مستخدم:محمد بنغالب/ملعب

زواج القصر في الأديان و التشريعات :

أثرت معظم العوائد و الأعراف الإجتماعية في تبني الأديان و التشريعات عبر التاريخ لسن الزواج المبكر ، وهذا يبدوا واضحا و جليا لمن درس التاريخ و التفاصيل الحضارية للشرق و الغرب ، كما سيتم بيانه تاليا : نهى القانون الكنسي المسيحي الزواج من الفتاة قبل سن البلوغ الحالي بشكل تدريجي مع بدايات القرن التاسع عشر و القرن العشرين ، بشكل عام لم يكن سن الزواج في العالم المسيحي طوال تسعة عشر قرنا له حد معين ثابث ، و كانت هناك تسهيلات من الكنيسة للزواج من أجل رعاياها القريبين إليها،فرجال الدين المسيحي كانوا يستحبون زواج الفتاة في سن 12 سنة لأنه سن زواج مريم أم المسيح بيوسف النجار الذي كان عمره 90 سنة و الذي كان يكبر مريم ب78 سنة ، و هذا شيء محقق في تاريخ الأنظمة المسيحية للزواج التي كونتها قوانين الكنيسة ، و يظهر هذا جليا في القوانين الكنسية التي جمعها أبو الفضائل ابن العسال أحد رجال الكنيسة و اللاهوت المسيحي الشرقي في القرن الثالث عشر الميلادي ، و الذي يعد كتابه المجموع الصفوي مرجعا مهما للرعايا الكنيسة فيما يخص حدود سن الزواج ، فلقد حددت القوانين الكنسية سن الزواج في 12 سنة داخل الكنيسة و أقل من 12 سنة إذا كان بموافقة الأهل و إذا قبلت الفتاة الرجل حسب الناموس ، ولا يُلتزم بموافقة الفتاة في حالة البعل الأفضل لها الذي يريده الأولياء من الأهل ، و لا يُلتفت إلى الرجل الذي تريده الفتاة و هو أقل أفضلية ، و ولا يُلتزم بموافقة الفتاة على الزواج في حالة اليتيمة التي لم تُدرك ، و عند مخافة الأولياء من الأهل الفساد على الفتاة .


لم يكن غريبا في العالم المسيحي أن تلد الفتاة بعمر 13 سنة ، مادامت أن مريم العذراء ولدت المسيح في هذه السن الصغيرة ، لكن وحتى هذا التحديد في 12 سنة بغض النظر عن مبررات النزول سن أقل منه في القانون الكنسي في الشرق فقد إختلف الأمر في الغرب الأروبي ، فتحديد السن 12 سنة كحد أدنى منصوص عليه للزواج لم يكن مطبقا في أوروبا ، بدليل أن يوجين الثالث المتنيح سنة 1153 م وهو بابا الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الوقت ، أصدر قرارا بأن الفتاة و إن لم تبلغ 7 سنوات فهي تبقى مناسبة للزواج مادام الزوج ليس معيوبا ، هذا القرار البابوي الذي يحدد سن الزواج ب7 سنوات هو راجع إلى القانون الكنسي الكاثوليكي الذي ينص على أن العقود لا تصح أن تُبرم تحت سن سبع سنوات إلا في الزواج ، لقد بقي هذا السن في الزواج المبكر متعارفا عليه في أروبا إلى غاية التعديلات في القانون الروماني في القرن 13 م الذي رتب الحد الادنى لزواج الفتاة على 12 سنة . كانت هناك تبريرات كثيرة للزواج المبكر في العالم المسيحي خاصة التي تتعلق بالوضع المالي لللأسرة أو أخرى لأسباب سياسية بين النبلاء و الملوك ، لكن رجال الدين المسيحي كانوا يعتقدون أن زواج العذراء الشابة قد يقيها من الفساد و طريق الشهوات و الأفكار المضلة و الآثمة، إضافة إلى إيجاد الزوج المتصف بالكفاءة في الفضيلة و الأخلاق ، فإن مسألة تزويجه تبدو ملحة و إن كانت الفتاة صغيرة جدا ، بل و إن كانت بعض القوانين الكنسية تحرم ذلك ، يُمكن الإستشهاد بهذا الصدد بما قاله أبو الفضل ابن العسال عندما تكلم عن حرمة الزيجة بالوضع وهم الذين يصبحون كأولاد بسبب التربية أو التبني ، ولكن من المستحسن للمسيحيين و بقصد الرحمة أن يُزوج الرجل إبنته العذراء الصغيرة من اليتيم الذي إتخذه ولدا بالتربية ، جاء في المجموع الصفوي ( لا يتزوج الأب زوجة من التبني به ، و الوضع هو جدي مثلا ربى صبية و كان أبي يدعوها أخته ، فهي عمتي بالوضع ، أو أمي أرضعت صبية و ربتها معي فهي أختي بالوضع هذا في قوانين الملوك ، أما في الدسقولية فندبت للإنسان ان يُزوج ولده باليتيم الذي رباه وهذا فيه إتضاع و رحمة ) ، أما النص الذي الذي جاء في الدسقولية الذي يعد المصدر الثاني في المسيحية بعد الكتاب المقدس هو قول الآباء في الباب الثاني عشر لأجل الأيتام (إذا كان قوم من النصارى من النصارى لهم صبيان أو عذارى صاروا أيتاما لما رقد آبائهم فجيد لمن لا يكون له ولد ، أن يأخذ منهم من يجعله عنده في محل الأولاد ومن كان له أولاد كثيرون إذا قرب وقت تزويج أحدهم يأخذ الفتاة العذراء ويجعلها لولده زوجة ، هذا يكون عظيما إذا فعلتموه ) ، و بتالي فزواج العذراء الصغيرة يُعَد في المسيحية مرتبطا بإنقاد الجسد من تسلط الشهوة و الخطيئة ، و سبب هذا الإنقاذ هو الرجل المؤمن الذي وجد خلاصه ، و الذي بطاعة المرأة للرجل كزوج تجد خلاصها كما حسب التقاليد المسيحية ، كما جاء في العهد الجديد رسالة كورنتيين الأولى الإصحاح 11 : ( و لكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، و أما رأس المرأة هو الرجل ، و رأس المسيح هو الله ) . هناك العديد من الأمثلة التاريخية حول مباركة الكنيسة لزواج صغار السن من الإناث و الذكور ، و لكن نورد بعض الأمثلة التاريخية لأنها كثيرة ولايمكن إستيعابها كلها بدقة ، على سبيل المثال : • ثيوفان الملقب بالمعرف ، و المتنيح حوالي سنة 817 م ، وهو أحد الأساقفة البيزنطيين ، تزوج وهو بعمر 12 سنة . • تزوجت سانشا من أراغون إبنة أفونسوا الثاني ملك نابلي وهي بعمر 8 سنوات من ريموند السابع ، كونط مدينة تولوز سنة 1211 م . • تزوجت بلونش من إنجلترا (Blanche of England) وهي بعمر 7 سنوات من لويس الثالث . • تزوجت بيانكا ماريا صوفورزا وهي تبلغ 21 شهرا بعد تدبير زيجة لها وهي لم تبلغ بعد من قريبها فيلبرت الأول ذُوق سافور و الذي كان يبلغ 10 سنوات فقط . كتاب المجموع الصفوي لأبي الفضائل ابن العسال الذي جمع فيه قوانين الكنيسة • تزوجت الكونتيسة Margaret Beaufort Margare وهي بعمر 3 سنوات من ذوق سفوق John de la Pole, 2nd Duke of Suffolk سنة 1444 م ، لكن المثير للإهتمام أنها تزوجت للمرة الثانية و هي بعمر 12 سنة من إدموند تيودور الذي كان بعمر 24 سنة ، ثم تزوجت بعده ثلاث زيجات أخرى. • تزوجت لوكريسيا بورجيا وهي بسن 11 سنة من Lord of Val D'Ayora بعد فشل زواجها الذي دام شهرين مع هذا اللورد 1491 ، تزوجت مرة أخرى من جيوفاني صوفورزا التي كانت علاقة وطيدة ألكسندر السادس وهي بعمر 13 عاما سنة 1493م . • تزوجت كاترين مو فيفو Catherine de Vivonne, marquise de Rambouillet وهي بعمر 12 سنة من Charles d'Angennes في 27 يناير 1600م. • تزوجت تيودورا كومنينا Theodora Comnena وهي بسن 13 من ملك مملكة القدس باردويل الثالث King Baldwin III of Jerusalem سنة 1158 م . • تزوجت Agnes of France سنة 1182 م وهي بعمر 12 سنة من الإبراطور البيزنطي Andronicus Comnenus . تزوج ريتشارد الثاني من إيزابيلا إبنة شارل السادس ملك فرنسا و كان سنها 7 سنوات ، و هي الزوجة الثانية للملك ريتشارد الثاني ، وُلدت إيزابيلا الفرنسية سنة 1389 م و تزوجت سن 1396 م ، و أنجبت منه بسن صغيرة أطفالا. مع بدايات القرن السابع عشر و ظهور المذاهب البروتستانية و الإنجليكانية إلى غاية القرن العشرين ، أصبح زواج الصغيرات له بُعد عقدي ، و أصبح بعض التأويلات الإنجيلية التي تبرره محل هرطقة و خروج عن الأوثذوكسية المسيحية ، فمثلا الكنائس المسيحية الجديدة أمثال شهود يهوه أو جماعة الاميش ، أو الكنائس الإنجيلية المنعزلة في ريف الولايات المتحدة الامريكية ، واجهت تحد سن البلوغ في 18 سنة ، و إستطاعت هذه الجماعات ان تؤثر حتى في القوانين المنضمة لسن الزواج في بعض ولايات الموجودة في الولايات المتحدة الامريكية ، لقد أثارت هذه الطوائف المسيحية الجديدة مشكلات للمذاهب المسيحية الآبائية ،و التي أُعتبرت حسب المذاهب المسيحية التقليدية مارقة عن المسيحية ، بينما تعتبر هذه الطوائف نفسها انها ترجع بالمؤمنين إلى روح الإنجيل ، و بتالي إعتبرت مسألة الزواج المبكر منسجم تماما مع نصوص الكتاب المقدس ، بل و إستدلت بعذرية مريم و زواجها من يوسف النجار كونه يشير إلى أن إقتناع المجتمع بالقيم المحددة لسن الزواج و المعاشرة الجنسية هي المحددة لقانون أهلية الزواج بين المسيحيين على الأقل ، لقد ذهبت بعض هذه الطوائف المسيحية إلى أن عذرية مريم بعد زواجها من يوسف النجار ليست ممسالة حقيقية ضمن العقيدة المسيحية ، لأن الفتاة لا تكون عذراء بعد الولادة، و أيظا سؤالا إنجيليا مُشكلا : هل حملت مريم بأولاد من يوسف النجار ؟؟ إشارة إلى إخوة يسوع كما هو في إنجيل مرقس عندما قال اليهود عن المسيح (أليس هذا هو النجار ابن مريم وأخو يعقوب ويوسي ويهوذا وسمعان) ووفي نفس الإصحاح من مرقس (أوليست أخواته ههنا عندنا) ويقول متى (وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجا طالبين أن يكلموه) ، لقد وقف معضم الطوائف المسيحية ضد هذه الإستدلالات و فسروا أنها بطن ليت من مريم بل من زوجة أخرى ليوسف النجار ، لكن الإشكال ليس في ولادة مريم بعد إنجابها المسيح ، و لكن لأن هذه الفرق الإنجيلية تستد ل ب كلمة " عرف " في الكتاب المقدس تعني معاشرة جنسية خاصة إذا كانت بين زوج و زوجة ، كما هو في إقتباس الإنجيل حسب البشير متى الإصحاح الأول الآية 24 و 25 ( فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ فَعَلَ كَمَا أَمَرَهُ مَلاَكُ الرَّبِّ، وَأَخَذَ امْرَأَتَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.) فتعبير " لم يعرفها حتى ولدت " أي أن يوسف إمتنع عن مريم بسبب الحمل حتى وضعت حملها بيسوع ، و المعرفة هنا معرفة جنسية كما اكد ذلك الكتاب المقدس خاصة في سفر التكوين الإصحاح الرابع ( وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ ) و في نفس الإصحاح (وَعَرَفَ قَايِينُ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَنُوكَ ) كما ان العذرية تنتفي خلال المعرفة باللقاء الجنسي كما في سفر التكوين الإصحاح 24 الآية 16 ( وكانت الفتاة حسنة المنظر جدا، وعذراء لم يعرفها رجل ) و بتالي لماذا يتم مخالفة الإشارات الإنجيلية ؟؟ إلا أن هذه النصوص لا تعتبر دليلا قاطعة ، بل هي مجرد تأويل مخالفة للعقيدة الراسخة لمعظم المسيحيين ، و التأويلات سواء كانت في المخطوطات او الترجمة هي محتملة في اللغة ، لكن العقيدة تحتمل منهجا واضحا ، و الكنيسة قد عارضت هذه التبريرات وإعتبرتها مجرد هراسيسيات أو هرطقة و بدع . أما الآن فإن المسيحيين بشكل العام رفعوا سن الزواج ، فأصبح سن الزواج عند الفتاة 16 سنة كحد ادنى و 18 سنة للذكور كما بينته المادة الثانية من قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس ، أما الأقباط الأورثوذوكس فقد نظموا مسألة السن حسب القانون الجديد لسنة 2013 م في 20 سنة للذكور و 18 سنة للإناث بينما كان حسب القانون القديم 18 سنة للذكور و 16 سنة للإناث . كتاب المجموع الصفوي لإبن العسال ، الفصل الخامس من الباب الرابع من الكتاب ، حدد سن وةاج الفتيات المسيحيات وواجبات الزواج المسيحي ،حيث تم تحديد الزواج ب12 سنة و أقل من 12 سنة بقبول الفتاة و موافقة الأولياء حسب الناموس اليهودية: علماء اليهود والحاخامات يشددون على ان بلوغ الفتاة يكون بتسع سنوات ، لأنه بداية طمث لدى الفتاة و بتالي يمكن الزواج بها حسب التقاليد التلموذية ، لكن الآن القانون اليهودي ينص على أن سن زواج الذكور يجب أن لا يقل عن 13 سنة و بالنسبة للفتيات أن لا يقل 12 سنة وهذا الذي عليه الواقع في إسرائيل بين المتدينين .