق وأمن الفتنة، ويكون هذا بوجود زوجها أو محرمها، وقد شرع في سفر المرأة وجود الزوج أو المحرم معها من أجل صيانتها ومعونها في سفرها، ومنعا لما قد يحدث لها من مخالطة الرجال الأجانب أو الخلوة بهم، وفي الحديث: «لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم»؛ ولأنها بدون المحرم يخاف عليها الفتنة.


الأحكام عدل

المدة عدل

النهي عن سفر المرأة إلا ومعها زوجها أو أحد محارمها والنهي للتحريم، وفي خبر الصحيحين بلفظ: «لا تسافر المرأة»، بإطلاق السفر أي: سواء كان السفر طويلا أو قصيرا، كما أنه يدل على أن السفر يشمل سفر الحج وغيره،

وإطلاق السفر في الصحيحين وغيرهما، وثبتت روايات أخرى بتقييد السفر، فقد جاء في حديث أبي سعيد عند البخاري وغيره بلفظ: «مسيرة يومين»، وللبخاري: حديث أبي هريرة في الصلاة مقيدا بمسيرة يوم وليلة، وعنه روايات أخرى، وحديث ابن عمر فيه مقيدا بثلاثة أيام، وعنه روايات أخرى أيضا، قال ابن حجر: وقد عمل أكثر العلماء في هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقييدات، وقال النووي: "ليس المراد من التحديد ظاهره، بل كل ما يسمى سفرا، فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع، فلا يعمل بمفهومه". وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين. وقال المنذري: يحتمل أن يقال: إن اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، يعني: فمن أطلق يوما أراد بليلته، أو ليلة أراد بيومها وأن يكون عند جمعهما أشار إلى مدة الذهاب والرجوع، وعند إفرادهما أشار إلى قدر ما تقضى فيه الحاجة.

قال: ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلا لأوائل الأعداد، فاليوم أول العدد، والاثنان أول التكثير، والثلاث أول الجمع، وكأنه أشار إلى أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل فيه السفر فكيف بما زاد، ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها فيؤخذ بأقل ما ورد في ذلك وأقله الرواية التي فيها ذكر البريد، فعلى هذا يتناول السفر طويل السير وقصيره، ولا يتوقف امتناع سير المرأة على مسافة القصر خلافا للحنفية، وحجتهم أن المنع المقيد بالثلاث متحقق وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن، ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما عداها فإنه مشكوك فيه، ومن قواعد الحنفية تقديم الخبر العام على الخاص، وترك حمل المطلق على المقيد، وقد خالفوا ذلك هنا، والاختلاف إنما وقع في الأحاديث التي وقع فيها التقييد، بخلاف حديث الباب فإنه لم يختلف على ابن عباس فيه.

وفرق سفيان الثوري بين المسافة البعيدة فمنعها دون القريبة، وتمسك أحمد بعموم الحديث فقال: إذا لم تجد زوجا أو محرما لا يجب عليها الحج، هذا هو المشهور عنه. وعنه رواية أخرى كقول مالك وهو تخصيص الحديث بغير سفر الفريضة، قالوا: وهو مخصوص بالإجماع.[7]

ثبت في الصحيحين بلفظ: «ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، وهو دليل النهي عن سفر المرأة إلا مع ذي محرم، وقد جاء في الحديث النهي مطلقا أي: سواء كان السفر طويلا أو قصيرا، قال الشوكاني: وقال ابن التين: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين.

وقال المنذري: يحتمل أن يقال إن اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، يعني فمن أطلق يوما أراد بليلته أو ليلة أراد بيومها، قال: ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلا لأوائل الأعداد، فاليوم أول العدد، والاثنان أول التكثير، والثلاث أول الجمع، ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها، فيؤخذ بأقل ما يورد من ذلك، وأقله الرواية التي فيها ذكر البريد كما في رواية أبي هريرة المذكورة في الباب، وقد أخرجها الحاكم والبيهقي. وقد ورد في حديث ابن عباس عند الطبراني ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظ: «لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذي محرم»، وهذا هو الظاهر: أعني الأخذ بأقل ما ورد لأن ما فوقه منهي عنه بالأولى، والتنصيص على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث واليوم والليلة واليومين والليلتين لا ينافيه لأن الأقل موجود في ضمن الأكثر، وغاية الأمر أن النهي عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهي عنه، والنهي عن الأقل منطوق وهو أرجح من المفهوم. وقالت الحنفية: إن المنع مقيد بالثلاث لأنه متحقق وما عداه مشكوك فيه فيؤخذ بالمتيقن، ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفر فينبغي الأخذ بها وطرح ما سواها فإنه مشكوك فيه، والأولى أن يقال: إن الرواية المطلقة مقيدة بأقل ما ورد وهي رواية الثلاثة الأميال إن صحت، وإلا فرواية البريد.[53]

التقييد عدل

جاء في حديث ابن عباس النهي عن سفر المرأة إلا مع المحرم، وفي حديث أبي سعيد: إلا مع الزوج، وجاء النهي عن سفر المرأة مطلقا، وجاء في بعض الروايات مقيدا بكونه: «مسيرة يومين»، وفي رواية: «ثلاثة أيام»، وفي رواية: «يوم وليلة»، وفي رواية لمسلم: «ليلة»، ولأبي داود: «بريد»، واختلافهما إما بحسب السائل أو لاختلاف المواطن، فأجاب في كل بما يواقعه، أو يوم وليلة مع جمعهما، أو يكون تمثيلا لأقل الأعداد وأكثره وجمعه، ويجوز أن يكون الثلاث أولا ثم رأى المصلحة فيما دونها فمنع من مطلق ما يسمى سفرا. وعن أحمد رواية ثانية: أن المحرم ليس من شرط لزوم السفر دون الوجوب. وثالثة: أن المحرم ليس بشرط في الحج الواجب، ومذهبه الأولى كما قال ابن قدامة، وعن الأوزاعي أن القوافل العظيمة والطرق العامرة مثل البلاد فيها الأسواق والتجار يحصل الأمن لها دون محرم أو امرأة.[54]

عند الحنفية: لا يجوز للمرأة أن تسافر إلا ومعها زوج أو محرم، لكنهم اشترطوا في السفر أن يكون طويلا وهو مسيرة ثلاثة أيام، قال الميرغيناني في "البداية": (ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم تحج به أو زوج، ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام).[55] وذكر ابن الهمام أنه لا فرق في ذلك بين العجوز والشابة. قال في الهداية: "بخلاف ما إذا كان بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام، لأنه يباح لها الخروج إلى ما دون السفر بغير محرم". وإنما أجازوا سفر المرأة بغير محرم في السفر القصير أي: فيما دون ثلاثة أيام إذا كان السفر للحاجة، قال ابن الهمام: (قوله: لأنه يباح لها الخروج إلى ما دون مدة السفر بغير محرم) يعني: إذا كان لحاجة.[52]

قال ابن الهمام: ويشكل عليه ما في الصحيحين عن قزعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا: «لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها»، وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعا: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها»، وفي لفظ لمسلم: «مسيرة ليلة»، وفي لفظ: «يوم»، وفي لفظ لأبي داود: «بريدا»، وهو عند ابن حبان في صحيحه والحاكم ، وقال: صحيح على شرط مسلم، وللطبراني في معجمه: «ثلاثة أميال»، فقيل له: إن الناس يقولون: ثلاثة أيام، فقال: "وهموا".

قال المنذري: ليس في هذه تباين؛ فإنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قالها في مواطن مختلفة بحسب الأسئلة، ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلا لأقل الأعداد، واليوم الواحد أول العدد وأقله، والاثنان أول الكثير وأقله، والثلاث أول الجمع فكأنه أشار أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها السفر مع غير محرم فكيف بما زاد ا هـ. وحاصله أنه نبه بمنع الخروج أقل كل عدد على منع خروجها عن البلد مطلقا إلا بمحرم أو زوج، وقد صرح بالمنع مطلقا إن حمل السفر على اللغوي.

في الصحيحين عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، والسفر لغة ينطلق على ما دون ذلك. وقد روي عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهة الخروج لها مسيرة يوم بلا محرم.[52]

رفقة الزوج عدل

روى البخاري في صحيحه:"..عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم»، فقال رجل يا رسول الله: إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج فقال: «اخرج معها»".[56]

وأخرج عبد الرازق وغيره بهذا الإسناد حديثا آخر عن ابن عيينة عن عمرو ابن دينار عن عكرمة قال: "جاء رجل إلى المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين نزلت؟» قال: على فلانة، قال: «أغلقت عليها بابك؟» مرتين، «لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم»".

قوله في حديث ابن عباس: «اخرج معها»: هو للندب لا للوجوب، قاله ابن الملقن وذكر تفاصيل ذلك في بابه من الجهاد.[57] وقال ابن حجر العسقلاني: قوله: «اخرج معها» أخذ بظاهره بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره، وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية، والمشهور أنه لا يلزمه كالولي في الحج عن المريض، فلو امتنع إلا بأجرة لزمها؛ لأنه من سبيلها فصار في حقها كالمؤنة.[7] وفي الحديث دلالة على اشتراط الزوج أو المحرم في سفر المرأة، وأنه لو لم يكن ذلك شرطا لما أمر زوجها بالسفر معها وتركه الغزو الذي كتب فيه، ذكره ابن حجر في الفتح وقال: "ولا سيما وقد رواه سعيد بن منصور عن حماد بن زيد بلفظ: "فقال رجل: يا رسول الله: إني نذرت أن أخرج في جيش كذا وكذا" فلو لم يكن شرطا ما رخص له في ترك النذر"، قال النووي: "وفي الحديث تقديم الأهم فالأهم من الأمور المتعارضة، فإنه لما عرض له الغزو والحج رجح الحج؛ لأن امرأته لا يقوم غيره مقامه في السفر معها بخلاف الغزو، والله أعلم".[7]

واستدل به على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض، وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخي. وأما ما رواه الدارقطني من طريق إبراهيم الصائغ، عن نافع عن ابن عمر مرفوعا في امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها في الحج، فليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها؟ فأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع عملا بالحديثين، ونقل ابن المنذر الإجماع على أن للرجل منع زوجته من الخروج في الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فيما كان واجبا.[7]

الإذن عدل

لا تسافر المرأة إلا بإذن وليها أو زوجها إن كانت متزوجة، ووقع الخلاف في إذن الزوج لها في فريضة الحج، حيث اجتمع حق الزوج وحق الله في الفريضة، ومذهب الجمهور أنه ليس للزوج منعها من فريضة الحج؛ لأنهم قد أجمعوا على أنه لا يمنعها من صلاة ولا صيام فرض، فكذا الحج، وقال الشافعي في أحد قوليه: أن للزوج منعها من فرض الحج؛ لأنه على التراخي بخلاف فرض الصلاة والصوم فليس له منعها منهما، قال ابن بطال: "اتفق الفقهاء أن ليس للرجل منع زوجته حجة الفريضة، وأنها تخرج للحج بغير إذنه، وللشافعي قول أنها لا تخرج إلا بإذنه، قال: وأصح قوليه ما وافق سائر العلماء"، وقال ابن الملقن: "الذي صححه المتأخرون الثاني، وأن له منعها".[54]

قال الميرغيناني: "(وإذا وجدت محرما لم يكن للزوج منعها) وقال الشافعي: له أن يمنعها؛ لأن في الخروج تفويت حقه". وعند الحنفية: أن حق الزوج لا يظهر في حق الفرائض والحج منها، بخلاف ما لو كان الحج نفلا أو منذورا فله أن يمنعها.[55][52]

شروط المرافق لها في السفر عدل

يشترط في المرافق للمرأة في سفرها حصول المقصود من المرافقة وهو حصول الأمن والصيانة بمرفقته لها، فلا عبرة بمرافقة الصبي والمجنون؛ لعدم حصول المقصود إذ لا تتأتى الصيانة بهما، ولو كان المحرم فاسقا قالوا: لا يجب عليها لأن المقصود لا يحصل به قاله الميرغيناني في الهداية وقال: (ولها أن تخرج مع كل محرم إلا أن يكون مجوسيا) لأنه يعتقد إباحة مناكحتها، ولا عبرة بالصبي والمجنون لأنه لا تتأتى منهما الصيانة، والصبية التي بلغت حد الشهوة بمنزلة البالغة حتى لا يسافر بها من غير محرم، ونفقة المحرم عليها لأنها تتوسل به إلى أداء الحج، واختلفوا في أن المحرم شرط الوجوب أو شرط الأداء على حسب اختلافهم في أمن الطريق.[55]

نفقة الرفيق عدل

إذا سافر مع المرأة محرمها في سفر الحج وتطوع بالإنفاق على نفسه أو بذلت له نفقة سفره فقد حصل المطلوب، وتعد نفقة المحرم المرافق لها من شروط الاستطاعة، فمن شروط الحج الاستطاعة، ومن شروط الاستطاعة في حج المرأة وجود نفقة المحرم المرافق لها في سفر الحج، قال ابن الهمام: وأما وجوب نفقة المحرم وراحلته إذا أبى أن يحج إلا أن تقوم له بذلك وهو محمل الاختلاف في وجوب نفقته عليها، قال الطحاوي: لا تجب هو قول أبي حفص البخاري ما لم يخرج المحرم بنفقته؛ لأن الواجب عليها الحج لا إحجاج غيرها، وقال القدوري تجب لأنها من مؤن حجها.[52]

سفر المعتدة عدل

لا تسافر المرأة المعتدة خلال فترة عدتها المحددة، فإذا حصلت فرقة بين الزوجين بسبب طلاق أو فسخ أو وفاة وجب على المرأة أن تمكث في البيت الذي تعتد فيه ولا تخرج منه إلا لحاجة، وليس لها أن تنشئ سفرا في زمن العدة، وعن ابن مسعود أنه رد المعتدات من النجف ومنعهن من السفر.[52][° 3]

أدلة النهي عدل

أخرج الشيخان في الصحيحين: "عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة ثلاثة إلا ومعها ذو محرم»، متفق عليهما".[58]

وعن أبي سعيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين أو ليلتين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم». متفق عليه، وفي لفظ قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو زوجها أو ابنها أو أخوها أو ذو محرم منها»، رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.[59]

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها»، متفق عليه، وفي رواية: «مسيرة يوم»، وفي رواية: «مسيرة ليلة»، وفي رواية: «لا تسافر امرأة مسيرة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم»، رواهن أحمد ومسلم، وفي رواية لأبي داود: «بريدا».[60]

أخرج البخاري في صحيحه: «..عن قزعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة قال: أربع سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال يحدثهن عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني وآنقنني: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم».[° 4] رواه البخاري في صحيحه.[61][° 5] قوله: «أو ذو محرم»، وفي بعض النسخ عن أبي ذر: «أو ذو محرم محرم»، أي: عليها.[62]

المرافق للمرأة في السفر عدل

يرافق المرأة في سفرها زوجها أو أحد محارمها، ولها أن تخرج مع كل محرم إذا حصلت به الصيانة وكانت تؤمن معه الفتنة،

ذكر ابن حجر في الفتح نقلا عن البغوي قوله:

قال البغوي: "لم يختلفوا في أنه ليس للمرأة السفر في غير الفرض إلا مع زوج أو محرم إلا كافرة أسلمت في دار الحرب أو أسيرة تخلصت". وزاد غيره: أو امرأة انقطعت من الرفقة فوجدها رجل مأمون فإنه يجوز له أن يصحبها حتى يبلغها الرفقة، قالوا: وإذا كان عمومه مخصوصا بالاتفاق فليخص منه حجة الفريضة، وأجاب صاحب "المغني" بأنه سفر الضرورة فلا يقاس عليه حالة الاختيار، ولأنها تدفع ضررا متيقنا بتحمل ضرر متوهم ولا كذلك السفر للحج، وقد روى الدارقطني وصححه أبو عوانة حديث الباب من طريق ابن جريج عن عمرو بن دينار بلفظ: "لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم" فنص في نفس الحديث على منع الحج فكيف يخص من بقية الأسفار؟ والمشهور عند الشافعية اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، وفي قول: تكفي امرأة واحدة ثقة، وفي قول نقله الكرابيسي وصححه في "المهذب": تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنا، وهذا كله في الواجب من حج أو عمرة. وأغرب القفال فطرده في الأسفار كلها، واستحسنه الروياني قال: إلا أنه خلاف النص. قلت: وهو يعكر على نفي الاختلاف الذي نقله البغوي آنفا.[7]إغلاق </ref> مفقود لوسم <ref>

رفقة المحرم عدل

محرم المرأة من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما النهي عن سفر المرأة إلا بمحرم فاستثنى محرمها بقوله: «إلا مع ذي محرم» أي: فيحل السفر معه، ولم يصرح بذكر الزوج في هذا الحديث، إلا أنه قد ثبت في حديث أبي سعيد في هذا الباب عند البخاري بلفظ: «ليس معها زوجها أو ذو محرم منها»، قال ابن حجر في الفتح: "وضابط المحرم عند العلماء من حرم عليه نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فخرج بالتأبيد أخت الزوجة وعمتها، وبالمباح أم الموطوءة بشبهة وبنتها، وبحرمتها الملاعنة، واستثنى أحمد من: "حرمت على التأبيد": مسلمة لها أب كتابي، فقال: لا يكون محرما لها؛ لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها إذا خلا بها". وقال:

وفي آخر حديث ابن عباس هذا ما يشعر بأن الزوج يدخل في مسمى المحرم، فإنه لما استثنى المحرم فقال القائل: إن امرأتي حاجة، فكأنه فهم حال الزوج في المحرم، ولم يرد عليه ما فهمه، بل قيل له: «اخرج معها». واستثنى بعض العلماء ابن الزوج فكره السفر معه لغلبة الفساد في الناس، قال ابن دقيق العيد: هذه الكراهية عن مالك، فإن كانت للتحريم ففيه بعد؛ لمخالفة الحديث، وإن كانت للتنزيه فيتوقف على أن لفظ: «لا يحل» هل يتناول المكروه الكراهة التنزيهية؟.[7]

قال الشوكاني: وقال أحمد: لا يجب الحج على المرأة إذا لم تجد محرما. وإلى كون المحرم شرطا في الحج ذهب العترة وأبو حنيفة والنخعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه على خلاف بينهم هل هو شرط أداء أو شرط وجوب، وقال مالك وهو مروي عن أحمد: إنه لا يعتبر المحرم في سفر الفريضة، وروي عن الشافعي وجعلوه مخصوصا من عموم الأحاديث بالإجماع، ومن جملة سفر الفريضة سفر الحج. وأجيب بأن الجمع عليه إنما هو سفر الضرورة فلا يقاس عليه سفر الاختيار، كذا قال صاحب المغني، وأيضا قد وقع عند الدارقطني بلفظ: «لا تحجن امرأة إلا ومعها زوج»، وصححه أبو عوانة، وفي رواية للدارقطني أيضا عن أبي أمامة مرفوعا: «لا تسافر المرأة سفر ثلاثة أيام أو تحج إلا ومعها زوجها»، فكيف يخص سفر الحج من بقية الأسفار، وقد قيل: إن اعتبار المحرم إنما هو في حق من كانت شابة لا في حق العجوز لأنها لا تشتهى، وقيل: لا فرق لأن لكل ساقط لاقطا وهو مراعاة للأمر النادر، وفي الصحيحين بلفظ: «ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم».[53]

قال ابن الهمام: "ولها أن تخرج مع كل محرم سواء كان بنسب أو رضاع أو صهرية مسلما أو كافرا أو عبدا إلا أن يعتقد حل مناكحتها كالمجوسي أو يكون فاسقا إذ لا تؤمن معه الفتنة أو صبيا".[52]

رفقة النسوة الثقات عدل

سفر المرأة مع جماعة النساء في رفقة نساء ثقات مأمونات أجازه جمهور العلماء لحصول الأمن بالمرافقة، فالسفر مع نسوة ثقات يقوم مقام المحرم؛ لأن المقصود من مرافقة المحرم للمرأة حصول الأمن وهو حاصل مع النسوة الثقات، ومنعه الحنفية وقالوا بأن المرأة لا تسافر إلا ومعها محرم، وقد أجمع أهل العلم على منع الخلوة بالأجنبية، وثبت النهي عن الدخول على المغيبة إلا ومعها محرم؛ لحديث: «ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم» وفيه تحريم الخلوة بالأجنبية وهو إجماع، وذكر ابن حجر العسقلاني أن العلماء أجازوا سفر المرأة مع نسوة ثقات مأمونات، لكن اختلفوا هل يقوم ذلك مقام المحرم قال: والصحيح الجواز لضعف التهمة به، ولا يشترط مع ذلك وجود محرم، وقال القفال: لا بد من المحرم، وكذا في النسوة الثقات في سفر الحج لا بد من أن يكون مع إحداهن محرم، ويؤيده نص الشافعي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي بنساء مفردات إلا أن تكون إحداهن محرما له.[7]إغلاق </ref> مفقود لوسم <ref>

قال ابن الملقن: قال مالك والأوزاعي والشافعي: تخرج المرأة في حجة الفريضة مع جماعة النساء في رفقة مأمونة، وإن لم يكن معها محرم. وجمهور العلماء على جواز ذلك، وكان ابن عمر تحج معه نسوة من جيرانه، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين والحسن البصري، وقال الحسن: المسلم محرم ولعل بعض من ليس بمحرم أوثق من المحرم، وقال ابن سيرين: تخرج مع رجل من المسلمين لا بأس به.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تحج المرأة إلا مع ذي محرم، وهو قول أحمد وإسحاق وأبي ثور وإبراهيم والحسن وفقهاء أصحاب الحديث، قال أبو حنيفة: إلا أن يكون بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام. نقله ابن التين عنه، وحملوا نهيه على العموم في كل سفر، وحمله مالك وجمهور الفقهاء على الخصوص، وأن المراد بالنهي الأسفار غير الواجبة عليها، واحتجوا بعموم قوله تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت (سورة آل عمران آية: 97) فدخلت المرأة في هذا الخطاب ولزمها فرض الحج، ولا يجوز أن تمنع المرأة من الفروض كما لا تمنع من الصلاة والصيام، ألا ترى أن عليها أن تهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام إذا أسلمت فيه بغير محرم، وكذلك كل واجب عليها لها أن تخرج فيه، فثبت بهذا أن نهيه عن سفرها مع غير ذي محرم أنه أراد بذلك سفرا غير واجب عليها.[54]

عند أبي حنيفة وأصحابة: أن غير المحرم كالنسوة الثقات لا يقوم مقامه، واحتجوا بحديث النهي عن سفر المرأة للحج إلا بمحرم، وقالوا بأن المقصود من وجود المحرم حصول الأمن، وأن خوف الفتنة على المرأة حاصل في ما إذا كانت بدون محرم، ويزداد خوف الفتنة بانضمام غيرها إليها، قال الميرغيناني: "وقال الشافعي: يجوز لها الحج إذا خرجت في رفقة ومعها نساء ثقات لحصول الأمن بالمرافقة، ولنا: قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم» ولأنها بدون المحرم يخاف عليها الفتنة وتزداد بانضمام غيرها إليها، ولهذا تحرم الخلوة بالأجنبية وإن كان معها غيرها".[55]

قال ابن الهمام عند قوله: "وقال الشافعي: يجوز لها إلخ": أن له (أي: الشافعي) العمومات مثل: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، وقوله صلى الله عليه وسلم: «حجوا..»، في حديث مسلم السابق، ولحديث عدي بن حاتم أنه صلى الله عليه وسلم قال «يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها لا تخاف إلا الله تعالى قال عدي: رأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله تعالى»، رواه البخاري، ولم يذكر لها زوجا ولا محرما، والقياس على المهاجرة والمأسورة إذا خلصت بجامع أنه سفر واجب. وأجاب عن ذلك بأن العمومات قد تقيدت ببعض الشروط إجماعا كأمن الطريق فتقيد أيضا بما في الأحاديث الصحيحة كما في الصحيحين: «لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم»، وفي لفظ لهما: «فوق ثلاث»، وفي لفظ للبخاري: «ثلاثة أيام»، فإن قيل: هذه عامة في كل سفر فإنما تنتظم المتنازع فيه، وهو سفر الحاج بعمومه لكنه قد خص منه سفر المهاجرة والمأسورة فيخص منه سفر الحج أيضا قياسا عليه بجامع أنه سفر واجب، ويصير الداخل تحت اللفظ مرادا السفر المباح.

قلنا: لا يمكن إخراج المتنازع فيه لأن في عينه نصا يفيد أنه مراد بالعام، وهو ما رواه البزار من حديث ابن عباس: حدثنا عمرو بن عدي حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج، أخبرني عمرو بن دينار أنه سمع معبدا مولى ابن عباس رضي الله عنهما يحدث عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحج امرأة إلا ومعها محرم»، فقال رجل: يا نبي الله إني اكتتبت في غزوة كذا وامرأتي حاجة، قال: «ارجع فحج معها»، وأخرجه الدارقطني أيضا عن حجاج عن ابن جريج به ولفظه: «لا تحجن امرأة إلا ومعها ذو محرم»، فثبت تخصيص العمومات بما روينا على أنهم خصوها بوجود الرفقة والنساء الثقات فيما روينا أولى، وبه يظهر فساد القياس الذي عينوه لأنه يعارض النص، بل نقول: الآية العامة لا تتناول النساء حال عدم الزوج والمحرم معها لأن المرأة لا تستطيع النزول والركوب إلا مع من يركبها وينزلها، ولا يحل ذلك إلا للمحرم والزوج، فلم تكن مستطيعة في هذه الحالة فلا يتناولها النص.

وهذا هو الغالب فلا يعتبر ثبوت القدرة على ذلك في بعضهن، ولو قدرت فالقدرة عليه مع أمن انكشاف شيء مما لا يحل لأجنبي النظر إليه كعقبها ورجلها وطرف ساقها وطرف معصمها لا يتحقق إلا بالمحرم ليباشرها في هذه الحالة ويسترها، ولانتفاء وجود الجامع فيهما فإن الموجود من المهاجرة والمأسورة ليس سفرا لأنها لا تقصد مكانا معينا، بل النجاة خوفا من الفتنة، فقطعها المسافة كقطع السابح، ولذا إذا وجدت مأمنا كعسكر من المسلمين وجب أن تقر ولا تسافر إلا بزوج أو محرم.

على أنها لو قصدت مكانا معينا لا يعتبر قصدها، ولا يثبت السفر به، لأن حالها وهو ظاهر قصد مجرد التخلص يبطل عزيمتها على ما عرف في العسكر الداخل أرض الحرب، ولو سلم ثبوت سفرها فهو للاضطرار لأن الفتنة المتوقعة في سفرها أخف من المتوقعة في إقامتها في دار الحرب، فكان جوازه بحكم الإجماع على أن أخف المفسدتين يجب ارتكابها عند لزوم إحداهما، فالمؤثر في الأصل السفر المضطر إليه دفعا لمفسدة تفوق مفسدة عدم المحرم والزوج في السفر في دار الإسلام، وهو منتف في الفرع، ولهذا يجوز مع العدة بخلاف سفر الحج تمنعه العدة فيمنعه عدم المحرم كالسفر المباح،

وأما حديث عدي بن حاتم، فليس فيه بيان حكم الخروج فيه ما هو ولا يستلزمه، بل بيان انتشار الأمن، ولو كان مفيدا للإباحة كان نقيض قولهم فإنه يبيح الخروج بلا رفقة ونساء ثقات. (قوله: لأنه يباح لها الخروج إلى ما دون مدة السفر بغير محرم) يعني إذا كان لحاجة.[52]

سفر المرأة مع عبدها عدل

عبد المرأة أي: المملوك لها قيل: لا يقوم مقام محرمها ولا يصح أن يسافر معها لأنه أجنبي بالنسبة لها إذا سافرت وحدها معه، وقيل: يقوم مقام المحرم فيصح أن يسافر معها، قال ابن الملقن: "سفرها مع عبدها كالمحرم؛ لأنه محرم، وفي حديث أبي داود: «إنما هو أبوك وزوجك ومولاك». وأخرج البزار من حديث إسماعيل ابن عياش، عن بزيع ابن عبد الرحمن عن عمر مرفوعا: «سفر المرأة مع عبدها حجة ضعيفة»".[57]

قال ابن حجر في الفتح: "ومن قال: إن عبد المرأة محرم لها يحتاج أن يزيد في هذا الضابط ما يدخله، وقد روى سعيد بن منصور من حديث ابن عمر مرفوعا: «سفر المرأة مع عبدها ضيعة»، لكن في إسناده ضعف، وقد احتج به أحمد وغيره، وينبغي لمن أجاز ذلك أن يقيده بما إذا كانا في قافلة بخلاف ما إذا كانا وحدهما فلا؛ لهذا الحديث".[7]

سفر المرأة للحج عدل

يشرع سفر المرأة للحج والعمرة بشرط أن يكون برفقتها زوجها أو أحد محارمها، وقد فرض الله الحج والعمرة على المستطيع من الرجال والنساء، روى البخاري في صحيحه: "..عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله: ألا نغزو ونجاهد معكم فقال: «لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج، حج مبرور»، فقالت عائشة: فلا أدع الحج بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم".[63] قوله: "ألا نغزو أو نجاهد" هذا شك من الراوي، وفي رواية بلفظ : "ألا نغزو معكم"، وقد أخرجه النسائي بلفظ: "ألا نخرج فنجاهد معك"، ولابن خزيمة مثله وزاد: "فإنا نجد الجهاد أفضل الأعمال" وللإسماعيلي بلفظ: "لو جاهدنا معك، قال: «لا جهاد، ولكن حج مبرور»"، وفي رواية بلفظ: "نرى الجهاد أفضل العمل".

قوله: «لكن أحسن الجهاد» بلفظ الاستثناء، أو بلفظ خطاب النسوة. وقوله: «الحج حج مبرور» في رواية جرير: «حج البيت حج مبرور» وفي رواية من وجه آخر عن عائشة بنت طلحة بلفظ: "استأذنه نساؤه في الجهاد فقال يكفيكن الحج" ولابن ماجه: قلت: يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: «نعم، جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة»،

قال ابن بطال: "زعم بعض من ينقص عائشة في قصة الجمل أن قوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن يقتضي تحريم السفر عليهن، قال: وهذا الحديث يرد عليهم؛ لأنه قال: «لكن أفضل الجهاد»، فدل على أن لهن جهادا غير الحج، والحج أفضل منه".

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «لا» في جواب قولهن: "ألا نخرج فنجاهد معك؟" أي: ليس ذلك واجبا عليكن كما وجب على الرجال، ولم يرد بذلك تحريمه عليهن، فقد ثبت في حديث أم عطية أنهن كن يخرجن فيداوين الجرحى، وفهمت عائشة ومن وافقها من هذا الترغيب في الحج إباحة تكريره لهن كما أبيح للرجال تكرير الجهاد، وخص به عموم قوله: هذه ثم ظهور الحصر وقوله تعالى: ﴿وقرن في بيوتكن وكأن عمر كان متوقفا في ذلك ثم ظهر له قوة دليلها فأذن لهن في آخر خلافته، ثم كان عثمان بعده يحج بهن في خلافته أيضا، وقد وقف بعضهن عند ظاهر النهي، كما تقدم، وقال البيهقي: في حديث عائشة هذا دليل على أن المراد بحديث أبي واقد وجوب الحج مرة واحدة كالرجال، لا المنع من الزيادة. وفيه دليل على أن الأمر بالقرار في البيوت ليس على سبيل الوجوب، واستدل بحديث عائشة هذا على جواز حج المرأة مع من تثق به ولو لم يكن زوجا ولا محرما كما يأتي البحث فيه في الحديث الذي يليه.[64]

فهرس المحتوى عدل

المحتوى.[° 6] «»

عناوين عدل

[° 7]

فهرس المحتوى عدل

المحتوى.[° 8]

الملاحظات عدل

  1. ^ قال النووي: الحمو: قرابة الزوج، والمراد هنا قريب تحل له كأخ الزوج وعمه وابنهما وخاله وغيرهم، وأما أبوه وابنه وجده فهم محارم تجوز لهم الخلوة، وإن كانوا من الأحماء.
  2. ^ قال النووي: الْمُغِيْبَة -بكسر الغين- التي زوجها غائب، والمراد هنا غائب عن بيتها، وإن كان في البلدة.
  3. ^ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رد المعتدات من النجف، فإن لزمتها العدة في السفر فإن كان رجعيا لا يفارقها زوجها أو بائنا، فإن كان إلى كل من بلدها ومكة أقل من مدة السفر تخيرت، أو إلى أحدهما سفر دون الآخر تعين أن تصير إلى الآخر، أو كل منهما سفر، فإن كانت في مصر قرت فيه إلى أن تنقضي عدتها ولا تخرج وإن وجدت محرما ما دامت العدة عنده خلافا لهما، وإن كانت في قرية أو مفازة لا تأمن على نفسها فلها أن تمضي إلى موضع آخر آمن فلا تخرج منه حتى تمضي عدتها، وإن وجدت محرما عنده خلافا لهما، وهذه المسألة تأتي في كتاب الطلاق إلا أنا ذكرناها هنا لتكون أذكر لمن يطالع الباب.
  4. ^ روى البخاري بسنده: «..عن قزعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة قال: أربع سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال يحدثهن عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبنني وآنقنني: أن لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم يومين الفطر والأضحى ولا صلاة بعد صلاتين بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي ومسجد الأقصى».
  5. ^ قوله: "وآنقنني" بفتح النونين وسكون القاف بوزن أعجبنني، ومعناه أي: الكلمات يقال: آنقني الشيء -بالمد- أي: أعجبني، وذكر الإعجاب بعده من التأكيد. قوله: "أو ذو محرم" كذا للأكثر، وفي بعض النسخ عن أبي ذر: "أو ذو محرم محرم"، الأول بفتح أوله وثالثه وسكون ثانيه، والثاني بوزن محمد أي: عليها.
  6. ^ مقدمة،أحكام،تقييد،المدة،الزوج، الإذن،شروط،نفقة، المعتدة، أدلة، المرافق،محرمها،ثقات،عبدها،للحج، (الفهرس) أحكام سفر المرأة سفر المرأة.
  7. ^ أحكام النظر نظر الرجل إلى المرأة النظر إلى المحارم النظر للحاجة غض البصر حفظ الفرج ستر العورة عورة الرجل عورة المرأة ستر وجه المرأة وكفيها لباس المرأة في الإسلام لباس المرأة في الصلاة لباس المرأة في الإحرام ححاب المرأة في الإسلام الدخول على المغيبات الخلوة بالأجنبية آية الحجاب أحكام الحجاب الشرعي حجاب المرأة في الإسلام حجاب الزينة الزينة الظاهرة الخضوع بالقول السؤال من وراء حجاب أحكام خروج المرأة من بيتها أولي الإربة الطفل الذي لم يظهر على عورات النساء اللمس والمباشرة الاجتماع في الثوب الواحد المصافحة مكانة المرأة في الإسلام
  8. ^


المراجع عدل

  1. ^ شرح النووي على صحيح مسلم: (المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم: (2173)، ج14 ص155، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية.
  2. ^ سنن الترمذي، كتاب الرضاع، (باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات)، حديث رقم: (1172).
  3. ^ رواه الترمذي في سننه، كتاب الرضاع، (باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات)، حديث رقم: (1172).
  4. ^ صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم: (2173).
  5. ^ شرح النووي على صحيح مسلم، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم: (2173)، ج14 ص155، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية.
  6. ^ صحيح البخاري، كتاب النكاح، (باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة)، حديث رقم: (4934).
  7. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ص89 إلى 92، حديث رقم: (1763)، دارالريان للتراث، سنة النشر: 1407 هـ/ 1986م.
  8. ^ تحفة الأحوذي، المباركفوري، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات كتاب الرضاع، ص280 و281، حديث رقم: (1171).
  9. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث الأول.
  10. ^ سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، حديث رقم: (1172).
  11. ^ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، حديث رقم: (1172)، ص282
  12. ^ صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم، والدخول على المغيبة، حديث رقم: (4934).
  13. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460، الحديث الخامس.
  14. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة، ص242 وما بعدها، حديث رقم: (4934).
  15. ^ سنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، حديث رقم: (1171).
  16. ^ شرح النووي على صحيح مسلم، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم: (2172)، ج14 ص153 و154، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية.
  17. ^ سنن الترمذي، كتاب الرضاع، «باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات»، حديث رقم: (1171).
  18. ^ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، للمباركفوري، كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات كتاب الرضاع، ص280 و281، حديث رقم: (1171).
  19. ^ أ ب شرح النووي على صحيح مسلم، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، رقم: (2171)، ج14، ص153، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية.
  20. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث السادس.
  21. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث السابع.
  22. ^ المصنف، عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، كتاب النكاح ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، دار الفكر، سنة النشر: 1414 هـ/ 1994م.
  23. ^ بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني، كتاب الاستحسان، الجزء الخامس ص125، دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1406 هـ/ 1986م، الطبعة: الثانية.
  24. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث الثاني.
  25. ^ صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة، حديث رقم: (4935).
  26. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول على المغيبة، ص244، حديث رقم: (4935).
  27. ^ نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، كتاب المناسك، باب النهي عن سفر المرأة للحج أو غيره إلا بمحرم، الجزء الرابع، دار الحديث، سنة النشر: 1413 هـ/ 1993، رقم الطبعة: ط1
  28. ^ الشرح الكبير للدردير، بحاشية ابن عرفة، باب في حكم العارية، ج3 ص435، دار إحياء الكتب العربية.
  29. ^ حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، باب في حكم العارية، الجزء الثالث ص435، دار إحياء الكتب العربية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
  30. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث الثالث.
  31. ^ المصنف لابن أبي شيبة، كتاب النكاح، ما قالوا في الرجل يدخل على المغيبة، رقم: (1695)/ (257)، الجزء الثالث ص460 و461، الحديث الرابع.
  32. ^ المهذب، لأبي إسحاق الشيرازي، كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، مع المجموع شرح المهذب للنووي، ج4، ص173 وما بعدها
  33. ^ المجموع شرح المهذب، للنووي، كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، الجزء الرابع، ص173.
  34. ^ المجموع شرح المهذب، للنووي، كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، ج4، ص173 و174
  35. ^ المجموع شرح المهذب، للنووي، كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، الجزء الرابع، ص173 و174
  36. ^ رواه البخاري ومسلم.
  37. ^ رواه البخاري ومسلم.
  38. ^ رواه مسلم.
  39. ^ المجموع شرح المهذب، للنووي، كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، الجزء الرابع، ص174 و175
  40. ^ رواه البخاري ومسلم.
  41. ^ المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي كتاب الصلاة، فصل الصلاة خلف المحدث، صلاة الرجل بامرأة أجنبية، الجزء الرابع، ص173 وما بعدها 175، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت.
  42. ^ تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567.
  43. ^ الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567، دار الكتب العلمية.
  44. ^ متن تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567، دار الكتب العلمية.
  45. ^ أ ب ت رد المحتار على الدر المختار، محمد أمين بن عمر (ابن عابدين)، كتاب الصلاة ، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، الجزء الأول، ص566 و567، دار الكتب العلمية، سنة النشر: 1412 هـ/1992م، رقم الطبعة: د.ط.
  46. ^ تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567، دار الكتب العلمية.
  47. ^ تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567، دار الكتب العلمية.
  48. ^ الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، بحاشية ابن عابدين، كتاب الصلاة، باب الإمامة، فروع اقتداء متنفل بمتنفل ومن يرى الوتر واجبا بمن يراه سنة، ج1، ص566 و567، دار الكتب العلمية.
  49. ^ تفسير الطبري، محمد بن جرير الطبري، تفسير سورة الأحزاب، القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه.. الجزء العشرون، ص305 وما بعدها، دار المعارف.
  50. ^ تفسير الماوردي، ص418 و419
  51. ^ تفسير القرطبي، ج7 ص206.
  52. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ فتح القدير، كمال الدين بن عبد الواحد (ابن الهمام)، كتاب الحج، ج2 ص419 وما بعدها، دار الفكر، رقم الطبعة: د.ط : د.ت.
  53. ^ أ ب نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، كتاب المناسك، باب النهي عن سفر المرأة للحج أو غيره إلا بمحرم، الجزء الرابع، ص343 وما بعدها، دار الحديث، سنة النشر: 1413 هـ/ 1993، رقم الطبعة: ط1
  54. ^ أ ب ت التوضيح لشرح الجامع الصحيح، ابن الملقن، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ج12 ص483 وما بعدها.
  55. ^ أ ب ت ث الهداية شرح البداية للمرغيناني، كتاب الحج، ج2 ص419 وما بعدها إلى 422، دار الفكر، رقم الطبعة: د.ط : د.ت.
  56. ^ صحيح البخاري، محمد ابن اسماعيل البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، حديث رقم: (1763).
  57. ^ أ ب التوضيح لشرح الجامع الصحيح، ابن الملقن، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ج12 ص486 و487
  58. ^ نيل الأوطار للشوكاني، كتاب المناسك، باب النهي عن سفر المرأة للحج أو غيره إلا بمحرم، ج4 ص343، حديث رقم: (1803).
  59. ^ نيل الأوطار للشوكاني، كتاب المناسك، باب النهي عن سفر المرأة للحج أو غيره إلا بمحرم، ج4 ص343 حديث رقم: (1804).
  60. ^ نيل الأوطار للشوكاني، كتاب المناسك، باب النهي عن سفر المرأة للحج أو غيره إلا بمحرم، ج4 ص344، حديث رقم: (1805).
  61. ^ صحيح البخاري، محمد ابن اسماعيل البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، حديث رقم: (1765).
  62. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ص94، حديث رقم: (1765)، دارالريان للتراث، سنة النشر: 1407 هـ/ 1986م.
  63. ^ صحيح البخاري، محمد ابن اسماعيل البخاري، كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ص88 و89، حديث رقم: (1762).
  64. ^ فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني كتاب جزاء الصيد، باب حج النساء، ص88 و89، حديث رقم: (1762)، دارالريان للتراث، سنة النشر: 1407 هـ/ 1986م.